الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإثبات بالقرائن أو الأمارات
إعداد
الشيخ محمد الحاج الناصر
المملكة المغربية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في محكم كتابه العزيز: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} . (1)
الله صل وسلم وبارك على رسولك المصطفى الحبيب القائل: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)) (2) وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان، أعدل من حكم، وأحصف من قضى، وأحكم من أقام موازين القسط وقواعد الإنصاف.
أما بعد:
فهذا إسهام محدود الجهد والمدى في موضوع الدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي، هو الإثبات بالقرائن والأمارات، أقمته- أساسا- على بيان موقف الشرع من اعتماد القرائن في الحكم القضائي وما شاكله على اختلاف درجاتها وتباين اعتباره لها.
لكني ارتأيت أن ألم إلماما يسيرا في تعريف القرينة وأنواعها بمقولة المشرعين للقوانين الوضعية لأن بين التشريعين الوضعي والسماوي أو – بالأحرى- فقهائهما والعاملين بهما، ما يكاد يكون توافقا تاما في تعريف القرينة وتعيين أنواعها وتبيين أشكالها، وهذا من شأنه أن ييسر لمن يعنيه الأمر تطبيق الشريعة الإسلامية وإن اضطر إلى الاحتماء بستار القانون الوضعي.
(1) النساء: 105
(2)
سيأتي تخريجه.
القرينة لغة واصطلاحا:
لم يعرف العرب القرينة بمعنى الأمارة أو العلامة أو ما شاكل ذلك، مما يومئ إلى الشيء ولا يدل عليه دلالة قاطعة.
ووردت القرينة في كلامهم بمعنى الزوجة، وبمعنى الشدة والنفس، وكلها يدل على التلازم، وهو القاسم المشترك بين كل ما وردت فيه مادة (ق ر ن) ومشتقاتها.
قال الخليل (1) : وقرينة الرجل امرأته.
وقال الجوهري (2) : وقرينة الرجل امرأته.
وقولهم: إذا جاذبته قرينته بهرها، أي إذا قرنت به الشديدة أطاقها وغلبها.
ودور قرائن، إذا كان يستقبل بعضها بعضا.
ويقال: أسمحت قرينة وقرونه وقرونته وقرينته، إذا ذلت نفسه وتابعته على الأمر.
وقال الأزهري (3) : والقرين صاحبك الذي يقارنك.
وقال ابن كلثوم:
متى نعقد قرينتنا بحبل نجذ الحبل أو نقص القرينا (4)
قرينته: نفسه هاهنا، يقول: إذا أقرناه القرن غلبناه.
وقال أبو عبيدة وغيره: قرينة الرجل امرأته.
وقال ابن دريد (5) : (وأسمحت قرونة الرجل وقرينته) وهي نفسه، إذا أعطى ما كان يمنع.
وقال الزمخشري (6) : ومن المجاز: هي قرينة فلان لامرأته وهن قرائنه (7) .
(1) كتاب العين، ج: 5، ص143.
(2)
الصحاح، ج: 6، ص:2182.
(3)
تهذيب اللغة، ج: 9، ص93.
(4)
من معلقة عمرو بن كلثوم المشهورة
(5)
جمهرة اللغة، ج: 2، ص: 408، ع: 1، س:15.
(6)
أساس البلاغة: ج: 2، ص:248.
(7)
وانظر لسان العرب لابن منظور، ج: 13، ص: 339، مادة قرن وتاج العروس للزبيدي، ج: 9، ص:308.
أما في اصطلاح الفقهاء، فقال الجرجاني (1) :القرينة في اللغة: فيعلة بمعنى الفاعلة مأخوذة من المقارنة، وفي الاصطلاح: أمر يشير إلى المطلوب.
وقال أحمد نشأت (2) : القرينة هي استنباط الشارع أو القاضي لأمر مجهول من أمر معلوم، وهي دليل غير مباشر، لأنها تؤدي إلى ما يراد إثباته مباشرة- كحالة ما إذا شهد شاهد بأنه رأى زيدا قد دفع ما عليه من الدين أو كما إذا قدم زيد مخالصة من دائنه- بل تؤدي إليه بالواسطة أو الأمر المعلوم.
ثم قال:
وهذا الأمر المعلوم يؤدي إلى استنتاج براءة ذمة الدين، وهو الأمر المجهول لعدم توقيع الدائن التأشير أو عدم إعطائه المدين مخالصة موقعة.
وقال في الهامش معقبا على الفقرة الأولى من التعريف: لم يذكر الشارع عندنا تعريفا للقرينة كما فعل الشارع الفرنسي في المادة (1349) من القانون المدني، حيث قال: إن القرائن هي الاستنتاجات التي يستنتجها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة.
(1) كتاب التعريفات، ص:182.
(2)
رسالة الإثبات، ج: 2، ص: 186، ف:611.
ونقل سعدي أبو جيب (1) عن المجلة (م1741) قولها: القرينة القاطعة هي الأمارة البالغة حد اليقين، مثلا إذا خرج أحد من دار خالية، خائفا مدهوشا، وفي يده سكين ملوثة بالدم، فدخل في الدار، ورئي فيها شخص مذبوح في ذلك الوقت، فلا يشتبه في كونه قاتل ذلك الشخص ولا يلتفت إلى الاحتمالات الوهمية الصرفة، كأن يكون الشخص المذكور ربما قتل نفسه.
وعرفها علماء القانون (2) بأنها: نتيجة يستخرجها القانون أو القاضي من واقعة معروفة (مثلا تاريخ العلاوة وتاريخ الزواج) لواقعة مجهولة (الأبوة مثلا) تجعل وجودها قريبا من الحقيقة بفعل الأولى، أسلوب تقني يؤدي، بالنسبة إلى من يستفيد منه، إلى الإعفاء من إثبات الواقعة المجهولة التي من الصعب أو المستحيل إقامتها مباشرة شرط أن تعزى البينة الأسهل إلى الواقعة المعروفة (وبالتالي هناك انتقال لموضوع البينة) مع التحفظ عندما تكون القرينة قابلة للدليل المضاد، لجهة إثبات الخصم انعدام الواقعة المجهولة المفترضة (هناك، في هذه الحالة، قلب لعبء البينة) .
وقال عبد الرزاق السنهوري (3) : عرفت المادة (1349) من التقنين المدني الفرنسي القرائن بوجه عام بأنها هي: (النتائج التي يستخلصها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة) .
فهي إذن أدلة غير مباشرة، إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق، بل على واقعة أخرى إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها الواقعة المراد إثباتها.
وهذا ضرب من تحويل الإثبات من محل إلى آخر.
قلت:
ويمكن تعريف القرينة شرعا بأنها الوسيلة التي يتوصل بها إلى استنتاج أساسي تطمئن إليه النفس لإثبات واقعة أو نفيها، عند انعدام البينة القاطعة، ويترتب على استنتاجه حكم واجب التنفيذ، سواء كانت هذه الوسيلة أداة أو واقعة أو حالا مصاحبة لما أو لمن يراد الحكم عليه بالإدانة أو بعدمها.
(1) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ص:302.
(2)
انظر جيرار كورنو- معجم المصطلحات القانونية، ترجمة منصور القاضي، المجلد: 2 (ص- ى)، ص:1275.
(3)
الوسيط في شرح القانون المدني الجديد: ج: 2، ص: 328- 329، ف:173.
أقسام القرينة في القانون الوضعي:
قال أحمد نشأت (1) : والقرائن على العموم- ماعدا القرائن القانونية القاطعة- أقل ضمانا من غيرها لأنها استنتاجات. وكثيرا ما تكذب ظواهر الأمور، وما أكثر خطأ الإنسان في استنتاجاته منها. ولذلك لم يبح الشارع الإثبات بالقرائن، إلا حيث نص على ذلك نصا صريحا في أحوال تبرر ذلك، أو في الأحوال قليلة الأهمية أو عند الضرورة، كما هي الحال في الإثبات بالشهود. ولذلك يجوز إثبات ما يخالفها بجميع طرق الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن.
ثم قال (2) : والقرائن- كما هو ظاهر مما تقدم - نوعان: قرائن قانونية، وقرائن قضائية أو موضوعية.
فالقرائن القانونية هي التي نص عليها القانون بنص صريح، ولذا سميت قانونية، وهي - كما رأينا - من استنباط الشارع.
أما القرائن القضائية أو الموضوعية، فهي التي يستنتجها القاضي من موضوع الدعوى وظروفها.
وسميت قضائية لأنها من استنباط القاضي، وسميت أيضا موضوعية لأنها تستنبط من موضوع الدعوى وظروفها.
ثم قال (3) :
والقرينة القانونية تكون عادة من عمل الشارع أصلا، ولكنها قد تكون قرينة قضائية يقلبها الشارع إلى قرينة قانونية، اقتناعا بصحتها.
ثم قال (4) :
يصح القول بأن القرائن القانونية ليست وسيلة إثبات، وإنما تغني عن الإثبات أو تعفي من الإثبات.
ثم قال (5) :
والقرائن القانونية نوعان: قرائن قانونية قاطعة، وقرائن قانونية غير قاطعة.
فالقرائن القانونية القاطعة: هي التي لا تقبل إثبات ما ينقضها، أي أن الخصم لا يمكنه أن يثبت ما يخالفها، كقرينة الملكية المستفادة من وضع اليد المدة الطويلة، وقرينة الشيء المحكوم به.
أما القرائن القانونية غير القاطعة، فهي تقبل إثبات ما ينقضها، كالقرينة المنصوص عليها في المادة (971) من القانون المدني (6) القائم التي نصت على أنه إذا ثبت قيام الحيازة (وضع اليد) في وقت سابق معين وكانت قائمة حالا، فإن ذلك يكون قرينة على قيامها في المدة ما بين الزمنين، ما لم يقم الدليل على العكس.
(1) رسالة الإثبات، ج: 2، ص: 178، في آخر الفقرة 611.
(2)
المرجع السابق، ف:612.
(3)
المرجع السابق، ص: 190، ف: 613مكررا.
(4)
المرجع السابق، ص: 191، ف:614.
(5)
المرجع السابق، ص: 193، ف:617.
(6)
يعني الفرنسي.
وقال السنهوري (1) : والقرائن- كما قدمنا- إما قرائن قانونية، أو قرائن قضائية.
فالقرائن القانونية هي التي ينص عليها القانون، وهي ليست طريقا للإثبات، بل هي طريق يعفي من الإثبات.
ثم قال: والقرائن القضائية هي التي تترك لتقدير القاضي يستخلصها من ظروف القضية وملابساتها.
ثم قال (2) :
ولا سلطة للقاضي في القرينة القانونية- كما قدمنا- ويغلب أن تكون القرينة القانونية في الأصل قرينة قضائية، انتزعها القانون لحسابه، فنص عليها، وحدد مداها، ونظم حجيتها، ولم يدع للقاضي فيها عملا، فالحقيقة القضائية هنا هي من عمل القانون وحده، يفرضها على القاضي وعلى الخصوم، وذلك على خلاف الحقيقة القضائية المستمدة من القرينة القضائية، فهي من عمل القاضي.
(1) الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج: 2، ص: 329، ف:173.
(2)
المرجع السابق، ص: 600- 601، ف:322.
ومن هنا نتبين خطورة القرائن القانونية، فهي وإن كانت تقام على فكرة ما هو راجح الوقوع، يقيمها القانون مقدما، ويعممها دون أن تكون أمامه الحالة بالذات التي تطبق فيها كما هو الأمر في القرائن القضائية، ومن ثم تتخلف حالات - تتفاوت قلة وكثرة - لا تستقيم فيها القرينة القانونية.
ف: 323-: مهمة القرينة القانونية هي الإعفاء من الإثبات: وتختلف القرينة القضائية عن القرينة القانونية، في أن الأولى تعتبر دليلا إيجابيا في الإثبات، وإن كانت دليلا غير مباشر
هي أول دليل إيجابي: لأن الخصم يتوصل بها إلى إثبات دعواه، وعليه أن يستجمع عناصرها ويلم شتاتها ويتقدم إلى القاضي باستنباط الواقعة المراد استخلاصها منها، والقاضي- بعد- حر في مسايرة الخصم، فقد يسلم بثبوت الواقعة التي هي أساس القرينة، وقد لا يسلم، وقد يقر استنباط الخصم، وقد لا يقر، ولكنه -على كل حال- ليس ملزما أن يستجمع هو بنفسه القرائن، وأن يستخلص منها دلالتها، بل على الخصم يقع عبء تقديم القرينة، وإن كان للقاضي أن يأخذ -من تلقاء نفسه- بقرينة في الدعوى لم يتقدم بها الخصم.
والقرينة القضائية ثانيا دليل غير مباشر، لأن الواقعة الثابتة ليست هي نفس الواقعة المراد إثباتها، بل واقعة أخرى قريبة منها ومتعلقة بها، بحيث أن ثبوت الواقعة الأولى على هذا النحو المباشر، يعتبر إثباتا للواقعة الثانية، على نحو غير مباشر.
أما القرينة القانونية، فهي ليست دليلا للإثبات، بل هي إعفاء منه، فالخصم الذي تقوم لمصلحته قرينة قانونية، يسقط عن كاهله عبء الإثبات، إذ القانون هو الذي تكفل باعتبار الواقعة المراد إثباتها ثابتة بقيام القرين، وأعفى الخصم من تقديم الدليل عليها.
وتستوفى في ذلك القرينة القاطعة والقرينة القانونية البسيطة، فسنرى أن القرينة القانونية البسيطة هي أيضا إعفاء من الإثبات، وأن جواز إقامة الدليل على عكسها، ليس إلا نزولا على أصل من أصول الإثبات يقضي بجواز نقض الدليل بالدليل.
والقرينة القانونية تعفي من الإثبات في الدائرة التي رسمها القانون، ولو في تصرف قانوني تزيد قيمته على عشرة جنيهات (1) أي في دائرة لا تقبل فيها القرينة القضائية.
(1) يوم كانت للجنيه قيمة فاعلة
أنواع القرينة في التشريع الإسلامي:
ألمحنا في صدر هذا البحث إلى التوافق أو ما يكاد توافقا بين فقهاء التشريع الإسلامي وفقهاء التشريع الوضعي في تعيين القرينة المعتمدة في القضاء وتصنيفها.
وقد يبدو هذا القول غير دقيق، فليس لفقهاء التشريع الإسلامي -في ما وقفنا عليه من مصادر من يعتد بقولهم تقسيم دقيق كالذي نقلناه عن فقهاء التشريع الوضعي- إلا ما نقلناه عن الجرجاني، وإن حاول بعض المعاصرين من دارسي الفقه الإسلامي، صياغة نوع من التقسيم والتصنيف على شاكلة ما جرى عليه فقهاء التشريع الوضعي، ومنهم عبد الرحمن إبراهيم عبد العزيز الحميضي، الذي قدم إلى جامعة أم القرى دراسة جيدة عن (القضاء ونظامه في الكتاب والسنة) تضمنها كتاب قيم جدير بالاعتبار، فقال (1) : القرينة القاطعة، ثم أوجز تعريفها لغة وشرعا، ولم يأت في تعريفها شرعا إلا بما نقلناه عن الجرجاني.
ثم قال:
ومراد الفقهاء من اشتراط اليقين أو القطع في حد القرينة، ما يشمل الظن الغالب، لا خصوص اليقين القطعي، وذلك لأن دلالة طرق الإثبات- مهما قويت- فلا تخلو من ظن ولا يتوقف العمل بها على اليقين الذي يقطع الاحتمال.
(1) ص: 447- 448.
والعلماء يستعملون العلم القطعي في معنيين:
أحدهما: ما يقطع الاحتمال أصلا، كالمحكم والمتواتر.
والثاني: ما يقطع الاحتمال الناشيء عن دليل، كالظاهر والنص والخبر والمشهور.
فالأول: يسمونه علم اليقين، والثاني يسمونه علم الطمأنينة، والقرينة القاطعة من قبيل ما يفيد العلم الثاني.
وقال أحد الباحثين- معلقا على اعتبار القرينة من طرق الإثبات مع وجود الاحتمال-:
ولئن أودت القرائن الواضحة بحياة وأموال الناس وهم مظلومون، فقد أودت شهادة الشهود المزكين بحياة وأموال الكثيرين من الناس، وهم مظلومون كذلك. ومادام الوصول إلى الدليل القاطع الذي ينتفي معه كل احتمال، لا مطمع فيه، إذ هو في حيز المستحيل غالبا؛ وجب - بحكم الضرورة - الأخذ بالأدلة والحجج القطعية مع الاستقصاء في التثبت وتقديم الأقوى منها على غيره، فإذا فات هذا المقام علم اليقين، ففي علم الطمأنينة أو ما يقرب منه من الظن الراجح، الكفاية (1) .
ثم ساق حججا -أو ما رآه حججا- مثبتة لحجية اعتبار القرينة طريق الإثبات في الحكم والقضاء من الكتاب والسنة والمعقول، وهي حجج جلها قاله الفقهاء والمتفقهة، وقد نلم ببعض منها مما نسلم بحجيته، إذ لا نسلم بحجية غيره، لكن قبل ذلك، ننقل عن شهاب الدين القرافي رحمه الله -كلاما شريفا في الفرق بين قاعدة الأدلة وبين قاعدة الحجاج.
(1) وقد كان الباحث نزيها، ملتزما بالمنهج العلمي الدقيق، إذ نسب هذا الذي نقلناه عنه إلى مصدريه- (طرق الإثبات) للبهي، ص: 73- 74و (القضاء في الاسلام) لإبراهيم نجيب، ص:228.
قال رحمه الله (1) : (أما الأدلة، فقد تقدمت وتقدم انقسامها إلى أدلة المشروعية وأدلة الوقوع) مشيرا إلى قوله في الفرق السادس والعشرين (2) : فأدلة مشروعية الأحكام محصورة شرعا، تتوقف على الشارع، وهي نحو العشرين، وأدلة وقوع الأحكام هي الأدلة الدالة على وقوع الأحكام، أي وقوع أسبابها وحصول شروطها وانتفاء موانعها.
ثم قال:
وأما الحجاج، فهي ما يقضي به الحكام، ولذلك قال عليه السلام:((فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه)) تعليق الحديث روي من طرق مختلفة، عن أم سلمة وأبي هريرة، وجلها لا تكاد تختلف ألفاظها إلا يسيرا إلا ما كان من بعض الروايات التي اقتصرت على طرف منه بالمعنى مع ما يمكن اعتباره موردا له.
وحديث أم سلمة روي عن طريق مالك وعبد الرزاق وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة ووكيع بن الجراح وأبي معاوية الضرير ويحيى بن سعيد الأموي وعبدة بن سليمان والزهري وأسامة بن زيد الليثي وأبي الزناد.
وهذه أسانيده:
(1) الفروق، ج: 1، ص:129.
(2)
ج: 1، ص128.
أما حديث أم سلمة فأخرجه:
مالك في الموطأ، برواية الزهري، ج:2، ك: الأقضية، ب (1) الترغيب في القضاء بالحق، ص: 459، ح:2877. .. .. .. ..
وبرواية الليثي ج:2، ك (22) الأقضية، ب (1) الترغيب في القضاء الحق، ص: 259، ح:2103.
وبراوية الحدثاني، ك: القضاء، ب: الترغيب على الحق وما جاء فيه، ص: 222، ح:272.
(مع اختلاف يسير) .
واللفظ للزهري.
عن هشام بن عروة عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار)) .
وعنه الجوهري- المسند، ص: 580- 581، ح: 778- قال:
أخبرنا عبد الله بن جعفر بن الورد، قال حدثنا يحيى، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا مالك،
وأخبرنا أبو محمد بن رشيق، قال: حدثنا محمد بن زريق، قال حدثنا أبو مصعب، فذكره.
وعن مالك، أخرجه:
الشافعي - المسند، ج: 2، ك: الأحكام في الأقضية، ص: 178، ح:626.
وعنه البيهقي - السنن الكبرى، ج: 10، ك: الشهادات، ب: لا يحيل حكم القاضي على المقضي له
…
، ص: 149- قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي وأبو أحمد بن الحسن القاضي، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، فذكره.
والبغوي- شرح السنة، ج: 10، ك: الإمارة والقضاء، ب: قضاء القاضي لا ينفذ إلا ظاهرا، ص: 110، ح: 2506- قال:
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم، ح.
وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أخبرنا أبو بكر الحيري، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي، فذكره.
وأخرجه:
الحميدي- المسند، ج: 1، ص: 142، ح: 296- فقال:
حدثنا سفيان، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أمها أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأيكم قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذه به، فإنما أقطع له به قطعة من النار)) .
وابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج: 7، ك: البيوع والأقضية، ب (448) ما لا يحله قضاء القاضي، ص: 233، ح:3015. فقال:
حدثنا وكيع، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تختصمون إليّ، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة)) .
وعنه الطبراني - المعجم الكبير، ج: 23، ص: 382، ح: 906- فقال:
حدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، فذكره.
و ص: 233- 234، ح: 3016:
حدثنا وكيع، قال: حدثنا أسامة بن زيد الليثي، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: جاء رجلان من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس لهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذه فإنما أقطع له به قطعة من النار يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة)) قالت: فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما إذ فعلتما، فاذهبا واقتسما وتوخيا الحق ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه)) .
وأحمد – المسند، ج: 10 (طبع دار الفكر)، ص: 14، ح: 25728- فقال:
حدثنا يحيى، عن هشام، قال: حدثني أبي، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي له بما يقول، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها)) .
و ص: 173، ح: 26553:
حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام، فذكره.
و ص: 201، ح: 26680:
حدثنا وكيع، قال: حدثنا هشام بن عروة، فذكره.
و ص: 203، ح: 26688:
حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن زينب ابنة أبي سلمة، عن أم سلمة، قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبة خصم عند باب أم سلمة، قالت: فخرج إليهم، فقال:((إنكم تختصمون، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون أعلم بحجته من بعض، فأقضي له بما أسمع منه، فأظنه صادقا، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنها قطعة من النار، فليأخذها أو ليدعها)) .
وعنه الطبراني - المرجع السابق، ص: 380- 381، ح: 902- فقال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، فذكره.
ح: 26689: حدثنا يعقوب، قال: حدثني أبي، عن صالح، قال ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير، أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال:((إنما أنا بشر)) فذكر معناه.
و ص: 222- 223، ح: 26779-:
حدثنا وكيع، قال: حدثنا أسامة بن زيد، فذكره.
والبخاري- الصحيح، ج: 2، ك (46) المظالم، ب (16) إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه، ص 736- 737، ح: 2458- فقال:
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن زينب بنت أم سلمة أخبرته أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال:((إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها)) .
و ك (82) الشهادات، ب (27) من أقام البينة بعد اليمين، ص: 813، ح: 2680- فقال:
حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بن عروة، فذكره.
و ج: 5، ك (89) الإكراه، ب (9) إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت
…
ص: 2179، ح: 6967- فقال:
حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان - هو الثوري 0 عن هشام فذكره.
و ك (93) الأحكام، ب (20) موعظة الإمام للخصوم، ص: 2241، ح: 7169- فقال:
حدثنا عبد الله ابن مسلمة، عن مالك، عن هشام، فذكره.
و ب (29) من قضي له بحق أخيه، فلا يأخذه
…
، ص2245، ح: 7181- فقال:
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، فذكره.
و ب (31) القضاء في كثير المال وقليله، ص: 2246، ح: 7185- فقال:
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، فذكره.
ومسلم - الصحيح، ج3:، ك (30) الأقضية، ب (3) الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، ص: 1337- 1338، ح: 1713- فقال:
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، فذكره.
وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة،حدثنا وكيع، ح
وحدثنا أبو كريب، حدثنا ابن نمير، كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد، مثله.
و متابعة برقم: 5: وحدثني حرملة ابن يحيى، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، فذكره.
و متابعة برقم: 6: وحدثني عمرو الناقد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح، ح
وحدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد، نحو حديث يونس.
وفي حديث معمر، قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم لجبة خصم بباب أم سلمة.
وأبو داود – السنن، ج: 3، ك: الأقضية، ب: في قضاء القاضي إذا أخطأ، ص: 301- 302، ح: 3583- فقال:
حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن هشام بن عروة، فذكره.
ح: 3584: حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة، حدثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما لم تكن لهما بينة إلا دعواهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لك، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:((أما إذ فعلتما ما فعلتما،فاقتسما وتوخيا الحق)) ثم استهما ثم تحالا.
ح: 3585: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى، حدثنا أسامة، عن عبد الله بن رافع، قال: سمعت أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، قال: يختصمان في مواريث وأشياء قد درست، فقال:((إني إنما أقضي بينكما برأيي في ما لم ينزل علي فيه)) .
وابن ماجه في السنن، ج: 2،ك (13) الأحكام، ب (5) قضية الحاكم لا تحل حراما ولا تحرم حلالا، ص: 777، ح: 2317 – فقال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن عروة، فذكره.
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الأحكام، ب (11) ما جاء في التشديد على من يقضي له بشيء، ليس له أن يأخذه، ص: 17، ح: 1339- فقال:
حدثنا هارون بن اسحاق الهمداني، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، فذكره.
وتعقبه بقوله:
وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة.
حديث أم سلمة حديث حسن صحيح.
والنسائي - السنن الكبرى، ج: 3، ك (51) القضاء، ب (37) ما يقطع القضاء، ص: 482، ح: 5984/1- فقال:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، فذكره.
ح: 5985/2: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، فذكره.
وفي – المجتبى، ج: 8، ك (49) آداب القضاء، ب (13) الحكم بالظاهر، ص: 233، ح: 5401- فقال:
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا هشام بن عروة، فذكره.
وأبو يعلى- المسند، ج: 12، ص: 305، ح: 6880- فقال:
حدثنا سريج بن يونس أبو الحارث، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن هشام بن عروة، فذكره.
و ص: 308، ح: 6881:
حدثنا غسان بن الربيع، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، فذكره.
وابن الجارود- غوث المكدود (تخريج المنتقى)،ج: 3، ص: 254- 255، ح: 999- فقال:
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا هشام بن عروة، ح
وحدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا عبدة، عن هشام، فذكره.
ح: 1000-: حدثنا محمود بن آدم، قال: حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، فذكره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 4، ك: القضاء والشهادات، ب: الحاكم يحكم بالشيء
…
، ص: 154- 155- فقال:
حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، فذكره.
حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا عبد العزيز الأويسي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، فذكر بإسناده مثله.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن هشام بن عروة، فذكره.
حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، فذكره.
حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا أسامة بن زيد، فذكر بإسناد مثله.
حدثنا يونس، قال: حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، قال: حدثني أسامة، فذكر بإسناده مثله.
وفي – شرح مشكل الآثار، ج: 2، ص: 230- 233، ح: 755- فقال:
حدثنا أبو أمية، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان في أرض قد هلك أهلها، وذهب من يعلمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما أنا بشر، ولم ينزل علي فيه شيء،ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن أقطع له قطعة من مال أخيه ظلما، جاء يوم القيامة إسطام من نار في وجهه)) فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: يا رسول الله، حقي له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((توخيا، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه)) .
-ح: 756: حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، حدثني أسامة، أن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة أخبره عن أم سلمة، أن رجلين من الأنصار استأذنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لهما، فاختصما إليه في أرض قد تقدم شأنها. وهلك من يعرف أمرها، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما أقضي بينكما بجهد رأيي في ما لم ينزل علي، وأنا أقضي بينكما على نحو ما أسمع منكما، وأيكما كان له في الكلام فضل على صاحبه، فقضيت له، وأنا أرى أنه حقه، وإنما هو من حق أخيه، فإنما أقضي له بقطعة من النار يطوقها من سبع أرضين، يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة)) ، فلما سمعا ذلك، بكيا جميعا، وقال كل واحد منهما: يا رسول الله، حظي له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اذهبا، فاجتهدا في قسم الأرض شطرين، ثم استهما، فإذا أخذ كل واحد منكما نصيبه، فليحلل أخاه)) .
- ح: 757: حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، قالت: كنت جالسة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلان يختصمان في مواريث وأشياء، قد درست، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما أقضي بينكما برأيي ما لم ينزل علي، فمن قضيت له بقضية أراها يقطع بها قطعة ظلما فإنما يقطع بها قطعة من نار إسطاما يأتي بها في عنقه يوم القيامة)) فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: يا رسول الله، حقي هذا الذي أطلب لصاحبي، قال:((لا، ولكن اذهبا توخيا، ثم استهما، ثم يحلل كل واحد منكما صاحبه)) .
- ح:758: حدثنا يونس، حدثني عبد الله بن نافع المدني الصائغ، حدثني أسامة بن زيد، فذكره.
- ح: 759: حدثنا ابن مرزوق، حدثنا عثمان بن عمرو بن فارس، حدثنا أسامة بن زيد، ثم ذكر بإسناد مثله.
- ح: 760: حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا وكيع، حدثنا أسامة بن زيد، ثم ذكر بإسناده مثله.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح بن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 11، ك (14) القضاء، ص: 459- 460، ح:
5070-
فقال:
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري، قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر- هو أبو مصعب الزهري - عن مالك، عن هشام بن عروة، فذكره.
و ص: 461- 462، ح: 5072:
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب، قال: حدثنا سريج بن يونس، قال: حدثنا سفيان - هو ابن عيينة، عن هشام بن عروة، فذكره.
والطبراني- المعجم الكبير، ج: 23، ص: 298، ح: 663- فقال:
حدثنا أبو يحيى الرازي، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، فذكره.
و ص: 343، ح: 798:
حدثنا فضيل بن محمد الملطي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن هشام ابن عروة، فذكره.
و ص: 345، ح: 803-:
حدثنا علي، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، فذكره.
و ص: 360- 361، ح: 848-:
حدثنا عبد الملك بن يحيى بن بكير، حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا بمعنى الأحاديث السابقة.
و ص: 381- 382، ح: 903-:
حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، حدثنا يعقوب بن حميد، حدثنا عبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن عروة، أن زينب بنت أم سلمة، أخبرته عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع جلبة خصوم بباب أم سلمة، فخرج إليهم، فذكر مثله.
ح: 907-: حدثنا مصعب الزبيري، حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي حازم، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
والدارقطني- السنن، ج: 4، ك: عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري، ب: في المرأة تقتل إذا ارتدت، ص: 238- 239، ح: 123- فقال:
حدثنا أبو بكر، حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا أسامة بن زيد، فذكره.
ح: 124-: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أسامة بن زيد، بإسناده نحوه، إلا أنه قال:((فمن قضيت له بحجة أراها، فقطع بها قطعة ظلما)) والباقي نحوه.
- ح: 125-: حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن إسحاق وأبو أمية، قالا: حدثنا روح، حدثنا أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع، قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت جالسة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيني وبين الناس ستر، فجاء إليه قوم في مواريث وأشياء قد درست، وذهب من يعرفها، ثم ذكر نحو حديث عثمان بن عمر.
- ح: 126-: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا محمد بن أشكاب والعباس بن محمد ومحمد بن عبد الملك الواسطي، قالوا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، فذكره.
- ح: 127-: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج: 6، ك: الصلح، ب: ما جاء في التحلل
…
ص: 66-: فقال:
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، ببغداد، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري، حدثنا يحيى بن جعفر، أنبأ زيد بن الحباب، حدثنا أسامة بن زيد، فذكره.
و ج: 10، ك: آداب القاضي، ب: من قال ليس للقاضي أن يقضي بعلمه، ص: 143- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن غالب، حدثنا عبد الله يعني ابن سلمة، عن مالك، عن هشام، فذكره.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني، ح
وأخبرني أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، أنبأ علي بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري، فذكره.
و ك: الشهادات، ب: لا يحيل حكم القاضي على المقضي له
…
، ص: 149- 150- فقال:
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا محمد بن كثير العبدي، أنبأ سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، فذكره.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أنبأ إسماعيل بن قتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أنبأ أبو معاوية، عن هشام بن عروة، فذكره بإسناده ومتنه، إلا أنه قال:((فمن قطعت له من حق أخيه شيئا، فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار)) .
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله البسطامي، أنبأ أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني القاسم- يعني ابن زكريا- حدثنا أشكاب، ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا محمد بن يحيى، قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، فذكره.
والبغوي – المرجع السابق،ص: 113، ح: 2508- فقال:
أخبرنا محمد بن الحسن الميربند كشائي، أخبرنا أبو العباس الطحان، أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش، أخبرنا علي بن عبد العزيز المكي، أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا صفوان بن عيسى، عن أسامة بن زيد، فذكره.
وأما حديث أبو هريرة فأخرجه:
ابن أبي شيبة - المرجع السابق، ص: 234- 235، ح: 3017- فقال:
حدثنا محمد بن بشر الغنوي، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قطعت له من حق أخيه قطعة، فإنما أقطع له قطعة من النار)) .
وعنه ابن ماجه- المرجع السابق، ح: 2318- فقال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، فذكره.
وأحمد – المسند، ج: 14 (طبع مؤسسة الرسالة)، ص: 122-123، ح: 8394- فقال:
حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، فذكره.
وأبو يعلى- المسند، ج: 10، ص: 326- 327، ح: 5920- فقال:
حدثنا وهب بن بقية الواسطي، حدثنا خالد، عن محمد بن عمرو، فذكره.
وكرره في – ص: 346، ح: 5941- فقال:
حدثنا وهب بن بقية، فذكره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، المرجع السابق، ص: 154- فقال:
حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله.
وابن حبان- المرجع السابق، ص: 461، ح: 7051- فقال:
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبدة بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عمرو، فذكره. .
فالحجاج تتوقف على نصب من جهة صاحب الشرع، وهي البينة، والإقرار، والشاهد، واليمين والشاهد، والنكول واليمين، والنكول والمرأتان واليمين والمرأتان، والنكول والمرأتان في ما يختص بالنساء، وأربع نسوة عند الشافعي، وشهادة الصبيان، ومجرد التحالف عند مالك، فيقتسمان بعد أيمانهما عن تساويهما عند مالك، فذلك نحو عشرة من الحجج هي التي يقضي بها الحاكم.
فالحجاج أقل من الأدلة الدالة على المشروعية، وأدلة المشروعية أقل من أدلة الوقوع، كما تقدم.
فائدة هذه الثلاثة الأنواع، موزعة في الشريعة على ثلاثة طوائف، فالأدلة يعتمد عليها المجتهدون، والحجاج يعتمد عليها الحكام، والأسباب يعتمد عليها المكلفون، كالزوال ورؤية الهلال ونحوهما.
ثم قال رحمه الله (1) في الفرق الثامن والثلاثين والمائتين، بين قاعدة ما هو حجة عند الحكام وقاعدة ما ليس بحجة عندهم.
الحجاج التي يقضي بها الحاكم سبع عشرة حجة، وساقها بتفصيل طويل بديع، لكن -مع الأسف- لا يتسع لها هذا المجال.
ثم قال:
الحجة الخامسة عشرة: القافة حجة شرعية عندنا في القضاء بثبوت الأنساب، ووافقنا الشافعي وأحمد بن حنبل، وقال أبو حنيفة: الحكم بالقافة باطل.
قال ابن القصار: وإنما يجيزه مالك في ولد الأمة، يطؤها رجلان في طهر واحد، وتأتي بولد يشبه أن يكون منهما، والمشهور عدم قبوله في ولد الزوجة، وعنه قبوله. وأجازه الشافعي فيهما.
لنا ما في الصحيحين، قالت عائشة رضي الله عنها: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرق أسارير وجهه، فقال:((ألم تري إلى مجزز المدلجي، نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما)) ، فقال:((إن هذه الأقدام بعضها من بعض))
(1) المرجع السابق، ج: 4، ص: 83- 101.
تعليق: أخرجه:
الشافعي – كتاب اختلاف الحديث، آخر مجموعة كتب تؤلف الجزء التاسع من كتاب الأم، ك: الدعوى والبينات، ب: في القافة ودعوى المولد، ص: 333- فقال:
أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف السرور في وجهه، فقال:((ألم تري أن مجززا المدلجي، نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) .
وعنه أخرجه البيهقي في الرواية الأولى- السنن الكبرى، ج:10، ك: الدعوى والبينات، ب: القافة ودعوى الولد، ص: 262-.
وعبد الرزاق- المصنف، ج: 7، ب: القافة، ص: 447- 449، ح: 13833- فقال:
أخبرنا ابن جريج، قال: اخبرني ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال:((ألم تسمعي ما قال مجزز المدلجي لزيد وأسامة؟ ورأى أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) .
وعنه أخرجه البخاري، الصحيح، ج: 3، ك (61) المناقب، ب (23) صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 1101، ح: 3555-
والبيهقي في الرواية الثانية- المرجع السابق-
و ح: 13834-: عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، نحوه، وزاد فيه:((وهما في قطيفة قد غطيا رؤوسهما، وبدت أقدامهما)) ، ولم يذكر بريق أسارير وجهه.
و ح: 13836-: عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها مسرورا، فقال:((ألم تسمعي ما قال المدلجي)) ، ورأى أسامة وزيد نائمين في ثوب واحد- أو قطيفة- قد خرجت أقدامهما، فقال:((إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) .
وعنه أخرجه أحمد - المسند، ح: 10، ص: 57، ح:25953.
والحميدي- المسند، ج:1، ص: 117- 118، ح:239- فقال:
حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، فذكره.
و ح: 240-: وقال سفيان: وسمعت ابن جريج يحدث به عن الزهري، فقال فيه: ألم تر أن مجززا المدلجي، فقلت: يا أبا الوليد إنما هو مجزز المدلجي، فانكسر، ورجع.
وأحمد - المسند، ج: 9 (طبع دار الفكر)، ص:283، ح: 24154 – فقال:
حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، دخل مجزز المدلجي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أسامة وزيدا، عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال:((إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) . وقال مرة: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا.
و ص: 364- 365، ح: 24580-:
حدثنا هاشم، قال: حدثنا ليث، قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه، قال:((ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة)) فقال: ((إن بعض الأقدام لمن بعض)) .
والبخاري- الصحيح، ج: 3، ك (62) فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ب (17) مناقب زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 1147، ح: 3731- فقال:
حدثنا يحيى بن قزعة، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي قائف، والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال:((إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) قال: فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه، فأخبر به عائشة.
و ج: 5، ك (88) الفرائض، ب (31) القائف، ص: 2114، ح: 6770- فقال:
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، فذكره.
و ح: 6771-: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
وعنه أخرجه البغوي- شرح السنة، ج: 9، ك: الطلاق، ب: القائف، ص: 283- 284، ح:2381.
ومسلم - الصحيح، ج: 2، ك (17) الرضاع، ب (11) العمل بإلحاق القائف الولد، ص: 1081- 1082، ح: 1459- فقال:
حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح، قالا: أخبرنا الليث، ح
وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن ابن شهاب، فذكره.
و متابعة برقم: 39: وحدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة- واللفظ لعمرو- قالوا: حدثنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
و برقم: 40: وحدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، فذكره.
وحدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، ح
وحدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر وابن جريج، كلهم عن الزهري، بهذا الإسناد، بمعنى حديثهم. وزاد في حديث يونس: وكان مجزز قائفا.
وأبو داود - السنن، ج: 2، ك: الطلاق، ب: في القافة، ص: 280، ح: 2267- فقال:
حدثنا مسدد وعثمان بن أبي شيبة، المعنى، وابن السرح، قالوا: حدثنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
و ح: 2668-: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، بإسناده ومعناه، فذكر الحديث.
وابن ماجة- السنن، ج: 2، ك (13) الأحكام، ب (21) القافة، ص: 787، ح: 23490 فقال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار ومحمد بن الصباح، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، فذكره.
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 4، أبواب الولاء والهبة، ب (5) ما جاء في القافة، ص: 8-9، ح: 2129- فقال:
حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى ابن عيينة هذا الحديث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وزاد فيه: ألم تري أن مجزز مر على زيد بن حارثة وأسامة بن زيد قد غطيا رؤوسيهما وبدت أقدامهما فقال: ((إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) .
وعنه أخرج ابن الأثير- أسد الغابة، ج: 4، ص: 290، عند ترجمته لمجزز المدلجي، ت: 4672-.
و ح: 2129 (م) : وهكذا حدثنا سعيد بن عبد الرحمن وغير واحد، عن سفيان بن عيينة هذا الحديث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وتعقبه بقوله:
وهذا حديث حسن صحيح.
وقد احتج بعض أهل العلم بهذا الحديث في إقامة القافة.
والنسائي - السنن الكبرى، ج: 3، ك (51) القضاء، ب (65) الحكم بالقافة، ص: 496، ح: 6035/1- فقال:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا سفيان- وهو ابن عيينة عن الزهري، فذكره.
وفي – المجتبى، ج: 6، ك (27) الطلاق، ب (51) القافة، ص: 184- 185، ح: 3493- فقال:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، فذكره.
و– ح: 3494-: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 9، ك (14) النكاح، ب (3) ثبوت النسب وما جاء في القائف، ص: 412- 413، ح: 4102- فقال:
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا ليث، عن ابن شهاب، فذكره.
و ح: 4103-: أخبرنا ابن سلم، قال: حدثنا حرملة، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، فذكره.
و– ج: 15، ك (61) إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم، ص: 533، ح: 7057- فقال:
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
والدارقطني- السنن، ج: 4، ك: في الأقضية والأحكام وغير ذلك، ب: في المرأة التي تقتل إذا ارتدت، ص: 240، ح: 128- فقال:
حدثنا أبو محمد بن صاعد، حدثنا عبد الجبار بن العلاء وأبو عبيد الله المخزومي ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرىء – واللفظ لعبد الجبار – قالوا: حدثنا سفيان، عن الزهري، فذكره.
وح: 129-: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي، أخبرني يونس والليث، عن ابن شهاب، فذكره.
وح:130-: حدثنا أبو بكر، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا ابن وهب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، فذكره.
و ح: 131: حدثنا أبو بكر، حدثنا يوسف، حدثنا حجاج،عن ابن جريج، حدثني ابن شهاب، فذكره.
والبيهقي- المرجع السابق، ص: 262- 263- فقال:
وأخبرنا أبو بكر بن فورك، أنبأ عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، ح
وأنبأ أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، أنبأ أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني الحسن- هو ابن سفيان- وأبو عبد الله الصوفي، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، فذكره.
أخبرني أبو بكر بن الحارث الفقيه الأصبهاني، أنبأ علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي إبراهيم بن سعد، فذكر الحديث بنحوه، وزاد، قال إبراهيم بن سعد، وكان زيد أحمر أشقر أبيض، وكان أسامة مثل الليل.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو عمرو- وهو ابن حمدان- أنبأ الحسن بن سفيان، حدثنا حرملة بن يحيى، أنبأ ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، فذكره. .
وسبب ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبنى زيد بن حارثة، وكان أبيض، وابنه أسامة أسود، فكان المشركون يطعنون في نسبه، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكانته منه، فلما قال مجزز ذلك: سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو يدل من وجهين:
أحدهما: أنه لو كان الحدس باطلا شرعا، لما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه عليه السلام -لا يسر بالباطل.
وثانيهما: أن إقراره عليه السلام على الشيء من جملة الأدلة على المشروعية. وقد أقر مجززا على ذلك، فيكون حقا مشروعا.
لا يقال النزاع إنما هو في إلحاق الولد، وهذا كان ملحقا بأبيه في الفراش، فما تعين محل النزاع.
وأيضا، سروره- عليه السلام لتكذيب المنافقين، لأنهم كانوا يعتقدون صحة القيافة، وتكذيب المنافقين سار بأي سبب كان، لقوله عليه السلام:((إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر))
تعليق: هذا آخر طرف من قصة وقعت في غزوة خيبر، وإن جاء في بعض الروايات كلمة (حنين) بدلا من كلمة (خيبر) .
والظاهر أنها خطأ وأن الراوي نقل من صحيفته، وكانوا يومئذ لا يعجمون فالتبست عليه كلمة (خيبر) بكلمة (حنين) .
ونحن نقر الرواية كما أثبتت في بعض نسخ البخاري.
وقد روى هذا الحديث:
أبو هريرة، مطولا.
