المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني عشر

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادأ. د. خليفة بابكر الحسن

- ‌استثمار موارد الأوقافإعدادالدكتور إدريس خليفة

- ‌استثمار موارد الأحباسإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌أثر المصلحة في الوقفإعدادالشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌صور استثمار الأراضي الوقفية فقهاً وتطبيقاًوبخاصة في المملكة الأردنية الهاشميةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكوصكوك الأعيان المؤجرةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة(الإجارة المنتهية بالتمليك)دراسة فقهية مقارنةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكدراسة اقتصادية وفقهيةإعداد الدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌الشرط الجزائي ومختلف صوره وأحكامهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الشرط الجزائيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌الشرط الجزائيإعدادالأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الشرط الجزائي في العقودإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الشرط الجزائي في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور ناجي شفيق عج

- ‌الشرط الجزائيدراسة معمقة حول الشرط الجزائي فقها وقانوناإعدادالقاضي محمود شمام

- ‌عقود التوريد والمناقصةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌عقد التوريددراسة فقهية تحليليةإعدادالدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ مجتبى المحمودوالشيخ محمد على التسخيري

- ‌الإثبات بالقرائن والأماراتإعدادالدكتور عكرمة سعيد صبري

- ‌القرائن في الفقه الإسلاميعلى ضوء الدراسات القانونية المعاصرةإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الطرق الحكمية في القرائنكوسيلة إثبات شرعيةإعدادالدكتور حسن بن محمد سفر

- ‌دور القرائن والأمارات في الإثباتإعدادالدكتور عوض عبد الله أبو بكر

- ‌بطاقات الائتمانتصورها، والحكم الشرعي عليهاإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور محمد العلي القري

- ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

- ‌بطاقة الائتمانإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التضخم وعلاجهعلى ضوء القواعد العامةمن الكتاب والسنة وأقوال العلماءإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الصلح الواجب لحل قضية التضخمإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌تدهور القيمة الحقيقية للنقود ومبدأ التعويضومسؤولية الحكومة في تطبيقه

- ‌مسألة تغير قيمة العملة الورقيةوأثرها على الأموال المؤجلةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

- ‌التضخم وتغير قيمة العملةدراسة فقهية اقتصاديةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌نسبة التضخم المعتبرة في الديونإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

- ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

- ‌التضخم وآثاره على المجتمعات

- ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

- ‌حقوق الأطفال والمسنينإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌حقوق الشيوخ والمسنين وواجباتهمفي الإسلامإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌حول حقوق المسنينإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌حقوق الطفلالوضع العالمي اليومإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌الشيخوخةمصير. . . وتحدياتإعدادالدكتور حسان شمسي باشا

- ‌البيان الختامي والتوصياتالصادرة عنالندوة الفقهية الطبية الثانية عشرة

- ‌(حقول المسنين من منظور إسلامي)

الفصل: ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

مجمع الفقه الإسلامي بجدة

مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين

الحلقة الأولى

‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

جدة 28 – 29 / 7 / 1416 هـ = 20 -21 / 12 / 1995 م.

بسم الله الرحمن الرحيم

البيان الختامي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فسيرًا على المنهج الذي اختاره ورسمه لنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية – أطال الله عمره وأجزل مثوبته مع دوام الصحة والعافية – وقد جاء ذلك منصوصًا عليه في الخطاب المتميز التوجيهي الذي ألقاه، حفظه الله، في المجلس التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي بجدة.

وبمساندة كاملة ومطردة من معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور حامد الغابد، الذي ما فتئ يرعى نشاطات المجمع كلها بحضوره مؤتمراته وندواته، جزاه الله خيرًا.

