المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني عشر

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادأ. د. خليفة بابكر الحسن

- ‌استثمار موارد الأوقافإعدادالدكتور إدريس خليفة

- ‌استثمار موارد الأحباسإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌أثر المصلحة في الوقفإعدادالشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌صور استثمار الأراضي الوقفية فقهاً وتطبيقاًوبخاصة في المملكة الأردنية الهاشميةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكوصكوك الأعيان المؤجرةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة(الإجارة المنتهية بالتمليك)دراسة فقهية مقارنةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكدراسة اقتصادية وفقهيةإعداد الدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌الشرط الجزائي ومختلف صوره وأحكامهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الشرط الجزائيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌الشرط الجزائيإعدادالأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الشرط الجزائي في العقودإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الشرط الجزائي في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور ناجي شفيق عج

- ‌الشرط الجزائيدراسة معمقة حول الشرط الجزائي فقها وقانوناإعدادالقاضي محمود شمام

- ‌عقود التوريد والمناقصةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌عقد التوريددراسة فقهية تحليليةإعدادالدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ مجتبى المحمودوالشيخ محمد على التسخيري

- ‌الإثبات بالقرائن والأماراتإعدادالدكتور عكرمة سعيد صبري

- ‌القرائن في الفقه الإسلاميعلى ضوء الدراسات القانونية المعاصرةإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الطرق الحكمية في القرائنكوسيلة إثبات شرعيةإعدادالدكتور حسن بن محمد سفر

- ‌دور القرائن والأمارات في الإثباتإعدادالدكتور عوض عبد الله أبو بكر

- ‌بطاقات الائتمانتصورها، والحكم الشرعي عليهاإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور محمد العلي القري

- ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

- ‌بطاقة الائتمانإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التضخم وعلاجهعلى ضوء القواعد العامةمن الكتاب والسنة وأقوال العلماءإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الصلح الواجب لحل قضية التضخمإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌تدهور القيمة الحقيقية للنقود ومبدأ التعويضومسؤولية الحكومة في تطبيقه

- ‌مسألة تغير قيمة العملة الورقيةوأثرها على الأموال المؤجلةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

- ‌التضخم وتغير قيمة العملةدراسة فقهية اقتصاديةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌نسبة التضخم المعتبرة في الديونإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

- ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

- ‌التضخم وآثاره على المجتمعات

- ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

- ‌حقوق الأطفال والمسنينإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌حقوق الشيوخ والمسنين وواجباتهمفي الإسلامإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌حول حقوق المسنينإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌حقوق الطفلالوضع العالمي اليومإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌الشيخوخةمصير. . . وتحدياتإعدادالدكتور حسان شمسي باشا

- ‌البيان الختامي والتوصياتالصادرة عنالندوة الفقهية الطبية الثانية عشرة

- ‌(حقول المسنين من منظور إسلامي)

الفصل: ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

‌بحث خاص

بالبطاقات البنكية

إعداد

الدكتور محمد بالوالي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

للبطاقات البنكية فوائد في الحياة التجارية وغيرها، ولذلك أقبل الناس عليها؛ فبعضها يمكن أصحابها من الحصول على مبالغ مالية بطرق تقنية وبإجراءات مختزلة، وبعضها يسمح بالأداء المضمون من قبل المؤسسات البنكية المصدرة لهذه البطاقات لفائدة أصحاب (الفاتورات) التي يمكن أن تؤدي بالبطاقات إلى حدود مبلغ معين متفق عليه

(1) .

إن استعمال البطاقات البنكية المختلفة مما جاءت به الحياة المعاصرة ورغبة في الوقوف على الصور الفاسدة في ذلك الاستعمال تحسن معالجة العناصر الآتية:

1-

تعريف البطاقة البنكية.

2-

أنواع البطاقات وبعض ميزاتها.

3-

الطبيعة القانونية للبطاقات.

4-

مشاكل التعامل بالبطاقات.

5-

أحكام التعامل بالبطاقات في ضوء الفقه الإسلامي.

6-

خاتمة.

1-

التعريف:

أ -من الجانب اللغوي:

البطاقة في كتب اللغة هي الرقعة الصغيرة التي يثبت فيها ثمن الشيء الذي توضع عليه أو عدده أو وزنه (2) .

ب -من الجانب التقني:

هي اليوم بشكل عام مستطيل صغير (3) محدد الطول والعرض والسمك، في جهة له اسم البطاقة وأرقامها وتاريخ انتهاء صلاحيتها واسم المستعمل، وفي الجهة الثانية: اسم البنك المانح لها ومعلومات أخرى، والبطاقة التي تتوفر على (الميكروبرسسور) تختزن معلومات كثيرة عن البطاقة وصاحبها (4) .

(1) الوسيط في الاوراق التجارية: (2/409) .

(2)

مختار الصحاح مادة (بطق) والقاموس المحيط مادة (بطاقة) ولسان العرب مادة (بطق) .

(3)

Enterprises en difficultie instruments de credit et de paienment،Edition francaise perochon، L.G.D.g. 1995.p.520.

(4)

Progression Pedagogique (les besoins courance de la Clientele de Particuliers) C.I. F.P.B.1994.

ص: 1399

جـ- الجانب الفقهي:

من الصعب تقديم تعريف موحد لكل البطاقات التي تصدرها المؤسسات البنكية وما يماثلها لأنها متعددة وذات اختصاصات متنوعة، والمطلوب في هذا الصدد تعريف بطاقة الائتمان.