قال عبد الرزاق - المصنف، ج: 5، ك: الجهاد، ب: الشهيد، ص: 269- 270، ح: 9573-:
عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر- أو قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر- قال لرجل ممن كان معه يدعي الإسلام: ((هذا من أهل النار)) فلما حضر القتال، قاتل فأصابته جراح، فقيل: قد مات، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: الرجل الذي قلت هو من أهل النار، فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إلى النار)) فكأن بعض الناس ارتاب، قال: فبينا هم كذلك، إذ قيل: لم يمت، ولكن به جراح شديدة، فلما كان من الليل، لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:((الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله)) ثم أمر بلالا، فنادى:((لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) . قال معمر: وأخبرني من سمع الحسن يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: يؤيد هذا الدين بمن لا خلاق له.
وعنه، أخرجه:
أحمد - المسند، ج: 13 (طبع مؤسسة الرسالة)، ص: 453- 454، ح: 8090- قال:
حدثنا عبد الرزاق، فذكره.
والبخاري- الصحيح، ج: 2، ك (86) الجهاد والسير، ب (182) إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر، ص: 941، ح: 3062- قال:
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، ح
وحدثني محمود بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، فذكره.
وقال- ج: 3، ك (64) المغازي، ب (38) غزوة خيبر، ص: 1279، ح: 4203:
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: اخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة- رضي الله عنه قال: شهدنا خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام:((هذا من أهل النار)) فلما حضر القتال، قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة، فكاد بعض الناس يرتاب. فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده ألى كنانته، فاستخرج منها أسهما، فنحر بها نفسه، فاشتد رجال من المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه. فقال:((قم يا فلان، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر)) .
وكرره في - ج: 5، ك (82) القدر، ب (5) العمل بالخواتيم، ص: 2066،:6606- فقال:
حدثنا حبان بن موسى، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، فذكره.
وعن البخاري، أخرجه البغوي- شرح السنة، ج: 10، ك: القصاص، ب: وعيد من قتل نفسه، ص: 156- 157، ح: 2526- قال:
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، فذكره.
وقال- ح: 4204- تعليقا:
وقال شبيب، عن يونس، عن ابن شهاب: اخبرني ابن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن أبا هريرة قال: شهدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر. وقال ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. .. .. .. .. تابعه صالح عن الزهري، وقال الزبيدي: أخبرني الزهري، أن عبد الرحمن بن كعب أخبره، أن عبيد الله بن كعب قال: اخبرني من شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر.
وقال الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله وسعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. .. .. .. ..
وقال- التاريخ الكبير، ج: 5،ص: 307، عند ترجمته لعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، ت: 991:
وقال عبد العزيز: حدثنا إبراهيم بن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أنه أخبره بعض من شهد النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل معه:((هذا من أهل النار)) فنحر نفسه.
وقال إسحاق بن العلاء: حدثني عمرو بن الحارث، حدثني عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، عن الزهري، أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال:
حدثني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه.
وقال الزهري: وأخبرني عبد الله بن عبد الله وسعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. .. .. .. ..
قال صالح ويونس، عن الزهري، عن سعيد: مرسل.
وقال معمر وشعيب، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر ابن حجر - تغليق التعليق، ج:4، ص: 13- 131.
وأخرجه مسدد مرسلا في مسنده، قال البوصيري- إتحاف الخيرة المهرة، ج: 6، ب (35) في من يؤيد هذا الدين، ص: 368- 369، ح: 6073- فقال:
قال مسدد: وحدثنا حصين بن نمير، حدثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر)) .
ومسلم - الصحيح، ج: 1، ك (1) الإيمان، ب (47) غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه
…
، ص: 105- 106، ح: 111- قال:
وحدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد، جميعا عن عبد الرزاق. قال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق، فذكره.
وأبو عوانة- المسند، ج:1: ص: 46- قال:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، قال: قرأنا على عبد الرزاق، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح بن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 10، ك (21) السير، ب (1) الخلافة والإمارة، ص: 378، ح: 4519- قال:
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا ابن أبي السري، قال:
حدثنا عبد الرازق، فذكره.
وابن مندة، كتاب الإيمان، ج: 1، ص: 317، ح: 163- قال:
أنبأ محمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، أنبأ عبد الرزاق، فذكره.
و ج: 2، ص: 662، ح: 643- قال:
أخبرنا علي بن العباس بن الأشعث، حدثنا محمد بن حمادة، ح
وأنبأ محمد بن الحسين بن الحسن، حدثنا أحمد بن يوسف، قال: أنبأنا عبد الرزاق، فذكره.
والقضاعي- مسند الشهاب، ج: 2، ص: 159- 160، ف:(699) إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، ح: 1097- قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن موسى السمسار، بدمشق، حدثنا أبو زيد محمد بن أحمد المروزي، أخبرنا محمد بن يوسف الفربري، أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا أبو اليمان، حدثنا سفيان، عن الزهري، ح
قال: وحدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، وذكر الحديث بطوله، وقال في آخره:((لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) .
وقال النسائي – السنن الكبرى، ج: 5، ك (78) السير، ب (187) الاستعانة بالفجار في الحرب، ص: 278- 279، ح: 8883/1:
أنبأ عبد الملك بن عبد المجيد، قال: حدثنا أحمد بن شبيب، قال: حدثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) مختصر.
- ح: 8884/2-: أنبأ عمران بن بكار بن راشد، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أنبأ شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) مختصر.
وقال ابن منده- المرجع السابق، ج: 1، ص: 317- 318، ح: 164-:
أنبأ أحمد بن سليمان بن أيوب، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، فذكره.
وقال- ج: 2، متابعة-:
أنبأ أحمد بن إسحاق بن أيوب، حدثنا العباس بن الفضل البصري، حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، حدثني أبي، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن أبا هريرة أخبره، قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام:((إن هذا من أهل النار)) فلما حضر القتال، قاتل قتالا شديدا، وكثرت به الجراح، وذكر الحديث.
وقال البيهقي – السنن الكبرى، ج:8، ك: المرتد، ب: ما يحرم به الدم
…
، ص: 197-:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، قال: قرأت على أبي اليمان، أن شعيب بن أبي حمزة حدثه عن الزهري، فذكره.
وابن مسعود:
قال الطبراني - المعجم الكبير، ج: 9: ص: 185: ح: 8913- موقوفا:
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر.
وكرره في – ص:225، ح: 9094-.
وقال ابن حبان - المرجع السابق، ص: 377، ح: 4518:
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، بتستر، قال: حدثنا حميد بن الربيع، قال: حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليؤيدن الله هذا الدين بالرجل الفاجر)) .
وسهل بن سعد الساعدي:
قال أحمد- المسند، ج: 8 (طبع دار الفكر)، ص: 428، ح: 22876- طرفا منه.
حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن- يعني ابن عبد الله بن دينار- عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فأبلى بلاء حسنا، فعجب المسلمون من بلائه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما إنه من أهل النار)) قلنا: في سبيل الله مع رسول الله، الله ورسوله أعلم، قال: فجرح الرجل، فلما اشتدت به الجراح، وضع ذباب سيفه بين ثدييه، ثم اتكأ عليه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: الرجل الذي قلت له ما قلت، قد رأيته يتضرب والسيف بين أضعافه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة في ما يبدو للناس، وإنه لمن أهل النار، وإنه ليعمل عمل أهل النار في ما يبدو للناس، وإنه لمن أهل الجنة)) .
وقال ابن منده، المرجع السابق، ج:2، ص: 663- 665، ح: 644-:
أنبأ محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء، حدثنا موسى بن هارون، ح
وأنبأ محمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال النبي صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما إنه من أهل النار)) فقال رجل من القوم، أنا صاحبه أبدا، قال: فخرج معه، كلما وقف وقف معه، فإذا أسرع أسرع معه. قال فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله. قال: ((وما ذاك؟)) قال: الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار.
فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، حتى جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض، وذبابه بين ثدييه، وتحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة في ما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار في ما يبدو وهو من أهل الجنة)) .
- ح: 645-: أنبأ أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا موسى بن سعيد الطرسوسي، حدثنا عبد الله بن مسلمة، ح.
وأنبأ حسان بن محمد وأحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، فذكره.
- ح: 646-: أنبأ أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الطوسي وأحمد بن محمد بن عبدوس، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد، ح
وأنبأ أحمد بن الحسن بن عتبة، حدثنا يحيى بن عثمان، قال: حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، أن رجلا كان من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار، فلينظر إلى هذا)) فاتبعه رجل من القوم، وهو على ذلك،من أشد الناس على المشركين، حتى جرح، فاستعجل الموت، فجعل ذباب سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان معه مسرعا، فقال له: أشهد أنك رسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((وما ذلك؟)) قال: قلت لفلان: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا، فكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جرح، استعجل الموت، فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:((إن العبد ليعمل عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار، ويعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، إنما الأعمال بالخواتيم)) .
والنعمان بن عمرو بن مقرن:
قال الطبراني – المرجع السابق، ج: 17، ص: 39، ح: 81:
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا ابن الأصبهاني، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي خالد الوالبي، عن النعمان بن عمرو بن مقرن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله – عز وجل – ليؤيد الدين بالرجل الفاجر)) .
وقال القضاعي- المرجع السابق، ح: 1096:
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزاز، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع، أنبأ علي بن عبد العزيز، فذكره.
وأنس:
قال النسائي - المرجع السابق،ح 8885/3:
أنبأ محمد بن سهل بن عسكر، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأ رباح بن زيد، عن معمر بن راشد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)) .
وقال ابن حبان - المر جع السابق، ص: 376، ح: 4517:
أخبرنا أحمد بن عيسى بن السكن، بواسط، قال: حدثنا إسحاق بن زريق الرسعني، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني، قال: حدثنا رباح بن زيد، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليؤيدن الله هذا الدين بقوم لا خلاق لهم)) .
وقال الطبراني - المعجم الأوسط، ج:3، ص: 355- 356، ح: 2758-:
حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا ريحان بن سعيد، عن عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله – عز وجل – سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)) .
وقال أبو نعيم - حلية الأولياء، ج: 6: ص: 262:
حدثنا القاضي أبو محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن الفضل بن موسى، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن زيد، عن المعلى بن زياد، عن الحسن، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)) .
وتعقبه بقوله: غريب من حديث حماد والمعلى، عن الحسن.
وقال البزار- الهيثمي- كشف الأستار عن زوائد البزار، ج: 2: ب: تأييد الإسلام بأهل الفجور، ص: 286-287 ح: 1720-:
حدثنا القاسم بن يحيى المروزي، حدثنا يزيد بن مهران، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله تبارك وتعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)) .
- ح: 1721: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا أبو خزيمة، حدثنا مالك بن دينار، عن الحسن، عن أنس، قلت: فذكر نحوه.
وتعقبه بقوله:
لا نعلم رواه عن الحسن، عن أنس إلا مالك بن دينار، وأبو خزيمة هذا بصري حدث عنه حبان، وقد روي هذا ابن نبهان، عن مالك بن دينار، بهذا الإسناد.
- ح: 1722: حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني، حدثنا رباح، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قلت: فذكره.
وتعقبه بقوله:
لا نعلم رواه عن أيوب إلا معمر وعباد بن منصور، ولا رواة عن معمر إلا رباح وهو ثقة يماني، وإبراهيم ثقة.
وعبد الله بن عمرو:
قال البوصيري- المرجع السابق، ح: 6074:
وقال محمد بن يحيى بن أبي عمرو- هو العدني- حدثنا المقرئ، عن الإفريقي، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يؤيد الإسلام برجال ما هم من أهله)) .
وأبي بكرة:
قال أحمد – المسند، ج 7 (طبع دار الفكر)، ص: 322، ح: 20476:
حدثنا عبيد الله بن محمد، قال: سمعت حماد بن سلمة يحدث عن علي بن زيد وحميد في آخرين، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إن الله – تبارك وتعالى – سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)) .
وأخرجه مسدد مرسلا، قال البوصيري- المرجع السابق، ح: 6072:
قال مسدد: وحدثنا موسى بن حازم، حدثنا بحر بن موسى، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليؤيدن الله هذا الدين بقوم لا خلاق لهم)) قيل: يا أبا سعيد، من هم؟ قال: ابن سليم وأصحابه.
والمسيب بن رافع:
قال البوصيري- المرجع السابق، ح: 6071:
قال مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)) . . فقد يفضي الباطل للخير والمصلحة.
وأما عدم إنكاره عليه السلام فلأن مجززا لم يتعين أنه أخبر بذلك لأجل القيافة، فلعله أخبر به بناء على القرائن، لأنه يكون رآهما قبل ذلك.
لأنا نقول: مرادنا هاهنا ليس أنه ثبت النسب بمجزز، إنما مقصودنا أن الشبه الخاص معتبر، وقد دل الحديث عليه.
وأما سروره عليه السلام بتكذيب المنافقين، فكيف يستقيم السرور مع بطلان مستند التكذيب، كما لو أخبر عن كذبهم، رجل كاذب، وإنما يثبت كذبهم إذا كان المستند حقا، فيكون الشبه حقا، وهو المطلوب.
وبهذا التقرير، يندفع قولكم (إن الباطل قد يأتي بالحسن والمصلحة) ، فإنه -على هذا التقدير -ما أتى بشيء.
وأما قولكم: أخبر به (لرؤية سابقة لأجل الفراش) ، فالناس كلهم يشاركونه في ذلك، فأي فائدة في اختصاص السرور بقوله، لولا إنه حكم بشيء غير الذي كان طعن المشركين ثابتا معه، ولا كان لذكر الأقدام فائدة.
وحديث العجلاني، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن جاءت به على نعت كذا وكذا، فأراه قد كذب عليها، وإن أتت به على نعت كذا وكذا، فهو لشريك)) ، فلما أتت به على النعت المكروه، قال- عليه السلام:((لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن))
تعليق: الحديث روي بألفاظ مختلفة عن ابن عباس وأنس وسهل بن سعد الساعدي.
حديث ابن عباس أخرجه:
الطيالسي، بطوله – المسند، ص: 347- 348، ح: 2667- واللفظ له، فقال:
حدثنا عباد بن منصور، قال: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] إلى آخر الآية. فقال سعد بن عبادة: هكذا أنزلت، فلو وجدت لكاعا متفخذها، لم يكن لي أن أحركه ولا أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم!)) . قالوا: يا رسول الله: لا تلمه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوج فينا قط إلا عذراء، ولا طلق امرأة له، فاجترئ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعد: والله، إني لأعلم يا رسول الله أنها الحق وأنها من عند الله- عز وجل ولكني عجبت، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، إذ جاء هلال بن أمية الواقفي، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم. فقال: يا رسول الله، جئت البارحة عشاء من حائط لي كنت فيه، فرأيت عند أهلي رجلا، ورأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، فقيل: يجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال: يا رسول الله، والله إني لأرى وجهك أنك تكره ما جئت به، وإني لأرجو أن يجعل الله فرجا، قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، إذ نزل عليه الوحي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي، تربد لذلك جسده ووجهه وأمسك عن أصحابه، فلم يتكلم أحد منهم، فلما رفع الوحي، قال: أبشر يا هلال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ادعها)) فدعيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الله تبارك وتعالى يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب)) . فقال هلال: والله يا رسول الله ما قلت إلا حقا، ولقد صدقت، قال: فقالت هي عند ذلك، كذب، قال: فقيل لهلال: أتشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين، وقيل له عند الخامسة: يا هلال اتق الله فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، قال: والله لا يعذبني الله عليها أبدا كما لم يجلدني عليها، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وقيل: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة: يا هذه اتقي الله، إن عذاب الله أشد من عذاب الناس، وأن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
قال: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترمى ولا يرمى ولدها، ومن رماها ورمى ولدها جلد الحد، وليس لها عليه قوتا ولا سكنى من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أبصروها، فإن جاءت به أثيبج، أصيهب، أرسح، أخمش الساقين، سابغ الأليتين، أروق، جعدا، جماليا، فهو لصاحبه)) ، قال: فجاءت به أورق، جعدا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لولا الأيمان، لكان لي ولها أمرا)) . قال عباد: فسمعت عكرمة يقول: لقد رأيته أميراً في مصر من الأمصار، لا يدري من أبوه.
وعنه البيهقي - السنن الكبرى، ج 7، ك: اللعان، ب: الزوج يقذف امرأته
…
، ص: 394- فقال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، فذكره.
والشافعي - المسند، ج: 2، ك: الطلاق، ب (3) في اللعان، ص: 48- 49، ح: 158- طرفا منه، فقال:
أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن القاسم بن محمد، قال: شهدت ابن عباس يحدث بحديث المتلاعنين، فقال له ابن شداد: أهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لو كنت راجما أحد بغير بينة رجمتها؟)) فقال: ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت قد أعلنت.
- ح: 161- مرسلا فقال:
أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم العجلاني وهو أحيمر، سبط نضو الخلق، فقال: يا رسول الله، رأيت شريك بن السحماء- يعني ابن عمه- هو رجل عظيم الأليتين، أدعج العينين، خادل الحلق، يصيب فلانة يعني امرأته – وهي حبلى، وما قربتها منذ كذا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكا، فجحد ودعا المرأة فجحدت، فلاعن بينها وبين زوجها وهي حبلى، ثم قال:((تبصروها، فإن جاءت به أدعج، عظيم الأليتين، فلا أراه إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحره، فلا أراه إلا قد كذب)) فجاءت به أدعج، عظيم الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما بلغنا:((إن أمره لبين لولا ما قضى الله)) - يعني أنه لمن الزنا- لولا ما قضى الله من ألا يحكم على أحد إلا بإقرار واعتراف على نفسه لا يحل بدلالة غير واحد منها أو إن كانت بينة، فقال:((لولا ما قضى الله، لكان لي فيها قضاء غيره)) . ولم يعرض لشريك ولا للمرأة، والله تعالى أعلم، وأنفذ الحكم وهو يعلم أن أحدهما كاذب، ثم علم بعد أن الزوج هو الصادق.
وفي الأم، ج: 5: ك: اللعان، ب: أي الزوجين يبدأ اللعان؟ ، ص: 415- فقال:
أخبرنا سفيان، فذكره.
وعنه البيهقي – المرجع السابق، ص: 407- فقال:
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن، قالا: حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، فذكره.
وعبد الرزاق- المصنف، ج: 7، ك: الطلاق، ب: لا يجتمع المتلاعنان أبدا، ص: 114- 115، ح: 12444- مطولا، فقال:
عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، فذكره.
وأحمد - المسند، ج: 4 (طبع مؤسسة الرسالة)، ص: 33- 36، ح: 2131- مطولا، فقال:
حدثنا يزيد، أخبرنا عباد بن منصور، عن عكرمة، فذكره.
و ص: 274، ح: 2468- مختصرا، فقال:
حدثنا حسين، حدثنا جرير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
لما قذف هلال بن أمية امرأته، قيل له: والله، ليجلدنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدة، قال: الله أعدل من ذلك أن يضربني ثمانين ضربة، وقد علم أني قد رأيت حتى استيقنت وسمعت حتى استيقنت، لا والله لا يضربني أبدا، قال: فنزلت آية الملاعنة.
وج: 5، ص: 218- 219، ح: 3106- مختصرا، فقال:
حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، فذكره.
- ح: 3107: حدثنا سريج، حدثنا ابن أبي الزناد فذكر معناه.
وقال فيه: عبل الذراعين خدل الساقين. وقال الهاشمي: خدل، وقال: بعد الإبار.
والبخاري- الصحيح، ج: 3، ك (68) التفسير، ب: تفسير سورة النور، ص: 1483، ح: 4747- مختصر، فقال:
حدثني محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام بن حبان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك)) فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((البينة وإلا حد في ظهرك)) ، فقال هلال: والذي بعثك بالحق، إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل، وأنزل عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6] فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فارسل إليها، فجاءت فشهد هلال والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ((إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب)) ، ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة، وقفوها وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين،خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء)) ، فجاءت به كذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لولا ما مضى من كتاب الله، لكان لي ولها شأن)) .
وعنه البغوي- معالم التنزيل، ج: 4، ص: 171- 172- فقال:
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، أنبأنا محمد بن إسماعيل، فذكره.
ومسلم - الصحيح، ج: 2، ك (19) اللعان، ص: 1134- 1135، ح: 1497- مختصرا، فقال:
وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر وعيسى بن حماد المصريان – واللفظ لابن رمح- قالا: أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس، أنه قال: ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرا، قليل اللحم، سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله، خدلا، آدم، كثير اللحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اللهم بين)) فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رجمت أحدا بغير بينة، رجمت هذه؟)) فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء.
و متابعة: وحدثنيه أحمد بن يوسف الأزدي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني سليمان- يعني بلال- عن يحيى، حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس، أنه قال: ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الليث، وزاد فيه، بعد قوله: كثير اللحم، قال: جعدا، قططا.
و متابعة برقم 13: وحدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر- واللفظ لعمرو- قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، فذكره.
وأبو داود - السنن، ج: 2: ك: الطلاق، ب: في اللعان، ص: 276- 278، ح: 2254- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، فذكره.
- ح: 2256-: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا عباد بن منصور، عن عكرمة، فذكره.
- وابن ماجة- السنن، ج: 1: ك: (10) الطلاق، ب (27) اللعان، ص: 668، ح: 2067- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، فذكره.
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 5، أبواب تفسير القرآن، ب (25) ، (ومن سورة النور)، ص: 239- 240، ح: 3179- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، فذكره.
وفي – العلل الكبير، ب: ما جاء في اللعان، ص: 175، ح: 307- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، حدثنا هشام بن حسان، قال: حدثني عكرمة، عن ابن عباس، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء
…
الحديث.
والنسائي - السنن الكبرى، ج:3، ك (44) الطلاق، ب (39) قول الإمام اللهم بين، ص: 373- 374، ح: 5664/1- فقال:
أخبرنا عيسى بن حماد، فذكره.
وأخرجه في المجتبى، ج: 6، ك (26) النكاح، ب (39) قول الإمام اللهم بين، ص: 173- 174، ح: 3470-. إلا أنه قال: ((تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام الشر)) .
وأبو يعلى – المسند، ج:5، ص: 124- 128، ح: 2740- فقال:
حدثنا زهير، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عباد بن منصور، عن عكرمة، فذكره.
- ح: 2741: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، بنحوه.
-
والطبري- جامع البيان، ج: 18، ص: 82- 83- فقال:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا أيوب، عن عكرمة، فذكره.
حدثنا خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا عباد، قال: سمعت عكرمة، فذكره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 3، ك: النكاح، ب: الرجل ينفي حمل امرأته أن يكون منه، ص: 100- 101- فقال:
حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، فذكره.
حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن القاسم، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن أبي الزناد، قال: حدثني أبي، أن القاسم بن محمد حدثه، عن ابن عباس،مثله، غير أنه لم يذكر سؤال عبد الله بن شداد إلى آخر هذا الحديث.
والحاكم في المستدرك، ج: 2، ك: الطلاق، ص: 202- فقال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، حدثنا أحمد بن الوليد النحام، حدثنا الحسين بن محمد المروزي، حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما أخرجا حديث هشام بن حسان، عن عكرمة مختصرا.
وعنه البيهقي - المرجع السابق، ص: 395- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، فذكره.
و ب: اللعان على الحمل، ص: 406- فقال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عباس الأسفاطي وإسماعيل بن إسحاق القاضي، ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ فذكره.
والبيهقي- المرجع السابق، ص: 393- 394- فقال:
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرني الحسن بن سفيان، ح
وحدثنا القاسم بن زكريا وعمران بن موسى وابن عبد الكريم الوراق، قالوا: حدثنا بندار بن بشار، فذكره.
و ص: 395:
أخبرني أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، فذكره.
و–ص: 407:
أنبأني أبو عبد الرحمن السلمي، إجازة، أن أبا محمد عبد الله بن محمد بن زياد السمدي أخبره عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا بندار، حدثنا أبو عامر، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، فذكره.
وأخرجه في – معرفة السنن والآثار، ج:11، ك (25) اللعان، ب: اللعان، ص: 133- 134، ح:15049-.
والواحدي- أسباب النزول، ص: 366- 367- فقال:
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، فذكره.
وحديث أنس أخرجه:
مسلم - المرجع السابق، ص: 1134، ح:1496- فقال:
وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا هشام، عن محمد، قال: سألت أنس بن مالك، وأنا أرى أن عنده منه علما، فقال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء- وكان أخا البراء بن مالك لأمه، وكان أول رجل لاعن في الإسلام، قال: فلاعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أبصروها، فإن جاءت به أبيض، سبطا، قضيئ العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل، جعدا، حمش الساقين، فهو لشريك بن سحماء)) ، قال: فأنبئت أنها جاءت به أكحل، جعدا، حمش الساقين.
والنسائي - المرجع السابق، ص: 372- 373، ح:5662/1- فقال:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، قال: أنبأنا عبد الأعلى- وهو ابن عبد الأعلى السامي- قال: سئل هشام عن الرجل يقذف امرأته، فحدثنا هشام يعني ابن حسان – فذكره.
وأخرجه في – المجتبى، المرجع السابق، ب (37) اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه، ص: 171- 172، ح:3468.
-ح: 5663/1- مطولا: أخبرنا عمران بن يزيد، قال: حدثنا مخلد بن حسين الأزدي، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: إن أول لعان كان في الإسلام، أن هلال بن أمية قذف شريك بن سحماء بامرأته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:((أربعة شهداء، وإلا فحد في ظهرك)) يردد ذلك عليه مرارا، فقال له هلال: والله يا رسول الله، إن الله عز وجل ليعلم أني صادق، ولينزلن الله – عز وجل – عليك ما يبرئ ظهري من الحد، فبينما هم كذلك، إذ نزلت عليه آية اللعان {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] ، إلى آخر الآية، فدعا هلالا، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما أن كانت الرابعة أو الخامسة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((وقفوها، فإنها موجبة)) فتلكأت حتى ما شككنا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت علي اليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((انظروها، فإن جاءت به أبيض، سبطا، قضيئ العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم، جعدا، ربعا، حمش الساقين، فهو لشريك بن السحماء)) ، فجاءت به آدم، جعدا، ربعا، حمش الساقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لولا ما سبق فيها من كتاب الله، لكان لي ولها شأن)) .
وأخرجه في المجتبى، المرجع السابق، ب (38) كيف اللعان، ص: 172- 173، ح: 3469-.
والطحاوي- المرجع السابق، ص: 101- 102- فقال:
حدثنا فهد، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن مخلد بن حسين، فذكره.
حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا هشام، فذكره.
والبيهقي- المرجع السابق، ص: 406- فقال:
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي الوزير التاجر، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، حدثنا الأنصاري، حدثني هشام بن حسان، ح.
قال: وأخبرنا محمد بن إبراهيم بن الفضل- واللفظ له- حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الأعلى، قال: سئل هشام بن حسان، عن الرجل يقذف امرأته، فحدثنا هشام بن حسان، فذكره.
وحديث سهل بن سعد، أخرجه:
مالك - الموطأ، برواية أبي مصعب الزهري، ج: 1، ك: الطلاق، ب (12) ما جاء في اللعان، ص: 622- 623، ح: 1618-.
والليث - ج: 2، ك (15) الطلاق، ب (13) ما جاء في اللعان، ص: 76- 77، ح:1642.
والحدثاني- ك: الطلاق، ب: اللعان، ص: 280، ح:353.
واللفظ للزهري، مع اختلاف يسير جدا:
عن ابن شهاب، أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري، فقال له: يا عاصم، أرأيت لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع عاصم إلى أهله، جاءه عويمر، فقال: يا عاصم، ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فجاء عويمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)) . قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا من تلاعنهما، قال: عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم. .. .. .. .. قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة المتلاعنين.
وعن طريقه، أخرجه:
الشافعي - المرجع السابق، ص44، ح: 146- مطولا.
وعنه البيهقي - المرجع السابق، ب: أين يكون اللعان، ص: 398- 399- فقال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، وغيرهما، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، فذكره.
وأخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الشيرازي الفقيه، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد ومحمد بن نصر وجعفر بن محمد، قالوا: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، فذكر الحديث بنحوه.
والبغوي- المرجع السابق، ص: 170- 171- فقال:
أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أنبأنا أبو مصعب، عن مالك، فذكره.
وعن غير طريقه، أخرجه:
الشافعي - المرجع السابق، ص: 45- 47، ح: 147- فقال:
أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، فذكره.
وعنه البيهقي- المرجع السابق، ص: 399- فقال:
أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر، قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، فذكره.
ح:148-: أخبرنا عبد الله بن نافع، عن محمد بن أبي ذئب، عن ابن شهاب، فذكره.
وعنه البيهقي- المرجع السابق- فقال:
وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر، قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، فذكره.
- ح: 150-: أخبرنا سفيان، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد، قال: شهدت المتلاعنين عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة، ثم ساق الحديث، فلم يتقنه إتقان هؤلاء.
- ح: 151: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد، وذكر حديث المتلاعنين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((انظروها، فإن جاءت به أسحم، أدعج العينين، عظيم الأليتين، فلا أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحمر كأنه وحرة، فلا أراه إلا كاذبا)) فجاءت له على النعت المذكور.
-
وأحمد - المسند، ج:8 (طبع دار الفكر)، ص: 432- 433، ح: 22893- فقال:
حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم- يعني ابن سعد- حدثنا ابن شهاب، فذكره.
- ح: 22894: حدثنا ابن إدريس، حدثنا ابن إسحاق، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: لما لاعن عويمر أخو بني العجلان امرأته، قال: يا رسول الله، ظلمتهما إن أمسكتها، هي الطلاق، وهي الطلاق، وهي الطلاق.
والطحاوي- المرجع السابق، ص: 102- فقال:
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، فذكره.
والبيهقي- المرجع السابق، ص: 400- 401- فقال:
أخبرنا أبو عمرو الأديب، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني الحسن بن سفيان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف الفاريابي، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، فذكره.
أخبرنا أبو عمرو الأديب، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا ابن أبي حسان، من أصل كتابه، وهو إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد، هو ابن مسلم- وعمر بن عبد الواحد، قالا: حدثنا الأوزاعي، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي، فذكره، ولم يذكر فيه قصة الطلاق.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن أحمد التاجر، أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس،عن ابن شهاب، أخبرني سهل بن سعد الأنصاري، أن عويمر الأنصاري من بني العجلان أتى عاصم بن عدي، فذكر الحديث بمعنى حديث مالك، إلا أنه قال:((فلما فرغا من تلاعنهما، قال: يا رسول الله: كذبت عليها إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم. فكان فراقه إياها بعد سنة في المتلاعنين، قال سهل: وكانت حاملا، وكان ابنها يدعى إلى أمه، ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها)) .
أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا ابن وهب، عن عياض بن عبد الله الفهري، وغيره، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد، في هذا الخبر، قال: فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار ما صنع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة. قال سهل وحضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا.
وحدثنا أبو محمد بن عبد الله بن يوسف الأصبهاني- إملاء- أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري- بمكة- حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، سمع به سهل بن سعد الساعدي، يقول: شهدت المتلاعنين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق بينهمافقال: يا رسول الله، قد كذبت عليها إن أنا أمسكتها.
فصرح- عليه السلام بأن وجود صفات أحدهما في الآخر، يدل على أنهما من نسب واحد.
ولا يقال إن إخباره- عليه السلام كان من جهة الوحي، لأن القيافة ليست في بني هاشم، إنما هي في بني مدلج، ولا قال أحد أنه- عليه السلام كان قائفا، ولأنه- عليه السلام لم يحكم به لشريك، وأنتم توجبون الحكم بما أشبه، وأيضا لم تحد المرأة، فدل ذلك على عدم اعتبار الشبه.
لأنا نقول: إن جاء الوحي بأن الولد ليس يشبهه، فهو مؤسس لما يقوله، وصار الحكم بالشبه أولى من الحكم في الفراش، لأن الفراش يدل عليه من ظاهر الحال، والشبه يدل على الحقيقة.
وأما كونه- عليه السلام لم يعط علم القيافة، فممنوع، لأنه- عليه السلام أعطى علم الأولين والآخرين.
ثم قال:
وبالجملة، فحديث المدلجي يدل دلالة قوية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استدل بالشبه على النسب، ولو كان بالوحي، لم يحصل فيه ترديد في ظاهر الحال، بل كان يقول: هي تأتي به على نعت كذا، وهو فلان، فإن الله تعالى بكل شيء عليم. فلا حاجة إلى الترديد الذي لا يحسن إلا في مواطن الشك، وإنما يحسن هذا بالوحي إذا كان لتأسيس قاعدة القيافة وبسط صورها بالأشباه، وذلك مطلوبنا.
فالحديث يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سُرَّ إلا بسبب حق، وهو المطلوب، ويؤيده أيضا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة في الحديث:((تربت يداك، ومن أين يكون الشبه)) فأخبر أن المني يوجب الشبه، فيكون دليل النسب.
ثم ساق أدلة أخرى على القيافة باعتبارها قرينة يعتمدها القاضي، قد نسوق بعضاً منها في ما بعد.
ولأبي هلال العسكري كلام غاية في الروعة والدقة والضبط والتحديد، لم نقف على مثله عند غيره، إذ قال (1) :(الفرق) بين الدلالة والدليل، أن الدلالة تكون على أربعة أوجه:
أحدها: ما يمكن أن يستدل به، قصد فاعله أو لم يقصد، والشاهد أن أفعال البهائم تدل على حدثها، وليس لها قصد إلى ذلك، والأفعال المحكّمة دلالة على علم فاعلها، وإن لم يقصد فاعلها أن تكون دلالة على ذلك. ومن جعل قصد فاعل الدلالة شرطاً فيها، احتج بأن اللص يستدل بأثره عليه، ولا يكون أثره دلالة، لأنه لم يقصد ذلك، فلو وُصف بأنه دلالة، لوصف هو بأنه دال على نفسه. وليس هذا بشيء، لأنه ليس بمنكر في اللغة أن يسمى أثره دلالة عليه، ولا أن يوصف هو بأنه دال على نفسه، بل ذلك جائز في اللغة، معروف، يقال: قد دل الهارب على نفسه بركوبه الرمل. ويقال: اسلك الحَزْن، لأنه لا يدل على نفسك. ويقولون: استدللنا عليه بأثره، وليس له أن يحمل هذا على المجاز دون الحقيقة إلا بدليل، ولا دليل.
(1) الفروق في اللغة، ص: 59- 63
والثاني: العبارة عن الدلالة، يقال للمسئول: أعد دلالتك.
والثالث: الشبهة، يقال: دلالة المخالف كذا، أي شبهته.
والرابع: الأمارات، يقول الفقهاء: الدلالة من القياس كذا، والدليل فاعل الدلالة، ولهذا يقال لمن يتقدم القوم في الطريق، دليل، إذ كان يفعل من التقدم ما يستدلون به.
وقد تسمى الدلالة دليلاً مجازاً، والدليل أيضاً فاعل الدلالة، مشتق من فعله.
ويستعمل الدليل في العبارة والأمارة، ولا يستعمل في الشبه، والشبهة هي الاعتقاد الذي يختار صاحبه الجهل، أو يمنع من اختيار العلم، وتسمى العبارة عن كيفية ذلك الاعتقاد شبهة أيضاً، وقد سمي المعنى الذي يعتقد عنده ذلك الاعتقاد، شبهة، فيقال: هذه الحيلة شبهة لقوم اعتقدوها معجزة.
ثم قال:
(الفرق) بين الدلالة والأمارة، أن الدلالة- عند شيوخنا-ما يؤدى النظر فيه إلى العلم، والأمارة ما يؤدى النظر فيه إلى غلبة الظن، لنحو ما يطلب به من جهة القبلة، ويعرف به جزاء الصيد وقيم المتلفات.
والظن في الحقيقة، ليس يجب عن النظر في الأمارة، لوجوب النظر عن العلم في الدلالة، وإنما يختار ذلك عنده. فالأمارة- في الحقيقة – ما يختار عنده الظن، ولهذا جاز اختلاف المجتهدين، مع علم كل واحد منهم بالوجه الذي منه خالفه صاحبه، كاختلاف الصحابة في مسائل الجد واختلاف آراء ذوي الرأي في الحروب وغيرها، مع تقاربه في معرفة الأمور المتعلقة بذلك، ولهذا تستعمل الأمارة في ما كان عقلياً وشرعياً.
ثم قال:
(الفرق) بين الدلالة والعلامة: أن الدلالة على الشيء ما يمكن كل ناظر فيها أن يستدل بها عليه، كالعالَم لما كان دلالة على الخالق، كان دالاًّ عليه لكل مستدل به.
وعلامة الشيء ما يعرف به المُعْلِم له، ومن شاركه في معرفته دون كل واحد، كالحجر تجعله علامة لدفين تدفنه، فيكون دولة لك دون غيرك، ولا يمكن غيرك أن يستدل به عليه، إلا إذا وافقته على ذلك، كالتصفيق تجعله علامة لمجيء زيد، فلا يكون ذلك دلالة إلا لمن يوافقك عليه.
ثم يجوز أن تزيل علامة الشيء بينك وبين صاحبك، فتخرج من أن تكون علامة له. ولا يجوز أن تخرج الدلالة على الشيء من أن تكون دلالة عليه، فالعلامة تكون بالوضع، والدلالة بالاقتضاء.
(الفرق) بين العلامة والآية: أن الآية: هي العلامة الثابتة من قولك: تأييت بالمكان إذا تحبست به وتثبت.
قال الشاعر:
وعلمت أن ليست بدار ثابتة فكصفقة بالكف كان رقادي
أي ليست بدار تحبس وتثبت.
ثم قال:
الفرق بين العلامة والأثر: أن أثر الشيء يكون بعده، وعلامته تكون قبله، تقول: الغيوم والرياح علامة المطر، ومدافع السيول آثار المطر، دلالة عليه، وليس برهانا عليه.
ثم قال:
(الفرق) بين العلامة والسمة: أن السمة ضرب من العلامات مخصوص، وهو ما يكون بالنار في جسد حيوان، مثل سمات الإبل وما يجري مجراها، وفي القرآن {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (1)
وأصلها التأثير في الشيء، ومنه الوسمي، لأنه يؤثر في الأرض أثرا، ومنه الموسم، لما فيه من آثار أهله. و (الوسمة) معروفة، سميت بذلك لتأثيرها في ما يخضب بها.
ثم قال:
الفرق بين الأمارة والعلامة: أن الأمارة هي العلامة الظاهرة، ويدل على ذلك أصل الكلمة، وهو الظهور، ومنه قيل: أمر الشيء إذا كثر، ومع الكثرة ظهور الشأن، ومن ثم قيل:(الأمارة) لظهور الشأن. وسميت المشورة أمارة، لأن الرأي يظهر بها، وائتمر القوم إذا تشاوروا.
ثم قال:
(الفرق) بين العلامة والرسم: أن الرسم هو إظهار الأثر في الشيء ليكون علامة فيه، والعلامة تكون ذلك وغيره، ألا ترى أنك تقول: علامة مجيء زيد تصفيق عمرو، وليس ذلك بأثر.
قلت:
ولمزيد من توثيق حدود هذه الفروق، ننقل بعض ما قاله أئمة اللغة.
قال أبو عبيد (2) في حديث عبد الله- رحمه الله الذي لدغ وهو محرم بالعمرة، فأحصر، فقال عبد الله: ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمار، فإذا ذبح الهدي بمكة، حل هذا.
(1) القلم: 16.
(2)
غريب الحديث، ج: 4، ص: 64- 65.
قال الكسائي: الأمارة: العلامة التي تعرف بها الشيء، يقول: اجعلوا بينكم وبينه يوما تعرفونه لكي لا تختلفوا فيه، وفيه لغتان: الأمار، والأمارة.
قال: وأنشدنا الكسائي (الطويل) :
إذا طلعت شمس النهار فإنها أمارة تسليمي عليك فسلمي
وقال ابن دريد: (1) : الإمارة والأمارة: العلامة.
وقال الأزهري: (2) : يقال: قاف أثره يقوفه قوفا، واقتاف أثره اقتيافا: إذا تبع أثره، ومنه قيل للذي ينظر إلى شبه الولد بأبيه: قائف، وجمعه القافة، ومصدره: القيافة.
وقال الجوهري: (3) : قال الأصمعي: الأمار والأمارة: الوقت والعلامة.
وقال ابن الأثير: (4) : الأمار والأمارة: العلامة، وقيل الأمار جمع الأمارة.
ثم قال (5) : الإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب.
ثم قال: يقال: أومأت إليه، أومئ إيماء، وومأت لغة فيه.
ولا يقال: أوميت، وقد جاءت في الحديث غير مهموزة على لغة من قال في قرأت: قريت. وهمزة الإيماء زائدة وبابها الواو، وقد تكررت في الحديث.
ثم قال: (6) : ق وف: فيه أن مجززا (7) كان قائفا، القائف الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه، والجمع: القافة.
يقال: فلان يقوف الأمر ويقتافه قيافة مثل قفا الأثر واقتفاه.
(1) جمهرة اللغة، ج: 3، ص: 253، ع: 1، ص:3.
(2)
تهذيب اللغة، ج: 9، ص:330.
(3)
الصحاح، ج: 2، ص:582.
(4)
النهاية، ج: 1، ص:67.
(5)
المصدر السابق، ص:81.
(6)
المصدر السابق، ج: 4، ص:121.
(7)
قال ابن الأثير – أسد الغابة، ج:4، ص: 290، ت: 4672: مجزز المدلجي القائف، وهو مجزز بن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج الكناني المدلجي، وإنما قيل له (مجزز) ، لأنها كان كلما أسر أسيرا، جز ناصيته. أنبأنا إبراهيم وغير واحد بإسنادهم، عن أبي عيسى الترمذي، وساق حديث قيافته في تأكيد نسبة أسامة بن زيد إلى أبيه. وقد تقدم الحديث في موضعه من هذا البحث.
هل القرينة بينة؟:
اعتبر فقهاء التشريع الوضعي القرينة من البينات.
قال السنهوري رحمه الله (1) :
البينة لها معنيان:
معنى عام: وهو الدليل، أيا كان، كتابة أو شهادة أو قرائن، فإذا قلنا:(البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر) تعليق: زعم بعضهم أن هذا النص ليس حديثا، وإنما هو من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو زعم غريب، فلو لم يرد بأسانيد مختلفة ولم ينقل إلا عن عمر، لكان اعتباره حديثا موقوفا، أولى، إذ لا يعهد من الصحابة- لا سيما من متحرز كعمر- إطلاق حكم شامل، حاسم، ينسحب على جميع القضايا، دون أن يصدروا فيه عن قول، أو فعل ثابت لديهم، شهدوه أو بلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
على أن هذا النص روي بأسانيد مختلفة، تحدثوا في بعض رجالها، لكن اختلافها وتضافرهم على روايته رواية متحدة اللفظ، وإن اختلفت في بعض مبانيها، واتفاقه على مجموع ما نص عليه القرآن الكريم من وسائل الحكم في القضايا المختلفة بين الناس، يجعل مقولاتهم في بعض رواته، مجردة من كل تأثير في دلالته، وما يستنبط منه من أحكام.
وهذه طرقه:
حديث أبي هريرة، رواه:
الدارقطني - السنن، ج:4، ص: 217- 218، ح: 51- فقال:
حدثنا أبو محمد بن صاعد وأبو بكر النيسابوري وأبو علي الصفار، قالوا: حدثنا عباس بن محمد الدوري، حدثنا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرازي، حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، إلا في القسامة)) .
وابن عدي- الكامل، ج:6، ص: 2312، عند ترجمته لمسلم بن خالد الزنجي- فقال:
حدثنا محمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني، حدثنا عباس بن محمد، فذكره.
وختم ترجمته له بقوله: ولمسلم غير ما ذكرت من الحديث، وهو حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به.
(1) الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج:2، ص: 311، ف:160.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، رواه:
عبد الرزاق- المصنف، ج: 8، ك: البيوع، ب: البيعان يختلفان، وعلى من اليمين؟، ص: 271، ح: 15184- فقال:
أخبرنا ابن جرير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المدعي عليه أولى باليمين إذا لم تكن بينة)) .
والترمذي - الجامع الكبير، ج:3، أبواب الأحكام، ب (12) ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، ص: 18- 19، ح: 1341- فقال:
حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا علي بن مسهر وغيره، عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته:((رد البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه)) .
وتعقبه بقوله:
هذا حديث في إسناده مقال. ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره.