تم بتوفيق من الله سبحانه انعقاد حلقة العمل الأولى لندوة التضخم والسياسات العلاجية له، وذلك على مدى يومين: الأربعاء والخميس (28 و29 رجب 1416 هـ الموافق 20 و21 ديسمبر 1995 م) ، بمقر البنك الإسلامي للتنمية، بتنظيم من مجمع الفقه الإسلامي بجدة ومصرف فيصل الإسلامي البحرين وبالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب.

ص: 1719

وفي تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم الأول استهلت جلسة الافتتاح بتلاوة آي من الذكر الحكيم، وأعقبها معالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية بكلمة رحب فيها بالسادة المشاركين من الضيوف وأصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة الفقهاء والاقتصاديين والمصرفيين، ثم نوه بأهمية موضوع هذه الحلقة شاكرًا لمجمع الفقه الإسلامي بجدة ولمصرف فيصل الإسلامي بالبحرين جهودهما المبذولة لإعداد وإنجاز هذه الحلقة، متمنيًا تحقيق الأهداف المرجوة من انعقادها.

ثم ألقى سعادة الأستاذ نبيل عبد الإله نصيف، الرئيس التنفيذي لمصرف فيصل الإسلامي بالبحرين كلمة رحب فيها بالمشاركين، وبيّن اهتمام البنوك الإسلامية وبخاصة مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين بمتابعة القضايا الاقتصادية المعاصرة، بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي بجدة للتوصل إلى حلول علمية مقبولة من منظور الشريعة الإسلامية الغراء.

ثم ألقى معالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة - الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بجدة - كلمة ضافية بيّن فيها الباعث على إقامة هذه الحلقة، وما سيتبعها من لقاءات وأن ذلك كان تلبية لقرار مجلس المجمع في دورته التاسعة من أجل تقديم التصور الصحيح لقضايا النقود، تمهيدًا لإصدار القرارات المعالجة لها، وبما يحقق المقاصد الشرعية والمصالح المعتبرة، ثم أشار معاليه إلى أن حلقة العمل الثانية ستعقد، بإذن الله، في ماليزيا، كما ستعقد بعدها الندوة الجامعة بالبحرين، إن شاء الله تعالى، حتى ترفع نتائج ومداولات وتوصيات وأوراق عمل حلقات الندوة إلى اجتماع مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته المقبلة.

ص: 1720

وقد تناولت الأوراق المقدمة لحلقتنا هذه جملة قضايا وموضوعات لها أهمية كبرى في تركيز التصور العلمي الدقيق لقضية التضخم، وللسياسات المتبعة في مختلف البلاد المتقدمة والنامية لمكافحة آثاره والحد من أخطاره، وهذه الموضوعات تدور حول:

1-

التضخم: وهذه الدراسة عبارة عن مدخل نظري يبحث فيه مفهومه ويتعرض فيه لبيان أسبابه وآثاره.

2-

السياسات العلاجية للتضخم في البلدان المتقدمة والنامية.

3-

سياسات مكافحة التضخم في الدول النامية.

4-

المصادر المحلية والدولية للتضخم في بعض الدول الإسلامية، دراسة ميدانية.

5-

التضخم وعلاقته بسعر الفائدة.

6-

الربط القياسي: حقيقته وأنواعه وتجارب الدول فيه.

وقد ألقيت التعقيبات على هذه الأوراق وما تناولته من قضايا وموضوعات بالدرس من قبل الأستاذة الفقهاء والاقتصاديين، كما دارت بعد ذلك المناقشات المستفيضة حول البحوث والتعقيبات، وقدمت إثر ذلك المقترحات والتوصيات بشأنها، مما أثرى هذه الحلقة، وأسهم في التوجه نحو تحقيق الأهداف المرجوة منها.

وقامت لجنة الصياغة عندئذ بإعداد التقرير العام وتقديم النتائج والتوصيات والمقترحات الصادرة عن هذه الحلقة.

