الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقوق الطفل
الوضع العالمي اليوم
إعداد
الدكتور محمد علي البار
بسم الله الرحمن الرحيم
الوضع العالمي اليوم
المقدمة:
الحمد لله الذي امتن على عباده بما وهب لهم من الأزواج والذرية. قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]، وجعل سبحانه المال والبنون زينة الحياة الدنيا. وطلب الأنبياء والصالحون من ربهم أن يهب لهم ذرية طيبة. {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38] .
وكان من دعاء عباد الرحمن {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، وقد جعل الله سبحانه وتعالى حب الذرية من الفطرة التي فطر الناس عليها قال تعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30] .
والصلاة والسلام على خير خلق الله، الذي أرسله رحمة للعالمين حتى شملت رحمته صلى الله عليه وسلم الحيوان والطير فضلًا عن الإنسان، وأشد منها رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] ، فصلى الله عليه أفضل وأزكى ما صلى على أحد من العالمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وذريته الميامين.
وكانت رحمته صلى الله عليه وسلم تتجلى أكثر ما تتجلى بالأطفال حتى إنه ليهم بإطالة الصلاة، فيسمع بكاء الصبي، فيخفف صلاته، شفقة عليه وعلى أمه.
وكان صلى الله عليه وسلم يقبل أبناءه الحسن والحسين، ويلعب معهم، ويركبون على ظهره الشريف عليه أزكى الصلاة والسلام، وكان يحتضنهما ويقول:((هما ريحانتاي من الدنيا)) .
وقبل ذات مرة الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:((من لا يرحم لا يرحم)) (1) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان! فما نقبلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَوَأملك أن نزع الله من قلبك الرحمة)) .
والأحاديث في باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال كثيرة جدًا، وتملأ شطرًا من كتب الحديثة ودواوينه.
وعلى مدى التاريخ الإسلامي كانت معاملة الأطفال تمتاز بالرقة والحنان والشفقة، وتوجيه هؤلاء الأطفال إذا بلغوا سن التوجيه، ولم يكن الأمر يقتصر على حب الأبناء الذي غرزه الله في قلوب الآباء والأمهات، ولكنه تعداه إلى حب البنات والإحسان إليهن، وعدم التضجر من ولادة البنات، أو التسخط على ما أنعم الله بهن.
قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58 – 59] .
وهو سبحانه الذي يهب الإناث والذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا. قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 49 – 50] .
(1) أخرجه البخاري.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تربية البنات والإحسان إليهن، وجعل من يحسن إلى اثنتين أو ثلاث منهن رفيقه في الجنة، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من عال جارتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين. وضم أصبعيه)) .
وبشر صلى الله عليه وسلم من عال ابنتين أو ثلاثًا بالجنة، وكن له حجابًا من النار، عن عائشة رضي الله عنها ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار)) (1) .
ومثله حديث عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((: من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجابًا من نار)) (2)
ومثله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعه قال: ((من كان له ثلاث بنات أو أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان، فأحسن صحبتهن وصبر عليهن واتقى الله فيهن دخل الجنة)) (3) .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا بنفس المعنى، وفيها اثنتان أو واحدة. وهي كلها تدعو إلى حسن المعاملة والشفقة والبر بالبنات أو الأخوات، وتجعل في ذلك الأجر العظيم ، الستر من النار، ودخول الجنة، بل ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
وما أعظم ذلك من أجر ومثوبة تتشوف له نفس المؤمن، فيقبل على تربية البنات والأخوات والإحسان إليهن دون ضجر، وبل بلذة وشغف.
(1) أخرجه البخاري: 3 / 225؛ ومسلم في صحيحه رقم (2629) ؛ والترمذي: 4 / 281؛ وأحمد في مسنده.
(2)
أخرجه أحمد في مسنده.
(3)
أخرجه أبو داود، والترمذي، وأحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه، والحميدي في مسنده ، البخاري في الأدب المفرد.