وحتى يتأتى تقديم تعريف لهذه البطاقة يحسن توضيح معنى (الائتمان) - بعدما عرفنا مفهوم كلمة بطاقة في اللغة وفي الجانب التقني- فالائتمان مصدر ائتمن كاستأمن، يقال: ائتمنه على كذا: اتخذه أمينا- عده أمينا، والأمين والمؤتمن الموثوق به، والأمانة ضد الخيانة (1) . فالكلمة تجمع في دلالاتها بين الأمانة والإطمئنان والثقة، وهذه المعاني التي يريد البنك أن تسود في علاقته بالمتعاملين معه بالاعتماد على وسائل تمكن المستفيد منها من الوفاء بالتزاماته تجاه غيره عن طريق دخول البنك كطرف ثالث إلى جانب صاحب البطاقة والتاجر المنخرط (2) ، وهو يفعل هذا مقابل التزام المستفيد من الائتمان بدفع أجرة أو فائدة للبنك المانح وبرد المبالغ التي سلمت له في هذا الإطار (3) ، فكل مستند يصدره البنك ويحقق ما ذكر أن يطلق عليه (مستند ائتمان) ، وبعض البطاقات التي تصدرها المؤسسات البنكية جديرة بهذا الاسم كبطاقة الأداء عندنا في المغرب التي سماها بعضهم (بطاقة القرض) لأن القرض مصاحب لها وهي، وإن كان (الأداء وظيفتها الأولى تمكن من سحب الأموال) (4) . وبناء على هذا يمكن القول إن بطاقة الائتمان التي تقوم بما ذكر هي:(مستند تصدره مؤسسة قرض أو ما يماثلها وتمكن صاحبها من شراء السلع والخدمات ممن يعتمد البطاقة دون دفع الثمن حالا لتضمنها التزام المصدر بالدفع، وتمكن كذلك من سحب الأموال) .

(1) مختار الصحاح مادة (أمن) ؛ القاموس المحيط مادة (أمن) .

(2)

العقود البنكية، ص281؛ الوسيط في الاوراق التجارية:(2/413) .

(3)

() المصدر السابق، ص282.

(4)

Enterprises en difficultie instruments de credit et de paienment،Edition francaise perochon،. P.516.

ص: 1400

فوظائف هذه البطاقة متعددة، منها:

1-

الوفاء بـ (الفواتير) التي يوقعها حامل البطاقة للتاجر أو الصانع أو صاحب الخدمة الذي يتعامل مع البنك المصدر للبطاقة (1) .

2-

سحب مبالغ مالية من الشباك الآلي للبنك المصدر للبطاقة.. وتتم عملية السحب من الشباك الآلي بإدخال البطاقة في فتحة خاصة من جهاز الشباك، وتسجيل الرقم السري، ثم تركب أرقام الحساب ورقم المبلغ المراد سحبه على ألا يتجاوز المبلغ المتفق عليه مع البنك في المرة الواحدة- ثم يخرج المبلغ وتسجل العملية في حساب صاحب البطاقة (2) .

3-

السحب من الشباك العادي (3) .

والسحب بالبطاقة أو الدفع حين يكون من حساب حاملها في البنك تكون مغطاة وحين يكون من حساب المصدر من دون وجود مال في الحساب تكون غير مغطاة، وسنرى أن البنوك التي لا تحتاط في اجتناب الربا تأخذ فوائد كلما كان المال غير موجود في الحساب أو غير كافي ولا تكتفي بالرسم الذي يؤديه صاحب البطاقة.

(1) بطاقة الاعتماد والسحب، ص152.

(2)

بطاقة الاعتماد والسحب، ص152.

(3)

بطاقة الاعتماد والسحب، ص152.

ص: 1401

2-

أنواع البطاقات وبعض ميزاتها:

ظهرت البطاقات في الولايات المتحدة، ثم انتقلت إلى أوربة، ومنها إلى بلدان أخرى كالمغرب التي انتقلت إليه من فرنسة (1) ،وقد عرفت هذه البطاقات تطورا كبيرا وتعددت أسمائها ووظائفها، ومن أشهرها في الولايات المتحدة:

(أمريكة أكسبريس) و (دينرس كلوب) ، وفي فرنسة (البطاقة الزرقاء)(2)، وفي المغرب يتم التعامل بكثير من البطاقات منها:(فيزا) وبطاقة السحب (للشباك الأوتوماتيكي) و (مستر كارد) و (ساتيليت) و (إنتربنك) .

وبصرف النظر عن الأسماء التي تحملها البطاقات المتدوالة في المغرب فإن جميع البطاقات يمكن أن تصنف تبعا للخدمات التي تحققها إلى ثلاثة أصناف:

1-

بطاقة تمكن صاحبها من سحب النقود داخل البلد الذي تعطي فيه من الشباك مباشرة بالإضافة إلى معرفة قيمة الحساب، وذلك مثل بطاقة (الشباك الآلي) .

2-

بطاقة تمكن صاحبها من خدمات المستوى الأول، وتمكنه كذلك من شراء السلع، أو الخدمة لدى من ينتمون إلى الشبكة التي تنتمي إليها البطاقة داخل البلد الصادرة فيه من دون أداء مباشر، وذلك مثل بطاقة (الأداء الوطني) .

3-

بطاقة تمكن صاحبها من تحقيق خدمات أكبر كبطاقة (مستر كارد كولد)، منها:

• الإطلاع على الحساب.

• أداء اثمان المشتريات عند التجار المنتمين إلى شبكة هذه البطاقة.

