الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة تغير قيمة العملة الورقية
وأثرها على الأموال المؤجلة
إعداد
الشيخ محمد على التسخيري
بسم الله الرحمن الرحيم
1-
توضيح المسألة وحقيقة الإشكال فيها:
بعد أن حلت الأوراق النقدية محل النقد الخلقى الذى له قيمته الذاتية كالذهب والفضة، وطرأت عوامل التضخم وتقلب الأسعار الحاد، الذى يؤثر تأثيرا كبيرا على القوة الشرائية لهذه الأوراق مما يؤدى إلى قلة سعرها أمام المنافع والسلع والخدمات المقدمة، جاءت هذه المشكلة وخصوصا في مجال الديون، كما تطلب الحديث عنها في مجالات أخرى، كوجوب الزكاة وأحكام الصرف وأحكام الضمان وغير ذلك، وسنركز على خصوص الديون.
وحقيقة الإشكال تكمن في بحثنا هذا في مقتضيات أمرين متخالفين:
الأول: مثلية هذه الأوراق، والمثلي هو: ما تماثلت آحاده بحيث يقوم بعضها مقام بعض، ويشمل المكيلات والموزونات والمعدودات. وفى قبالته القيمي كالحيوان والعروض والعقار والأوراق النقدية – كما هو معروف – وعليه فإذا اقترض ورقة نقدية أو إذا غصبها، كان عليه ردُّ مثلها لا غير.
الثانى: العدالة: فكثيرا ما يقرض المرء غيره مبلغا من المال رفقا به، فإذا حل أجل الوفاء وجد المقرض هذا المبلغ أقل بكثير مما دفعه من حيث قدرته الشرائية. ويأتى هذا في الديون والمهور حيث يطرأ عليها التغيير الفاحش، مما يكون له آثار فاحشة على المستويات الدولية والفردية، ويحقق شبهة الظلم ونقض العدالة بلاريب.
وكل ما طرح من حلول يحاول رفع هذا التناقض، إما من خلال التركيز على قيمة الأوراق المالية المتبادلة باعتبارها لا تملك أية قيمة استعمالية في نفسها، في حين تملك الأشياء الأخرى، وحتى النقدان الذهب والفضة، بل وحتى الفلوس النافقة (التي كانت تقوم مقام النقدين في الأشياء الصغيرة، فكانت قيمتها التبادلية أعلى من قيمتها الاستعمالية) ؛ قيما استعمالية مما يحقق لها نوعا من المثلية، أما هذه الأوراق فهى بطبيعتها قيمية، خصوصا بعد أن تم فصلها تماما عن الغطاء الذهنى، وعادت أموالا عرفية (1) أو من خلال التأكيد على أن مقتضيات العدالة رغم أنها المعتبرة في نظام المعاملات بعد تقرير القرآن الكريم لها بقوله تعالى:{فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279] إلا أن هذه الموارد ترتبط بالجوائح والحوادث الحاصلة للأموال بعد ثبوتها. وأن العدالة إذا كانت تقتضي هنا جبر الخسارة، فإنها تقتضي حفظ النظام وعدم الإخلال به أيضا.
فإذا ركزنا على قيمية النقد اختل النظام العام للديون، وحدثت مضاعفات أخرى لا يمكن جبرها، كما نرى فيما بعد.
(1) لا مجال للحديث عن التطور النقدى وعلاقة الأوراق النقدية بالذهب والفضة، وإنما الذى استقرعليه الوضع الحالى هو انفصال النظم النقدية تماما عن الذهب والفضة وأمثالها، وتحول الأوراق النقدية إلى وضع يشبه السلع التى تخضع لمستوى العرض والطلب، والسلع قيمية بلا ريب.
2-
المثلي والقيمي وضمانهما لدى الفقهاء:
لكي نقف على رأى بعض الفقهاء في الدين نطرح بعض النصوص:
1-
ذكر المرحوم الشيخ ابن زهرة في الغنية:
" وإن كان للدين مثل بإن يكون مكيلا أو موزونا فقضاؤه بمثله لا بقيمته بدليل الإجماع المتكرر؛ ولأنه إذا قضاه بمثله برئت ذمته بيقين، وليس كذلك إذا قضاه بقيمته، إذا كان مما لا مثل له كالثياب والحيوان، وقضاؤه برد قيمته (1) .
