المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني عشر

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادأ. د. خليفة بابكر الحسن

- ‌استثمار موارد الأوقافإعدادالدكتور إدريس خليفة

- ‌استثمار موارد الأحباسإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌أثر المصلحة في الوقفإعدادالشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌صور استثمار الأراضي الوقفية فقهاً وتطبيقاًوبخاصة في المملكة الأردنية الهاشميةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكوصكوك الأعيان المؤجرةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة(الإجارة المنتهية بالتمليك)دراسة فقهية مقارنةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكدراسة اقتصادية وفقهيةإعداد الدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌الشرط الجزائي ومختلف صوره وأحكامهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الشرط الجزائيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌الشرط الجزائيإعدادالأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الشرط الجزائي في العقودإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الشرط الجزائي في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور ناجي شفيق عج

- ‌الشرط الجزائيدراسة معمقة حول الشرط الجزائي فقها وقانوناإعدادالقاضي محمود شمام

- ‌عقود التوريد والمناقصةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌عقد التوريددراسة فقهية تحليليةإعدادالدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ مجتبى المحمودوالشيخ محمد على التسخيري

- ‌الإثبات بالقرائن والأماراتإعدادالدكتور عكرمة سعيد صبري

- ‌القرائن في الفقه الإسلاميعلى ضوء الدراسات القانونية المعاصرةإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الطرق الحكمية في القرائنكوسيلة إثبات شرعيةإعدادالدكتور حسن بن محمد سفر

- ‌دور القرائن والأمارات في الإثباتإعدادالدكتور عوض عبد الله أبو بكر

- ‌بطاقات الائتمانتصورها، والحكم الشرعي عليهاإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور محمد العلي القري

- ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

- ‌بطاقة الائتمانإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التضخم وعلاجهعلى ضوء القواعد العامةمن الكتاب والسنة وأقوال العلماءإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الصلح الواجب لحل قضية التضخمإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌تدهور القيمة الحقيقية للنقود ومبدأ التعويضومسؤولية الحكومة في تطبيقه

- ‌مسألة تغير قيمة العملة الورقيةوأثرها على الأموال المؤجلةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

- ‌التضخم وتغير قيمة العملةدراسة فقهية اقتصاديةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌نسبة التضخم المعتبرة في الديونإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

- ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

- ‌التضخم وآثاره على المجتمعات

- ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

- ‌حقوق الأطفال والمسنينإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌حقوق الشيوخ والمسنين وواجباتهمفي الإسلامإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌حول حقوق المسنينإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌حقوق الطفلالوضع العالمي اليومإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌الشيخوخةمصير. . . وتحدياتإعدادالدكتور حسان شمسي باشا

- ‌البيان الختامي والتوصياتالصادرة عنالندوة الفقهية الطبية الثانية عشرة

- ‌(حقول المسنين من منظور إسلامي)

الفصل: ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

‌بطاقة الائتمان غير المغطاة

إعداد

الشيخ علي عندليب

والشيخ محمد علي التسخيري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله وعلى آله الطاهرين وصحبه.

بطاقة الائتمان غير المغطاة

وهي على بساطتها عبارة عن واقع بين مصدر البطاقة بين حاملها بتعهد المصدر أداء ثمن ما يشتري به الحامل، أو أداء أجرة تقع في ذمة الحامل في قبال خدمة وتعهد الحامل تسديد هذا إما مساويا لما أداه المصدر أو زيادة عليه في ما بعد دفعة واحدة أو على أقساط.

وتحقيق المسألة يقتضي بسط الكلام في أمور:

1-

العقد الواقع بين المصدر والحامل.

2-

العمل الواقع بين حامل البطاقة والتاجر مثلا.

3-

رجوع التاجر إلى مصدر البطاقة بعد عملية التجارة بينه وبين حامل البطاقة.

4-

رجوع مصدر البطاقة إلى الحامل بعد أداء ما تعهد به إلى التاجر.

5-

طلب المصدر من حامل البطاقة فائدة التأخير إذا لم يؤد حامل البطاقة ما تعهده في وقته.

ص: 1446

أما الكلام في الأمر الأول وهو عقد البطاقة:

فإنه يمكن تكييف هذا العقد بوجوه:

أ - أنه عقد ضمان الديون بين المصدر والحامل بشرط التسديد بأن يتعهد ويضمن المصدر جميع ديون الحامل التي تنشأ من معاملاته وإجارته بهذه البطاقة بشرط أن يسدد الحامل هذا المبلغ، أو مع زيادة فيما بعد ونظيره في الفقه الإسلامي عقد ضمان الجريرة لمن لا نسب له مع مسلم بأن يضمن جريرته ويرثه المسمى بولاء ضمان الجريرة.

ويدل على مشروعيته ولزومه قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] لأنه عقد عقلاني قائم بالطرفين فيجب الوفاء به، وليس فيه أي غرر ولا ضرر.

ويمكن أن يورد عليه بأنه عقد خال من مبادلة العوضين وهو نظير بيع الكالئ بالكالئ فهو باطل، ولكن يجاب عنه بأنه لا يشترط في صحة عقد مبادلة العوضين كما عرفت في عقد ضمان الجريرة، فعموم الآية مع عدم الدليل على اشتراط مبادلة العوضين يدل على صحته.

ب - أنه صرف وعد من المصدر بأداء دين الحامل الحاصل بمعاملته بهذه البطاقة بشرط التسديد، ويمكن أن يستدل بلزوم العمل بهذا الوعد بروايات:

منها ما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد)) (1) .

ومنها ما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ولمتعته تعرض، وذلك قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2-3](2) .

(1) الوسائل، ج8، الباب109، ح2،3 من أبواب أحكام العشرة، ص515.

(2)

الوسائل، ج8، الباب109.

ص: 1447

ومنها ما رواه محمد بن الحسن الطوسي بإسناده عن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه السلام أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: من شرط لإمراته شرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما) (1) .

ومنها ما رواه محمد بن الحسن الطوسي بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله عز وجل فلا يجوز (2)، فإن قوله عليه السلام:((فإن المسلمين عند شروطهم)) يشمل كل شرط سواء كان شرطا ابتدائيا أو في ضمن عقد، فيشمل ما نحن فيه فيجب على المصدر العمل بما وعده وشرطه وكذا على الحاصل.

جـ- أنه التزام بقبول حوالة حامل البطاقة عند معاملته وأحالته ثمنه إلى المصدر، ويدل على صحته قول أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام:(إن المسلمين عند شروطهم) إلا أنه يبتني على صحة الحوالة على البرئ، ويأتي الكلام فيها في الأمر الثاني.

د- أنه استدانة من حامل البطاقة فيقرض المصدر لصاحب البطاقة مبلغا تكشف حده البطافة ولكنه قرض في الذمة من دون إعطائه لحامل البطاقة نقدا، فإذا اشترى حامل البطاقة متاعا بها أحال ثمنه إلى المصدر لأن في ذمته مالا للحامل.

ولكنه يبتني على صحة القرض في الذمة وعدم اشتراط القبض في تملك القرض مع أن كلا الأمرين محل كلام وتأمل.

(1) الوسائل، ج12، ح5، 2 من أبواب الخيار، ص353.

(2)

الوسائل، ج12، ح5،.

ص: 1448

ثم إن قلنا بتكييفها الشرعي من باب القرض فلو شرط زيادة في تسديده كان ربا وصار حراما، إلا أن يعين مبلغا لعملية المصدر واقعا لا أن يكون حيلة شرعية لأخذ الزيادة فإنها حرام أيضا كما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:(إنما حرم الله عز وجل الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف)(1) . فإنه لو شاعت الحيل الشرعية لامتنع الناس من اصطناع المعروف كالقرض الحسن، والعلة تعمم وتخصص، فكما أن الربا حرام، فكذلك الحيل الشرعية التي هي في الواقع ربا.

هـ- أنه توكيل من المصدر لحامل البطاقة في اشتراء المتاع للمصدر ثم اشترائه من المصدر لنفسه، ولا بأس به أيضا لعموم أدلة التوكيل إلا أنه عقد جائز ويمكن فسخ الوكالة قبل الاشتراء أو بعدها وقبل اشترائها لنفسه مع أن البطاقة الشائعة ليست كذلك.

فتحصل أنه يمكن التكييف الشرعي لبطاقة الائتمان بأحد الوجوه إلا أنه يختص التكييف الشرعي بشكل بطاقة القرض بعدم اشتراط الزيادة دون سائر الوجوه فإنه يشمل صورة اشتراط الزيادة وعدمه إلا أن يكون حيلة شرعية.

(1) المصدر السابق، ج12، الباب 1 ح4 من أبواب الربا، ص423.

ص: 1449

الأمر الثاني وهو العملية الواقعة بين حامل البطاقة والتاجر.

المعاملة الواقعة بينهما تتصور على وجهين:

أحدهما: أن يشتري حامل البطاقة المتاع من التاجر بثمن كلي في الذمة.

والثاني: أن يشتري المتاع بهذه البطاقة بعينها.

أما الوجه الأول فلا إشكال في صحة المعاملة، وبعد وقوع المعاملة بينهما يحيل صاحب البطاقة التاجر إلى المصدر على التكييف الثاني والثالث والرابع، ويصير المصدر ضامنا على التكييف الأول، ويكون مشتريا على التكييف الخامس.

أما على القول بصيرورة المصدر ضامنا أو مشتريا فلا إشكال في المسألة.

وأما على القول بإحالة حامل البطاقة التاجر إلى المصدر فعلى التكييف الرابع فلا إشكال أيضا، لأن في ذمة المصدر ما يكون قرضا للحامل، فليس من الحوالة على البرئ، وأما على التكييف الثاني والثالث فهو حوالة على البرئ، وصحتها وإن كانت محل كلام إلا أن المشهور كما قيل صحتها، قال في الجواهر: ويصح أن يحيل على من ليس له عليه دين وفاقا للمشهور بل عن السرائر الإجماع عليه وهو الحجة بعد إطلاق النصوص وعدم (أوفو بالعقود) والسيرة على فعلها بحيث يعلم شرعيتها (1) .

وأما الإشكال بأنه يعتبر رضا المحال عليه سيما في الحوالة على البرئ فلا يرد هنا، لأن المصدر حين الالتزام بقبول الحوالة أو الوعد بأداء دين حامل البطاقة أظهر رضاه فلا يحتاج إلى تحصيل الرضا حين الحوالة.

وأما الوجه الثاني فهو باطل لأنه ليس مبادلة مال بمال من الطرفين بل يدخل المتاع في ملك حامل البطاقة مع أن عوضه ليس من ماله بل من مال المصدر إلا على التكييف الخامس، فإنه يدخل المتاع في ملك المصدر كما أن العوض يخرج من ملكه لأن حامل البطاقة وكيل يشتري للمصدر.

(1) الجواهر، ج22، كتاب الحوالة، ص125.

ص: 1450

الأمر الثالث رجوع التاجر إلى المصدر:

إذا وقعت المعاملة بين حامل البطاقة والتاجر فعلى التكييف الأول يجب على المصدر أداء ثمن المتاع لأنه ضامن، وكذلك على التكييف الخامس، لأنه مشتر والحامل وكيل، وكذلك على التكييف الثاني والثالث والرابع لأنه محال عليه، فلا إشكال في وجوب الوفاء على المصدر وإعطاء الثمن إلى التاجر.

وهل يجوز للمصدر حسم بعض الثمن عند إعطائه للتاجر أولا؟.

لا وجه للحسم لأنه إما ضامن أو مشتر أو محال عليه، فعلى أي حال فهو مديون للتاجر بالثمن الذي وقع بالتراضي به بين التاجر وحامل البطاقة، نعم إذا تراضى التاجر والمصدر بالحسم فلا إشكال فيه، لأنه إبراء بالنسبة إليه.

الأمر الرابع وهو رجوع المصدر إلى حامل البطاقة:

إذا أدى المصدر ثمن المتاع إلى التاجر يرجع إلى حامل البطاقة لأنه إما بائع على التكييف الخامس وإما دائن على التكييف الرابع، وإما ضامن بشرط التسديد على التكييف الأول، وإما محال عليه بشرط التسديد على التكييف الثاني والثالث.

وهل يجوز للمصدر أن يأخذ من حامل البطاقة زيادة على حقه الثابت في ذمته قبال تنجيمه بأن يؤدي حامل البطاقة المبلغ الثابت في ذمته أقساطا مع الزيادة أو لا؟.

يمكن أن يقال أنه لا يجوز لأنه ربا، إذ هو تأجيل الدين بشرط الزيادة.

ويمكن أن يستدل على حرمته بما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أمره نفر ليبتاع لهم بعيرا بنقد (بورق- خ) ويزيدونه فوق ذلك نظرة، فابتاع لهم بعيرا ومعه بعضهم، لمنعه أن يأخذ منهم فوق ورقة نظرة (1) .

فإن الابتياع لهم وأداء ثمنه من عنده بإذنهم يكون في ذمتهم له ورق نقدا ونهاه عليه السلام عن أخذ الزيادة مع التأجيل، وما نحن فيه كذلك، لأنه بعد أداء الثمن من ناحية المصدر بإذن حامل البطاقة تأجيله بالزيادة كتأجيل الورق في الرواية.

ومن هنا يظهر الكلام في الأمر الخامس وهو أخذ الزيادة إذا لم يؤد حامل البطاقة ما في ذمته في الوقت المؤجل. أخره.

علي عندليب

محمد علي التسخيري

(1) الوسائل، ج12، الباب3 ح1 من أبواب أحكام العقود، ص328.

ص: 1451

العرض- التعقيب والمناقشة

العرض

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

موضوع هذه الجلسة المسائية – بإذن الله – هو (بطاقات الائتمان غير المغطاة) العارضان: الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان، والأستاذ محمد علي القري بن عيد.

الشيخ محمد علي القري بن عيد:

بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونصلي ونسلم على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى قيام الساعة. أما بعد:

فموضوع النظر في هذه الجلسة المباركة هو (بطاقة الائتمان غير المغطاة) ، وهي البطاقة التي لا يحتاج حاملها إلى إيداع مبلغ من المال لدى مصدرها لكي يجري السحب منه كلما استخدمها الحامل لشراء السلع والخدمات من التجار.

وهذه هي الصورة التي لا يزال الإشكال فيها قائما، وقد اتجه النظر في المناقشات السابقة في هذا الموضوع إلى أن البطاقة المغطاة لا إشكال فها وإن لم يصدر بهذا قرار من المجمع.

وقد قدم في هذا الموضوع لهذه الدورة ستة بحوث لكل من الأفاضل:

الشيخان علي عندليب ومحمد علي التسخيري، بعنوان (بطاقة الائتمان غير المغطاة) .

الشيخ الدكتور عبد الستار أبو غدة، بعنوان (بطاقة الائتمان، تصورها والحكم الشرعي عليها) .