ص: 1721

وإننا في ختام أعمالنا لنتوجه باسم مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، وباسم مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين؛ بخالص الشكر وفائق التقدير لأصحاب البحوث والدراسات المقدمة، وللعلماء المشاركين من فقهاء واقتصاديين ورجال أعمال ومصرفيين؛ لما أسهموا به من بحث وتعقيب ومناقشة وحوار بنّاء حول القضايا المطروحة. وإننا حين ننوّه بما قاموا به من جهود في ذلك، يطيب لنا أن نشيد بما قام به البنك الإسلامي للتنمية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب من دعم لنشاطنا، وتيسير لأعمالنا، كما نتوجه بخالص الثناء والشكر لوسائل الإعلام لما قامت به من خدمات، تعريفًا بما دار في هذه الحلقة، وتغطية لجلساتها.

ولا يفوتنا في نهاية هذا البيان أن نشكر للجنة التحضيرية ولأعضاء لجنة الصياغة والسادة المترجمين والسكرتارية والعلاقات العامة، ما بذلوه من جهود طيبة ذللت الصعاب وأنالت الآراب.

هذا، ونشكر لدولة ماليزية عرضها استضافة الحلقة الثانية لندوة التضخم بكوالالمبور، وإنها لمبادرة حميدة ومأثرة كريمة تنسجم مع التوجه العام في ماليزية بإرساء قواعد النظام المالي الإسلامي وتطبيقه.

وفي انتظار لقائنا القادم بإذن الله حول الحلول الشرعية للتضخم والحد من أخطاره، ندعو لحضراتكم بالعون والتوفيق في أعمالكم والتسديد لخطاكم، ونرجوه سبحانه أن يهدينا أقوم السبل لخدمة دينه، واعتماد شريعته، والسير على منهاج الأسلاف الطاهرين في الاجتهاد، للقضايا المستجدة اجتهادًا يظهر على التحديات، ويبلغنا أقصى الغايات، وهو المسؤول سبحانه أن يكلل مساعينا بالنجاح إنه سميع مجيب، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 1722

نتائج الحلقة

اتضح من الأبحاث وتعقيباتها ومناقشاتها أن للتضخم تعاريف متعددة، ويستخلص منها جميعًا أن التضخم عبارة عن الارتفاع المستمر للمستوى العام للأسعار بأنواعها المتعددة، بحيث يكون الوجه المقابل له الانخفاض في القوة الشرائية للنقود، كما اتضح أنه لا تتوافر مقاييس دقيقة للتضخم، ولكن هناك مجرد مؤشرات أهمها الأرقام القياسية للأسعار لأنواعها المتعددة.

وللتضخم أسباب عديدة منها ما يلي:

1-

العامل النقدي من حيث زيادة كمية النقد المعروضة في التداول عن الكمية التي يحتاج إليها التعامل، وتكون هذه الزيادة إما بطباعة العملة الورقية من قبل الدولة، أو بتوسع الودائع تحت الطلب نتيجة للتوسع في الائتمان المصرفي.

2-

زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات في المجتمع عن الناتج الكلي، بحيث يحصل عدم التوازن وترتفع الأسعار، ويكون هذا الارتفاع نتيجة لزيادة الطلب على الاستثمار أو لزيادة الاستهلاك، ويتوافق ذلك مع وجود قوة شرائية لدى المستثمرين والمستهلكين، ويلحظ منه أن الإنتاج العام لا يزداد إما لبلوغ مرحلة الاستخدام الكامل للموارد، أو بسبب وجود اختناقات وتشوهات في الأوضاع الاقتصادية أو عوامل مؤسسية وبنيوية وأسباب سياسية وسلوكية أخرى لا تمكن من زيادة الإنتاج رغم عدم الاستخدام الكامل للموارد.

