المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني عشر

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادأ. د. خليفة بابكر الحسن

- ‌استثمار موارد الأوقافإعدادالدكتور إدريس خليفة

- ‌استثمار موارد الأحباسإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌أثر المصلحة في الوقفإعدادالشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌صور استثمار الأراضي الوقفية فقهاً وتطبيقاًوبخاصة في المملكة الأردنية الهاشميةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكوصكوك الأعيان المؤجرةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة(الإجارة المنتهية بالتمليك)دراسة فقهية مقارنةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكدراسة اقتصادية وفقهيةإعداد الدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌الشرط الجزائي ومختلف صوره وأحكامهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الشرط الجزائيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌الشرط الجزائيإعدادالأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الشرط الجزائي في العقودإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الشرط الجزائي في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور ناجي شفيق عج

- ‌الشرط الجزائيدراسة معمقة حول الشرط الجزائي فقها وقانوناإعدادالقاضي محمود شمام

- ‌عقود التوريد والمناقصةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌عقد التوريددراسة فقهية تحليليةإعدادالدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ مجتبى المحمودوالشيخ محمد على التسخيري

- ‌الإثبات بالقرائن والأماراتإعدادالدكتور عكرمة سعيد صبري

- ‌القرائن في الفقه الإسلاميعلى ضوء الدراسات القانونية المعاصرةإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الطرق الحكمية في القرائنكوسيلة إثبات شرعيةإعدادالدكتور حسن بن محمد سفر

- ‌دور القرائن والأمارات في الإثباتإعدادالدكتور عوض عبد الله أبو بكر

- ‌بطاقات الائتمانتصورها، والحكم الشرعي عليهاإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور محمد العلي القري

- ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

- ‌بطاقة الائتمانإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التضخم وعلاجهعلى ضوء القواعد العامةمن الكتاب والسنة وأقوال العلماءإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الصلح الواجب لحل قضية التضخمإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌تدهور القيمة الحقيقية للنقود ومبدأ التعويضومسؤولية الحكومة في تطبيقه

- ‌مسألة تغير قيمة العملة الورقيةوأثرها على الأموال المؤجلةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

- ‌التضخم وتغير قيمة العملةدراسة فقهية اقتصاديةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌نسبة التضخم المعتبرة في الديونإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

- ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

- ‌التضخم وآثاره على المجتمعات

- ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

- ‌حقوق الأطفال والمسنينإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌حقوق الشيوخ والمسنين وواجباتهمفي الإسلامإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌حول حقوق المسنينإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌حقوق الطفلالوضع العالمي اليومإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌الشيخوخةمصير. . . وتحدياتإعدادالدكتور حسان شمسي باشا

- ‌البيان الختامي والتوصياتالصادرة عنالندوة الفقهية الطبية الثانية عشرة

- ‌(حقول المسنين من منظور إسلامي)

الفصل: ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحة

لعلاج آثار التضخم

بحث مقدم للحلقة الثالثة لندوة التضخم

المنامة (البحرين 9

12-

13 جمادى الثانية / 1420 هـ.

22-

23 سبتمبر / 1999 م

إعداد

الدكتور حمزة بن حسين الفعر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

فتعد مشكلة التضخم من أكبر المشكلات التي تهز كيان البنى الاقتصادية في المجتمعات المعاصرة، وهناك عوامل عديدة شديدة التشابك تؤدي إلى حصول هذه المشكلة التي شغلت حيزًا كبيرًا من تفكير أهل الرأي والخبرة، وقد عقدت لذلك المؤتمرات والندوات العديدة، وكتبت فيها البحوث والمقالات والمؤلفات المتنوعة؛ بغية الوصول إلى حل مناسب يقضي على هذه المشكلة أو يخفف من آثارها.

وكانت جهود الباحثين متأثرة بما يحمله كل منهم من فكر وما يعتنقه من عقائد وقيم، ولم تكن المجتمعات المسلمة بمعزل عن هذا الأمر، فإنها متصلة بالعالم عبر وسائل متنوعة، فقام أهل الغيرة من أهل العلم والاختصاص من أبنائها بالإدلاء بدلوهم في هذا الأمر، واهتم لذلك البنوك الإسلامية التي تحرص حرصًا شديدًا على تأصيل مسائل الاقتصاد المعاصر تأصيلًا شرعيًا، وإيجاد البدائل الحلال للمعاملات المحرمة، وكان من نتيجة ذلك عقد ندوات بالاشتراك مع بعض الجهات العلمية المرجعية، ومن أبرزها مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي والذي عقد بالاشتراك مع بنك فيصل الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والذي عقد بالاشتراك مع بنك فيصل الإسلامي حلقتين لندوة التضخم استكتب فيهما عددًا من الفقهاء والاقتصاديين، وخرجت كل منهما بتوصيات عديدة لمعالجة التضخم على مستوى المؤسسات وعلى مستوى الأفراد.

ويجري الإعداد الآن للحلقة الثالثة من هذه الندوة، وقد رغب إليَّ المجمع الموقر بأن أقوم بدراسة الحلول المقترحة في الحلقتين السابقتين وتأصيلها تأصيلًا شرعيًا حسبما رأته اللجنة المشكلة في اجتماعها التمهيدي للإعداد لبحوث الحلقة الثالثة.

وأسأل الله التوفيق والسداد والإعانة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

ص: 1643

تمهيد

التضخم المقصود بالحديث هنا ما يسمى في عرف المعاصرين بالتضخم الجامح، وهو يعني بالمصطلح الفقهي: التغير الفاحش في قيمة النقود، بحيث تنخفض قوتها الشرائية في مقابل السلع والخدمات؛ نظرًا للارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار.

وهذا يعني أن التضخم ظاهرة عامة يمتد تأثيرها إلى كل أفراد المجتمع على اختلاف بينهم في نوع هذا التأثير قوة وضعفًا وسلبًا وإيجابًا (1) .

والتأصيل: الرد على الأصل: قال الفيومي: أصلته تأصيلًا: جعلت له أصلًا ثابتًا يبنى عليه (2)

والمقصود بالأصل هنا المعنى الاصطلاحي، وهو يطلق على عدة معان (3)، الذي يتعلق به الغرض منها هنا هو: الدليل.

وبهذا يتبين المقصود بهذا البحث، وأنه: النظر في الحلول المقترحة لعلاج التضخم في ضوء الأدلة الشرعية، حتى يتبين المقبول منها من المردود.

(1) انظر: د. موسى آدم عيسى، آثار التضخم على العلاقات التعاقدية في البنوك الإسلامية والوسائل المشروعة للحماية، ص 6 – 19، بحث مقدم للحلقة الثانية لندوة التضخم وآثاره على المجتمعات، والتي نظمها مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالتعاون مع بنك فيصل الإسلامي بالبحرين.

(2)

المصباح المنير في غريب الرافعي والشرح الكبير: 1 / 23.

(3)

منها: أ- القاعدة الكلية نحو: الضرورات تبيح المحظورات، أصل من أصول الشريعة، أي قاعدة من قواعدها. ب- الراجح، نحو: الأصل عدم الحذف، أي الراجح. ج – المستصحب نحو: من تيقن الطهارة وشك في الحدث، فالأصل الطهارة، أي: المستصحب. د- الصورة المقيس عليها نحو: الخمر أصل النبيذ في الحرمة انظر: د. يعقوب الباحسين – أصول الفقه، الحد والموضوع والغاية، ص 40، 41.

ص: 1644

وسنتناول بإذن الله بحث هذه الحلول، بردها إلى الأدلة الشرعية بحسب الطاقة، والبحث هنا مرتب على تمهيد وقسمين:

التمهيد لبيان أحوال التضخم الناشئ بعد العقد:

التضخم الذي يحدث بعد العقد، يمكن أن ينظر إلى علاج آثاره بدراسة الحلول المقترحة والاستدلال لها أو عليها بالنظر في حالتين:

الأولى: نشوء الالتزام - ترتب الحق في الذمة لكل واحد من العاقدين تجاه الآخر بسبب العقد (1) - دون ملاحظة احتمال التغير في قيمة العملة، فيقع التضخم، ويحتاج إلى علاج.