الشيخ الدكتور نزيه كمال حماد، بعنوان (بطاقات الائتمان غير المغطاة) .

البروفيسور محمد الأمين الضرير، بعنوان (بطاقة الائتمان) .

الدكتور محمد بلوالي، بعنوان (بحث خاص بالبطاقات البنكية) .

وأخيرا العارض الدكتور محمد القري، بعنوان (بطاقات الائتمان غير المغطاة) .

وأمر البطاقات الائتمانية وطريقة عملها وصورها أصبح أمرا فاشيا مستفيضا مشهورا لا حاجة بنا في هذا المقام إلى الإطالة في هذا الجانب مما تعرضت إليه البحوث المشار إليها، وإنما سنلخص بقدر الطاقة ما ورد في هذه الأوراق المقدمة من آراء للكتاب حول العلاقات التعاقدية بين أطرافها بما يسهل لنا التوصل إلى الحكم عليها بالجواز أو المنع.

ص: 1452

فأما العلاقة بين مصدرها وحاملها فلم تخرج الآراء عن القول بأنها كفالة بالدين أو حوالة، فإذا كانت كفالة كان مصدرها كفيلا وحاملها مكفولا والتاجر الذي يقبلها هو المكفول له، وهي كفالة بمبلغ له حد أعلى، ولكن الدين ربما جاء أقل من ذلك، وهي كفالة مؤقتة يضمن الكفيل ما وقع من دين قبل انتهاء ذلك الوقت، ولسان حاله يقول للتجار: بايعوا حامل هذه البطاقة فما ثبت في ذمته من دين فأنا به زعيم. وممن قال بالكفالة في العلاقة بين مصدرها وحاملها من الكتاب الأفاضل: الدكتور نزيه كمال حماد، والعارض الدكتور محمد القري، وهي قول للشيخين علي عندليب ومحمد علي التسخيري. والرأي الآخر أنها حوالة، وهو رأي البروفسور الصديق محمد الأمين الضرير، وإن كان فرق بين أنواع البطاقات في كونها حوالة على مدين- أي البطاقة المغطاة وعلى غير مدين في حالة البطاقة غير المغطاة. أما الدكتور عبد الستار أبو غدة فللبطاقة عنده حالان: حال قبل استخدامها من قبل حاملها وهي في هذه الحالة تكون كفالة، وبعد استخدامها وهي عندئذ تنقلب إلى حوالة.

ص: 1453

والقول بأن العلاقة هي الحوالة هو أيضا قول للشيخين علي عندليب ومحمد علي التسخيري ولهما رأي ثالث أيضا في أن العلاقة ربما كانت وكالة. أما العلاقة بين مصدر البطاقة والتاجر الذي يقبلهما فهي عند من قال بأن العلاقة الأولى كفالة تكون هذه جزء من الكفالة، فالتاجر مكفول له والبنك كفيل. ومن قال بأنها حوالة فالبنك محال عليه والتاجر محال. أما من ناحية ما يقتطعه المصرف من فاتورة التاجر فذهب الدكتور عبد الستار أبو غدة إلى أنها أجرة السمسرة، وبمثل هذا قال البروفسور الصديق محمد الأمين الضرير، وهي جائزة عند من قال إنها أجرة السمسار. أما الشيخ علي عندليب والشيخ محمد علي التسخيري فلا يريان لمثل هذا الحسم وجها، لأنه كما ذكرا إنما يكون البنك ضامنا أو محالا عليه أو مشتريا ولا وجه لهذا في أي صورة من هذه الصور عندهما إلا أن يقع التراضي بين التاجر والمصدر بالحسم فلا إشكال عندهما في ذلك عندئذ.

أما الدكتور نزيه حماد والعارض الدكتور محمد القري فقد ذهبا إلى أن للحسم من الثمن وجه إذا وقع تكييفه على أساس المصالحة على الدين بين الكفيل والدائن بناء على ما ذكره الحنفية في كتبهم من جواز رجوع الضامن على المكفول بما ضمن لا بما أدى. والعلاقة قائمة بين أطراف البطاقة على أساس الكفالة.

ص: 1454

وقد اجتمع رأي جميع الكتاب على أن البطاقة التي يتضمن عقدها شرط زيادة الدين بزيادة الأجل لا تجوز ولا تحل، وهي البطاقة المسماة (بطاقة الدين المتجدد) ، واختلفوا في مسألة جواز دخول المسلم في هذا العقد إذا انعقد عزمه على التسديد في الأجل المحدد بحيث لا يزيد عليه الأجل ولا يزيد الدين. ذهب الدكتور عبد الستار أبو غدة إلى أن مثل هذا لا بأس به بناء على مسألة بريرة المشهورة، وقوله صلى الله عليه وسلم:((اشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)) . وهو رأي وقع طرحه في مناقشات المجمع في دورته السابقة من بعض المشاركين.

فكأن حامل البطاقة إذن يدخل في العقد ملتزما بدفع الفائدة ثم يصحح العقد بإسقاط هذا الشرط الباطل مواظبا على دفع الدين في تاريخه بدون تأجيل.

وقد رد العارض الدكتور محمد القري على هذا الرأي بقوله: (إن تصحيح العقد الذي يتضمن شرطا باطلا إنما يكون بطريقين) :

الأول: إسقاطه من قبل المشترط لا من قبل المشروط عليه إذ لا معنى لذلك، لأن إسقاط الشرط من قبل من اشترط عليه الشرط لا يؤدي إلا إلى النزاع بينهما إذ هو يفوت على الطرف الآخر منفعة مشروطة له في عقد تحقق فيه الرضا بين الطرفين.

الثاني: يسقط الشرط الباطل ويصح العقد إذا كان هذا الشرط مخالفا للنظام العام، وهذه هي مسألة بريرة، إذ أن الشريعة قد قررت أن الولاء لمن أعتق، فلا يفيد المشترط أن يشترط خلاف ما قررته الشريعة.

ولذلك إذا كان الإنسان في بلد يجيز فيه النظام العام التعامل بالفوائدفليس له أن يدخل في مثل هذا العقد،أما إذا كان في بلد الفوائد فيه محرمة فإن هذا الشرط ساقط حتى لو وجد.

ص: 1455

وقد أورد الدكتور محمد بلوالي نصا من قانون الالتزامات والعقود المغربي، يقول هذا النص:(اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه، سواء جاء صريحا أو اتخذ شكل هدية أو نفع آخر للمقرض) .

فإذا كانت المحاكم تطبق مثل هذا القانون فإن وجود شرط الزيادة في العقود يكون ساقطا.

وهناك جوانب تفصيلية كثيرة من عمل البطاقة تعرض لها الباحثون وفصلوا فيها، مثل ما يقع في البطاقة من صرف عند استخدامها خارج بلد مصدرها، والرسوم على البطاقة بأنواعها، واشتراط مصدرها وجود حساب لديه لحاملها، والتأمين على الحياة فيها، والجوائز والهدايا، واستخدام البطاقة في شراء المحرمات أو في شراء الفضة والذهب أو السحب النقدي، إلى آخر ذلك مما يحسن الرجوع إليه في الأوراق التي بين أيديكم.

ثم بعد هذا العرض أحب أن أقول في البطاقة قولا مختصرا جامعا مانعا إن شاء الله مستمدا ذلك من اشتغالي بمسألة البطاقة نحو عقد من الزمان.

إن المنهج الذي سارت عليه الكتابات الفقهية الاقتصادية في هذه البطاقة اعتمد على أوصافها التي ترد في الكتابات الوضعية في الاقتصاد والقانون، وحاول الكتاب الوصول إلى حكم لكل نوع منها على حدة متجهين إلى التركيز على جوانب التفريق بين أنواعها وليس على القواسم المشتركة بينها. وقد أحدث ذلك بلبلة في الأذهان لا تخفى.

ص: 1456

إن منهج النظر الصحيح هو تجريد البطاقة الائتمانية كما نعرفها في التعامل من كل الأوصاف والتفاصيل الزائدة، والاقتصار في النظر أولا على الصورة الأساسية وعلى الأوصاف التي لو خلت منها البطاقة لم تعد بطاقة ائتمان. فإذا توصلنا إلى الحكم الملائم لهذه الصورة بدأنا في النظر في الأوصاف الإضافية لنرى أثرها على ذلك الحكم.

إن البطاقة بأنواعها كافة سواء كانت بطاقة (ديبت Debit) كما يقولون، أو بطاقة (تشارج Charge) أو بطاقة (كريدت Credit) كل هذه البطاقات تنشئ علاقة كفالة، الكفيل فيها مصدرها، والمكفول حاملها، والمكفول له التاجر الذي يقبلها، ومن قال بغير ذلك لم يدرك حقيقة البطاقة ويحسن الرجوع إلى ورقة الدكتور نزيه كمال حماد وورقة العارض الدكتور محمد القري لمزيد من التفصيل في هذه المسألة.

والرسوم التي يدفعها حامل البطاقة لمصدرها هي أجر على الضمان، وما كان منه لتغطية المصاريف الإدارية فإنه ضئيل. وإذا صدرت بغير رسوم فهي ضمان بلا أجر.

ومعلوم عندكم أيها الأفاضل أنه لم يرد في تحريم الأجر على الضمان نص من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وحكي فيه الإجماع، ولكنه إجماع على حكم معلل بعلة ذكرها بعض الفقهاء وهي أن المنع إنما هو سد للذريعة إلى الربا، ذلك أن الكفيل إذا دفع الدين عن المدين إلى الدائن ثم رجع على المدين بمبلغ الدين وكان قد اقتضى أجرة على الضمان كانت هذه الأجرة شبهة الربا. ولذلك قيل الكفالة من عقود التبرعات، وقد أجاز الفقهاء انقلاب بعض عقود التبرعات إلى عقود معاوضة بالتراضي، كما أجازوا الأجر للإمام والخطيب والمؤذن والشاهد ومعلم القرآن والفقيه.

ص: 1457

وعلى أية حال فإن أكثر البطاقات اليوم تصدر بلا رسوم. ولذلك فإن هذه القضية غير ذات بال بالنسبة للمصدرين.

وأما ما يقتطعه البنك من فاتورة التاجر فقد وقعت الإشارة آنفا إلى ما ذهب إليه البعض من تخرج ذلك على مسألة الصلح في الدين عند الحنفية، حيث يرجع الكفيل على المدين بما ضمن لا بما أدى، ويحسن الرجوع إلى ذلك في الأبحاث المقدمة.

نخلص من ذلك أن البطاقة إذا خلت من شرط الفائدة فهي جائزة في صورها المختلفة ولكن تبقى المسألة الأهم وهي أن البطاقة التي تمثل أكثر من (80 %) من بطاقات الائتمان في العالم وهي التي يحتاج إليها الناس الذين لا يتوافرون على الأموال عند حاجتهم إلى الشراء ومعلوم أن هذه الفئة تمثل السواد الأعظم من الناس في اليوم، هذه تلكم هي بطاقة الدين المتجدد ولا خلاف على حرمة هذه البطاقة لوجود الربا فيها، ولكن الناس أحوج ما يكونون إلى شيء يكون بديلا عنها. وحتى لو قلنا بمقال من قال يجوز الدخول في عقدها إذا التزم حاملها بدفع ما عليه بلا تأجيل ونحن لا نقول بذلك لو قلنا لم يكن ذلك محقق للغرض، لأن حاجة الناس إلى الائتمان أي إلى الشراء بالأجل وتقسيط الثمن وليس الكفالة فحسب. وقد اقترح البروفسور الصديق محمد الأمين الضرير إنشاء البنوك الإسلامية لوكالات تجارية خاصة بها ومتاجر تحتوي الأصناف المختلفة من السلع والخدمات بحيث يقع الشراء بالأجل من البنك مباشرة، واقترح إنشاء منظمة إسلامية تقوم محل منظمة فيزا وماستر كارد المشهورة، وهذا أمر بالغ الصعوبة بل ربما يقال إنه مستحيل وأظن أن هذا لا يحتاج إلى بيان.

ص: 1458

وقد اقترح العارض الدكتور محمد القري صيغة بديلة لبطاقة تقوم مقام هذه البطاقة التي تعمل بالربا وسميت بطاقة المرابحة، فتصدر البطاقة من قبل المصرف على أساس الوكالة، يكون حاملها وكيلا عن مصدرها يشتري نيابة عنه نقدا ضمن شروط يحدده في العقد بينهما على إصدار البطاقة ثم يبيع لنفسه وكالة عن المصدر بيعا آجلا فيدفع الثمن مقسطا على شهور عدة وتكون الآجال فيها معلومة مقدما وربح المرابحة متفق عليه. ومعلوم أن الوكالة جائزة، مقيدة كانت أو مطلقة، وإن اختلف الفقهاء في حدود الإطلاق فيها، والمرابحة قد صدر فيها قرار من المجمع الموقر. والإشكال في الصيغ المقترحة هي تولي الوكيل طرفي العقد، فهو مشتر وكالة وبائع لنفسه بالوكالة أيضا، ومن منع ذلك إنما منعه لأن الإنسان مجبول على تغليب حظ نفسه على حظ غيره، فقالوا: علة المنع استرخاص الوكيل لنفسه والاستقصاء لموكله. وحينما لا يوجد مثل ذلك وأذن الموكل للوكيل أجاز الفقهاء تولي الوكيل طرفي العقد، وقد أجاز الحنابلة ذلك فقد جاء في (شرح منتهى الإرادات) : ولا يصح بيع وكيل للوكيل تولي طرفي العقد

إلى آخر ما قال. وجاء في المغني لابن قدامة: وإذا أذن للوكيل أن يشتري من نفسه جاز له ذلك. وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين: لا يجوز، لأنه يجتمع له في عقد غرضان، الاسترخاص لنفسه والاستقصاء للموكل، وهما متضادان فتمانعا. ولنا أنه وكل في التصرف لنفسه فجاز، كما لو وكل المرأة في طلاق نفسها، ولأن علة المنع هي من المشتري لنفسه في محل لاتفاق التهمة لدلالتها على عدم رضا الموكل بهذا. وصرح هاهنا بالإذن. ثم قال: وقولهم إنه يتضاد مقصوده في البيع والشراء، قلنا: إن عين الموكل له الثمن فاشترى به فقد زال مقصود الاستقصاء وأنه لا يراد أكثر مما حصل، وإن لم يبين فثمن المثل. انتهى كلامه.

ص: 1459

ومعلوم أن المرابحة لا يقع فيها الاستقصاء والاسترخاص لأنها بيع بما قامت به السلعة وزيادة ربح. ومن الممكن تصميم إجراءات جديدة يتبين فيها علاقة الوكالة وعقد شراء البنك أولا، وانتقال تبعة الهلاك إلى البنك وامتلاكه للسلعة، ثم شراء حامل البطاقة للسلعة ثانيا بوكالته عن البنك. فهذا بديل صحيح إن شاء الله قابل للتطبيق وقادر للنهوض بحاجات الناس ضمن نطاق مباح، ومخرج للمسلمين من حرج هذه البطاقات الربوية.

