الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطاقة الائتمان
إعداد
البروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير
أستاذ الشريعة الإسلامية- جامعة الخرطوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فهذا بحث عن:
بطاقات الائتمان
أقدمه لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمدينة الرياض (المملكة العربية السعودية) في شهر (جمادى الآخرة 1421هـ - سبتمبر 2000م) ، والله أسأل أن يوفقني إلى الصواب وأن يجنبني مواطن الزلل.
1-
وصف بطاقة الائتمان، وأهميتها في المعاملات المالية:
أ -تعريف بطاقة الائتمان:
وردت تعريفات كثيرة لبطاقة الائتمان، تبين حقيقة هذه البطاقة، أكتفي بذكر تعريفين منها:
التعريف الأول:
أورده الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان نقلا عن معجم المصطلحات التجارية للدكتور أحمد زكي بدوي، وقال إنه هو التعريف الاقتصادي، وهذا هو التعريف:
بطاقة الائتمان هي بطاقة خاصة يصدرها المصرف لعميله، تمكنه من الحصول على السلع والخدمات من محلات وأماكن معينة، عند تقديمه لهذه البطاقة، ويقوم بائع السلع والخدمات بالتالي بتقديم الفاتورة الموقعة من العميل إلى المصرف، مصدر الائتمان، فيسدد قيمتها له، ويقدم المصرف للعميل كشفا شهريا بإجمالي القيمة لتسديدها، أو لخصمها من حسابه الجاري طرفه (1) .
(1) بطاقات المعاملات المالية (14) بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة؛ وانظر أيضا تعريف الدكتور عبد الوهاب لبطاقات المعاملات في صفحة 19، 136؛ وانظر أيضا تعريف الدكتور عبد الستار الخويلدي في بحثه: بطاقات الدفع والائتمان في فقه القضاء المقارن (6) .
التعريف الثاني:
هو تعريف مجمع الفقه الإسلامي وهو:
بطاقات الائتمان هي مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري بناء على عقد بينهما، يمكنه من شراء السلع أو الخدمات ممن يعتمد المستند، دون دفع الثمن حالا، لتضمنه التزام المصدر بالدفع.
ومن أنواع هذا المستند ما يمكن من سحب نقود من المصارف.
ولبطاقات الائتمان صور:
منها ما يكون السحب أو الدفع بموجبها من حساب حاملها في المصرف، وليس من حساب المصدر، وتكون بذلك مغطاة، ومنها ما يكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، ومنها ما يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع خلال فترة محددة من تاريخ المطالبة، ومنها ما لا يفرض فوائد، وأكثرها يفرض رسما سنويا على حاملها، ومنها ما لا يفرض فيه المصدر رسما سنويا (1) .
يتبين من هذين التعريفين أن الهدف الأساسي من بطاقة الائتمان هو تمكين حاملها من الحصول على السلع والخدمات من غير دفع الثمن نقدا، لأن مصدر البطاقة (المصرف) هو الذي يدفع الثمن، إما من حساب العميل، أو من حساب مصدر البطاقة، ثم يطالب العميل.
ويضيف تعريف المجمع أوصافا أخرى من أوصاف البطاقة، هي أن من أنواع هذه البطاقة ما يمكن حاملها من سحب نقود من المصارف، ومنها ما يفرض فوائد على رصيد العميل غير المدفوع، وأكثرها يفرض رسما سنويا، وهذا وصف عام لبطاقات الائتمان من التعريف، وسيأتي تفصيله وزيادة.
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السابع، الجزء الأول، ص717.
ب -أهمية بطاقات الائتمان في المعاملات المالية:
يتفق جميع الذين كتبوا في بطاقات الائتمان على أهميتها للأفراد، وفائدتها لجميع المتعاملين بها، ويرون أن إصدار بطاقات الائتمان أصبح من الخدمات المصرفية المهمة، ومن الحاجات الأساسية للأفراد في المجتمعات المتقدمة والنامية، فانتشرت بطاقات الائتمان انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة حتى وصل عدد البطاقات على مستوى العالم (800) مليون بطاقة. وتحقق بطاقات الائتمان منافع لكل الأطرف المشاركة فيها (1) . والتعامل بالبطاقة له آثار على المجتمع، وعلى الاقتصاد الوطني، بعضها إيجابي وبعضها سلبي (2) .
2-
أنواع بطاقات الائتمان:
1-
كردت كارد Credit Card.
2-
الشارج كارد Charge Card.
3-
الدبت كارد Debit Card.
هذه تسمية البطاقات باللغة الإنجليزية، وفيما يلي تعريف بكل نوع منها حسب هذا الترتيب:
2/1- كردت كارد:
يختلف الذين بحثوا بطاقات الائتمان في ترجمة العبارة الإنجليزية لاسم البطاقات، ولهذا سأستعمل العبارة الإنجليزية لكل البطاقات.
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، المجلد الأول: بحث الدكتور القري، ص375- 381؛ وبحث الدكتور عبد الستار، ص359؛ وبطاقات المعاملات المالية الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، ص50- 52.
(2)
ينظر بحث الدكتور القري في مجلة الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص387، 388؛ وبطاقات المعاملات المالية، ص5.
يتفق جميع الذين كتبوا في هذا النوع من البطاقات على أنه يحتوي على فائدة (ربا) معروفة لدى الطرفين: البنك المصدر للبطاقة، وحامل البطاقة، فهي في حقيقتها- كما يقول الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان-: علاقة بين مقرض -البنك المصدر- ومقترض- حامل البطاقة- الذي يلتزم بدفع الفائدة التي يحددها البنك المصدر للبطاقة.
وهذا النوع من البطاقات لا خلاف في عدم جواز إصداره والاشتراك فيه شرعا، وسأتحدث في آخر البحث عن البديل لهذا النوع من البطاقات إن شاء الله.
2/2- الشارج كارد:
اختلف الباحثون في بيان حقيقة هذه البطاقة وسأثبت هنا ما اتفقوا عليه:
الشارج كارد: هي بطاقة تمكن حاملها من استخدامها في عمليات الشراء المختلفة وتلقي الخدمات، والسحب النقدي، والأصل في هذه البطاقة أن يدفع العميل ما عليه من مستحقات في آخر كل شهر عندما يرسل إليه البنك مصدر البطاقة الحساب، أي أن العميل يجب أن يكون له رصيد عند إرسال كشف الحساب، ولا يلزم أن يكون الرصيد موجودا عند استعمال البطاقة، لأن العميل يحصل عند كل استخدام للبطاقة على قرض بقيمة مشترياته بدون فائدة، لكن إذا لم يسدد العميل ما عليه في الموعد المحدد يأخذ البنك فوائد على التأخير في السداد، وبعض البنوك الإسلامية لا تأخذ فوائد، وتكتفي بسحب البطاقة وإلغاء العضوية. وتوجد فروق بين الشارج كارد والكردت كارد، أهمها أن الكردت كارد يقدم البنك فيها قرضا حقيقيا بفائدة، ولحامل البطاقة حق الاختيار في طريقة الدفع، أما في الشارج كارد فإن العميل مطالب بدفع المبلغ كاملا في نهاية الشهر من غير فائدة (1) .