وعلى مدى التاريخ الإسلامي كانت العناية بالأطفال فائقة، وكان المسلمون يبادرون إلى تربية الأيتام ورعاية اللقطاء، ويحسنون إليهم، ويجعلونهم مثل أبنائهم، لكن دون أن يلحقوهم بهم نسبًا. قال تعالى مبطلًا التبني:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 4 – 5] .
وأبطل الله سبحانه وتعالى تبني النبي محمد صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة. قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37]، وقوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: 40] .
ومن أجل إبطال التبني أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج زينب بنت جحش التي طلقها زيد بعد أن ساءت العلاقة بينهما، وكان ذلك عسيرًا كل العسر على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك أشق عليه من ملاقاة الصناديد في ساحات الوغى، حتى قال له المولى سبحانه وتعالى:{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} . وهو أشد الناس خشية لله وأتقاهم له، لكن ألسنة الناس حداد، وقد تكلم المنافقون والمشركون في زواجه من زينب رضي الله عنها، ولا يزال أعداء الإسلام يثيرونها إلى اليوم، وهي قصة توضح طاعة النبي صلى الله عليه وسلم لربه وخشيته له، وشدة امتثاله لأمره، ولو كان في ذلك التعرض لأذى الناس وكلامهم.
رعاية الأيتام:
ورعاية الإسلام للأيتام ما بعدها رعاية. قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9 – 10]، وقال تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36] .
ونهى سبحانه وتعالى أشد النهي عن أكل أموال اليتامى، وهدد عليه بالعذاب الشديد يوم القيامة قال تعالى:{وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] .
ونهى سبحانه وتعالى أن يتزوج الرجل اليتيمة تحت يده إلا إذا أعطاها مهرها كاملا، قال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] .
فإذا بلغ اليتيم النكاح ينبغي أن يمتحن، فإن وجد راشدًا دفع القيم إليه ماله وأشهد على ذلك، قال تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6] .
وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] ، وذلك بعد أن تأثم رجال حتى عزلوا طعامهم عن طعام اليتامى تحت أيديهم، فنزل القرآن يدلهم على ما هو أصلح، وكانت الآيات الكريمة تنزل من السماء تأمر ببر الوالدين والإحسان إلى اليتامى، وتأمر بالإنفاق على الفقراء والمساكين واليتامى، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]، وقال تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177] .
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون إلى احتضان اليتامى وتربيتهم، فيحسنون معاملتهم، وكأنهم أبناؤهم من أصلابهم، واستمرت الأمة الإسلامية على ذلك دهورًا طوالًا وأزمنة متعاقبة، حتى دخل الاستعمار بلاد المسلمين، وغيّر كثيرًا من أخلاقهم وتكافلهم، وصارت الأسرة تضيق بأفرادها، فكيف بمن يضاف إليها من هؤلاء الأيتام؟! واضطرت المجتمعات والحكومات إلى إنشاء دور للأيتام واللقطاء، ورغم أن ذلك أمر حسن في ظاهره إلا أنه يفقد اليتيم رعاية الأسرة، ويحدث في دور الأيتام واللقطاء بعض المآسي التي تنشر بين الفينة والفينة. ويعانون من إهمال وسرقة طعامهم ولباسهم واعتداء بالضرب وسوء المعاملة، كما أن هناك حالات كثيرة من اعتداءات جنسية وغيرها، وهي حالات لا تزال فردية ولكن يخشى من انتشارها.
واقع الأطفال في العالم اليوم:
تذكر تقارير المنظمات الدولية مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من مائة مليون طفل مشرد في الشوارع (Street Children) دون أهل ولا مأوى، وهؤلاء يستخدمون في مختلف أنواع الجرائم، مثل النشل والسرقة والتسول وتوزيع المخدرات والدعارة.
وتنظم ذلك عصابات إجرامية تتولى الإشراف على هؤلاء الأطفال وسرقة ما يحصلون عليه، كما تصنع لبعضهم عاهات مستديمة ليتمكنوا بواسطتها من التسول.