وأخيرا ليعذرني إخوتي فيما قصرت فيه من بيان آرائهم ومقترحاتهم المطروحة في أوراقهم.

والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم، وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان:

أظن أن الدكتور محمد القري قد أكمل العرض فلا حاجة إلى أن أكرر ما قاله. وشكرا.

ص: 1460

التعقيب والمناقشة

الشيخ عبد الرحمن بن عقيل:

بسم الله الرحمن الرحيم،

بطاقات الائتمان أصبحت حاجة عامة لكثير من المسلمين في هذا العصر، ويشكر مجمع الفقه على اختياره للبحث فيها.

ولي ملاحظات على ما أورده الدكتور محمد القري وما ورد في البحوث ألخصها فيما يلي:

أولا: هي من حيث التكييف، فهل هي كفالة وعلى ضوئها ما قرره الدكتور القري والدكتور عبد الستار بجواز أخذ الأجرة على الضمان، أم أنها حوالة كما قرره الدكتور الضرير، أو وساطة كما قرره الدكتور أبو غدة والشيخ الضرير؟ الذي أتصوره في هذا أنها عقد مستحدث مركب من كل هذه العقود، وينبغي النظر إليها استقلالا من هذه الناحية بعيدا عن التأثر بتكييفها على عقد معين لما يترتب على ذلك من التكييف من أحكام شرعية.

ثانيا: فوائد التأخير، والاستدلال بحديث بريرة رضي الله عنها ((اشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)) كما قال صلى الله عليه وسلم، فإن الاستدلال به في الدخول في عقد يؤدي إلى الربا والتعامل به، فيه نظر في هذا المقام، حيث إن اشترطوا الولاء هو حق خاص بمولى بريرة أو بمن يملك رقبة بريرة في ذلك الوقت ولو كان حراما لنهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والاستدلال به في الدخول في عقد محرم يؤدي إلى الربا فيه نظر وينبغي عدم الاستدلال بهذا.

ثالثا: بالنسبة لشراء الذهب والفضة بالبطاقة وهو ما ذهب إليه بعض الباحثين لا أظنه صوابا لأن التقابض شرط في شراء الذهب والفضة، وتسديده بواسطة البطاقة لا يتم إلا بعد شهر أو قرابة ذلك.

رابعا: وهي النقطة الأخيرة وهي البديل الذي اقترحه الدكتور محمد القري في اختراع بطاقة لشراء السلع بأجل مرابحة. وفي الحقيقة إن هذا الاقتراح سيؤدي إلى فتح باب الربا بطريق غير مباشر والحيلة لأجله. حيث إن خلاصة هذا الرأي هو أن يعطي البنك العميل صاحب البطاقة مبلغا من المال أو سقفا من المال ويذهب العميل إلى المتاجر أو إلى المتجر الذي يريد أن يشتري منه البضاعة، ويختار البضاعة المعينة ثم يعطي صاحب المتجر هذه البطاقة ليحسم من حسابه الذي حدده له البنك هذه القيمة ولم تدخل هذه البضاعة في حيازة البائع الذي هو البنك ولا تحمل أيا من التبعات التي ينبغي أن يتحملها وربح من حيث لا يضمن شيئا، وكل ما في الأمر أنه حسم عليه المبلغ مع إضافة الفائدة أو الربح كما يسمى في هذه الحالة عند المقترح وفي هذا في الحقيقة حيلة واضحة لاستخدام بطاقة الائتمان للتعامل بها بالأجل، وهذا يجعل المنتقدين لحركة البنوك الإسلامية الذين سموها (الإسلاربوية) يجعل لهم ورقة أو حجة قوية بهذه الأساليب.

هذا ما عندي، وشكرا لكم.

ص: 1461

الدكتور شوقي دنيا:

بسم الله الرحمن الرحيم،

أمامنا عدة أبحاث قيمة بذلت فيها جهود طيبة ومع ذلك فهناك بعض الملاحظات التي لن أطيل في عرضها.

الواضح كما ذكر السيد الرئيس وكما ذكر الأخ الدكتور العارض- أن موضوع هذه الجلسة وقضيتنا هنا هي نوع واحد ومحدد من البطاقات وهي البطاقة غير المغطاة، لكنني ألاحظ أن الأبحاث التي قدمت معظمها لم يتقيد بهذا وأخذ يبحث في مفاهيم وأوليات عن البطاقة معظم وقته في الكتابة، الأمر الذي يجعلنا وكأننا (محلك سر) ، وكأننا لأول عهدنا بالبطاقة. بينما البطاقة قد بحثت من قبل وانتهينا فيها إلى نقطة معينة هي التي مازالت محل الإشكال وهذا ما أكده الأخ العارض وهي البطاقة غير المغطاة. ولا أدري ما السر وراء هذا الجهد الذي أعتبره خارج الموضوع أو خارج النطاق.

القضية الثانية: هناك خلاف حاد ظهر بين الأوراق حول تكييف العلاقات بين أطراف البطاقة، ما بين حوالة ووكالة وحمالة وقرض في بعض الأوراق المقدمة سلفا، وهذا أمر لا يمكن التعرف الميسر على الحكم الشرعي الصحيح.

بل إن الأبحاث كما رأيت لم تبرز بوضوح وصراحة تكييف البطاقة، وهل هي عقد مستجد أم لا؟ وهل هي عقد مجتمع أو عقد مركب أم ماذا؟ لا نجد إشارات واضحة أو تناول واضح لهذه الأشياء.

القضية الثالثة: طرحت بعض الأوراق البديل ممثلا في بديلين: بيع المرابحة وبطاقة بيع التقسيط. والملاحظ في بيع المرابحة وأنا أؤكد على ما قاله الأخ العارض والأخ المعقب إضافة للآتي: نحن نريد كما تعلمون جميعا ألا ننغمس أكثر من هذا في بيع المرابحة، ونريد لمصارفنا الإسلامية وقد تبين ما تبين من مثالب لبيع المرابحة وما فيها ونظرة الغير لها نريد أن نقلع عنها أو على الأقل نخفف من استخدامها فإذا بنا نريد من خلال هذا البديل المطروح أن نعمقها ونركز عليها ونتكلم فيها، بالإضافة إلى ما قد تجره من ربا كما قال الشيخ عبد الرحمن.

ص: 1462

البديل الثاني: هو بطاقة بيع التقسيط، هذا شيء أؤكد فيه على الدكتور القري يصعب تحقيقه، وأنا في رأيي ونحن في مجمع موقر ونحن تعلمنا من الفقهاء أنه لا بد من مراعاة فقه الواقع عند طرح البدائل والأساليب والإجراءات العملية- ينبغي أن تكون أعيننا مفتوحة على الواقع ومشكلاته وظروفه وأعبائه وألا نقتصر على فقه النصوص أو فقه المصادر، حتى يأتي علاجنا علاجا فعالا مجزيا لغيرنا ومقنعا لغيرنا.

كلمة أخيرة أود أن أطرحها للسيد الرئيس وهو أن في نفسي شيئا مما جرى في جلسة الصباح لا أتكلم إلا عن شيء واحد يخص العمل العلمي وهو أنني أرى أن المناقشات لم تأخذ حقها الكافي وأن الوقت كان ضيقا، وأخشى ما أخشاه أننا نكون قد وقفنا في منتصف الطريق ولا يمكننا مثل هذا النقاش القصير من الوصول إلى قرار مقنع ومرضي على الأقل لجمهور الحاضرين، وشكرا.

ص: 1463

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.

أولا أريد أن أقدر حق التقدير العمل الجاد والبحوث المعمقة والاجتهاد من جميع الباحثين، فشكر الله لهم ما أخلصوا فيه من بحث. ولا أريد أن أناقش كل ما جاء مما أوافق عليه ومما أخالفه ولكن سأتحدث عن بعض النقاط.

النقطة الأولى هي: استخدام بطاقة الائتمان لشراء النقدين.

التعامل في النقدين فيه نص واضح لا يحتمل التأويل وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد)) . فالمناجزة في البدلين هو شرط لصحة العملية وإن كل تأخير من طرف وإن كان هناك اطمئنان إلى تحصيل البدل هو مخالف لنص الرسول صلى الله عليه وسلم. ولذلك لما جاء في الحديث كما هو معلوم عندكم أنه لما أراد أن يقبض الدنانير ليعطيه بدلها فقال له: (حتى يأتي خادمي) فقال عبد الله بن عمر: لا، لا بد أن يكون ذلك يدا بيد. فيكون استخدام بطاقة الائتمان لشراء النقدين هي قضية محسومة ولا يجوز أن تستعمل بطاقة الائتمان فيها.

ص: 1464

ذكر الشيخ الضرير أنه يمكن أن تخرج هذه على عقد قرض بين التاجر وصاحب البطاقة. وهذا التخريج الذي ذكره يتوقف أولا على صحة قبول استخدام بطاقة الائتمان في الاقتراض من التجار. فالمعلوم أن بطاقة الائتمان إنما تكون لسحب أو لشراء لا للاقتراض. وإذا كان كما أظن عند الأقتراض لا يسمح ببطاقة الائتمان فإن هذا التخريج لا يقوم على أساس واقعي.

النقطة الثانية: هي العمولة التي يأخذها البنك التاجر فرأي الشيخ الضرير أن البنك التاجر اشترى القسيمة بثمن أقل من التاجر الذي باع ليتقاسم الفرق بينه وبين البنك المصدر.

الحقيقة أن البنك التاجر لم يشتر وإنما هو جزء من النظام العام، فهناك نظام عام يتصل فيه مصدر البطاقة بالبنك التاجر بالتاجر ذاته بالمشتري، فهو تنظيم عام وهو أحد أفراده، ولم يتول البنك التاجر الشراء وإنما قام بمهمة في السلسلة العامة التي يقع بها تنفيذ هذه البطاقة في التعامل.

النقطة الثالثة: وهي أخذ الأجر على الضمان.

أخذ الأجر على الضمان هذا محرم يقينا، وإذا كانت الشريعة حرمت الربا فإن تحريم أخذ الأجر على الضمان أولى، وذلك لأن صاحب المال إذا أقرض المال فعلا واقتطع جزءا من ماله ليترتب على ذلك أخذ زائد على هذا الاقتراض وهو الربا المحرم قطعا. فإن صاحب المال إذا لم يدفع شيئا من ماله سوى أنه قام بالضمان فإن أخذ أجر على ذلك هو أولى بالتحريم، وهو من أكل أموال الناس بالباطل. وهذا القياس الذي سمعناه على أنه يقاس على أخذ الأجر على العمل الذي يقوم به الإمام أو على تخصيص الإمام نفسه للإمامة أو على معلم القرآن، لست أدري ما هذا النوع من القياس؟ ما هي العلة الجامعة بين أخذ الإمام الأجر أو معلم القرآن الأجر وبين أخذ الأجر على الضمان؟ فهذا قياس لا شبه فيه ولا علة، وهو قياس باطل لا يمكن أن يقبل.

كما أن دعوى انقلاب العقود بالتراضي وأخذها بصورة عامة كقاعدة عامة من قواعد التشريع والاحتجاج بها أرى أنه احتجاج غير صحيح فقها.

وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1465

الشيخ وهبة الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يسعني إلا أن أقدر التلخيص والعرض الذي قدمه الدكتور محمد القري، فهو بحق يتميز بالوضوح والشمول، وإيقافنا على مختلف جزئيات وموضوعات بطاقات الائتمان، فهذا الوضوح يجعلنا من الضروري المبادرة إلى تمييز المتشابهات والتركيز على قضية التكييف لهذه البطاقة. ووضح من خلال التلخيص أن هناك أكثر من اتجاه وخصوصا أن بعض هذه الاتجاهات يجعل تكييف هذه البطاقات من قبيل الحوالة وبعضها من قبيل الكفالة، وهناك تكييفات أخرى، فنحن أمام هذه المعطيات لا بد أن يكون لنا دور في الترجيح وبيان أي الاتجاهين ينبغي أن نسير عليه في قضايا تكييف بطاقات الائتمان. الذي أميل إليه أن نسير على المنهج الأصيل الذي عليه الفقه الإسلامي وهو أن يكون هناك تركيز على عقد واحد لا أن نحاول التكييف بالاعتماد على أكثر من عقد أو أكثر من رأي في جزئيات العلاقات، علاقة البنك المصدر بالتاجر وعلاقة التاجر بالمصدر. وهذه العلاقات المتشابهة المتشابكة ينبغي أن يكون لنا رأي واحد فيها وأن نرجح أحد هذين الاتجاهين.

ص: 1466

أما الاتجاه القائل بأن هذه العلاقات تقوم على الكفالة ففي اعتقادي أن هذا الاتجاه يتصادم مع مجموعة من الأمور تمنع من اعتبار هذه العلاقات خاضعة لمسألة الكفالة، وبالذات فيما يتعلق بأخذ الأجر على الكفالة وأن هذا يتناقض أو يتعارض مع ما أجمع عليه الفقهاء، وهذا الإجماع له مستنده القوي لأن أخذ الأجر على الضمان ما هو إلا ذريعة للربا، لأن الكفيل يدفع شيئا ثم يأخذ شيئا آخر فهذا بالتأكيد يمنع من أخذ الأجر على الكفالة.

لذلك أرجح أن تكون هذه العلاقات في أطراف هذه البطاقات قائمة على الحوالة، وهو أقرب للمفهوم الفقهي، خصوصا وأن الحوالة في اعتقادي أوسع من الكفالة، ففيها حوالة دين وفيها حوالة حق وفيها معطيات لا تتوافر في مسألة الكفالة. كل ما في الأمر أن العلاقة بين التاجر وبين المصدر هنا أقف في قضية أخذ العمولة أو أخذ الأجر على

أو اقتطاع جزء من ثمن الخدمات أو ثمن السلع والمشتريات، فبدلا من أن تكون مائة مثلا يقتطع البنك المصدر نسبة (2 %) أو أقل أو أكثر، وهذا في الواقع لا يمكن أن تقبله قواعد الحوالة، وحينئذ نضطر إلى القول بتكييف آخر وهو أن هذا من قبيل السمسرة وأخذ العمولة على السمسرة.

ص: 1467

هذا في نطاق الترجيح بين التكييفات، لكن ما اقترح من إضافات أو بدائل عن بطاقات الائتمان على أساس كونها تاخذ صبغة إسلامية فأول هذه البدائل أن أكثر البنوك الإسلامية الآن اتجهت إلى القول بالعمل ببطاقات الائتمان على أن تجردها من الحرام المحقق وهو ضم الفوائد على هذه القروض، فهذا ينهي المشكلة ولا يلقي أساسا لوجود تصور أن البنك الإسلامي سيضم فوائد على ما تأخر من تسديد الالتزامات المترتبة عليه.