الثانية: أن يلحظ احتمال التضخم عند التعاقد، وهذا ينتج عنه حالتان فرعيتان:

أ- أن يتم التعاقد بغير عملة البلد التي يتوقع تغيرها – من باب الاحتياط للتغير – بأن يتعاقد بأحد الأثمان التالية:

ا- بالذهب أو الفضة.

2-

بعملة أخرى.

3-

بعملة حسابية

4-

بسلة عملات.

5-

بسلعة.

6-

بسلة من السلع.

ب- أن يتفق عند إبرام العقد على طريقة لعلاج التضخم إذا حدث، ويكون هذا الاتفاق في صلب العقد، وذلك بإحدى الصور التالية:

1-

الربط بمؤشر تكاليف المعيشة.

2-

الربط بالذهب أو الفضة.

3-

الربط بعملة أخرى.

4-

الربط بعملة حسابية.

5-

الربط بسلة من العملات.

6-

الربط بسعر سلعة معينة.

7-

الربط بمعدل أسعار سلة من السلع.

8-

الربط بمعدل نمو الناتج القومي.

9-

الربط بسعر الفائدة.

(1) يرى الأستاذ الزرقا يرحمه الله، بأن مصادر الالتزام في الشريعة بحسب الاستقراء خمسة: العقد، والإرادة المنفردة، والفعل الضار، والفعل النافع، والشرع. المدخل الفقهي العام: 3 / 86، وقارن بما في مصادر الحق في الفقه الإسلامي للدكتور عبد الرزاق السنهوري: 1 / 39.

ص: 1645

القسم الأول:

دراسة صور العلاج المتقرحة لآثار التضخم على الالتزامات في الحال الأولى – وهي التي ينشأ فيها الالتزام بدون ملاحظة احتمال التغير في قيمة العملة، وصور العلاج المقترحة هنا أربع:

1-

الصلح.

2-

التحكيم.

3-

القضاء.

4-

الإلزام العام من الحكومة لجميع القطاعات أو الخاص لبعضها (كالأجور مثلًا) .

وقبل تفصيل القول في هذه الصور لابد من الحديث عن مشروعية النظر في علاج آثار التضخم في هذه الحال، فنقول وبالله التوفيق:

لدى التأمل في علاج آثار التضخم هنا فإنا نجد أنه لم يرد له ذكر في صلب العقد، ولم يتناوله شرط، والأصل أنه لا يلزم العاقدين ما لم يلتزما به في العقد الذي تم بينهما، ولم يكن ذلك أيضًا من الشروط التي نص عليها في العقد حتى يقال بأن الوفاء بالشرط واجب إعمالًا للحديث الوارد في هذا:(( ((المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا ، أو حرم حلالًا)) )) (1) .

إضافة إلى أن الأخذ بهذه الصورة يؤدي إلى الزيادة في جنس الحق الذي ترتب في الذمة، وهو أمر يقود إلى الربا، وقد حرم الله الربا تحريمًا قاطعًا في كتابه الكريم، وتوعد عليه بأشد أنواع الوعيد في مواطن عديدة من كتابه الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278 – 279] . وبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أكبر الموبقات في الحديث الصحيح الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: (( ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) )) (2) .

(1) استشهد البخاري في باب أجرة السمسرة من كتاب الإجارة ولفظه: ((المؤمنون على شروطهم)) ورواه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عن رسول بالله صلى بالله عليه وسلم بلفظ: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا

)) ، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقد استدرك على الترمذي تصحيحه لحديث كثير هذا، وقال ابن حجر في الفتح: " إن البخاري ومن تبعه كالترمذي وابن خزيمة يقوون أمره. أي أمر كثير. انظر: مختصر سنن أبي دود، مع معالم السنن، باب الصلح – كتاب الأقضية: 5 / 213؛ فتح الباري شرح صحيح البخاري، باب أجر السمسرة – كتاب الإجارة: 4 / 451.

(2)

مختصر صحيح مسلم للمنذري، كتاب الإيمان – باب أكبر الكبائر، ص 18 – 19.

ص: 1646

وكما حرمت الشريعة الربا، فإنها حرمت الوسائل المفضية إليه تأكيدا لتحريمه، وقد اعتبر الجهل بالتساوي محرمًا في بيع الربويات ببعضها كالعلم بالتفاضل فيها، فقد روى الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال:((نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر.)) (1) .

وروري الشيخان عن سهل بن أبي حثمة قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر، وقال: ((ذلك الربا، تلك المزابنة)) )) (2) .

فكيف يمكن القول بجواز النظر في علاج آثار التضخم، مع أنه يترتب على ذلك زيادة من جنس ما ثبت في الذمة قطعًا؟

والجواب على ذلك، أن ما ذكر من تحريم الشريعة للربا وسدها للذرائع المؤدية إليه، وأن هذا الأمر – علاجَ التضخم – قد يؤدي إلى الزيادة في جنس ما ثبت في الذمة من النقود أمرٌ مسلم، ولكن المتأمل في أدلة الشريعة ومقاصدها وقواعدها العامة، لا يعدم أن يجد عددًا من المبادئ الشرعية المسلمة الهادفة إلى تحقيق العدل بين الخلق، والتي تعتبر في جوهرها استثناء مما يقتضيه العقد الملزم بين الطرفين من غير اشتراط لهذا الاستثناء في صيغة العقد، وهي مما يمكن الاستئناس به هنا للقول بمشروعية النظر في علاج آثار التضخم، ومن هذه المبادئ ما يلي:

1-

مبدأ وضع الجوائح:

الجوائح جمع جائحة، وهي في اللغة: الآفة، يقال: جاحت الآفة المال تجوحه جوحًا إذا أهلكته (3) .

وهي عند الفقهاء: كل شيء لا يستطاع دفعه لو علم به (4) - وهذا يقرب مفهوم الجائحة إلى ما يعرف الآن بالظروف الطارئة – وقد ورد في اعتبار الجائحة في الشرع حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه عند مسلم ولفظه: (( ((لو بعت من أخيك تمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، لِمَ تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) )) (5) . وكذلك حديثه أيضًا عند مسلم: ((أمر النبي عليه السلام بوضع الجوائح))

(1) مختصر صحيح مسلم للمنذري، باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بالتمر، كتاب البيوع، ص 246.

(2)

مختصر صحيح مسلم للمنذري، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، كتاب البيوع، ص 247.

(3)

الفيروزآبادي، القاموس المحيط، فصل الجيم، باب الحاء: 1 / 227، الفيومي المصباح المنير: 1 / 138.

(4)

هذا تعريف ابن القاسم من المالكية، وتبعه عليه أكثرهم ، عرفها الشافعية والحنابلة بأنها كل ما أذهب الثمرة أو بعضها بغير جناية آدمي، انظر الموسوعة الفقهية: 15 / 67، 68. والأولون نظروا إلى المعنى فعمموا في معنى الجائحة، وأما أصحاب الرأي الثاني فإنهم نظروا إلى النص الذي ورد في الجائحة، فقصروها على مورده.

(5)

رواه مسلم في باب الجائحة في بيع الثمر من كتاب البيوع، مختصر مسلم للمنذري، ص 247.

ص: 1647

ويقرر بعض العلماء المعاصرين أن في قوله عليه السلام: (( ((لم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) )) إيماء إلى العلة (1) ؛ لأن هذا الوصف " أخذ المال بغير حق " ذكره في كلام الشارع مع الحكم وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (( ((فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا)) )) . ولم يصرح بالتعليل به، ولو لم يقدر التعليل به لما كان لذكره فائدة، وكان عبثا ولغوًا، ومنصب الشارع مما يُنزَّه عن ذلك (2) .