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص380، 349/450 والحلقة الفقهية السادسة لبنك البركة (9) ، وبطاقات المعاملات المالية، ص45، 46.
2/3- الدبت كارد:
يشترط لإصدار هذه البطاقة أن يكون العميل له حساب في البنك فيه رصيد يستطيع البنك مصدر البطاقة أن يخصم منه ما يحصل عليه حامل البطاقة عند استعمالها، والبنك لا يقدم قرضا لحامل هذه البطاقة، ولا يسمح له باستعمال البطاقة إلا في حدود رصيده بالبنك، ولهذه البطاقة نفس الاستخدامات للشارج كارد والكردت كارد في الحصول على السلع والخدمات والنقد، ولكن الغالب استخدامها للسحب النقدي (1) .
3-
أطراف بطاقة الاعتماد:
3 /1- مصدر البطاقة.
3 /2- حامل البطاقة.
3 /3- التاجر الذي يقبل البطاقة.
3 /4- المنظمة الراعية لهذه البطاقة.
3 /5- البنوك الأخرى.
هذه هي أطراف بطاقة الائتمان، وفيما يلي وصف لدور كل طرف منها.
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص379- 448؛ والحلقة الفقهية السادسة لدلة البركة (8، 9) ؛ وبطاقة المعاملات المالية، ص49- 52.
3/1- مصدرالبطاقة:
مصدر البطاقة هو المؤسسة أو البنك الذي يصدر البطاقة لعميله بناء على ترخيص معتمد من المنظمة العالمية بصفته عضوا فيها، وهو الذي يسدد وكالة عن حامل البطاقة قيمة المشتريات للتاجر (1) .
3/2- حامل البطاقة:
هو الشخص الذي صدرت البطاقة باسمه، أو خول باستخدامها، والتزم لمصدر البطاقة بالوفاء بكل ما ينشأ عن استعماله البطاقة، فحامل البطاقة قد يكون هو الشخص الذي صدرت البطاقة باسمه، وقد يكون هو الشخص الذي يستخدم البطاقة بناء على تفويض صاحبها (2) .
3/3- التاجر الذي يقبل البطاقة:
التاجر هو الذي يتعاقد مع مصدر البطاقة على تقديم السلع والخدمات الموجودة عنده عندما يطلبها حامل البطاقة من البنك الذي تم الاتفاق معه (3) .
(1) بحث مقدم من مجموعة دلة البركة في الحلقة الفقهية السادسة، ص3؛ وبحث مقدم من البنك الإسلامي الأردني في الحلقة الفقهية السادسة لدلة البركة، ص10؛ وبطاقات المعاملات المالية، ص20.
(2)
بطاقات المعاملات المالية، ص20، 22.
(3)
بطاقات المعاملات المالية، ص20، 22.
3/4- المنظمات الراعية للبطاقة:
توجد منظمات عديدة ترعى البطاقات أشهرها:
1-
منظمة الفيزا Visa Card.
2-
الأمريكان إكسبريس (1) AMERECAN EXPRESS.
منظمة الفيزا (2) :
منظمة الفيزا هي عبارة عن ناد يضم جميع البنوك والمؤسسات المالية الأعضاء التي تلتزم بالأنظمة واللوائح المعمول بها في المنظمة مع عدم التعارض الداخلي مع النظام للعضو المشترك في هذه الأنظمة، وهذه المنظمة لا تهدف إلى الربح وإنما تقدم خدماتها للمشتركين من الأعضاء بسعر التكلفة، ومن هذه الخدمات المقاصة، والتسويات، وخدمة التفويض
…
وتتقاضى إدارة المنظمة من ممثلي البنوك الأعضاء، ومنظمة الفيزا لا تصدر البطاقات، وإنما تصدر البطاقات البنوك، وتخضع البطاقة للأنظمة التي يضعها البنك المصدر لها، دون التدخل من منظمة الفيزا، يمكن أن تكون البطاقة المصدرة بطاقة خصم فوري Debit Card أو بطاقة خصم شهري Charge Card أو بطاقة ائتمان Credit Card حسب سياسة البنك وتمنح منظمة الفيزا تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من البطاقات هي:
1-
بطاقة الفيزا الفضية.
2-
بطاقة الفيزا الذهبية.
3-
بطاقة فيزا إلكترون (3) .
3/5 البنوك الأخرى:
بنك التاجر هو البنك الذي يتسلم مستندات البيع من التاجر، ويقوم بمتابعة تسديد البنوك الأعضاء للديون المترتبة على استخدام بطاقتها مقابل رسوم يأخذها من التاجر، وبنك التاجر هذا تحدده منظمة الفيزا (4) .
(1) مركز تطوير الخدمة المصرفية بيت التمويل الكويتي (447) ؛ وبطاقات المعاملات المالية، ص55.
(2)
اقتصرت في بحثي على وصف لدور منظمة الفيزا، لأنها الأكثر استعمالا في المؤسسات المالية الإسلامية، وهي أكثر البطاقات انتشارا في العالم، الدكتور القري، مجلة مجمع الفقه الإسلامي:(7/377) .
(3)
المصدر السابق، ص453، 470؛ وبطاقات المعاملات المالية، ص55- 58.
(4)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص453.
4-
العلاقات التعاقدية بين أطراف البطاقة الائتمانية في ظل القوانين المنظمة لها:
4 /1- العلاقة بين مصدرها وحاملها.
4 /2- العلاقة بين مصدرها والتاجر.
4 /3- العلاقة بين حاملها والتاجر.
4 /4- العلاقة بين المصدر والمنظمة الراعية.
البحوث التي تعرضت للعلاقة التعاقدية بين أطراف البطاقة لم تفصل بين العلاقة القانونية والعلاقة الفقهية، وكل البحوث التي اطلعت عليها تحدثت عن العلاقة الفقهية فقط ما عدا بحثين تحدثا عن العلاقة القانونية حديثا مستقلا، هما بحث الدكتور عبد الستار الخويلدي (بطاقات الدفع والائتمان في فقه القضاء المقارن)، وبحث الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان:(بطاقات المعاملات المالية) ، فقد خصص القسم الأول منه للدراسة القانونية لبطاقات المعاملات المالية (18- 85) ، وقد اعتمدت على هذين البحثين في بيان العلاقات التعاقدية في القانون.