• سحب من الحساب الخاص، أو باستعمال الحد الأعلى للسحب والذي تم تعيينه أثناء التعاقد.

• الاستفادة من التأمين على الحياة والأسفار (3) .

والسحب المذكور يكون داخل مدة معينة وفي حدود مبلغ متفق عليه مع البنك كأن يسحب كل أسبوع (500) درهم أو (1000) درهم

وذلك تبعا لقيمة الحساب والمبالغ المالية التي توضع فيه، وحين يسحب مبلغ من حساب فيه مال كاف لا تفرض على صاحب الحساب فائدة، وأما إذا لم يكن المال موجودا في الحساب أو كان غير كاف فإن البنك يفرض فائدة وفق معايير معينة (4) .

(1) الوسيط في الأوراق التجارية: (2/410) .

(2)

الوسيط في الأوراق التجارية: (2/410) .

(3)

le guide des produits et services particuliers BMCE،p.11.

(4)

أخبرني بهذا نائب مدير البنك المغربي للتجارة والصناعة بوحدة السيد محمد بدراوي بتاريخ 24 ربيع الأول 1420هـ- 8/7/1999 م صباحا، وأكده لي المدير بالنيابة لبنك الوفاء الجهوي بوحدة السيد عبد الخالق عمارة صباح يوم 29 ربيع الاول 1420هـ- 13/7/1999م.

ص: 1402

3-

الطبيعة القانونية للبطاقات:

بعض الدول في أمريكة وأوروبة سبقت إلى تنظيم العمل بالبطاقات بينما تأخرت دول أخرى عن ذلك، فالمغرب مثلا أحدثت أول شركة متخصصة في إدارة هذه البطاقات عام (1986م)(1) ، وتولت مدونة التجارة المغربية الجديدة تنظيم العمل بها وبيان المسؤولية التي يتحملها كل طرف في العقد والعقوبات التي تترتب عن الاستعمال غير المشروع للبطاقة.

وتوضح المواد من (329) إلى (333) في مدونة التجارة المغربية أن للأطراف الحرية في تحديد شروط الحصول على البطاقة وكيفية استعمالها مع احترام قواعد النظام العام التي تحدثت عنها، لكن الواقع أن البنك في شروطه يتجه إلى فرض أكبر القيود التي تحمي مصالحه وتحد من مسؤوليته تجاه حاملي البطاقات (2) .

وتتفق البنوك في كثير من الشروط التي تفرضها على من يرغب في الحصول على بطاقة وتختلف في بعض الجوانب، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى مستويات الخدمات التي تحققها متفاوتة كما رأينا سابقا.

(1) تقرير بنك المغرب 1997م ص150.

(2)

أنظر مثلا المطبوع المتوفر على الشروط العامة لاستعمال بطاقة الربط المباشر للشباك (الأوتوماتيكي) التي يصدرها البنك المغربي للتجارة والصناعة.

ص: 1403

ومما هو معروف لدى سائر البنوك أن الحصول على البطاقة مشروط بتوفر الراغب في ذلك على حساب بنكي، من دون أن تكون المؤسسة البنكية ملزمة بمنح بطاقة لكل من يطلبها من المتعاملين معها وإن مدة صلاحية البطاقة يكون في الغالب سنة قابلة للتجديد ما لم يعترض أحد الطرفين على ذلك، وأن إلغاء الحساب ينهي تلقائيا صلاحية البطاقة ويلزم حاملها بإرجاعها (1)

وهذا نموذج من نماذج الشروط والاتفاقات الخاصة بالبطاقات التي تصدرها البنوك وهي نموذج يعتمده البنك ويوافق عليه طالب البطاقة، ونصه:

• إن بطاقات السحب (للشباك الاتوماتيكي) أو بطاقات الأداء للبنك الشعبي، و (فيزا) و (مستر كارد) هي بطاقات شخصية تماما وغير قابلة للانتقال، وينحصر استعمالها من طرف صاحبها داخل المغرب فقط.

• ويساعد استعمال هذه البطاقات المقبول فقط في إطار تسيير الحساب المذكور خلف هذه العقدة على القيام بمسحوبات، وكذا أداء بعض المشتريات من البضائع والخدمات لدى مؤسسات مزودة بشعار البنك الشعبي وفيزا مستر كارد.

• تظل بطاقات السحب والأداء ملكا للبنك الشعبي الذي يسلمها إلى الزبائن لمدة سنة قابلة للتجديد تلقائيا بأداء إتاوة (2) سنوية يحددها البنك الشعبي.

• وفي حالة عدم التخلي عن استعمالها ضمن الأجل المحدد تهيأ بطاقة جديدة ويسجل مبلغ مصاريف ذلك في مدينية حساب صاحبها الذي يقبل ذلك منذ الآن.

• وفيما يخص عمليات السحب بواسطة موزع أتوماتيكي يؤكد صاحب البطاقة صراحة بأن القروض المسجلة في مدينية حسابه على إثر استعمال الموزع الأوتوماتيكي لن تكون موضع أية منازعة من طرفه.

• وبالنسبة لبطاقة الأداء يكون الزبون ملزما بوضع توقيعه على هذه البطاقة.

• وفي شأن عمليات شراء البضائع والخدمات يجب على صاحب البطاقة أن يضع توقيعه على (الفاتورة) التي يعدها التاجر، وذلك بعد التدقيقات الجاري بهذا العمل.

• ويأذن صاحب البطاقة للبنك الشعبي أن يقيد في مدينية حسابه مبالغ (الفواتير) التي يسلمها التجار والحاملة لرقم بطاقته ولتوقيعه.