وقال أيضا: "من غصب شيئا له مثل - وهو ما تساوت قيمة أجزائه كالحبوب والأدهان وما أشبه ذلك - وجب عليه رده بعينه، فإن تلف فعليه مثله، بدليل قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، ولأن المثل يعرف مشاهدة، والقيمة ترجع إلى الاجتهاد، والمعلوم مقدم على المجتهد فيه، ولأنه إذا أخذ المثل أخذ وفق حقه، وإذا أخذ القيمة ربما زاد ذلك أو نقص، فإن أعوز المثل أُخذت القيمة "(2)
ونلاحظ هنا تركيز المرحوم ابن زهرة على ما يلي:
أ- تعريف المثلي بأنه ما كان مكيلا أوموزونا (في كتاب الدين) ، و (ما تساوت قيمة أجزائه) في كتاب الغصب، والتعريف الثانى أدق، وإن كانا لا يختلفان في النتيجة.
ب- الاستدلال على ضمان دفع المثلى، فيرده إلى الإجماع المتكرر وإلى اليقين بالخروج من العهدة، وأن رد المثلي محسوس، أما القيمة فهي اجتهادية، ويقدم المعلوم المحسوس على الاجتهاد، وأن أخذ المثلي هو أخذ وفق الحق دون القيمي، فقد يزيد وقد ينقص.
فهو إذن هنا يحاول التركيز على مقتضى الحق والعدالة، وهو ما نلاحظه بوضوح في استدلاله في كتاب الغصب بمضمون الآية الشريفة:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]
(1) الغنية المطبوعة في الجوامع الفقهية، ص 537.
(2)
الغنية المطبوعة في الجوامع الفقهية 537
2-
يذكر المحقق الحلي في شرائع الإسلام في بحث القرض ما يلي:
" وكل ما يتساوى أجزاؤه يثبت في الذمة مثله، كالحنطة والشعير والذهب والفضة، وما ليس كذلك يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم، ولو قيل: يثبت مثله أيضا، كان حسنا ".
وفى كتاب القرض يقول:
" فإن تلف المغصوب ضمنه الغاصبة بمثله إن كان مثليا – وهو ما يتساوى قيمة أجزائه – فإن تعذر المثل ضمن قيمته يوم الإقباض لا يوم الإعواز، وإن لم يكن مثليا ضمن قيمته يوم غصبه وهو اختيار الأكثر، والذهب والفضة يضمنان بمثلهما وقال الشيخ (يعنى الشيخ الطوسي) : يضمنان بنقد البلد، كما لو أتلف ما لا مثل له "(1)
ويلاحظ هنا أيضا:
أ – تعريفه للمثلي بأنه ما تساوت قيمة أجزائه.
ب – إن الأقرب إلى الحق والعدل ضمان المثل، فإن تعذر ذلك ضمن القيمة يوم الإقباض، وإن كان قيميا ضمن القيمة يوم الإعواز.
ج – إن الذهب والفضة من المثليات؛ لأنها تتساوى أجزاؤها، فلا فرق بين هذا الجزء وذلك الجزء.
(1) شرائع الإسلام للمحقق الحلي: 2/ 68 ، 3/ 239 – 240، طبعة مطبعة الآداب، النجف، 1289.
3 – يذكر الشهيد الثاني في المسالك أنه:
" إذا تلف المغصوب ضمنه الغاصب لا محالة، ثم لا يخلو إما أن يكون مثليا أو قيميا، فإن كان مثليا ضمنه بمثله؛ لأنه أقرب إلى التالف "(1) ، ويختار بعد هذا تعريف الشهيد الأول في (الدروس) للمثلي، وهو (المتساوي الأجزاء والمنفعة المتقاربة الصفات) .
أما في كتاب القرض فيقول بالنسبة للقيمي:
" الكلام هنا في موضعين: أحدهما أن الواجب في عوض القيمي _ وهو ما يختلف أجزاؤه في القيمة والمنفعة كالحيوان – ما هو؟ أقوال:
أحدهما: وهو المشهور: قيمته مطلقا لعدم تساوي جزئياته واختلاف صفاته، فالقيمه فيه أعدل، وهو قول الأكثر.
وثانيهما: ما مال إليه (المصنف) هنا، ولعله أفتى به، إلا أنه لا قائل به من أصحابنا، وهو ضمانه بالمثل مطلقا؛ لأن المثل أقرب إلى الحقيقة، وقد روي أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة أخرى، وحكم بضمان عائشة إناء حفصة وطعامها لما كسرته، وذهب الطعام بمثلها " (2) .