يقول الدكتور عبد الوهاب:
بطاقات المعاملات المالية بقسميها: الإقراضية، وبطاقة السحب المباشر من الرصيد يرتبط أطرافها بعضهم ببعض بعلاقات ومسؤوليات ثنائية حينا، وثلاثية حينا آخر.
العلاقات والمسؤوليات الثنائية تظهر في الآتي:
العلاقة بين مصدر البطاقة وحامل البطاقة.
العلاقة بين مصدر البطاقة والتاجر.
العلاقة بين حامل البطاقة والتاجر (1) .
ويقول:
هذه العلاقات بين كل طرف وآخر مستقلة في تكييفها متميزة في مسؤوليتها، كما تكون العلاقة ثلاثية بين الأطراف الثلاثة الرئيسيين: مصدر البطاقة، وحامل البطاقة، والتاجر جميعا في عقد واحد بعلاقات ومسؤوليات مختلفة.
وبطاقات المعاملات المالية الإقراضية وغير الإقراضية تتطلب في الغالب هذه الأطراف الثلاثة بحيث يتم العقد كالآتي:
عقد بين مصدر البطاقة وحامل البطاقة (العميل) .
عقد بين مصدر البطاقة والتاجر.
يظل هذان العقدان معلقين حتى يبدأ حامل البطاقة الشراء من التاجر.
الشراء بالبطاقة هو العقد الثالث.
فهذه ثلاثة عقود منفصلة ليست عقدا واحدا في القانون الإنجليزي، يقول مستر ملت (J.L.Millet) : تنشأ ثلاثة عقود منفصلة لدى استعمال البطاقة تظهر في ساحة العمل.
الأول: عقد البيع بين التاجر وحامل البطاقة.
الثاني: عقد بين التاجر والشركة المصدرة للبطاقة التي توفي بالتزامها نحو ما تستوجبه البطاقة من تسديد للمبالغ المستحقة للتاجر الممثلة في السندات الموقعة من حامل البطاقة.
الثالث: عقد بين الشركة المصدرة للبطاقة وحاملها (العميل) ، فهذه ثلاثة عقود منفصلة من ثلاثة أطراف منفصلين كل واحد منهم طرف في عقدين من العقود الثلاثة
…
ويقول الدكتور عبد الوهاب: إن القانون الأمريكي يعده عقدا مكونا من ثلاثة أطراف (2) .
(1) لم يذكر العلاقة بين المصدر والمنظمة.
(2)
بطاقات المعاملات المالية، ص62- 64.
علاقة مصدر البطاقة (المقرض) بحامل البطاقة (المقترض) ومسؤولياته:
يقول الدكتور عبد الوهاب:
العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها علاقة بين مقرض ومقترض، تقتضي هذه العلاقة بين هذين الطرفين أن مصدر البطاقة لا يكون مسؤولا ولا ضامنا للبضاعة المعيبة التي يشتريها حامل البطاقة من التاجر، ولا يكون مطالبا بحال من الأحوال من قبل المقترض بإعادة القيمة إليه.
غير أن المادة (75) من قانون القرض الاستهلاكي أكدت مسؤولية مصدر البطاقة عن أي نقص أو مخالفة تحدث من قبل التاجر، ذلك أنه توجد علاقة تجارية قوية بين مصدر البطاقة والتاجر الذي قبل البيع ببطاقة الإقراض
…
فإذا اشترى حامل البطاقة بضاعة لم يرتح لنوعيتها أو مستوى جودتها فإن له الحق في إقامة الدعوى على المقرض مصدر البطاقة وعليهما معا (1) .
ويقول الدكتور عبد الستار الخويلدي:
التكييف السائد لهذه العلاقة – علاقة صاحب البطاقة بالبنك - هو عقد الوكالة حيث يكون البنك فيه وكيلا لصاحب البطاقة، ويكون صاحب البطاقة الآمر بالدفع موكلا، والتاجر مستفيدا.
وهذه الوكالة من صاحب البطاقة إلى البنك بالدفع غير قابلة للمراجعة والإلغاء، فلا تمنع وفاة صاحب البطاقة البنك من السداد للتاجر، وكيف بعضهم العلاقة بالحوالة، وتتمثل الصورة في أن حامل البطاقة (العميل) يدعو مصدر البطاقة وهو البنك (المحال عليه) لخلاص التاجر المستفيد (المحال عليه)(2) .
ويقول الدكتور عبد الوهاب:
لمصدر البطاقة الحق في إنهاء العقد في أي وقت شاء، وحق ملكية البطاقة، وإعادتها في أي وقت يريد (3) .
ويقول الدكتور الخويلدي:
إن البطاقة تعتبر ملكا للبنك المصدر الذي له الحق في سحبها في كل وقت بدون ذكر الأسباب (4) .
(1) بطاقات المعاملات المالية ص65.
(2)
بطاقات الدفع والائتمان في فقه القضاء المقارن، ص9، 11.
(3)
بطاقة المعاملات المالية، ص66.
(4)
بطاقة المعاملات المالية، وبطاقات الدفع والائتمان، ص13.
وقد قرر القضاء أن صاحب البطاقة الذي وقع على الفاتورة لا يمكنه الاعتراض لدى البنك على دفع الثمن مهما كانت المآخذ التي قد تثار ضد التجار، ولكن هذا المبدأ له استثناءات، فقد قررت القوانين المنظمة للبطاقة إمكانية قبول الاعتراض في ثلاث حالات:
1-
السرقة.
2-
حالة الفقدان.
3-
إفلاس التاجر المستفيد.
والاعتراض له كيفية خاصة لا يقبل بدونها، منها أن يكون كتابة (1) .
العلاقة والمسؤوليات بين مصدر البطاقة والتاجر:
إن القانونين الإنجليزي والأمريكي لم يحددا علاقة مصدر البطاقة بالتاجر في عقد البطاقة، وإنما جعلا حرية التعاقد هي التي تحكم قضاياهم بموجب الاتفاق المبرم بينهما، قد يكون التاجر وكيلا لمصدر البطاقة، وقد يكون العكس، يعتمد هذا في المقام الأول على نصوص الاتفاقية بينهما:
إذا أصبحت العلاقة بين التاجر ومصدر البطاقة علاقة وكالة، عين أن حامل البطاقة أصبح وكيلا لمصدر البطاقة فأي معاملة تجارية يتمها التاجر بهذه الصفة مع حامل البطاقة المقترض يصبح العقد مكونا من طرفين هما مصدر البطاقة (المقرض) ، وحامل البطاقة (المقترض) ، كذلك قد يكون مصدر البطاقة وكيلا للتاجر، حينئذ فأي اتفاقية قرض تتم بين مصدر البطاقة بهذه الهيئة، وحامل البطاقة (المقترض) ، تصبح في الحقيقة عقدا بين التاجر وحامل البطاقة (المقترض)(2) .