• وعندما تكون وضعية حساب صاحب البطاقة لا تسمح بسداد (الفواتير) فإن الزبون يكون ملزما بتموين حسابه في أقرب الآجال ويتحمل الفوائد المدينة حسب المعدل البنكي الساري المفعول.

• وكل منازعة حول هذا التقييد المدين يجب أن يبلغ إلى البنك داخل أجل أقصاه ثمانية أيام ابتداء من تاريخ التوصل بالإشعار، وإذا انقضت هذه المهلة فلن تؤخذ بعدها أية شكاية بعين الاعتبار.

• وكل (فاتورة) موقعة من طرف صاحب البطاقة تعتبر صالحة وتقيد في مدينية حسابه ويبقى خارج نطاق أي نزاع قد يحصل بين الحامل والتاجر كما أن البنك لا يتحمل أي مسؤولية في حالة ما إذا رفض التاجر قبول بطاقة الأداء لأي سبب كان.

• وفي حالة استعمال البطاقة بصورة غير صحيحة يكون للبنك الحق في إبطالها أو سحبها أو المطالبة بإرجاعها إليه في أي وقت وبدون إشعار مسبق من طرفه ولا تعويض.

(1) Enterprises en difficultie instruments de credit et de paienment،Edition francaise perochon P521- 522. .

(2)

عبر البنك بإتاوة وهي الخراج والرشوة، القاموس المحيط مادة (أتو) ولو استعمل (مبلغ) لكان ذلك أفضل.

ص: 1404

• صاحب البطاقة مسؤول عن حفظ بطاقته و (رقمه السري) والبنك غير مسؤول في حالتي:

o ضياع أو سرقة البطاقة.

o شيوع (الرقم السري) .

• وفي حالة ضياع البطاقة أو سرقتها يجب على صاحبها فورا أن يتقدم بالتعرض بواسطة الهاتف أو التلكس أو البرق، وأن يؤكد تصريحه بواسطة رسالة مضمونة إلى الوكالة التي بها حسابه، وأن يقوم بالتصريح بالضياع لدى الإدارة المعنية وأن يسلم نسخة من ذلك للبنك.

وفي حالة استعمال تدليسي من طرف الغير فإن مسؤولية صاحب البطاقة لن تزول إلا بعد (48) ساعة من:

تسلم الوكالة للرسالة المضمونة المذكورة، أو توقيع التصريح من طرف الزبون لدى الوكالة المصدرة للبطاقة.

وكل شطط أو تدليس في استعمال البطاقة يخضع للعقوبات المنصوص عليها في القانون (الفصل 547، 555 من القانون الجنائي)(1) .

هذا ما كتب على وجه مطبوع موجود لدى البنك الشعبي، وفي الوجه الثاني كتبت معلومات أخرى كاسم البنك، واسم البطاقة

ثم ختمت بما يلي:

(أنا الموقع أسفله

أعطي الإذن للبنك الشعبي لـ

في حالة ما إذا حظي طلبي بالقبول أن يسجل في مدينية حسابي المذكور أعلاه المصاريف المتعلقة بإصدار بطاقة وبتجديدها عند الاقتضاء.

وعلاوة على ذلك أصرح بأنني اطلعت على الشروط العامة لاستعمال البطاقة الواردة في هذه الوثيقة والتي أقبلها بدون تحفظ.

توقيع الزبون.......في.....) .

(1) القانون الجنائي مع آخر التعديلات- ظهير 26/2/1992م، عبد العزيز توفيق، المستشار بالمجلس الأعلى- دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء.

ص: 1405

وبمقارنة هذا النص مع غيره كنص الشروط العامة لاستعمال بطاقة (انتربنك) التي يصدرها البنك المغربي للتجارة والصناعة ونص الشروط العامة لاستعمال بطاقة (ساتيليت) التي يصدرها البنك التجاري المغربي فإننا نجد بعض الفروق القليلة بين النصوص الثلاثة: فالبنك الشعبي مثلا لا يذكر أول الشروط الجوانب التقنية للبطاقة، في حين ذكر البنكان الآخران ذلك في أول الشروط وهو كالبنك المغربي للتجارة والصناعة يسلم البطاقة لمدة سنة- وهو الغالب لدى البنوك كما ذكر سابقا- بينما يذكر البنك التجاري المغربي أن مدة صلاحية بطاقة (ساتيليت) سنتان، ويصرح البنك الشعبي بفرض فوائد على الحساب الذي لا تسمح وضعيته بأداء أثمان السلع والخدمات في الوقت الذي لا يذكر فيه البنكان الآخران الفوائد.

وفي جانب العقوبات على الاستعمال غير الشرعي يستعمل البنك التجاري المغربي والبنك المغربي للتجارة والصناعة عبارة عامة جاء فيها: (إن كل من استعمل البطاقة استعمالا غير شرعي يعرض نفسه للعقوبات المنصوص عليها في القانون ويتحمل على كاهله التكاليف والمصاريف الناتجة عن ذلك) . بينما نص البنك الشعبي على بعض الفصول من القانون الجنائي المغربي- كما رأينا- التي يحاكم على أساسها من استعمل الشطط والتدليس في استعمال البطاقة.

وقد اعتبر الأستاذ أحمد شكري السباعي أن تعيين البنك للفصول ليس من حقه (1) .... وذلك لأن مدونة التجارة المغربية الجديدة عينت الحالات التي يعاقب فيها المخالفون في المادة (331) التي ورد فيها ما يلي: (يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة (316) بخصوص وسائل الأداء موضوع هذا القسم:

1-

كل من زيف أو زور وسيلة الأداء.