ونلاحظ هنا أيضا السعي لتحقيق العدالة عند الفتوى معبرا عن ذلك تارة بأنه أقرب إلى التالف، وأن هذا أعدل، أو أنه أقرب إلى الحقيقة كما نجده هنا أضاف في تعريف المثلي تقارب المنافع في الصفات إلى تساوي الأجزاء.
(1) مسالك الإفهام: 2/ 259 الطبعة الحجرية.
(2)
مسالك الإفهام: 1 / 220.
4 – يقول العلامة الحلي:
" ويصح قرض كل ما يضبط وصفه، فإن كان مثليا يثبت ومثله كالذهب والفضة وزنا، والحنطة والشعير كيلا ووزنا، والخبز وزنا وعددا للعرف، وغير المثلي تثبت قيمته وقت القرض لا وقت المطالبة "(1) .
5 – يقول السيد على الطباطبائي صاحب الرياض في الغصب:
" وضمن الغصب مثله إن كان المغصوب مثليا بلا خلاف؛ لأنه أقرب إلى التالف "(2)، ثم يذكر بعض التعاريف للمثلي والقيمي ويعقب عليها بقوله:" ولا يذهب عليك عدم ظهور حجة لهذه التعريفات، عدا العرف واللغة، وهما بعد تسليم دلالتهما على تعيين معنى المثلي المطلق وترجيحهما أحد الآراء لا دلالة لهما، إذ هما فرع تعليق الحكم بلفظ (المثل) في دليل وليس بموجود، عدا قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وفيه نظر لاحتمال كون المراد بالمثل فيه، أصل الاعتداء، لا مثل المعتدى فيه الذى هو ما نحن فيه (فتأمل) هذا مع أنه لم يظهر حجة على أصل اعتبار المثل في المثلي والقيمة في القيمي، عدا الإجماع والاعتبار، وليس فيهما ما يرجح أحد التعريفات "(3) .
ويقول في كتاب القرض فيما إذا اقترض السلعة القيمية فهل عليه إرجاع قيمتها أو مثلها:
" فالقيمة أعدل، وقيل: بل يثبت مثله أيضا؛ لأنه أقرب إلى الحقيقة "(4) .
وهكذا يبدو أنه لا يوجد اتفاق على تعريف واحد للمثلي والقيمي، وأن هذين المصطلحين لم يردا في نص شرعي وما جاء في الآية قد يراد به (المثل) الفقهي، وأن الدليل هو الإجماع والاعتبار العقلي، وهو ينتهي بالتالي إلى اعتبار (الأقربية إلى الواقع والحقيقة والعدل) .
(1) قواعد الأحكام: 1 / 156 مطبعة الرضا، قم، إيران.
(2)
رياض المسائل: 2 / 303، مؤسسة أهل البيت عليهم السلام.
(3)
المصدر السابق نفسه ،
(4)
رياض المسائل: 1 / 577.
6 – أما صاحب الجواهر (الشيخ النجفى) فهو يؤكد ما قاله المحقق الحلي من أن " كل ما تساوى أجزاؤه يجوز قرضه"(1) قائلا: " بلا خلاف، بل النصوص والإجماع بقسميه عليه "(2) .
ويعقب على قول المحقق المذكور: " وما ليس كذلك يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم " بقوله:
" والوجه في ثبوت القيمة، أن القرض قسم من الضمانات.. ولا ريب في أن ضمان القيمي بالتلف وغيره بالقيمة لا المثل، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه هناك، وإن كان يظهر من الشهيد في الدروس أن ميل المصنف هنا إلى أن الضمان بالمثل جائز فيها أيضا، لكن هو وغيره صرح في باب الغصب بأن ضمان القيمي بالقيمة، ولعلها لأنها البدل عن العين عرفًا في الغرامات، باعتبار عدم تساوي جزئيات العين المضمونة واختلاف صفاتها، فالقيمة حينئذ أعدل، خصوصًا في مثل الحيوان. الذي لم يعرف الباطن منه ولا كثير من صفاته، ولكن قال المصنف هنا: ولو قيل: يثبت مثله في الذمة أيضًا كالمثلي، كان حسنًا؛ لأنه أقرب إلى الحقيقة من القيمة "(3) .
وينتهي بالتالي إلى القول:
" لكن الإنصاف عدم خلو القول به من قوة باعتبار معهودية كون قرض الشيء بمثله، بل مبنى القرض على ذلك، بل قد يدعي انصراف إطلاق القرض إليه، وربما يؤيده نصوص (الخبز) الذي يقوي كونه قيميًا، ولذا تجب قيمته في إتلافه بأكل ونحوه، فالاحتياط فيه لا ينبغي تركه "(4) .