(1) بطاقة المعاملات المالية، ص11، 12.
(2)
بطاقات المعاملات المالية، ص77، 78.
ويقول الدكتور عبد الستار الخويلدي:
يبدو من أول وهلة أنه ليس هناك علاقة مباشرة بين التاجر والبنك، فهناك تعهد مبدئي من الطرفين عند إعداد فكرة البطاقة مفاده التزام البنك بخلاص التاجر عند تقديم الفاتورة، والتزام التاجر بتسديد خدماته لحامل البطاقة عند تقديمها إليه من طرف حاملها.
وقد أقر فقه القضاء المقارن رجوع البنك المصدر للبطاقة على التاجر الذي قبل البطاقة وهو يعلم أنها مسروقة (1) .
مسؤولية حامل البطاقة أمام التاجر:
قضت المحكمة في قضية Re. Charge Card Service Ltd. 1998. أن مسؤولية حامل البطاقة (المقترض) في تسديد قيمة مشترياته للتاجر تكون منتهية بتقديم البطاقة للتاجر، وتدوين المعلومات المطلوبة عنها، حيث وافق التاجر على هذا منذ قبل البطاقة صيغة وأسلوبا في تسديد قيمة مبيعاته لأصحاب البطاقات، وإن الواجب عليه التوجه إلى مصدر البطاقة الذي أبرم معه اتفاقية التسديد للبطاقة بحقوقه المالية.
لكن ثمة استثناء هو أنه إذا نصت الاتفاقية على المسؤولية المشتركة بين مصدر البطاقة وصاحبها، أو أنه إذا أخفق مصدر البطاقة في التسديد يكون صاحب البطاقة مسؤولا مسؤولية متساوية مع مصدر البطاقة (2) .
5-
التصور الشرعي للعلاقات التعاقدية بين أطراف البطاقة ووجه اختلافه عن الواقع القانوني:
5 /1- العلاقة الشرعية بين مصدرها وحاملها.
5 /2- العلاقة الشرعية بين مصدرها والتاجر.
5 /3- العلاقة الشرعية بين حاملها والتاجر.
5 /4- العلاقة بين البنك المصدر والمنظمة الراعية.
(1) بطاقات الدفع والائتمان في فقه القضاء المقارن، ص15.
(2)
بطاقات المعاملات المالية، ص72.
هذا هو أهم جانب في موضوع البطاقات؛ لأنه هو الذي ينبني عليه بيان الحكم الشرعي بالجواز، أو بعدمه، وقد اختلف القانون في تكييف هذه العلاقات، كما اختلف في تكييفها الباحثون من الفقهاء، فقد رأينا القانون الإنجليزي يعتبر هذه العلاقات عقودا ثلاثة منفصلة عن بعضها، بينما القانون الأمريكي يعتبرها عقدا واحدا (1) ورأينا بعض القانونيين يكيف العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها على أنها وكالة، ويكيفها بعضهم بأنها حوالة، وبعضهم على أنها علاقة بين مقرض ومقترض (2) ، وكما اختلف القانونيين اختلف الفقهاء أيضا، فكيفها بعضهم على أنها وكالة، وبعضهم على أنها كفالة، وبعضهم على أنها حوالة أو حمالة، وبعضهم على أنها وكالة وحوالة (3) .
والطريقة السليمة الموصلة إلى التكييف الصحيح الموصل إلى الحكم الشرعي هي أن ننظر إلى كل نوع من أنواع البطاقات الثلاثة على حدة، وأبدأ بأبسطها وهي الدبت كادر (Debit Card) :
(1) انظر ص597.
(2)
انظر ص598.
(3)
انظر الحلقة الفقهية السادسة، مجموعة دلة البركة، ص1- 9.
عندما تستعمل للصرف الآلي:
العلاقة في هذه البطاقة قد تكون بين طرفين مصدر البطاقة وحاملها إذا كان السحب من جهاز مصدر البطاقة، وقد تكون بين ثلاثة أطراف: مصدر البطاقة، وحاملها، وصاحب الجهاز، إذا كان السحب من غير جهاز مصدر البطاقة؛ لأن حامل البطاقة قد يستعملها للسحب من أجهزة البنك مصدر البطاقة، وقد يستعملها من أجهزة غيره.
فإذا استعملها من أجهزة البنك مصدر البطاقة، فإن كانت العملة التي في حساب العميل، والعملة التي سحبها واحدة، فإن العلاقة تكون مثل علاقة السحب بالشيك من البنك، أي أن حامل البطاقة يكون مقتضيا لجزء من دينه من البنك مصدر البطاقة؛ لأن تكييف الحساب الجاري هو أنه قرض من صاحب الحساب أي البنك، فتكون هذه العملية جائزة من غير خلاف.
وإن كانت العملة التي في حساب العميل مختلفة عن العملة التي سحبها حساب العميل بالريال، وسحب دولارات- فإن العملية يكون فيها اقتضاء للدين بغير جنسه فتدخل في عقد الصرف، وهو المعروف عند الفقهاء بصرف ما في الذمة وهو جائز إذا كان البنك يخصم مقابل الدولارات من حساب العميل في نفس الوقت الذي سحب فيه العميل الدولارات.
أما إذا كان البنك يخصم الريالات التي تقابل الدولارات من حساب العميل بعد فترة فإن العملية لا تكون من صرف ما في الذمة الجائز، وتحتاج لتكييف آخر، هو أن يعتبر البنك مقرضا الدولارات لحامل البطاقة عند سحبه للدولارات ثم تحدث عملية مقاصة عندما يأخذ البنك المبلغ من حساب العميل تصحبها عملية صرف، ويجب لصحة هذه العملية أن تكون بسعر الصرف يوم المقاصة، وليس يوم سحب العميل للدولارات.