2-

كل من استعمل عن علم أو حاول استعمال وسيلة أداء مزيفة أو مزورة.

3-

كل من قبل عن علم أداء بواسطة وسيلة أداء مزيفة أو مزورة) (2) .

والعقوبات على التزييف والتزوير التي نصت المدونة هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة تترواح بين (2000 و10000) درهم دون أن تقل قيمته عن خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الأداء (3) .

ويتبين من حصر العقوبات في الحالات الثلاث أن قيام صاحب البطاقة بسحب مبالغ تزيد على ما اتفق عليه لا يعد جريمة جنائية وإنما يخضع للتعويض عن الأضرار، وللبنك الحق في نزع البطاقة ممن يخل بالاتفاق المبرم بينه وبين حامل البطاقة (4) . والأستاذ عبد العزيز توفيق يرى أن تجاوز المبلغ المتفق عليه أثناء سحب مبالغ مالية من الشباك أو شراء سلع أو الاستفادة من الخدمات يعد جريمة (5) .

(1) الوسيط في الأوراق التجارية: (2/418- 419) .

(2)

مدونة التجارة الجديدة، ص131.

(3)

المصدر السابق نفسه، الوسيط في الأوراق التجارية:(2/418) .

(4)

الوسيط في الأوراق التجارية: (2/419) .

(5)

بطاقات الاعتماد والسحب، من ص161- 162.

ص: 1406

4-

مشاكل التعامل بالبطاقة:

التطور الذي عرفته البطاقات قضى على كثير من مشاكل استعمالها التي قد تلحق أضرارا مالية بأطراف التعامل - كما حدث في فرنسة عام (1990م)(1) - ولكن مع ذلك لا تزال بعض المشاكل ترافق استعمال البطاقة، ومنها العطب الذي يتعرض له الموزع الآلي والذي قد يحدث أضرارا لمستعمله، ومنها سرقة البطاقة والتمكن من الإطلاع على رقمها السري واستعمالها قبل أن يبلغ صاحب البطاقة عن فقدانها (2) .

5-

أحكام التعامل بالبطاقات في ضوء الفقه الإسلامي:

يحسن الوقوف عند صور التعامل التي وردت أثناء معالجة العناصر السابقة لتعرف مواطن الصحة أو البطلان فيها في ضوء فقه نصوص الشريعة سواءأكان ذلك التعامل بالمغرب أم بغيره وتلك الصور يمكن إجمالها فيما يلي:

1-

اشتراط الفائدة في العقد المبرم بين المصدر وصاحب البطاقة.

2-

فرض الفائدة في حالة عدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها من دون ذكر لذلك في العقد.

3-

اشتمال الميزات الممنوحة لصاحب البطاقة على تأمين على الحياة وعلى الأسفار.

4-

الاستعمال غير القانوني للبطاقة.

فما هي إذن الأحكام الفقهية لهذه الصور؟.

لنتابع الحديث عن كل نوع من الأنواع الخمسة باحثين قدر المستطاع عن وجوه الحق والباطل فيها.

(1) Chroniques de legislation et dejurisprudence francaises R.T.D.com48 (2) ،avril- juin1995.

(2)

المصدران السابقان.

ص: 1407

إن الفائدة التي تشترط في العقد مشكل ليس جديدا، بل عرفه العالم في الماضي ويعرفه في الحاضر، والفائدة عبارة عن زيادة على رأس المال الذي يعطيه المقرض للمقترض، والزيادة كلما ارتفعت وتضاعفت كانت أكثرا خطرا على الاقتصاد، وها نحن اليوم نقرأ ونسمع عن (خدمة الدين)(1) بسبب تراكم الفوائد ونموها التي تعرفها كثير من دول العالم ومنها دول إسلامية متعددة.

وقد أعرب (رونالد ريجان) أحد الرؤوساء السابقين للولايات المتحدة عن اعتقاده بأن المستوى المرتفع لمعدلات الفائدة يشكل أكبر عقبة أمام نهضة سليمة ومستمرة للاقتصاد العالمي (2) .

وإذا كان هذا الرجل يرى أن ارتفاع الفائدة مشكل اقتصادي، فإن المسلمين منعوا من الزيادة على القرض، قليلة كانت أو كثيرة، لأنها تعد من الربا الذي أمرت الشريعة باجتنابه، والتعامل بالزيادة القليلة بين التجار وغيرهم يقضي إلى التعامل بالزيادة الكثيرة.

والقرض المأذون فيه شرعا هو الذي لا زيادة فيه ولايرد إلى صاحبه إلا مثله (3)، أي لا يأخذ المقرض إلا رأس ماله كما في قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]، فإن أعسر المدين أنظر (4) كما جاء في قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .

(1) فوائد البنوك هي الربا الحرام، د. يوسف القرضاوي، ص42.

(2)

الاقتصاد الإسلامي، العدد (194) ، ص68.

(3)

إحكام الأحكام على تحفة الحكام، ص238؛ الفقه على المذاهب الأربعة:(2/338-339) .

(4)

الجامع لأحكام القرآن، القرطبي مج (2/3) ، ص240.

ص: 1408

وفي البيان الذي صدر عن المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة الذي انعقد في شهر محرم (1385هـ/ مايو 1965م) ورد أن الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين، وأن الحسابات ذات الأجل وفتح الاعتماد بفائدة وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة (1) .