والدارقطني- المصدر السابق، ص: 157، ح: 8- فقال:
حدثنا أبو حامد محمد بن هارون، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، حدثنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
وكرره في - ص:128، ح:53 - فقال:
حدثنا أبو حامد محمد بن هارون، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، ح.
وحدثنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن هشام المروروذي، قالا: حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
و ص: 218، ح: 52- فقال:
حدثنا إبراهيم بن محمد العمري، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الضحاك ومطرف بن عبد الله، قالا: حدثنا مسلم بن خالد، ح
وحدثنا أبو بكر النيسابوري، وأبو علي الصفار، قالا: حدثنا عباس بن محمد، حدثنا مطرف، عن مسلم بن خالد، ح
وحدثنا ابن مخلد، حدثنا إبراهيم بن محمد العتيق، حدثنا مطرف، عن الزنجي بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
والبيهقي – السنن الكبرى، ج: 8، ك: القسامة، ب: أصل القسامة
…
، ص: 123- فقال:
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، ببغداد، أنبأ علي بن محمد المصري، حدثنا عبدة بن سليمان، حدثنا مطرف بن عبد الله، حدثنا الزنجي، فذكره.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا بشر بن الحكم، حدثنا مسلم بن خالد- وهو الزنجي- فذكره بمثله.
وأخرجه في – معرفة السنن والآثار، ج:14، ك: الدعوى، ب (6) القسامة، صِ: 364، ح: 20311- فقال:
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، فذكره.
والبوصيري- إتحاف الخيرة المهرة، ج: 7، ك: الإيمان، ب (8) اليمين على المدعى عليه، ص: 133، ح: 6635- فقال:
وقال أحمد بن منيع، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد، حدثنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
وحديث ابن عباس، رواه:
البيهقي - المصدر السابق، ج: 10، ك:الدعوى والبينات، ب: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، ص: 252- فقال:
وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي، أنبأ محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، في كتابه إلينا، حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه)) .
وأخرجه في – معرفة السنن والآثار، المصدر السابق، ب (1) الدعوى، ص: 349، ح: 20248- طرفا منه، فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا بن أبي اسحاق، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، فذكره.
وحديث عمر، رواه:
الدارقطني - المصدر السابق، ص: 218، ح: 54- فقال:
1-
حدثنا عبد الله بن أحمد بن ربيعة، حدثنا إسحاق بن خالد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن، حدثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن شريح، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه)) .
فإنما نقصد هنا (البينة) بهذا المعنى العام.
2-
معنى خاص: وهو شهادة الشهود دون غيرها من الأدلة، وقد كانت الشهادة في الماضي هي الدليل الغالب، وكانت الأدلة الأخرى من الندرة إلى حد أنها لا تذكر إلى جانب الشهادة، فانصرف لفظ (البينة) إلى الشهادة دون غيرها.
قلت:
رحم الله السنهوري، ما أفقهه وأقدره على التمييز بين مختلف المؤثرات في تحديد معاني المصطلحات.
لا نظن أنه اطلع على (أعلام الموقعين) لابن القيم رحمه الله ولا على غيره من كتبه فمعتمدة غالبا (دليل المحتار) ، لكنه في هذا التعريف، يكاد يكون مظاهر بطريق غير مباشرة لابن القيم. إذ يقول:(1) : (معنى البينة) ، وقوله ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) : (البينة) في كلام الله ورسوله وكلام الصحابة، اسم لكل ما يبين الحق، فهي أعم من (البينة) في اصطلاح الفقهاء، حيث خصوها بالشاهدين، أو الشاهد واليمين، ولا حجر في الاصطلاح ما لم يتضمن حمل كلام الله ورسوله عليه، فيقع بذلك الغلط في فهم النصوص، وحملها على غير مراد المتكلم منها.
(1) أعلام الموقعين، ج: 1، ص:90.
وقد حصل بذلك للمتأخرين أغلاط شديدة في فهم النصوص.
ثم قال:
لم يختص لفظ (البينة) بالشاهدين، بل ولا استعمل في الكتاب فيهما البتة.
ثم قال:
فإن الشارع في جميع المواضع يقصد ظهور الحق بما يمكن ظهوره به من البينات التي هي أدلة عليه وشواهد له، ولا يرد حقا قد ظهر بدليله أبدا، فيضيع حقوق الله وعباده ويعطلها، ولا يقف ظهور الحق على أمر معين لا فائدة في تخصيصه به مع مساواة غيره في ظهور الحق أو رجحانه عليه ترجيحا لا يمكن جحده ودفعه.
ويقول: (1) : فالبينة اسم لكل ما يبين الحق، ومن خصها بالشاهدين، فلم يوف مسماها حقه، ولم تأت (البينة) في القرآن، قط، مرادا بها الشاهدان، وإنما أتت مرادا بها الحجة والدليل والبرهان، مفردة ومجموعة.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((البينة على المدعى)) ، المراد به بيان ما يصحح دعواه، والشاهدان من (البينة) ، ولا ريب أن غيرهما من أنواع البينة، قد تكون أقوى منهما، كدلالة الحال على صدق المدعي، فإنها أقوى من دلالة أخبار الشاهد.
(1) بدائع الفوائد، ج: 3، ص:118.
والبينة، والحجة، والدلالة، والبرهان، والآية، والتبصرة، كالمترادفة، لتقارب معانيها.
والمقصود أن الشارع لم يلغ القرائن ولا دلالات الحال، بل من استقرأ مصادر الشرع ومواده، وجده شاهدا لها بالاعتبار، مرتبا عليها الأحكام.
قلت:
لنا وقفة يسيرة مع هذا الذي قرره ابن القيم رحمه الله لكن قبل ذلك، نسوق ما عرف به المناوي ((1) البينة) من أنها:
الدلالة الواضحة عقلية كانت أو حسية، ومنه سميت شهادة الشاهدين بينة، ذكره الراغب.
وقال الحرالي: (البينة) من القول والكون، ما لا ينازعه منازع بوضوحه.
وقال بعضهم: (البينة) الدلالة الفاصلة بين القضية الصادقة والكاذبه.
وقال بعضهم: (البينة) ما ظهر برهانه في الطبع والعلم والعقل، بحيث لا مندوحة عن شهود وجوده.
(1) التوقيف على مهمات التعاريف، ص:154.
قلت:
وهذه الأقاويل كلها، سواء ما كان منها من فقهاء التشريع الوضعي، وما كان من فقهاء الشريعة الإسلامية، على جلالها وروعتها، قد تكون بحاجة إلى تحرير، فاعتبار القرائن من البينات، لا يمكن قبوله في جميع القضايا، لاسيما في القضايا الجنائية التي ينتج عن قبول القرائن فيها، الحكم بالحدود والمنصوص عليها في القرآن الكريم أو في السنة النبوية، كالجلد والرجم وقطع يد السارق وحد القاذف والسكران.
وما من أحد يجادل في أن النصوص القرآنية والسنية، حاسمة كل الحسم في ضرورة التحري والتثبت قبل البت في هذه القضايا إلى حد النص بدرء الحدود بالشبهات. تعليق: وردت في هذا الشأن أحاديث وآثار، بعضها قد يكون من قبيل الحديث الموقوف.
أما الأحاديث، فرويت عن أبي هريرة وعلي وعائشة.
حديث أبي هريرة، رواه:
ابن ماجة- السنن، ج:2، ك (20) الحدود، ب (5) الستر على المؤمن
…
، ص: 850، ح: 2545- فقال:
حدثنا عبد الله بن الجراح، حدثنا وكيع، عن إبراهيم بن الفضل، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعا)) .
وأبو يعلى – المسند، ج:11، ص: 494، ح: 6618- فقال:
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا وكيع، قال: حدثنا إبراهيم بن الفضل المخزومي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادرؤوا الحدود ما استطعتم)) .
وحديث علي، رواه:
الدارقطني - السنن، ج:3، ك: الحدود والديات وغيره، ص: 84، ح: 9- مرسلا، فقال:
حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن مختار التمار، عن أبي مطر، عن علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ادرؤوا الحدود)) .
وعنه البيهقي – السنن الكبرى، ج:8، ك: الحدود، ب: ما جاء في درء الحدود بالشبهات، ص: 238- فقال:
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني، أنبأ علي بن عمر، فذكره.
وحديث عائشة، رواه:
الترمذي - الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الحدود، ب (2) ما جاء في درء الحدود، ص: 94- 95، ح: 1424- فقال:
حدثنا عبد الرحمن بن الأسود أبو عمرو البصري، قال: حدثنا محمد بن ربيعة، قال: حدثنا يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج، فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة)) .
- ح: 1424 (م) -:حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن يزيد بن زياد نحو حديث محمد بن ربيعة، ولم يرفعه.
وتعقبه بقوله:
وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو.
حديث عائشة لا نعرفه مرفوعا، إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه وكيع، عن يزيد بن زياد، نحوه، ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح.
وقد روي نحو هذا من غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم قالوا مثل ذلك.
ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث، ويزيد بن أبي زياد الكوفي أثبت من هذا وأقدم.
والدارقطني- المصدر السابق، ح:8- فقال:
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا محمد بن ربيعة، ح
وحدثنا إبراهيم بن حماد، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الشامي، فذكره.
والحاكم- المستدرك، ج: 4، ك: الحدود، ص: 384- فقال:
أخبرنا القاسم بن القاسم السياري، أنبأ أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد الأشجعي، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي في (التلخيص) بقوله: صحيح.
وعنه البيهقي - المصدر السابق- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا وكيع، عن يزيد، فذكره.
والبيهقي- المصدر السابق،- فقال:
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث، قالا: أنبأ علي بن عمر الحافظ،حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا محمد بن ربيعة، ح
وأخبرنا عبد الواحد بن محمد بن إسحاق بن النجار، بالكوفة، أنبأ أبو الحسن علي بن شقير بن يعقوب، أنبأ أبو جعفر أحمد بن عيسى بن هارون العجلي، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، أنبأ الفضل بن موسى، كلاهما عن يزيد بن زياد، فذكره.
والخطيب- تاريخ بغداد، ج:5، ص: 331، عند ترجمته لمحمد بن سيما الحنبلي، ت: 2856- فقال:
حدثنا أبو نعيم - إملاء- حدثنا محمد بن الفتح الحنبلي، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا محمد بن ربيعة، حدثنا يزيد بن زياد الدمشقي، فذكره.
وأما الآثار، فرويت عن عمر وعائشة وابن مسعود ومعاذ وعقبة بن عامر (من الصحابة) وإبراهيم النخعي والزهري (من التابعين) .
أثر عمر، رواه:
عبد الرزاق - المصنف، ج:7، ك:الطلاق، ب: إعفاء الحد، ص: 402، أثر: 13641- فقال:
عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب، قال:
ادرؤوا الحدود ما استطعتم.
وأثر عائشة، رواه:
ابن أبي شيبة - الكتاب المصنف، ج:9، ك: الحدود، ب (1459) في درء الحدود بالشبهات، ص: 569- 570، أثر: 8551- فقال:
حدثنا وكيع، عن يزيد بن زياد البصري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإذا وجدتم للمسلم مخرجا، فخلوا سبيله، فإن الإمام إذا أخطأ في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة.
وأثر ابن مسعود، رواه:
عبد الرزاق- المصدر السابق، أثر: 13640 – فقال:
عن الثوري ومعمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال ابن مسعود: ادرؤوا الحدود والقتل عن عباد الله ما استطعتم.
وابن أبي شيبة- المصدر السابق، ص: 567، أثر: 8547- فقال:
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: ادرؤوا القتل والجلد عن المسلمين ما استطعتم.
والطبراني- المعجم الكبير، ج:9، ص: 192، أثر: 8947- فقال:
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا المسعودي، عن القاسم، فذكره.
والبيهقي- المصدر السابق- فقال:
أخبرنا أبو حازم الحافظ، أنبأ أبو الفضل بن خميرويه، أنبأ أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أنبأ عبيدة، عن إبراهيم، قال: قال ابن مسعود:ادرؤوا الحدود ما استطعتم، فإنكم إن تخطئوا في العفو، خير من أن تخطئوا في العقوبة، وإذا وجدتم لمسلم مخرجا، فادرؤا عنه الحد.
وابن أبي شيبة- المصدر السابق، ص: 566- 567، أثر:8543- فقال:
حدثنا عبد السلام، عن إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، أن معاذا وعبد الله بن مسعود، وعقبة بن عامر، قالوا: إذا اشتبه عليك الحد، فادرأه.
وعنه البيهقي - المصدر السابق- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، فذ كره.
والدارقطني- المصدر السابق، أثر: 10- فقال:
حدثنا محمد بن عبد الله بن غيلان، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا عبد السلام بن حرب، فذكره.
وأثر إبراهيم النخعي، رواه:
ابن أبي شيبة - المصدر السابق، ص: 567، أثر: 8545- فقال:
حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يقولون: ادرؤوا الحدود عن عباد الله ما استطعتم.
وأثر الزهري، رواه:
ابن أبي شيبة- المصدر السابق، أثر: 8546- فقال:
حدثنا عبد الأعلى، عن برد، عن الزهري. قال: ادفعوا الحدود بكل شبهة.
وانظر البيهقي- معرفة السنن والآثار، ج:12، ص: 323- 328-.
ولعل أبرز مثال للالتزام بذلك ما فعله عمر رضي الله عنه في القصة المشهورة للمغيرة بن شعبة، وكيف تحرج لدرء الحد عنه، حتى اضطره ذلك إلى الحكم بحد القذف على ثلاثة من الصحابة، كما أخرج عبد الرزاق واللفظ له من إحدى رواياته- من طرق (1) وابن أبي شيبةو (2) والبخاري (3) تعليقا،
(1) المصنف، ج:7، ص: 384، أثر: 13564- فقال: عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، قال: شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا، ونكل زياد، فحد عمر الثلاثة، وقال لهم: توبوا تقبل شهادتكم، فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة، فكان لا يقبل شهادته، وأبو بكرة أخو زياد لأمه، فلما كان من أمر زياد ما كان، حلف أبو بكرة أن لا يكلم زيادا أبدا، فلم يكلمه حتى مات. - أثر: 13565-: عن محمد بن مسلم، قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن ابن المسيب، قال: شهد على المغيرة أربعة بالزنا، فنكل زياد، فحد عمر الثلاثة، ثم سألهم أن يتوبوا، فتاب اثنان، فقبلت شهادتهما، وأبى أبو بكرة أن يتوب، فكانت لا تجوز شهادته، وكان قد عاد مثل النصل من العبادة حتى مات.
(2)
الكتاب المصنف، ج: 10، ك:الحدود، ب (1514) في الشهادة على الزنا، ص: 91، أثر: 8871- فقال: حدثنا ابن علية، عن التيمي، عن أبي عثمان، وساق الأثر.
(3)
الصحيح، ج:2، ك (86) الشهادات، ب (8) شهادة القاذف والسارق والزاني، ص:800.
ووصله ابن حجر في التعليق (1) والطبراني، (2) والطبري (3) من طرق،
(1) ج: 3، ص:377.
(2)
المعجم الكبير، ج: 7، ص: 311، أثر: 7227- فقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، فذكره.
(3)
تاريخ الرسل والملوك، ج: 4، ص: 69- 70- فقال: وحدثني محمد بن يعقوب بن عتبة، عن أبيه، قال: كان أي المغيرة بن شعبة يختلف إلى أم جميل، امرأة من بني هلال، وكان لها زوج هلك قبل ذلك من ثقيف، يقال له الحجاج بن عبيد، فكان يدخل عليها، فبلغ ذلك أهل البصرة، فأعظموه، فخرج المغيرة يوما من الأيام حتى دخل عليها وقد وضعوا عليها الرصد، فانطلق القوم الذين شهدوا جميعا، فكشفوا الستر، وقد واقعها. فوفد أبو بكرة إلى عمر، فسمع صوته وبينه وبينه حجاب، فقال، فقال: أبو بكرة؟ قال: نعم، قال: لقد جئت لشر، قال: إنما جاء بي المغيرة، ثم قص عليه القصة، فبعث عمر أبا موسى الأشعري عاملا، وأمره أن يبعث إليه بالمغيرة، فأهدى المغيرة لأبي موسى عقيلة، وقال: إني رضيتها لك، فبعث أبو موسى بالمغيرة إلى عمر. قال الواقدي: وحدثني عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: حضرت عمر حين قدم بالمغيرة، وقد تزوج امرأة من بني مرة، فقال له: إنك لفارغ القلب، طويل الشبق، فسمعت عمر يسأل المرأة، فقال: يقال لها الرقطاء، وزوجها من ثقيف، وهو من بني هلال.
والبيهقي وتعليق: السنن الكبرى، ج: 8: ص: 234- 235 – فقال:
أنبأني أبو عبد الله الحافظ- إجازة- أنبأ أبو الوليد، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن قسامة بن زهير، قال: لما كان من شأن أبي بكرة والمغيرة الذي كان. وذكر الحديث، قال: فدعا الشهود، فشهد أبو بكرة وشبل بن معبد وأبو عبد الله نافع، فقال عمر رضي الله عنه حين شهد هؤلاء الثلاثة، شق على عمر شأنه، فلما قام زياد، قال: إن تشهد إن شاء الله إلا بحق، قال زياد: أما الزنا فلا أشهد به، ولكن قد رأيت أمرا قبيحا، قال عمر: الله أكبر، حدوهم، فجلدوهم، قال: فقال أبو بكرة بعدما ضربه: أشهد أنه زان، فهم عمر رضي الله عنه أن يعيد عليه الحد، فنهاه علي- رضي الله عنه وقال: إن جلدته فارجم صاحبك، فتركه ولم يجلده.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب، أنبأ سعيد، عن قتادة، أن أبا بكرة ونافع بن الحارث بن كلدة، وشبل بن معبد شهدوا على المغيرة بن شعبة أنهم رأوه يولجه ويخرجه، وكان زياد رابعهم وهو الذي أفسد عليهم، فأما الثلاثة فشهدوا بذلك، فقال أبو بكرة: والله لكأني بأثر جدري في فخذها، فقال عمر رضي الله عنه حين رأى زيادا: إني لأرى غلاما كيسا لا يقول إلا حقا ولم يكن ليكتمني شيئا، فقال زياد: لم أر ما قال هؤلاء، ولكني قد رأيت ريبة وسمعت نفسا عاليا، قال: فجلدهم عمر- رضي الله عنه وخلى عن زياد.
وأنبأني أبو عبد الله الحافظ، إجازة أبو الوليد، حدثنا ابن بنت أحمد بن منيع، حدثنا عبد الله بن مطيع، عن هشيم، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة، فذكر قصة المغيرة، قال: فقدمنا على عمر رضي الله عنه فشهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد، فلما دعا زيادا قال: رأيت أمرا منكرا، قال: فكبر عمر- رضي الله عنه ودعا بأبي بكرة وصاحبيه فضربهم، قال: فقال أبو بكرة يعني بعدما حده: والله إني لصادق، وهو فعل ما شهد به، فهم عمر بضربه،فقال علي: لئن ضربت هذا فارجم ذاك. والهيثمي. (1)
(1) بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد، ج: 6، ص: 434، أثر: 10687- فقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظروا إلى المرود في المكحلة، قال: فجاء زياد، فقال عمر: جاء رجل لا يشهد إلا بالحق، قال: رأيت مجلسا قبيحا وانبهارا، قال: فجلدهم عمر الحد.
مع أن شهادة الأربعة، وإن اختلف في بعض مواصفاتها أحد الشهود، تعلو عن أن تكون مجرد قرينة.
والذي نميل إليه وندين لله به، أن البينة هي الدليل القاطع الذي لا سبيل إلى الغمز فيه، شهادة كان أو وثيقة أو يمينا، أو تلبسا، أو إقرارا.
وما عدا ذلك، لا يمكن اعتباره دليلا قاطعا، وإنما هو دليل ظني، قد تتفاوت مراتبه الظنية بتفاوت أنواعه، لكنه يظل دليلا ظنيا يجمع أنواعه لفظ القرينة، كالفراسة والقيافة والتوسم وما شاكل ذلك.
وهذا ملحظ دقيق قد لا يهتدي إليه العالم مهما اتسع علمه رواية، ودراية، إذا لم يملك مع سعة علمه عقلا ذكيا، وبصيرة مميزة، يستطيع بهما التوفيق بين مفاهيم النصوص، ومقتضيات الأحوال، توفيقا ييسر له الجمع بين وظيفة الإفتاء ووظيفة القضاء.
الفقه نوعان:
قال ابن القيم رحمه الله: (1) فههنا نوعان من الفقه، لابد للحاكم منهما، فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع، وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطابق بين هذا وهذا فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفا لواقع.
قلت:
وهذا المعنى البديع الذي عبر عنه ابن القيم رحمه الله هو الذي يوضح ما التبس على بعضهم من حديث ((أقضاكم علي)) وتعليق: هذا جزء من حديث، أخرجه ابن ماجه في السنن، ج: 1، المقدمة، ب (11) في فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ص: 55، ح: 154- عن أنس بن مالك، فقال:
حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح)) .
(1) الطرق الحكمية، ص:7.
أخرج منه طرفا: ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن أبي عاصم وأبو يعلى (أطرافا) والحاكم وأبو نعيم والبغوي، ومطولا: الطيالسي وأحمد والترمذي والنسائي والطحاوي وابن حبان والحاكم وأبو نعيم والبيهقي والبغوي من طرق مختلفة، وسنحيل على طرقه بعد قليل.
والحاكم- معرفة علوم الحديث، ص: 114- في النوع السابع والعشرين من علوم الحديث:
(والجنس الثاني من علل الحديث) : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، عن سفيان - هو الثوري - عن خالد الحذاء أو عاصم- هو الأحول – عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإن لكل أمة أمين وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة)) .
وأبو يعلى – المسند، ج:10، ص: 141، ح:5763- عن ابن عمر، قفال:
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرأف أمتي أبو بكر، وأشدهم في الإسلام عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح)) .
وعنه ابن عساكر- تاريخ دمشق، المجلد الخاص بعثمان بن عفان رضي الله عنه، ص: 89 (آخر الجزء 325) - فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الخلال، أخبرنا إبراهيم بن منصور، أخبرنا أبو بكر المقرئ، أخبرنا أبو يعلى، فذكره.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد السنجي وأبو محمد بختيار بن عبد الله الهندي، قالا: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد، أنبأ أبو علي الحسن بن إبراهيم بن شاذان، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا عمر بن أيوب السقطي، حدثنا أبو معمر القطيعي، حدثنا هشيم، حدثنا كوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في الله عمر، وأكرمهم حياء عثمان بن عفان، وأقضاهم علي)) .
وتعقبه بقوله:
قال أبو جعفر: لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا كوثر بن حكيم.
ووكيع- أخبار القضاة، ج:1، ص: 88- فقال:
اخبرني محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فياض، قال: حدثنا محمد بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقضى أمتي علي)) .
والطبراني- المعجم الصغير (الروض الداني)، ج:1، ص: 335، ح: 556- عن جابر بن عبد الله، فقال:
حدثنا علي بن جعفر الملحي الأصبهاني، حدثنا محمد بن الوليد العباسي، حدثنا عثمان بن زفر، حدثنا مندل بن علي، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأرفق أمتي لأمتي عمر بن الخطاب، وأصدق أمتي حياء عثمان، وأقضى أمتي علي بن أبي طالب، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، يجئ يوم القيامة أمام العلماء برتوة، وأقرأ أمتي أبي بن كعب، وأفرضها زيد بن ثابت، وقد أوتي عويمر عبادة- يعني أبا الدرداء رضي الله عنهم أجمعين)) .
وتعقبه بقوله:
لم يروه عن ابن جريج إلا مندل.
وعنه أبو نعيم الأصبهاني - ذكر أخبار أصبهان، ج: 2، ص: 13- فقال:
حدثنا سليمان بن أحمد، فذكره.
والعقيلي- كتاب الضعفاء الكبير، ج: 2، ص: 159- عن أبي سعيد الخدري، قال:
حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا سلام، قال: حدثنا زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم هذه الأمة بأهلها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأقرؤهم لكتاب الله- عز وجل – أبي بن كعب، وأبو هريرة وعاء من العلم، وسلمان علم لا يدرك، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وما أظلت الخضراء، ولا أقلت البطحاء، أو قال الغبراء، من ذي لهجة أصدق من أبي ذر)) .
وتعقبه بقوله:
لا يتابع علي هذه الأحاديث، والغالب علي حديثه الوهم والكلام كله معروف بغير هذه الأسانيد ثابتة جياد.
ووكيع في – المصدر السابق- عن شداد بن أوس، فقال:
حدثنا السري بن عاصم أبو سهل، قال: حدثنا بشر بن زاذان أبو أيوب، قال: حدثنا عمر بن الصبح، عن بريد بن عبد الله، عن مكحول، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقضى أمتي علي)) .
ورواه عبد الرزاق من طريق قتادة وأبي قلابة، وسعيد بن منصور من طريق قتادة، كلاهما مرسل.
قال عبد الرزاق- المصنف، ج: 11، ب: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ص: 225، ح:20387:
عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي قلابة، قال معمر: وسمعت قتادة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ، وأقرؤهم أبي، وأفرضهم زيد)) . قال قتادة في حديثه: ((وأقضاهم علي)) .
وقال سعيد بن منصور - السنن، ج: 1، ص: 28، ح: 4-:
حدثنا محمد بن ثابت العبدي. قال: حدثنا قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم وأرقهم في أمر الله عمر، وأشدهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب)) . وكان يقال: ((أعلمهم بالقضاء علي)) .
وقد أشرنا آنفا إلى من أخرج من هذا الحديث طرفا، أو أخرجه مطولا، لكن ليس في ما أخرجوه ((أقضاهم علي)) ، وهذه أسانيدهم نسوقها تبيانا لمدى استفاضة هذا الحديث بتمامه أحيانا، وبأطراف منه أحيانا أخرى.
قال الطيالسي - المسند، ص: 281، ح: 2096-:
حدثنا وهيب، عن خالد، وساقه مطولا.
وعنه رواه الضياء المقدسي في- الأحاديث المختارة، ج: 6، ص: 225- 226، ح: 2240- مطولا، فقال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني- بأصبهان- أن أبا علي الحسن بن أحمد الحداد، أخبرهم- وهو حاضر- أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، أنبأنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن أحمد بن فارس، أنبأنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، وذكره مطولا.
وقال أحمد- المسند، ج:20 (طبع مؤسسة الرسالة)، ص: 252، ح: 12904-:
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وقال- ج: 21، ص: 405- 406، ح: 13990-:
حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا خالد الحذاء، وذكره مطولا.
وقال الترمذي - الجامع الكبير، أبواب المناقب، ب (106) مناقب معاذ بن جبل
…
، ص: 127- 128، ح: 3790-:
حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن داود العطار، عن معمر، وذكره مطولا.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث قتادة، إلا من هذا الوجه. وقد رواه أبو قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، والمشهور حديث أبي قلابة.
- ح: 3791-: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، قال: حدثنا خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن صحيح.
وقاله النسائي - السنن الكبرى، ج: 5، ك (76) المناقب، ب (46) زيد بن ثابت- رضي الله عنه، ص: 78، ح: 8287/1:
أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، قال: أخبرنا خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وقال الطحاوي- شرح مشكل الآثار، ج:2، ص/ 279، ح:808-:
حدثنا ابن مروزق، حدثنا عفان، حدثنا وهيب بن خالد، حدثنا خالد الحذاء وذكره مطولا.
وقال ابن حبان - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 16، ك (61) إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة، ص: 74، ح: 7131-:
أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البتي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وقال- ص: 85- 86، ح:7137-:
أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن خالد بن عبد الله ومحمد بن بشار وأبو موسى، قالوا حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد وذكره مطولا.
وقال- ص: 238، ح: 7252-:
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وقال الحاكم- المستدرك، ج:3، ك: معرفة الصحابة، ص: 422-:
حدثنا علي بن حمشاذ العدل، حدثنا أبو المثنى ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، وساقه مطولا.
وعنه البيهقي - السنن الكبرى، ج: 6، ك: الفرائض، ب: ترجيح قول زيد بن ثابت
…
، ص: 210- قال:
حدثنا أبو عبد الله الحافظ، وساق بداية الحديث، وقال: ثم ذكر ما بعده بمعناه.
وقال أبو نعيم - حلية الأولياء، ج: 3، ص: 122-:
حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، قال: حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن خالد، وذكره مطولا.
وقال البيهقي - المصدر السابق-:
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل – ببغداد – أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو البختري الرزاز، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان بن سعيد، عن خالد وعاصم، وذكره مطولا.
أخبرنا أبو طاهر الفقية، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي، حدثنا أبو قلابة، حدثنا عفان وسهل بن بكار، قالا: حدثنا وهيب، عن خالد، وذكره مطولا.
وقال البغوي- شرح السنة، ج: 14، ك: فضائل الصحابة، ب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ص: 131- 132، ح: 3930-:
حدثنا محمد بن أحمد التميمي، أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان، أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي، أخبرنا قطبة بن العلاء، أخبرنا سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، وساقه مطولا.
ورواه الضياء المقدسي في – الأحاديث المختارة، ج:6، ص: 226- 227، ح: 2241- مطولا فقال:
وأخبرنا أبو عبد الله إسماعيل بن علي بن علي القطان- ببغداد- أن أبا غالب أحمد بن الحسن بن البناء أخبرهم- قراءة عليه- أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله، حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتابي، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري، حدثنا محمد بن إسحاق وعباس بن محمد وأبو أمية، قالوا: حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان، عن خالد وعاصم، وساقه مطولا.
- ح: 2242: وأخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، أن زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم، أنبأنا أبو نصر- هو عبد الرحمن بن علي بن موسى- حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين الحسيني، أنبأنا عبد الله بن محمد الشرقي، حدثنا عبد الله بن هاشم الطوسي، حدثنا وكيع بن الجراح، حدثنا سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، وذكره مطولا.
-
وقال ابن أبي شيبة - الكتاب المصنف، ج: 12، ك:الفضائل، ب (2060) ما ذكره في أبي بكر الصديق- رضي الله عنه ص: 8، ح: 11980-:
حدثنا ابن علية، عن خالد، وساق طرفا منه.
وعنه مسلم - الصحيح، ج:4، ك (44) فضائل الصحابة، ب (7) فضائل أبي عبيدة بن الجراح- رضي الله تعالى عنه-، ص: 1881، ح: 2419- قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وساق طرفا منه.
وأبو يعلى – المسند، ج: 5، ص: 190، ح: 2808-:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة، وذكر طرفا منه.
و ص: 197، ح: 2815-:
حدثنا أبو خيثمة وأبو بكر بن أبي شيبة، وساق طرفا منه.
وقال البخاري - الصحيح، ج: 3، ك (62) الفضائل، ب (21) مناقب أبي عبيدة بن الجراح- رضي الله عنه، ص: 1150، ح:3744-:
حدثنا عمرو بن علي، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا خالد، وذكر طرفا منه.
وقال ابن أبي عاصم- كتاب السنة، ج: 2، ب (200) في فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه ص: 587- 588، ح: 1281:
حدثنا الحسن بن سهل، حدثنا وكيع وأبو اليمان، عن سفيان، عن خالد، وساق طرفا منه.
-ح: 1282-: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن خالد وعاصم، وذكر طرفا منه.
-ح: 1283: حدثنا محمد بن علي ميمون، حدثنا سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الخطاب، حدثنا مصعب بن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، وذكر طرفا منه.
وقال أبو يعلى – المصدر السابق، ج: 6، ص: 42، ح: 3287-:
حدثنا هدبة وحوثرة،قالا: حدثنا حماد، وساق طرفا منه.
و ص: 228- 229، ح:3515- قال:
حدثنا زهير، حدثنا عفان، حدثنا حماد، وذكر طرفا منه.
و ص: 270، ح: 3574- قال:
حدثنا صالح بن مالك أبو عبد الله، حدثنا عبد الرزاق بن عمر الثقفي، وساق طرفا منه.
وقال الحاكم- المصدر السابق، ج:4، ك: الفرائض، ص: 335-:
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وأبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر الإمام، حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا خالد الحذاء، وساق طرفا منه.
وقال أبو نعيم - المصدر السابق، ج:1، ص: 228:
حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا وهيب، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه، ح
وحدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن خالد وعاصم، وذكر طرفا منه.
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن أبي عوف، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا عمر بن عبيد، عن عمران، وساق طرفا منه.
و ج: 7، ص: 175- قال:
حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي،حدثنا سليمان بن حرب، ح
وحدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم بن إبراهيم، ح
وحدثنا أبو بكر الطلحي، حدثنا أبو الحريش الكلابي،حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة، حدثنا الحكم بن عبد الله أبو النعمان، قالوا: حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، وذكر طرفا منه.
حدثنا محمد بن عمرو بن سلم الحافظ، حدثنا علي بن الحسن بن سليمان، حدثنا عبد الله بن سلام أبو همام، حدثنا أبو علي الحنفي، حدثنا شعبة، عن عاصم، وذكر طرفا منه.
حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الزبيري، حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني، حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، وساق طرفا منه.
حدثنا محمد بن هارون البيع، حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، وذكر طرفا منه.
وقال البغوي- المصدر السابق، ص: 130، ح: 3928-:
حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان، أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا بشر بن عمر وسهل بن بكار، قالا: حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، وساق طرفا منه.
وقد تكلموا في بعض أسانيد هذا الحديث كلاما لا يؤثر في دلالته، لأن الضعيف منها بالضعيف مثله يتقوى، فضلا عن أن ابن ماجه وصل حديث أنس، وفيه (أقضاهم علي) بسند كالذهب المصفى، لا سبيل إلى الغمز في أحد منهم، وابن ماجه نفسه ثقة لا سبيل إلى تجريحه، فما ينفرد بروايته إدراجا عن ثقات من نوع محمد بن المثنى وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وخالد الحذاء وأبي قلابة، أقوى من مجرد أن يقال فيه (يقبل) .
قال ابن عبد البر - الاستيعاب على هامش الإصابة، ج: 1، ص: 7- 9:
وفي ما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقرئ، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأخبرنا به أبو عثمان سعيد بن عثمان، قال: حدثنا أحمد بن دحيم، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة العامري، بالكوفة، قال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبو يحيى الحماني، قال: حدثنا أبو سعد الأعور- يعني البقال- وكان مولى لحذيفة، قال: حدثنا شيخ من الصحابة يقال له أبو محجن أو محجن بن فلان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أرأف أمتي بأمتي أبو بكر وأقواها في أمر الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأقضاها علي، وأفرضها زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)) .
وروى عفان بن مسلم، قال: حدثنا شعبة ووهيب، واللفظ لحديث وهيب، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر)) ، فذكر مثله، إلا أنه لم يذكر ((وأقضاهم علي)) .
وروى حماد بن زيد، عن عاصم،عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((أرحم الناس بالناس- أو قال: أرحم أمتي بأمتي- أبو بكر)) ، فذكر مثله سواء، إلى آخره.
وروى يزيد بن هارون، قال: حدثنا مسلم بن عبيد، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علي أقضى أمتي، وأبي أقرؤهم، وأبو عبيدة أمينهم)) ، وذكر الحلواني، عن يزيد بن هارون.
وروي عن عمر- رحمه الله من وجوه: ((علي أقضانا، وأبي أقرؤنا)) .
وقد أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا سلام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأبو هريرة وعاء للعلم- أو قال: وعاء العلم- وعند سلمان علم لا يدرك، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر)) .
وقال- ص: 50:
وروي من حديث أبي قلابة، عن أنس، ومنهم من يرويه مرسلا- وهو الأكثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأقواهم على دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان،وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)) .
وكان يعتمد من هذا الحديث الطرف الذي ذكر فيه كل واحد من هؤلاء حين يترجم له.
ورواه ابن سعد من طريق عفان بن مسلم أطرافا، انظر مثلا- الطبقات، ج:2، ص: 341، وج: 3، ص: 176، وص: 498- 499، وص: 58-.
ولهذا الحديث شاهد من أثر عن عمر، اعتبره البخاري حديثا أو في قوة الحديث، وهذا طرقه:
قال البخاري- المصدر السابق، ج: 3، ك (68) التفسير، ب (7) قوله:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} ، ص: 1354، ح:4481:
حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر- رضي الله عنه: أقرؤنا أبي، وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبي، وذاك أن أبيا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} .
وقال النسائي - المصدر السابق، ج: 6، ك (82) التفسير، ب (11) قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} ، ص: 289، ح: 10995/1:
أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر: أقرؤنا أبي، وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبي، وذلك أنه يقول: لا تدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} .
وقال ابن سعد- الطبقات الكبرى، ج:2، ص: 339- 340:
أخبرنا خالد بن مخلد البجلي، قال: حدثني يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي، عن علي بن محمد بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا.
أخبرنا يعلى بن عبيد وعبد الله بن نمير، قالا: أخبرنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خطبنا عمر، فقال: علي أقضانا وأبي أقرؤنا، وإنا لنترك أشياء مما يقول أبي، إن أبيا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أدع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل بعد أبي كتاب.
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، قال: أخبرنا شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن مليكة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: أقضانا علي وأقرؤنا أبي.
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم، أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لنرغب عن كثير من لحن أبي.
أخبرنا عبد الله بن نمير، أخبرنا إسماعيل، عن سعيد بن جبير، قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا.
أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي، أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، قال: كان عمر يقول: علي أقضانا للقضاء، وأبي أقرؤنا للقرآن.
وقال وكيع - المصدر السابق-:
حدثنا محمد بن إشكاب، قال حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن مليكة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: أقضانا علي.
حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا خلف بن الوليد، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال قال عمر: علي أقضانا.
و ص: 88- 89:
حدثنا أحمد بن موسى الحرامي، قال: حدثنا عمر بن طلحة، قال: حدثنا أسباط،عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: علي أقضانا.
أخبرنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا يزيد بن عبد الملك، عن علي بن محمد بن ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال عمر: علي أقضانا.
وقال الطبراني - المعجم الأوسط، ج:8، ص: 351، ح: 7717:
حدثنا محمد بن عيسى بن السكن، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال:حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: سمعت عمر يقول: أقضانا علي، وأبي أقرؤنا.
وتعقبه بقوله:
لم يرو هذا الحديث عن أبي فروة إلا عبد الواحد بن زياد.
وقال الحاكم- المصدر السابق، ج:3، ك: معرفة الصحابة،ص: 305-:
أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا معاذ بن نجدة القرشي، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان، قال: حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر- رضي الله عنه – علي أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لندع بعض ما يقول أبي، وأبي يقول: أخذت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدعه، وقد قال الله تبارك وتعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} .
وقال البيهقي - دلائل النبوة، ج:7، ص: 155:
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي أقضانا، وأبي بن كعب أقرؤنا، وإنا لندع كثيرا مما يقول أبي، وأبي يقول: أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أدعه لشيء، والله عز وجل يقول:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} .
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قال: أخبرنا أبو أحمد حمزة بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه – فذكره.
وقال المزي في تهذيب الكمال، ج:2، ص: 266- 267، عند ترجمته لأبي بن كعب، ت: 279:
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال عمر بن الخطاب، علي أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لندع بعض ما يقول أبي، وأبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فلن أدعه لقول أحد، وقد نزل بعد أبي قرآن كثير، والله يقول: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا
…
} الآية.
وقال- المصدر السابق، ج:20، ص 485، عند ترجمته لعلي بن أبي طالب، ت:4089:
وقال عمر رضي الله عنه: علي أقضانا وأبي أقرؤنا.
وقد روي عن ابن مسعود وأبي هريرة ما يشبهه.
قال ابن سعد- المصدر السابق، ص: 338- 339:
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم وعمرو بن الهيثم أبو قطن، قالا: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نتحدث أن من أقضى أهل المدينة، ابن أبي طالب.
أخبرنا عبد الله بن نمير الهمداني، أخبرنا إسماعيل، عن أبي إسحاق، أن عبد الله كان يقول: أقضى أهل المدينة ابن أبي طالب.
وقال الحاكم- المصدر السابق، ص: 135:
اخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهمدان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة، علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
وقال وكيع - المصدر السابق، ص: 90:
أخبرني داود بن يحيى الدهقان، قال: حدثنا أزهر بن جميل، قال: حدثنا أبو بحر، عن ميمون بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن خيثمة، قال: قال أبو هريرة،أقضى أهل المدينة علي.
من الغريب أن يقع ابن تيمية رحمه الله -وهو من هو دراية ورواية في هذا الالتباس، قال:(1) وأما قوله: يعني ابن المطهر الرافضي الذي وضع المنهاج في الرد عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقضاكم علي)) والقضاء يستلزم العلم والدين. فهذا الحديث لم يثبت وليس له إسناد تقوم به الحجة، وقوله:((أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل)) أقوى إسنادا منه. والعلم بالحلال والحرام ينتظم القضاء أعظم مما ينتظم للحلال والحرام، وهذا الثاني قد رواه الترمذي وأحمد، والأول لم يروه أحد في السنن المشهورة.
قلت:
سبحان الله، أليس ابن ماجه من أهل الكتب الستة عند الجمهور وإن قد اختار بعضهم الدارمي بدلا منه.
ثم قال:
ولا المسانيد المعروفة لا بإسناد صحيح ولا ضعيف.
قلت:
سبحان الله، نظن أن مصنف عبد الرزاق ومسند سعيد بن منصور ومسند أبي يعلى الموصلي والمعجم الصغير للطبراني من الأسانيد المشهورة، وعن هذه وغيرها استفاض هذا الحديث (2) سواء كانت عند هؤلاء بأسانيد صحيحة أم ضعيفة فهي موجودة فيها؟!.
ثم قال:
وإنما يروى من طريق من هو معروف بالكذب، وقول عمر:((وعلي أقضانا)) (3)
إنما هو في فصل الخصومات في الظاهر مع جواز أن يكون في الباطن بخلافه.
قلت:
سبحان الله، لا أظن أحدا يجرؤ على أن يتهم بالكذب محمد بن المثنى وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وخالد الحذاء وأبا قلابة، فضلا عن أنس بن مالك، وعن هؤلاء رواه ابن ماجه وغيره.
(1) منهاج السنة، ج: 7، ص: 512- 513، وانظر مجموع الفتاوى، ج: 4، ص: 408- 409.
(2)
انظر التعليق السابق، رقم (58) .
(3)
انظر تخريجه في التعليق رقم 58.
وقد بينت الوقائع العديدة أن عليا رضي الله عنه وهب من التوسم والفراسة ما قل أن وهب غيره مثله، وكان لذلك يقضي، وعمر رضي الله عنه حاضر، وربما نقض قضاء عمر فلا ينكر عليه عمر ولا أحد من الصحابة، أليس هذا تسليم بأنه أقضاهم.
على أنه ليس في الحديث تفضيل بعض الصحابة على بعض كما يوهم كلام ابن تيمية، وإنما هو تمييز مواهب كل واحد منهم عن مواهب الآخر، وبيان للخصائص التي أكرمهم الله بها، بيانا قد يكون فيه بعض الإيحاء إلى ما ينبغي أن يضطلع به كل واحد منهم من مهام ومسؤولية المجتمع الإسلامي الناشيء، وأن يصار به إلى كل واحد منهم عند الحاجة، وأن يرجح به رأي كل واحد منهم إن اختلف مع صاحب له أو معهم جميعا في ما هو من اختصاصه، وقد أشار لذلك ابن عبد البر رحمه الله (1) فقال: فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه بفضائل خص كل واحد منهم بفضيلة وسمة بها، وذكره فيها، ولم يأت عنه- عليه السلام أنه فضل منهم واحد على صاحبه بعينه من وجه يصح، ولكنه ذكر من فضائلهم ما يستدل به على مواضعهم ومنازلهم من الفضل والدين والعلم، وكان صلى الله عليه وسلم أحلم وأكرم معاشرة، وأعلم بمحاسن الأخلاق، من أن يواجه فاضلا منهم بأن غيره أفضل منه، فيجد من ذلك في نفسه، بل فضل السابقين منهم وأهل الاختصاص به على من لم ينل منازلهم، فقال لهم:((لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه))
(1) الاستيعاب، ج: 1، ص:(18) .