3-

زيادة تكاليف الإنتاج، مما ينعكس على أسعار السلع المنتجة، وتشمل تكاليف الإنتاج ما هو معروف من: تكاليف العمالة – تكلفة المواد الأولية مستوردة أو محلية – تكلفة التمويل سواء أكان بالطريقة المشروعة أم بغيرها، وما يلحق ذلك من قدرة البائع والمنتج على التحكم بمقدار الربح الذي يرغب به، وينشأ هذا عن عوامل مؤسسية مثل وجود النقابات والاتحادات القوية، ووجود الاحتكار وعدم توافر العوامل التنافسية في السوق، وغير ذلك من عوالم مؤسسية وسلوكية واجتماعية وسياسية يدخل فيها الواقع المشهود إضافة إلى التوقعات.

ص: 1723

4-

العوامل الخارجية للتضخم التي يمكن تلخيصها في الارتفاع في أسعار المستوردات من سلع استهلاكية وإنتاجية ووسيطة، وفي زيادة الأرصدة النقدية الخارجية التي يتم بالاستناد إليها توسيع الائتمان المصرفي من قبل المصارف المحلية. ومن المعلوم أن هناك أسبابًا عديدة لارتفاع أسعار المواد المستوردة منها ما هو سياسي، ومنها ما يتعلق بانخفاض أسعار المواد الأولية (التي تنتجها البلاد النامية) مع زيادة أسعار المواد المصنعة المستوردة.

وقد تطرق النقاش إلى علاقة الفائدة بالتضخم وتأثير زيادة أسعار الفائدة في تخفيض معدل التضخم وبالعكس، وبالرغم مما رآه بعض الاقتصاديين من عدم التلازم بين التضخم والفائدة، فقد ذهب بعضهم إلى أن للفائدة دورًا ملحوظًا في إحداث التضخم من حيث إن الفائدة هي سعر للمديونية تجعل لها سوقًا يؤدي إلى تراكم التعامل بالمديونية تراكمًا ضخمًا يعرض الاقتصاد للهزات الشديدة، وبالإضافة إلى أن سعر الفائدة يدخل في عناصر التكلفة في مراحل الإنتاج.

ولا أثر لهذا الخلاف في ظل تحريم الفائدة (الربا) في الاقتصاد الإسلامي؛ لأنه لا يسمح بوجود مديونية مستقلة عن تداول السلع والخدمات، ولا يسمح كذلك بتداول المديونية، كما لا يمكن من تضخيم الحسابات الجارية باعتبارها جزءًا من كمية النقود عن طريق الإقراض البحت (المنفصل عن سوق السلع والخدمات) وبالتالي فإن عدم وجود الفائدة يقلل من إمكانية حدوث التضخم.

وتبين أيضًا من الأبحاث والتعقيبات والمناقشات أن للتضخم غير الطفيف آثارًا وخيمة على النشاط الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية وقيم وسلوكيات الأفراد، ويتمثل ذلك فيما يلي:

- الانحراف في تخصيص الموارد بحيث تتجه نحو إنتاج وتداول السلع التي ارتفعت أسعارها أكثر من المعدل العام، ويغلب أن تكون في غير الاستثمارات التنموية.

- الإضرار بذوي الدخول النقدية الثابتة، وبذوي الثروات النقدية.

- نشوء طبقة طفيلية منتفعة تعيش على فروق الأسعار والمراهنة على زياداتها. ويستتبع ذلك آثارًا اجتماعية وسلوكية متعددة لا داعي للتفصيل فيها.

ص: 1724

ومما تناولته البحوث السياسية العلاجية للتضخم المتبعة من الدول المتقدمة والنامية، وهي سياسات تقوم كلها على معالجة أسباب التضخم، سواء أكانت هيكلية تتناول البنية الشاملة للاقتصاد، أو مؤسسية تتعلق بالنقابات والاتحادات والاحتكارات ذات العلاقة بالأسعار، أم نقدية تتعلق بكبح جماح الزيادة التضخمية في كمية النقود، أم تتعلق بتوازن الميزانية العامة للدولة.