وقد ذكرت تقارير منظمات الأمم المتحدة أن مليون طفل يدفعون دفعًا إلى الدعارة في آسيا، ومثل ذلك الرقم في أمريكة اللاتينية، ويعملون في المواخير والنوادي الليلية وما يسمى صالونات التجميل والمساج، وكلها مسميات وتغطية للدعارة والمتاجرة بأبضاع هؤلاء الأطفال، ولا يقتصر ذلك على الإناث فقط، ففي تايلند يأتي كثير من السياح الغربيين من أوروبة والولايات المتحدة وأسترالية وكندة ويطلبون الصبيان ليفعلوا بهم الفاحشة. وتوفر لهم هذه الأماكن ما يطلبون. ويعتبر ذلك أحد مصادر الدخل القومي الهامة من السياحة!! وقد ندد بهذه الأفعال الشائنة كثير من المنظمات العالمية وحقوق الإنسان وحقوق الأطفال.
وتقدر منظمة الصحة العالمية واليونيسف عدد الأطفال المختطفين والعاملين في الدعارة في الهند سنويًا بثلاثمائة ألف طفل، وفي تايلند مائة ألف، ومثلها في الفيلبين وتايوان. (مائة ألف لكل واحدة منهما) . وفي فيتنام أربعون ألفًا، وفي سيرلانكة ثلاثون ألفًا.
أما في أمريكة اللاتينية فالأرقام أشد بشاعة، ففي البرازيل وحدها نصف مليون طفل يدفعون إلى الدعارة سنويًا.
ويعاني هؤلاء الأطفال من الأمراض الجنسية الخطيرة مثل السيلان والزهري والقرحة الرخوة والكلاميديا والهربس والإيدز.
وبحلول عام 1998م كان هناك ثمانية ملايين طفل في العالم يعانون من الإيدز، إما بانتقاله من الأم المصابة إلى طفلها، أو عن طريق الاعتداء الجنسي على هؤلاء الأطفال.
وسيبلغ العدد في نهاية القرن أكثر من عشرة ملايين طفل مصابين بالإيدز مع عشرة ملايين أخرى يعانون من اليتم.
آثار الحروب على الأطفال:
ويعاني الأطفال في العالم اليوم من الآثار المدمرة للحروب الأهلية والنزاعات الطائفية. ويقتل في هذه الحروب يوميًا آلاف الأطفال، وفي كثير من الأحيان يتم القتل المتعمد لهؤلاء الأطفال كما حدث في البوسنة والهرسك وكوسوفو من قبل الصرب، وكما حدث في لبنان وفلسطين من قبل اليهود في إسرائيل.
وعلى سبيل المثال قامت طائرات الهليكوبتر الإسرائيلية في (16) نيسان – أبريل 1996م بالهجوم على سيارة إسعاف تحمل مجموعة من الأطفال بعد أن تأكدت من هويتهم، وأمطرهم وابل قذائفها، فمزقت تلك الأجسام الرخصة البريئة. وبعدها بيومين فقط قام شمعون بيريز (الذي يسمونه الحالم والشاعري) بمجزرة قانا، حيث لجأ مئات الأطفال والشيوخ والنساء إلى ملجأ للأمم المتحدة في قانا في جنوب لبنان، وقامت الطائرات الإسرائيلية وراجمات الصواريخ بدك هذا الملجأ، وقتلت مئات الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة، ومثلها قصة مدرسة بحر البقر حيث دكت الطائرات الإسرائيلية هذه المدرسة وقتلت مئات الأطفال.
وتتكرر المأساة في رواندة وبروندي وفي أنجولة ويوغندة والكونغو وسيراليون، وفي جنوب السودان والصومال والحبشة وإريترية. وفي كشمير، وغيرها من مناطق النزاع.