تعليق: هذا الحديث روي من طرق عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه – لكنه عن أبي هريرة في رواية عند مسلم والنسائي وابن ماجه من الستة. وقد أطال المزي في تحفة الأشراف، ج: 3، ص: 342- 343- وابن حجر – فتح الباري، ج:7، ص: 28- 29- في بذل أقصى ما يمكن من جهد لإثبات أن روايته عن أبي هريرة وهم، وحاول المزي توقيرا لمسلم أن يقصر وهم مسلم في روايته له عن أبي هريرة على أنه ليس في حفظه، ولكن انساق إليه قلمه وهو يكتب لما علق بذهنه من كثرة روايات أبي صالح عن أبي هريرة، كما ذكر أن أحد رواة سنن ابن ماجه ذكر أبا سعيد بدلا من أبي هريرة في رواية ابن ماجة، ولست أدري لماذا كل هذا الجهد الذي يبذله المزي وابن حجر، وهما يسلمان كما يسلم غيرهما أن أبا صالح روى عن أبي هريرة كما روى عن أبي سعيد، وربما كان أكثر رواية عن أبي هريرة منه عن أبي سعيد، ومن شأن الصحابة أن يروي بعضهم عن بعض، ويسندون ما رووه مباشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو فرض أن الحديث لم يسمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أبي سعيد، فهل يبعد أن يكون أبو هريرة سمعه من أبي سعيد، ثم لماذا كل هذا الجهد في توهيم مسلم والنسائي وابن ماجه إذا أسندوه إلى أبي هريرة، ولم يبذلا مثله في تحرير إذا كان خالد بن الوليد سب أبا بكر أو عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنهم جميعا- وقد اختلف رواة الحديث في ذلك، أما كان تحرير هذا أولى من بذل الجهد المضني في توهيم مسلم والنسائي وابن ماجه جميعا؟.
وهذه طرق هذا الحديث.
أما حديث أبي سعيد، فرواه:
الطيالسي - المسند، ص: 290- 291، ح: 2183- فقال:
حدثنا شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح يحدث عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)) .
وعنه الترمذي - الجامع الكبير، ج: 6، أبواب المناقب، ب (132) فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 168- 163، ح: 3861- فقال:
حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن صحيح.
وابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج:12، ك: الفضائل، ب:(2100) ما ذكر في الكف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 174- 175، ح: 12454- فقال:
حدثنا معاوية ووكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
وأحمد - المسند، ج: 17، (طبعة مؤسسة الرسالة)، ص: 137- 138، ح: 11079- فقال:
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، فذكر الحديث.
و ج: 18، ص: 80، ح: 11516- فقال:
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
- ح: 11517-: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
- ح: 11518-: حدثنا أبو النضر، حدثنا شعبة مثله.
و ص: 152، ح: 11608:
حدثنا هاشم، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن ذكوان، فذكره.
والبخاري- الصحيح، ج: 3، ك (62) فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ب (5) قول النبي صلى الله عليه وسلم:((لو كنت متخذ خليلا)) ، ص: 1130، ح: 3673- قال:
حدثنا آدم بن إياس، حدثنا شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت ذكوان
يحدث، فذكره.
ثم علقه، فقال:
تابعه جرير، وعبد الله بن داود، وأبو معاوية، ومحاضر، عن الأعمش.
ومسلم - الصحيح، ج: 4، ك (44) فضائل الصحابة، ب (54) تحريم سب الصحابة- رضي الله عنهم، ص: 1967- 1968، ح: 5141- فقال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تسبوا أحدا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)) .
وأبو داود - السنن، ج: 4، ك: السنة، ب: في النهي عن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ص: 214، ح: 4658- فقال:
حدثنا مسدد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش،عن أبي صالح،فذكره.
وعبد بن حميد- المنتخب، ج:2، ص: 80، ح: 916- فقال:
حدثني أحمد بن يونس، أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
وابن أبي عاصم- كتاب السنة، ج:2، ص: 478- 479، ح: 988- فقال:
حدثنا عباس بن الوليد النرسي، حدثنا بشر بن منصور، عن سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، فذكره.
- ح: 989: حدثنا عباس، حدثنا بشر بن منصور السلمي، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي
…
)) مثله.
- ح: 990-: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي
…
)) مثله.
والترمذي - المصدر السابق، ح: 3861 (مكرر) - فقال:
حدثنا الحسن بن علي الخلال، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأبو يعلى- المسند، ج: 2، ص: 342، ح: 1087- فقال:
حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا داود بن الزبرقان، حدثنا محمد بن جحادة، عن أبي صالح، فذكره.
و ص: 396، ح: 1171-:
حدثنا زهير، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
و ص: 411، ح: 1198-:
وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
والطبراني- المعجم الصغير (الروض الداني)، ج:2، ص: 176، ح: 982- فقال:
حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي بمصر، حدثنا محمد بن الصباح الدولابي، حدثنا داود بن الزبرقان، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 15، ك (61) إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة
…
، ص: 455، ح: 6994- فقال:
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
و– ج: 16، ص: 238، ح: 7253:
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان، بالرقة، قال: حدثنا موسى بن مروان، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
و ص: 242، ح: 7255:
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة وأبو معاوية، عن الأعمش، عن ذكوان، فذكره.
وأبو نعيم- ذكر أخبار أصبهان، ج:2، ص: 122- فقال:
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعيد، حدثنا محمد بن سهل بن المرزبان، حدثنا الحسين بن الحسن الخياط، حدثنا إبراهيم بن أيوب، حدثنا أبو مسلم، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج: 10، ك: الشهادات، ب: ما ترد به شهادة أهل الأهواء، ص: 209- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي، ببغداد، وأبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل، بنيسابور، وأبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، قالوا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
والخطيب- تاريخ بغداد، ج: 7، ص: 144، عند ترجمته لثابت بن شعيب أبو القاسم، ت: 3596- فقال:
أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا ثابت بن شعيب بن كثير أبو القاسم، في التوميين، حدثنا محمد بن محمد بن عمرو الجارودي البصري، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش، عن أبي صالح، فذكره.
والبغوي- شرح السنة، ج: 14، ك: فضائل الصحابة، ب: فضائل الصحابة- رضي الله عنهم، ص: 69، ح: 3859- فقال:
أخبرنا الإمام أبو علي بن الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر الزيادي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر الكوفي العبسي، ح
وحدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد بن حامد التميمي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم المعروف بأبي محمد بن أبي نصر، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدة الأطرابلسي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار أبو إسحاق بالكوفة، أخبرنا وكيع بن الجراح، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح
وأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة وأبو معاوية، عن الأعمش، عن ذكوان، فذكره.
وأما حديث أبي هريرة فرواه:
مسلم - المصدر السابق، ح: 2540- فقال:
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحد مد أحدهم ولا نصيفه)) .
والنسائي - السنن الكبرى، ج: 5، ك (76) المناقب، ب (60) مناقب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.، ص: 84، ح: 8309/1- فقال:
أخبرنا حفص بن عمر، قال: أخبرنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن أبي صالح، فذكره.
وابن ماجة- السنن، ج: 1، المقدمة، ص: 57، ح: 161- فقال:
حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا جرير، ح
وحدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع،
وحدثنا أبو كريب، حدثنا أبو معاوية.
جميعا عن الأعمش، عن أبي صالح فذكره
وهذا من معنى قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (1) ومحال أن يستوي من قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من قاتل عنه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من لم يشهدوا بدرا - وقد رآه يمشي بين يدي أبي بكر -: ((تمشي بين يدي من هو خير منك؟)) (2) وهذا لأنه قد كان أعلمنا ذلك في الجملة لمن شهد بدرا والحديبية، ولكل طبقة منهم منزلة معروفة وحال موصوفة.
قلت:
وفي تمييز رسول الله صلى الله عليه سلم بين الصحابة باختصاص كل واحد منهم، توجيه بديع، وتأديب لطيف لأمته بأن يعرف كل واحد من ذوي الاختصاص منها موقعه ومهمته ومسؤوليته، ولا يتجاوز ما يسره الله له إلى ما يسره الله لغيره، وبذلك تنتفي أسباب التنافس وتنازع البقاء بينهم.
(1) الحديد: 10.
(2)
الظاهر أن هذا طرف من حديث لم نهتد إليه كاملا، ولا وقفنا على هذا الطرف إلا عند ابن عبد البر في الاستيعاب.
الأساس الشرعي للاستدلال بالقرائن:
لا نعلم في كتاب الله نصا يمكن اعتباره أساسا لتشريع الاستدلال بالقرائن إثباتا أو نفيا.
وقد حاول بعضهم أن يستدل أو يستأنس بما جاء في القرآن الكريم من شهادة الشاهد من أهل امرأة العزيز في قضية تبادل الاتهام بينها وبين يوسف عليه السلام وبقوله تعالى في سورة الحجر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} واستدلال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية على اعتبار القيافة قرينة إثبات (1) في نصوص أخرى، وهذان النصان أقربهما سببا إلى تلك المحاولات، لذلك ارتأينا أن نقف عندهما لنبين مواقع الإيهام من الاستناد إليهما.
أما شهادة الشاهد من أهل امرأة العزيز في تبادل الاتهام بينها وبين يوسف عليه السلام فلا يستقيم الاستدلال بها، لسببين:
السبب الأول: أنها لم ترد تبيانا لشرع، وإنما وردت تبيانا لواقع، وأن يوسف عليه السلام لم يكن عند استعباده رسولا، وإن كان في ما نرجح نبيا، وآية ذلك أنه حين حاور صاحبيه في السجن قال لهما:{لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}
(2)
فهو قد صرح بأن الله علمه، لكن لم يصرح بأن الله كلفه بالتبليغ، ولا بأن الله علمه غير ما أنزل إلى آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب- عليهم السلام، بل بين صراحة أنه اتبع ما أنزل إليهم، وترك {مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} فالذي علمه الله إياه هو تأويل الأحاديث ومعرفة أشياء من الغيب، وهذان أمران ليسا من التشريع في شيء، أما ما هو من التشريع، بل أساس له، هو العقيدة، ويوسف- عليه السلام في ذلك متبع لآبائه غير متلق شيئا منه مباشرة من الوحي الإلهي.
(1) انظر التعليق رقم (32) .
(2)
يوسف: 37- 38.
وما من شك في أنه أرسل من بعد ذلك، فقد جاء في القرآن الكريم من مجادلة مؤمن آل فرعون لقومه، قوله تعالى حكاية عنه:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} (1) وهذا صريح في أنه قد أرسل، لكن متى كانت رسالته؟.
ما من شك من أنها كانت بعد محنته من امرأة العزيز، ونكاد نجزم بأنها كانت بعد أن {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (2) ولعلها بعد وفاة أبيه يعقوب، فقد كان يعقوب رسولا إلى قومه، وقومه هم قوم يوسف، وقد لا يتناسب أن يرسل رسولان معا إلى قوم من الأقوام إلا ما كان من الثلاثة الذين أرسلوا إلى القرية {إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} (3) .
والسبب الثاني: أن التشريع الإلهي قبل عهد موسى- عليه السلام كان منحصرا في إثبات وحدانية الله، سبحانه وتعالى، والدعوة إلى توحيده، والزجر من عبادة الأوثان وغيرهما مما كان يعبد من دونه جل جلاله، وفي بعض الشرائع كشريعة هود وشريعة صالح- عليهما السلام شروع في لفت الانتباه إلى ما خلق الإنسان لأجله أو ما يجب أن يضبط حياته في الدنيا من إعمار الأرض، وعدم اقتراف ما من شأنه الإفساد فيها، أو الإضرار بالغير، دون تفصيل لشيء من ذلك، أو تبيان لضوابطه ومعالمه.
(1) غافر: 34.
(2)
يوسف: 10.
(3)
يس: 13- 14.
واستمر الأمر على هذا المنوال إلى ما بعد إبراهيم- عليه السلام ففي شريعة شعيب عليه السلام نشأت معالم وضوابط لبعض جوانب من المعاملات التجارية والمالية، ثم جاءت شريعة موسى لتشمل جوانب أخرى مما نسميه في هذا العصر بـ (شرائع المعاملات وشرائع الأحوال الشخصية) ، أما شريعة إبراهيم نفسه فقد ظلت منحصرة في التأكيد على إثبات وحدانية الله والدعوة إلى توحيده والزجر عن عبادة الأوثان والنجوم، وغير ذلك مما كان يتخذ آلهة أو شركاء لله.
ونكاد نجزم بأن رسالة يوسف لم تخرج عن هذا النطاق، بل لعلها انحصرت في تأكيد هذه المعاني والتذكير بها، والعمل على نشرها في مصر الذي كان يسود فيها يومئذ تأليه الأشخاص، تأليها مطلقا، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (1) وهذا يبين أنه لم تكن في زمن يوسف في مصر ولا في غيرها، شريعة إلهية تبين ضوابط ومعالم التعامل بين الناس في معايشتهم أو أعمالهم أو منازعاتهم، وإنما كان ذلك موكولا إلى ما صنعوه بأنفسهم من أعراف أو تشريعات.
فالزمن والظرف الذي كانت فيه شهادة الشاهد من أهل امرأة العزيز، وثبوت براءة يوسف من اتهامها له بأن {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} (2) برهانان على أن ما جرى يومئذ كان اعتماداً على العرف أو التشريع الوضعي الذي كان سائداً في عهد الهكسوس (3) وهو العهد الذي وقعت فيه قصة يوسف، وفي ذلك العهد لم يكن يسود في مصر شرع إلهي. (4) .
(1) القصص: 38.
(2)
يوسف: 27.
(3)
ويطلق عليهم، الرعاة، لكن شكك البعض في قصة ترجمة كلمة الهكسوس بالرعاة، ورجح أن ترجمتها الدقيقة (ملوك الأقاليم) ويقال أنهم عرب أو عماليق، انظر محمد الطاهر بن عاشور- التحرير والتنوير، ج: 12، ص:280.
(4)
انظر ول ديورنت، قصة الحضارة، م: 1، ج:2، ص: 72- 76، وص:386.
والظاهر أن مجال رسالة يعقوب – عليه السلام – لم يكن يشملها، وإنما كان منحصراً في بني إسرائيل أو في إبراهيم، لأن الأسر التي حكمت مصر في ذلك العهد ومن قبله كانت وثنية، وليس في التاريخ ما يدل على أنها واجهت تشريعاً إلهياً بالقبول أو الرفض، وإنما المواجهة ابتدأت من عهد يوسف، وهو يدل على أن رسالة يوسف كانت أوسع مجالاً من رسالة يعقوب.
مهما يكن، فإن تلك الشهادة وما نتج عنها من تبرئة يوسف – عليه السلام – ليست مما يشمله القول بـ (أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه) وهو ما يقول به الجمهور وهو الحق.
وأما استدلال رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه وتعالى في سورة الحجر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} فإنما ينحصر في التعبير بالمتوسمين باعتبار التوسم قد يهدي إلى الحقيقة، وليس باعتباره تشريعاً من الله للاهتداء إليها، لأن موضوع الآية لا علاقة له بالقيافة، ولا بالفراسة، فالضمير في قوله تعالي:{إِنَّ فِي ذَلِكَ} معاده مجموع قصة إبراهيم وضيفه، وبشارتهم له، ثم إخبارهم إياه بما أرسلوا به إلى لوط، ثم أدائهم الرسالة إليه، ثم ما وقع بعد ذلك لقوم لوط من ألوان العذاب، وما بقي من آثارهم وآثار ما وقع لهم شاهداً، خالداً للاعتبار، والتعبير (لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) أريد به - والله أعلم بأسرار كتبه – التنبيه إلى أن تلك الآيات في مجموعها وجميعها إنما يحسن تدبرها والاعتبار بها من أوتي القدرة على اكتشاف الحقائق والعبر من الآثار والعلامات، ولعل هذا المعنى من بعض ما وجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة والذين من بعده حين استشهد بهذه الآية الكريمة، في موضوع القيافة، فهو تنبيه إلى صحة الاستدلال بها حين تصدق، لا إلى شرعيته.
أما السنة النبوية فهي المصدر الحق للعمل بالقرائن أما حين تنعدم البينة، أو حين تتعارض البينتان أو البينات، فيتعين ترجيح إحداها، ولعل أهم قضية تتمثل فيها القرينة وسيلة استدلال مما ورد في السنة النبوية واضطرب فيه الناس اضطرابا شديدا، قضية الحمل المشبوه.
والمستند المستفيض الذي اعتمده طائفة من الفقهاء وتأوله آخرون، واختلف هؤلاء وأولئك اختلافا شديدا في الاستدلال به، والاستنباط منه، قول عمر رضي الله عنه في خطبته المشهورة (1) :(الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن، إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف) .
وقد اعتبرنا هذا القول من أدلة السنة، أنه ورد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطاب عمر، وكان يؤكد فيه أن مجموع ما قاله مستمد من الكتاب والسنة، وليس في كتاب الله رجم، وإن جاء في خطاب عمر أن آية الرجم كانت مقروءة في كتاب الله ثم نسخ لفظها وبقي معناها، ولنا من ادعاء عمر هذا الموقف ليس هذا مجاله، إنما الذي يعنينا هنا من خطابه رضي الله عنه جملة (إذا قام الحمل) فالذين اعتمدوا هذه الجملة واعتبروا الحمل بينة، وفرعوا عنها أحكاما لم يحاولوا التوفيق بينها وبين ما ورد عن عمر نفسه من تصرفات مع حوامل، لو طبق عليهن هذه الجملة التي اعتمدها جمهرة من الفقهاء كما لو كانت منفصلة عن أي دليل آخر، لكان تصرفه معهن إقامة الحد عليهن، لكنه لم يفعل ذلك، فوضح من تصرفه أن الحمل ليس في ذاته بينة قاطعة إلا إن برئ من كل شبهة، وأحاطت به القرائن والأدلة على إنه نتيجة الإقدام الاختياري على الفاحشة وممارستها ممارسة كاملة، أما إذا كان وقع في ظروف وملابسات لم تجتمع فيه المواصفات التي ألمعنا إليها آنفا فهو ليس بينة ولا قرينة، وفيما يلي طائفة مما ورد عن عمر في ذلك.
(1) هذا لفظ مالك في الموطأ، برواية الزهري، ج: 2، ك: الحدود، ص: 20، الأثر: 1765- ومحمد بن الحسن الشيباني، ك: الحدود في الزنا، ب (1) الرجم، ص: 241، الأثر: 692- والليثي، ج: 2، ك (27) الحدود، ب (1) ما جاء في الرجم، ص: 384، الأثر: 2381- أما في رواية الليثي (الحبل) بالباء الموحدة من تحت بدل (الحمل) بالميم. وقد أخرج منها بعض هؤلاء وغيرهم أطرافا ليست من شأننا في هذا المجال، فلم نر ما يدعو إلى الإحالة عليها.
1-
حديث اليمانية التي استكرهت فحملت:
قال عبد الرزاق (1) : عن ابن عيينة، عن عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، أن أبا موسى كتب إلى عمر في امرأة أتاها رجل وهي نائمة، فقالت: إن رجلا أتاني وأنا نائمة فوالله ما علمت حتى قذف في مثل شهاب النار، فكتب عمر: تهامية قد تنومت، قد يكون مثل هذا، وأمر أن يدرأ عنها الحد.
وقال ابن أبي شيبة (2) : حدثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال: قال أبو موسى: أتيت -وأنا باليمن- امرأة حبلى، فسألتها، فقالت: ما تسأل عن امرأة حبلى ثيب من غير بعل، أما والله ما خاللت خليلا ولا خادنت خدنا منذ أسلمت، ولكن بينا أنا نائمة بفناء بيتي، والله ما أيقظني إلا رجل رفعني وألقى في بطني مثل الشهاب ثم نظرت إليه مقفى ما أدري من هو من خلق الله، فكتب فيها إلى عمر، فكتب عمر: ائتني بها وبناس من قومها، قال: فوافيناه بالموسم، فقال -شبه الغضبان-: لعلك قد سبقتني بشيء من أمر المرأة؟ قال: قلت: لا، وهي معي وناس من قومها، فسألها، فأخبرته كما أخبرتني، ثم سأل قومها، فأثنوا خيرا، قال: فقال عمر: شابة تهامية قد نومت، قد كان يفعل، فمارها وكساها، وأوصى قومها خيرا.
وقال البيهقي (3) : أخبرنا أبو حازم الحافظ وأبو نصر بن قتادة، قالا:" أنبأ أبو الفضل بن خميرويه الكرابيسي، أنبأ أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن زياد، حدثنا شعبة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري، قال: أتي عمر بن الخطاب - رضي الله -عنه بامرأة من أهل اليمن، قالوا: بغت، قالت: إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلا برجل رمى في مثل الشهاب، فقال عمر- رضي الله عنه: يمانية نؤومة شابة، فخلى عنها ومتعها.
(1) المصنف، ج: 7، ب: البكر والثيب تستكرهان، ص: 410، الأثر:13666.
(2)
الكتاب المصنف- ج: 9، ك: الحدود، ب (1459) في درء الحدود بالشبهات، ص: 568- 569، الأثر:8549.
(3)
السنن الكبرى، ج: 8، ك: الحدود، ب: من زنى بامرأة مستكرهة، ص: 235- 236- وانظر معرفة السنن والآثار، ج: 12، ك (32) الحدود، ب (9) المستكرهة، ص: 318- 319، ف:16850.
2-
حديث المرأة التي استكرهت فحملت في منى:
قال ابن أبي شيبة (1) : حدثنا ابن إدريس، عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: بينما نحن بمنى مع عمر، إذا امرأة ضخمة على حمار تبكي، قد كاد الناس أن يقتلوها من الزحام، يقولون: زنيت، فلما انتهت إلى عمر، قال: ما يبكيك؟ إن امرأة ربما استكرهت، فقالت: كنت امرأة ثقيلة الرأس، وكان الله يرزقني من صلاة الليل، فصليت ليلة ثم نمت، فوالله ما أيقظني إلا رجل قد ركبني فرأيت إليه مقفيا ما أدري من هو من خلق الله، فقال عمر: لو قتلت هذه خشيت على الأخشبين النار ثم كتب إلى الأمصار أن لا تقتل نفس دونه.
وقال البيهقي (2) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأ شعبة بن الحجاج، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: إنا بمكة إذ نحن بإمرأة اجتمع عليها الناس حتى كاد أن يقتلوها وهم يقولون: زنت، فأتي بها عمر الخطاب رضي الله عنه وهي حبلى، وجاء معها قومها فأثنوا عليها بخير، فقال عمر: أخبريني عن أمرك، قالت: يا أمير المؤمنين، كنت امرأة أصيب من هذا ليل، فصليت ذات ليلة ثم نمت، وقمت ورجل بين رجلي قذف في مثل الشهاب، ثم ذهب، فقال عمر- رضي الله عنه: لو قتل هذه من بين الجبلين أو الأخشبين- شك خالد - لعذبهم الله، فخلى سبيلها وكتب إلى الآفاق: أن لا تقتلوا أحدا إلا بإذني.
3-
حديث صاحبة مرغوش:
قال الشافعي (3) : أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن يحيى بن حاطب حدثه، قال: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكان له أمة نوبية قد حبلت وصلت وهي أعجمية لم تفقه، فلم يرعه إلا بحبلها وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر فحدثه، فقال عمر: لأنت الرجل لا تأتي بخير، فأفزعه ذلك. فأرسل اليها عمر، فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرغوش بدرهمين، فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، قال: وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا علي، قال: فكان عثمان جالسا فاضطجع، فقال علي وعبد الرحمن بن عوف: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان، قال: قد أشار عليك أخواك، فقال: أشر علي أنت، فقال: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه، فجلدها عمر مائة جلدة وغربها عاما.
وقال عبد الرازق (4) :
عن ابن جريج، قال: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه، قال: توفي عبد الرحمن بن حاطب، وأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه، فلم يرع إلا حبلها وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر فزعا، فحدثه، فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها، فسألها، فقالت: حبلت؟ قالت: نعم من مرغوش بدرهمين، وإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، فصادف عنده عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا علي، قال: وكان عثمان جالسا فاضطجع، فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان، فقال: قد أشار عليك أخواك، قال: أشر علي أنت، قال عثمان: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه، فأمر بها فجلدت مائة ثم غربها، ثم قال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علم.
(1) المصدر السابق، ص: 569، الأثر:8550.
(2)
المصدر السابق، ص:236.
(3)
المسند، ج: 2، ك: الحدود، ص: 77- 78، الأثر:253.
(4)
المصنف، ج: 7، ص: 403- 404، الأثر:13644.
وقال (1) : عن معمر، قال: أخبرني هشام، عن أبيه، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب جاء إلى عمر بأمة سوداء كانت لحاطب، فقال لعمر: إن العتاقة أدركت هذه وقد أصابت فاحشة وقد أحصنت، فقال له عمر: أنت الرجل لا يأتي بخير، فدعاها عمر فسألها عن ذلك، فقالت: نعم، من مرغوش بدرهمين، وقال غيره من مرغوش، وهي حينئذ تذكر لا ترى به بأسا، فقال عمر لعلي وعبد الرحمن وعثمان وهم عنده جلوس: أشيروا علي، قال علي وعبد الرحمن: نرى أن ترجمها، فقال عمر لعثمان: أشر علي، فقال: قد أشار عليك أخواك، قال: أقسمت عليك إلا ما أشرت علي برأيك، قال: فإني لا أرى الحد إلا على من علمه وأراها تستهل به كأنها لا ترى به بأسا، فقال عمر: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه، فضربها مائة وغربها عاما.
ثم قال: (2) عن الثوري، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن حاطب، عن أبيه، قال: زنت مولاة له يقال لها مركوش، فجاءت تستهل بالزنا، فسأل عنها عمر عليا وعبد الرحمن بن عوف، فقالا: تحد، فسأل عنها عثمان، فقال: أراها تستهل به كأنها لا تعلم، وإنما الحد على من علمه، فوافق عمر، فضربها ولم يرجمها.
وأشار إليه البخاري تعليقا (3) فقال: وقال عمر - وعنده علي وعبد الرحمن وعثمان - ماذا تقول هذه؟ قال عبد الرحمن بن حاطب: فقلت: تخبرك بصاحبها الذي صنع بها.
(1) المصدر السابق، الأثر:13645.
(2)
المصدر السابق، ص: 405، الأثر:13647.
(3)
الصحيح، ج: 5، ك (93) الأحكام، ب (40) ترجمة الحكام
…
ص: 2250
وقال البيهقي (1) :
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن يحيى بن حاطب حدثه، قال: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه، فلم ترعه إلا بحبلها وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر رضي الله عنه فحدثه، فقال: لأنت الرجل لا تأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها عمر رضي الله عنه فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرغوش بدرهمين، فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، قال: وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم فقال: أشيروا علي، وكان عثمان رضي الله عنه جالسا فاضطجع، فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان، فقال: قد أشار عليك أخواك، قال: أشر علي أنت، قال: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه، فقال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه، فجلدها عمر- رضي الله عنه مائة وغربها عاما.
(1) السنن الكبرى، ج: 8، ك: الحدود، ب: ما جاء في درء الحدود بالشبهات، ص:238.
وأسانيد هذه الآثار كلها سلاسل ذهبية، عبد الله بن إدريس بن محمد الكوفي، أخرج له الستة، وعاصم بن كليب، أخرج له مسلم والأربعة، وأبوه كليب بن شهاب أخرج له البخاري في (رفع اليدين) والأربعة، وعلي بن الأقمر أخرج له الستة، وعبد الملك بن ميسرة العامري الكوفي الزراد أخرج له الستة، والنزال بن سبرة الهلالي العامري الكوفي أخرج له البخاري والترمذي في الشمائل والنسائي.
جميع هذه الآثار تدل على أن عمر رضي الله عنه -حين قال: (الحمل أو الاعتراف) إنما أراد باعتبار الحمل والاعتراف بينة إذا لم تصحبهما ملابسات أو ظروف تجرد دلالتهما من قوة البينة وتصرفها إلى قرائن نفي إن لم نقل إلى دلالة إثبات البراءة.
ولقد أبدع الأستاذ عبد القادر عودة- رحمه الله في التمييز بين الأحوال التي يكون فيها الحمل بينة وبين التي لا يكون فيها بينة، بل يكون قرينة نفي أو دليل إثبات البراءة.
فقال رحمه الله (1) : القرينة المعتبرة في الزنا هي ظهور الحمل في امرأة غير متزوجة أو لا يعرف لها زوج.
ويلحق بغير المتزوجة من تزوجت بصبي لم يبلغ الحلم، أو بمجبوب، ومن تزوجت بالغا فولدت لأقل من ستة أشهر.
والأصل في اعتبار قرينة الحمل دليلا على الزنا، قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعلهم، فعمر- رضي الله عنه -يقول: الرجم واجب على كل من زنا من الرجال والنساء، إذا كان محصنا، إذا أقامت بينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.
وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه أتي بامرأة ولدت لستة أشهر كاملة، فرأى عثمان أن ترجم، فقال علي: ليس لك عليها سبيل، قال تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (2) .
(1) التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، ج:2، ص: 440- 441، ف:545.
(2)
الأحقاف: 15.
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: (يا أيها الناس، إن الزنا زنيان، زنا سر وزنا علانية، فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أو من يرمي، وزنا العلانية أن يظهر الحمل والاعتراف) .
هذا قول الصحابة، ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعا.
والحمل ليس قرينة قاطعة على الزنا، بل هو قرينة تقبل الدليل العكسي، فيجوز إثبات أن الحمل حدث من غير زنا، ويجب درأ الحد عن الحامل كلما قامت شبهة في حصول الزنا، أو حصوله طوعا، فإذا كان هناك مثلا احتمال بأن الحمل كان نتيجة وطء بإكراه أو بخطأ، وجب درء الحد، وإذا كان هناك احتمال بأن الحمل حدث دون إيلاج لبقاء البكارة امتنع الحد، إذ قد تحمل المرأة من غير إيلاج بأن يدخل ماء الرجل في فرجها، إما بفعلها أو بفعل غيرها أو نتيجة وطء، خارج الفرج.
ويرى أبو حنيفة والشافعي وأحمد أنه إذا لم يكن دليل على الزنا غير الحمل، فادعت المرأة أنها أكرهت، أو وطئت بشبهة، فلا حد عليها، فإذا لم تدع إكراها ولا وطأ بشبهة فلا حد عليها أيضا ما لم تعترف بالزنا، لأن الحد أصلا لا يجب إلا ببينة أو بإقرار
تعليق: قال ابن قدامة، المغني، ج: 10، ص: 186- 187، ف: 7201:
فصل: وإذا حبلت امرأة لا زوج لها ولا سيد، لم يلزمها الحد بذلك، وتسأل فإن ادعت أنها أكرهت أو وطئت بشبهة، أو لم تعترف بالزنا لم تحد، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي، وقال مالك: عليها الحد إذا كانت مقيمة غير غريبة، إلا أن تظهر أمارات الإكراه بأن تأتي مستغيثة أو صارخة، لقول عمر رضي الله عنه:(والرجم واجب على كل من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا، إذا قامت بينة أو كان الحبل أو الاعتراف) . وروي أن عثمان. أتي بامرأة ولدت لستة أشهر، فأمر بها عثمان أن ترجم، فقال علي:(ليس لك عليها سبيل) . قال الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] ، وهذا يدل على أنه كان يرجمها بحملها، وعن عمر نحوه من هذا.
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: (يا أيها الناس، إن الزنا زنيان، زنا سر، وزنا علانية، فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أول من يرمي، وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف، فيكون الإمام أول من يرمي) ، وهذا قول سادة الصحابة، ولم يظهر في عصرهم مخالف فيكون إجماعا.
ولنا أنه يحتمل من وطء إكراه أو شبهة، والحد يسقط بالشبهات، قد قيل: أن المرأة تحمل من غير وطء، بأن يدخل ماء الرجل في فرجها، إما بفعلها أو فعل غيرها، ولهذا تصور حمل البكر، فقد وجد ذلك، وأما قول الصحابة فقد اختلفت الرواية عنهم، فروى سعيد، حدثنا خلف بن خليفة، حدثنا هشام، أن امرأة رفعت إلى عمر بن الخطاب ليس لها زوج وقد حملت، فسألها عمر فقالت: إني امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة، فما استيقظت حتى فرغ، فدرأ عنها الحد، وقال ابن عبد البر - الاستذكار، ج: 24، ص:64- 65، ف: 35401- في تعقيبه على الجزء الذي رواه مالك من خطاب عمر، ونقلناه عنه في الأصل وأحلنا عليه في التعليق.
وأما الحمل الظاهر للمرأة ولا زوج لها يعلم، فقد اختلف العلماء في ذلك.
- ف: 35402-: فقالت طائفة: الحبل والاعتراف والبينة سواء في ما يوجب الحد في الزنى، على حديث عمر هذا في قوله: إذا قامت عليه البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، فسواء في ذلك في ما يوجب الرجم على من أحصن فوجبت التسوية بذلك.
- ف: 35403-: وممن قال ذلك: مالك بن أنس في ما ذكر عنه ابن عبد الحكم وغيره، وذكره في (موطئه) قال: إذا وجدت المرأة حاملا، فقالت: تزوجت أو استكرهت، لم يقبل ذلك منها إلا بالبينة على ما ذكرت، إلا أن تكون جاءت تستغيث وهي تدمي، أو نحو ذلك من فضيحة نفسها، فإن لم يكن ذلك، أقيم عليها الحد.
- ف: 35404-: وقال ابن القاسم: إذا كانت طارئة غريبة، فلا حد عليها.
- ف: 35405-:وهو قول عثمان البتي.
- ف: 35406: وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: لا حد عليها، إلا أن تقر بالزنى أو يقوم عليها بذلك بينة.
- ف: 35407-: ولم يفرقوا بين طارئة، وغير طارئة، لأن الحمل دون إقرار ولا بينة ممكن أن تكون المرأة في ما ادعته من النكاح أو الاستكراه صادقة، والحدود لا تقام إلا باليقين بل تدرأ بالشبهات.
- ف:35408-: فإن احتج محتج بحديث عمر المذكور، وتسويته فيه بين البينة والإقرار والحبل، قيل له: قد روي عنه خلاف ذلك من رواية الثقات أيضا.
-
- ف: 35409: وروى شعبة بن الحجاج، عن عبد الملك بن ميسرة، وساق قصة عمر والمرأة الضخمة الحبلى التي أثبتناها في النص وأحلناها على مصادرها في التعليق آنفا.
ثم قال- عند تعقيبه على ما ورد في باب (المغتصبة) من الموطأ من قول مالك- ص: 111- 112، ف: 35625-:
قد مضى القول في هذا الباب من باب الرجم عند قول عمر بن الخطاب: الرجم في كتاب الله حق على من زنت من الرجال والنساء إذا أحصن، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، فجعل وجود الحبل كالبينة أو الاعتراف، فلا وجه لإعادة ما قد مضى، إلا أن نذكر طرفا هنا ونقول: إنه قد روي عن عمر خلاف ما رواه مالك عنه، وإن كان إسناد حديث مالك أعلى، ولكنه محتمل التأويل.
-ف: 35626-: وروى عبد الرزاق، وساق الأثر الذي نقلناه عنه آنفا رقم:13664.
-ف:35627-: وعن ابن عيينة، وساق الأثر الذي نقلناه عنه آنفا رقم:13666.
-ف: 35628: وروي عن عمر أيضا أنه أتي بامرأة حبلى بالموسم، وساق الأثر الذي نقلناه آنفا. .
تتفق هذه الوقائع الثلاثة، واقعة المرأة اليمانية التي أبلغ عنها عمر عامله باليمن، فاستجلبها إليه، فلما استوضحها أمرها واطمأن إلى ما أقرت به وأوضحته، مارها وأوصى بها قومها خيرا.
وواقعة المرأة التي جاءت، أو جئ بها إلى عمر في الموسم وهو بمنى فلما استوضحها شأنها، ووصفته له اطمأن إلى قولها وصدقها، حتى لقد أشفق من أن تحل عقوبة الله بمن في الموسم لو رجمها، ثم خشى أن يحدث لغيرها مثل ما حدث لها فيتعجل بعضهم ولا يتثبت، فيقيم عليها الحد، فكتب إلى الأمصار ألا يقام الحد دون إذنه.
ثم واقعة الجارية السوداء صاحبة مرغوش، التي أباحت نفسها بدرهمين، وكأنها لم تفعل شيئا، إذ رأت ذلك عملا طبيعيا ليس مما ينسحب عليه تشريع.
وفي الواقعتين الأوليين درأ عمر الحد عن صاحبتيهما بقرينة الإكراه- إن شئت فقل بشبهة الإكراه – تعضدها قرينة حسن السلوك، وفي الواقعة الثالثة، درأ الحد عن صاحبة مرغوش، ولكن عزرها، ومدار هذا التمييز بينها وبين الأخريين إلى أنها لم تكن مكرهة، بل أقرت بأنها فعلت باختيارها، فسقطت شبهة الإكراه وقرينة حسن السلوك، وإنما كانت جاهلة بحكم ما فعلت، فتعينت شبهة الجهل، ولكن تصاحبها قرينة الفعل الإختياري، فدرأ عنها الحد لشبهه الجهل، وعزرها بقرينة الاختيار.
وفي هذه الوقائع الثلاث، كان للقرائن أثرها في الحكم، ففي الأوليين درأت كل عقاب، وفي الثالثة درأت الحد وقضت بالتعزير.
وكذلك تكون القرائن المؤثرة في تكييف الحكم في الجريمة ذات الصلة بالمجتمع، أو التي توصف بأن فيها حق الله، فعند انتفاء المساس الاختياري بحق الله وبمصلحة المجتمع، ترتفع عقوبة الحدود، ولا تستبدل بأي عقوبة أخرى، أما عند ثبوت شبهة الاختيار مع انتفاء شبهة العلم، وهي مصدر القصد إلى المساس بحق لله ومصلحة المجتمع، فإن عقوبة الحدود ترتفع، لكن تستبدل بعقوبة التعزير.
ومدار جميع هذه الأحوال على فعالية القرينة عند ثبوتها ورجحانها عن كل دليل سواها، أو انتفاء الأدلة غيرها.
ويشبه أن يكون هذا الاعتبار مستند الثوري في ما روى عبد الرزاق (1) قال: عن الثوري في التي تقول: غصبت نفسي، يدرأ عنها الحد وإن كان حمل.
إذا اعتمد دعوى الاغتصاب مع وجود الحمل دون أن يوجب على المدعية الإدلاء بحجة أنها اغتصبت بناء على الغالب من أن المرأة التي تقر بالاغتصاب، لا يكون إقرارها به ابتغاء النجاة بنفسها من عقوبة فاحشة اقترفتها، فظهر أثرها عليها، مع أن هذا الاحتمال وارد ورودا قويا، إلا أنه يدفع بقرينة وقوع ما ادعي اغتصابا في مجتمع إسلامي سليم فضلا عن قاعدة درء الحدود بالشبهات.
وقريب من هذه الوقائع، ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في درء الحد عن المستكرهة، وما روي عن عمر في درء الحد عن المضطرة درءا كاملا، وفي استبداله بالتعزير.
(1) المصنف، ج: 7، ك: الطلاق، ب: البكر والثيب تستكرهان: 409، أثر:13660.
أما المستكرهة:
ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال ابن أبي شيبة (1) : حدثنا معتمر بن سليمان الزرقي، عن حجاج، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: استكرهت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدرأ عنها الحد.
وعنه البيهقي (2) قال:
وأخبرنا علي بن حمدان، أنبأ أحمد بن عبيد، حدثنا الأسفاطي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وساق الأثر.
وما روي عن أبي بكر رضي الله عنه:
قال ابن أبي شيبة (3) :
حدثنا ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، أن رجلا أضاف أهل بيت فاستكره منهم امرأة، فرفع ذلك إلى أبي بكر، فضربه ونفاه، ولم يضرب المرأة.
وما روي عن عمر رضي الله عنه:
قال مالك (4) :
عن نافع، أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس، وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع عليها، فجلده عمر بن الخطاب ونفاه، ولم يجلد الوليدة، لأنه استكرهها.
وعنه البيهقي (5) قال:
أخبرنا أبو أحمد المهرجاني، أنبأ أبو بكر بن أحمد المزكي: حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك، عن نافع، أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها، فجلده عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونفاه، ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها.
وقال (6) : أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ مالك، وساق الأثر.
وقال ابن أبي شيبة (7) :
حدثنا حفص، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر أتي بإماء من إماء الإمارة استكرههن غلمان من غلمان الإمارة، فضرب الغلمان ولم يضرب الإماء.
(1) الكتاب المصنف، ج: 9، ص: 549- 550، أثر:8469.
(2)
السنن الكبرى، ج: 8، ك: الحدود، ب: من زنى بامرأة مستكرهة، ص:235.
(3)
المصدر السابق، ص: 550، الأثر:8471.
(4)
الموطأ، برواية الزهري، ج: 2، ك: الحدود، ب (2) جامع الحد في الزنا، ص: 25، أثر:1773. وبرواية الليثي، ج: 2، ك (27) الحدود، ب (3) جامع ما جاء في حد الزنا، ص: 389، أثر: 2391. وبرواية محمد بن الحسن الشيباني، ب (3) الاستكراه في الزنا، ص: 245، أثر: 702- واللفظ للزهري.
(5)
المصدر السابق، ص:236.
(6)
المصدر السابق، ب: ما جاء في نفي الرقيق، ص:243.
(7)
المصدر السابق، الأثر:8470.
وأما المضطرة:
قال عبد الرزاق (1) :
عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رفقة من أهل اليمن نزلوا الحرة، ومعهم امرأة قد أصابت فاحشة، فارتحلوا وتركوها، فأخبر عمر خبرها، فسألها، فقالت: كنت امرأة مسكينة لا يعطف علي أحد بشيء، وما وجدت إلا نفسي، قال: فأرسل إلى رفقتها، فردوهم، فسألهم عن حاجتها فصدقوها، فجلدها مائة، وأعطاها وكساها، وأمرهم أن يحملوها معهم.
وقال (2) أخبرنا ابن جريج، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، أنه حدث أن امرأة من أهل اليمن قدمت في ركب حاجين، فنزلوا بالحرة، حتى إذا ارتحلوا ذاهبين تركوها، وجاء رجل منهم عمر، فأخبره أن امرأة منهم قد زنت، وهي بالحرة، فأرسل عمر إليها فسألها، وساق بقية القصة.
ثم قال (3) :أخبرنا ابن جريج، قال: حدثني محمد بن الحارث بن سفيان، عن أبي سلمة بن سفيان، أن امرأة جاءت عمر بن الخطاب، فقالت: يا أمير المؤمنين، أقبلت أسوق غنماً فلقيني رجل، فحفن لي حفنة من تمر، ثم حفن لي حفنة من تمر، ثم حفن لي حفنة من تمر، ثم أصابني، فقال عمر: قلت ماذا؟ فأعادت، فقال عمر: - ويشير بيده – مهر، مهر، ويشير بيده كلما قال، ثم تركها.
وقال (4) : عن ابن عيينة، عن الوليد بن عبد الله، عن أبى الطفيل، أن امرأة أصابها جوع، فأتت راعياً فسألته الطعام، فأبى عليها حتى تعطيه نفسها، قالت: فحثى لي ثلاث حثيات من تمر، وذكرت أنها كانت جهدت من الجوع، فأخبرت عمر، فكبر وقال: مهر، مهر، مهر، كل حفنة مهر، ودرأ عنها الحد.
وقال (5) : أخبرنا ابن جريج، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، أن عمر بن الخطاب، أتي بامرأة لقيها راع بفلاة من الأرض وهي عطشى فاستسقته فأبى أن يسقيها إلا أن تتركه فيقع بها، فناشدته الله، فأبى فلما بلغت جهدها أمكنته، فدرأ عنها عمر الحد بالضرورة.
(1) المصنف، ج: 7، ص: 405- 406، أثر:13649.
(2)
المصدر السابق، ص: 406، الأثر:13650.
(3)
المصدر السابق، ص: 406- 407، الأثر:13652.
(4)
المصدر السابق، ص: 407، الأثر:13653.
(5)
المصدر السابق، الأثر:13654.