وعلى هذا فإن الجائحة يمكن أن تعتبر أصلًا خاصًا تقاس عليه مسألة التضخم، انخفاض قيمة العملة.

إلا أنه يمكن أن يرد على هذا القياس بأنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد الاعتبار (3) ، وبيان ذلك أن هذا القياس يقتضي رفع الضرر عن صاحب الدين بأن يرد إليه من ترتب الحق في ذمته مقدار قيمة دينه وقت الالتزام، وهذا يترتب عليه قطعًا زيادة في قدر النقود المتحدة الجنس، كما لو كان له عليه ألف جنيه مصري فنقصت بحيث أصبحت قيمتها عند حلول الوفاء تساوي أربعة آلاف. فهذه زيادة قد ورد النهي عنها في قوله عليه السلام في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:(( ((الذهب بالذهب)) )) (4) ، والفضة بالفضة، مثلًا بمثل (5)

الحديث. وبزيادة العدد فاتت المثلية. والقياس يوجبها والنص يمنعها.

ويمكن أن يجاب عن هذا بأن الحل بالمقترح يمكن تحقيقه بدون الوقوع في مصادمة النص، بأن يجعل التعويض من غير الجنس بعملة أخرى مثلًا.

(1) هو فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه، انظر بحثه المنشور بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة بعنوان: حكم الشرع في تعديل ما ثبت بذمة الدين حالة التضخم، ص 36، 39.

(2)

الغزالي – شفاء العليل في مسالك التعليل، ص 39؛ سيف الدين الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام: 3 / 237.

(3)

الآمدي الإحكام: 4 / 62.

(4)

النقدية صفة اعتبارية، وليست مقصورة على الذهب والفضة، بل هي متحققة في كل ما تعورف على أنه نقود؛ لأنها تحظى بالقبول، ويقع التبادل بها بين الناس، وتقوّم بها الأشياء، وقد أيدت الهيئات العلمية والمجامع الفقهية هذا القول. جاء في القرار رقم 9 / د 3 / 07 / 86 لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أنها:" نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم، وسائر أحكامهما ". وجاء في القرار العاشر للدورة الثالثة لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية: " إن الورق النقدي يعتبر نقدًا قائمًا بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان

". انظر: د. حمزة الفعر، مدى اعتبار التضخم عيبًا في العملة، ص 5، 6، بحث مقدم لندوة التضخم التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالاشتراك مع بنك فيصل الإسلامي بالبحرين في رجب، عام1418 هـ.

(5)

مختصر صحيح مسلم للمنذري، باب بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة والبر بالبر وسائر ما فيه الربا سواء بسواء يدًا بيد، ص 252.

ص: 1648

2-

مبدأ التعويض عن العيب:

العيب: الوصمة، والنقص (1) ، وقد جاء في القرآن والسنة بهذا المعنى، فمن ذلك قوله تبارك وتعالى في قصة موسى عليه السلام مع الخضر:{حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: 71]، ثم قال الخضر مفسرًا لموسى سبب صنيعه:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] .

فبيّن الخضر بهذا لموسى أن خرق السفينة الذي هو انتقاص منها؛ عيبٌ.

وروى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالسوق داخلًا من بعض العالية والناس كنفيه، فمر بجدي أسك - صغير الأذنين – ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال:(( ((أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟)) .)) فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال:((أتحبون أنه لكم؟)) . قالوا: والله لو كان حيًا كان عيبًا فيه؛ لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ (2) الحديث، فجعل الصحابة نقص الأذن في هذا الجدي عيبًا (3) .

والعيب في اصطلاح الفقهاء قريب مما ذكر، فهو كل ما ينقص القيمة أو العين في عرف التجار (4) .

والعيب يثبت به الخيار لكل واحد من العاقدين إذا لم يعلم به حال العقد، فيثبت للمشتري في عقد البيع في المبيع إذا وجد به عيبًا، ويثبت للبائع كذلك في الثمن إذا وجده معيبًا، كما أنه يثبت للمستأجر إذا وجد العين المستأجرة معيبة بعيب يفوّت عليه غرضه، ويثبت أيضًا للمؤجر في الأجرة إذا وجد بها عيبًا لم يطلع عليه حال العقد.

والعاقد في البيع مخير بين الرد وأخذ الثمن، وبين الإمساك فقط، عند جمهور العلماء، وعند الحنابلة له الإمساك مع أخذ الأرش.

أما إذا تعذر الرد، كما إذا تعيب المبيع عند المشتري بعيب حادث، ومثاله لو اشترى قماشًا فقطعه ثيابًا، أو اشترى دارًا فوهبها، أو عبدًا فأعتقه؛ فإن له الأرش، وكذلك لو تصرف المؤجر في الأجرة بهبتها أو بيعها ونحو ذلك، ثم علم بالعيب فيها، فإن له الأرش، والعوض في الصرف، إذا بان معيبًا.

وكذلك يجب مهر المثل إذا تعيب الصداق قبل القبض، أو قبضته ووجدته معيبًا (5) .

(1) الفيروزآبادي، القاموس المحيط، فصل العين، باب الباء: 1 / 113؛ الراغب، المفردات في غريب القرآن، ص 351.

(2)

مختصر صحيح مسلم للمنذري، باب الزهد في الدنيا، ص 552.

(3)

حمزة الفعر، مدى اعتبار التضخم عيبًا في العملة، ص 31.

(4)

المصادر السابق، ص 3.

(5)

انظر: ابن قدامة، المغني: 6 / 229؛ ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج: 4 / 251، 257؛ الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: 4 / 31؛ ابن شاس، عقد الجواهر الثمينة في أدلة عالم المدينة: 2 / 469 – 475؛ وللمالكية تفصيل في العيوب التي يرد بها؛ حيث فرقوا بين العيب اليسير وغيره، فقالوا في الأول: لا يرد به وله الأرش، والثاني هو الذي يرد به.

ص: 1649

وهذا كله دليل على أن العيب يُثبت الحق للعاقد الذي أطلع عليه، ولم يعلم به قبل ذلك، في أن يدفع هذا الضرر عن نفسه بالمطالبة بالرد أو بالمثل – كما في المهر والصرف - أو التعويض عن العيب – الأرش – إذا امتنع الرد، والسبب في ذلك أن صفة المالية معتبرة هنا، فما أوجب نقصًا فيها كان عيبًا في عرف أهل الشأن، وقد أثبت النبي عليه السلام الخيار في التصرية لمن اشترى مصراة بين الإمساك والرد مع صاع من تمر (1) ، وهذا تنبيه على ثبوت الخيار بالعيب؛ لأن التصرية عيب، ومطلق العقد يقتضي السلامة من العيب، بدليل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه اشترى مملوكًا فكتب:((هذا ما اشترى محمد بن عبد الله من العداء بن خالد، اشترى منه عبدًا أو أمة، لا داء به ولا غائلة، بيع المسلم المسلم)) (2) فثبت أن بيع المسلم يقتضي السلامة. وعلى هذا فمتى فاتت السلامة فات بعض مقتضى العقد فلم يلزمه أخذه، وكان له الرد وأخذ الثمن كاملًا (3) .

والرد بالعيب مبني على قاعدة قعّدها العلماء، وهي أن الضرر يزال (4)، أخذًا من حديث النبي عليه الصلاة والسلام:(( ((لا ضرر ولا ضرار)) )) (5) ومعناه النهي عن أن يضر الرجل أخاه ابتداء وجزاء؛ لأن مشروعية الرد بالعيب إنما هي لإزالة ما قد يلحق من الضرر للعاقد.