وإذا استعمل حامل البطاقة- البطاقة للسحب من غير أجهزة البنك مصدر البطاقة الذي فيه حسابه فإن التكييف الذي يصحح هذه العملية هو أن يعتبر حامل البطاقة مقترضا للمبلغ الذي سحبه من صاحب الجهاز، ومحيلا لصاحب الجهاز على البنك الذي أصدر له البطاقة وهذه حوالة صحيحة عند جميع الفقهاء؛ لأن مصدر البطاقة- المحال عليه- مدين لحامل البطاقة- المحيل- ثم إذا كانت العملة واحدة فلا إشكال، أما إن كانت العملة مختلفة بأن كان حساب حامل البطاقات بالريالات وسحب من الجهاز دولارات، فإن الواجب على البنك المصدر للبطاقة أن يجري عملية مصارفة بينه وبين صاحب الجهاز الدائن بسعر يوم الأداء، وليس بسعر اليوم الذي سحب فيه حامل البطاقة الدولارات.
هذا هو التكييف الذي يصح به استعمال بطاقة السحب الآلي، وتبقى بعد ذلك مآخذ سأبحثها في محورها السادس في المخطط.
تكييف استعمال الدبت كارد (Debit Card) في شراء السلع:
استعمال هذه البطاقة في شراء السلع من التاجر العلاقة فيها بين ثلاثة أطراف: مصدر البطاقة، وحاملها، والتاجر صاحب السلع، وهي شبيهة بالعلاقة في حالة السحب الآلى عندما يكون السحب من جهاز غير جهاز مصدر البطاقة، والتكييف الصحيح لها هو أنها عقد حوالة، البنك مصدر البطاقة يقول لحامل البطاقة خذ هذه البطاقة، واشتر بها من التاجر، ولا تدفع الثمن، وأحل التاجر علي، وأنا أدفع له، ويقول مصدر البطاقة للتاجر بايع حامل البطاقة وأنا سأدفع لك الثمن، وحامل البطاقة يقول للتجار أحلتك على البنك المصدر هذه البطاقة بالثمن، فإذا حصل الشراء فقد تمت الحوالة مستوفية لأركانها وشروطها، برضاء الأطراف الثلاثة.
وبطاقة الدبت كارد (Debit Card) هذه يكون البنك (مصدر البطاقة) فيها مدينا لحامل البطاقة وهو (المحال عليه) ، وحامل البطاقة هو (المحيل) ، وهو مدين للتاجر (المحال) ، فالحوالة هذه على مدين، وهي جائزة باتفاق الفقهاء.
ويؤيد هذا التكييف بالحوالة العبارة التالية التي جاءت في بحث الدكتور عبد الوهاب: (يقوم نظام البطاقات على أساس التزام البنك مصدر البطاقة بتسديد قيمة مشتريات حامل البطاقة مباشرة للمحلات التجارية)(1) . ويؤيده أيضا قوله:
البنك المصدر للبطاقة هو المسؤول الوحيد أمام التاجر عن قيمة مبيعاته لحامل البطاقة (2) .
ولايصح أن تكيف هذه البطاقة بالكفالة؛ لأن الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة، يستطيع فيها الدائن أن يطالب المكفول- المدين – وأن يطالب الكفيل، والدائن في هذه المعاملة لا يستطيع أن يطالب المكفول- حامل البطاقة- وإنما يطالب البنك وحده وهذه صفة الحوالة التي ينتقل فيها الدين من المدين – العميل- إلى المحال عليه.
ولا يصح أن تكون وكالة؛ لأن حامل البطاقة لا يملك الدفع للتاجر، والوكالة لا تكون إلا في تصرف مملوك للموكل.
(1) بطاقات المعاملات المالية، ص117.
(2)
بطاقات المعاملات المالية، ص124.
تكييف الشارج كارد (Charge Card) :
هذه البطاقة قد تستعمل للصرف الآلي، وقد تستعمل لشراء السلع مثل الدبت كارد، ولكنها تختلف عنها في أنها لا يلزم أن يكون حاملها له رصيد في البنك مصدر البطاقة عند استعمالها؛ لأن البنك يعطيه مهلة شهر من استعماله للبطاقة يقدم له الفواتير بعد الشهر، فإذا دفع لا يطالبه بفوائد عن الشهر الذي انتظره، وإذا تأخر عن الدفع طالبه بفوائد عن التأخير، وهذه المطالبة بالفوائد معروفة ومشروطة في العقد (1) .
هذه هي حقيقة هذه البطاقة قانونا، فهي تتضمن قرضا لمدة محدودة- شهر وقد يزيد لا يطالب فيها البنك حامل البطاقة بفائدة، وإنما يطالبه بالفائدة على التأخير بعد المدة المحددة.
ولكن بعض البنوك الإسلامية تستعمل هذه البطاقة، ولا تأخذ فوائد، لا على المدة الأولى ولا عن التأخير بعد الشهر، وليس فيها شرط بالفوائد، وإنما تكتفي بإنذار حامل البطاقة وسحبها منه إذا لم يدفع وإلغاء عضويته (2) .
واضح أن الشارج كارد حسب حقيقتها القانونية تتضمن قرضا مشروطا فيه الفائدة عند التأخير، فيكون الاشتراك فيها محرما بسبب هذا الشرط؛ لأنها معاملة ربوية، ولهذا فلا فائدة من البحث عن تكييفها؛ لأن البحث عن التكييف الغرض منه الوصول إلى الحكم الشرعي، وقد عرفنا الحكم (3) ويبقى علينا النظر في تكييف الشارج كارد التي تتعامل بها بعض البنوك الإسلامية، ولا يشترط فيها فائدة.
(1) انظر ص592.
(2)
انظر ص592- 593.
(3)
حاول بعض الباحثين أن يجوز الاشتراك في هذه البطاقة إذا دخل المشترك فيها على أن يلتزم بسداد ما عليه في الموعد المحدد، ولا يتأخر حتى تفرض عليه فوائد، ويرى هؤلاء الباحثون أن الشرط باطل، والعقد صحيح.
تكييف الشارج كارد Charge Card عندما تستعمل في الصرف الآلي:
عندما يستعمل حامل هذه البطاقة في الصرف الآلي يكون مقترضا سواء كان السحب للنقود من جهاز البنك مصدر البطاقة، أو من جهاز غيره، غير أنه يكون مقترضا من البنك مصدر البطاقة إذا كان السحب من جهازه، فتكون العلاقة بينهما علاقة مقرض بمقترض، فإذا وفي حامل البطاقة عند حلول الأجل بجنس العملة التي سحبها فلا إشكال، وإذا وفى بغير جنسها، فإن العملية تتضمن عملية صرف ما في الذمة، وهي جائزة إذا كانت بسعر يوم الصرف.
أما إذا كان السحب من غير جهاز مصدر البطاقة فإن حامل البطاقة يكون مقترضا من البنك صاحب الجهاز، ومحيلا له على بنكه المصدر للبطاقة، وهذه الحوالة جائزة، وإن كانت على غير مدين، على مذهب الحنفية.