بين هذه الوقائع الثلاثة تشابه واختلاف، فالاغتصاب إكراه، والمغتصبة مضطرة، كما أن الجوع اضطرار، والجائعة التي سلمت نفسها مستكرهه، لأن الذي سلمته نفسها أكرهها على ذلك، والمحتاجة التي اشتدت بها الحاجة، والظاهر أنها لم تبلغ درجة الجوع القصوى، لم تجد غير نفسها فبذلتها، يمكن اعتبارها مستكرهة نوعاً من الاستكراه من حيث أن من بذلت له نفسها أكرهها على ذلك لقاء ما يبذل لها من ثمن، ويمكن اعتبارها مضطرة اضطراراً من الدرجة الثانية – إن صح التعبير – لأنها لم تبلغ الحال التي تشرف بها على الهلاك، ولكنها بسبيلها إليها.
ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار بطلان هذه الوقائع الثلاث مجرد مدعيات أو زاعمات ينسحب عليهن احتمال الصدق والكذب، وتصديقهن ينهض على قرائن، وقد يصعب احتمال ادعاء الاستكراه أو الاغتصاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يمكن أن ينزل وحي بتكذيب المدعية، وفي هذه الحال فاعتبار هذه الصعوبة، إن لم نقل الاستحالة، هي القرينة التي أثبتت أهليتها لدرء العقوبة عنها.
أما الضيف الذي استكره امرأة من البيت الذي أضافه، والعبيد الذين استكرهوا إماء من إماء الإمارة، فاحتمال عدم الاستكراه في الفريقين بعيد أو منعدم، بيد أنه أقل صعوبة أو استحالة من احتماله في المستكرهة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن القرينة التي درأت العقوبة عن هذين الفريقين، هي في التي استكرهها ضيفها، وقوع الاستكراه في بيت الإضافة، وما من شك في أنها لم تكن وحيدة كل الوقت في البيت، بل كان معها غيرها، لكن قد تكون وحيدة عند الاستكراه، أو ادعاء الاستكراه، فرجح الاستكراه لأبي بكر، فدرأ عنها الحد. أما إماء الإمارة، فيكاد يكون مستحيلاً أن يسلمن أنفسهن جميعاً لأولئك العبيد، ثم يدعين الاستكراه، إلا في حال تصور مؤامرة جماعية بين أولئك العبيد وأولئك الإماء، وهو تصور غير مستحيل، إلا إذا اعتبرنا أثر الخوف من عمر رضي الله عنه – في نفوس الجميع، فضلا عن إماء وأعْبُد الإمارة، فالقرينة التي درأت العقوبة عنهن هي ما اطمأن إليه عمر من صحة الادعاء، واستحالة أو بعد أي احتمال غيره.
وفي هذه الأحوال الثلاث، يكون درء الحدود بالشبهات عاملاً أساسياً في نجاة الفرقاء الثلاث من العقوبة، ولا كذلك اليمانية التي اعترفت بأنها بذلت نفسها مختارة اختياراً جزئياً بسبب الحاجة، فثبوت الحاجة بشهادة رفقتها الذين صدقوها في دعواها، خففت عنها الحد، فنقلته من الرجم إلى الجلد، لأنها لم تكن بكراً، فيكون حدها الجلد، وآية ذلك أنها لم تدع الافتراع، ولا شهد ببكارتها رفقتها، بيد أن عمر – رضي الله عنه رأى في حاجتها التي ألجأتها إلى ابتذال نفسها قرينة اعتبرها في تحويل عقوبة الرجم إلى عقوبة الجلد. وفي تصرفه هذا – رضي الله عنه – قاعدة جليلة يتعين اعتبارها، وهي اعتبار حال من تثبت إدانته بجريمة من جرائم الدرجة الأولى، وهي جرائم الحدود، وتحكيمها في تعيين نوع الحد الذي يعاقب به، فإذا اعتبرنا الثيب محصنة، فإن تحويل عمر حد الرجم إلى حد الجلد في عقابه لها، إقرار لهذه القاعدة الجليلة التي يتعين اعتبارها.
يتبين من هذا أن القرائن قد تكون مثبتة لرفع العقوبة عن الجاني، وقد تكون صارفة للعقوبة المتعينة عن الجناية من حدها الأقصى إلى حد أدنى، وأحياناً إلى الحد الأدنى.
وهذا المعنى يتعين وجوباً التزامه في هذا العصر في الدول الإسلامية التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، لاسيما الحدود.
وشبيه- من بعض الوجوه – بأحاديث الضرورة هذه، الأثر الذي رواه يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب من قضاء عمر في أعبد لحاطب سرقوا، والأثر رواه مالك في موطئه (1) وعنه الشافعي (2) ، وعبد الرزاق (3) والبيهقي (4) عن غير طريقه.
قال مالك – واللفظ للزهري -:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن رقيقاً لحاطب بن أبى بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: إني أراك تجيعهم، والله، لأغرمنك غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ قال: أربعمائة درهم، قال عمر: أعطه ثمانمائة درهم.
(1) برواية الزهري، ج: 2، ك: الأقضية، ب (11) في الضواري والحراسة، ص: 470، الأثر: 2905- ورواية الليثي، ج: 2، ك (22) الأقضية، ب (28) القضاء والضواري والحريسة، ص: 294، الأثر: 2178- والحدثاني، ك: القضاء، ب: القضاء في الضواري والحراسة، ص: 228- 229.
(2)
المسند، ج: 2: ك: الحدود، ب (2) في حد السرقة، ص: 82، الأثر:267.
(3)
المصنف، ج: 10، ك: اللقطة، ب: سرقة العبد، ص: 238- 239، الأثر: 18977- 18978.
(4)
السنن الكبرى، ج: 8، ك: السرقة، ب: ما جاء في تضعيف الغرامة، ص:278.
وقال عبد الرزاق:
عن ابن جريج، قال: حدثني هشام بن عروة، عن عروة، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أخبره عن أبيه، قال: توفي حاطب وترك أعبُداً، منهم من يمنعه من ستة آلاف، يعملون في مال الحاطب بشمران (1) فأرسل إلي عمر ذات يوم ظهراً وهم عنده، فقال: هؤلاء أعبدك سرقوا، وقد وجب عليهم ما وجب على السارق وانتحروا ناقة لرجل من مزينة اعترفوا بها، ومعهم المزني، فأمر عمر أن تقطع أيديهم، ثم أرسل وراءه فرده، ثم قال لعبد الرحمن بن حاطب: أما والله لولا أنى أظن أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو أن أحدهم يجد ما حرم الله عليه لأكله، لقطعت أيديهم، ولكن والله – إذا تركتهم – لأغرمنك غرامة توجعك، ثم قال للمزني: كم ثمنها؟ قال: كنت أمنعها من أربعمائة، قال: أعطه ثمانمائة.
وقال:
عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن غلمة لأبيه عبد الرحمن بن حاطب سرقوا بعيراً فانتحروه، فوجد عندهم جلده ورأسه، فرفع أمرهم إلى عمر بن الخطاب، فأمر بقطعهم فمكثوا ساعة، وما نرى إلا أن قد فرغ من قطعهم، ثم قال عمر: علي بهم، ثم قال لعبد الرحمن، والله إني لأراك تستعملهم ثم تجيعهم، وتسيء إليهم حتى لو وجدوا ما حرم الله عليهم لحل لهم، ثم قال لصاحب البعير: كم كنت تعطي لبعيرك؟ قال: أربعمائة درهم، قال لعبد الرحمن: قم، فأغرم لهم ثمانمائة درهم.
(1) صوابه: شميران، بالياء المثناة بين الميم والراء، انظر ياقوت الحموي- معجم البلدان، ج:1، ص: 141، وج: 3، ص:364.
وقال البيهقي:
أخبرنا أبو زكريا بن أبى إسحاق وأبو سعيد بن أبى عمرو، قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا أبو أحمد بن عبد الوهاب، أنبأ جعفر بن عون، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الحمن بن حاطب، قال: أصاب غلمان لحاطب بن أبي بلتعة بالعالية ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها واعترفوا بها، فأرسل إليه عمر، فذكر ذلك له وقال: هؤلاء أعبُدك قد سرقوا، انتحروا ناقة رجل من مزينة، واعترفوا بها، فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم أرسل بعدما ذهب فدعاه، وقال: لولا أني أظن أنكم تجيعونهم حتى أن أحدهم أتى ما حرم الله- عز وجل – لقطعت أيديهم، ولكن والله لئن تركتهم لأغرمنك فيهم غرامة توجعك، فقال: كم ثمنها، للمزني، قال: كنت أمنعها من أربعمائة، قال: فأعطه ثمانمائة.
فدرأ عمر – رضي الله عنه – الحد عن الأعبد، وغرم مولاهم ثمن الناقة مضاعفاً، وما من شك عندنا، في أن أساس درء الحد عن الأعبد اعتبار قرينة الجوع مسقطة للمسؤولية عنهم، وأن أساس مضاعفة الغرامة على حاطب اعتبار مسؤوليته الجزئية ناتجة عن قرينة الإهمال لأعبده، وعدم إعالتهم إعالة كافية، تصرفهم عن البحث عما يسد رمقهم.
ومن عجيب أن يقول مالك – رحمه الله: (وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة، ولكن مضى أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها) ولا بما حاول ابن التركماني في (جوهره)(1) وابن عبد البر في (استذكاره)(2) أن يدعما به رأي مالك ومن سلك سبيله، ويحتجا له، فحكم عمر يشمل ثلاثة أحكام:
الأول: درء الحد عن الأعبد الذين سرقوا اعتباراً لقرينة الجوع.
الثاني: تغريم سيد الأعبد قيمة الناقة المسروقة لصاحبها بقيمتها التي صدق عمر صاحبها إذ قال إنه امتنع من قبولها لناقته.
الثالث: إنزال عقاب بحاطب صاحب الأعبد الذين سرقوا، بمثل قيمة الناقة المسروقة، أما لماذا دفعها إلى صاحب الناقة، ولم يحتفظ بها لبيت مال المسلمين؟ فهي تعويض لصاحب الناقة، عما أصابه من ألم نفسي حين وجد ناقته قد نحرت، وما تحمله من عنت بالمجيء إلى عمر متعدياً إياه على السارقين، ولعله قد أضاع في ذلك وقتاً وجهداً قد يعودان عليه بكسب.
(1) على هامش البيهقي، المصدر السابق.
(2)
انظر الاستذكار، ج:22، ص: 260- 262، فقرات: 22702- 22718.
أما ادعاء المظاهرين لمالك نسخ هذا الأثر بما زعموه من إجماع على خلافه، فيدفعه أن قضاء عمر لم يكن مجرد اجتهاد منه، وإنما هو تطبيق لنص ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل لعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وجليّ أنه لا التفات إلى ما يحاول البعض أن يريبوا به في أحاديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وليس هذا مجال الوقوف مع هؤلاء لدمغ ما يحاولونه مما لو قبلناه لضاع عنا الكثير من العلم، واضطررنا في كثير من الأحكام إلى ترك السنة النبوية والقول بالرأي، أعاذنا الله من ذلك.
وحديث عمرو بن شعيب هذا أخرجه:
أحمد (1) وأبودواد (2) والنسائي (3) وابن ماجه (4) والحاكم (5) والدارقطني (6) والبيهقي (7) والبغوي (8) واللفظ لأحمد في أولى رواياته له:
(1) المسند، ج: 11 (مؤسسة الرسالة)، ص: 273- 274، ح: 6683، وص: 358، ح: 6746، وص: 492، ح: 6891، وص: 528، ح:6936.
(2)
السنن، ج: 2، ك: اللقطة، ص: 136- 137، ح:1710.
(3)
السنن الكبرى، ج: 4، ك (69) قطع السارق، ب (21) القطع في سرقة ما آواه المراح من المواشي، ص: 344، ح:7447/1- وفي المجتبى- ج: 8، ك (46) قطع السارق، ب (12) الثمر يسرق بعد أن يؤويه الجرين، ص: 85- 86، ح: 4959
(4)
السنن، ج: 2، ك (20) الحدود، ب (28) من سرق من الحرز، ص: 865- 866، ح:2596.
(5)
المستدرك، ج: 4، ك: الحدود، ص:381.
(6)
السنن، ج:3، ك: الحدود والديات وغيره، ص: 194- 195، ح: 233- وج: 4، ك: في الأحكام والاقضية وغير ذلك، ص: 236، ح:114.
(7)
السنن الكبرى، ج: 4، ك: الزكاة، ب: من قال: المعدن ركاز فيه الخمس، ص: 152- 153- وج: 6، ك: اللقطة، ب: ما يجوز له أخذه، وما لا يجوز مما يجده، ص: 190-.
(8)
شرح السنة، ج: 8، ك: الفرائض، ب: اللقطة، ص: 318- 319، ح:2211.
حدثنا يعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، جئت أسألك عن الضالة من الإبل؟ قال:((معها حذاؤها وسقاؤها تأكل الشجر وترد الماء فدعها حتى يأتيها باغيها)) قال: الضالة من الغنم؟ قال: ((لك أو لأخيك أو للذئب، تجمعها حتى يأتيها باغيها)) قال: الحريسة (1) التي توجد في مراتعها؟ قال: ((فيها ثمنها مرتين وضرب نكال وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المِجَنّ)) قال يا رسول الله، فالثمار، وما أخذ منها في أكمامها؟ قال:((من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنه فليس عليه شيء، ومن احتمل، فعليه ثمنه مرتين وضرباً ونكالاً، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن)) قال: يا رسول الله، واللقطة نجدها في سبيل العامرة؟ قال:((عرّفها حولاً، فإن وجد باغيها فأدها إليه، وإلا فهي لك)) قال: ما يوجد في الخرب العادي؟ قال: ((فيه وفي الركاز الخمس)) .
(1) قال أبو عبيد- غريب الحديث، ج:3، ص: 98- 99. فالحريسة تفسر تفسيرين: فبعضهم يجعلها السرقة نفسها، يقال: حرست أحرس حرسا، إذا سرق، فيكون المعنى أنه ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع حتى يؤويها المراح. والتفسير الآخر: أن يكون الحريسة هي المحروسة، فيقول: ليس فيما يحرس في الجبل قطع، لأنه ليس بموضع حرز وإن حرس.
وقال ابن عبد البر (1) - عند تعقيبه على حديث مالك المرسل، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي ((لا قطع في ثمر
…
)) الحديث -:
حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي وعبيد بن عبد الواحد البزار، قالا: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثنا يحيى بن أيوب والليث بن سعد، قالا: حدثنا محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق، فقال:((من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه، وقال عبد الله: غرامة مثله، ثم اتفقا: ومن سرق منه شيئاً بعد أن يأويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع. زاد الترمذي: ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثله والعقوبة)) .
(1) التمهيد، ج:19، ص:211.
ومن طرائف ابن عبد البر قوله معقباً على هذا الحديث- إذ لم يستطع ادعاء ضعفه أو تجريحاً في سنده -: (ففي هذا الحديث كلمة منسوخة وهي قوله: وغرامة مثليه) إلى آخر ما قال، ولسنا ندري كيف تنسخ كلمة واحدة من حديث وتبقى بقيته صحيحة، ثم إذا كانت فيه كلمة منسوخة هي كلمة (مثليه) ؛ فماذا يقول في ما رواه هو في آخر هذا الحديث من إدارج محمد بن إسماعيل الترمذي في روايته له، إذ قال:(زاد الترمذي: ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة) ولم يجرح هذا الإدارج، لقد كان عليه أن يقول أيضا أن كلمة (العقوبة) منسوخة، فتكون في الحديث كلمتان منسوختان بزعمه، هي كلمة (مثليه) وكلمة (والعقوبة) والكلمتان وردتا في روايات سابقة، الأولى: كلمة (مثليه) وردت في معظم الروايات السابقة لهذا الحديث، والثانية كلمة (والعقوبة) التي أطلقنا عليها وصف (الإدارج) من الترمذي (محمد بن إسماعيل) وهي في الواقع ليست إدارجا إلا من ناحية اللفظ، أما من ناحية المعنى فهي مماثلة لكلمة (النكال) الواردة في روايات أحمد رقم: 6683- 6891- 6936، التي سقناها آنفا، وفي رواية النسائي المماثلة لها (1) .
(1) انظر التعليق رقم (111) .
ومضاعفة الغرامة نوع من النكال، ولو كانت منسوخة أو كان النكال منسوخا لما ضاعف عمر العقوبة على حاطب حين سرق أعبده، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ما فعل، فكان حكمه بمثابة إجماع منهم، ونظن أن أي عاقل لا يمكن أن يزعم أن عمر والصحابة معه كانوا يجهلون نسخ النكال أو الغرامة، وكانوا يقدمون على إيقاع الغرامة- وهي كما قلنا آنفا نوع من النكال- من عمر على حاطب وهم يعلمون أنها منسوخة، غفر الله لأبي عمر، ولمن قال مثل قوله.
وقوله (1) - معقبا على حديث رافع بن خديج- وله علاقة من بعض الوجوه بحديث عمرو بن شعيب:
حديث عمرو بن شعيب أصل عند جمهور أهل العلم في مراعاة الحرز واعتباره في القطع، ثم ساق الحديث من طريق أبي داود الذي أشرنا إليه آنفا.
ثم قال: (2) :
والذي عليه جمهور العلماء القول بهذين الحديثين- يعني حديث عمرو بن شعيب وحديث رافع بن خديج- على ما ذكرنا عنهم، وكذلك لا أعلم أحدا قال بتضعيف القيمة غير أحمد بن حنبل. ثم قال:
قوله في هذا الحديث: فعليه غرامة مثليه، منسوخ بالقرآن والسنة، فالقرآن، قول الله – عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ} (3) ولم يقل: بمثلي ما عوقبتم به، وقضى النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق شقصا له في عبد بقيمته قيمة عدل، ولم يقل بمثلي قيمته ولا بتضعيف قيمته، وقضى في الصحفة بمثلها، لا بمثليها.
(1) التمهيد، ج: 23، ص:312.
(2)
ص: 314.
(3)
النحل: 126.
قلت:
يشير إلى حديث أنس بن مالك (1) وعائشة (2) رضي الله عنهما في قصة غيرة عائشة من صفية أو أم سلمة (3) رضي الله عنهن.
(1) أخرجه أحمد – المسند، ج: 9 (ط: دار الفكر)، ص: 485، ح: 25209- و ج: 10، ص: 148- 149، ح: 26426- وأبو داود- السنن، ج: 3،ك: البيوع، ب: فيمن أفسد شيئا يغرم مثله، ص: 297، ح: 3567- والنسائي- السنن الكبرى، ج: 5، ك (79) عشرة النساء، ب (4) الغيرة، ص: 285، ح: 8903/1- وفي المجتبى- ج: 7، ص: 70، ح:3955.
(2)
أخرجه: أبو داود - المصدر السابق، ص: 297- 298، ح: 3568- والنسائي- المصدر السابق: ص: 285- 286، ح: 8904/2 و 8905/3- وفي المجتبى- المصدر السابق، ص: 70- 71، ح: 3956- 3957.
(3)
اختلف الرواة في تعيين صاحبة الصحفة، وجلهم أنها صفية بنت حيي بن أخطب، وانفرد النسائي- في ما نعلم برواية فيها أنها أم سلمة، ومع أن سندها أقوى من أسانيد الروايات التي تسميها صفية، فإنا نرجح أنها صفية، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها سنة سبع وهي تقريبا السنة التي تكون عائشة رضي الله عنها في السنة الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمرها المبارك، أي في عنفوان الفترة التي تغلب فيها العاطفة على تصرفات المرأة، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أم سلمة في السنة الثانية من الهجرة وهي تقريبا نفس السنة التي بنى فيها بعائشة، وهذا يعني أن التعايش بينهما صار مألوفا في السنة السابعة ثم أن كلتيهما قرشية، في حين أن صفية من أصل يهودي، واليهود مشهورون بإيجادة الطبخ، وفضلا عن ذلك فصفية التي كانت سبيا وكان أبوها من ألد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها، قد تشعر بالحاجة- أكثر من اللاتي سبقنها- إلى اكتساب ود رسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهار ما قد يكون لها من خصائص ومميزات له ولشريكاتها من أزواجه، ومن شأن ذلك أن يجعلهن معها في وضع رضي مريح، وذلك ما قد يوحي به لفظ أحمد الذي أدرجناه في الأصل، وفيه أن عائشة- رضي الله عنها أخذتها رعدة لم تتمالك معها أن فعلت ما فعلت.
ولفظ حديث أنس (1) :
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا حميد، قال: قال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين، فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام، فضربت يد الرسول، فسقطت القصعة، فانكسرت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين، فضم إحداهما إلى الأخرى، فجعل يجمع فيها الطعام، ويقول:((غارت أمكم! كلوا)) ، فأكلوا، فأمر حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول، وترك المكسورة في بيت التي كسرتها.
ولفظ حديث عائشة (2) :
حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا عبد الواحد، عن أفلت بن خليفة قال أبو سفيان: يقول: فليت- عن جسرة بنت دجاجة، عن عائشة، قالت: بعثت صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام قد صنعته له وهو عندي، فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة حتى استقلني أفكل، فضربت القصعة، فرميت بها، قالت: فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت الغضب في وجهه، فقلت: أعوذ برسول الله أن يلعنني اليوم، قالت: قال: ((أولى؟)) قالت: قلت: وما كفارته يا رسول الله؟ قال: ((طعام كطعامها وإناء كإنائها)) .
(1) اللفظ للنسائي
(2)
اللفظ لأحمد من روايته الثانية في المسند رقم: 26426.
وما نظن ابن عبد البر رحمه الله يبيح لنفسه أن يقارن فعل عائشة رضي الله عنها -الناشيء عن شدة حبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة غيرتها من شريكاتها أمهات المؤمنين _رضي الله عنهن- لاسيما من صفية، هذه الجديدة المتباهية عليهن- إن ثبت أنها صفية- بفعل سارق دفعه الجوع أو أي إغراء إلى سرقة ما لا تبلغ قيمته ثمن المجن، وما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عقابه تغريمه مثلي ما سرق، فشتان بين الأمرين، سعي في سبيل الاستئثار بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل أقل ما يوصف به أنه تصرف في مال الغير بغير حق، فكيف يكون الحكم في الأمرين واحد.
أما دعوى ابن عبد البر وغيره نسخ كلمة (مثليه) اعتمادا على قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} (1) وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فاحتجاج عجيب، فلو سلمنا أن كلمة (مثليه) منسوخة وحدها من حديث عبد الله بن عمرو دون سائر الحديث، فكيف يمكن النسخ بهاتين الآيتين، ذلك بأن سورة البقرة من أول ما نزل بعد الهجرة، وآية {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} نزلت في غزوة الحديبية حين منعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أداء العمرة (2) . ونزلت سورة النحل أو جلها في مكة، ومن الآيات التي نزلت في المدينة على قول بعضهم، آية:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} قالوا: إنها نزلت بعد غزوة (أحد) حين هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثأر لحمزة رضي الله عنه -من الذين مثلوا به من المشركين، والآيتان كلتاهما نزلتا قبل أن يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها وقبل أن تكون عائشة رضي الله عنها قد بلغت أشدها واستوت، بحيث تقدم على البطش بصحفة بعثتها شريكتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يستقيم القول بأن الآيتين، وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة بتعويض صحفة شريكتها بمثلها، نواسخ لكلمة في حديث عبد الله بن عمرو.
(1) البقرة: 194.
(2)
انظر الواحدي – أسباب النزول، ص:88.
يضاف إلى هذا لفظ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أنه رضي الله عنه سمع المزني يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن عمرو لم يسلم إلا بعد السنة السابعة، فكيف تنسخ آية نزلت في غزوة الحديبية في السنة السادسة، وأخرى نزلت في غزوة (أحد) التي كانت في الشهر الثاني والثلاثين من الهجرة كلمة من حديث كان مورده في السنة السابعة أو بعدها بقليل، هل يمكن أن ينزل الناسخ قبل وقوع المنسوخ؟!.
لقد أطلنا الوقفة مع ابن عبد البر لما في دعواه من أعاجيب، منشؤها محاولة أتباع المذاهب الانتصار لأقوال أئمتهم، وإن اضطرهم ذلك إلى إغفال القرائن التاريخية التي تدمغ ما يستظهرون به من حجج وبراهين، لكن قبل أن نترك ابن عبد البر، نورد كلاما شريفا بديعا للموفق بن قدامة (1) قال: رحمه الله مناصرا قول أحمد، رحمه الله، المطابق لحديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه:
قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه، واعتذر بعض أصحاب الشافعي عن هذا الخبر بأنه كان حين كانت العقوبة في الأموال ثم نسخ ذلك.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو حجة لا تجوز مخالفته إلا بمعارضة مثله، أو أقوى منه، وهذا الذي اعتذر به هذا القائل دعوى للفسخ بالاحتمال من غير دليل عليه، وهو فاسد بالإجماع، ثم هو فاسد من وجه آخر، لقوله:((من سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع)) فقد بين وجوب القطع مع إيجاب غرامة مثليه، وهذا يبطل ما قاله. وقد احتج أحمد بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة حين انتحر غلمانه ناقة رجل من مزينة، مثلي قيمتها
…
إلخ.
(1) المغني، ج:10، ص: 260، ف:7275.
قلت:
ونضيف إلى هذا القول البديع لموقف ابن قدامة ملاحظة لابد منها، وهي أن ابن عبد البر ادعى الإجماع على نسخ كلمة (مثليها) ثم أقر بأن أحمد لم يقل به، فكيف يستقيم هذا الإجماع، إلا أن يكون الإجماع عند ابن عبد البر إجماعا مذهبيا، أو مرادفا (لقول الجمهور) مهما يكن، فإجماعات ابن عبد البر معروفة، وهي غرائبه.
وإنما اضطررنا اضطرارا إلى هذه الوقفة المستطيلة بعض الشيء مع ابن عبد البر، لموقفه من حديث عبد الله بن عمرو، لأن هذا الحديث عندنا- والله أعلم بأسرار شريعته وخفايا تصرف من اصطفاهم بإلهامه من عباده- هو الأساس الذي قام عليه تغريم عمر رضي الله عنه -لأعبد حاطب، وقام عليه من حكم بمثل حكمه بعده، فهو أساس لأحكام ليست اجتهادية، وإنما هي تطبيقية لحديث نبوي شريف ثابت صحيح، وحكم عمر هو السند التطبيقي لاعتبار القرينة رافعة للحد في بعض الأحيان، وإن كانت مثبتة لحق الله أو ما يسميه واضعو القوانين الوضعية (الحق العام) . فقد يسقط حق الفرد أو يحكم في شأنه بالأخف، لكن حق الله أو (الحق العام) على لغة رجال القانون لا يسقط. والشرع الإسلامي أشد حرصا على حق الله أو (الحق العام) منه على حقوق الفرد، لأن حماية المجتمع أهم من حماية الفرد، والقاعدة الأساسية في تشريعات الأحكام هي رعاية مصلحة المجتمع أولا، وإن كانت رعايتها على حساب الفرد.
العلامات والأمارات قرائن شرعا.
ثبت في السنة النبوية الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمد العلامات والأمارات مصادر للشهادة، وبينات في الأحكام، ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:((إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ} (1)) ) الحديث تعليق: أخرجه:
أحمد - المسند، ج: 18 (ط: مؤسسة الرسالة)، ص: 194، ح:11651.
وهذا لفظه:
حدثنا سريج، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان)) قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [التوبة: 18] .
و ص: 251، ح: 11725- قال: حدثنا حسن، حدثنل ابن لهيعة، حدثنا دراج، فذكره.
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 4، أبواب الإيمان، ب (8) ما جاء في حرمة الصلاة، ص: 364، ح: 2617- قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، وذكر الحديث.
(1) التوبة: 18.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث غريب حسن.
و ج: 5، أبواب تفسير القرآن، ب (10) ومن سورة التوبة، ص: 171- 172، ح: 3093- قال:
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، وساق الحديث.
وابن ماجة- السنن، ج: 1، ك (4) المساجد والجماعات، ب (19) لزوم المساجد وانتظار الصلاة، ص: 263، ح: 802- قال:
حدثنا أبو كريب، حدثنا رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
والدارمي- السنن، ج:1، ك (2) الصلاة، ب (23) المحافظة على الصلوات، ص: 295، ح: 1203- قال:
أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
وابن خزيمة- الصحيح، ج: 2، ك: الإمامة في الصلاة
…
، ب (25) الشهادة بالإيمان لعمار المساجد
…
، ص: 379، ح: 1205- قال:
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا عبد الله بن وهب، اخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
وعبد بن حميد- المنتخب، ج: 2، ص: 82، ح: 921- قال:
حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن دراج، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 5، ك: الصلاة، ب (9) فضل الصلوات الخمس، ص:6، ح: 1721- قال:
أخبرني عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، وساق الحديث.
والحاكم- المستدرك، ج: 1، ك: الصلاة، ص: 212- 213- قال:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب، أخبرك عمرو بن الحارث، ح
وأخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أصبغ بن الفرج، أنبأ عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذه ترجمة للمصريين، لم يختلفوا في صحتها أو صدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه.
وقال الذهبي: دراج كثير المناكير.
وعنه البيهقي - السنن الكبرى، ج: 3، ك: الصلاة، ب: فضل المساجد..ص: 66.
و ج: 2، ك: التفسير، ص: 232:
حدثنا دعلج بن أحمد السجزي، حدثنا أحمد بن بشر بن سعد المرثي، حدثنا خالد بن خداش، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الذهبي: صحيح.
قلت:
هذا من أعاجيب (الإمام
…
) الذهبي، يقول عن هذا الحديث أول مرة (دراج له مناكير) ثم ينسى أو يغير رأيه، فيقول عنه بنفس اللفظ والسند:(صحيح) فأين ذهبت مناكير دراج؟.
وأخرجه:
ابن عدي- الكامل، ج:3، عند ترجمته لدراج أبو السمح، ص: 281- حدثنا علي بن إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، حدثنا عمرو، عن دراج، وساق الحديث.
وقال في آخر ترجمته:
وسائر أخبار دراج- غير ما ذكرت من هذه الأحاديث- يتابعه الناس عليها، وأرجو- إذا أخرجت دراج وبريته من هذه الأحاديث التي أنكرت عليه- أن سائر أحاديثه لا بأس بها، ويقرب صورته ما قال عنه يحيى بن معين، يعني بذلك ما ذكره في صدر ترجمته له من قوله: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: قلت ليحيى ابن معين: دراج أبو السمح، قال: ثقة.
وانظر تاريخ الدارمي، ص: 107، س:315.
وص: 1013- عند ترجمته لرشدين بن سعد:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغزي، حدثنا محمد بن أبي السري، حدثنا رشدين، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
ثم قال في نهاية الترجمة:
وهو مع ضعفة يكتب حديثه.
وأبو نعيم- حلية الأولياء، ج: 8، عند ترجمته لعبد الوهاب بن وهب، ص: 327- قال:
حدثنا محمد بن الحسن اليقطيني، حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، فذكره.
والبغوي – معالم التنزيل، ج: 3، ص: 19- قال:
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن التسوي، حدثنا أحمد بن الحسن الحيري، حدثنا محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن الفرج الحجازي، حدثنا بقية، حدثنا أبو الحجاج المهدي، عن عمرو بن الحارث، عن أبي الهيثم، فذكره. .
ومنه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أردت الخروج إلى خيبر) وفيه: ((إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته)) تعليق: اللفظ لأبي داود- السنن، ج: 4، ك: الأقضية، ب: في الوكالة، ص: 314، ح:3632.
وسنده: حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، حدثنا عمي، حدثنا أبي، عن ابن أبي إسحاق، عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
وهذا طرف من حديث طويل، أشار إليه البخاري تعليقا- الصحيح، ج: 2، ك (87) فرض الخمس، ب (15) ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، ص: 964- فقال:
وما أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر.
ووصله ابن حجر في تغليق التعليق- ج: 3، ص: 476- 477- فقال:
وأما ما أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر، فذلك في الحديث الذي قرأته على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، عن محمود وأسماء وحمير ابني إبراهيم بن منده، أن محمد بن أحمد بن عمر، أخبرهم: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد علي السمسار، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري، حدثنا عمي- هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد- حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، فذكر الحديث بطوله، وليس من شأننا في هذا المجال، وفيه:((إذا أتيت وكيلي بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقا)) قال: فلما وليت دعاني، فقال:((خذ منه ثلاثين وسقا، فوالله ما لآل محمد بخيبر تمرة غيرها، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته)) الحديث.
وأخرجه الدارقطني في سننه- ج: 4، ك: المكاتب، ب: الوكالة، ص: 154، ح: 1- فقال:
حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري، حدثنا عمي، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن أبي نعيم يعني وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول: أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فسلمت عليه، فقلت له: إني أريد الخروج إلى خيبر، فأحببت التسليم عليك بأبي أنت وأمي يكون ذلك آخر ما أصنع بالمدينة، قال:
فقال لي: ((إذا أتيت وكيلي بخيبر، فخذ منه خمسة عشر وسقا)) قال: فلما وليت دعاني، فقال لي:((خذ منه ثلاثين وسقا، فوالله ما لآل محمد بخيبر تمرة غيرها، فإن ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته)) وذكر باقي الحديث. .
ومنه حديث وائل بن حجر: خرجت امرأة إلى الصلاة، فلقيها رجل فتجللها بثيابه، فقضى حاجته منها، وذهب، وانتهى إليها رجل فقالت له: إن الرجل فعل بي كذا وكذا فذهب الرجل في طلبه، فانتهى إليها قوم من الأنصار، فوقعوا عليها، فقالت لهم: إن رجلا فعل بي كذا وكذا، فذهبوا في طلبه، فجاؤوا بالرجل الذي ذهب في طلب الرجل الذي وقع عليها، فذهبوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هو هذا، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه، قال الذي وقع عليها: يا رسول الله، أنا هو، فقال للمرأة:((اذهبي قد غفر الله لك)) وقال للرجل قولا حسنا، فقيل: يا نبي الله، ألا ترجمه؟ فقال:((لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم)) تعليق: هذا لفظ أحمد - المسند، ج: 10، ص: 353، ح: 27309- قال:
حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، قال حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، فذكره.
وأخرجه:
أبو داود - السنن، ج:4، ك: الحدود، ب: في صاحب الحد يجيء فيقر، ص: 134، ح: 4379- فقال:
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا الفريابي، حدثنا إسرائيل، حدثنا سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، أن امرأة خرجت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة فتلقاها رجل فتجللها، فقضى حاجته منها، فصاحت، وانطلق فمر عليها رجل، فقالت: إن ذاك فعل بي كذا وكذا، ومرت عصابة من المهاجرين، فقالت: إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها، فأتوها به، فقالت: نعم هو هذا، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها، فقال: يا رسول الله أنا صاحبها، فقال لها:((اذهبي فقد غفر الله لك)) وقال للرجل قولا حسنا. قال أبو داود: يعني الرجل المأخوذ- وقال للرجل الذي وقع عليها: ((ارجموه)) ، فقال:((لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم)) .
والترمذي – الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الحدود، ب (22) ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنا، ص: 122- 123، ح: 1454- قال:
حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن يوسف، عن إسرائيل، قال: حدثنا سماك بن حرب، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن غريب صحيح، وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه.
والنسائي – السنن الكبرى، ج:4، ك (67) الرجم، ص: 313- 314، ح: 7311/3- قال:
أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني، قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة- وهو القناد- عن أسباط بن نصر، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، زعم أن امرأة وقع عليها رجل في سواد العتمة، وهي تعمد إلى المسجد، مكروه على نفسها، فاستغاثت برجل مر عليها، وفر صاحبها، ثم مر عليها ذوي عدل فاستغاثت بهم، فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه وسبقهم الآخر، فجاؤوا به يقودونه إليها، فقال لها: أنا الذي أغثتك، وقد ذهب الآخر، قال: فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته وقع عليه، وأخبر القوم أنهم أدركوه يشتد، فقال: إنما كنت أعينها على صاحبها، فأدركني هؤلاء فأخذوني، قالت: كذب، هو الذي وقع علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((انطلقوا به فارجموه)) فأقبل الرجل من الناس، فقال: لا ترجموه وارجموني، فأنا الذي فعلت بها الفعل، فاعترف، فاجتمع الخبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وقع عليها والذي أغاثها والمرأة، فقال لها:((اذهبي فقد غفر الله لك)) وقال للذي أغاثها قولا حسنا، فقال: الرجم للذي يعترف بالزنا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه قد تاب إلى الله)) . .
قلت:
في هذا الحديث من قواعد الحكم ثلاث:
1-
اعتبار وجود شخص وحده قريب من موقع الجريمة، قرينة على أنه مقترفها.
2-
اعتبار استغاثة من وقعت عليه الجريمة دليلا على أنه أكره عليها.
3-
اعتبار الإقرار الاختياري ممن لم يكن مشتبها فيه بأنه هو الجاني، رغبة منه في إظهار الحق وتبرئة من كان الاتهام متجها إليه بقرينة، قرينة على حسن توبته، وعلى أنه قد تاب قبل القدرة عليه، وهو لذلك معفو عنه، مرفوع عنه العقاب، غير متابع بحق الله ولا بحق العباد.
وشبيه بهذا الحديث، ولعله أصل له، ما ذكره ابن القيم (1) من قضاء الحسن عليه السلام بين يدي أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويأمر منه، إذ قال:
ومن قضايا علي-رضي الله عنه أنه أتي برجل وجد في خربه بيده سكين متلطخ بدم، وبين يديه قتيل يتشحط في دمه، فسأله، فقال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فاقتلوه، فلما ذهبوا به، أقبل رجل مسرعا، فقال: يا قوم، لا تعجلوا، ردوه إلى علي، فردوه، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، ما هذا صاحبه، أنا قتلته. فقال علي للأول: ما حملك على أن قلت: أنا قتلته، ولم تقتله، قال: يا أمير المؤمنين، وما أستطيع أن أصنع؟ وقد وقف العسس على الرجل يتشحط في دمه وأنا واقف، وفي يدي سكين، وفيها أثر الدم، وقد أخذت في خربة، فخفت أن لا يقبل مني، وأن يكون قسامة، فاعترفت بما لم أصنع، واحتسبت نفسي عند الله، فقال علي: بئس ما صنعت، فكيف كان حديثك؟ قال: إني رجل قصاب، خرجت إلى حانوتي في الغلس، فذبحت بقرة وسلختها، فبينما أنا أصلحها والسكين في يدي، أخذني البول، فأتيت خربة كانت بقربي، فدخلتها، فقضيت حاجتي، وعدت أريد حانوتي، فإذا أنا بهذا المقتول يتشحط في دمه، فراعني أمره، فوقفت أنظر إليه والسكين في يدي، فلم أشعر إلا بأصحابك قد وقفوا علي، فأخذوني، فقال الناس: هذا قتل هذا، ما له قاتل سواه، فأيقنت أنك لا تترك قولهم لقولي، فاعترفت بما لم أجنه، فقال علي للمقر الثاني: فأنت كيف كانت قصتك؟ فقال: أغواني إبليس، فقتلت الرجل طمعا في ماله، ثم سمعت حس العسس، فخرجت من الخربة، واستقبلت هذا القصاب على الحال التي وصف، فاستترت منه ببعض الخربة حتى أتى العسس، فأخذوه وأتوك به، فلما أمرت بقتله علمت أني سأبوء بدمه أيضا، فاعترفت بالحق، فقال للحسن: ما الحكم في هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن كان قد قتل نفسا فقد أحيا نفسا، وقد قال الله تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (2) فخلى علي عنهما، وأخرج دية القتيل من بيت المال.
(1) الطرق الحكمية، ص: 76- 77.
(2)
المائدة: 32.
وهذا إن كان وقع صلحا برضا الأولياء- فلا إشكال، وإن كان بغير رضاهم، فالمعروف من أقوال الفقهاء: أن القصاص لا يسقطه، فيتعين استيفاؤه.
وبعد، فلحكم أمير المؤمنين وجه قوي، وقد وقع نظير هذه القصة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنها ليست بقتل) .
قلت:
لم يسند ابن القيم هذا الأثر، ولم نقف له على سند، ولا وجدناه في مظانه من المصادر الموثقة للحديث والآثار، ولكن أثرا وثقه ابن القيم لا يمكن اعتباره إلا صحيحا. فقل في الفقهاء مثل ابن القيم- رحمه الله تثبتا واستيعابا وتحقيقا بل يكاد يكون فريدا في بعض أبواب الفقه، أما ما أشار إليه من استشكال الفقهاء إن كان علي رضي الله عنه فعل ذلك برضا أولياء القتيل أم بدون رضاهم، ومن أقوالهم أن القصاص لا يسقط بذلك لأن الجاني قد اعترف بما يوجبه، ولم يوجد ما يسقطه فيتعين استيفاؤه، فيرده- بل أكاد أقول فيدمغه- ما للإمام من الحق الكامل في تقدير الوقائع وظروفها والقضاء فيها- أيا كانت- طبقا لما يبلغ إليه اجتهاده من أنه الذي يقتضيه العدل والمصلحة العامة.
ورحم الله ابن القيم إذ يقول (1) :
فهاهنا نوعان من الفقه، لا بد للحاكم منهما: فقه في أحكام الحوداث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطابق بين هذا وهذا، فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفا للواقع.
ومن له ذوق في الشريعة، وإطلاع على كمالاتها وتضمينها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح، تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأن من له معرفة بمقاصدها ووضعها وحسن فهمها فيها، لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة.
قلت:
وما أشكل على بعض الفقهاء من قضاء الحسن عليه السلام بمشهد من أبيه علي- رضي الله عنه وبأمر منه في هذه القضية هو عين الفقه بمقاصد الشرع الإسلامي، لو تدبره هؤلاء بعيدا عن القواعد الشكلية التي قعدوها ثم ألزموا بها أنفسهم وغيرهم، بل ألزموا بها شريعة الله.
وبيان ذلك أن عليا رضي الله عنه حين أمر بقتل من وجد قريبا من المقتول وفي يده خنجر ملوث بالدم، ولم يوجد معه غيره في ذلك المكان، اعتمد القرينة الواضحة وهي: وجوده وحيدا، قريبا من المقتول، ووجود خنجر ملوث بالدم في يده، والحالة التي وجد فيها إذا وقف إلى جانب الضحية مشفقا من حالها، لكن من وجدوه، وعليا الذي أتوه به، اعتبروا أن وقفته وقفة المجرم القاتل الذي أذهلته جريمته فوقف لا يدري ما يفعل، أو أبطرته جريمته فوقف وقفة المتشفي أمام ضحيته.
(1) المصدر السابق، ص:7.
ثم لما أعيد إليه مع المقر بأنه الجاني، لم يتردد رضي الله عنه أن يقول:(بئس ما فعلت) استنكارا لإقراره بالقتل، مع وجود ما يثبت صحة إقراره معه.
ولما حكم الحسن عليه السلام في القضية معتمدا الآية الكريمة من سورة المائدة: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} أقره علي على حكمه، اعتبارا- في ما يتراءى لنا والله أعلم بما في ضمير علي والحسن- أولا: بأن القتل لم يكن مقصودا لذاته، وإنما كان وسيلة إلى شيء آخر هو المال الذي لم يجد القاتل إليه سبيلا غير القتل، فهو لذلك وإن يكن عمدا يكاد يكون من شبه العمد، لانعدام القصد إليه لذاته.
وثانيا: إن اعتراف القاتل بجريمته اعترافا اختياريا، مع العلم اليقيني بأن جزاءه القتل، وأنه مقتول لا محالة، يشهد بأنه إن يكن مبتلى بالسرقة طمعا أو هواية، فهو ليس من الوالغين في الدماء، وبأن له ضميرا دينيا يهيمن عليه في أحرج الأوقات، وهو الذي دفعه إلى الاعتراف مختارا، وهو يرى- وجميع الظروف من حوله تشهد شهادة حاسمة- أنه قد نجا حتى من مجرد أن يشتبه فيه، فاقترافه جريمة القتل لا يمكن أن يعتبر اقترافا متعمدا، مستوفيا جميع عناصر العمد، وأوصافه، واعترافه الاختياري بها دليل حاسم على أنه عنصر صالح، ليس من مصلحة المجتمع أن يفقد مثله لمجرد إشفاء غيظ أقارب المقتول، وأن العفو عنه يجعل منه في المجتمع وله، رمزا متحركا، ناطقا لمعنى العقوبة والمقصد منها في شريعة الله، فليس من شرع الله الانتقام، وإنما الشرع إصلاح المجتمع، وإن على حساب الفرد.