ويستنتج مما تقدم أن العيوب – ومنها عيوب النقد – يثبت بها الحق في رفع الضرر ودفع الظلم للعاقد الذي يحصل العيب في جهته، ولهذا فإن الكلام في البحث عن طريقة مناسبة لرفع ضرر التضخم سائغ شرعًا.

(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. رواه البخاري في صحيحه في باب النهي للبائع ألا يحفّل الإبل والبقر والغنم من كتاب البيوع: 3 / 92؛ ومسلم في صحيحه في باب حكم بيع المصراة من كتاب البيوع، ص 3.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه في باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، من كتاب البيوع: 3 / 76.

(3)

ابن قدامة، المغني: 6 / 225، 235.

(4)

السيوطي، الأشباه والنظائر، ص 95؛ ابن نجيم، الأشباه والنظائر،ص 85.

(5)

أخرجه مالك في الموطأ عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلًا، وأخرجه البيهقي والدارقطني والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري.

ص: 1650

وإذا تبين مما سبق مشروعية النظر في علاج آثار التضخم بالبحث عن أسلوب مناسب لتعويض ما حصل من هذا النقص الفاحش؛ فإننا نعود الآن لتفصيل القول في صورة العلاج المقترحة على النحو التالي:

أولًا – الصلح:

الصلح والصلاح ضد الفساد، وهو التوفيق بين المختلفين، يقال: أصلحت بين القوم، أي وفقت بينهم (1) .

ومعناه في الاصطلاح: معاقدة يتوصل بها إلى التوفيق بين المختلفين (2) .

والصلح مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.

أ- فمن الكتاب:

1-

ما ورد من الأمر به بين الطائفتين المتقاتلتين في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] .

2-

ما ورد فيه بين الزوجين في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] .

3-

ذكره في مقام المدح، والوعد عليه بالأجر العظم:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114] .

(1) الفيومي، المصباح المنير: 1 / 408؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط، فصل الصاد، باب الحاء: 1 / 243.

(2)

ابن قدامة، المغني: 7 / 5.

ص: 1651

ب- ومن السنة أحاديث كثيرة، منها:

1-

قوله عليه السلام: (( ((الصلح جائز بين المسلمين

)) )) الحديث (1) .

2-

ندبه عليه السلام للصلح في حوادث عديدة منها: ما رواه البخاري عن عبد الله بن كعب عن أبيه أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهما ثم نادى:(( ((يا كعب)) .)) قال: لبيك يا رسول بالله، فأشار إليه أن ضع الشطر من دينك، قال: قد فعلت يا رسول الله، قال:(( ((قم فأعطه)) )) (2) .

3-

وأجمعت الأمة على جواز الصلح فيما لا يخالف الشرع (3) .

وبالنسبة لانخفاض سعر العملة الفاحش بعد أن نشأ الالتزام بها، نتيجة لعقد مشروع من بيع ونحوه، فإنه مما يمكن وقوع الصلح عنه؛ لأنه صلح عن إقرار، حيث إن من ترتب عليه الحق مقر به غير منكر له، ومن له الحق يطالب بحقه، ولكن هل يكون القضاء في هذه الحال بالمثل، بناء على أن الديون تقضي بأمثالها؟ وأن من له الحق ليس له إلا ما وقع عليه العقد، وبناء عليه فإنه في حال الرخص الفاحش للنقود تفوت عليه مصلحة كبيرة في نقصان القيمة الحقيقية لهذه النقود، عما كانت عليه وقت ثبوت الحق في الذمة، وفي هذا مجافاة للعدل الذي أمر الله به في المعاملات وفي غيرها {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] ، وإن قلنا بأنه – أي صاحب الحق _ يأخذ من النقود ما يساوي قيمة دينه وقت ترتب الحق في ذمة المدين، أدى ذلك إلى فوات المماثلة بالزيادة المتحققة في العدد، كما لو كان له عليه ثمن مبيع مؤجل، أو نحوه ألف جنيه مصري في نهاية الشهر الأول من عام (1410هـ) ، ووقت السداد نهاية الشهر الأول من عام (1420هـ) ، أي بعد عشر سنوات، ولكن عندما حل وقت السداد انخفضت قيمة هذه النقود بسبب التضخم الفاحش إلى (50 %) ، فإن وفاء هذا الدين في وقت حلول القيمة التي كانت للنقود وقت ترتب الحق في الذمة بـ (2000) جنيه.

وحتى يُحل هذا الإشكال بطريق مقبول شرعًا، فإنه يمكن أن يتصالحا على مقدار معين، إما بتحميل الفرق على المدين، أو عليهما معًا – وهو الأنسب – ولابد أن يكون هذا بجنس آخر من النقود، خروجًا من محذور الربا بالزيادة في الجنس.

(1) سبق تخريجه.

(2)

صحيح البخاري، باب التقاضي والملازمة في المسجد من كتاب الصلح: 1 / 123؛ صحيح مسلم، باب استحباب الوضع من الدين من كتاب المساقاة: 3 / 192.

(3)

المغني: 7 / 5؛ ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج: 5 / 187.

ص: 1652

ثانيًا – التحكيم:

التحكيم في اللغة مصدر حكم، وهو يعني تفويض الحكم، يقال: حكمت فلانًا في مالي تحكيمًا، إذا فوضت إليه الحكم فيه (1) .

وفي الاصطلاح: عقد بين طرفين متنازعين يجعلان فيه برضاهما شخصًا آخر حكمًا بينهما للفصل في خصومتهما (2) .

والتحكيم مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع.

أما الكتاب: فمنه:

1-

قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] .

ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة، أن الله تعالى أمر ببعث حكمين في حال الشقاق بين الزوجين، حكما صالحا عدلا من أهل الزوج وحكما صالحا عدلا من أهل الزوجة؛ لحل النزاع بين الزوجين إذا لم يتمكنًا من تسويته بينهما بأنفسهما؛ تحقيقًا للعدل، وتحصيلًا للمصلحة، ودرءًا لما يتوقع من اتساع دائرة الخلاف فيما لو استمر الشقاق، ولولا مشروعية ذلك لما أمر الله سبحانه وتعالى به.

ب- ومنه قوله تعالى في جزاء الصيد بالنسبة للمحرم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95] .

ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أن الله تبارك وتعالى أمر بتحكيم ذوي عدل لبيان المثلية في جزاء الصيد، وجعل ما حكما به كافيًا في الفدية من هذا المحظور، ولولا صحة ذلك لما أمر به الشارع ولما أقره.

(1) الفيومي، المصباح المنير: 1 / 176.

(2)

هذا التعريف للشيخ الزرقا، انظر، د. محمد أحمد القضاة، التحكيم في الشقاق بين الزوجين، بحث منشور بمجلة دراسات سعودية، المجلد الثامن عشر (1) العدد الرابع، وهو مأخوذ من تعريف، ص 17، مجلة الأحكام العدلية، المادة (1790) مع زيادة يسيرة.

ص: 1653

وأما السنة: فقد دلت على ذلك بأدلة عديدة، منها:

أ- ما رواه النسائي عن شريح بن هانئ عن أبيه هانئ أنه لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنون هانئ بأبي الحَكَم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ((إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟)) )) .

قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال النبي عليه السلام:(( ((ما أحسن هذا. . .)) )) الحديث (1) .

ووجه الدلالة من هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أقره صنيعه واستحسنه منه.

ب- ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ رضي الله عنه في غزوة قريظة: (( ((هؤلاء نزلوا على حكمك)) )) . فقال سعد: تقتل مقاتليهم، وتسبي ذراريهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:(( ((قضيت بحكم الله)) )) (2)

وأما الإجماع فقد دلت عليه الوقائع الكثيرة التي اشتهرت وشاعت بين الصحابة من غير نكير منهم، في لجوئهم للتحكيم وقبولهم بنتيجته (3) .