وما نجده هنا أيضًا التركيز على عنصر الحق والعدل والقرب من الحقيقة والانصراف المذكور، إنما هو في حالة عدم تغير القيمة تغيرًا فاحشًا.
(1) شرائع الإسلام: 2 / 68.
(2)
جواهر الكلام: 25 / 18 – 22.
(3)
المصدر السابق: 25 / 21.
(4)
جواهر الكلام: 25 / 18 – 22.
3-
التكييف الفقهي للعملة الورقية، وهل هي مثلية أم قيمية؟
شكلت العملة الورقية كما قلنا وضعًا جديدًا غير مألوف لدى الفقهاء، مما أثر في نظرتهم لها، فلا هي سلعة متعارفة تستمد قيمتها التبادلية من منفعتها الاستعمالية ومدى الرغبة الاجتماعية فيها، ولا هي سند معبر عن رصيد ذهبي بحيث يعتبر مالكها مالكًا لذلك الرصيد، فيكون معنى التعامل بها (وهو التعامل بقيمتها ذهبًا في ذمة الجهة المصدرة)(1) .
والحقيقة هي أن الأوراق النقدية هي اليوم (سلع) اعتمادية خاصة لا غير، وإنما قلنا: إنها سلع خاصة، لكي نوضح الفرق بينها وبين السلع القيمية التي لها منافعها الاستعمالية، في حين لا تعتمد هذه الأوراق على منافعها الاستعمالية، وإنما ترتكز على منافعها التبادلية، وتستمد هذه القدرة من خلال القدرة الاقتصادية للدول التي تصدرها وتتعهد بقيمتها دون أن تربط هذه القيمة بأي غطاء.
وهذه السلع الخاصة تعتمد في قيمتها التبادلية على قوانين العرض والطلب، والتي تعتمد بدورها على القدرة الاقتصادية للدول المصدرة، وعلى مدى رغبة هذه الدول في الاحتفاظ بالقيمة والقدرة التبادلية لهذه الأوراق، وكذلك على مدى رغبة الدول الأخرى في التعامل مع هذه الدولة، فكلها عوامل مؤثرة في هذه القوانين.
وبتعبير آخر: فإن الأشياء سوف تكون على أربعة أقسام:
فهناك أشياء يلحظ فيها الجانب الاستعمالي قبل الجانب التبادلي كالسلع العادية. وهناك ما يلحظ فيه الجانبان معًا كالذهب المسكوك، وهناك ما يلحظ فيه الجانب التبادلي أكثر من الجانب الاستعمالي كالفلوس أو حتى الذهب الذي تتجاوز قيمته التبادلية قيمته الاستعمالية. وهناك ما يلحظ فيه الجانب التبادلي لا غير وهو الأوراق النقدية، وهذا يعني أن المالية هي كل قوام هذه الأوراق.
فإذا كانت الأفراد الأخرى لهذه الأوراق بما فيها الأوراق الأخرى في طول الزمان تقوم مقامها، كانت مثلية، أما إذا كانت تختلف عنها عرضًا، كما في الدنانير الأردنية مثلًا في قبال الدنانير العراقية، أو طولًا كما في الأوراق التي يختلف سعرها في الظروف الزمانية الأخرى. فلا يمكننا اعتبار المثلية هنا لأننا قلنا إن المثلية تقوم بتماثل الآحاد والأجزاء من الأموال، بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق معتد به عرفًا.
وعلى هذا يمكننا القول: إن الأوراق يمكن أن تكون قيمية باعتبار وحدات القيمة واختلافها، وهي في الواقع قيمية قبل أن تكون مثلية؛ لأن اعتبارها بماليتها.
(1) البنك اللاربوي للشهيد الصدر، ص 150.
وهذا المرحوم الأصفهاني (1) عندما يتعرض للمسألة المعروفة حول كيفية الضمان في عهدة من غصب ثلجًا في الصيف وأراد الوفاء في الشتاء، يؤكد وجوب رد المثل، إنما يكون على التضمين والتغريم فلابد من رعاية حيثية المالية؛ إذ المال التالف لا يتدارك إلا بالمال، وأضاف: ومنه يتبين الفرق بين سقوط العين عن المالية وسقوط المثل عنها، ورد العين إنما يكون بلحاظ مالكيتها لا بلحاظ ماليتها، لكن التضمين والتغريم إنما هو بلحاظ المالية، فيجب حفظها كما سيأتي.