ويتعرض النساء والأطفال بالإضافة إلى ويلات الحرب والقتل المتعمد إلى الاغتصاب، كما حدث في البونسة والهرسك من قبل الصرب، وكما حدث أيضًا في كوسوفو، وفي كشمير، وفي رواندة وبروندي.. إلخ.
وتقوم المليشيات في كثير من الأحيان بتجنيد الأطفال قسرًا، كما يحدث الآن بواسطة جون كرنك في جنوب السودان وفي مناطق أخرى من أفريقية، حيث تم تجنيد ثلاثمائة ألف طفل هناك.
الألغام الأرضية:
ومن المآسي التي يتعرض لها الأطفال بصورة خاصة انتشار الألغام الأرضية، وبعضها في صورة لعب يتجه إليها الطفل فتنفجر فيه مسببة إما قتله على الفور، أو تشوهات رهيبة تبقى معه طوال عمره.
وتقدر منظمات الأمم المتحدة أن هناك أكثر من مائة مليون لغم أرضي موزعة في أقطار العالم، منها على سبيل المثال عشرة ملايين لغم في أفغانستان، ورقم مقارب له في أنجولة. وفي كمبودية سبعة ملايين لغم، وفي العراق نفس الرقم تقريبًا، وفي البوسنة مليون لغم وفي كرواتية كذلك.
وفي كوسوفو عدة ملايين من هذه الألغام المرعبة.
وقد تنادت منظمات حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة إلى إيقاف إنتاج الألغام الفردية البشرية، ولكن وياللهول نرى الولايات المتحدة زعيمة المعسكر الليبرالي، والتي تكثر الحديث عن حقوق الإنسان، تقف حجر عثرة ضد إصدار قانون دولي يحرم إنتاج هذه الألغام المدمرة للأطفال والبشر.
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر منتج لهذه الألغام تليها إسرائيل وهنغارية ورومانية وبلجيكة وبريطانية وروسية وألمانية والبرتغال وإيطالية وإسبانية وكندة. ومن دول العالم الثالث جنوب إفريقية والهند وباكستان.
ويكلف صنع اللغم أقل من ثلاثة دولارات، بينما يكلف إبطال مفعول لغم واحد ما بين ثلاثمائة وألف دولار!! ويتوفى أو يشوه يوميًا عشرات الأطفال نتيجة هذه الألغام. وفي أفريقية وحدها (20) مليون لغم أرضي منها (9) ملايين في أنجولة ومليون ونصف المليون في الصومال.
أطفال العراق:
ويعاني أطفال العراق معاناة شديدة نتيجة الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على شعب العراق بزعم أن ذلك يقوض أركان النظام، وما ازداد النظام إلا طغيانًا وجبروتًا نتيجة هذه السياسة الخرقاء، وبينما يموت آلاف الأطفال سنويًا، ويعاني الملايين منهم من الأمراض وسوء التغذية، نجد أن أركان النظام يعيشون في رفاهية متناهية، وتبنى القصور الرئاسية، بينما لا يجد أفراد الشعب ما يسد رقمهم. وقد مات أكثر من مليون ومئتي ألف طفل عراقي نتيجة هذا الحصار منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 م حتى اليوم 1999 م.
عمل الأطفال:
نتيجة للفقر المدقع الذي يعاني منه الغالبية من كان العالم نجد انتشارًا رهيبًا لاستخدام الأطفال في الأعمال، فهناك حوالي (800) مليون طفل في سن أقل من (15) عامًا يعملون يوميًا للحصول على ما يبقي أودهم. وبالتالي يفقدون حقهم في التعليم، ولا يجدون أي فرصة للعب مثل أترابهم. ليس هذا فحسب، ولكن غالبيتهم تعمل أعمالًا شاقة وخطرة تُعرض صحتهم وحياتهم لكثير من المخاطر. فهناك من يعمل في المناجم وفي المحاجر وتكسير الأحجار وحمل الأثقال وأعمال كثيرة خطرة، ولساعات طويلة يوميًا تبلغ في معدلها اثنتا عشرة ساعة.