وإن كان ذلك كله مما يشترط فيه موافقة الشرع (4) .

(1) سنن النسائي، باب إذا حكّموا رجلًا فقضى بينهم، كتاب آداب القضاة.

(2)

صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرجع النبي عليه السلام من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة.

(3)

من ذلك ما وري أنه كان منازعة بين عمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما في نخل، فحكما بينهما زيد بن ثابت. كما روي أن عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله تحاكما إلى جبير بن مطعم رضي الله عنهم، وكذلك حادثة التحكيم المشهورة في التاريخ الإسلامي بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بني أبي سفيان رضي الله عنهم، ونزول الهرمزان على حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(4)

هناك أمور لا يجوز دخول التحكيم فيها، ومنها: حقوق الله تبارك وتعالى كالحدود مثلًا؛ لأنها تتعلق بالصالح العام، ولا يملك أحد التنازل عنها. انظر: الأردبيلي، الأنوار لأعمال الأبرار: 2 / 615؛ وانظر أيضًا د. محمد أحمد القضاة، التحكيم في الشقاق بين الزوجين، مرجع سابق، ص 30.

ص: 1654

والتحكم يتميز عن غيره من الحلول المقترحة بعدة أمور:

1-

المرونة والسهولة، من حيث أنه لا يشترط له زمان معين ولا مكان معين.

2-

سرعة البت في الخصومة؛ لأن المحكَّم عادة ما يكون من أهل الخبرة والمعرفة، إضافة إلى أنه لا يشترط لعمله الإجراءات الكثيرة التي تشترط لعمل القاضي.

3-

قطع دابر النزاع والخصومة بسبب ثقة الطرفين المتنازعين في المحكم، مما يسهل عليهما بعد ذلك قبول قوله والاطمئنان إلى حكمه.

ولهذا يمكن الاعتماد على التحكيم بضوابطه الشرعية في حل ما يثور من نزاع في مسألة انخفاض قيمة العملة بحسب مقتضى الحال، مع مراعاة أن تكون الزيادة التي يتفق عليها بالتحكيم في مسألة قيمة العملة، من غير جنس النقد الذي ثبت به الالتزام؛ خروجًا من محذور الربا.

ص: 1655

ثالثًا – القضاء:

القضاء في اللغة: الحكم، وقضى، أي: حكم (1)، ومنه قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا} [الإسراء: 23] .

وفي الاصطلاح: نظر الحاكم بين المترافعين له لإلزام وفصل الخصومات (2) .

والقضاء مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع.

أما الكتاب، فمنه:

أ- قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ} [سورة ص: 26] .

ووجه الدلالة من هذه الآية: أن الله تبارك وتعالى كلف داود عليه السلام بهذا الأمر لفصل الخصومات وتحقيق العدل، ولولا مشروعية ذلك لم يلزمه به.

ب- ومنه قوله تعالى أيضًا: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .

ووجه الدلالة هنا أن الله سبحانه أقسم بذاته الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، ثم ينقاد لما حكم به ظاهرًا وباطنًا، من غير مدافعة ولا منازعة (3) ، ولولا صحة ذلك لما جعله الشارع بهذه المثابة.

(1) الصحاح، فصل القاف: 6 / 2436؛ المصباح المنير: 2 / 612.

(2)

المبدع شرح المقنع: 10 / 3.

(3)

الشنقيطي، أضواء البيان: 1 / 294.

ص: 1656

2-

وأما السنة ففيها أدلة عديدة، منها:

أ- قوله عليه السلام فيما رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (( ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر)) )) (1) .

وقد أجمعت الأمة في كل طبقة من طبقاتها على نصب القضاء للفصل بين الناس (2) .

ويمكن أن يكون اللجوء إلى القضاء حلًا ناجعًا لمشكلة انخفاض قيمة العملة، عندما يرفع الطرف المتضرر الأمر إلى القضاء، فيقوم القاضي بالنظر في ملابسات القضية، وقد يستعين بأهل الخبرة لتقرير مدى الضرر اللاحق بأحد الطرفين ، ويحدد بناء على ذلك ما يراه من تعويض عادل؛ لأن القضاء ما جُعل إلا لتحقيق العدل، وفصل الخصومات بين الناس، وفيه مزية على غيره أنه مُلزِم قطعًا لأطراف النزاع، وإن كان أحد الطرفين – المحكوم عليه – يشعر بالهضم، وفوات حقه، ولكن ليس هناك أمام القاضي إلا ما يظهر له، فهو يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر (3) .

(1) رواه البخاري في صحيحه في باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ من كتاب الاعتصام: 9 / 133؛ ومسلم في باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ من كتاب الأقضية، مختصر صحيح مسلم للمنذري، ص 280.

(2)

المغني لابن قدامة 14 / 5؛ المبدع شرح المقنع: 10 / 3.

(3)

مما يؤدي هذا المعنى قوله عليه الصلاة السلام في الحديث الصحيح الذي روته أم سلمة رضي الله عنها: ((إنما أن بشر، وإنه يأتيني الخصم، فلعل لعضهم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صادق، فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليحملها أو يذرها)) . انظر: مختصر صحيح مسلم للمنذري،كتاب القضاء والشهادات، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، ص 280.

ص: 1657

رابعًا – الإلزام الانتقائي من الدولة:

ومعناه قيام الدولة ممثلة في بعض أجهزتها المختصة بإلزام قطاعات، مثل الأجور والرواتب التقاعدية، بتغيير مقدار التزاماتها المالية بنسبة معينة، أو ربطها – أي الالتزامات – بمؤشر معين، مثل سلة السلع، أو العملات، أو عملة معينة

إلخ، وهذا الإلزام من الدولة إن حصل فإنه يختلف حال إلى حال:

1-

فإن حصل في مجال الأجور والرواتب، وبخاصة التي تكون عقودها طويلة الأجل، فقد يتجه القول بالجواز استنادًا إلى مبدأ استحقاق أجرة المثل، ومبدأ التسعير عند الحاجة، والذي هو من حق ولي الأمير تحقيقًا للمصلحة.

وأجرة المثل تجب عند جمهور الفقهاء في الإجارة الفاسدة، سواء أكانت الأجرة مجهولة أم معلومة (1) ؛ لأن المستأجر إذا استوفى المنافع فقد ثبت للعامل ما يقابل ذلك من الأجر عملًا بقاعدة: الغنم بالغرم، والعامل لم يرض ببذل منافع نفسه إلا بعوض، فلابد أن يكون هذا العوض متحققًا يكافئ المنفعة التي استوفاها رب العمل.

ومثال الإجارة الفاسدة مع جهالة الأجرة، ما لو استأجره على عمل وشرط له أن يعطيه ما يرضيه.

ومثال الإجارة الفاسدة مع معلومية الأجرة، ما لو استأجره على سلخ شاة، وجعل أجرته جلدها، فالإجارة هنان فاسدة؛ لأنه لا يعلم هل يخرج الجلد سليمًا أولًا؟ وهل هو ثخين، أو رقيق (2) .

(1) يرى الإمام أبو حنيفة وصاحباه أنه لا يزاد على المسمى فيما إذا كانت الأجرة معلومة في الإجارة الفاسدة؛ لأن الإجارة الفاسدة ملحقة بالصحيحة من حيث إنه لا تقوم فيها المنافع إلا بعقد أو شبهة عقد، فلا يجب إلا المسمى تشبيهًا لها بالصحيحة؛ ولأن العاقدين رضيا بالمسمى فسقط حقهما في الزيادة، انظر: د. شرف، الإجارة الواردة على عمل الإنسان، ص 329.

(2)

ابن قدامة، الشرح الكبير: 14 / 295.

ص: 1658

ومن أهم أدلتهم على وجوبها ما يلي:

أ- قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]، ووجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب أجرة المثل في الإجارة الفاسدة: أن من استغل مال غيره بغير حق، فقد انتهك حرمته، فعليه أن يقاصّ بمثله من ماله (1) .