وثالثا: إرساء قاعدة من الحكم قد تخفى على الكثير، وهي أن الإمام الأعظم- إذا كان ملتزما التزاما كاملا بتطبيق شريعة الله على وعي شامل بمقاصدها- يملك أن يتجاوز بأحكامه ما قد يعتبر من المظاهر هو العدل والإنصاف، إذا رآه يتنافى مع المقاصد الحقة للشريعة، إلى ما يراه المقاصد الحقة لها، فيتصرف في ما هو من حقوق الأفراد- وإن بغير رضاهم- بما لا يفقدهم حقوقهم، وإن كان لا يستجيب لمواجدهم الظرفية العابرة، في حين ينصف المجتمع ويستجيب لحقه العام.
وذلك بأن حكم البيعة التي في عنقه تلزمه الحفاظ على حقوق المجتمع بأشد مما تلزمه مراعاة المواجد الظرفية للأفراد، لكن على أن يوافق بين مقتضيات مراعاة حقوق المجتمع وبين الحد الضروري لمراعاة حقوق الأفراد، وذلك ما فعله علي رضي الله عنه وهو الملهم الموفق في هذه القضية، إذ ودى القاتل من بيت المال، فكفل حقوق ورثة المقتول في نطاقها النافع، نفعا ماديا، عمليا من بيت مال المسلمين الذين من أجلهم أغفل اعتبار مواجد أولئك الورثة ومشاعرهم.
وهذا نسق من الفقه بديع، كان على الفقهاء الذين استشكلوا الحكم في هذه القضية أن يستشرفوه، إذن، لما أربكهم ما وقعوا فيه من إشكال.
بقيت نكتة أخرى نحرص على إبرازها، وهي تفسير الحسن عليه السلام للآية الكريمة من سورة المائدة، تفسيرا أغفله مفسرو المأثور، وبعيد ألا يكون قد بلغهم، فقد اضطربوا في تفسيرها اضطرابا عجيبا، جرد الآية مما قد يستنبط منها من أحكام لإغناء التشريع، وحماية المجتمع الإسلامي، وصيانة أرواح أبنائه، وهي أن قوله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} بعد قوله: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} إنما هو إتمام لصورة كاملة بنظر الشرع إلى المجتمع الإسلامي، بل والإنساني، فقاتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض يجب قتله لأنه خطر على المجتمع الإسلامي والإنساني والإنساني كله، فهو لذلك وإن قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا، لأن جرأته علي حياة نفس، تعني جرأته علي الحياة قاطبة، وأنه كما اعتدى على نفس قد يعتدي على أنفس شتى، بل لو استطاع لاعتدى على الناس جميعا، لأن النفس الشريرة لا ينحصر شرها في حد ولا في ظرف، فالشر حياتها، به تحيى وبه تتحرك، وبه تتصرف.
يقابل ذلك أن النفس الخيرة التي تعمل على إنقاذ نفس أشرفت على الهلاك، يكون عملها موازنا ومماثلا لإحياء المجتمع الإسلامي والإنساني كافة، فكما عملت على إنقاذ نفس مشرفة على الهلاك، انطلاقا من فطرتها الخيرة، ستعمل- ما بقيت على قيد الحياة- على إكرام حياة المجتمع الإسلامي والإنساني كافة، بالرعاية والصيانة والحماية والافتداء، والله أعلم بأسرار كتابه ومقاصد شريعته.
ومن عجائب أقضية علي – رضي الله عنه – بالأمارات، ما روي عن ابن عباس (1) :
وردت على عمر بن الخطاب واردة قام منها وقعد وتغير وتربد (2) ، وجمع لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعرضها عليهم، وقال: أشيروا عليّ، فقالوا جميعاً: يا أمير المؤمنين، أنت المفزع (3) وأنت المنزع (4) ، فغضب عمر، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (5) فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما عندنا مما تسأل عنه شيء، فقال: أما والله إني لأعرف أبا بجدتها (6) ، وابن بجدتها، وأين مفزعها، وأين منزعها، قالوا: كأنك تعني ابن أبي طالب، قال عمر: لله هو، وهل طفحت (7) حرة بمثله وأبرعته، انهضوا بنا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أتصير إليه؟ يأتيك، فقال: هيهات، هناك شجنة (8) من بني هاشم، وشجنة من الرسول، وأثرة من علم، يؤتى لها ولا يأتي، (في بيته يؤتى الحكم)(9) ، فاعطفوا نحوه، فألفوه في حائط له، وهو يقرأ:{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (10) ويرددها ويبكي، فقال عمر لشريح: حدث أبا حسن بالذي حدثتنا به، فقال شريح: كنت في مجلس الحكم، فأتى هذا الرجل، فذكر أن رجلا أودعه امرأتين حرة مهيرة (11) وأم ولد، فقال له: أنفق عليهما حتى أقدم، فلما كان في هذه الليلة، وضعتا جميعا إحداهما ابنا، والأخرى بنتا، وكلتاهما تدعي الابن وتنتفي من البنت من أجل الميراث، فقال له: بم قضيت بينهما؟ فقال شريح: لو كان عندي ما أقضي به بينهما لم آتكم بهما، فأخذ علي تبنة من الأرض فرفعها، فقال: إن القضاء في هذا أيسر من هذه، ثم دعا بقدح، فقال لإحدى المرأتين: احلبي، فحلبت فوزنه، ثم قال للأخرى: احلبي، فحلبت فوزنه، فوجده على النصف من لبن الأولى، قال لها: خذي أنت ابنتك، وقال للأخرى: خذي أنت ابنك، ثم قال لشريح: أما علمت أن لبن الجارية على النصف من لبن الغلام، وأن ميراثها نصف ميراثه، وأن عقلها نصف عقله، وأن شهادتها نصف شهادته، وأن ديتها نصف ديته، وهي على النصف في كل شيء، فأعجب به عمر إعجابا شديدا، ثم قال: أبا حسن، لا أبقاني الله لشدة لست لها، ولا في بلد لست فيه.
(1) الهندي- كنز العمال، ج: 5، ص: 830- 832.
(2)
قال الأزهري- تهذيب اللغة، ج: 14، ص: 109- نقلا عن الليث: إذا غضب الإنسان تربد وجهه، كأنه يسود منه مواضع.
(3)
قال الأزهري- المصدر السابق، ج: 2، ص: 146: وفلان لنا مفزع، وامرأة لنا مفزع، معناه: إذا دهمنا أمر فزعنا إليه، أي لجأنا إليه واستغثنا به.
(4)
العبارة مشهورة متدوالة، لكن لم أجدها بلفظها في مصادر اللغة الموثقة، وأحسب كلمة المنزع هذه مشتقة من قولهم: صار أمرهم إلى النزعة- بفتح النون المشددة، تليها زاي مفتوحة فعين مفتوحة، فتاء، إذا قام بإصلاحه أهل الأناة وهو جمع نازع. انظر الفيروز آبادي- بصائر ذوي التمييز، ج: 5، ص: 36-. وقال الزمخشري- أساس البلاغة، ج:2، ص: 435: وعاد الأمر إلى النزعة، إذا رجع الحق إلى أهله، كقولهم: أعط القوس باريها.
(5)
الأحزاب: 70- 71.
(6)
قال الجوهري- الصحاح، ج: 2، ص: 443: وقولهم: هو عالم ببجدة أمرك، وبجدة أمرك، وبجدة أمرك، بضم الباء والجيم، أي بدخله أمرك وباطنه، ويقال: عنده بجدة ذلك، بالفتح، أي علم ذلك، ومنه قيل للعالم بشيء المتقن: هو ابن بجدتها.
(7)
قال الزمخشري- أساس البلاغة، ج:2، ص: 73: وطفحت فلانة بالأولاد فاضت وأكثرت. قال النابغة: لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم طفحت عليك بناتق مذكار أي نفسها ناتق، وهي التي تدارك الأولاد من نتق السقاء، يقال: أنتق سقاءك، أنفض ما فيه.
(8)
قال الزمخشري- أساس البلاغة، ج: 1، ص: 479: وبينهما شجنة، رحم، والرحم شجنة من الله، والشجنة، الشعبة.
(9)
مثل مشهور متدوال بين الألسنة.
(10)
القيامة: 36.
(11)
قال الجوهري- الصحاح، ج:2، ص: 821: المهيرة: الحرة.
وتعقبه السيوطي بقوله: أبو طالب علي بن أحمد الكاتب في جزء من حديثه (1) وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني
(1) لم نهتد إلى ترجمة أبي طالب هذا لأن السيوطي لم ينسبه في تعقيبه على هذا الأثر، بل اكتفى بقوله:(أبو طالب علي بن أحمد الكاتب في جزء حديثه) والظاهر أنه موثق عنده، إذ لم يجرحه كما شكك في يحيى بن عبد الحميد الحماني، فساق طرفا من أقوالهم فيه. ويشبه أن يكون خطأ مطبعي ألبس علينا المصدر الذي نقل عنه السيوطي، وأن صوابه (أبو غالب) بدل (أبو طالب) وهو أبو غالب علي بن أحمد بن النضر الأزدي. قال ابن أبي يعلى- طبقات الحنابلة، ج: 1، ص: 222، ت: 304-: علي بن أحمد بن النضر الأزدي أبو غالب، ذكره أبو محمد الخلال من جملة الأصحاب. وترجم له الخطيب- تاريخ بغداد، ج: 11، ص: 316، ت: 6120- فقال: علي بن أحمد بن النضر بن عبد الله بن مصعب أبو غالب الأزدي، وهو أخو محمد بن أحمد بن النضر، وذكر من سمع منهم، ولم يذكر فيهم الحماني. وذكر أنه توفي في يوم الثلاثاء لعشر خلت من رجب سنة خمسة وتسعين ومائتين. وهذا يعني أن احتمال لقائه أبا زكريا يحيى بن عبد الحميد الحماني وارد، ويدعمه أن الخطيب قال في آخر ترجمته للحماني- تاريخ بغداد، ج:14، ص:176-: حدثنا أبو غالب علي بن أحمد بن النضر، قال: مات يحيى الحماني سنة خمس وعشرين، وهذا يعني انه كان متصلا به، أو معنيا بأخباره.
تعليق: أبو زكريا يحيى بن عبد الحميد الحماني، اختلفوا فيه، واستفاضت الرواية عن أحمد بتجريحه تجريحا يبلغ أحيانا التكذيب، انظر مثلا الخطيب- تاريخ بغداد، ج: 14، ص: 167- 177، ت:7483- والرازي- الجرح والتعديل، ج: 9، ص: 168- 170، ت: 695- وابن عدي- الكامل، ج: 7، ص: 2693- 2695.
لكن روي عنه أيضا قوله: لا بأس به، أو ما شاكل ذلك- انظر المراجع السابقة- واضطربت الرواية فيه من ابن نمير، فروي عنه توثيقا، وروي عنه تجريحه- انظر المراجع السابقة- واستفاضت الرواية بتوثيقه عن ابن معين- انظر المراجع السابقة- وابن محرز- معرفة الرجال، ج: 1، ص: 104، ت: 470- والتاريخ لابن معين، برواية الدوري- ج: 3، ص: 270، ت: 1273- وكان ابن معين معنيا بتقصي أخباره وأخبار أبيه، يدل على ذلك ما روي عنه- المرجع السابق، ص: 297، ت: 1204- من قوله: أبو يحيى الحماني، كان من أصل خوارزم.
لكن روى عنه ابن الجنيد في سؤالاته- ص:476، ت: 834- ما يبدو متناقضا مع ما استفاض عنه توثيقه، إذ قال:
قلت ليحيى: حدثنا الحماني، عن الفضل بن شهاب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه – قال: من لبس نعلا صفراء، لم يزل ينظر في سرور، ثم قرأ {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69] .
فقال يحيى: هذا كذاب.
قلت:
لم يأت في سؤالات ابن الجنيد ذكر ليحيى الحماني إلا في هذه الفقرة، والعبارة قد توهم أن الإشارة في (هذا) إلى الحماني، لكن هذا الأثر روي أيضا عن غير طريق الحماني، منسوبا إلى الفضل بن الربيع والفضل بن شهاب، واضطرب الرواة في كلام ابن معين تعقيبا عنه، فنقل عنه أنه قال:(كذب) وأنه قال: (كذاب) وكل من الفضل بن شهاب والفضل بن الربيع، عن ابن جريج، فيه كلام، لذلك نرجح أن جواب ابن معين لابن الجنيد ليس فيه تجريح للحماني، وإنما التجريح الذي فيه للفضل بن شهاب، وبهذا ينتفي التناقض عما روي عن الحماني.
وقد وقف ابن عدي والبخاري من الحماني موقفا أقرب إلى العدل.
قال ابن عدي- المصدر السابق-:يحيى الحماني، وتكلم فيه أحمد كما ذكرت، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين حسن الثناء عليه وعلى أبيه، وذكر أن الذي تكلم فيه تكلم عن حسد، ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير فأذكرها، وأرجو أنه لا بأس به.
وقال البخاري- الضعفاء الصغير، ص: 251، ت: 398-: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو زكريا، يتكلمون فيه، عن شريك وغيره، سكتوا عنه.
وقال- في التاريخ الكبير، ج: 8، ص: 291، ت: 3037-: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو زكريا الحماني، عن شريك، وقيس بن الربيع، ويزيد بن عطاء، وخالد بن عبد الله، يتكلمون فيه، رماه أحمد وابن نمير.
وقال في تاريخه الصغير، ج:2، ص: 328-: ومات فيها- أي سنة: ثمان وعشرين ومائتين- يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، كوفي، كان أحمد وعلي يتكلمان فيه.
قلت:
ذكر عن أحمد أنه جرحه تقليدا لعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي الذي اتهمه بنقل أحاديث من كتب تركها عنده من رواية سليمان بن بلال، ثم ادعى سماعها من سليمان، وفي هذا الاتهام- إن صح- وصم للحماني بالتدليس، وبخيانة الأمانة، إذ فض أختام كتب السمرقندي بدون إذنه، وتركها أمانة عنده، والسمرقندي ليس ممن يتهم، وإن كان البخاري لم يرو عنه، وذكره في تاريخه الصغير: ج: 2، ص:367- في من مات سنة خمس وخمسين ومائتين، ولم يقل عنه شيئا، في حين أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي. والظاهر أن هذه العلة التي نقل عن أحمد أنه اعتل بها في شدته على الحماني، إنما هي تعلة تجنب بها الإفصاح عن العلة الحقيقية، فأحمد رحمه الله كان شديد على أهل الأهواء، ملتزما بتوقير الصحابة جميعا مهما كان من تصرفات بعضهم، وكان الحماني يتهم بالتشيع، وكان يجهر بتجريح معاوية، والإنكار على عثمان، وفي بعض ما نقل عنه- إن صح- في هذا الشأن، جرأة كان ينبغي أن يصون نفسه منها، فعثمان رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة، وممن جاء في القرآن الكريم النص صراحة برضوان الله عليهم من أهل بيعة الرضوان {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 18] ، وهو رضي الله عنه مشمول بهذا النص وإن لم يحضر البيعة، لأنه كان موفدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة لمفاوضة قريش، فلا سبيل لأحد إلى الحديث فيه، وما أخذوا عنه من بعض تصرفاته- إن يكن غير واضح التناسق مع نصوص الشريعة أو مع عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده- فهو من شأنه مع الله، وهو معفو عنه برضوان الله عليه، وبتبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بالجنة، فلا مجال لأي مسلم صحيح الإسلام صادق الإيمان، أن يتحدث فيه أو عنه إلا بالخير.
أما معاوية، فالأفضل الإمساك عنه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استكتبه بعض الوحي أحيانا، وفي غير الوحي من شؤونه، ولأنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى فترة من حياته قريبا منه، ولا نحسب أن عينا رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ستمسها النار، أما ما كان منه، لا سيما انشقاقه عن علي رضي الله عنه وحربه معه، ورفضه بيعته، وما تلا ذلك إلى إرغام الناس على البيعة لابنه يزيد، فأمره إلى الله، ولولا كتابته لرسول الله صلى الله عليه وسلم والفترة التي عاشها قريبا منه لكان للمسلمين معه موقف
…
ولكن مرة أخرى لا نظن أن عينا رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وتشهد أن محمدا رسول الله، ستمسها النار. .
قلت:
إذا صح هذا الأثر (1) ، فإن عليا رضي الله عنه اتخذ من اختلاف كمية حليب المرأتين، وهو أمارة لا غير- قرينة اعتمدها في حكمه، وقد يتفق العلم الحديث مع علي في اعتبار هذا الاختلاف، وقد لا يتفق معه، لكن عليا على أية حال، اعتمده، والذي يعنينا من اعتمادنا له أنه رضي الله عنه اعتبر الأمارة قرينة صالحة للاستدلال في الحكم عند فقدان أية بينة أو قرينة ترجحها.
ومنها ما نقله المزي (2) من غير إسناد- عن أبي بكر بن عياش، قال:
عن عاصم، عن زر بن حبيش: جلس رجلان يتغذيان، مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغذاء بين أيديهما، مر بهما رجل، فسلم، فقال: اجلس للغذاء، فجلس وأكل معهما، واستووا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال: خذاها عوضا مما أكلت لكما ونلته من طعامكما، فتنازعا، فقال صاحب الأرغفة الخمسة: لي خمسة دراهم، ولك ثلاثة، وقال صاحب الأرغفة الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين، فارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقصا عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة: قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك، فارض بالثلاثة، فقال: والله لا رضيت منه إلا بمر الحق، فقال علي رضي الله عنه: ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة دراهم، فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين، هو يعرض على ثلاثة، فلم أرض، وأشرت علي بأخذها، فلم أرض، وتقول الآن: إنه لا يجب لي في مر الحق إلا درهم؟ فقال له علي: عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا، فقلت: لا أرضى إلا بمر الحق، ولا يجب لك في مر الحق إلا درهم، فقال له الرجل: فعرفني الوجه في مر الحق حتى أقبله، فقال علي: أليس للثمانية أرغفة أربعة وعشرون ثلثا أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل، فتحملون في أكلكم على السواء؟ قال: بلى، قال: فأكلت أنت الثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية وبقى له سبعة، وأكل لك واحد من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة، فقال الرجل: رضيت الآن.
(1) الاثر في غاية النكارة، فمن أين يصح؟ (مصحح المجمع)
(2)
تهذيب الكمال، ج: 20، ص: 486- 487، عند ترجمته لعلي بن أبي طالب، ت:4089.
والقرينة التي اعتمدها علي رضي الله عنه في هذا الحكم الذكي البديع، هي اعتبار العدد المستخلص من القسمة التي لا يتعين غيرها في هذا الموقف، وما يدل عليه من أمارة، فلا سبيل إلى معرفة المقدار الذي أكله الأعرابي من خبز صاحب الثلاثة أرغفة، والذي أكله من خبز صاحب الخمسة أرغفة، والأعرابي دفع لهما ثمانية دراهم على عدد الأرغفة التي وجدها عندهما والتصور السليم أنه استهلك من مجموع الأرغفة استهلاكا متماثلا، أو غير قاصد إلى أرغفة هذا أو أرغفة ذاك، والاستنتاج الصحيح، ولا يصح أي استنتاج غيره، هو ما انتهى إليه علي رضي الله عنه من تقسيم الأرغفة إلى أربع وعشرون جزءا، وقسمتها إلى ثلاثة، فلا يكون لصاحب الأرغفة الثلاثة أكثر من درهم واحد، إذ لا يتصور أن يكون الأعرابي استهلك من أرغفة صاحب الثلاثة مثل ما استهلك من أرغفة صاحب الخمسة، بل المتصور أن يكون صاحب الأرغفة الثلاثة قد استهلك من أرغفة صاحب الخمسة، ومع هذا فلا يمكن الجزم بشيء، وحكم علي رضي الله عنه حكم بقرينة الأمارة، ولا سبيل إلى غيره.
وقد تكون رائحة الخمر أبرز الأمارات التي قضى بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أوثق ما ورد في هذا الشأن، صنيع ابن مسعود رضي الله عنه في القصة التي رواها الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة: كان ابن مسعود بالشام، فقالوا: اقرأ علينا، فقرأ سورة يوسف، فقال رجل من القوم: ما هكذا أنزلت، فقال عبد الله: ويحك، والله قد قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:((أحسنت)) ، فبينا هو يراجعه، وجد منه ريح خمر، فقال عبد الله: أتشرب الرجس، وتكذب بالقرآن؟ لا أقوم حتى تجلد الحد، فجلد الحد
تعليق: أخرجها عبد الرزاق - المصنف، ج:9، ك: الأشربة، ب: الريح، ص: 231، ح: 17041- واللفظ له.
وأخرجها:
الحميدي- المسند، ج: 1، ص: 62، ح: 112- فقال:
حدثنا سفيان، قال: حدثنا الأعمش، فذكره.
وأحمد - المسند، ج:6، (مؤسسة الرسالة)، ص: 71، ح: 3591- فقال:
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، أنه قرأ سورة يوسف بحمص، فقال رجل: ما هكذا أنزلت! فدنا منه عبد الله فوجد منه ريح الخمر، فقال: أتكذب بالحق، وتشرب الرجس؟! لا أدعك حتى أجلدك حدا، قال: فضربه الحد، وقال: والله لهكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والبخاري- الصحيح، ج:4، ك (69) فضائل القرآن، ب (8) القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 1613، ح: 5001- فقال:
حدثني محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، فذكره.
ومسلم - الصحيح، ج:1، ك (6) صلاة المسافرين وقصرها، ب (40) فضل استماع القرآن
…
، ص: 551، ح: 801- فقال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش فذكره.
والنسائي - السنن الكبرى، ج:5، ك (75) فضائل القرآن، ب (56) قول المقرئ للقارئ: أحسنت، ص: 29، ح: 8080/1- فقال:
أخبرنا علي بن خشرم، قال: أنبأ عيسى، عن الأعمش، فذكره.
والبزار- البحر الزخار (المسند)، ج: 4، ص: 316، ح: 1499- فقال:
حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، فذكره.
و ج: 5، ص: 178، ح: 1775:
حدثنا أحمد بن سنان، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، أن عبد الله كان بحمص، فقرأ سورة يوسف، فقال رجل: ما هكذا أنزلت، قال: ثم شم منه ريح الخمر، فقال: تشرب الرجس وتكذب الوحي.
وأبو يعلى – المسند، ج: 8، ص: 478، ح: 5068- فقال:
حدثنا عبد الغفار، حدثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: أتيت حمص، فقال لي نفر منهم: يا أبا عبد الرحمن، اقرأ علينا، فقرأت سورة يوسف، فقال لي رجل: ما هكذا أنزلت، قفلت له: ويحك، والله لقد قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((أحسنت)) قال: فبينا أنا أراده بالكلام، إذ وجدت منه ريح الخمر، فقلت له: أتشرب الرجس وتكذب بالقرآن؟ لا جرم، لا تبرح حتى أجلدك حدا، فجلدته حدا.
و ج: 9، ص: 122، ح: 5193:
حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد بن خازم، حدثنا الأعمش، فذكره.
والطبراني- المعجم الكبير، ج:9، ص: 344، ح: 9712- فقال:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن الأعمش، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج: 8، ك: الأشربة والحد فيها، ب: من وجد منه ريح شراب
…
، ص: 315- فقال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل، حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، أنبأ يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، فذكره. .
وقد أثار بعض الفقهاء والمتفقهة شبهات حول هذا الأثر، منها: كيف تولى ابن مسعود رضي الله عنه بنفسه الأمر بإقامة الحد على ذلك الذي وجد منه رائحة الخمر، أو وجدها منه بعض أصحابه على اختلاف الروايات.
مع أن إقامة الحد والأمر به من خصائص المسلمين، أو من ينوبه، وحاولوا بهذه الشبهة أن يريبوا في هذا الأثر، وهي محاولة ساذجة، إذ تقوم على إهمال حقيقة كانت قائمة في ذلك العهد، ما كان ينبغي أن تخفى على أحد، وهي أن صدور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في عهد الخلفاء الراشدين، يقوم الواحد منهم مقام الخليفة، دون أن يكون بحاجة إلى أحد منهم في تنفيذ شرع الله وإقامة حدوده. وربما نقض أحدهم أمر الخليفة بمشهد منه، فلا يعترض عليه، وأكثر ما كان يحدث ذلك من علي في عهد عمر رضي الله عنهما وكان عمر ينزل عند مشورتهم، وابن مسعود رضي الله عنه في مقدمة هؤلاء الصدور، ثم إن الواقعة لا يحتمل أن تكون وقعت في عهد عمر، فما كان أحد كان يجرؤ في عهده وأبو عبيدة عامر بن الجراح على الشام، أو يزيد بن أبي سفيان، أو حتى معاوية نفسه، على أن يشرب الخمر، ولا يتحرج في أن تشتم رائحته منه إذا شهد مجامع الناس، وإن كانوا من العامة، فكيف بمجمع يشهده أو يتصدره مثل عبد الله بن مسعود.
ونكاد نجزم بأن هذه الواقعة وقعت في عهد عثمان رضي الله عنه إذ كان معاوية الحاكم المطلق في الشام، ليس لعثمان معه إلا الاسم من الناحية العملية، وكان بين ابن مسعود وعثمان ما كان من خصام، فهو لذلك لا يرجع إليه، فضلا عن أن يرجع إلى معاوية، وما كان معاوية ليجرؤ على اعتراض أمر يصدره ابن مسعود وأمثاله ممن لم يزالوا أحياء من صدور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا نعرف لابن مسعود سفرا إلى الشام في عهد عمر، وعلقمة راوي الواقعة من صدور أصحاب ابن مسعود، وقد توفي رحمه الله ما بين اثنين وستين وخمس وستين من الهجرة، ومع أن بعضهم قال إنه عمر تسعين سنة، فالراجح أنه كان يلازم صحبة ابن مسعود منذ عهد
عمر، على أن مدرسة الكوفة التي كان محورها ابن مسعود، إنما ترعرعت لأوائل عهد عثمان، لهذا كله، نرى بأن تلك الشبهة التي أثاروها لا سبيل إلى اعتبارها.
أما أن الخبر خبر آحاد، فشبهة لا ينبغي الالتفات اليها، لأننا لو اطرحنا أحاديث وأخبار الآحاد، لاضطرنا إلى أن نحكم الرأي في معظم أحكام شريعة الله، وهذا هو الضلال المبين.
وتصرف ابن مسعود هذا، يقرر قاعدة قول تقطع كل متأول أو متفقه، وهي أن الرائحة- وإن تكن قرينة لا ترقى إلى درجة شهادة الشهود أو الإقرار الاختياري، فهي قرينة قاطعة معتمدة في إقامة حد الله علي شارب الخمر، دون حاجة إلى البحث عن وسيلة للإشهاد عليه أو لحمله على الإقرار، بل إنها في تقديرنا حجة، ولا يجب نقضها، كما يمكن نقض الشهادة بالنكول أو الإقرار بالعدول عنه، وادعاء صدوره اضطرارا.
ولم يكن ابن مسعود- رضي الله عنه ولا من معه بحاجة إلى اكتشاف ما إذا كانت الرائحة التي وجدوها من ذلك الشارب رائحة خمر من عصير عنب أو غيره، حسبهم أنها ما اعتبروه خمرا مسكرا، وفي ذلك تطبيق لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق لا مجال إلى الغمز فيها من قوله:((كل مسكر حرام))
تعليق: الحديث من رواية ابن عمر.
أخرجه:
ابن أبي شيبة - الكتاب المصنف، ج: 7، ك: الأشربة، ب: من حرم المسكر
…
، ص: 101، ح: 3792- قال:
حدثنا إسماعيل بن علية، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كل مسكر حرام)) قال: وقال ابن عمر: كل مسكر خمر.
وص: 104- 105، ح:3802-:
حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن نافع، فذكره.
وأحمد - المسند، ج:8، (طبعة مؤسسة الرسالة)، ص: 268، ح: 4644- فقال:
حدثنا يحيى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الأشربة، ب (2) ما جاء كل مسكر حرام، ص: 441، ح: 1864- فقال:
حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي الكوفي وأبو سعيد الأشج، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن، وقد روي عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وكلاهما صحيح..ورواه غير واحد عن محمد بن عمر عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وعن أبي سلمة عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. .. .. .. ..
والنسائي - السنن الكبرى، ج: 3، ك (41) الأشربة، ب (24) تحريم كل شراب أسكر، ص: 213، ح: 5097/1 – فقال:
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، فذكره.
وابن ماجة- السنن، ج:2، ك (30) الأشربة، ب (9) كل مسكر حرام، ص: 1123، ح:3387- فقال:
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا يحيى بن الحارث الذماري، سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يحدث عن أبيه، فذكره.
وأبو يعلى- المسند، ج:10، ص: 189، ح: 5816- فقال:
حدثنا محمد بن بكار أبو عبد الله، حدثنا أبو معشر، عن نافع، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج:12، ك (41) الأشربة، ص: 196، ح: 5375- فقال:
أخبرنا عبد الله بن محمود بن سليمان السعدي بمرو، قال: حدثنا حبان بن موسى السلمي، قال: أخبرنا عبد الله، عن ابن عجلان، عن نافع، فذكره.
والطبراني- المعجم الأوسط، ج: 4، ص: 106- 107، ح: 3159- فقال:
حدثنا بكر، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا عمر بن المغيرة المصيصي، قال: حدثنا أيوب السختياني، عن نافع، فذكره.
ومن رواية جابر بن عبد الله.
أخرجه:
أحمد - المسند، ج:23 (طبعة مؤسسة الرسالة)، ص: 162، ح: 14880- فقال:
حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن رجلا قدم من جيشان- وجيشان من اليمن - فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه، يصنع بأرضهم من الذرة، يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أمسكر هو؟)) قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)) فقالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال:((عرق أهل النار)) أو ((عصارة أهل النار)) .
ومسلم - الصحيح، ج:3، ك (36) الأشربة، ب (7) بيان أن كل مسكر خمر
…
، ص: 1587، ح: 2002- فقال:
حدثنا قتيبة بن سعيد،حدثنا عبد العزيز- يعني الدراوردي- فذكره.
والنسائي - المجتبى، ج: 8، ك (51) الأشربة، ب (49) ذكر ما أعد الله عز وجل لشارب المسكر
…
، ص: 327، ح: 5709- فقال:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا عبد العزيز فذكره.
وأبو عوانة- المسند، ج: 5، ص: 268- 269- فقال:
حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ، قال: حدثنا محرز بن عون أو ابن سلمة، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر- رضي الله عنه – قال: قدم نفر من جيشان من أهل اليمن، فقالوا: يا رسول الله، سمعنا بذكرك فأحببنا أن نأتيك، فنسمع منك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((أسلموا تسلموا)) قال: فأسلموا، وقالوا: يا رسول الله مرنا وانهنا، فإنا نرى أن الإسلام قد نهانا عن أشياء كنا نأتيها، وأمرنا بأشياء لم نكن نقربها، قال: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ونهاهم، ثم خرجوا حتى جاءوا رحالهم، وقد خلفوا فيها رجلا، فقالوا: اذهب فضع من إسلامك علي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي وضعنا، وسله عن شرابنا، فإنا نسينا أن نسأله، وقد كان من أهم الأمر عندنا، فجاء ذلك الفتى، فأسلم، فقال: يا رسول الله، إن النفر الذين جاؤوك وأسلموا علي يديك قد أمروني أن أسألك عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر، وأرضهم أرض باردة، وهم يعملون لأنفسهم وليس لهم من يمتهن الأعمال دونهم، وإذا شربوا قووا به على العمل، قال:((أو مسكر هو؟)) قال: اللهم نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((كل مسكر حرام)) ، قال: فأفزعهم ذلك، فخرجوا بأجمعهم حتى جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن أرضنا أرض باردة، وإنا نعمل لأنفسنا وليس لنا من يمتهن دون أنفسنا، وإنما شراب نشربه بأرضنا من الذرة يقال له المزر، إذا شربناه فثأ عنا غلى البرد وقوينا على العمل، فقال:((أو مسكر هو؟)) قالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((كل مسكر حرام، إن على الله عهدا لمن يشرب مسكرا أن يسقيه من طينة الخبال)) قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال:((عرق أهل النار)) أو ((عصارة أهل النار)) .
حدثنا يونس بن عبد الأعلى والصغاني، قالا: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، فذكره.
والطبراني- المعجم الأوسط، ج: 9، ص: 302- 303، ح: 8441- فقال:
حدثنا موسى، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 12، ك (41) الأشربة، ص: 183، ح: 5360- فقال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج: 8، ك: الأشربة والحد فيها، ب: ما جاء في تفسير الخمر
…
، ص: 291- 292- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو عبد الله بن يعقوب، حدثنا محمد بن شاذان، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، فذكره.
والبغوي- شرح السنة، ج: 11، ك: الأشربة، ب: وعيد شارب الخمر، ص: 356، ح: 3015- فقال:
أخبرنا ابن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا قتيبة بن سعد، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، فذكره.
ومن رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه:
ابن أبي شيبة - الكتاب المصنف، ج: 7، ك: الأشربة، ب (705) من حرم المسكر
…
، ص: 103، ح: 3797- فقال:
حدثنا الفضل بن دكين، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن عمرو بن شعيب، فذكره.
أحمد - المسند، ج:11، ص: 12، ح: 6478- فقال:
حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال علي ما لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار)) ونهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء، قال:((وكل مسكر حرام)) .
والبزار- البحر الزخار (المسند)، ج: 6، ص: 424- 425، ح: 2454- فقال:
وأخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، قال: أخبرني محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن عبدة، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء، وقال:((كل مسكر حرام)) .
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج:4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 217- فقال:
حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، فذكره.
والطبراني- المعجم الأوسط، ج: 7، ص: 60- 61، ح: 6099- فقال:
حدثنا محمد بن عبدوس الهاشمي البصري، قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي، قال: حدثنا سعيد بن سالم القداح، عن أبي يونس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر حرام)) .
ومن رواية أبي موسى الأشعري.
أخرجه:
ابن أبي شيبة - المصدر السابق، ص: 100، ح: 3790- فقال:
حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فسأله عن أشربة يصنع بها: البتع والمزر من الذرة، فقال:((كل مسكر حرام)) .
والبزار- المصدر السابق، ج:8، ص: 106، ح:3104- فقال:
أخبرنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا أبو داود، قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرنا سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى- رضي الله عنه – فذكره.
وابن ماجة- السنن، ج: 2، ك (30) الأشربة، ب (9) كل مسكر حرام، ص: 1124، ح: 3391- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، فذكره.
والطحاوي- شرح مشكل الآثار، ج:12، ص: 497، ح:4972- فقال:
حسين بن نصر قد حدثنا، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: حدثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا، وأبا موسى إلى اليمن، قال له أبو موسى: إن شرابا يصنع في أرضنا من العسل، يقال له: البتع، ومن الشعير، يقال له المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((كل مسكر حرام)) .
وفي شرح معاني الآثار- المصدر السابق، ص: 217:
حدثنا مبشر بن الحسن، قال حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا الحويس بن مسلم الكوفي، عن طلحة اليمامي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، فذكره.
وابن حبان- المصدر السابق، ص: 198، ح: 5377- فقال:
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف، قال: حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا ابن فضيل، قال: حدثنا الشيباني، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج:8، ك: الأشربة والحد فيها، ب: ما جاء في الخمر
…
، ص: 291- فقال:
وأخبرنا: أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنبأ عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، فذكره.
ومن رواية عمر بن الخطاب.
أخرجه:
أبو يعلى- المسند، ج:1، 213، ح: 248- فقال:
حدثنا أبو خيثمة،حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل مسكر حرام)) .
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 215- فقال:
حدثنا يزيد بن سنان وربيع الجيزي، قالا: حدثنا عبد الله بن مسلمة، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، فذكر.
ومن رواية ابن عباس:
أخرجه:
أحمد – المسند، ج:4 (طبعة مؤسسة الرسالة)، ص: 279- 280، ح: 2476- فقال:
حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، حدثني قيس بن حبتر، قال: سألت ابن عباس عن الجر الأبيض، والجر الأخضر، والجر الأحمر؟ فقال: إن أول من سأل النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس، فقالوا: إنا نصيب من الثفل، فأي الأسقية؟ قال:((لا تشربوا في الدباء والمزفت والنقير والحنتم، واشربوا في الأسقية)) ثم قال: ((إن الله حرم علي، أو حرم الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام)) .
وأبو داود - السنن، ج:3، ك: الأشربة، ب: في الأوعية، ص: 331، ح: 3696- فقال:
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، حدثني قيس بن حبتر النهلي، عن ابن عباس، أن وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله، فيم نشرب؟ قال:((لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير، وانتبذوا في الأسقية)) قالوا: يا رسول الله، فإن اشتد في الأسقية؟ قال:((فصبوا عليه الماء)) قالوا: يا رسول الله، فقال لهم في الثالثة والرابعة:((أهريقوه)) ثم قال: ((إن الله حرم علي، أو حرم الخمر والميسر والكوبة)) قال: ((وكل مسكر حرام)) .
والطحاوي- المصدر السابق، ص: 216 – فقال:
حدثنا يونس وحسين بن نصر، قالا: حدثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري،عن قيس بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل حرم الخمر والميسر والكوبة)) وقال: ((كل مسكر حرام)) .
وابن حبان- المصدر السابق، ص: 187، ح:5365- فقال:
حدثنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا سفيان، فذكره.
والطبراني- المعجم الكبير، ج:12، ص: 80، ح: 12598- فقال:
حدثنا عثمان بن عمر الضبي، حدثنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا إسرائيل، عن علي بن بذيمة، فذكره.
وفي المعجم الأوسط، ج: 8، ص: 47، ح: 7095-:
حدثنا محمد بن عبد الله بن بكر، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا المشمعل بن ملحان، عن النضر بن عبد الرحمن الخراز، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((: كل مسكر حرام)) ، فقال عمر: يا رسول الله، قولك: كل مسكر حرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((اشرب فإذا نش فدع)) .
والبيهقي- المصدر السابق، ب: ما جاء في الكسر بالماء، ص: 303- فقال:
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا ابن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن علي بن بذيمة، فذكره.
و ج: 10، ك: الشهادات، ب: ما جاء في ذم الملاهي
…
، ص: 221-:
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني يحيى بن يوسف الزمي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم- هو الجزري- عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله تبارك وتعالى حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة)) وهو الطبل، وقال:((وكل مسكر حرام)) .
ومن رواية قرة بن إياس المزني.
أخرجه:
البزار - البحر الزخار (المسند)، ج: 8، ص: 252، ح: 3316- فقال:
أخبرنا عمرو بن مالك، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الواسطي، قال: أخبرنا زياد بن أبي زياد- يعني الجصاص، عن معاوية بن قرة، عن أبيه- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كل مسكر حرام)) .
ومن رواية عائشة أم المؤمنين.
أخرجه:
الطبراني - المعجم الأوسط، ج:2ص: 376- 377، ح: 1656- فقال:
حدثنا أحمد، قال: حدثنا حمزة بن سعيد المروزي بطرسوس، قال: حدثنا علي بن عاصم، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر حرام)) . ((وكل مسكر خمر وكل خمر حرام))
تعليق: الحديث من رواية ابن عمر.
أخرجه:
مالك- الموطأ، برواية الزهري، ج:2، ك: الحد في الخمر، ب (1) في النهي عن الانتباذ، ص: 52، ح: 1844- فقال:
عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام.
وعنه:
الشافعي - المسند، ج: 2، ك: الأشربة، ص: 92، ح: 304-.
وعبد الرزاق- المصنف، ج: 9، ك: الأشربة، ب: ما ينهى عنه من الأشربة، ص: 221، ح: 17004-.
وأخرجه:
الطيالسي - المسند، ص: 260، ح: 1916- فقال:
حدثنا همام، عن محمد بن حمزة، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر وكل مسكر حرام)) .
وأحمد - المسند، ج:8، ص: 445- 446، ح: 4830- فقال:
حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((كل مسكر خمر وكل خمر حرام)) .
و ح: 4831-: حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.
و ج: 10، ص: 321، ح: 6179-:
حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا عبد العزيز بن المطلب، عن موسى بن عقبة، فذكره.
و ص: 347، ح: 6218-:
حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومسلم - الصحيح، ج: 3، ك (36) الأشربة، ب (7) بيان أن كل مسكر خمر
…
، ص: 1587- 1588، ح: 2003- فقال:
حدثنا أبو الربيع العتكي وأبو كامل، قالا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة)) .
وعنه: البغوي- شرح السنة، ج: 11، ك: الأشربة، ب: وعيد شارب الخمر، ص:355، ح: 3013- فقال:
أخبرنا ابن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، فذكره.
و متابعة برقم: 74:
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وأبو بكر بن إسحاق، كلاهما عن روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، فذكره.
وحدثنا صالح بن مسمار السلمي، حدثنا معن، حدثنا عبد العزيز بن المطلب، عن موسى بن عقبة، بهذا الإسناد مثله.
و برقم: 75:
وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن حاتم، قالا: حدثني يحيى وهو القطان،عن عبيد الله، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، قال: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
وأبو داود - السنن، ج: 3، ك: الأشربة، ب: النهي عن المسكر،ص: 327، ح: 3679- فقال:
حدثنا سليمان بن داود ومحمد بن عيسى في آخرين، قالوا: حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن أيوب، فذكره
والترمذي - الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الأشربة، ب (1) ما جاء في شارب الخمر، ص: 439، ح:1861- فقال:
حدثنا أبو زكريا يحيى بن درست البصري، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، فذكره.
وتعقبه بقوله:
حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر موقوفا.
والنسائي - السنن الكبرى، ج:3، ك (41) الأشربة، ب (23) إثبات اسم الخمر..، ص: 212، ح: 5092/1- فقال:
أخبرنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك - عن حماد بن زيد، قال: حدثنا أيوب، فذكره.
وفي المجتبى- ج: 8، ك (51) الأشربة، ب (22) إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة، ص: 296، ح:5582.
- ح: 5093/2-: أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، فذكره.
وفي المجتبى- المصدر السابق، ص: 296- 297، ح:5583.
- ح:5094/3: أخبرنا يحيى بن درست، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر)) .
-
وفي المجتبى- المصدر السابق، ص: 297، ح: 5584-.
- ح: 5095/4: وأخبرنا علي بن ميمون، قال: حدثنا ابن أبي رواد، قال: حدثنا ابن جريج، عن أيوب، فذكره.
وفي المجتبى- المصدر السابق، ح:5585.
- ح: 5096/5: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن عجلان، عن نافع، فذكره.
- وفي المجتبى- المصدر السابق، ح:5586.
وابن ماجة- السنن، ج: 2، ك (30) الأشربة، ب (9) كل مسكر حرام، ص: 1124، ح: 3390- فقال:
حدثنا سهل، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
وأبو يعلى- المسند، ج:9، ص: 470، ح: 5621- فقال:
حدثنا أبو خيثمة، حدثنا معاذ بن جبل، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
وابن الجارود- غوث المكدود (المنتقى)، ج: 3، ص: 151- 152، ح: 857- فقال:
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، قال: حدثنى نافع، فذكره.
و ص: 153، ح: 859:
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
وأبو عوانة- المسند، ج: 5، ص: 270- 272- فقال:
حدثنا الصغاني، حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، فذكره.
حدثنا عمر بن شبة وعبد الرحمن بن منصور البصري، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، ح
وحدثنا أبو أمية، قال: حدثنا القواريري، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، أخبرني نافع، فذكره.
حدثنا عثمان بن خرزاد الأنطاكي، قال: حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، فذكره.
حدثنا عثمان بن خرزاد والصغاني، قالا: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، فذكره.
حدثنا أبو داود السجزي، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، قال: حدثنا حماد بن زيد، ح
وحدثني موسى الدندني، قال: سألت محمد بن عيسى بن الطباع، فحدثني، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 12، ك (41) الأشربة، ص: 177، ح: 5354- فقال:
أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، فذكره.
و ص: 188، ح: 5366-:
أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري وإبراهيم بن الحسن العلاف، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، فذكره.
و ص: 191- 192، ح: 5368-:
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، قال: حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا ابن عجلان، عن نافع، فذكره.
- ح: 5369: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا العباس بن الوليد النرسي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
والطرسوسي- مسند عبد الله بن عمر، ص: 32، ح:42- فقال:
حدثنا أبو أمية، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا زهير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر)) .