لذلك لا أوافق على جعل ما يسمى ببطاقة البيع بالتقسيط فهذا كما ذكر يتعذر تطبيقه وهو بعيد التصور، كما لا أوافق على بطاقة المرابحة فهذا أيضا فتح لباب المرابحة وهو أيضا في أغلب التصورات أنها ما هي إلا صورة أخري للعمل بالربا. ينبغي أن نسد الباب أمام هذا الاتجاه كما ذكر. كما أنني لا أوافق على الاقتراض في بطاقة الائتمان من التاجر كما ذكر بعضهم، لأن النص النبوي واضح وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سلف وبيع، وهذه نسأل عنها كثيرا. قد تبقى للصائغ (بائع الذهب) بعض الأموال فيقول: أنا أقترض من البائع ثم أسدد له الباقي قرضا، هذا يتنافى ويتصادم مباشرة مع النهي عن سلف وبيع يعني قرض وبيع، فلذلك لا يمكن أن نجد تبريرا أو تسويغا لهذه الأعمال المصادمة لأصول الشريعة.

بقيت نقطة أخيرة وهي قضية أغلب المسلمين الذين يتعاملون في الغرب مع بطاقات الائتمان. يوجد شرط وهو أنهم إذا تأخروا عن سداد الالتزامات ويعطونهم فرصة شهر أو أكثر وحتى بعد الشهر أيضا يعطونهم إنذارا أنه إذا لم تدفع في الفترة الفلانية تضم عليك فوائد. قضية هذا الشرط الفاسد لا يمكن قبوله إلا علي رأي فقهاء الحنابلة الذين يقولون: أن الشرط الفاسد في المعاوضات المالية لا يفسدها. فيكون هذا الشرط ملغي ويكون العقد صحيحا، وحينئذ هذا المنفذ ييسر علي هؤلاء الذين يتعاملون مع الجهات المصدرة للبطاقات ولا توجد بنوك إسلامية في أغلب البلاد الأوربية والأمريكية فيمكن أن نجد هذا المنفذ لتسويغ هذه البطاقات علي أن يتوقى حامل البطاقة بكل ما أوتي من جهد إلا يتورط في دفع الفوائد وإلا ارتكب الحرام من غير إشكال. لكن هل هذا الاتفاق يفسد التعاقد بينهما وبين مصدر البطاقة؟ الواقع لا منفذ لهذا إلا رأى الحنابلة وهو أن هذا شرط لا يفسد العقد علي عكس بقية المذاهب.

وشكرا لكم، والله الموفق.

ص: 1468

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

في طليعة البحث في هذا الموضوع أردت أن اذكر بأن إعطاء أجر مقابل الضمان لا يخلوا إما أن يكون سلفا جر نفعا – وهي عبارة البناني –لأنه عندما يدفع الأجر للضامن فإن الضامن إما أن يؤدي الدين عنه ويرد إليه هو ذلك الدين فيكون من باب الزيادة في القرض كأنه اقرضه وأعطاه زيادة، وإما أن لا يؤدي الضامن شيئا فيكون من باب أكل مال الناس بالباطل. فهذا هو التعليل بوضوح لقضية أخذ أجر علي الضمان، أكل أموال الناس بالباطل أو قرض بزيادة.

الشيء الثاني هو أن هذه البطاقة إذا كانت لا تدفع رسوم من طرف حامل البطاقة لمصدرها وكان مصدرها لا يأخذ زيادة فيما بعد علي من كفله، فهذه الصورة ينبغي أن تكون جائزة وينبغي أن نتدرج في أن نبرز الصور أو نقوم بإبرام الصور التي نتفق عليها حتى نحاول أن نسير قدما بشي من التدرج لإبراز الصور المتفق عليها ثم حصر النزاع في صور معينة، إذن هذه الصورة لا يدفع رسما علي الكفالة، أيضا البنك لا يأخذ زيادة فيما بعد من الدائن أو من هذا الشخص حامل البطاقة، ونعتبر أن ما يأخذه البنك – وهذا واضح جدا فيما يبدو لي – هو أجر سمسرة، لأنه يأخذه من التاجر ولا يأخذه من حامل البطاقة.

ص: 1469

الصورة الثانية هي أن يكون البنك يأخذ زيادة من حامل البطاقة لكن حامل البطاقة يملك عند البنك مالا فتكون في هذه الصورة من باب الحوالة لأن المودع إذا غاب عن الوديعة صار مقترضا، وحينئذ فإن حامل البطاقة يطالب البنك بمال، وما يأخذه هو عبارة عن حوالة من صاحب البنك إلى التاجر، والحوالة حينئذ قائمة لوجود الدين. كما أن الحوالة – كما تعلمون – قد تكون قائمة حتى مع عدم الدين كما صححه كثيرا من العلماء.

في رأيي أن هذه المسالة تأخذ حكما بينيا وما يسميه المالكية بالمسالة البينية، كما قال في الزقاق: هل إذا وجد الحكم بين كونه اعتقد؟ يعتقد أن الحكم يقع بين حكمين، أي أن المسالة تأخذ شبها من مسالة أخرى أو من أصل آخر فيعطى لها حكمه، وشبها من أصل آخر فيعطي لها حكمه.

فالذي أراه في هذه القضية أنها مترددة بين أشباه متعددة ويمكن أن نحملها علي الأقرب بها شبها إذا تمحض وإذا لم يوجد قرب أن تأخذ حكما من كل أصل حتى نستطيع إخراج هذه القضية من الظلمة إلى النور، وحتى نستطيع التعامل مع الحاجة إذا وجد العقد المركب. وشكرا.

ص: 1470

الشيخ أحمد:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي اشرف المرسلين سيدنا محمد أبي القاسم الأمين، وعلي آله وصحبه أجمعين.

الشكر للسادة الباحثين علي جهدهم وبحثهم العميق في هذه المسألة النازلة التي يتطلب أن يبذل كل عالم وكل فقيه جهده في تحريرها وتنقيحها وتوضيح حكمها للمسلمين، ولكن قبل هذا وذاك ينبغي أن نعلم أن هذا المجمع الموقر: المسلمون ينتظرون منه أن ينبههم علي الأخطار ويدلهم علي المخارج التي تنزل بهم وتحدق بهم، فلا ينبغي للمسلمين أن يسلموا بكل ما يرد عليهم وكأنه لا حول لهم ولا قوة، ذلك أنه مما لا يخفى علي العاقل الفطن أن بطاقات الائتمان التي عنى الباحثون ببحثها بحثا مستفيضا نشأت لتحقيق غاية يهودية رأسمالية وهي إفقاد الناس السيولة المادية وحصرها في مؤسساتهم، كما استطاعوا فعل ذلك في الذهب والفضة اللذين هما قيم الأشياء فطرة وخلقا. فهي خطوة ثانية لابتزاز المال من أيدي أصحابه بطريقة ظاهرها الرحمة وباطنها من خلفها العذاب.

والغريب في الأمر أن الأبحاث المقدمة للمسالة خلت عن الإشارة إلى هذا المغزى ولو للتنبيه مع وضوحه عند المتأمل. وحيث إن هذا الخطر الداهم قادم بقوة كالنار في الهشيم اليابس ولعله عما قريب يلتهم كل فرد إلا أن الأبحاث الكريمة وأقلام كاتبيها الكرام لم ترقم لنا الأخطار المحدقة التي سيتعرض لها كل إنسان والمتمثلة في الأمور التالية:

أولا: نفاد السيولة المادية من أيدي أصحابها بحيث قد لا يجد من يريد أن يخرج زكاته أو يصل رحمه أو يتصدق لسائل محروم أو يشتري القليل من الحاجيات التي لا غني للإنسان عنها في الحاضر أو السفر في البادية أو في المدينة والتي قد لا يوجد فيها أجهزة السحب أو الاستيفاء. وخير شاهد علي ذلك ما ذكره بعض الباحثين من أنه في بعض الدول إذا دفع أحد نقدا لمشترياته قامت حوله الشكوك وعرضت نقوده للفحص وتعرض هو للمساءلة وكأن لديه جنحه هو معرض للأخذ بها. ولا شك أن اختفاء التعامل بالنقد الآن يمشي بسرعة هائلة في كل الدول الغربية والشرقية الإسلامية وغيرها.

ثانيا: كما أن صاحب المال معرض للإعاقة وشل الحركة في سائر الأوقات لأسباب فنية فكثيرا ما تتعطل الأجهزة – أجهزة الصرف الآلي – إما بعطل فني أو انقطاع تيار كهربائي ولعله لا يستطيع أن ينتقل إلى موضع آخر لسبب أو آخر فتمسه الحاجة مع غناه ويذوق الفقر مع ملاءته. هذا ناهيك عن الأخطار الشرعية التي يتعرض لها المسلم وغيره جراء هذه البطاقات ومهما خرجنا بعض البطاقات علي الوجه أو وجوه شرعية إلا أننا لا نستطيع أن نمنع البعض الآخر من التعامل في البطاقات الأخرى.

ص: 1471

ومهما قلنا إن هذا النوع حلال وذاك حرام إلا أن معرفة الناس الفرق بينهم سيبقي معضلة وسيبقي العلماء في كل وقت محل مساءلة للناس لتمييز الحلال من الحرام وأنى لكل أحد أن يجد عالما في كل وقت؟ وهذا كله يوجب علي علماء الأمة علماء الفقه والاقتصاد ورجال الدولة الإسلامية أن يتحركوا عاجلا لوضع علاج ناجع لهذه الأخطار وذلك بإيجاد البدائل الإسلامية المتمثلة في الأمور التالية:

1-

إيجاد الدينار الإسلامي في حيز الوجود وفي أيدي المتعاملين حتى يتخلص المسلمون من التبعية للبنك الدولي ويكون للدولة الإسلامية استقلالها المالي فلا تستطيع الأيادي العابثة العبث والسطو علي نقد الأمة الإسلامية.

2-

وعلي فرض عدم قدرتنا علي إيجاد هذا الحل فإن من المقدور عليه أن يلزم المجمع الموقر البنوك الإسلامية عدم إصدار البطاقات ذات العائد الربوي أو الاعتراف بها حتى يكون للمسلمين مثابة يرجعون إليها لحماية دينهم وثرواتهم.

3-

وإصدار البطاقات للسحب من الرصيد فقط. فهذا اقل ما يجب فعله وقد خلت منه الأبحاث تقريبا وكأننا نتعامل مع واقع لا مفر منه. والله المستعان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1472

الشيخ سعود الثبيتي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.

شكرا معالي الشيخ والشكر للباحثين الذين قدموا هذه الأبحاث التي أفدنا منها.

ثم آمل أن أقدم وأرجو الإجابة علي بعض الأسئلة لعل في الإجابة عليها إكمال للتصور وإبداء الحكم الشرعي.

السؤال الأول: هل دفع المصدر عن حامل البطاقة من باب القرض الحسن أو الحوالة أو الوكالة أو الضمان بأجر؟.

ما علمنا في التاريخ الإسلامي من يسعى ليقرض ويوقع الناس فيما نحن فيه اليوم كما تعمل البنوك المصدرة لبطاقات الائتمان وتسعي سعيا حثيثا وجادا لإيقاع الناس في الشراء بواسطة هذه البطاقات ومن ثم إدانتهم.

ص: 1473

الزيادة التي يأخذها المصدر علي ما دفع يأخذها من التاجر هي زيادة إما مشروطة وإما متعارف عليها وهي زيادة عما دفع لا بما ضمن به، إن لم تكن من باب الربا فمن ماذا تكون؟ ماذا نسميها؟ هل نسميها سمسرة؟ نحن نعلم أن السمسار يقوم ببيع أشياء معينة ومعروفة، ومصدر البطاقة قد لا يعلم بهذه السلع التي تباع إلا إذا جاءه التاجر ببطاقات البيع. ثم هل هي أجرة على تحصيل الدين كما ذهب إلى ذلك البعض؟ ونحن نعلم أن المصدر للبطاقة يدفع أولا للتاجر ثم يأخذ متأخرا، فلم يحصل الدين أولا حتى يأخذ أجرة عليه.

هل هي أجرة على كفالة أم أجرة على ضمان؟ طبعا هذا إذا فتح الباب كما تفضل الشيخ السلامي ستغير كل الأِشياء من عقود ربوية إلى كفالة أو ضمان بأجر، وهذا تغيير للأسماء، وتغيير الأسماء لا يغير الأحكام.

العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها لا تخرج عن كونها كفالة أو حوالة كما ذكر بعض الإخوة، والواقع أن الكفالة لها تعريف. والحوالة هي نقل ما في ذمة إلى ذمة أخرى، فهل الدين ينتقل من ذمة إلى ذمة أخرى وتبرأ ذمة المحيل؟ وهل أحال على حق له والبطاقة غير مغطاة؟.

أمر رسوم الاشتراك والتجديد والاستبدال وما ذكر أن ذلك مقبول شرعا، قد يكون هذا له جانب كبير من الصواب إلا في حالات محدودة وهي ما إذا كانت البطاقة من النوع الممنوع المستعمل في الأشياء المحرمة شرعا.

البطاقة مشتملة على شرط الزيادة عما دفعه المصدر إذا كانت مغطاة. ما ذهب إليه البعض من الإسقاط والمصالحة عن الحق وأخذ البعض يجوز، هذا في الحقيقة لو كان الإسقاط بين الدائن والمدين فهي مسألة (ضع وتعجل) ، لكن الأمر هنا الزيادة يأخذها طرف ثالث وهو المصدر للبطاقة، يدفع قليلا ويأخذ أكثر.

مسألة الإسقاط أو (ضع وتعجل) كما قلنا تكون عن الدين المؤجل، وفي بطاقات الائتمان وما يترتب عليها الشيء الثابت على المشتري ليس مؤجلا وإنما هو حال. فالخصم الجائز إنما يكون من الثمن المؤجل للمدين من التاجر، وهنا الخصم كما قلنا لطرف ثالث.

وفي البطاقة المغطاة يأخذ المصدر من التاجر فيعطيه قليلا ويأخذ من الحامل أكثر، وفي غير المغطاة يأخذ من الطرفيين، يأخذ من التاجر ويأخذ من الحامل، وفي كل هو أخذ لزيادة عما دفع لا عما ضمن.

فأرجو أن تكون هذه الأسئلة مأخوذة في الاعتبار حين المداولة وأخذ القرار. وشكرا وبارك الله فيكم.

ص: 1474

الشيخ علي السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد كله لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونصلي ونسلم على خير البشر وعلى آله وصحبه.

جزيل الشكر للإخوة الكرام الباحثين وللسيد الرئيس.