ب- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة المفوّضة، وهي: التي مات عنها زوجها بعد الدخول بها، وقبل أن يفرض لها مهرًا من قوله:(( ((فإن دخل بها فلها مهر مثلها، لا وكس ولا شطط)) )) (2) أي لا نقص ولا زيادة، وهذا يمكن أن يستدل به على وجوب قيمة المثل.

ج- القياس على البيع؛ فإنه إذا فسد الثمن اعتبرت فيه قيمة المثل، فكذلك الحال في الإجارة إذا فسدت الأجرة تعتبر أجرة المثل، بجامع أن كلا منهما بيع، فالإجارة بيع المنافع، وذاك بيع الأعيان (3) .

(1) هذا التوجيه لابن حزم في كتابه المحلى: 9 / 18، نقلًا عن د. شرف الشريف، الإجارة الواردة على عمل الإنسان، ص 328.

(2)

سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقًا حتى مات.

(3)

الإجارة الواردة على عمل الإنسان، مرجع سابق، ص 323، 329.

ص: 1659

2-

وقد يتجه القول بعدم جواز ذلك؛ بناء على الأجرة قد تمت على وجه صحيح عند العقد، وهي ركن من أركان العقد فلا بد من معرفتها، والقول بالإلزام بتغييرها أو ربطها بمؤشر معين أو سلعة، أو عملة مبينة يترتب عليه جهالة الأجرة؛ لأنها إذا كانت نقدًا، فإن من شروطها معرفة قدره وجنسه ونوعه، حتى لا يكون هناك مجال للمنازعة، وعدم العلم بمقدارها أمر يقتضي فسادها؛ لأن هذه الجهالة تفضي إلى الغرر، من حيث إن المستأجر لا يدري ما هو مقدار الأجرة الذي يلزمه حينها، وكذلك الأجير أو الموظف فإنه يجهل ما سيؤل إليه الحال، وهذا كله يؤدي إلى الغرر، وهو منهي عنه شرعًا (1) .

وإذا نظرنا إلى ما نحن فيه من انخفاض قيمة الأجرة بسبب التضخم، فإنا نجد أن الأجرة مسماة، وقع عليها الاتفاق بين الطرفين حال العقد، والعقد في ابتدائه صحيح من حيث وجود أركانه وشروطه، ولكن طرأ عليه بسبب طول المدة وانخفاض قيمة النقد ما يمكن أن يجعله فاسدًا لفساد الأجرة المسماة بانخفاضها الفاحش، والذي هو عند التحقيق عيب، لوجود معنى العيب (2) فيه، فلا ينكر القول بتعويض العامل عنه.

وهناك ملحظ آخر أيضًا يمكن أن يستأنس به للقول بتصحيح الإجارة في حال التضخم الفاحش، وهو أن الأجرة عند عدد من العلماء لا تملك بالعقد، وإنما تملك باستيفاء المنافع أو تسليم العمل، ومما يقوي ذلك ما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:(( ((يغفر لأمتي في آخر ليلة من رمضان)) . قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال:((لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله)) )) (3) .

وبناء عليه فإن العامل لما وفّى بعمله، وجب أن يأخذ الأجر العادل لهذا العمل بعد الانتهاء منه، فإن نقص المسمى عن أجرة العدل التي استحقها العمل، وجب أن يعوض عن ذلك بطريق مشروع.

(1) د. حمزة الفعر، ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعار، ص 174، بحث منشور بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد (20) ، السنة الخامسة.

(2)

انظر ما تقدم، ص 9، 10.

(3)

رواه الإمام أحمد في مسنده، وانظر د. شرف الإجارة الواردة على عمل الإنسان، مرجع سابق 219 - 223.

ص: 1660

ويمكن أن يستدل لجواز الإلزام الانتقائي بجواز التسعير لولي الأمر عند الحاجة، تحقيقًا لمصلحة الحفاظ على أموال الناس.

والتسعير في اللغة مأخوذ من سعرت النار تسعيرًا إذا أوقدتها حتى جعلت له لهبًا عاليًا، ومنه سعرت الشيء تسعيرًا: جعلت له سعرًا ينتهي إليه؛ لأن السعر ارتفاع لقيمة السلعة (1) .

وفي الاصطلاح: تدخل ولي الأمر لتقدير سعر سلعة أو خدمة، بما يحقق المصلحة الشرعية (2) .

والأصل في جواز التسعير لولي الأمر أنه مأمور بحماية مصالح الناس، بما أعطاه الله سبحانه وتعالى من سلطان الطاعة في قوله جل ذكره:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] .

وبناء عليه فإنه إذا أمر بشيء أو نهى عن شيء مراعاة للمصلحة؛ وجبت طاعته بالمعروف، أما إن كانت في غير المعروف فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لقوله عليه السلام:(( ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) )) (3) .

وقد قعد العلماء أن تصرف الإمام على بالرعية منوط بالمصلحة (4) . وبناء عليه فإنه يجوز لولي الأمر أن يتدخل بالإلزام في بعض الصور كالإجارة ونحوها؛ تحقيقًا للمصلحة التي أُلزم بمراعاتها.

(1) الفيومي، المصباح المنير: 1 / 327، 328؛ الفيروزآبادي، القاموس المحيط، فصل السين، باب الراء: 2 / 49.

(2)

عيشة صديق نجوم، التسعير، رسالة مقدمة لجامعة أم القرى، ص 20، 21.

(3)

مختصر مسلم للمنذري، كتاب الإمارة، باب: إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، ص 332.

(4)

العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ص 510.

ص: 1661

هذا فيما يخص الأجور والمرتبات، وأما بالنسبة لغيرها من أنواع الالتزامات فإنه يمكن أن يقال فيها ما يلي:

1-

الودائع المصرفية تحت الطلب: لا يجوز التعويض عن نقصانها لأنها قروض، والإلزام بالزيادة فيها يقود إلى الربا، والنهي عن الغرر وما يؤدي إليه إنما ورد في عقد البيع؛ لكون ذلك مظنة لأكل أموال الناس بالباطل، وهذا موجود في كل عقد معاوضة مالية؛ لأن المال مقصود فيه (1) ، أما عقد القرض فإنه يختلف عنها؛ لأنه عقد إرفاق، وما يحصل فيه من نقص المالية بالنسبة للمقرض يعوضه ما يحصل عليه من الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله.

2-

الأمانات، كأموال المضاربة والمشاركة والوديعة وما بيد الوكيل من مال موكله ونحو ذلك ، وهذه لا تدخل فيما سبق من القول بمشروعية التعويض عن النقص الحاصل بسبب التضخم؛ لأن ما يعد من أموال الأمانات لو تلف بالكلية في يد الأمين فإنه لا يضمن شيئًا، فمن باب أولى فيما لو نقصت قوتها الشرائية بسبب التضخم، إلا في حال التعدي أو التفريط، فإنه يضمن ما تعدى أو فرط فيه؛ لأنه يصبح بتعديه أو تفريطه ظالمًا معتديًا، ومثال ذلك لو دفع رجل مالًا لآخر مضاربة وشرط عليه أن يتجر به في العقارات فقط، فوضعه في المواشي فهلكت، فإنه يضمن لتعديه.

وكذلك إذا أودع لديه مالًا وطلب منه أن يضعه في صندوق حديدي معين وأن يغلقه، فتركه في مرة من المرات غير مغلق، فسرقه اللصوص، فإنه يضمن لتفريطه (2) .

3-

الضمانات، كالنقود المغصوبة وبدل المتلفات إذا حبست عن أصحاب الحق حتى نقصت بسبب التضخم نقصًا فاحشًا، فإنه يتجه القول بتعويض ما حصل من نقص بسبب التضخم؛ لأن الغاصب ظالم معتد والمغصوب منه مظلوم لا ذنب له، فوجب أن يتحمل الظالم تبعة ظلمه.