سوء توزيع الثروات:
وقد ذكرت وكالات الأنباء تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لعام 1999م (1) أن ثروة أغنى ثلاثة رجال في العالم تتجاوز مجموع إجمالي الناتج القومي لخمسة وثلاثين دولة نامية يزيد سكانها عن ستمائة مليون نسمة. نعم دخل ثلاثة أشخاص فقط يزيد عن دخل ستمائة مليون فرد من أفراد العالم. أما ثروة المئتي شخص الأكثر ثراء في العالم فإنها تفوق دخل (2400) مليون فرد من سكان العالم!! أي عدالة هذه في توزيع الثروات!!
ونتيجة لهذا الخلل الرهيب في توزيع ثروات العالم تستولي الدول المتقدمة والتي تشكل (15) بالمائة من سكان العالم على أكثر من (85) بالمائة من ثرواته.
كما أن (97) بالمائة من براءات الاختراع في العالم تعود للدول الصناعية في أوروبة والولايات المتحدة واليابان. وتعاني الدول الفقيرة من سوء الإدارة وأنظمة متعفنة متسلطة، ومن الديون الرهيبة، حيث نجد أن خدمة الدين (أقساط الدين زائد الربا) تفوق الدخل القومي بأكمله. وفي تنزانية يزيد المبلغ الذي تدفعه سنويًا لتسديد ديونها مع الأرباح (الربا) عن تسعة أضعاف ميزانية الصحة، وأربعة أضعاف ميزانية التعليم فيها.
وفي تركية بلغت فوائد القروض (150) بليون دولار خلال الخمس عشرة سنة الماضية. وفي عام 1999 م بلغت الميزانية (45) بليون دولار، يخصص منها (25) بليون دولار للديون الداخلية، وخمسة بلايين لفوائد الديون الخارجية، أي أن الربا على الديون بلغ (67) بالمائة من الميزانية كلها (2) .
ورغم ذلك كله فإن زمرة المتحكمين في أزمّة الحكم في هذه البلاد المتخلفة تستولي على ما بقي من الثروات.
والواقع أن معظم هذه الدول غنية بثرواتها الطبيعية، ولكن الدول الغربية منذ عهد الاستعمار إليى اليوم تستولي على هذه الثروات الهائلة من النفط واليورانيوم والذهب والمعادن والمواد الخام بأسعار تافهة. وبوساطة البورصة يتم امتصاص آلاف الملايين من الدولارات يوميًا فالبورصة بالعملات تبلغ تريليون ونصف التريليون (3) دولار يوميًا، وإذا افترضنا أن ربح هذه العمليات لا يزيد عن واحد بالمائة يوميًا فإن ذلك يعادل (15000) مليون دولار، وهو مبلغ يزيد عن ميزانية كثير من الدول.
كما يتم في البورصة تجارة الذهب والمعادن النفيسة والبترول يوميًا، بالإضافة إلى أسهم الشركات وسندات الحكومة
…
إلخ. بمبالغ ذات أرقام فلكية، وتذهب أرباحها التي تصل إلى التريليونات في العام الواحد إلى دهاقنة المال وأربابه المتحكمين في بورصات العالم.
(1) الحياة العدد (13275) في 13/ 7/ 1999.
(2)
المجتمع 3 / 8 / 99.
(3)
التريليون يساوي مليون مليون.
وكلنا يذكر سوروس اليهودي الذي استطاع عن طريق المضاربة بالبورصة أن يركع أسواق شرق آسية، حتى ضج منه علنًا رئيس وزراء ماليزية محاضير محمد، واستطاع هذا اليهودي الماكر أن يلعب بالأسواق المالية، وأن يكسب آلاف الملايين من الدولارات تاركًا دول شرق آسية تئن وترزح تحت أعباء انهيار عملاتها. وكما قال محاضير محمد فإن جهود ثلاثة عقود من التنمية والجهد والعرق ذهبت أدراج الرياح خلال أيام من التلاعبات بالأوراق المالية والعملات.