أنا هنا أريد أن أركز على بعض النقاط وليس على الحديث التفصيلي. ما أراه في الواقع في التطبيق العملي موضوع السحب النقدي، فهو قد انتشر الآن بصورة غير عادية. والسحب النقدي من بطاقة غير مغطاة قرض. والبنوك كلها إسلامية وغير إسلامية تأخذ عمولة أو فائدة أو تسمى بأي أسم كان لكن لابد من وضع الضابط الشرعي لهذه العمولة. نحن رزئنا في أيامنا الأخيرة بأن بعض البنوك الإسلامية تفرض على السحب النقدي نسبة مئوية تزيد كلما زاد المبلغ، وقرار المجمع السابق في عمولة القرض أو أخذ الأجر على القرض في أن يكون المجهود الفعلي وأن أي زيادة على المجهود الفعلي يعتبر من الربا المحرم. وفي خطابات الضمان المجمع الموقر أيضا قرر بأن الأجر يؤخذ على العمل المصاحب للضمان وذلك لإصدار الخطاب ولا يجوز أن يربط المبلغ في المضمون. لذلك ما أريده هنا هو أن المجمع الموقر يوضح هذه النقطة وينص عليها صراحة لأن العمولة التي تأخذ مقابل السحب النقدي تؤخذ مقابل إقراض. فأي زيادة عن العمل المبذول هذه الزيادة تعتبر من الربا المحرم ولا يجوز شرعا أن تؤخذ نسبة مئوية مقابل السحب النقدي لأن معنى هذا كلما زاد المبلغ زادت النسبة، وهذه هي الفوائد الربوية.

ص: 1475

الأمر الثاني: جواز استخدام البطاقة التي فيها شرط ربوي. والقول بأن هذا الشرط باطل والعقد صالح أخذا بحديث بريرة أو اخذا بقول الحنابلة أو بقول غيرهم، لابد من النظر في الواقع الفعلي. الشرط الموجود في البطاقة شرط ملزم، لا يستطيع حامل البطاقة أن يتخلى عنه أو ألا ينفذه، والقضاء في أي دولة من الدول يلزم بهذا الشرط. فإذن حديث بريرة الشرط باطل أبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن الذي يملك أن يبطل شرط البطاقة؟ القول بأن العقد صحيح والشرط باطل ولكن الشرط باطل نعم، ولكن يطبق وينفذ. فإذا وجدنا في دولة تستطيع أن تبطل هذا الشرط فلا مانع، نقول: نعم عندئذ الشرط باطل لأن الدولة تبطله، إنما البطاقات المستخدمة في جميع الدول الآن لا تستطيع أي هيئة أن تمنع تنفيذ هذا الشرط. لذلك لابد أيضا من النص على عدم جواز استخدام مثل هذه البطاقة.

ص: 1476

الأمر الثالث: هذه بطاقة غير مغطاة فشراء الذهب والفضة بها – كما تفضل أستاذنا العلامة الشيخ السلامي – هذا يتنافى مع المتفق عليه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن القواعد الفقهية. إذن ينص على أنه يمنع استخدام البطاقة غير المغطاة في شراء الذهب والفضة.

الأمر الرابع: أن إصدار البطاقة في الأصل أنه لا شك أن فيها عنصر الضمان، سواء قلنا بعد ذلك فيه هناك حوالة أو سمسرة أو غير ذلك، فيها عنصر الضمان، ضمان المصدر لحامل البطاقة، والذين يقبلون البطاقة لا يقبلونها إلا على هذا الأساس أنه ضامن ملتزم، وأخذ أجر على هذا الضمان يطبق عليه قرار المجمع الموقر في خطابات الضمان. إذن يشار هنا إلى قرار المجمع في خطابات الضمان.

الأمر الخامس: مسألة اقتراح بطاقة المرابحة أو بطاقة البيع بالتقسيط. في الواقع العملي الآن نجد من يذهب إلى البنك الإسلامي يأخذ منه الأوراق ويذهب إلى التاجر فيشتري السلع، ثم يأتي بفواتير السلع ويقدمها للبنك وبالذات إذا كان البنك غير دقيق في معاملاته لا يقوم بنفسه بالشراء ولا يعاين البضاعة ولا يقوم بنفسه بالشراء ولا يعاين البضاعة ولا يقوم بالتسليم وغير ذلك، ثم يعود من اشترى هذه السلعة ليرد الأوراق ويعطي نسبة للتاجر ويأخذ هو الباقي. إذا كان هذا في أشياء موجودة في البلد التي فيها البنك الإسلامي فكيف سيكون الحال والتعامل في غير هذا المكان؟ ثم إننا ندعو للتضييق من المرابحة أو إلى إلغائها فكيف يكون هناك التوسع فيها بهذا؟.

الأمر السادس: وهو القول بأن أي عقد من العقود، وهذا يتردد كثيرا، نقول: هذا عقد مستحدث والأصل في المعاملات الإباحة، والمؤمنون على شروطهم. فإذن كل عقد جديد مادام مستحدثا فهو صحيح. هذا أمر لابد أن نقف عنده لأنه ما معنى عقد مستحدث؟ أليس له أصل في الفقه الإسلامي؟ إن لم يكن له أصل في الفقه الإسلامي.. نعم، إذا بحثنا وجدنا هذا بيع. يعني ما قيل في التوريد بأنه عقد مستحدث، هو مستحدث في الشكل، لكن البيع بيع هل البيع مستحدث؟ التوريد هو أن يتعهد بأن يبيع كذا، أين الاستحداث هنا؟ فإذن هنا لابد أن ننظر في العقود إلى التكييف الشرعي ونطبق الأحكام التي تنطبق على هذه العقود.

والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وشكر الله لكم.

ص: 1477

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أبدأ حديثي عن التكييف. يقول الدكتور القري: إنها كفالة ومن قال بغير ذلك لم يدرك حقيقة البطاقة. هكذا يحكم الدكتور القري على كل من خالفه بأنه لا يعرف حقيقة البطاقة. وأقول للدكتور القري: دع كلامي وراجع ما كتبه الدكتور عبد الوهاب عن القانون الإنجليزي وعن القانون الأمريكي، وما قاله الدكتور عبد الستار الخويلدي في بحثه عن بطاقات الدفع والائتمان في فقه القضاء المقارن وهو خبير في هذا المجال. يقول الدكتور الخويلدي بعد أن ذكر الاختلاف في التكييف عند القانونيين وفي القانون المقارن: وكيف بعضهم العلاقة بالحوالة. جاء هذا في الصفحة التاسعة من بحثه فارجع إليه. إذن الخلاف في التكييف موجود بين القانونيين وفي القوانين الغربية وبين الفقهاء أيضا. الطريقة السليمة الموصلة إلى التكييف الصحيح الموصل إلى الحكم الشرعي هي أن ننظر إلى كل نوع من أنواع هذه البطاقات، وقد فعلت هذا في بحثي وبدأت بالحديث عن (الديبت كارد) وهي النوع المقبول شرعا. هذه (الديبت كارد) وقد تستعمل لشراء السلع ولكل منهما حكمه، فإذا استعملت في الصراف الآلي العلاقة في هذه البطاقة قد تكون بين طرفين فقط هما مصدر البطاقة وحامل البطاقة إذا كان السحب من جهاز مصدر البطاقة، وقد تكون بين ثلاثة أطراف: مصدر البطاقة وحاملها وصاحب الجهاز إذا كان السحب من غير جهاز مصدر البطاقة، وهذا كله معمول به، فإذا استعملها حاملها من أجهزة البنك المصدر للبطاقة فإن كانت العملة التي في حساب العميل والعملة التي سحبها واحدة فإن العلاقة تكون مثل علاقة السحب بالشيك من البنك لا فرق بين هذا، أى أن حامل البطاقة يكون مقتضيا لجزء من دينه من البنك مصدر البطاقة وذلك لأن تكييف الحساب الجاري هو أنه قرض من صاحب الحساب إلى البنك فتكون هذه العملية جائزة شرعا من غير خلاف على هذا التكييف.

ص: 1478

أما إذا كانت العملة التي في حساب العميل مختلفة عن العملة التي سحبها، مثلا حساب العميل بالريال سحب بالدولار، العملية في هذه الحالة يكون فيها اقتضاء للدين بغير جنسه فتدخل في عقد الصرف، وهو المعروف عند الفقهاء بصرف ما في الذمة، وهو جائز أيضا إذا كان البنك يخصم مقابل الدولارات، من حساب العميل في نفس الوقت الذي سحب فيه العميل الدولارات لأن هذا هو شأن صرف ما في الذمة، أما إذا كان البنك يخصم الريالات التي تقابل الدولارات من حساب العميل بعد فترة فإن العملية لا تكون من صرف ما في الذمة الجائز وتحتاج إلى تكييف آخر هو أن يعتبر البنك مقرضا للدولارات لحامل البطاقة عند سحبه للدولارات، ثم تحدث عملية مقاصة عندما يأخذ البنك المبلغ من حساب العميل تصحبها عملية صرف، ويجب لصحة هذه العملية أن تكون بسعر الصرف يوم المقاصة وليس يوم سحب العميل للدولارات.

إذا استعمل حامل البطاقة للسحب من غير أجهزة البنك مصدر البطاقة الذي فيه حسابه فإن التكييف الذي يصحح هذه العملية هو أن يعتبر حامل البطاقة مقترضا للمبلغ الذي سحبه من صاحب الجهاز ومحيلا – تأتي الحوالة هنا – لصاحب الجهاز على البنك الذي أصدر له البطاقة، وهذه حوالة صحيحة عند جميع الفقهاء، لأن مصدر البطاقة (المحال عليه) مدين لحامل البطاقة (المحيل) ثم إذا كانت العملة واحدة فلا إشكال، أما إن كانت العملة مختلفة بأن كان حساب حامل البطاقة بالريالات وسحب من الجهاز دولارات فإن الواجب على البنك المصدر للبطاقة أن يجري عملية مصارفة بينه وبين صاحب الجهاز الدائن بسعر يوم الأداء وليس بسعر اليوم الذي سحب فيه حامل البطاقة الدولارات. هذا هو التكييف الذي يصح به استعمال بطاقة السحب الآلي. تبقى بعد ذلك هناك محاذير ذكرتها فليرجع إليها في البحث.

ص: 1479

نأتي إلى تكييف استعمال (الديبت كارد) في شراء السلع، وهذا ستكون الحوالة فيه أوضح.

استعمال هذه البطاقة في شراء السلع من التاجر العلاقة فيها بين ثلاثة أطراف. وهم: مصدر البطاقة، وحاملها، والتاجر صاحب السلع. وهي شبيهة بالعلاقة في حالة السحب الآلي عندما يكون السحب من جهاز غير جهاز مصدر البطاقة. والتكييف الصحيح لها هو أنها عقد حوالة. البنك مصدر البطاقة يقول لحامل البطاقة: خذ هذه البطاقة واشتر بها من التاجر ولا تدفع الثمن وأحل التاجر علي وأنا أدفع له. ويقول مصدر البطاقة للتاجر: بائع حامل البطاقة وأنا سأدفع لك الثمن. وحامل البطاقة عندما يستعملها يقول للتاجر: أحلتك على البنك مصدر هذه البطاقة بالثمن. فإذا حصل الشراء فقد تمت الحوالة مستوفية لأركانها وشروطها برضا الأطراف الثلاثة. وبطاقة (الديبت كارد) هذه يكون البنك مصدر البطاقة فيها مدينا لحامل البطاقة وهو المحال عليه، وحامل البطاقة هو المحيل، وهو مدين للتاجر المحال، فالحوالة هذه على مدين وهي جائزة باتفاق الفقهاء، لاقول فيها.

ص: 1480

ويؤيد هذا التكييف ما جاء في بحث الدكتور عبد الوهاب وهو يتحدث عن القانون يقول: (يقوم نظام البطاقات على أساس التزام البنك مصدر البطاقة بتسديد قيمة مشتريات حامل البطاقة مباشرة للمحلات التجارية)، وهذا هو شأن الحوالة. ويؤيده أيضا قوله:(البنك المصدر للبطاقة هو المسؤول الوحيد أمام التاجر عن قيمة مبيعاته لحامل البطاقة) ، وهذا أيضا شأن الحوالة وليس شأن الكفالة، لأن الكفالة المسؤول فيها الأصيل والكفيل. ولا يصح في رأيي أن تكيف هذه البطاقة بالكفالة لأن الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة يستطيع فيها الدائن أن يطالب المكفول – المدين – وأن يطالب الكفيل، والدائن في هذه المعاملة – والذي هو التاجر – لا يستطيع أن يطالب المكفول (حامل البطاقة) وإنما يطالب البنك وحده، وهذه هي صفة الحوالة التي ينتقل فيها الدين من المدين إلى المحال عليه. ولا يصح أيضا أن تكون وكالة لأن حامل البطاقة لا يملك الدفع للتاجر، والوكالة لا تكون ولا تصلح إلا في تصرف مملوك للموكل، والموكل هنا لا يملك هذا التصرف.

ص: 1481

نقطة صغيرة تتعلق بهذا التكييف في كلام الدكتور القري وتأييده لأنها كفالة وليست وكالة وليست حوالة. يقول الدكتور القري: (تتكون العلاقات التعاقدية بين أطرافها الثلاثة من أربعة عناصر أساسية؛ الأول: أن مصدرها ضامن لمن صدرت له البطاقة تجاه التاجر أو التجار الذين يقبلونها) الكفالة بالمال بدون أجر على الضمان نص على هذا لأنه شعر أنه قد يقال له: إن هذا أجر على الضمان ولم يثبته بل أيده في العنصر الثاني. يقول في العنصر الثاني: (إن مصدرها –الكفيل – لا يدفع للتاجر – المكفول له – كامل مبلغ الدين الذي هو محل الكفالة بل يصالحه على أقل من ذلك المبلغ بنسبة متفق عليها، ثم هو – مصدر البطاقة – يرجع على المكفول – حاملها – بما ضمن لا بما أدى) ، ماذا يعني هذا؟ يعني أن هذه كفالة مكفول فيها من أول الأمر على أن يدفع الكفيل للمكفول له أقل مما ضمنه، ويأخذ من المكفول ما ضمن، أي يضمن المكفول بمائة ويأخذ من المكفول له تسعون ويرجع على المكفول بمائة فتصبح كفالة بأجر يدفعه المكفول.. كيفناها كفالة تكون كفالة بأجر. هذا ما يتعلق بالتكييف.

ص: 1482

هناك محاذير تتعلق بالبطاقة الجائزة شرعا وقد ذكرت هذه المحاذير من بينها ما اعترض عليه الشيخ السلامي، واعتراضه في محله لو كان الاقتراض من التاجر غير مسموح به، طبعا هذا سوف يرد ويسقط البديل ويبقى الحكم وهو عدم الجواز في شراء الذهب بالبطاقة.

نأتي إلى البديل. البديل الذي ذكره الدكتور القري وقد سماه المرابحة، وهذه التسمية غير صحيحة، هي ليست مرابحة، هي بطاقة مرابحة للآمر بالشراء والواجب أن يسميها بتسميتها الحقيقية. والاعتراض على دليله هذا هو من وجهة النظر الشرعية وليس من وجهة النظر العملية. والواقع أن ما ذكره لنا الدكتور القري في صفة هذه العملية بصرف النظر عن ما قيل من أن الاتجاه على منع بيع المرابحة للآمر بالشراء، وقد اتجهنا إلى هذا في السودان فمنعنا فعلا بيع المرابحة للآمر بالشراء من بين التجار وأنه لا يجوز إلا لمن يريد سلعة يستعملها، أما بين التجار فمنع، وذلك من الناحية التجارية.