وكذلك بدل المتلف؛ فإن صاحب المال المتلف – نقدًا كان أو غيره – تعلق حقه بماله، فإذا اتلف متلف بتعد أو بغيره، فإنه يضمن لصاحب الحق ما فات من حقه بما يضمن له حصوله على مثله.

4-

المدين المماطل وغير المماطل: المطل هو التأخير في أداء الحق، وقد يكون هذا من الظلم فيما إذا كان فاعله قادرًا على الوفاء، كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام:(( ((مطل الغني يحل عرضه وعقوبته)) )) (3) ، وقد لا يكون من الظلم إذا كان المدين عاجزًا عن الوفاء بالحق لصاحبه، وفي كلا الحالين فإن الضرر يلحق صاحب الحق، بنقصان ماله بسبب التضخم، إلا أنه انضم إلى الحال الأول الظلم، وخلت عنه الحال الثانية.

(1) الدكتور الصديق الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي.

(2)

انظر: ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص 275 وما بعدها.

(3)

رواه البخاري في صحيحه في باب مطل الغني ظلم، من كتاب الاستقراض وفي مواطن أخرى: 3 / 155؛ ومسلم في صحيحه في باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة من كتاب المساقاة: 5 / 1197؛ ح 1564.

ص: 1662

ويمكن هنا أن يقال: إن المماطل يلزم بنقصان المال الذي أخره عن صاحبه ظلمًا حتى نقص بسبب التضخم، حتى ولو كان النقص يسيرًا، وليس في هذا ظلم له؛ لأنه هو الذي تسبب في هذا، أما غير المماطل فإنه لا مانع من إلزامه أيضًا بضمان ما نقص عنده من حق غيره بسبب التضخم، ولكن لا يلزم إلا بالنقص الفاحش، وقد يكون حاله وفقره مدعاة للتيسير عليه من قبل صاحب الحق، أما الأول فإنه يؤخذ بالعدل، ولا يظلم بالزيادة على القيمة الحقيقية وقت الاستحقاق وحبسه المال، وحسابه على الله بسبب ظلمه وهو مستحق للعقوبة التعزيرية الدنيوية التي يقررها القضاء عقابًا له وردعًا لأمثاله.

ص: 1663

القسم الثاني:

دراسة صور العلاج المقترحة لآثار التضخم على الالتزامات، وهي التي يلحظ فيها:

احتمال التضخم عند التعاقد، ويتفرع عن هذه الحال حالتان فرعيتان:

1-

أن يتم التعاقد بغير عملة البلد التي يتوقع تغيرها، مثل:

أ- أن يتعاقد بالذهب أو الفضة.

ب- أن يتعاقد بعملة أخرى.

ج- أن يتعاقد بعملة حسابية.

د- أن يتعاقد بسلة عملات.

هـ- أن يتعاقد بسلعة.

وأن يتعاقد بسلة من السلع.

وهذه يصح أن يكون الثمن الذي يتعاقد به واحدًا من هذه الأنواع المتقدمة درءًا لاحتمال التغير في القيمة؛ لأن كل هذه الأموال معلومة متقومة فجاز أن تكون ثمنًا، ولكن لابد من ملاحظة أمرين:

الأول: أن لا يكون احتمال التغير كثيرًا فيما لو كان الحق مؤجلًا والثمن سلعة أو سلة من السلع؛ لأن السلع عادة ما تتعرض لتقلبات كثيرة ربما نتج عنها انخفاض كبير في قيمتها، فيؤدي هذا إلى جهالة الثمن وهذا غرر، وهو منهي عنه كما تقدم.

الثاني: ألا يشترط في العقد أن الأداء بغير الثمن الذي وقع عليه العقد؛ لأن هذا يجعله من قبيل الصرف المؤجل، وهو غير جائز شرعًا، بل لابد فيه، أي في عقد الصرف من التقابض في المجلس لقوله عليه السلام: (( ((الذهب بالورق ربًا إلا هاء وهاء

)) )) الحديثَ (1)، ولقوله عليه السلام:(( ((بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدًا بيد)) )) (2) .

وإذا وقع العقد بشرط أن يكون الأداء بغير الثمن ترتب عليه ما تقدم من كونه صرفًا مؤجلًا، وهو منهي عنه بالأدلة المذكورة وغيرها، فيبطل العقد بهذا الشرط (3) .

وهذا يسري أيضًا على القروض، فإنه لا يجوز أن يشترط في ردها عملة أخرى لما ذكر سابقًا؛ ولأنه لا يثبت في ذمة المقترض إلا ما قبض.

(1) رواه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة: 3 / 89؛ ورواه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا: 5 / 1209، ح 1586.

(2)

رواه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا: 5 / 1211، ح 1584.

(3)

ابن قدامة، المغني: 6 / 112؛ د. عمر الترك، الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية، ص 317، 318.

ص: 1664

2-

أن يتفق عند إبرام العقد على طريقة معالجة التضخم إذا حصل في صلب العقد، وذلك بالربط القياسي بإحدى الصور التالية:

أ- مؤشر تكاليف المعيشة.

ب- الذهب أو الفضة.

ج – بعملة أخرى.

د- بعملة حسابية.

هـ – بمعدل الناتج القومي.

و بسعر الفائدة.

ز- بسعر سلعة معينة.

ح- بمعدل أسعار سلة من السلع.

- والربط بالذهب أو الفضة أوبعملة أخرى أو بعملة حسابية (1) ، يعني تحديد الالتزام بعملة معينة مثلًا كالدولار، مع اشتراط أن يتغير مقدار الدَّين تبعًا للتغير في سعر الذهب أو الفضة بين يوم التغير ويوم الأداء، ويتم تسديد الدين بتلك العملة، وهذا يؤدي إلى غرر كثير بسبب جهالة المقدار الذي يتم أداؤه، ولا يعرف كل واحد من أطراف العقد ما له وما عليه، فيختل شطر المعلومية المطلوب لصحة العقد، إضافة إلى أنه يترتب على ذلك عدم المماثلة بين ما ثبت في الذمة عند العقد وما يجب أداؤه، وليس هذا تبرعًا ممن ثبت الحق عليه، ، إنما هو شرط في العقد، تترتب عليه زيادة في الجنس، وهي من الربا.

(1) العملة الحسابية ليس لها وجود حسي، وإنما هي أمر تقديري مربوط بمجموعة مختارة من العملات الحقيقية بنسب معينة.

ص: 1665

- أما الربط بالمؤشرات الأخرى غير العملات، فإنه يؤدي إلى غرر كثير بسبب الجهالة الكبيرة بما يؤول إليه الحال عند الأداء، لاسيما والسلع وأسعار الفائدة ومعدل الناتج القومي عرضة للتغير والتذبذب أكثر من النقود، ولذلك فهي أولى بالمنع من الربط بالعملات لما ينتج عن ذلك من مفاسد شرعية واقتصادية.

وبهذا يتضح أن العلاج للتضخم الذي يتفق مع الأدلة الشرعية ويتحقق به العدل؛ مقصور على صور العلاج في الحال الأولى وهي:

الصلح – التحكيم – القضاء – الإلزام الخاص لبعض القطاعات.

وعلى الحال الفرعية الأولى من القسم الثاني، وهي أن يتم التعاقد بغير العملة التي يتوقع تغيرها.