وتقوم هذه السياسات على الارتكازات الآتية:

- تخفيض الطلب الكلي على السلع والخدمات عن طريق تخفيض الإنفاق الحكومي.

- وضع حدود للتغيرات في الأسعار والأجور.

- زيادة الضرائب واستخدام الوسائل الأخرى التي تؤدي إلى امتصاص فائض النقود لدى الأفراد.

- زيادة معدلات الاحتياطات النقدية المفروضة على البنوك التجارية لتقليل قدرتها على إيجاد الائتمان.

- معالجة العجز المزمن في ميزان المدفوعات عن طريق الميزان التجاري والمدفوعات الأخرى.

- الإنتاج المحلي البديل للسلع المستوردة.

يضاف إلى ذلك وجود سياسات لمعالجة بعض الآثار الناجمة عن التضخم، وأهم هذه السياسات:

- التسعير الذي يعمل على كبت التضخم كعلاج مؤقت لا يصل إلى إلغاء أسبابه.

- الربط القياسي للالتزامات الآجلة ولأسعار بعض السلع والخدمات (الأجور) .

ص: 1725

وقد اتضح من خلال عرض بحث الربط القياسي وتطبيقاته ومناقشته أن المقصود به إجراء التعديل التلقائي للقيم الاسمية للالتزامات الآجلة، ولقيم السلع والخدمات وفقًا للتغير في مؤشر التضخم المعتمد للربط، ويكون هذا الربط تعاقديًا أو إلزاميا من قبل الدولة.

وللربط القياسي أنواع وصيغ لا تختلف من حيث مؤداها.

وقد لوحظ أن الربط القياسي لا يمكن أن يكون حلًّا شاملًا لجميع المشكلات التي تنشأ عن التضخم، فلا يمكن تطبيقه في جوانب الاقتصاد كلها، وإن كان يمكن أن يحقق جدوى في بعض أنواع المعاملات، وهو يحدث التغيير في القيمة الاسمية للتعاملات التالية له دون المتقدمة عنه، وبوجه عام هو علاج مؤقت لبعض الأفراد في بعض الأحيان ويصعب الاستمرار فيه إلى أمد طويل، والتراجع عنه يولد مشكلات أخرى لا تقل عن مشكلات التضخم.

كما لوحظ أن تطبيق الربط القياسي لا يحل المشكلات الناشئة عن التضخم بين الدائن والمدين، بسبب الخصوصيات المتعددة للعلاقة بينهما ولوجود فروق فردية في ظروفهما الاقتصادية.

من الناحية التطبيقية دارت المناقشة حول المصادر المحلية والدولية للتضخم في بعض الدول الإسلامية، حيث كشف الدراسة التي أجريت على مصر، والمغرب، وباكستان، وتركيا: أن الأسباب ليست أحادية، وإنما هي أسباب متنوعة يرجع بعضها إلى ظروف خاصة بكل دولة؛ وذلك لأن النتائج التجريبية لا تؤيد متغيرًا معينًا، فمصادر التضخم مختلفة في جميع هذه الدول، وبالتالي فاتباع سياسة معينة مناهضة للتضخم قد يكون فعالًا في بعض الدول وعاجزًا في دول أخرى، وحتى الآثار فإنها تختلف بعض الشيء من دولة إلى أخرى. فمثلًا إن نمو عرض النقود مصدر مهم للتضخم في بعض الدول، مما يتطلب سياسات نقدية صارمة ضمن استراتيجية واضحة إضافة للقيود النقدية، كما أن انخفاض القيمة الخارجية للعملة في بعض الدول يؤدي إلى حالة تضخمية مرتفعة قد لا توجد في دولة أخرى، ولذلك فإنه لن يكون باستطاعة السياسة النقدية الصارمة، ولا النمو الاقتصادي الأسرع ضبط التضخم والسيطرة عليه، وكذلك زيادة كمية النقود وأسعار الواردات ليس لهما أثر ملحوظ على التضخم في بعض الدول، حيث يلعب النمو الاقتصادي دورًا رئيسًا في عملية التضخم، ويلحظ أن انخفاض قيمة العملة له بعض التأثيرات على التضخم.