وبناء على ما سبق فإن ذكر الفائدة في شروط الحصول على أية بطاقة من البطاقات البنكية أو ما يماثلها باطل.

وهذا ما نص عليه قانون الالتزامات والعقود المغربي في الفصل (870) الذي جاء فيه:

(اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه سواء جاء صريحا أو اتخذ شكل هدية أو أي نفع آخر للمقرض أو لأي شخص غيره يتخذ وسيطا له)(2) . ولكن واقع البنوك في المغرب لا يعمل وفق هذا النص الذي يمنع الفائدة وما في حكمها على المقرض.

وقد لاحظ الأستاذ محمد لفروحي في كتابه (العقود البنكية) أن الأساس القانوني لتعامل البنوك في المغرب بالفوائد في ظل الوجود التشريعي للمادة (870) من قانون الالتزامات والعقود منعدم (3) .

(1) فوائد البنوك هي الربا الحرام، ص129- 130.

(2)

قانون الالتزامات والعقود، ص262.

(3)

ص405.

ص: 1409

وأما فرض الفائدة على صاحب البطاقة في حال عدم وجود مبلغ مالي في حسابه أو عدم الكفاية- والذي أخبرني به أكثر من واحد من رجال البنوك في المغرب- من دون التصريح بذلك في العقد فهو من قبيل الصنف الأول؛ إذ المقرض فيه وهو المؤسسة البنكية يفرض فائدة على المبلغ الناقص، فمثلا إذا كان في الحساب (3000) درهم وسحب صاحب البطاقة في حدود المبلغ المسموح به في العقد (4000) درهم فإن الألف درهم تفرض عليها الفائدة، وهو يجر للمقرض فائدة، والمفروض في القرض الشرعي أن يستفيد المقترض من القرض (1) وليس العكس.

فهذه كذلك صورة باطلة كالأولى.

ومن المفارقات أن البنوك تأخذ فائدة على السلف الذي تمنحه لحامل البطاقة في حال عدم وجود المال في الحساب أو عدم كفايته ولو كانت المدة أسبوعا أو أقل في الوقت الذي تستفيد فيه من أموال المتعاملين معها الذين لا يأخذون فوائد من البنك أسابيع وربما شهورا.

وإذا وجد عقد لا ينص على الفائدة ولا يأخذها في حال تجاوز مبلغ الحساب

فإن العقد في هذا الجانب صحيح.

وأما إن كانت الزيادة من المقترض لفائدة المقرض اختيار من دون شرط، فقد عدها بعض الفقهاء من السنة ومن مكارم الأخلاق استنادا إلى بعض الأحاديث كحديث أبي رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه أبو رافع فقال لم أجد فيها إلا خيار رباعيا فقال:((أعطوه إياه، إن خير الناس أحسنهم قضاء)) (2) . قال النووي في شرحه لهذا الحديث: (وليس هو من قرض جر منفعة فإنه منهي عنه لأن المنهي عنه ما كان مشروطا في عقد القرض، ومذهبنا أنه يستحب الزيادة في الأداء عما عليه، ويجوز للمقرض أخذها سواء زاد في الصفة أو في العدد بأن أقرضه عشرة فأعطاه أحد عشر، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها)(3) .

(1) إحكام الأحكام على تحفة الحكام، ص238.

(2)

مسلم بشرح النووي: (11/36) .

(3)

مسلم بشرح النووي: (11/37) .

ص: 1410

وإلى جانب الحديث السابق وغيره من الأحاديث (1) الدالة على مشروعية أخذ الزيادة من دون شرط فإن بعض الأدلة الأخرى تمنع المنفعة للمقرض بصورة شاملة ومنها:

1-

عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب: يا أبا المنذر إني أريد الجهاد فآتي العراق فأقرض، قال: إنك بأرض الربا فيها كثير فاش فإذا أقرضت رجلا فأهدي إليك هدية فخذ قرضك؛ واردد إليه هديته (2) .

2-

عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وكل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا)(3) .

وإذا اعتمدنا قانون الترجيح بين الأدلة فإن الوارد في مشروعية الزيادة دون شرط أقوى.

وأما التأمين على الحياة وعلى غيرها فهو من المشاكل التي لا تزال مطروحة على العالم الإسلامي تنتظر رأيا فقهيا واضحا يحرم جميع أنواعه أو يحرم بعضها.. ومادام الأمر كذلك فإن الناس يضطرون إلى الخضوع لبعض أنواعه اعتقادا منهم بعدم جوازها

وذلك لأن التأمين لم ينشأ في الدول الإسلامية ولم يؤصل وفق مبادئ الدين ومقاصده، فهو نظام دخل إلى البلاد الإسلامية عن طريق الشركات الاستعمارية، يقوم على الجهالة وفيه شبهة المقامرة، وانعدام الثقة بقضاء الله وقدره (4) . يقول الأستاذ عبد العزيز توفيق في كتابه (عقد التأمين في التشريع والقضاء) :(إن عقد التأمين من عقود الغرر، وهذا الوصف (الغرر) الملصق به يؤديه حتى أولئك الذين شرعوه ووضعوه من جملة عقود القانون المدني؛ فقد صنفوه مع عقود الغرر والتي لا توازن فيها بين التزامات أطرافها أي لا يعرف أي المتعاقدين وقت إبرام العقد كم يأخذ مقابل ما يعطي- وهذا الغرر قد يكبر حتى يضاعف مئات المرات ما يأخذه أحد أطراف العقد مقابل ما يدفعه) (5) .