ثم إن البنك مصدر البطاقة المحال عليه إذا وفى الدين الذي على حامل البطاقة المحيل يصبح مقرضا لحامل البطاقة المبلغ الذي دفعه يتقاضاه منه عند حلول الأجل على النحو الذي ذكرته سابقا.
تكييف الشارج كارد (Charge Card) عندما تستعمل في شراء السلع:
إذا استعمل هذه البطاقة حاملها في شراء سلعة من التاجر، فإنه يصبح مدينا للتاجر بثمن السلعة، فيحيله بالثمن على البنك- مصدر البطاقة- وهذه حوالة جائزة كما قلت. ثم يصبح البنك مقرضا ثمن السلعة لحامل البطاقة عندما يدفعه للتاجر، يتقاضاه منه عند حلول الأجل بالكيفية التي ذكرتها سابقا.
هذا هو تكييف الشارج كارد (Charge Card) عندما تكون خالية من شرط الفائدة عند التأخير في سداد القرض.
وتبقى بعد ذلك محاذير نعالجها في المحور السادس إن شاء الله.
أما الشارج كارد المشتملة على شرط الفائدة عند التأخير فهي معاملة غير شرعية مثل الكردت كارد (Credit Card) التي ذكرتها في أول بحثي (1) ووعدت بتقديم بديل لها.
(1) انظر ص592.
6-
المآخذ الشرعية على البطاقات الائتمانية:
عرض الآراء المطروحة في حكم التعامل بكل نوع من أنواع البطاقات:
6 /1- الكردت كارد.
6 /2- شارج كارد.
6 /3- دبت كارد.
6 /4- بطاقات أخرى.
المآخذ: الكردت كارد، والشارج كارد المشروط فيها الفائدة على التأخير في السداد:
المأخذ واحد وهو أن هاتين البطاقتين تتضمنان قرضا بفائدة، وهو كاف لإبعادهما، والبحث عن بديل لهما، وهو ما سأفعله في نهاية البحث إن شاء الله.
المآخذ على: الشارج كارد الخالية من شرط الفائدة، والدبت كارد:
1-
الرسوم:
أ - رسوم الإصدار، أو رسوم العضوية.
ب - رسوم التجديد.
جـ- رسوم التجديد المبكر.
د- رسوم استبدال البطاقة عند الضياع أو التلف أو السرقة.
إذا كان البنك مصدر البطاقة يأخذ هذه الرسوم على نوعي البطاقة، الدبت كارد، والشارج كارد، بمقدار واحد فلا مانع من أخذها، ولا مأخذ عليها؛ لأنها تكون عبارة عن أجر على عمل، أو منفعة تؤديه شركة البطاقة ووكلاؤها لحامل البطاقة (1) .
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص362، د. عبد الستار و410، رفيق، والعدد الثامن، الجزء الثاني، ص615، د. الجوهري. وانظر رأي القري في العدد السابع، ص392، 393؛ وانظر أيضا مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص23.
أما إذا كان البنك لا يأخذ الرسم في الدبت كارد ويأخذه في الشارج كارد، أو كان يأخذ في الشارج كارد رسما أكبر من الذي يأخذه في الدبت كارد، فإنه يخشى أن يكون في الرسم الذي يأخذه البنك في حالة الشارج كارد فائدة مستترة على القرض الذي يمنحه البنك لحاملها، ولهذا فإن الأسلم أن تكون الرسوم واحدة في البطاقتين.
احتساب سعر بيع البطاقة:
جاء في النموذج المقدم من قطاع الأموال بمجموعة دلة البركة ما يلي:
السعر = إجمالي التكاليف المباشرة + معدل مخاطر عدم السداد + إجمالي قيمة المزايا والمنافع والخدمات + قيمة الربحية المطلوبة (1) .
هذه المعادلة تعكر على الرسوم من جهتين، الأولى: إدخال معدل مخاطر عدم السداد التي يخشى أن تتضمن فائدة.
الثانية: قيمة الربحية المطلوبة التي يخشى أن تكون أكثر في حالة الشارج كارد منها في حالة الدبت كارد.
2-
العمولة:
يتقاضى البنك مصدر البطاقة عمولة من حامل البطاقة في السحب النقدي سواء كان السحب من أجهزة البنك المصدر للبطاقة أو من أجهزة غيره (2) .
ويتقاضى البنك مصدر البطاقة عمولة من التجار على العمليات التجارية التي تمت من خلال استعمال البطاقة تترواح بين (1 % و5 %) من قيمة الفاتورة (3) .
وهذه العمولة قد يتقاضاها بنك التاجر إذا كان هو الذي يدفع قيمة الفاتورة للتاجر، وتوزع في هذه الحالة بينه وبين البنك المصدر للبطاقة، أما إذا كان البنك المصدر للبطاقة هو بنك التاجر فإنه يأخذ كل العمولة (4) .
(1) الحلقة الفقهية السادسة، ص3.
(2)
مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص29، 30.
(3)
بطاقات المعاملات المالية، ص52؛ وانظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، الجزء الأول، ص318؛ د. القري، ومجموعة دلة البركة، الحلقة السادسة، ص34.
(4)
مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص34.
العمولة في حالة السحب النقدي بالدبت كارد:
إذا كان السحب من أحد فروع البنك المصدر للبطاقة فإنه يجوز أخذ العمولة؛ لأنها تكون مقابل تحويل المبلغ لحامل البطاقة من حسابه إلى الفرع المسحوب منه.
أما إذا كان السحب من غير فروع البنك المصدر للبطاقة، فإن الفرع المسحوب منه يكون مقرضا لحامل البطاقة فيكون في أخذ العمولة شبهة الربا.
العمولة في حالة السحب النقدي بالشارج كارد:
السحب بالشارج كارد يكون قرضا سواء كان من فروع البنك المصدر للبطاقة أو من غيره، فيكون في أخذ العمولة شبهة الربا.
العمولة في حالة شراء السلع من التجار:
سؤال: من يدفع هذه العمولة حقيقة؟ التاجر أم حامل البطاقة - المشتري -؟
الجواب: هو أن التاجر إذا كان يبيع لحامل البطاقة بنفس السعر الذي يبيع به لغيره، من غير زيادة، فإن العمولة يدفعها التاجر من ثمن السلعة.
أما إذا كان التاجر يبيع لحامل البطاقة بأكثر مما يبيع به لغيره، فإنه يحمل العمولة لحامل البطاقة، فيكون حامل البطاقة هو الذي يدفعها حقيقة.