العملية التي وصفها الدكتور القري هي أشبه في نظري باللعب، هي هزل وليست جد. ماذا فعل البنك؟ لم يفعل شيئا سوى دفع النقود ليأخذ أكثر منها، فكيف نقبل هذا النوع من

لا أدري ماذا اسميه؟.

الاقتراح الذي تقدمت به وهو البديل لا اعتراض عليه من الناحية الشرعية ولم يعترض عليه أحد حتى الدكتور القري لم يعترض عليه. اعتراضه من الناحية العملية في أنه قد لا ينفذ، وأرجو أن ينفذ، وأرجو أن نبدأ تنفيذه في السودان. صحيح أنه قد يكون في نطاق ضيق لكن لا أرى بديلا للكريدت كارد سوى هذا، أما أن نمنعها من غير بديل أو نقدم هذا البديل الذي قد يفي إن لم يكن بكل الغرض.. وأنا قلت: إن هذا البديل لا يصلح استعماله في النقود بل هو في السلع فقط فقد يفي بهذا الغرض.

وشكرا لكم.

ص: 1483

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

بسم الله الرحمن الرحيم،

أولا أشكر الدكتور القري على ما قدمه من تلخيص دقيق أمين، وأضيف بعض النقاط التي تحتاج إلى شيء من التوضيح، وبعدئذ بعض التدخلات التي جاءت بإشكالات.

أولا: من ناحية التكييف، وكوني ذهبت إلى تكييف مزدوج بأنها قبل استخدامها كفالة وبعد استخدامها حوالة. السبب في ذلك أن الحوالة لابد أن يكون لها محل، ومحل الحوالة هو الدين المحال. أما الكفالة فيمكن أن تقع قبل وجود الدين وهي كفالة ما سيجب في الذمة. وفضيلة الشيخ ابن بيه قال:(إنه حوالة مع عدم دين) ، يقصد عدم الدين على المحال عليه لأنها إما أن تكون كفالة مطلقة وهي التي أجازها الحنفية أو مقيدة، المقصود دين على المحال عليه، أما المحيل فلا بد أن يكون هناك دين وإلا فماذا يحيل؟ أما الكفالة فهي ضم ذمة إلى ذمة ويمكن أن يكون هذا الضمان سابقا للعقد المضمون أو مقارنا له أو لاحقا به. وما استشكل من تعدد التكييف ليس له وجه، لأن تعدد التكييفات موجودة في كثير من العقود، تكون من جهة مثلا لازمة ومن جهة أخرى غير لازمة، وأقرب مثال على ذلك خطاب الضمان المغطى فإن قرار المجمع اعتبره في حق المكفول له كفالة وفي حق المكفول عنه – وهو الذي قدم الغطاء للخطاب – وكالة، لأنه أمر بالدفع. هذا من حيث التكييف.

ص: 1484

أما من حيث تعدد العلاقات واختلافها – وهو ما لاحظ عليه فضيلة الدكتور الزحيلي – فإن هذا واقع ولا يمكن إدماج هذه العلاقات والتسوبة بينها لأن هناك فعلا علاقات مختلفة بين هذه الأطراف ولكل علاقة حكمها، فلا يستنكر ذلك ولا يستغرب، وليست المسألة اختصار وتسهيل وإنما هي حكم دقيق ومفصل.

الموضوع الذي طال فيه الجدل وتدخل فيه أكثر من باحث كريم وهو أن يدخل الإنسان ويشترك في بطاقة ليس فيها شرط ربوي مؤكد وإنما هو شرط محتمل قد يحصل وقد لا يحصل، ولذلك الأخ الدكتور عبد الرحمن بن عقيل قال:(الدخول في عقد محرم) ، وليس هذا دخول في عقد محرم لأنه يدخل في إصدار البطاقة التي تعطى لحامل البطاقة هي قرض، وهو قرض حسن، ولكن هناك شرط معلق بأنه إذا تأخر عن السداد بعد فترة السماح ترتب عليه فوائد، هذا الشرط يستطيع الإنسان أن يتحوط فيستبعده. وما ذكرته من حديث بريرة إنما ذكرته على سبيل الاشتئناف لأن هناك طبعا حماية شرعية من ولي الأمر ومن النصوص الشرعية، وهي أن الإنسان قبل أن يستخدم هذه البطاقة (بطاقة الائتمان عليه أن يربط المطالبات بحسابه أو أن يدفع دفعة مقدمة في حسابه قبل أن ينشىء سفرا أو رحلات يحتاج فيها إلى مبالغ أو أن يجري حوالة حق على راتبه أو مستحقاته وموجوداته، وحتى لو وقع الإنسان تحن طائلة هذا الشرط فإنه من خلال التطبيق العملي تلك الجهات المصدرة إنما تنذر هذا العميل وتطالبه، فإذا راجعها وطلب منها إسقاط هذه الفائدة اليسيرة جدا تسقطها، وهناك حل لجأ إليه بعض حاملي هذه البطاقات وهو أنه حينما طولب بهذه الفوائد المحتملة طلب من الجهة أن تسقطها وأنه سيقدم دفعات معجلة في حسابه وهو يسمى (الأرصدة التعويضية) ، وهذه الأرصدة التعويضية تستخدمها المؤسسات المالية حينما تطالب ببعض الفوائد العرضية التي تحصل عند انكشاف حساباتها، مثلا مؤسسة مالية لديها حسابات عند بنك تقليدي وتحول عليه اعتمادات وخطابات ضمان وغيرها فإذا جاوزت الاعتمادات المبالغ الموجودة وطولبت هذه المؤسسة بفوائد فإنها تمتنع وتقدم أرصدة لكي تطفيء هذه المطالبة.

ص: 1485

إذن هناك وسائل كثيرة ومؤكدة وهذا ليس دخولا في عقد محرم وليس عقدا ربويا وإنما هو دخول في الاستفادة من خدمات قائمة على هذه العقود الحلال ولكن فيها شرط محتمل، وهذا الشرط يستطيع الإنسان أن يتخلص منه، وقد أشرت إلى هذه ليست الحالة الوحيدة بل هناك حالات من عموم البلوى، فنجد كثيرا من البلاد لديها قروضا إسكانية مجانية (قروض حسنة من الحكومة) ولكنها تضع شرطا في طلب القرض بأنه إذا تأخر عن السداد سوف يطالب، وهذه صدرت فتاوى من هيئات شرعية معتمدة بأنه لا مانع أن يدخل الإنسان في الاستفادة من هذا القرض على أن يتحوط من أن يخضع لهذه المطالب المحرمة، وكذلك مستحقات شركات الماء والكهرباء، ففي بعض الدول إذا تأخر عن السداد توضع عليه فوائد تأخير فإذا بكر وبادر فإنه ينجو من هذا الأمر الذي أشرت إليه.

كذلك أشار فضيلة الدكتور وهبة إلى أن هناك اتجاه فقهي قوي بأنه إذا وجد في العقد المشروع شرط فاسد أو باطل فإن الشرط يلغى والعقد يبقى صحيحا. ثم أن هذا ليس قرضا وإنما هو كما قلت حق الرجوع. إذا كانت هناك حوالة فالمحال عليه إذا دفع يرجع على المحيل، وإذا قلنا كفالة فالكفيل يرجع على المكفول عنه، وهذا الرجوع فيه فترة سماح فإذا تأخر وكان هذا الشرط فإن هذا الشرط لا يلغي هذه العلاقة المحرمة، وفي بعض التقريرات الفقهية أن عقد القرض لا يبطل بالشروط الفاسدة وإنما تبطل تلك الشروط لأن عقد القرض يترتب عليه أداء مثل القرض، فإذا قيل ببطلان هذا العقد يصبح هناك خطورة على أداء هذه الحقوق.

ص: 1486

بالنسبة للطرح البديل عن بطاقات الائتمان الفعلية التي فيها ائتمان وما طرحه الأخ الدكتور القري في موضوع المرابحة للآمر بالشراء، هناك طرح آخر عرض على بعض الهيئات الشرعية لإحدى المؤسسات المالية التي هي بصدد إصدار بطاقة وكان هذا قائما على السماح (المسامحة) بدون مقابل، ليس مرابحة ولا غيرها، وإنما يختار عملاء يوثق بهم وبأمانتهم وبأدائهم للحقوق وتوضع لهم سقوف محدودة ويكون هناك مسامحة، وطبعا هذا من حيث المبدأ، وأما التطبيق الفعلي فله آلية محكمة وهي خصائص تلك المؤسسة المالية التي ستظهر بها وقد سجلتها في براءة اختراع لكي تنفذها على الوجه الدقيق الصحيح.

هذا ما أردت بيانه شاكرا الإخوة الذين تدخلوا وناقشوا ولكن لابد من توضيح هذه الأمور التي صار فيها بعض المبالغة وبعض الحماس في غير موطنه لأنه كما قلت هذا أمر محكوم بضوابط ومحوط بضمانات تبعد عنه هذا التوهم الذي وقع. والله أعلم.

ص: 1487

الشيخ عبد الله بن منيع:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أشكر لسماحة الشيخ إتاحة هذه الفرص المباركة، وأسأل الله سبحانه وتعالى للجميع التوفيق والسداد.

الواقع أن بطاقة الائتمان لاشك أنها من الأمور التي أدت خدمات عظيمة لمجموعة كبيرة من شرائح المجتمع ويدل على أنها مفضلة وأن فيها الخير الكثير هو ما نعرفه بأن عدد حامليها يتجاوز مليارا أو أكثر من ذلك كما قيل، فهي في الواقع لاشك أنها تقدم خدمة عظيمة من حيث أن الإنسان يأمن على ما في جيبه، فليس في جيبه غير كرت صغير لا يساوي شيئا، ولكنه يعطي كل شيء، لاشك في هذا ولكن لا يعني هذا أنني أقول بأن بطاقات الائتمان الوجودة حاليا يجب الأخذ بها ولا محذور منها، لا والله إن فيها محاذير كثيرة، ولكني أقول إن هذه المحاذير يمكن علاجها والإبقاء على المنافع العظيمة التي تستخدم بها بطاقات الائتمان. ما يتعلق بموضوع البطاقة الموجودة الآن أو الموضوع المطروح على المجمع الموقر هي البطاقة غير المغطأة. وفي الواقع أنا لا استطيع أن أفرق بين البطاقة المغطاة وغير المغطاة بالنسبة للمسلمين من مصدرين، لا أقول مسلمين. نعم يصدرها مسلمون ولكن أقول بالنسبة لمن لا يستبيح لنفسه سواء كان شخصا طبيعيا أو شخص معنويا أن يأخذ ربا، فإذا كان يمنع نفسه من الربا فسواء كانت مغطاة أو غير مغطاة إذا ترتب عليها مديونية فهي مديونية لا يترتب عليها أي فوائد ربوية.

ص: 1488

نحن في الواقع ننظر إلى بطاقة الائتمان على أن فيها خيرا وفيها ما يقابله من الشر، وهي في الواقع ما يعتبر من المكاسب الأثيمة ومن المكاسب المحرمة.

ما يتعلق بالرسوم التي تؤخذ علي سبيل الإصدار أو على سبيل التجديد أو الإضافة أو على أي سبيل من السبل التي يبذل في سبيل إصدراها مجهود.. فنحن نقول هذا مجهود إذا قابله مطالبة بقيمة هذا المجهود فلا شيء في ذلك. ولكننا في الواقع نقول إن هنالك جرثومة في هذه البطاقة وهي الشيء الذي نتألم منه ونتمنى أن يوفق المجمع إلى قتل هذه الجرثومة وإبدالها بما فيه الخير للمسلمين مع إبقاء هذه البطاقة وما لها من منافع. هذه الجرثومة – حفظكم الله – هي في الواقع ما يتقضاه مصدر البطاقة من التاجر. مجموعة كبيرة ممن سمعت مداخلاتهم يتفقون معي على أن العلاقة بين الأطراف المعنية بهذه البطاقة (الأطراف الثلاثة: البطاقة، وحاملها، والتاجر، ويمكن أن يأتي الطرف الرابع وهو تاجر البنك) ، في الواقع نفس العلاقة لا نستطيع أن نجد لها تكييفا غير القول بأنها حوالة، لماذا؟ أنتم تعرفون – حفظكم الله – بأن الحوالة نقل الحق من ذمة إلى ذمة. فحامل البطاقة حينما يأتي ويشتري من أي معرض، ونفترض أن صاحب المعرض لا يعرفه ولم يره غير هذه المرة، نفترض أنه في أمريكة أو في أوربة أو في أي بلد بعيد عن موقع مصدر هذه البطاقة، لاشك أنه بمجرد ما يبرز هذه البطاقة يعطيه البضاعة الكاملة ويبرئه إبراء تاما من الثمن لأن حقه تحول إلى ذمة مصدر البطاقة، فإذن هذه حوالة. ونحن نسمع من بعض إخواننا بأن العلاقة علاقة كفالة، تعرفون بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة، فحامل البطاقة يبرأ من الحق بحكم واقع البطاقة براءة كاملة.

ص: 1489

في نفس الأمر قالوا بأنه وكالة. كيف يكون وكالة ويقوم بتحمل الحق وذاك يبرأ؟ الوكالة ما هي إلا تفويض من الوكيل لوكيله بالتصرف الذي يفوضه إليه. فإذن هذه ليست وكالة.

قالوا إن حامل البطاقة رضي بهذا وهو لا يتحمل شيئا. سواء رضي الله عنه أو لم يرض، سواء تحمل أو لم يتحمل، نحن في الواقع نقول الآن بأي حق يحسم مصدر البطاقة من أثمان مشتريات التاجر كنسبة (5 %) أو (4 %) أو (3 %) حسبما يتفقان عليه، وقد سمعت بأن بعض البلدان تحسم (15 %) أو (20 %) بأي حق يحسم هذا الحق؟ ألم يتعلق هذا الحق بذمة مصدر البطاقة؟ إذا كان كذلك هل هو يعتبر من بيع الدين أو يعتبر مصارفة غير متحققة فيها معنى المماثلة والتقابض في مجلس العقد؟.

إذن على كل حال لا نستطيع أن نكيف هذا الذي يحسم. نحن نقول إن هذا الذي يحسم من التاجر هو في الواقع كسب خبيث ولا يجوز بحال من الأحوال أن نعتبره بهذه الطريقة ولكن لو حورنا العلاقة بين التاجر وبين مصدر البطاقة وبين حامل البطاقة إلى تكييف آخر كأن يكون ضمانا أو نحو ذلك هذا ممكن لأن الضمان هو ضم ذمة إلى ذمة. بمعنى أن الحق تتحمله ذمتان.