والدارقطني- السنن، ج: 4، ك: الأشربة وغيرها، ص: 248- 249، ح: 11- فقال:
حدثنا محمد بن نوح، حدثنا إسحاق بن الضيف، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن أيوب، عن نافع، فذكره.
- ح: 12: حدثنا محمد بن مخلد بن حفص، حدثنا أحمد بن منصور زاج، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا أبو حمزة، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع، فذكره.
- ح: 13: حدثنا عمرو بن أحمد بن علي الجوهري المروزي، حدثنا إبراهيم بن هلال بن عمر المروزي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا أبو حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ والأجلح، عن نافع، فذكره.
-
- ح: 14: حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش، أخبرنا إبراهيم بن محشر، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا محمد بن عجلان، عن نافع، فذكره.
- ح: 15-: حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا معتمر، عن ليث، عن نافع، فذكره.
- ح: 16: حدثنا يعقوب بن إبراهيم البزار، حدثنا رزق الله بن موسى، حدثنا معاذ بن معاذ العنبري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، فذكره.
-ح: 17: حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبيد الله، عن نافع، فذكره.
- ح: 18-: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن علاثة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، فذكره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 215- فقال:
حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، فذكره.
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد ابن عمرو، فذكر بإسناده مثله.
حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا الخطاب بن عثمان، قال: حدثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا يزيد بن سنان، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا محمد بن إدريس المكي، قال: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
والطبرني- المعجم الأوسط، ج:4، ص: 566، ح: 3966- فقال:
حدثنا علي بن سعيد الرازي، قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار، قال: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن أيوب السختياني، عن نافع، فذكره.
و– ج: 8، ص: 453، ح: 7939- فقال:
حدثنا محمود بن علي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر السالمي، قال: حدثنا ابن نافع، عن بلال بن أبي بكر، عن سالم، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، قليله وكثيره سواء)) .
وفي المعجم الصغير (الروض الداني)، ج: 1، ص: 103، ح: 143- فقال:
حدثنا أحمد بن عبد الله البناء الصنعاني، حدثنا علي بن سعيد النسائي، حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، فذكره.
و ص: 329- 330-، ح: 546:
حدثنا علي بن محمد بن حفص الفارسي بمدينة بعلبك، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد، حدثنا أبي، حدثنا الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، فذكره.
وج:2،ص:139، ح:922 -:
حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد، حدثنا أبي، حدثنا الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، فذكره.
وأبو نعيم- حلية الأولياء، ج: 7، ص: 265- فقال:
حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، قال: قرأ علي عمر بن محمد بن سعيد الجوهري، حدثنا العلاء بن سلمة الرواس، حدثنا جعفر بن عون، عن مسعر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر خمر)) .
و كتاب ذكر أخبار أصبهان - ج: 1، ص: 172:
حدثنا القاضي محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا أبو منصور أحمد بن محمد بن غياث المروزي، حدثني إبراهيم بن هلال الهاشمي المروزي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا أبو حمزة، عن إبراهيم الصائغ والأجلح، عن نافع، فذكره.
والبيهقي- شعب الإيمان، ج: 5، ص: 7، ح: 5578- فقال:
أخبرنا أبو الحسن العلوي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي، حدثنا علي بن سعيد الفسوي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن نافع، فذكره
((وما أسكر كثيره فقليله حرام)) تعليق: الحديث من رواية ابن عمر.
أخرجه:
ابن ماجة- السنن، ج:2، ك (30) الأشربة، ب (10) ما أسكر كثيره فقليله حرام، ص 1124، ح: 3392- فقال:
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا أبو يحيى زكريا بن منظور، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
والطبراني- المعجم الأوسط، ج: 4، ص: 509، ح: 3866- فقال:
حدثنا علي بن سعيد الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن
…
قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
و ج: 5، ص: 406، ح: 4804-:
حدثنا عبيد بن محمد الكشوري، قال: حدثنا عبد السلام بن إلياس الصنعاني، قال: حدثنا بكر بن الشرود، قال: حدثنا مالك بن أنس وعبد الله بن عمرو بن أبي ذئب، عن ابن عمر، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((كل مسكر خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
والهيثمي- كشف الأستار عن زوائد البزار، ج: 3، ب: ما أسكر كثيره فقليله حرام، ص: 350، ح: 2915- فقال:
حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، عن أبيه، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومن رواية جابر.
أخرجه:
الترمذي - الجامع الكبير، ج: 3، أبواب الأشربة، ب (3) ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام، ص: 442، ح: 1865- فقال:
حدثنا قتيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، ح
وحدثنا علي بن حجر، قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن داود بن بكر بن أبي الفرات، عن ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
وتعقبه بقوله:
هذا حديث حسن غريب من حديث جابر.
وابن ماجة- السنن، ج: 2، ك (30) الأشربة، ب (10) ما أسكر كثيره فقليله حرام، ص: 1125، ح: 3393- فقال:
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا أنس بن عياض، حدثني داود بن بكر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج:4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 217- فقال:
حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا يعلى بن منصور، قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن دواد بن بكر، عن محمد بن المنكدر، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 12، ك (41) الأشربة، ص: 202، ح: 5382- فقال:
أخبرنا حاجب بن أركين الحافظ بدمشق، قال: حدثنا رزق الله بن موسى، قال: حدثنا أنس بن عياض، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، فذكره.
والمزي- تهذيب الكمال، ج: 8، ص: 378، عند ترجمته لدواد بن بكر بن أبي الفرات، ت: 1751- فقال:
أخبرنا به أبو إسحاق بن الدرجي وإسماعيل بن العسقلاني، قالا: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني،قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان الأعرج، قال: أخبرنا أبو بكر بن فورك القباب، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا ابن كاسب وعمرو بن عثمان، قالا: حدثنا أنس بن عياض، عن داود بن بكر بن أبي الفرات، عن محمد بن المنكدر، فذكره.
ومن رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه:
ابن ماجة- المصدر السابق، ح: 3394- فقال:
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا أنس بن عياض، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
والطحاوي- المصدر السابق- قال:
حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
ومن رواية سعد بن أبي وقاص.
أخرجه:
ابن أبي شيبة - الكتاب المصنف، ج:7، ك: الأشربة، ب (705) من حرم المسكر
…
، ص: 109- 110، ح: 3815- فقال:
حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا الضحاك بن عثمان، قال: حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج، قال: أراه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره)) .
والدارمي- السنن، ج:1، ك (9) الأشربة، ب (8) ما قيل في المسكر، ص: 548، ح: 2024- فقال:
حدثنا عبد الله بن سعيد، أخبرنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كثير بن سنان، حدثني الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عامر بن سعد، فذكره.
والبزار- البحر الزخار (المسند)، ج:3، ص: 306، ح: 1098- فقال:
حدثنا أحمد بن أبان القرشي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال: حدثنا الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قليل ما أسكر كثيره.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 216- فقال:
حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرنا الضحاك بن عثمان، فذكره.
وابن حبان- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين الفارسي، ج: 12، ك (41) الأشربة، ص: 192، ح: 5370- فقال:
أخبرنا عبد الله بن قحطبة، قال: حدثنا أحمد بن أبان القرشي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال: أخبرني الضحاك، فذكره.
والدارقطني- السنن، ج:4، ك: الأشربة وغيرها، ص: 251، ح: 30- فقال:
حدثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول، حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا الوليد بن كثير، عن الضحاك بن عثمان، فذكره.
- ح: 31: حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، حدثنا محمد بن عمر المديني، حدثنا الضحاك بن عثمان، فذكره.
- ومن رواية زيد بن ثابت.
أخرجه:
الطبراني - المعجم الأوسط، ج: 7، ص: 228، ح:6442- فقال:
حدثنا محمد بن عبد الملك بن عرس، قال: حدثنا يحيى بن سليمان المري، قال: حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، قال: حدثني أبي، قال: حدثني خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
ومن رواية خوات بن جيبر.
أخرجه:
الطبراني- المعجم الأوسط، ج: 2، ص: 367، ح:1639- فقال:
حدثنا أحمد، قال: حدثنا شباب، قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال: حدثني أبي، قال: حدثني صالح بن خوات بن صالح بن خوات بن جبير الأنصاري، عن أبيه، عن جده خوات بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) .
ومن رواية عائشة أم المؤمنين.
أخرجه:
ابن حبان - المصدر السابق، ص: 203، ح: 5383- فقال:
أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا شيبان بن أبي شيبة، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن أبي عثمان، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام)) .
والطبراني – المعجم الأوسط، ج: 4، ص: 565، ح: 3964- فقال:
حدثنا علي بن سعيد الرازي، قال: حدثنا علي بن سعيد الكندي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث بن أبي سليم، عن الحكم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قال إدريس: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أسكر فرقه فالوقية منه حرام)) .
و ج: 10، ص: 152- 153، ح: 9323-:
حدثنا همام بن يحيى، قال: حدثنا جرير بن المسلم،قال: حدثنا عبد المجيد، عن أبيه، عن ليث، عن أبي عثمان، عن القاسم، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((: ما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام)) .
والدارقطني- السنن، ج:4، ك: الأشربة وغيرها، ص: 250، ح: 22- فقال:
حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر، حدثنا سهم بن إسحاق أبو هشام، حدثنا عمران بن أبان، حدثنا أيوب بن سيار، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وما أسكر الفرق فالمجة منه حرام)) . .
ثم إن تصرف ابن مسعود هذا سبقه إليه عمر رضي الله عنه حين وجد رائحة من ابنه عبيد الله، فأراد أن يجلده، فزعم له أنها رائحة الطلاء، وهو نوع من العصير كانوا يشربونه يومئذ، فلما تبين له أن هذا النوع مسكر، أقام عليه الحد تعليق: هذا الأثر أخرجه مالك، فرواه عنه:
الزهري - ج: 2، ك: الحد في الخمر، ص: 45، الأثر: 1825-.
والليثي- ج:2، ك (28) الأشربة، ب (1) الحد في الخمر، ص: 409، الأثر: 2441-:
والشيباني- ك: الحدود في الزنا، ب (6) الحد في الشراب، ص: 247، الأثر 709-.
واللفظ للزهري:
عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم، فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شرب الطلاء، وأنا سائل عما شرب، فإن كان يسكر جلدته به الحد تاما.
وعنه:
الشافعي - المسند، ج:2، ك: الحدود، ص: 91، الأثر:296.
والنسائي - السنن الكبرى، ج: 4، ك (63) الأشربة المحظورة، ب (21) الرخصة في نبيذ الجر، ص: 190، الأثر: 6843/3- فقال:
الحارث بن مسكين، قراءة عليه، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، فذكره.
وفي المجتبى- ج:8، ك (51) الأشربة، ص: 326، الأثر:5708.
والطحاوي- شرح معاني الآثار، ج: 4، ك: الأشربة، ب: ما يحرم من النبيذ، ص: 222- فقال:
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، فذكره.
والدارقطني- السنن، ج: 4، ك: الأشربة والحد فيها، ص: 248، الأثر: 6- فقال:
حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك، فذكره.
والبيهقي- السنن الكبرى، ج: 8، ك: الأشربة والحد فيها، ص: 295- فقال:
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو العباس بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ مالك، فذكره.
وأخرجه عبد الرزاق - المصنف، ج: 9، ك: الأشربة، ب: الريح، ص: 228، الأثر: 17028- من طريق معمر، فقال:
أخبرنا معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: شهدت عمر بن الخطاب صلى على جنازة ثم أقبل علينا، فقال: إني وجدت من عبيد الله بن عمر ريح الشراب، وإني سألته عنها، فزعم أنها الطلاء، وإني سائل عن الشراب الذي شرب فإن كان مسكرا جلدته، قال: فشهدته بعد ذلك يجلده.
وابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج: 10، ك: الحدود، ب (1480) في رجل يوجد منه ريح الخمر، ما عليه؟، ص: 37- 38، الأثر:8677- من طريق ابن أبي ذئب، مختصرا، فقال:
حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، أن عمر كان يضرب الحد.
والبخاري- الصحيح، ج: 4، ك (74) ، ب (10) الباذق، ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة، ص: 1796- تعليقا، فقال:
وقال عمر: وجدت من عبيد الله ريح شراب، وأنا سائل عنه، فإن كان يسكر جلدته.
وأخرجه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة، قال ابن حجر - فتح الباري، ج: 10، ص: 57:
عن ابن عيينة، عن الزهري، سمع السائب بن يزيد يقول: قام عمر على المنبر، فقال: ذكر لي أن عبيد الله بن عمر وأصحابه شربوا شرابا، وأنا سائل عنه، فإن كان يسكر حددتهم، قال ابن عيينة: فأخبرني معمر، عن الزهري، عن السائب، قال: فرأيت عمر يجلدهم.
والبيهقي- المصدر السابق، ص: 315- فقال:
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان، عن الزهري، عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه خرج فصلى على جنازة، فسمعه السائب يقول: إني وجدت من عبيد الله وأصحابه ريح شراب، وأنا سائل عما شربوا، فإن كان مسكرا حددتهم، قال سفيان: فأخبرني معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد أنه حضره يحدهم.
وقد حاول بعضهم أن ينكر اعتبار الرائحة قرينة، اعتمادا على ما حاول عبيد الله بن عمر أن يتملص به. من إقامة الحد عليه، إذ ادعى أنها ليست رائحة خمر، وإنما هي رائحة الطلاء، وكأنه يجهل أو يتجاهل ما كان مجمعا عليه يومئذ، من اعتبار كل مسكر خمر وكل خمر حرام فقال هؤلاء: إن من الفاكهة ما تكون رائحته من آكلها كرائحة الخمر، وبذلك ناقضوا أنفسهم وهم لا يشعرون، فهؤلاء أنفسهم القائلون بأن الخمر هو عصير العنب فحسب، وأن الحد لا يقام على من شرب غيره إلا إذا سكر، فوقعوا من تناقضهم في مأزق مضحك، فالرائحة المنبعثة من آكل العنب لا تشبه رائحة عصير العنب إذا صار خمرا، لأنها تكون عندئذ حادة جدا، لا كرائحة آكل العنب فاكهة، وكان الأولى بهؤلاء أن يلبسوا على الناس دينهم بالقول بأن الرائحة المنبعثة قد تكون رائحة شارب الخل، لكنهم لم يفعلوا، ولله الحمد.
وإنما وقفنا مع اعتبار رائحة الخمر قرينة يقام الحد على من انبعث منه، لأن هذا الاعتبار ينسحب أيضا- وإن كان بشكل قد لا يبلغ إيجاب الحد، بل ينحصر أثره في إيجاب التعزير - على من ضبط حاملا بين أمتعته قوارير مملوءة خمرا، أو ضبطت في منزله، لا سيما في المرافق التي يوضع فيها عادة ما هو مهيأ للاستهلاك، مثل وسائل التبريد، إذ لا ريب في أن وجود قوارير خمر مع شخص يحمله أو في منزله أو في أمتعته وهو مسافر، أو ضبطه يشتري خمرا من خمارة أو بقال يبيع الخمر، أو مما يعرض على الركاب في الطائرات أو في القطارات، قرينة تبلغ حد القرينة القاطعة- حسب التعبير القانوني الحديث- على أن له علاقة بالخمر، فإن لم يكن شاربا لها، فهو معد أو حامل لها لغيره، وحسبه ذلك ليتأهل للتعزير، ثم إذا وجدت لديه قارورة خمر مفتوحة في ثلاجة منزله، فمن العسير أن تقبل منه دعوى أنه لا يشرب الخمر، وإنما أعدها لضيوفه، لا سيما إذا لم يكن ممن قد يستضيف غير المسلمين، إذ ليس من كبار التجار، ولا من كبار رجال الأعمال الذين يتعاملون مع غير المسلمين. والذي نراه أن من وجدت في منزله قارورة خمر مفتوحة، يقام عليه الحد، لأنها قرينة على أنه يشرب الخمر، وإن لم تنبعث من فمه رائحة عند العثور عليها، إلا إذا وجدت قرينة أخرى ترجح احتمال أن يكون شخص آخر جار له أو صديق قد تركها عنده، فإن وجدت هذه القرينة، وجب تعزيره.
وجميع أنواع المسكرات سواء في ذلك، ما كان منه عصير عنب، وما كان عصير شعير أو تمر أو ذرة أو تفاح، أو أي نوع من الفاكهة، أو مركبا من عصير من عدد من الفواكه، أو غيرها، إلا إذا أثبت التحليل الكيميائي أنه خال من المادة المسكرة (الكحول) .
وعندنا أنه لا يقبل ممن وجد عنده أي نوع من المسكرات، أو انبعثت منه رائحة له، أن يزعم أنه متأول على مذهب العراقيين، ومن لف لفهم من أصحاب الرأي، بما حاولوا ادعاءه تأولا من الفرق بين عصير العنب وغيره، من تعلات لاستباحة الأنبذة، وما ترتب عنها من مفاسد اجتماعية لا حصر لها، كانت من اهم أسباب انهيار الخلافة العباسية، لأننا نرى أنه إذا كان لأولئك الأولين يومئذ عذر في أن حديث ((كل مسكر حرام)) ((وكل مسكر خمر وكل خمر حرام)) ((وما أسكر كثيره فقليله حرام)) لم يثبت عندهم واعتبروه آحاديا وزعموا أنهم لا يعملون بأحاديث الآحاد، ولم تتبين لهم استفاضته أو تواتره لتوزع رواته، نتيجة للفتوحات وتحكم المسافة يومئذ بين الأقطار، وفي التواصل العلمي، فإن هذا العذر لا وجود له اليوم، وقد يسر الله لنا- وله الحمد والشكر كما يحبه ويرضاه- جمع مختلف روايات الحديث النبوي الشريف، مهما تعددت أسانيدها، وتمحيص تلك الأسانيد بعيدا عن المؤثرات الشخصية والسياسية. فكان مما قامت علينا به الحجة القاطعة، أن حديث ((كل مسكر خمر وكل خمر حرام)) وما شاكله، إن لم يكن متواترا لفظا ولا معنى، فلا أقل من أنه مستفيض استفاضة ترتفع به عن أن يكون مجرد آحادي، فتنقطع الحجة بذلك حتى على من يحاول التملص من الالتزام بالسنة النبوية، بادعاء عدم حجية الحديث الآحادي.
وبيان ذلك أن حديث ((كل مسكر حرام)) رواه ثمانية من الصحابة: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن قيس الأشعري أبو موسى، وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين، وعبد الله بن عباس الحبر، وقرة بن إياس أبو معاوية، وعائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين.
وانفرد عبد الله بن عمر بن الخطاب برواية حديث ((كل مسكر خمر وكل مسكر حرام)) . ولا نراه إلا النص الأوفى لحديث ((كل مسكر حرام)) وحديث ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) ، رواه سبعة من الصحابة، هم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسعد بن أبي وقاص خال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخوات بن جبير، وزيد بن ثابت، وعائشة أم المؤمنين (1) .
ورجال أسانيد هذه الأحاديث جميعا ممن لم تثبت عليهم تهمة الكذب، وممن تكلم فيهم مثل: أبي معشر وعبد الرحمن بن زياد بن نعم، وزياد ابن أبي الجصاص لم يتهموهم بالكذب، وإنما وصفوهم بالوهم وباضطراب الأسانيد، إلا ما كان من قول نصر بن طريف أبي جزء:(أبو معشر أكذب من في السماء ومن في الأرض)(2) ، وهو قول مردود عليه، ولا نريد أن ننقل ما قال فيه من اشتدوا عادة في التجريح، حسبنا ما قاله فيه ابن عدي (3) في آخر ترجمته له وهو الملتزم دائما بالاعتدال واجتناب القول السئ، والتزام الأسباب إلى تبرئة من تكلموا فيه، ما أمكنه بعد أن نقل جملة من أقوالهم فيه، وأسند إليه طائفة من الأحاديث:(ولأبي جزي غير ما ذكرت من الحديث من المناكير وغيره، وربما يحدث بأحاديث يشارك فيها الثقات، إلا أن الغالب على روايته أنه يروي ما ليس محفوظا، وينفرد عن الثقات بمناكير، وهو بين الضعف، وقد أجمعوا على ضعفه) .
(1) انظر التعليق رقم: (156) .
(2)
انظر المزي- تهذيب الكمال، ج:29، ص: 324- 325، ت:6386.
(3)
الكامل، ج: 7: ص: 2500.
فمن ينبغي أن يقال عنه (أكذب من في السماء ومن في الأرض) نصر بن طريف أبو نجيح بن عبد الرحمن السندي أبو معشر؟!.
ويتحصحص لنا من كل هذا أن حديث ((كل مسكر خمر وكل خمر حرام)) وما في معناه، لا ينزل عن مستوى المتواتر، إلا عند من يشترط فيه شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، وإن كانوا جمهرة الأصوليين.
ونتيجة لذلك، فإن كل أثر لتعامل شخص ينتسب للإسلام مع الخمر على اختلاف أنواعه يعتبر قرينة يترتب عليها حكم إما بتعزيره، إن لم تشر إشارة راجحة إلى تلبسه بشرب الخمر، أو بإقامة الحد عليه إن أشارت إلى تلبسه.
الحيازة قرينة
رأينا أن نفرد الحيازة بعنوان خاص مع أننا نراها من (الأمارات) ليس لما أبدأ فيه الفقهاء ومجتهدو التشريع الوضعي وأعادوا من صور الوقائع والحكم عليها طبقا لما توفر لمجتهدي الفقه الإسلامي من أحاديث نبوية شريفة اطمأنوا إليها واعترض لهم من أشكال وقائع واقعة أو متصورة، ولما توارثه الوضعيون من أعراف وأنظمة وتصورات وقائع أو مواصفاتها واجتهادات في الحكم عليها، فهذا البحث لا يتسع لمناقشة ما ملؤوا به الصفحات العديدة من تصورات وأحكام، وليس ذلك من شأنهم.
ولكن لنوع من الحيازة لم نقف على من عارض له مع خطره، لما يترتب عليه من أحكام جلها ليس من تشريعات الأحوال الشخصية ولا من تشريعات المعاملات والشؤون المالية، بل من صميم التشريع الجنائي.
بيد أننا قبل ذلك، نقف هنا عندما أبدأوا فيه وأعادوا، من تحديد المدة التي يتعين انقضاؤها لثبوت الحيازة. واستند مجتهدو الفقه الإسلامي فيه إلى أحاديث رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلها لا سبيل إلى الإربة في أنها نصوص تشريعية، فهي بلا مراء مصادر للتشريع في هذا المجال.
بيد أن من اعتمدوها وفرعوا عنها أحكاما، أغفلوا عاملا هاما وجوهريا، كان ينبغي أن يلتزموه في تأويلها، ولعلهم التزموه في أزمانهم وظروفهم، وهي شبيهة بنسب متفاوتة بالعهد النبوي وظروفه، ولكن متفقهة هذا العصر درجوا على اجترار وترجيع مقولاتهم دون أن يلتفتوا إلى التغيير الجوهري الذي أحدثته المرحلة الحضارية للإنسان في مجموع ظروفه المعاشية، وأبرزه في هذا المجال تحول الكوكب الأرضي- وقريبا تحول المجموعة الشمسية- إلى ما يشبه العلبة الصغيرة، يتواصل الناس بين أصقاعها آلاف المرات في ثواني معدودات، فكيف يخضع تحديد مدة الحيازة في هذه الظروف للأساس الذي كان يخضع له يوم كان الانتقال من مكة إلى المدينة يستلزم مدة ما بين ثلاثة أيام وسبعة أيام، وكانت الرسالة قد يرسلها أحد فيرزق بولده، ولم يكن حين إرسالها متزوجا قبل أن تصل إلى من أرسلها إليه.
ما من شك في أن تحديد مدة الحيازة وتعيين مواصفاتها، بل وتصور بعض أشكالها، تجب إعادة النظر فيها لتتطابق الأحكام والصيغ التي ينتهي إليها مع مقتضيات هذه الظرف الذي تغيرت فيه حياة البشر تغيرا جوهريا، وبدون ذلك تتعطل الكثير من الحقوق، وليس هذا مجال بسط القول في هذا الشأن.
ونعود إلى ما نقصد إليه من التعرض لقرينة الحيازة في هذا البحث، لا سيما ما يترتب عنها من أحكام تتصل بالتشريع الجنائي، وهذا مثال لهذا النوع من الحيازة: لو أن شخصا وجد عنده سلاح في المسجد أو في مجمع من الناس، في ظرف لا توجد فيه أية علامة على احتمال حدوث ما يخل بالأمن فيه، أو في حافلة للركاب، أو في القطار، أو في طائرة، أو في باخرة، فلما سئل عن هذا السلاح، زعم أنه ليس ملكا له، وإنما هو ملك لغيره ممن ليس حاضرا معه في ذلك المكان وذلك الزمان، فهل تعتبر دعواه أم ترفض؟ ويعتبر حائزا لذلك السلاح حيازة ملك أو تصرف، مع ما يترتب عن هذا الاعتبار من احتمالات وأحكام؟
ولو صدقناه أو جاء بقرينة على وجاهة احتمال صدقه، فإن ذلك لا ينفي التساؤل عن علة حمله ذلك السلاح في ذلك المكان في ذلك الظرف. ولو كان شريكا مع غيره في غرفة من غرف الباخرة، أو على كرسي من كراسي الطائرة أو الحافلة، أو جليسا لغيره في المسجد أو المحفل، فادعى أن السلاح ليس ملكا له، وإنما هو ملك لشريكه أو جليسه ذلك، وأنكر الشريك أو الجليس أية علاقة بذلك السلاح، وعن الفحص الكيميائي، وجدت بصماته على ذلك السلاح، ولم توجد بصمات شريكه، فكيف يكون الحكم. ثم لو وجدت بصمات شخص آخر غيره وغير شريكه، فكيف يكون الحكم. ثم لو وجدت بصمات شخص آخر غيره وغير شريكه، وتبين أنه كان يمسك ذلك السلاح حين وضعه بين ثيابه أو في أمتعته بلفافة، فمن يكون المالك لذلك السلاح، إذ أن تحديد مالك السلاح يبتدئ منه تحديد المسؤولية الجنائية، لا سيما إذا كان من وجد عنده السلاح مشبوها أو مراقبا من المسؤولين على حفظ الأمن.
فإن اعتبرنا وضع اليد قرينة على الحيازة واعتبرناه المالك أو المتصرف في ذلك السلاح تعين اعتبار من وجدت بصماته عليه، شريكا في مسؤولية حمل السلاح في مكان وظروف لا تتعين فيها الحاجة إلى حمله، وما يترتب عن ذلك من احتمال القصد الجنائي. وإذا كان الشخص مريبا، فإن من وجدت بصمات أصابعه على ذلك السلاح، يتعين وضعه في قائمة المشبوهين باعتباره مزودا له به تزويد تمليك أو تزويد تيسير لمهمة اتفقا عليها وتولى أمر تنفيذها حامله. وإذا ضبط هذا السلاح عند حامله في مكان محاط بكل وسائل الاحتراس، من تسرب ما من شأنه الإخلال بالأمن إلى داخله، برزت تهمة تهريب السلاح والتحايل على وسائل الأمن لسبب غير مشروع، وهي المرحلة الأولى للاتهام بمحاولة استعمال العنف لقصد جنائي سواء كان الغصب أو القتل العمد. ويترتب على هذا الاتهام تقصي القرائن ومحاولة الاهتداء إلى البينات التي تؤدي إلى تكييف الجناية المقصودة أو المشتبه في القصد إليها، طبقا للزمن والظرف اللذين ضبط فيهما السلاح، مما قد يؤدي إلى إثبات القصد الجنائي المخل بالأمن العام، إما لطمع في مال أو لدافع شخصي لجناية من جنايات الحق العام أو للحرابة، وهي احتمالات ثلاث، لكل منهما حكمها سواء على من ضبط عنده السلاح أو على من قامت الشبهة بمشاركته له، أو تآمره معه لوجود بصماته على ذلك السلاح، أو لوجود السلاح مقرونا بوثيقة تثبت ملكيته له، مثل وثيقة الشراء أو دفع قيمته.
لكن لو فرضنا أن من وجدت بصماته على السلاح أو وثيقة تثبت ملكيته له ممن لا يتطرق الشك إلى نزاهته، ولا سبيل إلى الاشتباه فيه، فبرز احتمال سرقة ذلك السلاح منه، ولم يكن قد أبلغ ذوي الاختصاص عن أنه قد سرق منه، فهل يتعين صرف النظر عن اتهامه وحصر الاتهام في من وجد معه السلاح أو اعتباره مشتبها فيه لملكيته الثابتة له.
هذه وأمثالها تصورات وأسئلة تنطلق من مبدأ الحيازة قرينة ما لم تثبت قرينة أرجح منها أو بينة على أنها لا تدل على الملكية.
ومما يترتب على هذه الصورة، الترجيح بين قاعدة درء الحدود بالشبهات وقاعدة ثبوت الحيازة بوضع اليد. ولا يعنينا هنا أن تكون حيازة ملك أو حيازة القدرة على التصرف، وهما نوعان من الحيازة يتعين التمييز بينهما لتصور ما ينتج عنها من أحكام وحقوق.
في مثل هذه الأحوال يتبادر التعارض بين قاعدة الحكم بظواهر وقاعدة اعتبار القرائن أدلة، منها ما يعتمد ومنها ما يستأنس به عند انعدام البينات.
ويصير بنا البحث في هذا الموضوع إلى تحرير القول في موضوع البصمات، هل هي قرائن، فإن تكن قرائن فهل هي من نوع القيافة أو من نوع الأمارات، في ما يكون فيه الفرق بين الأمارة والقيافة مثل رائحة الخمر وآثار الدم على ثياب المشتبه فيه أو سلاحه، والحمل عند غير المتزوجة أو الغائب عنها زوجها من أمد بعيد.
الذي يتراءى لنا أنها أقرب إلى القيافة، لكن هل اعتبارها قرينة في مثل اعتبار القيافة؟ هذا محل نظر يرد تحريره إلى الخبراء، فإذا تبين أن بصمات شخص لا تتماثل تماثلا تاما مع بصمات شخص آخر، أو يندر ندرة شديدة أن تتماثل، أمكن اعتبار قوتها في الدلالة مشاكلة لقرينة القيافة في مثل الأقدام، كقصة زيد بن حارثة وابنه أسامة (1) . أما إذا تبين أن تماثل بصمات شخصين أيسر من تماثل أقدام شخصين وإن كانا من نسب قريب، انحصر اعتبار البصمات قرينة في أنها شبهة قد تساعد المحقق في قضية مالية أو جنائية على الاهتداء إلى وسيلة يستطيع بها اكتشاف الحق أو الحقيقة لا أكثر.
(1) انظر التعليق رقم: (30) .
ويترتب على ذلك، التساؤل هل الأمي والأعمى إذا وجد توقيعه على وثيقة ببصمة من أصبعه، وغالبا تكون من الإبهام، تعتبر تلك الوثيقة حجة له أو عليه أم لا؟.
إن تأكد من الخبراء ذوي الاختصاص في أوصاف أعضاء الإنسان وآثارها وارتسامها بالتصوير أو اللمس، عدم أو ندرة تماثل بصمات شخصين، وجب اعتبار تلك الوثيقة ملزمة له أو عليه، أما إن لم يتأكد ذلك منهم، كان في اعتبارها نظر، وإن كان الفقهاء والمشرعون الوضعيون قد أثاروا مثل هذه الشبهة في اعتبار الخط وثيقة، لكن هذه الشبه تضاءلت – ولعلها زالت تماماً – بتقدم الخبرة في تمييز الخطوط إلى درجة تبلغ نتائجها – أو تكاد – حد اليقين. فإن أمكن للخبراء أيضاً تمييز البصمات بهذه الدرجة وجب اعتبار تلك الوثيقة وثيقة قانونية له أو عليه.
يترتب عن هذا كله، تحديد المسؤولية الجنائية لمن وجدت بصماته على سلاح استعمل في جريمة وهو غائب زماناً ومكاناً عن مكان وقوع الجريمة، غيبة لا لبس فيها، ولا يمكن احتمال وجوده عند وقوع الجريمة وشهوده لها، ثم رجوعه إلى حيث كان بعيداً. فإذا تأكد اعتبار البصمات قرينة مؤثرة، تعين اعتباره مسؤولاًً مسؤولية كلية أو جزئية حسب ما تدل عليه قرائن أخرى في تلك الجريمة، إذ لو تأكدت غيبته زماناً ومكاناً عند وقوعها غيبة قاطعة لا ريب فيها، فكيف يتأكد أنه بعيد عن تدبيرها وتيسير الأداة التي استعملت فيها. بيد أنه إذا لم توجد قرينة أخرى تؤكد اشتراكه في المسؤولية وادعى أن السلاح سرق منه، ولم يكن من ذوي الشبهات، كان توجيه المسؤولية إليه – وإن جزئيا – أمراً لا يخلو من تعسف. بيد أنه إن أمكن هذا الاعتبار في السلاح، فقد لا يمكن في الحقيبة توجد عند شخص مملوءة بالمتفجرات، تحايل على الإفلات بها من الرقابة البشرية والتقنية، ووضعها مع أمتعته في الطائرة أو في القطار، أو حملها بيده وفيها بصمات غيره، أو في داخلها مع المتفجرات شيء من أمتعة غيره.
لا مراء في احتمال السرقة وارد في هذه الصورة أيضاً، لكنه يبدو أبعد منه في الصورة الأخرى.
وشبيه بهذه الصور، حيازة منقول مما يستعمل عادة، تتعارض مع قرائن تدل على ملكية غير من وجد في حوزته له، لكنها قرائن لا ترقى إلى مستوى البينات، فهل تكون دليلاً على السرقة؟.
ما من شك في أن من وجدت قرائن على أنه المالك له، قد أعلن سرقته منه ترجح اعتبار المنقول مسروقا، ونقول (ترجح) ، لأنه قد يدعي من وجد عنده، أنه اشتراه من غيره أو من مالكه الذي يدعي سرقته. أما إذا لم يدع من تدل قرائن على ملكيته له سرقته؟ فهل يعتبر وضع اليد دليلاً شرعياً على انتقال الملكية منه إلى من وجد عنده.
تتجلى هذه الصورة في السرقة من بعض المحلات التجارية الكبرى التي لا يتيسر اكتشاف السرقة فيها، لوفرة البضائع الموجودة، وغالباً ما تكون لبضائعها علامات خاصة بها تعين مصدرها على سبيل الإعلان والإشهار، بيد أنها لا تبيع إلا بمصاحبة كشف الحساب لما تبيع، ولم يوجد كشف الحساب عند من وجد لديه شيء من مبيعاته، ولم يستطع إثبات شراء ما وجد لديه أو الحصول عليه بهبة، أو غيرها من الوسائل المشروعة، وهو من المشبوهين، فهل تبرؤه الحيازة من شبهة السرقة، فينجو من قطع يده بناء على درء الحدود بالشبهات.
في ذلك نظر، لأن قاعدة درء الحدود بالشبهات إنما يتعين تطبيقها حين يكون المشتبه فيه ليس من المريبين، بيد أن تطبيق الحدود أيضاً في غير الخمر، لا يجوز بالقرائن، وفي مثل هذه الحال يتعين حبس من وجد لديه المنقول وهو من المريبين إلى أن يثبت مصدره أو براءته، فلا تقطع يده ولا تخوله قرينة الحيازة حق ملكية ما وجد لديه.
بقيت شبهة أخرى في اعتبار قرينة الأمارات، وهى ما صارت إليه بحوث المختصين في محاربة الجريمة، من استحداث أجهزة تسجل انفعالات المتهم عند التحقيق معه، فهل يعتبر ما تسجله قرائن معتمدة.
لسنا ندري إن كان في إمكان هذه الأجهزة أو من يستعملونها، التمييز في ما تسجله بين رسوم الانفعالات الخوف ورسوم انفعالات الحذر، فلا مراء في أن المشتبه فيه – مهما يبلغ جأشه أو يقينه ببراءته قوة – يستشعر الخوف على الأقل من أن ينحرف التحقيق عن جادة الحق فيوجه إليه الاتهام، فإذا لم يتيسر التمييز في ما تسجله هذه الأجهزة بين انفعالات الخوف وانفعالات الحذر، كان اعتبار تسجيلاتها وسيلة للتظلم بقدر ما يمكن أن تكون وسيلة للكشف عن الجريمة وتعيين المجرم.
يضاف إلى ذلك أن الالتجاء إلى هذه الأجهزة لا يجوز في الشريعة الإسلامية، إلا في مواجهة من عرف بالإجرام أو قوي الاشتباه فيه، لأنه مجرم يملك من الذكاء والمكر ما يفلت به عادة من إثبات الإجرام عليه، لأن الإقرار نفسه، أو بالأحرى الاعتراف – وهي العبارة التي يجب استعمالها في التشريع الجنائي – إذا صدر في ظرف لا يمكن اعتباره اختيارياً كحال التهديد أو إغلاظ المحقق للقول على المتهم أو التلويح باستعمال العنف، لا يعتبر اعترافاً ملزماً، إلا أن يصر عليه صاحبه أمام القضاء حين يزول كل أثر لذلك الظرف ويصبح الاعتراف اختيارياً محضاً بناء على قاعدة (درء الحدود بالشبهات) . بيد أن هذا ينحصر في الحدود لما له من أثر بعيد عميق على مستقبل حياة المتهم وعلى المجتمع قاطبة، أما في ما دون الحدود، من موجبات التعزير، فالشأن فيه مختلف، فلو طبق مبدأ درء الحدود بالشبهات تطبيقاً عاماً شاملاً، لأفلت الكثير من الجناة مما من شأنه أن يردعهم عن الإساءة لأنفسهم وللمجتمع.
ومع ذلك، فإن الالتجاء عند التحقيق في جناية ما إلى إجراء عملية جراحية، يترتب عنها فقد المتهم لكل قدرة على كتمان ما في نفسه، أو إلى التخدير، أو إلى استعمال التنويم المغناطيسي قد لا يمكن القبول به إلا عند التحقيق مع كبار المجرمين ذوي السوابق التي لا ريب فيها، وإن كانت النتائج التي ينتهي إليها التحقيق بهذه الوسائل، يتعذر – إن لم يكن يستحيل – اعتبارها من البينات، بل لا تعدو أن تكون قرائن.
ونعود على موضوع الحيازة، لكن في غير ما يتصل منها بالجانب الجنائي، إذ من الحيازة أنماط بعضها لم يكن في عصر الفقهاء الأولين ولم يتيسر لهم تصورها، فلا نكاد نجد لها ركزاً في اجتهاداتهم، وبعضها كانت له بدايات في عهودهم وكانت لهم اجتهادات في تلك البدايات، بيد أنهم لم يتصوروا تطورها، فأصبحت اجتهاداتهم متجاوزة أو كالمتجاوزة، وبعضها كان في تلك العهود الأولى ولم يتطور كثيراً إلا في أشكاله، ومع ذلك لا نجد له عندهم من العناية مثل ما عالجوا به الأنماط المتجاوزة.
فمن هذه الأنماط، ما أبدأوا فيه وأعادوا من طرائق الحكم في ما قد يختصم فيه الزوجان عند الطلاق، من أثاث ومتاع البيت، وهذا النمط من الشراكة بين الزوجين، لم تعد له اليوم أهميته في القديم، إنما الذي أصبح الأهم وتجب دراسته، هو ما قد يكون بينهما من شراكة في أموال، أغلى من مجرد الأثاث ومتاع البيت والملابس والحلي العادي، مثل أن تكون لأحدهما قطعة أرض، وفي الفترة الحميمية بينهما، اتفقا على إقامة عقار فيها، والجانب الذي يملك قطعة الأرض، لا يملك المال اللازم للبناء، فتولى الجانب الآخر الإنفاق على البناء. وفي هذا العصر الذي أخضعت فيه العقارات أو الأملاك الثابتة للتسجيل والتوثيق في مؤسسات التوثيق العقاري ومؤسسات الضرائب ومؤسسات الإنارة والتزويد بالماء، لا مناص من أن يكون العقار المبني موثقاً باسم أحدهما أو كليهما، فإن لم يوثق البناء، أصبح حكمه حكم قطعة الأرض التي أقيم عليها، وهي بالضرورة موثقة، وفي كلتا الحالتين، توثيق البناء أو اعتبار توثيق الأرض، هل يعتبر هذا التوثيق هو الفيصل في إثبات ملكية أحد الطرفين للعقار المبني كله، عند إصراره على عدم الاعتراف بشراكة الطرف الآخر اعتماداً على قاعدة وضع اليد. وفي هذه الحال، سيكون الطرف المحروم من حقه، سواء كان صاحب الأرض أو صاحب المال الذي انفق على البناء، مظلوماً. وإذا كان صاحب الأرض هو المتمسك بالملكية بناء على الوثيقة التي في يده لملكية الأرض، فبأية وسيلة يستطيع الجانب الذي أنفق على البناء إثبات حقه في العقار، وإذا وثق العقار باسم الذي أنفق على إقامته، فبأية وسيلة يستطيع صاحب الأرض إثبات حقه فيه، لاسيما إن كانت الأرض غير موثقة في الجهة المختصة بتوثيق الأرض.
لا نكاد نجد تصوراً لهذا النمط في ما بين أيدينا من مصادر الفقه الأول، واعتماد قرينة الحيازة فيه ظلم كبير، لذلك يجب عدم اعتبارها والبحث في كيفية إنشاء العقار منذ اللبنة الأولى، للتمييز بين ملكية الأرض وإثباتها لمستحقها، وبين ملكية البناء، وطريق البحث ميسور إذا كان الجانب المالك للأرض عاجزاً عن الإدلاء بأية حجة على أنه كان يملك من المال ما يواجه نفقة البناء، في حين أن الجانب الآخر في وضع مالي يشهد بأنه القادر على مواجهة تلك النفقات. ومن الجانب الآخر لهذا النمط، يتعين التثبت من أساس الاتفاق بين الجانبين عند الشروع في البناء، هل لدى الجانب الذي تولى الإنفاق عليه ما يثبت أنه ملك الأرض بالشراء أو الهبة أو التعويض بشيء آخر. فإن استطاع أن يثبت ذلك، سقط كل ادعاء للجانب الآخر. أما إن لم يستطع، ثبتت شراكتهما في العقار، ووجب إخضاعه للمخارجة، بأن يتولى أحدهما تعويض الآخر عن حقه، أو للبيع وقسمة قيمته بينهما طبقا للتمييز بين قيمة الأرض وقيمة البناء، وهذا يعني أن الحيازة أصبحت غير ذات موضوع في هذا النمط.
ونمط آخر، وهو في هذه المرة في المنقول، وصورته: أن يشتري الزوج مقدارا من الحلي كبيرا، سواء كان ذهبا أو جواهر، احتياطا لاضطراب في عملة البلد، أو إخفاء لجانب من المال، فرارا من دفع الضرائب، أو من قرض إجباري تفرضه الدولة، فإذا وقع الطلاق واعتمدنا مقولة جمهرة الفقهاء، بأن الحلي عرفا يعتبر من ممتلكات الزوجة ظلمنا الزوج، لكن كيف يستطيع التمييز بين ما هو من ممتلكات الزوجة وما هو ليس من ممتلكاتها، والمدخر كله حلي، واعتماد مبدأ الحيازة والاختصاص لا ينصف الزوج.
لا مناص من اعتبار أمرين: العرف والقدرة المالية لكلا الطرفين، فبالعرف يمكن تمييز ما هو عادة في بيئتهما مما تملكه الزوجة، إما بهدايا منه أو بهدايا من أهلها أو صديقاتها، وما لا يمكن اعتباره من هذا القبيل، لكن العرف وحده لا يتكفل بالإنصاف الدقيق لهما، فيتعين الرجوع إلى وثائق شراء ذلك الحلي إن وجدت، وهنا أيضا يبرز إشكال. فلو أن الزوج كان يشتري ذلك الحلي باسم زوجته أو اعتمادا على ما كان بينهما من حميمية عندئذ، فكيف يمكن تحكيم وثائق الشراء، هنا يتعين المصير إلى القدرة المالية لكلا الطرفين، فبها وحدها مساندة بالعرف، يمكن تمييز ما هو من حق الزوج وما هو من حق الزوجة، وقد لا يكون التمييز دقيقا، لكنه الأقرب إلى الإنصاف. وفي هذه الحال، يسقط اعتماد الحيازة أيضا.