إن عقد التأمين فيه غرر، وهو في ذلك مثل العقود التي نهى المشرع عنها كنهيه صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة (6) .

(1) مسلم بشرح النووي:11/37.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي: (5/349) .

(3)

المصدر السابق، ص350.

(4)

يسألونك في الدين والحياة، مج (6) ، ص174.

(5)

ص21.

(6)

صحيح البخاري: (3/24) ، باب بيع المنابذة.

ص: 1411

ومن صور الغرر الواضحة في عقد التأمين أن يدفع المؤمن له قسطا واحدا فيحدث الخطر بعد ذلك بقليل فيحصل من المؤمن على مبلغ التأمين كاملا (1) .

إن جميع أنواع التأمين التجاري يجب إعادة النظر فيها وإخضاعها إلى مبادئ الإسلام بحيث تبنى على أساس تعاوني لا يهدف ألى تحقيق الربح وإنما يكون الهدف ترميم آثار المصائب التي تنزل ببعض المتعاونين كأن تنشأ تعاونية هدفها تحقيق التكافل والتعاون على البر والتقوى من أرباب المهن من تجار وصناع وفلاحين (2)

يدفعون مبالغ مالية محددة، ولكنها قابلة للتغيير زيادة أو نقصانا تبعا لما يحدث من الأخطار سنويا وما يترتب على مواجهتها من تعويضات

وإذا وجد فائض لدى التعاونية استخدم في تنمية أموالها أو خفض من مبلغ الاشتراك للسنة الموالية (3) .

فهذا الشكل من أشكال التعاون الذي يخلو من الربا واستغلال الوسائط ونحو ذلك يراه بعض الدارسين للموضوع موافقا لأحكام الشريعة (4) .

على أن الناظر في المجتمع الذي يريده الإسلام يجد أن شريعتنا ضمنت كل أسباب الحماية وتوفير الأمن الاجتماعي والاقتصادي، ولو عمق المسلمون وعيهم بأمور دينهم وكانوا في قوانينهم وأعرافهم جميعا لا يخرجون عن مقاصد دينهم وأحكامه وأخلاقه لرأوا عجبا في هذا الجانب يرتاح له الفرد والجماعة.

إن وسائل توفير الأمن في المجتمع الإسلامي كثيرة وتحقق متطلبات الحياة المادية والمعنوية، أذكر منها:

1-

تبادل النفقة بين الأصول والفروع عند الحاجة؛ فقد رفع الإسلام من شأن رعاية الوالدين والإحسان إليهما إلى درجة عليا، وجعل كذلك رعاية الأولاد مسؤولية من مسؤوليات الأبوين، وأحاط الأسرة عامة بكل أسباب الترابط والتعاون والتضامن، والمقام لا يسمح هنا بتفصيل الكلام في هذا الموضوع وبيان مكانة الأسرة في المجتمع المسلم وأسس المحافظة على كيانها وحمايتها.

2-

إعطاء ذوي القربى حقوقهم سواء كانوا من جهة الأب أو من جهة الأم.

3-

دفع الزكاة للجهات التي تستحقها لتقضي على عدد من المشاكل المرتبطة بالفقر والدين وكوارث الأسفار ونحو ذلك مما هو مفصل في كتب التفسير والفقه.

4-

الوقف الذي يعد بابا واسعا من أبواب التكافل الاجتماعي؛ فريعة يمكن أن يخصص للفقراء والمساكين، ويمكن أن يكون لفائدة اليتامى والأرامل، ويمكن أن يكون للمطلقات، أو لذوي القربى، أو للمسافر، أو لغير ذلك من وجوه البر.

5-

الإرث.

6-

الوصية.

7-

الكفارات.

8-

بيت المال الذي يتكفل بحل كثير من المشاكل المادية التي تحدث في المجتمع.

(1) عقد التأمين، ص22.

(2)

عقد التأمين، ص26.

(3)

عقد التأمين، ص26- 27.

(4)

عقد التأمين ص26-27.

ص: 1412

فالمسلمون إذن يجدون في هذه المسائل وما في حكمها ما يحميهم ويخفف من الأضرار التي تصيبهم، وهم حين يتعاونون في هذا المجال قاصدين وجه الله سبحانه يثابون على ذلك إن شاء الله فتجتمع لهم خدمتان: خدمة الدنيا وخدمة الآخرة، وإذا فعلوا هذا فلا يضطرون إلى التأمين على الحياة ولا على الحريق ولا على الأسفار ونحوها، والمسلم المؤمن بقضاء الله وقدره والواثق في حصانه الإسلام له لا يؤمن على حياته وسفره غير الله سبحانه؛ ولا شك أن الوصول إلى هذا المستوى من الإيمان والتعلق بالله ليس بالأمر اليسير في مجتمعات إسلامية هجمت عليها حضارات معاصرة بخيرها وشرها فاستسلمت لها في أحيان كثيرة من دون اعتماد الوسائل التي تحميها من خبيث تلك الحضارات.

وفي هذا الجو يجد كثير من المسلمين أنفسهم أحيانا مضطرين إلى تصرف لا يوافق الشرع

وهو جو يجب تغييره وتطهيره مما علق به من عناصر التلوث المادي والمعنوي، والذي يعبره ويطهره كل مكونات المجتمع، وفي طليعتهم أولو الأمر من هذه الأمة.