قالوا كذلك بأن حامل البطاقة لا يتضرر. الآن هذا المبلغ الذي يحسم، يحسم من التاجر، ونحن ننظر إلى حامل البطاقة نظرة عطف وإشفاق سواء تضرر أو لم يتضرر. أولا القول بأنه لا يتضرر، هو يتضرر، فلو افترضنا بأن رجلين أحدهما معه بطاقة ائتمان والآخر معه نقود، ثم ذهبا لشراء سيارة ولنفترض أنها مثلا بمائة ألف، صاحب المعرض يقول لمن معه نقود أبيعك إياها بسبعة وتسعين ألفا، وأما لحامل البطاقة فيقول لا أستطيع أن أتنازل عن مائة الألف. لماذا بعت أخي ولم تبعني؟ قالوا لأن هذا المبلغ الذي خفضته عن أخيك سيأخذه مصدر البطاقة.

ص: 1490

فعلى كل حال لابد أن نظر في هذا الشيء، وأري أن المسألة تحتاج إلى مزيد. وعندي ثلاثة بدائل ولكن الوقت قد لا يتسع وقد لا يسمح سماحة الرئيس بإعطائي ما يمكن أن أذكر فيه هذه البدائل، ويكفيني من ذلك أنني أشخص الداء، والعلاج ولله الحمد متيسر.

ما يتعلق بالبطاقة المختصة بالسحب فإنني أوافق الزميل الكريم الدكتور الصديق في كل ما قاله عنها وعن صور السحب بموجبها، وأرى أن الأجرة على السحب في مقابلة استخدام الجهاز لكن بشرط ألا يكون لحجم المبلغ أثر في الأجرة حيث أن خدمة الجهاز واحدة قل المبلغ أو كثر. لهذا أحببت الإشارة إليه.

وشكرا لكم.

ص: 1491

الشيخ علي محيي الدين القره داغي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.

نشكر شكرا جزيلا الإخوة الكرام أصحاب البحوث القيمة.

عادة الذي يتحدث في الأخير عنده أشياء إما من باب التثنية أو من باب التوضيح وقد تكون فيما يقوله بعض الإضافات. أنا أقول إننا ركزنا في المداولة والبحوث على العلاقة بين المصدر وبين العميل، وكنت أود أن تكون المداولات والمداخلات كذلك تعطي شيئا من التفاصيل حول العلاقات الكثيرة المتعددة في بطاقات الائتمان. كما لا يخفى على حضراتكم أن بطاقات الائتمان ليست علاقتها واحدة وإنما هي متعددة، وليست حتى بين ثلاث جهات وربما بين أربع جهات. إذا أردنا أن نصدر قرارا لابد أن نتناول هذه الجهات الأربع التي تتضمن الشركة التي هي تجمع هذه الأمور وكذلك المصدر وهو البنك أو بعض الشركات الكبرى وكذلك العميل والتاجر. هناك أربع علاقات، بل أنه الآن ظهرت حتى بالنسبة لشركة الفيزا هي تأخذ عمولة إذا لم يدفع البنك القيمة المطلوبة وأصبح البنك المصدر مجرد وكيل، فإن شركة بطاقة الفيزا هي التي تأخذ هذه النسب وهذه العمولات. ولذلك كنت أود – في الحقيقة هذه البحوث قيمة وتناولت هذه الأشياء – أن المداخلات تخص هذه الجوانب.

ص: 1492

أنا أعتقد أن العلاقة – والله أعلم – بين المصدر والعميل في البطاقات غير المغطاة تقوم أساسا على أساس الكفالة، وهذا ما ذهب إليه المجمع الفقهي الموقر في دورته السابعة حينما عرف بطاقة الائتمان قال في تعريفه:(.. لنضمنه – أي المستند – التزام المصدر بالدفع) ، هذا نص تعريف المجمع الموقر لبطاقة الائتمان في دورته السابعة.

في البداية المصدر ضامن في كل الاعتبارات سواء كان المبلغ مغطى أو غير مغطى لأنه مهما كانت المبالغ مغطاة يمكن أن تكون نسبة السحب أكثر من المبلغ المغطى وبالتالي يكون هناك نوع من الضمان، وهذا الضمان لا بأس به فهو ضمان بالدفع وضمان ما لم يجب كما يقول فقهاؤها إنه جائز عند كثير من الفقهاء، ليس هناك أي إشكالية في هذا. بعد هذه العلاقة حينما يتم العقد بين العميل وبين التاجر أصبح هناك حوالة. هنا يأتي دور الحوالة. فهو كما قال بعض الإخوة الباحثين، فالعقد يتكون من عقدين وليس هذا غريبا في الفقه الإسلامي كثير من فقهائنا يقولون هذا إجازة ابتداء وبيع انتهاء، وهكذا، فهذا كفالة ابتداء وحوالة انتهاء، أو هو عقد يجمع بين هذين الأمرين، ولك من هذين الأمرين دوره في الرسوم وبعض الأحكام التي تترتب عليه بطاقة الائتمان. فإذا نظرنا إلى هذا الجانب فحينئذ لا ينبغي لنا أن نطبق كل ما قلناه في خطابات الضمان على الرسوم والعمولات التي تخص بطاقات الائتمان وهي لها هذه العلاقة المزدوجة فإن لم تكن علاقة حوالة كما يقول فضيلة شيخنا العلامة الشيخ الضرير فإن العلاقة لاشك أنها في النهاية حوالة. يعني أنا على عكس ما يقوله الأخ الحبيب الدكتور القري، فعلا في الأخير لا يمكن إلا أن يكون حوالة حتى ولو قيل بلفظ الضمان، لأن الضمان كما قال فقهاؤنا:(مع إبراء المكفول عنه حوالة) ، فالعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، حتى قلنا كلمة الضمان أو ما أشبه ذلك، فلذلك ما دامت الحوالة دخلت في القضية وهي المرجع فلابد ألا نركز ويكون عندنا الحساسية المفرطة نحو الأجر في الضمان، وحينئذ ننظر بهذه الحساسية إلى هذه العمولات التي تؤخذ من خلال بطاقات الائتمان.

ص: 1493

بالنسبة – وهذا رأيي، والله أعلم – في اشتراط الفائدة في البطاقة أنه غير جائز لأنه مهما كان سواء كان عقدا أو اشتراطا محتملا أو غير ذلك فقبول الإنسان بهذا الشرط الفاسد قبول غير جائز، وحتى الحنفية قالوا:(العقد الفاسد عقد محرم يجب التخلص منه) . وقياسه على مسألة بريرة يعني كما قال الدكتور عبد الستار- يحفظه الله –هو ليس قياسا وإنما استئناسا. لكن هناك فرق جوهري لم يتطرقوا إليه وهو أن اشتراط الولاء شرط غير مالي، واشتراط الفائدة شرط مالي، فالشرط المالي يحول العقد إلى زيادة، وحتى الحنفية فرقوا بين الشروط المالية حتى في العقد وبين الشروط الغير المالية في مسألة الربا. فقضية أن العقد يمكن قبوله.. إلا إذا كان هناك مسائل الضرورة وهذا شيء آخر لكن إطلاق قياسه على بريرة وفتح هذا المجال أنا في إعتقادي ليس شيئا موفقا ولا شيئا جائزا ومباحا في نظري والله أعلم.

ص: 1494

أما بطاقة المرابحة فحقيقة نحن نريد أن نتخلص من المرابحة التي هي في حقيقتها أو في غالبها تعامل في الأوراق وليس تعاملا في الأسواق، فما بالك إذا جاء الشخص وأعطينا له بطاقة المرابحة والرجل يتصرف حسبما يشاء ثم بعد ذلك نحن نعتبره مرابحة؟؟ في الحقيقة مسألة غير عملية ومسألة غير شرعية كما قال فضيلة الشيخ الضرير، إضافة إلى أن بطاقة المرابحة لو جازت في البضائع بالتأكيد لا يمكن أن يجيزه حتى الدكتور القري في مسألة الأموال (السحب النقدي) ، والسحب النقدي هي المشكلة في هذه المسألة.

فإذن قضية بطاقة المرابحة تحتاج فعلا إلى بديل آخر غير هذا.

وما يؤخذ في اعتقادي من رسوم وعمولات فهي في مقابل عمل وحراسة وصناديق وخزائن. وأيضا فيها جانب آخر فإذا قلنا العقد حوالة هذا لاشك فيه، الأجر جائز في عقد الحوالة، وإذا قلنا إن فيه ضمانا ولو أنني لست مع هذا التوجه الأخير فإنني حتى في خطاب الضمان أجيز أخذ أجرة على العمل الذي يصحب خطاب الضمان.

ص: 1495

العلاقة بين التاجر والبنك، في الحقيقة لم يفصل في هذه المسألة، أنا أعتقد أن هذه العلاقة أو هذا الخصم الذي يأخذه البنك من التاجر ليس محرما، لماذا؟ إذا قلنا بأنه كفالة على رأى الدكتور القري فالحنفية أجازوا أن يؤدى المال بما ضمن وليس بما أدي، هذا أجازه الحنفية على عكس الجمهور، وإذا قلنا حوالة أصبح دينا في ذمة المصدر وهو البنك وأصبحت العلاقة بين البنك وبين التاجر علاقة دائن ومدين، فإذا أصبحت العلاقة هكذا فإنه يطبق عليه مبدأ (ضع وتعجل) الذي أقره مجمع الفقه الإسلامي، والذي لم يقره المجمع هو مسألة إذا كان هناك طرف ثالث، كما هو الحال في خصم الكمبيالة. فلذلك هذا الخصم الذي يأخذه البنك من التاجر والتاجر يستفيد من هذه البطاقة كذلك البنك يأخذ هذا فلا أعتقد أن فيه إشكالية من الناحية الفقهية سواء كيفناه على أساس الكفالة عند الحنفية، أو كيفناه على أساس الحوالة عند جمهور الفقهاء أو جميع الفقهاء.

هذا ولا أريد أن أتطرق إلى بعض العلاقات الأخرى، لأنها في الحقيقة مهمة جدا هذه العلاقة التي لم تتطرق إليها البحوث وهي أن شركة الفيزا نفسها تأخذ عمولة إذا لم يكن البنك قد دخل كعضو في المؤسسة، عندنا نوع من هذا، وأنا عندي اطلاع على أحد البنوك وقال أنا لا أدخل عندكم كمؤسسة، وقالوا نحن الذين نأخذ هذه النسبة وهي (3،5 %) و (4 %) على هذا التقدير. فهذا من المفروض أن نتطرق إليها ونكيفها حتى تكون الصورة التي تطرح – إن شاء الله – صورة متكاملة كما عهدناه دائما في قرارات المجمع المتينة، وجزاكم الله خيرا وشكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1496

الشيخ هارون خليفة جيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم،

الشكر موصول إلى رئيس المجمع وإلى السادة الباحثين الذين وضعوا أمامنا ما يقرب إلى أفهامنا ولو تفرق ما تفرق فيما بينهم من أفكار. هذه البطاقة (بطاقة الائتمان) فيها أشكال كثيرة وقد عرض بعضا منها في وقت سابق وفرغ منها، وقد أعادت الآن في أذهاننا هذا التصور العميق، يقال إنها حوالة أو وكالة أو كفالة أو سمسرة، بيع بالتقسيط، المرابحة للآمر بالشراء، وغيرها. وفي هذا الموضوع مفاسد وفوائد كما سمعنا ورأينا في هذه البحوث القيمة ومازال نحن نحتاج المزيد في مثل هذا الموضوع، لأنني كما أري ليس موضوعا واحدا بل هو مواضيع تحتاج إلى تقسيم، كل قسم ندرسه على حدة. هذه البطاقات متعددة ومتنوعة كل واحدة عليها أو حولها إشكال، لذلك في رأيي يطلب المزيد من البحث.

وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1497

الشيخ حمادي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،

ففي الحقيقة عندي ملاحظة عامة حول شراء الذهب والفضة بالبطاقة، إذا قلنا إنه لا يجوز لأنه يشترط في شراء الذهب والفضة اليد باليد فهنا تساؤل يأتي وهو: إذا كان المجمع سابقا قد أقر جواز شراء الذهب والفضة بالشيك وليس يدا بيد وإنما اعتبر الشيك يقوم مقام النقد، فهل البطاقة ممكن أن تقوم مقام النقد؟ وما الفرق بينهما؟.

هذا تساؤل نطرحه نرجوا إن شاء الله أن نجد الإجابة عليه.

ومعي بحث الدكتور العلامة نزيه كمال حماد- حفظه الله تعالى – وكما قال غيره إن العلاقة علاقة كفالة وتحدث حول رسوم الاشتراك والتجديد والاستبدال للبطاقة وقال هو وغيره إنها عبارة عن أجرة وهي تجوز. لعل هذا الكلام فيه نوع نظر. فنقول إذا كانت في مقابل الجهود. أولا في بداية البحث إذا كانت كفالة الأجر عليه هنا لا يخلو من حالتين: إما أن لا يدفع الكفيل شيئا عن المكفول، إذ يقوم المكفول بنفسه بدفع ما عليه فحينئذ لا يستحق الكفيل أي أجرة، وإما أن يؤدي الضامن أو الكفيل عن المكفول فيكون مقرضا له وحينها يكون الأجر المأخوذ من المكفول من قبيل الزيادة على القرض وذلك عين الربا وهو ما يعرف بالقرض مع الزيادة، وإما أن يكون هذا المبلغ – أي رسوم الاشتراك – مقابل عدد المرات التي استخدم بها البطاقة وحينها أيضا تحرم هذه الرسوم لأنها تدخل في المعاملة الغرر أو الجهالة كما هو الشأن في التأمين.

فالشبهة المطروحة أن هذه الرسوم مقابل ما يقوم به المصرف من جهود وعمل. إن رسوم إصدار البطاقة أو التجديد تشكل مصدرا من مصادر البطاقة التي تدر على البنوك الربوية أموالا طائلة كأي مصدر مثل القرض والائتمان والصرف، ومما يؤكد ذلك ما ذكر الشيخ جمال البنا – رحمه الله – من الواضح أن كارت الائتمان يتضمن مزايا لا تتوفر في البنك ولا في الشيك، فهو لا يتطلب حتى كتابة ثلاثة سطور التي يتطلبها الشيك وإنما مجرد إبرازه فحسب ولكن ميزته الحقيقية هي للذين أصدروه والذين يفيدون منه – أعني التجار – إذ أن امتلاك الكارت يغري بالتورط في التعامل والشركات الائتمانية التي أصدرته والتي تتقاضى عمولات ورسوم وفروق. ثم إن البنوك في مسألة الحساب الجاري تقدم خدمات للعميل كالقيد له وعليه الحوالة منه ومتابعة حسابه وما شاكل ذلك من جهد وعمل لا يأخذ البنك مقابله أجرا في كل هذا، وهو إن لم يأخذ أجرا فليس معناه أنه قدم خدمة وأسدى معروفا، فالبنوك الربوية لا تعرف ذلك بل لأنه قد استفاد من حسابه لديه فكانت مثل لهذه الخدمات بلا مقابل طمعا في كسب العميل لا مقابل المعروف والجميل. والمقصود من هذا البيان عدم اطراد هذه الدعوى، دعوى الأجر على الجهد فقد فتح هذا الباب على مصراعيه وصار الآن السحب على المكشوف، إذا سحب الشخص على المكشوف لنهاية الشهر يدفع المبلغ وعليه زيادة، فإن سئل البنك عن هذه الزيادة الربوية في الحقيقة يقول هي مقابل الجهد الذي يبذله.