وسأذكر الحكم على أن التاجر هو الذي يدفع العمولة حقيقية اعتمادا على أن القانون يمنع التاجر من البيع لحامل البطاقة بأكثر من سعر البيع نقدا (1) .
(1) بطاقات المعاملات المالية، ص83.
العمولة في حالة شراء السلع من التجار بالدبت كارد:
العمولة قد يأخذها من التاجر بنك التاجر، إذا كان هو الذي يدفع قيمة الفاتورة، وقد يأخذها البنك المصدر للبطاقة إذا لم يتوسط في المعاملة بنك التاجر.
فإذا كان الذي يأخذها بنك التاجر، وكان ثمن السلعة (100) فإن بنك التاجر يخصم (2) مثلا، ويدفع للتاجر (98) ، وبما أن بنك التاجر يدفع الـ (98) للتاجر عند تقديم القسيمة، ثم يحصل المبلغ من البنك المصدر للبطاقة عن طريق نظام المقاصة، فإن البنك التاجر يكون مشتريا القسيمة التي ثمنها (100) بـ (98) من التاجر، على أن يحصل المائة من البنك المصدر للبطاقة عند المقاصة، فيأخذ نصيبه من العمولة، ويعطي البنك المصدر نصيبه، وهذا شبيه بخصم الكمبيالة الممنوع لما فيه من شبهة الربا.
وأما إذا كان الذي يدفع الفاتورة للتاجر، ويأخذ العمولة هو البنك المصدر للبطاقة لعدم وجود بنك التاجر، فالمفروض أن يدفع البنك المصدر للبطاقة ثمن البطاقة، وهو (100) من رصيد حامل البطاقة، فإذا أخذ البنك من الـ (100) العمولة (2) ، فإنها تكون نظير الخدمة التي أداها للتاجر، وتكون من قبيل أجرة السمسار، وهي جائزة وليس فيها شبه بخصم الكمبيالة.
قد يقال: إن بنك التاجر وكيل عن البنك المصدر للبطاقة فلم لا يعامل معاملته؟ والجواب هو أن بنك التاجر يدفع للتاجر من ماله، ثم يطالب البنك المصدر للبطاقة بما دفعه.
نعم قد تزول الشبهة إذا دفع بنك التاجر الـ (100) كاملة للتاجر وعندما تسلمها من البنك المصدر للبطاقة طالب هذا البنك التاجر بدفع (2) .
العمولة في حالة شراء السلع من التجار بالشارج كارد:
العمولة في حالة شراء السلع بالشارج كارد (Charge Card) فيها شبهة الربا، إذا تولى دفع ثمن السلعة للتاجر، بنك التاجر وخصم العمولة؛ لأنه يدفع الـ (98) للتاجر، ويأخذ بعد فترة (100) من البنك المصدر للبطاقة، وهذا شبيه بخصم الكمبيالة، كما قلنا في حالة الشراء بالدبت كارد.
أما إذا تولى الدفع للتاجر البنك المصدر للبطاقة، وأخذ العمولة فإنها تكون مقابل الخدمة التي يقدمها للتاجر بجلب الزبائن، وتأخذ حكم أجرة السمسار، وهي جائزة.
وفقه هذه المسألة أن حامل البطاقة يشتري السلعة بمائة (100) من التاجر، ويحيله بالمائة على البنك مصدر البطاقة، فإذا طالب التاجر مصدر البطاقة بالمائة في أي وقت، فإنه يجوز لمصدر البطاقة أن يخصم منها العمولة (2) ، ويدفع للتاجر الباقي، ولا شبه لهذه العملية بخصم الكمبيالة، وكون المصدر للبطاقة سيطالب حامل البطاقة بالمائة كاملة لا يؤثر في هذا الحكم؛ لأن هذه المائة هي القرض الذي منحه البنك لحامل البطاقة ليشتري به السلعة وقد فعل. نعم قد تدخل في هذه العمولة شبهة الربا إذا كانت تختلف باختلاف المدة التي يطالب فيها التاجر البنك المصدر للبطاقة بالدفع، فتزيد النسبة بزيادة الأجل.
العمولة التي تدفعها البنوك للمنظمة العالمية:
هذه عمولات يدفعها البنك المصدر، وبنك التاجر، وفقا لجدول محدد متفق عليه، وهي تخص الأعمال التي تتوسط المنظمة العالمية في تقديمها للطرفين على مستوى الاتصالات والمراسلات والمقاصة، وتمكين الأعضاء من استخدام الشيكات التابعة للمنظمة (1) .
العمولة على هذه الخدمات لا مأخذ عليها، ولكن جاء في نفس المرجع السابق أن المنظمة تغطي مصاريفها كاملة من خلال عدة جهات بينها: فروق العملة، والرسوم على كل عملية شراء، أو سحب نقدي (2) .
ولم يرد في البحث توضيح لهاتين الجهتين، ويخشى أن يكون فيهما مآخذ شرعية.
3-
فرض غرامات تأخير على حامل البطاقة:
تفرض البنوك الربوية فائدة عن كل يوم يتأخر فيه حامل البطاقة عن سداد القرض الذي عليه، وهذا ربا صريح، وقد صدرت بعض الفتاوى بجواز فرض غرامات تأخير على حامل البطاقة الذي يماطل في سداد ما عليه من القرض على أن تصرف هذه الغرامات في أوجه البر، ولا يستفيد منها البنك (3) .
هذه الغرامات هي في رأيي ربا، مثل الفائدة، ولا يجوز فرضها، وصرفها في وجوه الخير لا يغير من الحكم شيئا.
(1) قطاعات الأموال، مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص43، 12،14.
(2)
الحلقة الفقهية السادسة، ص3.
(3)
مجموعة دلة البركة، قطاع الأموال، الحلقة الفقهية السادسة، ص51، 52.
4-
استخدام البطاقة لشراء الذهب والفضة:
صدرت بعض الفتاوى بجواز استعمال البطاقة في شراء الذهب والفضة من التجار معتمدة على هذه الفتاوى على أن قسيمة الدفع التي يوقع عليها العميل حامل البطاقة تعتبر وسيلة دفع مؤكدة تصرف فورا حال تقديمها إلى البنك التاجر، لهذا فهي تخول التاجر الحصول على المبلغ فورا مما يحقق شرط التقابض في بيع الذهب والفضة، ويعتبر كالدفع بالشيكات وهو جائز شرعا (1) .