فالضمان المفروض على الغاصب إنما هو بلحاظ الأثر المالي، وهذا الأثر يختلف في الصيف عنه في الشتاء، بخلاف مسألة الملكية نفسها، وهي علاقة وضعية لا تختلف، وعندما نحاول معرفة الأشياء المثلية نجد أن تعاريف المثلية تختلف خصوصًا وأن المثلية لم ترد في نص شرعي.
فالمقدس الأردبيلي يؤكد أن الأمر يحال إلى العرف، وهو كل ما يقال: إن لهذا عرفًا يؤخذ به. فإن تعذر أو لم يكن أصلًا فالقيمة. بل ينبغي ملاحظة مثل المتلف، فلا يجزئ مطلق الحنطة عن الصنف الخاص المتلف، بل لا فرق بينها وبين الثوب، بل والفرس وغيرهما إذا كان لهما أمثال عرفية.
(1) المسائل المستحدثة للروحاني، ص 38.
ويعترض صاحب الجواهر على هذا بأنه مخالف للإجماع، ويفسره بأنه لا يراد به المثل العرفي، بل هو شيء فوق ذلك وهو المماثلة في غالب ماله مدخلية في مالية الشيء، ويضيف:" وهذا لا يمكن إلا في الأشياء المتساوية المتقاربة في الصفات والمنافع والمعلوم ظاهرها وباطنها ". وبعد أن ينقل التعاريف الأخرى يقول: " وبالجملة فالمراد من التعاريف واحد، وهو التساوي الذاتي في غالب ماله مدخلية في الرغبة والقيمة "(1) .
ويضيف: " على أنه يمكن أن يقال بل قيل: إن الظاهر من الآية (2) رخصة المالك بأخذ المثل بالمماثلة العامة؛ إرفاقًا بالمالك، فلا يجوز للغاصب التجاوز عنه مع تقاضيه ذلك، لا أنه لا يجوز للمالك مطالبة الغاصب بالقيمة، فإن الظاهر أن التالف في حكم المثمن، والعوض في حكم الثمن، والتخيير بيد البائع في التعيين، فيجوز للمالك مطالبته بالقيمة ولا يرضى إلا بذلك في عوض ماله، ولا يمكن التمسك بأصالة براءة الغاصب عن لزوم القيمة لاستصحاب شغل الذمة الموقوف براءتها بأداء حق المالك وإرضائه لكونه مطلوبًا.
بل ربما يقال: " إن النقدين هما الأصل في الأعواض في الغرامات وغيرها، كما يشعر به بعض النصوص التي تقدمت في كتاب الزكاة (2) (3) "(4) .
وهكذا يتأكد ما قلناه من أن حقيقة الأوراق النقدية في وضعها الحالي قيمية (عند اختلاف القيم) بلا ريب ليس من الممكن قياسها إلى النقدين، باعتبار عدم تغيير السعر إلا بشكل متفاوت متسامح به عرفًا، كما لا تقاس حتى إلى (الفلوس النافقة)(كما فعل البعض)(5) لوجود قيم ذاتية ضئيلة وللتسامح العرفي فيها باعتبار أنها كانت تستعمل في الأشياء الحقيرة، وعدم تصور الكبير فيها، اللهم إلا إذا كان التغيير في سعر الأوراق المالية أيضًا طفيفا متسامحًا به عرفًا.
وعلى هذا يمكن القول بأن رد القيمة له محله الخاص من الاعتبار.
ولا معنى للاستناد للإجماع في رد المثل؛ لأنه غير متحقق أولًا، ولأنه إجماع مدركي حتى لو تحققنا منه، ولا قيمة للإجماع المدركي لدى الإمامية.
(1) جواهر الكلام: 37 / 91.
(2)
قوله تعالى في سورة البقرة، الآية 194:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} .
(3)
يرى المعلق بأنه ربما أراد قوله عليه السلام في موثق إسحاق بن إبراهيم: لأن عين المال الدراهم، وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات.
(4)
جواهر الكلام: 37 / 93.
(5)
راجع مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد (3) ، الجزء (3) ، ص 1697 المتضمن لرأي الشيخ العثماني.
4-
تقريبات القائلين برد المثل:
الأول: أن ذمة المدين مشغولة بما اشتغلت به من العملة، وهو مثل ما إذا اشتغلت ذمته بالمتاع والعروض. وكما لا ريب في عدم اشتغال الذمة بأزيد من المقدار الذي كانت العروض مشغولة به، وأنها لا تتغير لمجرد رخص القيمة وقلتها، فكذلك هنا.