ص: 1498

أما العمولة التي يأخذها المصدر للبطاقة من التاجر، هذه العمولة ذهب الباحث وغيره إلى جوازها وأخرجوها على أنها كفالة، ولعل الصواب – والله أعلم – عدم جواز هذه النسبة التي يقتطعها البنك من العميل.

ما نقله الباحث من الفتوى والآراء عن العلماء الحنفية في وجهة نظري وفهمي – والله أعلم – قد يختلف عن الصورة الحاصلة بين العميل والبنك والتاجر، وذلك أن ما نقله الباحث وغيره عن علماء الحنفية لو دققنا النظر فيه لوجدنا أن الدين فيه ظاهر إذ قد تمت عملية القرض مع معرفة المال المقروض أو المكفول به أو وجود الكفيل، بينما في العمليات الجارية بين البنك والعميل والتاجر والحاصل فيها أن البنوك تلتزم ما لا يلزمها من الدفع والأداء عن العميل قبل معرفة المال المطلوب وقبل الأجل، وبذلك تكون البنوك في الحقيقة مقرضة له ثم تأخذ من العميل القرض الذي أدته عنه مقابل الزيادة وهي ما خصمته من التاجر.

ثم أيضا إن حقيقة ما يقتطعه البنك من فاتورة الشراء قد يشبه خصم الكمبيالة المحرم وهي نوع من المعاملة فيها الربا الخفي المبطن، لأنه يمكن القول إن الفاتوة التي كتبها التاجر عبارة عن كمبيالة مستحقة الدفع يقوم التاجر بتحصيل ثمنها لدى البنك مع حسم النسبة المتفق عليها، لعله يكون هذا. والله أعلم.

ص: 1499

بقيت نقطة وهي حول اشتراط بعض البنوك فتح حساب لدى العميل. الباحث وفقه الله وحفظه يقول: لا أرى مانع في ذلك وهذا الشرط لا حرج فيه شرعا لأنه من قبيل الرهن وقبل ذلك يقول: تشترط بعض البنوك على من يرغب في الحصول على البطاقة فتح حساب أو إيداع رصيد معين لدى البنك.

هذا الشرط كما أنه يوجد في البطاقة المغطاة يوجد أيضا في غير المغطاة. السؤال الذي يسأله الكثير: أغلب البنوك التي تصدر هذه البطاقة بنوك ربوية فكيف يجوز للمسلم أن يضع ماله في بنك ربوي لكي يحصل على بطاقة ويحارب الله مع هؤلاء، والله سبحانه وتعالى قال:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لعن الله آكل الربا وموكله)) ، فالذي يضع رصيد في البنك لكي يحصل على بطاقة مغطاة أو يشترط البنك حتى في البطاقة غير المغطاة رصيدا، هذه هي المشكلة وهي أننا نعين هؤلاء على الحرام ونعينهم على محاربة الله ونعينهم على الربا، فهل يصح هذا الشرط؟ وهل يجوز في البطاقة المغطاة وغير المغطاة أن يكون لنا رصيد في البنوك الربوية؟.

ص: 1500

أما ما نقله الباحث من نصوص العلماء حول جواز الرهن قبل ثبوت الحق المرهون به ولإثبات ضمان الحق. لا ينطبق على المسألة التي نحن في صددها وهي اشتراط إيداع مبلغ معين لإصدار بطاقة الائتمان، لأن العلماء نعم أجازوا أن يكون الرهن نقدا لكن أنا لا أتصور أن العلماء – رحمهم الله تعالى – بتقواهم وورعهم أن يجيزوا الرهن نقدا عند شخص يتعامل بالربا، إذا وافق أهل العلم على أن يكون الرهن نقدا في مقابل هذا فيمن لا يتعامل بالربا، أما البنوك الربوية فكون المال الموجود عندهم ضمان نقد وهم يتعاملون بالربا فأرى أن في هذا فرقا شاسعا.

أما موضوع الجوائز والهدايا التي يمنحها بعض مصدري البطاقات لعملائهم وهذا أيضا قالوا فيه بالجواز. أرجو إعادة النظر في هذه المسألة، لأننا إن قلنا أن العملية عبارة عن قرض فيكون من باب قرض جر نفعا ولاستجلاب مزيد من الناس ولإيقاعهم في التورط وكثرة الشراء.

ص: 1501

المسألة الأخيرة حول مسألة صرف العملات عند استخدام البطاقة واختلاف العملات وقضية صرف ما في الذمة.. الذي يسميه الفقهاء بتطارح الدينين جائز شرعا استدل بجواز اختلاف العملات بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: كنت أبيع الإبل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((لا بأس، إذا تفرقتما وليس بينكما شرط)) ثم قال رواه أبو داود والترمذي. الحديث حكم عليه كثير من أهل العلم بالضعف، وكون أن هؤلاء الأئمة أخرجوه لا يعني الصحة لأنهم لم يشترطوا الصحة، فأرجو بحث سند هذا الحديث، لأنه ليس في باب الفضائل وإنما في باب الأحكام الشرعية، ولم ينبهوا على ضعفه. والله أعلم.

كل البحوث التي رأيناها تدور حول البطاقات التي تصدرها البنوك الربوية، ماذا بشأن البطاقات التي تصدرها البنوك الإسلامية؟ هل سيكون فيها بحث وهي أيضا فيها بعض الشبه؟.

نقطة أخيرة رأيتها في البحوث كثيرا. هل الباحث أو المفتي أو العامل إذا كانت أمامه نازلة بمجرد أن يجد رأي لعالم أو ثغرة أو ملجأ يفتي به ويأخذ به وإن خالف القواعد العامة؟ أم لا بد من عمل موازنة بين الآراء الموجودة أو الرأي الموجود أو المنفذ الموجود مع الأصول العامة لكي لا نقع في كثرة الترخص؟ والله أعلم.

وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 1502

الشيخ محمد علي التسخيري:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هناك بعض الملاحظات أقولها بسرعة.

البديل الذي ذكره الدكتور القري يبدو لي أنه مجرد تطوير طريق للربا، وفيه شبهة الحيلة الشرعية لذلك. ربما يراه العرف مصداقا للربا ولكنه معقد.

الأدلة التي سيقت لتحريم الأجر على الضمان لا أراها تنهض بالمقصود. قياس الضمان على نفس عملية الإقراض قياس في غير محله فضلا عن أن يكون أولى، خصوصا إذا لاحظنا الترتيبات الاقتصادية المضرة للربا، والآثار الاقتصادية والإيجابية للضمان، وبدونه اليوم لا يمكن استيراد أو تصدير شيء، وسد باب الأجر عليه تقريبا سد للضمان نفسه. القياس لا أراه في محله.

أما الاستناد – كما رأينا في كتابات بعض الأخوة – إلى الحديث الشريف: ((الزعيم غارم)) فهو غير صحيح لأن إثبات الغرم لا يعني نفي الغنم. الإجماع المذكور لو كان فهو معلل ينظر فيه إلى علته.

ومسألة أكل المال بالباطل لا نراها تصدق في مورد ليستفيد منه الطرف وربما كانت استفادته حياتية، فكيف يقال إنه أخذ بلا مقابل؟ لا أرى الاستدلال الآن قويا في مسالة التحريم وأهم استدلال هو ما رأيته من قياس ولا أراه قياسا صحيحا.

ص: 1503

ما ذكره الشيخ أحمد – حفظه الله – من مضار لبطاقات الائتمان وكأنه يريد الاستناد إلى الحديث الشريف ((لا ضرر ولا ضرار)) الذي يشمل الأضرار الاجتماعية بلا ريب تعارضه المصالح الكبرى والمنافع التي يحصل عليها المصدر والحامل والتاجر، ولم يثبت أن الأضرار أكبر من المنافع. ما اقترحه من إيجاد للدينار الإسلامي فإنه مع الأسف دونه خرط القتاد، ومع ذلك فلا يعوض الدينار الإسلامي عن البطاقة.

آخر ملاحظة لي هي أن الذي يقول بأن هذا العقد عقد مستحدث لا بد وأنه قد بحث أولا عن أصل يكيفه وفقه ولم يستطع التكييف وفق هذا الأصل، وحينئذ اعتبره مستحدثا فتشمله الأدلة العامة كـ (أوفوا بالعقود) وخصوصا إذا لم يجد مانعا من الموانع المحرمة فإنه يحكم بصحته.

على أي حال أسأل الله تعالى لكم جميعا الهدى والتوفيق للوصول إلى رأي سليم في هذا الموضوع. والسلام عليكم.

ص: 1504

الشيخ أحمد بن سعود السيابي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

لكون هذا الحديث أول حديث لي في هذا المؤتمر الموقر لا بد من توجيه الشكر إلى حكومة المملكة العربية السعودية وهي حكومة خادم الحرمين الشريفين على ضيافتها لهذه الكوكبة من العلماء والباحثين والمفكرين في إطار مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي. وأثني بالشكر للباحثين الكرام على ما بذلوه من جهود موفقة علمية في إبراز تكييف بطاقات الائتمان وأخص بالشكر العارض الدكتور القري على عرضه الشيق وعلى آرائه الجريئة.

لا شك أن تقارب العالم وتوفر وسائل التنقل والتواصل والاتصال أحدث وأفرز أمورا من شأنها التسهيل على الشخص في تحركه وتنقله في شتى أنحاء العالم، بل وفي بلد الإنسان نتيجة تزاحم متطلبات الحياة المعيشية، لذلك كان التفكير في إيجاد وسيلة ائتمان وهي بطاقة الائتمان بمختلف أشكالها ومستوياتها.

ص: 1505

وقد كيف البحوث المقدمة كيفية البطاقة إصدارا واستصدارا. ويلاحظ تردد الحكم فيها بين الحوالة وبين الضمان. والحقيقة أن هناك بطاقات مغطاة وبطاقات غير مغطاة. والحقيقة أن العملية في البطاقة المغطاة تكون من باب الحوالة، إذ لا معنى للضمان حيث أن المبلغ متوفر ويخصم في الحال فورا نتيحة التعرف على الرصيد من خلال الأجهزة الالكترونية المعدة لذلك، بحيث إن حامل البطاقة لا يمكنه التصرف في وقف تنفيذ ما عليه من التزام. أما غير المغطاة فإنها تكون العملية فيها من باب الضمان أو الزعامة أو الكفالة على ما جاء في اختلاف الألفاظ فيها. وهنا يجب أن يكون البحث حول أخذ الأجرة على الضمان، وهذا طبعا شريطة عدم استعمال شرط تجريد الدين لأنه ربا صريح. وهناك يظهر أمر آخر وهو بحث أهمية أخذ الأجرة على الضمان في العملية التجارية والصناعية في الحقيقة، لأن هذا الأمر من عصب نمو الاقتصاد في البلدان النامية. فكثير من المتاجر والمصانع تحاول أخذ البضائع والآلات ولكن لا توجد لديها سيولة نقدية فتلجأ تلك المتاجر أو المصانع إلى بعض البنوك ليكون كفيلا أمام البائع، وهنا يكون البنك كفيلا أمام البائع ويرجع على المكفول عنه بالمبلغ والزيادة فلا بد من البحث في هذا الأمر لأنه يتوقف عليه كثير من النمو الاقتصادي في العالم النامي.

ص: 1506

أما الرسوم على استصدار البطاقة فهي أجرة على الخدمات وهي رسوم رمزية، وبعض البطاقات أصبحت لا تأخذ رسوما وإنما الأجرة هي التي يأخذها الكفيل من المكفول عنه بنسبة مئوية معينة، وأصبح شيئا مقررا بحيث لا يتجاوز (3 %) ، فهل هذا المبلغ فعلا يساوي الجهد الذي يبذل في تسديد الدين وفي العملية أم أن هذا المبلغ يعتبر زائدا على هذا العمل؟

هناك أيضا تعرض على شراء الذهب والفضة. وهنا سؤال وهو: هل الورق النقدي المعروف سابقا بالبنكنوت يعتبر نقدا ذاتيا حقيقيا أم أنه ورق متضمن لمعنى النقد؟ فإذا ما كان هذا التكييف فأظن أنه يصبح من السهولة بمكان القول بجواز شراء الذهب والفضة في بطاقة الائتمان.

هناك أيضا تعرض للسحب الآلي الفوري. طبعا السحب الآلي الفوري يكون هناك أخذ أجرة محددة ليست على المبلغ، بمعنى أنه إذا زاد السحب على سبيل المثال عن ألف ريال سعودي يمكن البنك أن يأخذ لكن يأخذ مبلغا مقطوعا نتيجة الجهد وليست هناك نسبة مئوية. أما إذا لم يكن هناك رصيد فهنالك يكون أيضا استيفاء الدين وكذلك أخذ الأجرة بواقع نسبة (3 %) .

هذا ما أردت أن أقوله، وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1507

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

تعلمون أن هذا الموضوع سبق أن درس في الدورة الثامنة في سلطنة بروناي وأجل لمزيد من البحوث، ثم درس في الدورة العاشرة في جدة وأجل لعقد ندوة وتشخيص شروط ومواصفات البطاقات وأنواعها، ثم إن الموضوع الذي عرض في هذه الدورة هو نوع واحد هو بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولهذا فإننا نرجو أن يقتصر إعداد مشروع القرار على بطاقة الائتمان غير المغطاة، ونقترح أن يكون تشكيل اللجنة لإعداد مشروع القرار، بالإضافة إلى العارضين والمقرر: الشيخ عبد الله بن منيع، الشيخ على السالوس، والدكتور شوقي دنيا.

وبهذا ترفع الجلسة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 1508

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.

قرار رقم: 108 (2/12)

بشأن موضوع

بطاقات الائتمان غير المغطاة

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشر بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23 – 28 سبتمبر 2000م) .

بناء على قرار المجلس رقم (65/1/7) في موضوع: (الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان) حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها في دورة قادمة.

وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم (102/4/10) ، وبعد إطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم:(63/1/7) الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه:

(مستند يعطيه مصدره (البنك المصدر) لشخص طبيعي أو اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات، ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع، ويكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة، وبعضها لا يفرض فوائد) .

ص: 1509

قرر ما يلي:

أولا: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني.

ثانيا: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدين.

ويتفرع على ذلك:

أ - جواز أخذ مصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة منه.

ب - جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة يمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.

ثالثا: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة علي الخدمات الفعلية محرمة، لأنها من الربا المحرم شرعا، كما نص علي ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10 /2) و13 (1 /3) .

رابعا: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 1510