ونمط آخر قريب من هذا، وهو إذا التجأ الزوج، لإخفاء جانب من ماله، إلى شراء عقارات بأسماء زوجته وأبنائه أو أقاربه، ثم شجر بينه وبينهم خلاف، فإن اعتمدنا الحيازة، كان كل مالك وثيقة بعقار، مالكا له شرعا، أو قضاء، باعتبار أن حكم القضاء ليس دائما هو الحكم الشرعي الحق وقانونا، ويصبح مالك الحق ضحية لهذا الخطأ الشكلي، وإذن فلا مناص من الالتجاء إلى البحث في موارد من بأيديهم هذه الوثائق، فإن أمكنهم إثبات قدرتهم على امتلاكها، اعتمدت الحيازة بجانب ما يقدمون من أدلة أو قرائن قاطعة. وإن لم يستطيعوا إثبات قدرتهم على امتلاكها، واستطاع المالك الحق إثبات قدرته وحده، سقط اعتبار الحيازة، إلا إذا أثبتوا تملكها بهبة منه، وهذا يكاد يكون مستحيلا في ما تكون قيمته مرتفعة جدا، تتجاوز ما يمكن أن يهبه أحد، حتى وإن كان غاية في الكرم. وفي هذه الحال، يتعين تحكيم العرف، وتسقط الحيازة، لا سيما إذا أثبت المالك الحق أنه إنما وثق تلك العقارات بأسماء حملة الوثائق، تهربا من ضرائب أو قروض إجبارية، أو ما شاكل ذلك، بأن يكون من التجار الكبار أو رجال الأعمال الكبار أو المضاربين في الأسواق المالية، وتحمل بإثبات ذلك جميع العواقب المترتبة عليه من جزاءات وعقوبات يفرضها القانون على من يتهرب من الضرائب، أو يفرضه الشرع الإسلامي على مانع الزكاة. أو من يخفي ماله في حالة حاجة بيت مال المسلمين إليه، أو في الظروف الحربية التي يجب استنفار أموال المسلمين لتمويلها وتجهيزها.
ونمط آخر من سقوط الحيازة، وفي هذه المرة كان سقوطها أمام قرينة أضعف منها في الظاهر، لولا أن المصلحة المرسلة والمصلحة العامة يجعلانها أقوى، تلك هي الطريقة التي عامل بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض عماله ممن اشتبه في أنهم تأثلوا مالا أثناء عملهم، ما كان ليجتمع لهم لو اقتصرت مواردهم على أرزاقهم وما يصيبون من الفئ والغنائم. ونورد ثلاثة أمثلة لهذه الطريقة.
المثال الأول: ما صنعه مع أبي هريرة رضي الله عنه حين استعمله على البحرين، فلما قدم عليه، اشتبه في أنه تأثل مالا قد لا يكون من حله، فصادر منه عشرة آلاف أو اثني عشر ألفا تعليق: هذا الأثر أخرج عبد الرزاق - المصنف، ج: 11، ب: الإمام راع، ص: 323، الأثر: 20659- طرفا صالحا منه، واللفظ له:
عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه! قال أبو هريرة: لست عدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قال: خيل لي تناتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت علي، فنظروه فوجدوه كما قال، قال: فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله، فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد طلب العمل من خير منك يوسف؟ قال: إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، أخشى ثلاثا واثنين، قال له عمر: أفلا قلت خمسا؟ قال: لا، أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حكم، ويضرب ظهري وينتزع مالي، ويشتم عرضي.
وأخرجه:
ابن سعد- الطبقات الكبرى، ح: 4، ص: 335- 336- مطولا، فقال:
أخبرنا عمرو بن الهيثم، قال: حدثنا أبو هلال، عن محمد بن سيرين، فذكره.
أخبرنا هوذة بن خليفة وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن خليف بن عقبة وبكار بن محمد، قالوا: حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، فذكره.
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال: حدثنا همام بن يحيى، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب قال لأبي هريرة، فذكر طرفا منه.
وأبو يوسف - كتاب الخراج، ص: 114- طرفا منه، قال:
وحدثني المجالد بن سعيد، عن عامر، عن المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه، فذكره.
وأبو عبيدة – كتاب الأموال، ص: 361، أثر: 668- طرفا منه، فقال:
وحدثنا معاذ، عن ابن عون، عن ابن سيرين، فذكره.
الأثر: 669-: وحدثنا يعقوب بن إسحاق، عن زيد بن إبراهيم التستري، عن ابن سيرين، فذكره.
وابن زنجويه- كتاب الأموال، ج:2، ص: 605- 607، الأثر: 996- مطولا، فقال:
قال أبو عبيد، وأخبرنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، عن ابن سيرين، فذكره.
الأثر: 997-: أخبرنا بكر بن بكار، أخبرنا أبو حرة، حدثنا محمد، فذكره.
الأثر: 998: حدثنا محاضر، عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، قال: قال عمر لأناس من أصحاب محمد، فذكره.
وابن عبد الحكم- فتوح مصر وأخبارها، ص: 148- 149- مطولا، فقال: حدثنا أسد بن موسى، حدثنا سليمان بن أبي سليمان، عن محمد بن سيرين، فذكره.
وأبو نعيم- حلية الاولياء، ج: 1، ص: 380- 381- طرفا منه، فقال:
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن إسحاق شاذان، حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن الصامت، حدثنا يحيى بن العلياء، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، فذكره.
المثال الثاني: ما صنعه مع خالد بن الوليد رضي الله عنه حين عزله- في قصة مثيرة- وصادر منه اثني عشر ألفا تعليق: القصة نقلها الذهبي- سير أعلام النبلاء، ج: 1، ص: 380- في ترجمته لخالد بن الوليد، ت: 78- من كتاب سيف بن عمر، وكأنه تحرج منها، فقال عن رجاله، قال: كان عمر لا يخفى عليه شيء من عمله، وإن خالدا أجاز الأشعث بعشرة آلاف، فدعا البريد، وكتب إلى أبي عبيدة أن تقيم خالدا وتعقله بعمامته، وتنزع قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث؟ أمن مال الله أم من ماله؟ فإن زعم أنه من إصابة أصابها، فقد أقر بخيانة، وإن زعم أنها من ماله، فقد أسرف، واعزله على كل حال، واضمم إليك عمله، ففعل ذلك، فقدم خالد على عمر فشكاه، وقال: لقد شكوتك إلى المسلمين، وبالله يا عمر إنك في أمري غير مجمل، فقال عمر: من أين هذا الثراء؟ قال: من الأنفال والسهمان، ما زاد على الستين ألفا، فلك تقوم عروضه، قال: فخرجت عليه عشرون ألفا، فأدخلها بيت المال، ثم قال: يا خالد، والله إنك لكريم علي وإنك لحبيب إلي، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء.
قلت: وقد تكلموا في سيف ورجاله كما تكلموا في غيره من الإخباريين، لكن سيفا أخرج له الترمذي من الستة- الجامع الكبير، ج: 6، أبواب المناقب، ب (59)، ص: 172- حديثاً (3866) ، أخرجه أيضا الخطيب- تاريخ بغداد، ج: 13، ص: 195- في ترجمة مغيرة بن محمد المهلبي، ت:7173. والطبراني في – المعجم الأوسط، ج: 9، ص: 167، ح: 8362- والمزي في تهذيب الكمال، ج: 12، ص: 327- عند ترجمته لسيف بن عمر، ت: 2676.
وقال عنه ابن عدي- الكامل في الضعفاء، ج: 3، ص 1272- في آخر ترجمته له – بعد أن ساق طائفة من أقوالهم فيه، وأسند إليه أحاديث كدأبه في من يترجم لهم: ولسيف بن عمر أحاديث غير ما ذكرت، وبعض أحاديثه مشهورة، وعامتها منكرة، لم يتابع عليها، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق.
قلت: لكن خبر سيف هذا يشهد له ما فعله عمر مع أبي هريرة، وما فعل مبعوثه بأمر منه محمد بن مسلمة مع عمرو بن العاص، وسيأتي.
المثال الثالث: ما فعله محمد بن مسلمة مع عمرو بن العاص حين كان واليا على مصر بأمر من عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعاً - إذ قاسمه ماله (1) .
(1) قال ابن عبد الحكم- فتوح مصر وأخبارها، ص: 146: قال: ثم بعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة كما حدثنا معاوية بن صالح، عن محمد بن سماعة الرملي، قال: حدثني عبد الله بن عبد العزيز شيخ ثقة إلى عمرو بن العاص، وكتب إليه: أما بعد، فإنكم معشر العمال قعدتم على عيون الأموال، فجبيتم الحرام، وأكلتم الحرام، وأورثتم الحرام، وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصاري ليقاسمك مالك، فأحضره مالك، والسلام فلما قدم محمد بن مسلمة الأنصاري مصر، أهدى له عمرو بن العاص هدية، فردها عليه، فغضب عمرو، وقال: يا محمد، لم رددت إلي هديتي، وقد أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمي من غزوة ذات السلاسل، فقبل، فقال له محمد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بالوحي ما شاء، ويمتنع مما شاء، ولو كانت هدية الأخ إلى أخيه، قبلتها، ولكنها هدية إمام شر خلفه، فقال عمرو: قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا، فلقد رأيت العاص بن وائل يلبس الديباج المزرر بالذهب، وإن الخطاب بن نفيل ليحمل الحطب على حمار بمكة، فقال له محمد بن مسلمة: أبوك وأبوه في النار، وعمر خير منك، ولولا اليوم الذي أصبحت تذم، لألفيت معتقلا عنزا يسرك غزرها، ويسؤك بكؤها، فقال عمرو: هي فلتة المغضب وهي عندك بأمانة، ثم أحضرهما له، فقاسمه إياه، ثم رجع.
وفي هذه الأمثلة من الفقه، أن ولي الأمر الأعلى (أمير المؤمنين) له ألا يعتبر الحيازة، وإن قدم حائزها بينات على سلامة السبل التي تأثل منها ماله، بل يعتبر ما هو أبعد من ذلك، فالذي يلي أمرا من أمور المسلمين، له رزقه ورزق عياله وكسوته، وأن يتزوج إن يكن عازبا من مال المسلمين، وليتخذ خادما، وأن يتخذ مسكنا، لكن عليه لقاء ذلك، أن يقف كل وقته وجهده وهمه لأمور المسلمين، فإذا تأثل مالا أكثر مما يمكن أن يوفره من رزقه المقرر له من بيت مال المسلمين، كان معنى ذلك أنه بذل من جهده ووقته وهمه نصيبا كبيرا أو صغيرا ليس ملكا له، وإنما هو ملك للمسلمين، وعلى هذا الاعتبار- في ما يتراءى لنا اعتمد عمر والمصلحة المرسلة والمصلحة العامة للمسلمين، هما القاعدتان البارزتان لاجتهاداته، لاسيما في المجال السياسي- في هذه الأمثلة وفي غيرها من تصرفاته مع عماله، فأبطل اعتماد الحيازة وعدم وجود أية شبهة في ما في أيديهم من المال، مسوغين لهم أن يحتفظوا بما تأثلوه، وبهذا سبق عمر من جاؤوا من بعده بقرون، فشرعوا ما سموه (قانون من أين لك هذا؟) لأن هؤلاء اعتمدوا في ما وضعوا من أحكام وضوابط على مجرد التأكد من أن المسؤول أمام تشريعهم عن تقديم البينات على مصادر ماله، ليس مطلوبا منه إلا أن يثبت براءته من الارتشاء واستغلال النفوذ، فإن أثبتها، فلا جناح عليه إن صرف من جهده ووقته وهمه جانبا وقد يكون الجانب الأكبر في استثمار ما بيده من مال اجتمع له من رزقه الشهري أو ورث بعضه، استثمارا ألحقه بزمرة كبار رجال الأعمال وكبار التجار والمترفين، مع أن ما صرفه من جهد ووقت وهم، ليس ملكا له، وإنما هو ملك للدولة التي يعمل لها، حصلت عليه منه برضاه واختيار لقاء الرزق الشهري الذي يتقاضاه، وغالبا ما يكون هو الذي سعى إليها بمختلف الوسائل، يلتمس أن توليه من أمرها لقاء ذلك الرزق، وشتان بين شريعة العباد وشريعة الله.
الفراسة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله)) تعليق: هذا الحديث روي عن أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي وثوبان وابن عمر.
حديث أبي سعيد الخدري، رواه:
البخاري - التاريخ الكبير، ج: 7، ص: 354، عند ترجمته لمصعب بن سلام، ت: 1529- فقال:
قال أحمد بن سليمان: حدثنا مصعب بن سلام، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)) ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] .
وعنه الترمذي - الجامع الكبير، ج: 5، أبواب تفسير القرآن، ب (16)(ومن سورة الحجر)، ص: 200، ح: 3127- فقال
حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أحمد بن أبي الطيب، حدثنا مصعب بن سلام، فذكره.
وتعقبه بقوله:
هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه. وقد روي عن بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} . قال: للمتفرسين.
والطبري- جامع البيان، ج: 14، ص: 46- فقال:
حدثنا محمد بن عمارة، قال: حدثني حسن بن مالك، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس، فذكره.
حدثنا أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا محمد بن كثير، مولى بني هاشم، قال: حدثنا عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد، عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.
والعقيلي- كتاب الضعفاء الكبير، ج: 4،ص: 129- فقال:
ومن حديثه ما حدثناه محمد بن أحمد الأنطاكي، حدثنا موسى بن داود، حدثنا محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس، فذكره.
حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، حدثنا سفيان، عن عمر بن قيس الملائي، قال: كان يقال: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله- عز وجل وهذا أولى.
وعنه الخطيب البغدادي- تاريخ بغداد، ج: 3، ص: 191- 192، عند ترجمته لمحمد بن كثير، ت: 1234- فقال:
أنبأنا محمد بن أحمد العتيقي، قال: نبأنا يوسف بن أحمد بن يوسف الصيدلاني- بمكة- حدثنا محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، وساق رواية العقيلي الثانية.
والطبراني- المعجم الأوسط، ج: 8، ص: 410- 411، ح: 7839- فقال:
حدثنا محمود، قال: حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: حدثنا محمد بن كثير الكوفي، عن عمرو بن قيس، فذكره.
وتعقبه بقوله:
لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن قيس إلا محمد بن كثير ومحمد بن أبي مروان، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد.
وأبو عبد الرحمن السلمي- طبقات الصوفية، ص: 156- فقال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا بكير بن أحمد الحداد الصوفي- بمكة- حدثنا الجنيد بن محمد أبو القاسم الصوفي، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن كثير الكوفي، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد- رضي الله عنه –قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احذروا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله تعالى)) وقرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} . قال: للمتفرسين.
وأبو نعيم- حلية الأولياء، ج: 10، ص: 281- 282- فقال:
ومن مسانيد حديثه ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ بها، فذكره.
حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا عبد الحميد بن بيان، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
والخطيب البغدادي- المصدر السابق- فقال:
حدثنا أبو القاسم الأزهري، حدثنا أحمد بن إبراهيم البزاز، حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة الكندي، حدثنا موسى بن زياد، حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} .قال: (للمتفرسين) . كذا قال في هذا الحديث عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، والأول محفوظ، وهو غريب من حديث عطية العوفي، عن أبي سعيد، لا نعلم رواه عنه غير عمرو بن قيس الملائي. وتفرد به محمد بن كثير، عن عمرو، وهو وهم، والصواب ما رواه سفيان عن عمرو بن قيس الملائي، قال: كذا يقال: اتقوا فراسة المؤمن، وساق الحديث كذلك.
و ج: 7، ص: 241- 242، عند ترجمته للجنيد بن محمد، ت: 3739- فقال:
أخبرني أبو سعد الماليني- قراءة- أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن أحمد بن مقبل البغدادي، حدثنا جعفر بن محمد الخلدي، حدثنا الجنيد بن محمد بن الحسن بن عرفة، ح
وأخبرني الحسين بن علي الطناجيري، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار، حدثنا ابن مخلد، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن كثير الكوفي، عن عمرو بن قيس الملائي، فذكره.
وحديث أبي أمامة الباهلي، رواه:
الطبراني - المصدر السابق، ج: 4، ص: 160، ح: 3178- فقال:
وبه، حدثني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)) .
وتعقبه بقوله:
لا يروى هذا الحديث عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، تفرد به معاوية.
وكرره في – المعجم الكبير، ج: 8، ص: 102، ح: 7497- فقال:
حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، فذكره.
وابن عدي- الكامل، ج: 6، ص: 2401- 2402، عند ترجمته لمعاوية بن صالح- فقال:
حدثنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان – بمصر- حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، فذكره.
وتعقبه بقوله:
وهذا عن راشد بن سعد بهذا الإسناد، لا يرويه عنه غير معاوية بن صالح.
وعند أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، كتاب طويل ونسخة حسنة.
وأبو نعيم- المصدر السابق، ج: 6، ص: 118- فقال:
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، فذكره.
والقضاعي- مسند الشهاب، ج: 1، ص: 387- 388، ف: 433، ح: 633- فقال:
أخبرنا هبة الله بن إبراهيم الخولاني، أنبأ علي بن الحسين القاضي، حدثنا أبو عروبة، حدثنا محمد بن عوف، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، فذكره.
والبيهقي- الزهد الكبير، ص: 159- 160، ح: 358- فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق يعني الصغاني- حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، فذكره.
وابن عبد البر - جامع بيان العلم وفضله، ج: 1، ص: 196- فقال:
حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، فذكره.
والخطيب البغدادي- المصدر السابق، ج: 5، ص: 99، عند ترجمته لأحمد بن محمد المؤدب، ت: 2500- فقال:
أخبرنا طلحة بن علي الصقر الكتاني، حدثنا أبو الحسين أحمد بن عيسى بن الحكم المقرئ الحربي- إملاء- حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن المستلم بن حيان، حدثنا محمد بن رزق الله أبو بكر، حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، فذكره.
وحديث ثوبان، رواه:
الطبري - المصدر السابق، ص: 46- 47- فقال:
حدثني أبو شرحبيل الحمصي، قال: حدثنا سليمان بن سلمة، قال: حدثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبي، قال: حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي، قال: حدثنا وهب بن منبه، عن طاوس بن كيسان، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله)) .
وأبو نعيم- المصدر السابق، ج:4، ص: 81- فقال:
حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا محمد بن إسحاق الطبري، حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا سليمان بن سلمة، حدثنا مؤمل بن سعيد بن يوسف، حدثنا أبو العلاء أسد بن وداعة الطائي، قال: حدثني وهب بن منبه، عن طاووس، عن ثوبان، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((احذروا دعوة المؤمن وفراسته، فإنه ينظر بنور الله وينظر بالتوفيق)) .
وتعقبه بقوله:
غريب من حديث وهب، تفرد به مؤمل عن أسد.
وحديث ابن عمر، رواه:
الطبري - المصدر السابق- فقال:
حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا الفرات بن السائب، قال: حدثنا ميمون بن مهران، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور الله)) .
وأبو نعيم- المصدر السابق، ج: 4، ص: 94- فقال:
حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا أحمد بن عيسى بن السكن، حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو اليمامي، حدثنا عمارة بن عقبة، حدثنا فرات بن السائب، فذكره.
وتعقبه بقوله:
غريب من حديث ميمون، لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
قلت: وقد زعم ابن الجوزي أن الحديث موضوع، وحاول أن يجرح جميع أسانيده، انظر ابن الجوزي- الموضوعات، ج: 3، ص: 145- 148-.
وتعقبه السيوطي في- اللآلي المصنوعة، ج: 2، ص: 329- 330- فساق مزاعمه واحدة واحدة.
ثم قال:
قلت- القائل السيوطي: الحديث حسن صحيح.
أما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن جرير في (تفسيره) - وساق سنده كما نقلناه آنفا- فبرئ اليماني من عهدته.
وأما حديث أبي سعيد، فأخرجه البخاري في (تاريخه) - وساق سنده كذلك.
وأخرجه الترمذي - وساق سنده كذلك.
فلم ينفرد به محمد بن كثير، ومصعب قال أبو حاتم: محله الصدق، ووثقه ابن معين.- انظر الرازي- الجرح والتعديل، ج: 8، ص: 307- 308، ت: 1425- وتاريخ يحيى بن معين برواية الدوري، ج: 3، ص: 316، ت: 1505، وص: 423، ح:2069.
فقال: محمد بن كثير شيعي، لا بأس به.
قلت: في عبارة السيوطي هذه خلل، ويظهر أن كلمة أو جملة سقطت من العبارة للناسخ أو الطابع.
ومهما يكن، فإن محمد بن كثير الكوفي وثقه ابن معين فعلا. انظر تاريخ ابن معين برواية الدوري، ج: 3، ص: 478، ت: 2332- وكذلك الرازي- انظر الجرح والتعديل، ج: 8، ص: 68- 69، ت: 308- لكن ابن أبي حاتم روى عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قوله: سألت أبي عن محمد بن كثير الذي يحدث عن ليث- يعني ابن أبي سليم- والحارث بن حصيرة، فقال: خرقنا حديثه ولم نرضه.
ثم قال السيوطي:
وله متابع آخر عن عمرو بن قيس أخرجه ابن مردويه في تفسيره من طريق محمد بن مروان عن عمرو بن قيس به.
ولعمرو بن قيس متابع عن عطية- يعني العوفي- أخرجه أبو نعيم في (الطب) .
حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين الخراز الكوفي، حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا يحيى بن الحسين، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد به.
قلت: الحديث سبق أن سقناه من طرق غير طريق أبي نعيم في (الطب) وعطية العوفي أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ، كما أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه في (سننهم) ، وضعفه بعضهم ومنهم أحمد.
لكن قال فيه يحيى بن معين: صالح- انظر عن مقولاتهم فيه، المزي- تهذيب الكمال، ج: 20، ص: 145- 149، ت:3956.
وقال ابن عدي- الكامل، ج: 5، ص: 2007- بعد أن ساق طائفة من أقوالهم فيه، وأسند إليه حديثا:
ولعطية عن أبي سعيد الخدري أحاديث عداد عن غير أبي سعيد، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعد من شيعة الكوفة.
قلت: لعل هذا هو المرتكز الحقيقي للذين ضعفوه.
ثم قال السيوطي:
وأما حديث أبي أمامة، فإنه بمفرده على شرط الحسن، وعبد الله بن صالح لا بأس به.
وللحديث طريق آخر عن ثوبان. وساق سند ابن جرير له، وقد نقلناه آنفا عنه وعن أبي نعيم.
ولا عبرة بما جدف به الألباني في توهية هذا الحديث، فلئن كان إسناد حديث ثوبان معلولا بأسد ومؤمل وسليمان، فإنه يتقوى ويعتضد وتزول عنه شائبة الوضع والضعف بالروايات الأخرى لحديث ((اتقوا فراسة المؤمن)) .
على أن اشتدادهم في التحامل على رواة حديث ثوبان، مرده إلى أن الثلاثة شيعة، وربما من غلاة الشيعة، والحديث لا علاقة له- من قريب ولا من بعيد- بالتشيع ولا بأي هوى سياسي.
لهذا نرى أن ما أجهد به نفسه الألباني لتعضيد ابن الجوزي، عنت لا مسوغ له ولا طائلة من ورائه، فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن في مجموع طرقه، فضلا عن أن مجتهدين يعتد باجتهادهم قبلوه واعتمدوه.
وإذا وجد حديث بأسانيد شتى، وإحدى طرقه واهية، مهما بلغت درجتة وهيا، أو حتى إن كانت إحداها موضوعة ثابتة الوضع، فإن هذا لا يجرح أسانيده كلها ولا يغمز في الاستدلال به.
فلو ذهبنا مع الألباني في موقفه من هذا الحديث، لا طرحنا كثيرا من العلم وانصرفنا عن العمل بالسنة إلى العمل بالرأي، أعاذنا الله من الضلال.
كان الأحرى أن ندمج الفراسة في الأمارات، فهي مصدرها وعمادها، لكن أفردناها لأنها قد تعتمد أو قد يصدر صاحبها عن أمارات غير ملموسة ولا متصورة، إنما هي سمات أو ملاحظات يستشفها من وهبه الله ميزة الفراسة، وقد لا يستطيع التعبير عنها تعبيرا دقيقا، ومع ذلك، تؤثر في تصرفاته وأحكامه.
ونحسب من هذا القبيل ما روي عن عمر (1) وعلي (2) وأبي مسعود الأنصاري (3) وأبي الدرداء (4) وأبي هريرة (5)
(1) انظر التعليقات الآتية رقم: (171) و (172) و (174) .
(2)
قال ابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج: 10، ص: 23، أثر:8630. حدثنا عيسى بن يونس، عن ابن عون، قال: حدثني مسكين، رجل من أهلي، قال: شهدت عليا أتي برجل وامرأة وجدا في خربة، فقال له علي: أقربتها؟ فجعل أصحاب علي يقولون له: قل: لا، فقال: لا، فخلى سبيله.
(3)
قال ابن أبي شيبة- المصدر السابق، أثر:8624. حدثنا شريك، عن جابر، عن مولى لأبي مسعود، عن أبي مسعود، قال: أتي برجل سرق، فقال: أسرقت؟ قل: وجدته، قال: وجدته، فخلى سبيله. وقال عبد الرزاق- المصنف، ج: 10، ص: 224، أثر: 18921: عن الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي مسعود الأنصاري، أنه أتي بامرأة سرقت جملا، فقال: أسرقت؟ قولي: لا.
(4)
قال ابن أبي شيبة- المصدر السابق، أثر: 8623: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن يزيد بن أبي كبشة، أن أبا الدرداء أتي بامرأة قد سرقت، قال لها: سلامة، أسرقت؟ قولي: لا.
(5)
قال ابن أبي شيبة- المصدر السابق، أثر: 8625: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن سليمان الناجي، عن أبي المتوكل، أن أبا هريرة أتي بسارق وهو يومئذ أمير، فقال: أسرقت، أسرقت؟ قل: لا، قل: لا، مرتين أو ثلاثا.
من أنهم يلقنون بعض من يتهم عندهم- أو يشهد عليه- بالسرقة، أن يقول: لا، فيخلوا سبيله رغم الشهادة أو قوة أمارات الاتهام.
ومن عجب أن الذين ساقوا آثار عنهم في هذا المجال وهموا وأوهموا أن تصرفهم هذا يندرج في نطاق درء الحدود بالشبهات، وهو وهم له وجاهته، لكن يصرف عنه أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك مع كل من يتهم لديهم، وإنما كانوا يفعلونه مع البعض، بل إن عمر رضي الله عنه فعل ما يخالفه، فقد أتي بسارق، فقال: والله ما سرقت قط قبلها، فقال: كذبت، ما كان الله ليسلم عبدا عند أول ذنبه، فقطعه (1) .
(1) انظر البيهقي- السنن الكبرى، ج: 8، ك: السرقة، ص:276.
وعمر هذا هو الذي أتي برجل فسأله أسرقت؟ قال: قل: لا، فقال: لا، فتركه ولم يقطعه (1) .
وما من مسلم يرتاب في أن صدور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم بعض الخلفاء الراشدين، يلقنون المتهم أو المشهود عليه للسرقة أن ينكر من دون سبب، والشبهة التي قد يستند إليها أولئك الواهمون الموهمون، هي الفراسة وليس غيرها.
وقد يكون مصدرها التوسم في المتهم أو المشهود عليه إنه اضطر اضطرارا، فليست فيه سيما المجرم (2) . كما روي عن عمر رضي الله عنه، وهو من هو شدة في دين الله- أنه أتي بسارق قد اعترف، فقال عمر: إني لأرى يد رجل ما هي بيد بسارق، فقال الرجل: والله ما أنا بسارق، فأرسله عمر، ولم يقطعه (3) .
وقد يكون الظرف كما كان شأن عمر في عام الرمادة، إذ أوقف قطع يد السارق لما أصاب الناس يومئذ من شدة الجوع والحاجة، وفعله هذا مشهور تناقلته جميع مدونات الآثار والأحكام.
ومن يتأمل ما روي في هذا المجال من آثار عن صدور الصحابة وبعض الخلفاء الراشدين، يتبين أنهم اعتمدوا الفراسة قرينة لدرء الحكم على المتهم أو المشهود عليه في حد من الحدود.
(1) انظر عبد الرزاق- المصدر السابق، أثر:18920.
(2)
انظر التعاليق رقم: (171) و (172) و (174) .
(3)
انظر ابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج: 10، ص: 24- 25، أثر:8628.
وهذا يعني أن الفراسة قرينة إثبات عدم الأهلية للحكم، وليست قرينة الأهلية للحكم، إلا ما كان من أثر عمر الذي أشرنا إليه آنفا حين قال لمن أقسم لديه- وقد أتي به متهما بالسرقة- أنه لم يسرق:(ما كان الله ليسلم عبدا عند أول ذنبه) .
وعمر رضي الله عنه من أفرس الناس، فلو تصرف فيه سيما خير أو اضطرارا أو كان في ظرف استثنائي، لما قطعه، كما لم يقطع غيره ممن كانت فراسته فيهم دالة على إثبات عدم أهليتهم للحكم عليهم.
لكن إذا كانت فراسة الحاكم في متهم لديه بحد من الحدود، تحمله على اعتباره مجرما، ولم تكن التهمة مستندة على ضبطه متلبسا، ولا على شهادة موجبة لإقامة الحد، ولا على إقرار اختياري ثابت منه، انحصر تأثيره في أنها تبيح له- وربما توجب عليه- أن يلجأ إلى وسائل حمل المتهم على الاعتراف الاختياري أو الاعتراف المقترن بتقديم ما يثبت صحة الاعتراف، مثل المال المسروق أو وصف السرقة كيف وقعت، وتعيين ووصف المكان الحريز الذي سرقت منه، فإن لم تجد هذه الوسيلة في انتزاع الاعتراف الاختياري أو المقترن بحجج تثبته من المتهم، وجب عليه إطلاقه، وجاز له وضعه تحت الرقابة.
وفي كثير مما عرضنا له في هذا البحث من الآثار في الحكم بالأمارات، أنماط مما يدخل في نطاق الفراسة.
قرائن قاطعة لا يجوز اعتمادها في إقامة الحدود
ظهرت في هذا العصر أحوال، لولا نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، لكانت أقوى من الشهادة على من اتسم بها، فالشهادة يمكن أن يكون فيها تزوير من شهود لهم على من شهدوا عليه ثارات أو أحقاد، ويمكن أن يكون فيها خطأ في المشاهدة، لكن هذه الأحوال قل ألا تكون موجبة لإقامة الحدود على من ظهرت عليه، فالمصاب بمرض الزهري والمصاب بمرض فقد المناعة المكتسبة (السيدا) لاسيما إذا لم يكن متزوجا أو إذا أصيب وهو غائب عن زوجته غيبة طويلة، أو كان متزوجا فظهر عليه ولم يظهر على زوجته من قبله- إذ لو ظهر من بعده، لكان بعدوى منه- من الصعب عدم اعتبار إصابته ناتجة عن غير ممارسة جنسية غير مشروعة، وحتى وإن كانت بالعدوى فممن جاءته هذه العدوى؟.
الأرجح الذي يبلغ درجة اليقين، أن الإصابة كانت نتيجة لممارسة جنسية غير مشروعة، ومع ذلك، فسواء اعترف أو لم يعترف، لا يجوز إقامة الحد عليه محصنا أو غير محصن، وإن أجمع كل أطباء الدنيا على أن الإصابة كانت من ممارسة منه، وليست بعدوى من غيره من طريق غير الطريق الجنسي المباشر، كالتقبيل وما شابه ذلك، لأن أولئك الأطباء المجمعون لا يعتبرون شهودا في الشريعة الاسلامية، إذا لم يشهدوا العملية عند وقوعها ولم يصفوها وهي واقعة كيف شهدوها ولم يثبتوا أنها وقعت وقوعاً كاملا موجبا للحد، وأنى لهم أن يثبتوا ذلك؟
وليس أمام الحاكم المسلم في مثل هذه الحال، إلا تعزير المريض، لكن بعد أن يشفى إن كتب له الشفاء، أما قبل شفائه، فلا يعزر المريض، لأن التعزير قد يزيد من مرضه.
بل إن على الأطباء والخبراء الذين يثبتون الإصابة ومصدرها علميا، أن يكتموا ذلك عن غير المريض ما استطاعوا، حفاظا على سمعة الأسرة وصيانة لموقعها الاجتماعي وإكراما للمجتمع الإسلامي من إشاعة الفاحشة فيه.
وقريب من هذا، البنت تزف إلى زوجها، فيتبين أنها ليست عذراء، ويثبت الطبيب أو الخبير أو الخبيرات أن زوجها صادق في ما ادعاه عليها.
لكن هذه قد يختلف شأنها بعض الشأن عمن أصيب بمرض جنسي، لأن العذرة قد تزول من غير ممارسة جنسية، فلو سقطت البكر على قدميها من مكان مرتفع أو مارست رياضة تستعمل فيها الأقدام أو النصف الأسفل كله، فقد تزول عذرتها، كما يمكن أن تزول عذرتها بممارسة جنسية، لكن لم تبلغ مواصفاتها الحد الموجب لإقامة الحدود.
ومع ذلك، فمن الواجب على الطبيب أو الخبير أو الخبيرات، أن يكتموا أمرها حفاظا على أثارة من كرامة لها وصيانة لمستقبلها الاجتماعي من أن يتأثر تأثرا يجعل حياتها غير مريحة، فإن يكن زوجها كريما فحفظها، كان أرجى له عند الله أن يحفظه وأن يستر ما قد اقترف أو يقترف من ذنوب. وإن أبى ذلك، فهو من حقه، لكن يجب أن يتعلل في الطلاق بعلة أخرى يفتعلها افتعالا لا تصيب كرامة المتهمة ولا تؤثر في مصيرها، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبوتا متواترا من الأمر بالستر في الحدود، وثبت مثل ذلك عن كبار الصحابة، وتناقلته جميع مدونات الأحاديث والآثار.
وبعد، فيكاد يكون هذا البحث منحصرا على أثر القرائن في الجنايات، وقد قصدنا إلى ذلك عن عمد وسبق إصرار- على حد تعبير القانونيين - لأن القرينة في الجنايات أفعل، وجل آثارها إثبات عدم الأهلية للحكم على المتهم.
أما القرينة في الأحوال الشخصية والشؤون المالية، فقد تضاءل تأثيرها وضاق مجالها، حتى لتوشك أن تنمحي في هذا العصر، بما بلغه تقدم التشريع الوضعي والأنظمة المالية، من ضبط ودقة توثيق، بحيث أصبحت الحاجة إلى الاستدلال بالقرائن بالغة الندرة بالقياس مع ما كانت عليه قديما يوم لم تكن ضوابط ولا وسائل توثيق كالتي وجدت الآن.
ثم لأن ضلالات الذين يزعمون أنهم دعاة الانبعاث الإسلامي، عملت على تشويه صورة الإسلام في أعين المسلمين وغير المسلمين، فقدمته كما لو كان سوطا وضعه الله على أبشار عباده وسيفا على رؤوسهم وأيديهم.
فكأن تطبيق الشريعة الإسلامية ينحصر أو ينحصر جله في تطبيق الحدود على الناس، والله سبحانه وتعالى أرحم وأرأف بعباده من أن يجعل دينه الذي ارتضاه لهم مجرد سوط على أبشارهم وسيف على رقابهم وأيديهم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
محمد الحاج الناصر
المصادر
مرتبة على الترتيب الهجائي لكنى أو أسماء الشهرة للمؤلفين، ولم نذكر أسماء المحققين كما هو متواضع عليه الآن، لأن جلهم- مع الأسف- مما يتعين ستره، إشفاقا عليه وإكراما للعلم والعلماء.
• ابن أبي شيبة، الكتاب المصنف، الدار السلفية – الهند.
• ابن أبي عاصم، كتاب السنة، المكتب الإسلامي- بيروت – دمشق.
• ابن أبي يعلى، طبقات الحنابلة، دار إحياء الكتب العربية- القاهرة.
• ابن الأثير الجوزي، أسد الغابة، دار الفكر، بيروت.
• النهاية، المكتبة الإسلامية- بيروت.
• ابن تيمية، مجموع الفتاوى، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع – الرباط.
• منهاج السنة، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- الرباط.
• ابن الجارود، غوث المكدود (المنتقى) ، دار الكتاب العربي- بيروت.
• ابن الجنيد، السؤالات، مكتبة الدار- المدينة المنورة.
• ابن الجوزي، الموضوعات، المكتبة السلفية- المدينة المنورة.
• ابن حبان، الصحيح (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب علاء الدين الفارسي) ، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• ابن حجر العسقلاني، تغليق التعليق، المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق.
• فتح الباري، الطبعة الأميرية- القاهرة.
•
• ابن حنبل (الإمام) ، المسند، دار الفكر- بيروت ومؤسسة الرسالة- بيروت.
• ابن خزيمة، الصحيح، المكتب الإسلامي- لبنان.
• ابن دريد، جمهرة اللغة، مكتبة الثقافة الدينية- القاهرة.
• ابن زنجويه، كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية- الرياض.
• ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر- بيروت.
• ابن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر- تونس.
• ابن عبد البر، الاستذكار، دار قتيبة للطباعة والنشر- دمشق - بيروت. ودار الوعي- حلب - القاهرة.
• الاستيعاب على هامش الإصابة، مطبعة السعادة- مصر.
• التمهيد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – المملكة المغربية.
• جامع بيان العلم وفضله، دار الكتب العلمية- بيروت.
• ابن عبد الحكم، فتوح مصر وأخبارها، مدينة ليدن (نسخة مصورة) .
• ابن عدي الجرجاني، الكامل في ضعفاء الرجال، دار الفكر- بيروت.
• ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، مجمع اللغة العربية- دمشق.
• ابن قدامة، المغني، دار الفكر- بيروت.
• ابن القيم الجوزية، إعلام الموقعين، دار الفكر- بيروت.
• بدائع الفوائد، دار الكتاب العربي- بيروت.
• الطرق الحكمية، دار الجيل- بيروت.
• ابن ماجة، السنن، دار الفكر- بيروت.
•
• ابن معين، التاريخ (برواية الدوري) ، جامعة الملك عبد العزيز- مركز البحوث وإحياء التراث الإسلامي (طبعة مصورة) .
• معرفة الرجال، مجمع اللغة العربية- دمشق.
• ابن منده، كتاب الإيمان، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• ابن منظور، لسان العرب، دار الفكر- بيروت.
• أبو داود السجستاني، السنن، دار الفكر، بيروت.
• أبو داود الطيالسي، المسند، دار المعرفة- بيروت.
• أبو عبد الله الحاكم، المستدرك، دار المعرفة- بيروت.
• معرفة علوم الحديث، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت.
• أبو عبد الرحمن السلمي، طبقات الصوفية، مكتبة الخانجي- القاهرة.
• أبو عوانة، المسند (المستخرج على صحيح مسلم) ، مكتبة السنة- بيروت.
• أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء، دار الكتب العلمية- بيروت.
• ذكر أخبار إصبهان، دار الكتاب الإسلامي (طبعة مصورة عنها) .
• أبو هلال العسكري، الفروق في اللغة، دار الآفاق الجديدة- بيروت.
• أبو يعلى الموصلي، المسند، دار المأمون للتراث- دمشق.
• أبو يوسف، كتاب الخراج، دار المعرفة للطباعة والنشر- بيروت.
• أحمد نشأت، رسالة الإثبات، لم يذكر اسمها ولا مكان الطبع، ويظهر أنها طبعة مسروقة.
• جيرار كورنو (ترجمة منصور القاضي) ، معجم المصطلحات القانونية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع- بيروت.
• سعدي أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، دار الفكر- بيروت.
• سعيد بن منصور، السنن، دار الكتب العلمية- بيروت.
• عبد بن حميد، المنتخب، دار الأرقم- الكويت.
• عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المصنف، المكتب الإسلامي- بيروت.
• عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، مؤسسة الرسالة- بيروت
•
• مالك، الموطأ (برواية أبي مصعب الزهري، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• وبرواية الحدثاني، دار الغرب الإسلامي- بيروت.
• وبرواية الشيباني، المكتبة العلمية- بيروت.
• وبرواية الليثي، دار الغرب الإسلامي- بيروت.
• وكيع، أخبار القضاة، عالم الكتب- بيروت.
• ول ديورنت (ترجمة د. زكي نجيب محمود) قصة الحضارة، لجنة التأليف والترجمة- القاهرة.
• الأزهري، تهذيب اللغة، الدار المصرية للتأليف والترجمة- القاهرة.
• البخاري، التاريخ الكبير، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الصحيح، المكتبة العصرية- صيدا- بيروت.
• الضعفاء الصغير، عالم الكتب، بيروت.
• البزار، البحر الزخار (المسند) ، مكتبة العلوم والحكم- المدينة المنورة.
• البغوي، شرح السنة، المكتب الإسلامي- بيروت.
• معالم التنزيل، دار الفكر- بيروت.
• البوصيري، إتحاف الخيرة المهرة، مكتبة الرشد- الرياض.
• البيهقي، دلائل النبوة، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الزهد الكبير، مؤسسة الكتب الثقافية- بيروت.
• السنن الكبرى، دار الفكر- بيروت.
• شعب الإيمان، دار الكتب العلمية- بيروت.
• معرفة السنن والآثار، جامعة الدراسات الإسلامية- كراتشي- باكستان. ودار قتيبة- دمشق - بيروت. ودار الوعي- حلب - سورية. ودار الوفاء- المنصورة - القاهرة.
•
• الترمذي، الجامع الكبير، دار الغرب الإسلامي- بيروت.
• العلل الكبير، مكتبة النهضة العربية- بيروت.
• الجرجاني، كتاب التعريفات، مكتبة لبنان - بيروت.
• الجوهري، الصحاح، دار العلم للملايين- بيروت.
• الجوهري، مسند الموطأ، دار الغرب الإسلامي- بيروت.
• الحميدي، المسند، عالم الكتب- بيروت.
• الحميضي، القضاء ونظامه في الكتاب والسنة، المملكة العربية السعودية - جامعة أم القرى. معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي. مركز بحوث الدراسات الإسلامية- مكة المكرمة.
• الخطيب، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الدارقطني، السنن، دار المحاسن للطباعة- القاهرة.
• الدارمي، السنن، دار القلم- دمشق.
• الذهبي، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• الرازي، الجرح والتعديل، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الزمخشري، أساس البلاغة، الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة.
• السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار إحياء التراث العربي- بيروت (طبعة مصورة) .
• السيوطي، اللآلي المصنوعة، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت.
• الشافعي، كتاب الأم، دار الكتب العلمية- بيروت.
• المسند، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الطبراني، المعجم الكبير، مطبعة الامة- بغداد.
• المعجم الأوسط، مكتبة المعارف- الرياض.
• المعجم الصغير (الروض الداني) ، المكتب الإسلامي- بيروت. ودار عمان - عمان.
•
• الطبري، تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف- القاهرة.
• جامع البيان، دار الفكر- بيروت.
• الطحاوي، شرح مشكل الآثار، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• شرح معاني الآثار، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الطرسوسي، مسند عبد الله بن عمر، دار النفائس- بيروت.
• العقيلي، كتاب الضعفاء الكبير، دار الكتب العلمية- بيروت.
• الفراهيدي، كتاب العين، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات- بيروت. لجنة إحياء التراث الإسلامي- القاهرة.
• الفيروز أبادي، بصائر ذوي التمييز، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
• القرافي، الإحكام، مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب - سورية.
• الفروق، دار المعرفة – بيروت- لبنان.
• القشيري، الصحيح، دار إحياء التراث العربي- بيروت.
• الكنى والأسماء، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
• القضاعي، المسند، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• المزي، تحفة الأشراف، المكتب الإسلامي- بيروت.
• والدار القيمة- بمباي- الهند.
• تهذيب الكمال، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• المقدسي، الأحاديث المختارة، مكتبة النهضة الحديثة- مكة المكرمة.
• المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، دار الفكر المعاصر- بيروت.
• ودار الفكر- دمشق.
• النسائي، السنن الكبرى، دار الكتب العلمية- بيروت.
• السنن الصغرى (المجتبى) ، مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب - سورية.
• الهروي، غريب الحديث، دار الكتاب العربي- بيروت.
• كتاب الأموال، دار الشروق- بيروت- القاهرة.
• الهيثمي، كشف الأستار عن زوائد البزار، مؤسسة الرسالة- بيروت.
• مجمع الزوائد (بغية الرائد) ، دار الفكر- بيروت.
• الواحدي، أسباب النزول، دار القبلة للثقافة الإسلامية- جدة.
• ومؤسسة علوم القرآن- بيروت.