ولا أوافق على هذه الفتوى؛ لأن الفورية المطلوبة شرعا في شراء الذهب والفضة غير متحققة في الشراء بالبطاقة؛ لأن حامل البطاقة عندما يقدم البطاقة للتاجر يتسلم الذهب، ويوقع على القسيمة لا يدفع الثمن للتاجر، والذي يدفع الثمن للتاجر هو بنك التاجر، أو البنك المصدر للبطاقة عندما يقدم التاجر إليهما القسيمة بعد فترة يتفق عليها، وهذه الفترة في حالة بنك التاجر تصل إلى ثلاثة أيام من تسلمه قسيمة البيع (2) .
وهذا مختلف عما جاء في فتوى بيت التمويل الكويتي من أن القسيمة تصرف فورا حال تقديمها إلى بنك التاجر.
وحتى لو صح ما في الفتوى من أن بنك التاجر يدفع ثمن الذهب فورا عندما تقدم إليه القسيمة، فإن شرط التقابض في المجلس لا يكون متحققا؛ لأن المجلس الذي يجب أن يتحقق فيه التقابض هو مجلس الشراء الذي يتم بين حامل البطاقة والتاجر الذي يبيع الذهب، وليس مجلس تقديم القسيمة لبنك التاجر.
(1) فتوى هيئة الرقابة الشرعية ببيت التمويل الكويتي، نقلا عن قطاع الأموال. مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص21، 24؛ وانظر أيضا ص28 في المسائل الفقهية المعروضة على الفقهاء.
(2)
فتوى هيئة الرقابة الشرعية ببيت التمويل الكويتي، نقلا عن قطاع الأموال. مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص33، 43.
وقياس بطاقة الائتمان على الشيك، لأن كلا منهما أداة وفاء، قياس مع الفارق، والفارق هو أن الشيك أداة وفاء في الحال، فيكون قبضه حكميا لمحتواه، وبطاقة الائتمان أداة وفاء في المآل، لأن التاجر لا يستطيع أن يحصل على ثمن الذهب الذي اشترى بها إلا بعد فترة من الزمن، وهذا هو المأخذ الشرعي.
مخرج لاستعمال البطاقة في الحصول على الذهب والفضة:
يمكن الحصول على الذهب والفضة بالبطاقة إذا طلب صاحبها من التاجر أن يقرضه مقدارا من الذهب والفضة، ويسجل القرض في القسيمة، وبما أنا قد كيفنا العلاقة بين البنك المصدر للبطاقة، وحامل البطاقة، والتاجر على أنها حوالة، فإن حامل البطاقة الذي اقترض الذهب من التاجر يصبح مدينا للتاجر فيحيله على البنك مصدر البطاقة على النحو الذي ذكرته سابقا، وعندما يقدم التاجر القسيمة للبنك مطالبا بالسداد، فإن كان عند البنك ذهب قضى منه الدين، وإن لم يكن عنده ذهب أجرى مع التاجر عقد صرف بالعملة التي يتفقان عليها بسعر الذهب يوم عقد الصرف لا يوم القرض، على النحو الذي ذكرته في حالة سحب صاحب البطاقة نقودا من جهاز غير جهاز البنك مصدر البطاقة.
حرية حامل البطاقة في استخدامها:
من المعروف أن حامل البطاقة حر في استعمالها فيما يشاء، وقد يستعمل بعض حاملي البطاقة البطاقة استعمالا يتنافى مع الشريعة الإسلامية، كأن يشتري بها خمرا مثلا، فماذا يكون موقف البنك المصدر للبطاقة في هذه الحالة؟.
عالجت بعض البنوك هذه الحالة معالجة حسنة بالنص في شروط البطاقة على (أن للبنك الحق في إلغاء البطاقة، إذا أساء حاملها استخدامها، وبوجه خاص في حالة استعمالها للوفاء بأثمان بضائع أو أعمال أو خدمات مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية)(1) .
وينبغي أن يضاف إلى هذا النص نص آخر يفيد أن البنك لا يكون ملزما بدفع قيمة القسيمة.
6-
الترجيح بين الآراء المطروحة في حكم التعامل بكل نوع من أنواع بطاقات الائتمان، واستخلاص الرأي الشرعي:
6 /1- كردت كارد.
6 /2- شارج كارد.
6 /3- دبت كارد.
6 /4- بطاقات أخرى.
تبين لنا أن التعامل بالدبت كارد (Debit Card) والشارج كارد (Charge Card) الخالية من الفائدة يجوز شرعا، مع الالتزام بالأحكام التي ذكرتها.
أما الكردت كارد (credit Card) والشارج كارد ذات الفوائد، فلا يجوز التعامل بهما لما فيهما من الربا.
(1) بطاقة بيت التمويل الكويتي الأردني الإسلامي نقلا عن قطاع الأموال. مجموعة دلة البركة، الحلقة الفقهية السادسة، ص28.
البديل للكردت كارد Credit Card:
تمكن الكردت كارد حاملها من الحصول على ما يحتاج إليه من سلع، وخدمات، ونقود من غير أن يدفع مقابل ما يأخذه نقدا في الحال؛ لأن مصدر البطاقات يدفع المقابل، ويقيده قرضا على حامل البطاقة يحصله منه على أقساط، ويتقاضى عليه فائدة هي مكسبه من المعاملة، وهذا كسب غير مشروع، فهل يوجد بديل يحقق ما تحققه الكردت كارد لحاملها ولمصدرها بطريقة مشروعة؟.
نعم يوجد بديل يحقق لحامل البطاقة الحصول على السلع من غير أن يدفع الثمن حالا ويحقق لمصدر البطاقة ربحا مشروعا من تعامله مع حامل البطاقة.
هذا البديل هو بطاقة البيع بالتقسيط: ويكون ذلك بأن ينشئ البنك الإسلامي أو البنوك الإسلامية مجتمعة متاجر للبيع بالتقسيط، مملوكة لها ملكا كاملا، أو بالمشاركة مع مؤسسة أو تاجر يشتري حامل البطاقة منها ما يريد بالأقساط، والربح الحلال الذي يجنيه البنك من هذه المعاملة هو الفرق بين ثمن السلعة حالا وثمنها مؤجلا، وهذه الزيادة جائزة عند الجمهور؛ لأن الأجل له حصة من الثمن في البيع، بخلاف القرض، ولهذا فإن هذا البديل لا يصلح في الحصول على النقود (السحب الآلي) .
ويكتمل هذا البديل لو أن البنوك الإسلامية أنشأت لها منظمة خاصة تسمى (المنظمة الإسلامية) بدلا عن التعامل مع منظمة الفيزا أو غيرها، وتكون لهذه المنظمة الإسلامية نظمها وقوانينها، وتشترك فيها كل البنوك الإسلامية، وتصدر بطاقات خاصة بها.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
الصديق محمد الأمين الضرير
أستاذ الشريعة الإسلامية- جامعة الخرطوم.