وهذا أهم إشكال متصور في البين، فإذا غصب عينًا مثلًا، فإن عليه إرجاع العين حتى لو انخفض سعرها، فكذلك النقد بلا فرق في ذلك.
ولكن رأينا من قبل أن الفقهاء لا يتفقون على مجرد إعادة العين إذا كان هنا كفارق معتد به في القيمة لاختلاف الزمان والمكان، باعتبار أن المنظور إليه هو القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية وهما مختلفان، على أننا ذكرنا أن هناك فرقًا كبيرًا بين النقد والمتاع، باعتبار أن مصب النقد على قيمته المالية، ويتجلى هذا بشكل واضح جدًا في الأوراق النقدية التي لا تحمل أية منافع استعمالية.
فلا معنى لقياس الأوراق النقدية بالأمتعة.
ولا ينبغي أن يقاس نقص قيمة الأمتعة على زيادتها، فإن هناك أمورًا أخرى تلحظ في البين من قبيل التمسك بقاعدة الثبات في الملكية بالنسبة للغاصب، باعتبار بقاء العين نفسها على ملك مالكها الأول ولو كانت باقية، وبعد تلفها فإنه ملزم بأشد الحالات (وهي قاعدة مقبولة لدى أغلب الفقهاء)(1) .
نعم يمكننا أن نلتزم بأخذ الزيادة بعين الاعتبار بالنسبة للنقود الورقية.
(1) راجع السرائر لابن إدريس، ص 276؛ مفتاح الكرامة: 6 / 235 وقد رفضها البعض كالسيد الخوئي (راجع مصباح الفقاهة: 3 / 163) .
الثاني: هناك بعض الروايات التي تلغي الفارق في السعر من قبيل:
أ- رواية العباس بن صفوان (في رجل استقرض دراهم من رجل، وسقطت تلك الدراهم أو تغيرت، ولا يباع بها شيء، لصاحب الدراهم الدراهم الأولى؟ أو الجائزة التي تجوز بين الناس؟ فقال عليه السلام: ((لصاحب الدراهمِ الدراهمُ الأولى)) (1) .
ب- رواية يونس: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع) أنه كان لي على رجل عشرة دراهم، وأن السلطان أسقط تلك الدراهم، وجاءت دراهم أغلى من تلك الدراهم الأولى، ولها اليوم وضيعة، فأي شيء عليه؟ الأولى التي أسقطها السلطان، أو الدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب: لك الدراهم الأولى) (2) ولكن جاءت رواية صحيحة عن يونس نفسه يقول فيها:
" كتبت إلى الرضا عليه السلام أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم، وكان تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام، وليست تنفق اليوم، فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها، أو ما ينفق بين الناس؟ قال: فكتب إليّ: لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس "(3) .
ويبدو أن الكليني والصدوق والطوسي حلوا هذا التعارض الظاهري بالقول بأنه متى كان له عليه دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد، ومتى كان له عليه دراهم بوزن معلوم بغير نقد معروف، فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس (4) .
أما المرحوم محمد تقي المجلسي والد العلامة المجلسي صاحب البحار، في شرحه على (من لا يحضره الفقيه) فهو بعد نقله خبر صفوان، ثم خبر الصفار، ونقله وجه جمع الشيوخ الثلاثة فيقول:
" ما ذكره المصنف ممكن، ويمكن أن يكون الخبران الأولان في القرض كما هو مصرح في خبر صفوان، وهذا الخبر من ثمن المبيع مثلًا؛ لأن الزيادة والنقصان حرام في القرض، فيمكن أن تكون الدراهم الجائزة أقل وزنًا كما هو المتعارف الآن، فلو أعطاه تلك الدراهم لزم الربا بخلاف الثمن، فإنه منصرف إلى الجائز بين الناس "(5) .
(1) وسائل الشيعة: 12 / 488.
(2)
المصدر السابق نفسه.
(3)
وسائل الشيعة: 12 / 488.
(4)
المصدر السابق نفسه.
(5)
روضة المتقين: 6 / 548.
وسواء صح هذا الجمع بين الصنفين من الروايات أم لا فإن الملاحظ أن الفارق في السعر يبدو طفيفًا، وقد جاء التعبير عنه بكلمة (الوضيعة) وهو غير مرودنا؛ إذ لعله لوجود التسامح العرفي في البين، ثم إن الرواية المعللة تنسجم أكثر مع ما قلناه من التركيز في النقد على العنصر التبادلي.
وعلى أي حال فلا يقاس موردنا (الأوراق المالية) الذي لا نظر فيه إلا إلى الجانب التبادلي على هذه الموارد.