ص: 1726

التوصيات

* بما أن أهم أسباب التضخم هو الزيادة في كمية النقود التي تصدرها الجهات النقدية المختصة لأسباب متعددة معروفة؛ نناشد تلك الجهات العملَ الجاد على إزالة هذا السبب من أسباب التضخم الذي يضر المجتمع ضررًا كبيرًا، وتجنب التمويل بالتضخم، سواء أكان ذلك لعجز الميزانية أم لمشروعات التنمية. وفي الوقت نفسه نتوجه إلى الشعوب الإسلامية للالتزام الكامل بالقيم الإسلامية في الاستهلاك، لتبتعد مجتمعاتنا الإسلامية عن أشكال التبذير ولترف والإسراف التي هي من النماذج السلوكية التي تولد التضخم.

* زيادة التعاون الاقتصادي بن البلدان الإسلامية وبخاصة في ميدان التجارة الخارجية، والعمل على إحلال مصنوعات تلك البلاد محل مستورداتها من البلدان الصناعية. والعمل على تقوية مركزها التفاوضي والتنافسي تجاه البلدان الصناعية.

* إجراء دراسات على مستوى البنوك الإسلامية لتحديد آثار التضخم على موجوداتها، واقتراح الوسائل لحمايتها وحماية المودعين والمستثمرين لديها من آثار التضخم، وكذلك دراسة استحداث المعايير المحاسبية لظاهرة التضخم على مستوى المؤسسات المالية الإسلامية.

* إجراء دراسة حول التوسع في استعمال أدوات التمويل والاستثمار الإسلامي على التضخم، وما له من تأثيرات ممكنة على الحكم الشرعي.

* دراسة مدى جدوى العودة إلى شكل ارتباط العملة بالذهب، كأسلوب لتجنب التضخم.

ص: 1727

المقترحات لمنهجية الحلقة الثانية

* أن تعرض في الحلقة الثانية بحوث اقتصادية حول الحلول والمعالجات التي يراها الاقتصاديون الإسلاميون للتضخم؛ لتتم مناقشتها من قبل الفقهاء من الوجهة الشرعية.

ويشمل ذلك تقديم دراسة عن النمط الإسلامي للإنفاق الحكومي وغير ذلك مما يتعلق بالاقتصاد العام والسياسات الاقتصادية، وذلك بالإضافة إلى الدراسات المشار إليها في التوصيات حول آثار التضخم على موجودات البنوك وتأثير أدوات التمويل والاستثمار الإسلامية فيما يتعلق بالتضخم.

وسيكون من الطبيعي إذن أن يطلب إلى الأساتذة الفقهاء التعليق المباشر على تلك البحوث الاقتصادية، لإبداء وجهة النظر الشرعية فيها.

* أن يراعي في الحلول والعلاجات المقترحة من الاقتصاديين الواقع القائم في البلدان الإسلامية وأسباب التضخم فيها وآثاره والخبرات العملية المتراكمة لدى بعض هذه الدول، وبخاصة في التنمية مع استقرار الأسعار.

وقد يكون من المناسب أن تأخذ الحلول بالاعتبار الواقع العملي في ظل الأنظمة الاقتصادية الموجودة حاليًا في البلدان الإسلامية، بحيث تطرح الحلول المرحلية إضافة إلى الحلول الكلية في ظل التطبيق الشامل للنظام الاقتصادي الإسلامي.

* إعطاء الوقت الكافي لعرض الأبحاث والدراسات، وللتعقيبات والمناقشات، بحيث تستوفي جميع جوانب الموضوعات المطروحة، ولو كان ذلك بتقليل عدد الأبحاث على أن يختار لها كتّاب ذوو وجهات نظر مختلفة.

ص: 1728