ص: 1666

وقبل أن نختم لابد من بيان ثلاثة أمور:

1-

مسؤولية الحكومة عن التعويض:

الحكومة في المجتمع الإسلامي تتحمل مسؤولية كبيرة في الحفاظ على المجتمع بتحقيق المصالح له ودرء المفاسد عنه، ومن ذلك إقامة ميزان العدل بين الناس، وكف المفسدين والمتطاولين، والمال عصب الحياة في المجتمعات الإنسانية، والمحافظة عليه مقصد من مقاصد الشريعة الكلية، والحكومة أول المطالبين بذلك، فلابد أن تحرص في سياساتها المالية وتصرفاتها في الشؤون الداخلية والخارجية على ما يكفل الثبات النسبي للعملة؛ لأنها هي المقياس الحقيقي للثروات التي بأيدي الناس، فإهمالها وعدم الاحتياط في السياسات المتعلقة بها يؤدي إلى ضياع ثروات الناس، وبالتالي خسارة المجتمع وانحطاط الاقتصاد بوجه عام، مما ينتج عنه ضعف الدولة أيضًا.

ويمكن في النظر الشرعي أن تتحمل الدولة نتيجة خطئها في بعض السياسات التي يترتب عليها حدوث التضخم أو زيادته إلى الحد الذي يؤدي إلى تآكل الثروات، فيتعين عليها حينئذ تعويض من تضرر بسبب ذلك من أرباب الأموال، كما أن عليها أن تنهج نهجًا حازمًا في تطبيق الحلول الشرعية لمعالجة آثار التضخم بين الناس، وإلزام المماطلين والمعتدين بإعادة الحقوق إلى أصحابها على الوجه الذي تتحقق به العدالة، وينتفي به الظلم.

وإذا كانت هي طرفًا في بعض المعاملات كالأجور والمرتبات، فإن عليها في حال التضخم أن تؤدي ما يلزمها حيال المتضررين.

2-

نسبة التغير المؤثرة في العملة والتي تستدعي الحل:

هناك من قدر هذه النسبة بالثلث كما في الجائحة، وهو تقدير له نظائره في عدد من الأحكام الشرعية حيث اعتبر في بعضها فاصلًا بين القليل والكثير، ولكن هذا لايمنع من ربط تقدير النسبة بما يقرره الخبراء، تحقيقًا لما يسمى بالتغير الفاحش؛ لأنه في بعض الأحيان قد يتحقق هذا في أقل من الثلث وقد لا يتحقق إلا فيما هو أكثر من الثلث.

3-

مفهوم الصلح الواجب:

وهذا يشترط له عدد من الأمور:

أ- ألا يخالف الشرع.

ب- أن يكون عاقد الصلح ذا أهلية شرعية لعقده.

ج- ألا يكون أحدهما كاذبًا في الدعوى على خصمه؛ لأنه أكل لأموال الناس بالباطل.

د- أن يكون المصلح من أهل العدل والعلم والتقي، حتى لا يحابي ولا يجور.

وإذا وقع الصلح بهذه الشروط ودخلا فيه برضاهما فإنه يصبح ملزمًا لهما (1) ، وإذا اشترطاه في العقد فهو شرط مقبول ويجب قبول نتيجته بعد ذلك لأنه دخل في العقد، فوجب الوفاء به امتثالًا لقوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] .

والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1) الشيخ عبد الله بن منيع، التضخم أسبابه وعلاجه والمصالحة في حال وقوعه، ص 52 - 56.

ص: 1667

المراجع

- آثار التضخم على العلاقات بين المتعاقدين، موسى آدم عيسى.

- الإجارة الواردة على عمل الإنسان، د. شرف بن علي الشريف، دار الشروق، جدة، ط / 1، (1400 هـ / 1980 م) .

- الإحكام في أصول الأحكام، لسيف الدين علي الآمدي، مؤسسة الحلبي، القاهرة، طبع دار الاتحاد العربي، مصر.

- الأشباه ولنظائر، لجلال الدين السيوطي، م الحلبي بمصر.

- الأشباه والنظائر، لزين الدين ابن نجيم، مؤسسة الحلبي، القاهرة، (1387 هـ) .

- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد أمين الشنقيطي، ط / 2، (1400 هـ) ، محمد بن لادن.

- الأنوار لأعمال الأبرار، للإمام يوسف الأردبيلي، ومعه حاشيتان: 1 – الكمثري، 2- حاشية إبراهيم الحاج، مؤسسة الحلبي، القاهرة، ط / الأخيرة، (1389 هـ / 1969 م) .

- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي، ط / 2 بالأوفست دار المعرفة، بيروت.

- تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي، مع حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي، دار صادر، بيروت.

- التحكيم في الشقاق بين الزوجين، د. محمد أحمد القضاة، مجلة دراسات سعودية، المجلد الثامن عشر (م) العدد الرابع، (1991 م) .

- التسعير، لعيشة صديق نجوم، رسالة ماجستير، رسالة ماجستير، كلية الشريعة، جامعة أم القرى، (1407 هـ) .

- التضخم أسبابه وعلاجه والمصالحة في حال وقوعه، للشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، ضمن مجموع فتاوى وبحوث، ط / 1، (1420 هـ) ، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض.

- الجامع الصحيح، لمحمد بن إسماعيل بالبخاري، ط / مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، (1378 هـ) .

ص: 1668

- حكم الشرع في تعديل ما ثبت بذمة المدين للدائن في حالة التضخم، للشيخ عبد الله الشيخ محفوظ بن بيه، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، السنة الثامنة، العدد الثلاثون، (1417 هـ) .

- ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعار في ضوء الأدلة الشرعية، د. حمزة بن حسين الفعر، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد العشرون، السنة الخامسة، (1414 هـ / 1994 م) .

- سنن النسائي، مكتبة مطبعة الحلبي، مصر.

- الشرح الكبير، لأبي البركات أحمد الدردير، توزيع دار الفكر، بيروت.

- شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل، للإمام أبي حامد الغزالي، تحقيق د. حمد الكبيسي، (م) الإرشاد، بغداد، (1390 هـ / 1971 م) .

- الصحاح، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد بعد الغفور عطار، ط / 2، دار العلم، بيروت، (1402 هـ) .

- عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، لجلال الدين بن نجم بن شاس، تحقيق: د. محمد أبو الأجفان، وأ. عبد الحفيظ منصور، دار الغرب الإسلامي، ط / 1 / (1415 هـ / 1995 م) .

- الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للبروفسور الصديق محمد الأمين الضرير، سلسلة صالح كامل للرسائل الجامعية في الاقتصاد الإسلامي، ط / 2، (1416 هـ / 1995 م) .

- فتح الباري، للإمام أحمد بن حجر العسقلاني، المطبعة السلفية.

- القاموس المحيط للفيروز آبادي، ط / 2، مطبعة الحلبي بمصر، (1371 هـ) .

- المبدع شرح المقنع، لبرهان الدين بن مفلح، ط / 1، المكتب الإسلامي، بيروت، (1980 م) .

- مختصر سنن أبي داود، للمنذري مع المعالم للخطابي، دار المعرفة، بيروت، (1400 هـ / 1980 م) .

- مختصر صحيح مسلم، للحافظ المنذري، ط / الكتب الإسلامي، بيروت.

- مدى اعتبار التضخم عيبًا في العملة، د. حمزة بن حسين الفعر، بحث مقدم لندوة التضخم، (1418 هـ / 1997م) .

- المدخل الفقهي العام، لمصطفى أحمد الزرقا، دار الفكر، ط/ 2، (1384 هـ / 1965 م) .

- مصادر الحق في الفقه الإسلامي، د. عبد الرازق السنهوري، معهد البحوث والدارسات العربية بجامعة الدول العربية، القاهرة، (1953 – 1954 م) .

- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، للعلامة أحمد بن محمد المقري الفيومي، دار بالكتب بالعلمية، بيروت، (1398 هـ / 1978 م) .

- المغنى، لموفق الدين بن قدامة، تحقيق، عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، ط / 2، دار هجر، القاهرة، (1409 هـ) .

- الموسوعة الفقهية، إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، ط / 2، (1404 هـ / 1983م) ، طباعة ذات السلاسل.

ص: 1669