هذا وما يذكر استطرادًا أن صاحب الجواهر ذكر بعدما أيد استحقاقه للدراهم الأولى، خلافًا لرأي الصدوق في المقنع، إذ أوجب التي تجوز بين الناس: أنه من الممكن حمله على مهر الزوجة أو ثمن المبيع، ولكنه رده بأن حكمهما حكم القرض، ثم طرح إمكان ثبوت الخيار في المعاملة بها مع عدم العلم؛ لأنه كالعيب بالنسبة إلى ذلك (1) .
هذا وهناك روايات تنفعنا في البين من قبيل:
أ- مكاتبة محمد بن الحسن إلى أبي محمد عليه السلام، رجل استأجر أجيرًا يعمل له أوغيره، وجعل يعطيه طعامًا وقطنًا وغير ذلك، ثم تغير الطعام والقطن عن سعره الذي كان أعطاه إلى نقصان أو زيادة، أيحتسب له بسعر يوم أعطاه أو بسعر يوم حسابه؟ فوقّع عليه السلام: يحتسب له بسعر يوم شارطه فيه إن شاء الله " (2) .
ب- في رجل كان له على رجل مال، فلما حل عليه المال أعطاه به طعامًا أو قطنًا أو زعفرانًا ولم يقاطعه على السعر، فلما كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الطعام والزعفران والقطن أو نقص، بأي السعرين يحسبه؟ قال: لصاحب الدين سعر يومه الذي أعطاه وحل ماله عليه، أو السعر الذي بعد شهرين أو ثلاثة يوم حسابه؟ فوقّع (ع) : ليس له إلا على حسب سعر وقت ما دفع إليه الطعام إن شاء الله (3) .
والملاحظ أن أمثال هذه الروايات تؤكد على القيمة والسعر الذي تحمله السلع يوم إيصالها إلى الآخرين، حتى ولو لم يتم نقلها بعد إليهم باعتبارها أجرة عمل أو وفاء لدين، فالملحوظ هو قيمة يوم الدفع.
وهناك مجال للمناقشة في مثل هذا التأييد.
(1) جواهر الكلام: 25 / 166.
(2)
وسائل الشيعة: 12 / 402.
(3)
وسائل الشيعة: 12 / 402.
الثالث – ما رواه الخمسة عن ابن عمر قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا رجل أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير وأخذ الدراهم، وأبيع الدراهم وأخذ الدنانير، فقال: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) .
فابن عمر كان يبيع الإبل بالدنانير أو بالدراهم وقد يقبض الثمن في الحال، وقد يبيع بيعًا آجلًا وعند قبض الثمن ربما لا يجد مع المشتري بالدنانير إلا دراهم، وقد يجد من اشترى بدراهم وليس معه إلا دنانير، أفيأخذ قيمة الثمن يوم ثبوت الدين؟ أم يوم الأداء؟ فبيّن صلى الله عليه وسلم أن العبرة بسعر الصرف هو يوم الأداء، واعتبره الدكتور السالوس أصلًا في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته.
والظاهر أنه لا دليل فيه على ما نحن فيه، ويكفينا الفرق الكبير بين النقدين والأوراق، على أن الفارق الكبير غير متصور هنا، والباقي متسامح به عرفًا لتحقيق الاستقرار السوقي. ثم إن احتمال الصلح هنا كبير، وهناك مجال كثير للحديث حول هذا الموضوع وهذه الرواية.
الرابع – الاستدلال بالإجماع، وقد رأينا أن لا إجماع في البين ثم إنه إجماع له مدركه ودليليته، ولا حجة فيه لدى الإمامية.
الخامس – القول بأن القبول بهذا يعني دخول الجهالة المفضية إلى النزاع والخلاف.
إلا أن هذا لو تم فهو يتم أيضًا في القيميات التالفة، ومع ذلك يلتزم الجميع بدفع القيمة ولا نزاع بعد الرجوع إلى العرف، بل بعد الرجوع إلى المقاييس الدقيقة اليوم.
السادس – أن الذين دعوا إلى رد القرض بقيمته نظروًا إلى الانخفاض فقط، ولو أخذ بالقيمة لوجب النظر إلى الزيادة والنقصان معًا.
والحقيقة هي أننا نستطيع أن نلتزم بالاثنين معًا على ضوء القدرة الشرائية لكل منهما بملاحظة العدل العام ولا مانع في ذلك، إذا كان التغيير فاحشًا.