6-

الاستعمال غير القانوني للبطاقات:

الاستعمال غير القانوني يتجلى في عدم التزام صاحب البطاقة بالقدر المسموح له به من قبل البنك، أو استعمالها من غير حاملها الذي قد يحصل عليها بسرقتها ضمن محفظة تضم معها الرقم السري أو عثر عليها، أو سلمها صاحبها لشخص وأطلعه على الرقم السري وكلفه بأن يسحب له مبلغا محددا من الموزع الآلي، ثم قام هذا الشخص بسحب مبلغ أكبر من المبلغ المطلوب واحتفظ لنفسه بالزائد ودفع لصاحب البطاقة المبلغ الذي طب، وقد يقوم صاحب البطاقة نفسه باقتناء سلع يتجاوز ثمنها المبلغ المسموح له به، وقد يستعمل بطاقة قد انتهت مدة صلاحيتها موهما التاجر الذي قد يكون أميا لا يحسن القراءة بأن البطاقة صالحة (1) .

فلكل مخالفة من هذه المخالفات ما يميزها عن غيرها ولها ما تستحق من الجزاء، إلا أن السرقة من تلك المخالفات إذا توافرت فيها الشروط المتعلقة بالمسروق والسارق والسرقة كان فيها القطع (2) شرعا- كما هو معلوم-.

وأما الجنايات التي لا تتوفر فيها شروط السرقة في هذا الباب فهي مما ليس فيه حد ولا قصاص ولا كفارة - وهو ما يعرف بالتعزير الذي تكون العقوبة فيه سجنا أو نحوه مما يكون كافيا في زجر المخالف وكفه عن العودة إلى ذلك الفعل (3) فلكل دولة إسلامية الحق في تقدير ما يناسب كل مخالفة من الجزاء.

(1) بطاقات الاعتماد والسحب، ص159.

(2)

بداية المجتهد: (2/445) وما بعدها.

(3)

الفقه الإسلامي على المذاهب الأربعة مج (5) ، ص9، 397.

ص: 1413

خاتمة

إن البطاقة البنكية سواء كان اسمها (بطاقة السحب والأداء) ، أو بطاقة الأداء أو القرض (الائتمان) ، أو بطاقة الضمان، أو غير ذلك، وسواء كانت مغطاة أو غير مغطاة فإنها في عالم البنوك التي لا تحتاط في اجتناب الربا والغرر ونحوه مما يخل بالعقد ويفسده في حاجة إلى إعادة النظر في العقود التي تسلم بمقتضاها، وفي أساليب استعمالها، حتى يستفيد المسلمون من خدماتها في ظروف حسنة تتسم بالوضوح وتبتعد عن الاحتمال والقمار

ويمكن الوصول إلى هذا بتحقيق ما يلي:

1-

تطهير عقود البطاقات من ذكر الفوائد البنكية، ومن جميع أنواع التأمين وما في حكمه.

2-

سلامة جميع عمليات السحب أو الأداء من الفوائد سواء كان في الحساب مال أو لم يكن

وللبنوك طرق أخرى لتحصيل المال من دون فوائد، وفق أحكام الشريعة ومقاصدها، ومن تلك الطرق:

1-

الاستفادة من أجرة بعض الخدمات كتأجير الخزائن، والقيام بالأعمال الاستشارية والدراسات الاقتصادية (1) .

2-

الانتفاع من الحسابات الجارية والخدمات المتعلقة بها (2) .

3-

المشاركة في رأس مال الشركات الأخرى (3) .

4-

الاستفادة من الودائع الاستثمارية التي يشارك أصحابها في الربح والخسارة (4) .

وهذه طائفة من جملة الوسائل المعتمدة لدى البنوك التي صحت نية المشرفين عليها في التوجه لخدمة المجتمع اقتصاديا واجتماعيا بطرق مباحة في إطار الشريعة الإسلامية.

(1) البنوك الإسلامية ما لها وما عليها، ص48.

(2)

البنوك الإسلامية ما لها وما عليها، ص49.

(3)

البنوك الإسلامية ما لها وما عليها، ص50.

(4)

كتاب الأمة: (13/62) .

ص: 1414

المصادر والمراجع

1-

إحكام الأحكام على تحفة الحكام، شرح وتعليق مأمون بن محيى الدين الجنان، دار الكتاب العلمية، بيروت، لبنان.

2-

الاقتصاد الإسلامي، العدد (194) السنة (17) .

3-

بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد، ط.3 شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي وأولاده بمصر، محمود نصار الحلبي وشركاه.

4-

بطاقات الاعتماد والسحب، طبيعتها القانونية، بحث قدم للدورة الثالثة للعمل للقضائي والبنكي التي انعقدت بالمعهد الوطني للدراسات القضائية (بالمغرب) يومي 10-11 يونية 1993م.

5-

البنوك الإسلامية مالها وما عليها، أبو المجد حرك، دار الصحوة للنشر.

6-

تقرير بنك المغرب (1997م) مطبعة دار السكة.

7-

الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

8-

السنن الكبرى للبيهقي، دار الفكر.

9-

صحيح البخاي، حقق أصولها وأجازها الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

10-

صحيح مسلم بشرح النووي، ط2، دار الفكر، بيروت، لبنان.

11-

عقد التأمين في التشريع والقضاء، عبد العزيز توفيق، ط2. 1998م، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

12-

الفقه على المذاهب الأربعة، عبد الرحمن الجزيري، المكتبة التجارية الكبرى، توزيع دار الفكر، بيروت.

13-

فوائد البنوك هي الربا الحرام، يوسف القرضاوي.

ص: 1415