السابع – قيل: إن التضخم من مساوئ النظام النقدي المعاصر، فهل المقترض هو الذي يتحمل هذه المساوئ؟ ولماذا لا نبحث عن نظام نقدي إسلامي نقدمه للعالم؟
ومثل هذا لا يمكن أن يعد اعتراضًا وجيهًا بعد التسليم بالأدلة المذكورة، نعم علينا أن نقدم البديل الإسلامي للعالم للتخلص من مثل هذه المساوئ.
الثامن – وقيل: إن القرض عقد إرفاق له ثوابه وجزاؤه من الله عز وجل، وقد ينتهي بالتصدق {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 280] ، فكيف اتجهت الأنظار إلى المقترض بالذات ليتحمل فروق التضخم.
والحقيقة هي أن الآيات التي منعت من الربا في القرض أو المعاوضة قررت مبدأ العدالة {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279] ، والمدعي لهذا الرأي يركز على اقتضاء العدالة لذلك على أن الدليل أضيق من المدعي؛ لأنه يختص بعقد القرض فقط، والمدعي يشمل كل مبلغ مؤجل.
التاسع – أن تغيير قيمة النقود لا يظهر في القروض والديون فقط، وإنما يظهر أيضًا في عقود أخرى، فمؤجر العقار مثلًا في معظم البلاد الإسلامية ليس من حقه إنهاء واسترداد ما يملك إلا بموافقة المستأجر، ولهذا يمتد العقد عشرات السنين، وقد تصبح قيمة الإيجار لا تزيد عن واحد واثنين في المائة من قيمة النقود عند بدء العقد.
ونحن لم نستطع أن نتعرف على وجه الاستدلال هنا، وهل نستطيع أن نحاكم الإسلام على ضوء قوانين وضعية؟ فإذا ما افترضنا أن الإلزام جاء من حكومة إسلامية كان من الطبيعي أن يلاحظ الحكم الشرعي مقتضيات العدالة الإسلامية، فيفترض شروطًا للتخلص من عوارض التضخم.
العاشر – علينا أن نعمم هذا المعنى لمجمل الحياة، فالموظف الذي يبقى راتبه ثابتًا لا يستطيع أن يفي بمقتضيات الزيادة العددية التي تعوض نقص القيمة، ما لم نعمل على تعويضه شخصيًا عما أصابه.
وهذا أمر طبيعي يجب الالتفات إليه، أنه لا يمكن أن يؤثر في نتائجنا (1) .
الحادي عشر - وقيل:إن المالية الاعتبارية للأوراق النقدية منتزعة من اعتبار من بيده الاعتبار، وهي مالية غير مضمونة، وبتعبير آخر فإن العين بما لها من الخصوصيات تكون في العهدة إلى حين الأداء، وهي في القرض حين الأداء لا قيمة لها، فلا وجه لتدارك القيمة، قيمة يوم الأخذ والفائت، إنما هو اعتبار المعتبر لا شيء من المأخوذ (2) .
وهذا الأمر غريب حقًا؛ وذلك أن حقيقة الأوراق النقدية ليست سوى الاعتبار المعطي من قبل المصدر، فإذا جردناها منه فلا قيمة لها ولا خصوصيات.
(1) راجع لمعرفة تفاصيل أمثال هذه الاعتراضات مقال الأستاذ الدكتور السالوس في مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثالثة، ص 1809 – 1815.
(2)
المسائل المستحدثة للروحاني، ص 36.
5-
الرأي النهائي في المسألة:
يتبين لنا مما سبق:
1-
أننا نميل إلى اعتبار الأوراق النقدية من القيميات، إلا إذا اتفقت وحداتها وأفرادها على قيمة واحدة.
2-
أن السيرة العرفية المقبولة شرعًا ترجح استقرار النظام التعاملي على الاختلاف اليسير في السعر، فهي تلغيه عرفًا.
3-
أن الاحتياط يقتضي المصالحة في ما إذا كان الفرق كبيرًا، وهو سبيل حسن في حالات الاقتراض والمهور والديون.
4-
أما في حالات الغصب فيلزم الغاصب بأشد الحالات (وفق القاعدة المقبولة من قبل أغلب الفقهاء) .
5-
للدولة الإسلامية أن تفرض سبيل الاحتياط في مختلف الحالات بعد أن كان صدر الأدلة يتسع لذلك (وقد رأينا المرحوم صاحب الجواهر يسلك هذا السبيل، فيلزم بالاحتياط في بعض الصور)(1) .
والله أعلم
محمد علي التسخيري
(1) جواهر الكلام: 25 / 21.