ونتيجة هذا النظام الاقتصادي الفاسد المبني على الربا والغش والخداع والتلاعب بالأوراق المالية وبيوع الغرر، وما لا وجود له سوى في الأوهام، وخفض العملات ورفعها من خلال التلاعب، فإن معظم دول العالم الثالث تخسر آلاف الملايين من الدولارات يوميًا.
وفي السبعينيات عندما قام الرئيس الأمريكي نيكسون بفك الارتباط بين الذهب والدولار فقفز سعر الذهب من أربعين دولارًا للأونصة إلى أربعمائة، ثم تم التلاعب بسعرها حتى وصل إلى تسعمائة دولار، وبعد أن تم امتصاص ثروات أغنياء البترول في تلك اللعبة الخطرة أعيد خفض الذهب، فخسر أولئك الأغنياء آلاف الملايين من الدولارات في غمضة عين، وخسرت معها دولهم.
وتقوم الدول الغربية منذ أن انتهى عهد الاستعمار المباشر بإقامة مجموعة من الأنظمة الفاسدة في دول العالم الثالث تتولى عن طريقها سرقة ثروات هذا العالم المنكوب بهذه الحكومات العسكرية المستبدة الفاسدة؛ حتى إذا طفح الكيل وثارت هذه الشعوب، قامت الدول الغربية من وراء ستار باستبدال طاغية بآخر تلهي به تلك الشعوب المسكينة المقهورة، وتدخلها في دوامات من الحروب الأهلية، وتضطرها إلى مزيد من الاقتراض والخضوع لهيمنة البنك الدولي والدول المانحة.
وآخر مثال لذلك ما حدث لمبوتو سيسو سيكو الحاكم المستبد الطاغية لزائير، والذي جاءت به فرنسة والولايات المتحدة ليحكم ما كان يسمى الكونغو، ثم غير اسم الكونغو إلى زائير، فلما ثار الشعب وضاق من استبداده وتضييع ثروته من الألماس واليورانيوم جاءت له الولايات المتحدة بلورين كابيلا، ومات مبوتو مطرودًا هاربًا يعاني من السرطان. وبالضبط كما فعلت من قبل بشاه إيران محمد رضا بلهوي. ويماركوس في الفلبين والقائمة طويلة طويلة
…
فهي تتخلى عن أصدقائها بعد أن يستهلكوا ويصبحوا عبئًا عليها، وتأتي بوجوه جديدة ومسرحيات جديدة. ولكن امتصاص الثروات يستمر، وفقر شعوب العالم الثالث يزداد.
ويموت الأطفال من المسغبة ونتيجة فقد الأدوية والتطعيمات، وفي مهاوي الجريمة، وفي الأعمال الشاقة التي يمارسونها من أجل الحصول على ما يسد الرمق، هذا بالإضافة إلى وفاة الملايين نتيجة الاعتداءات في الحروب وأثناء الهجرات وبالألغام، ونتيجة للأمراض الجنسية والإيدز.
الإجهاض المتعمد (الإجرامي) :
لا يعاني الأطفال بعد وجودها إلى الدنيا من ويلات الفقر والعدوان فحسب، وإنما يعانون أيضًا قبل أن يولدوا، ففي عالم اليوم يتم قتل خمسين مليون طفل سنويًا في كافة أرجاء الأرض؛ بسبب ما يسمى الإجهاض الاختياري (Elective Abortion) والذي كان يدعى إلى عهد قريب جدًا الإجهاض الجنائي (الإجرامي) Criminal Abortion الذي تعاقب عليه القوانين، ولكن نتيجة الفقر وانتشار الزنا وتحطيم كيان الأسرة فإن الإجهاض قد انتشر انتشارًا ذريعًا في كافة أصقاع الأرض ماعدا الدول الإسلامية التي لا يزال الإجهاض فيها محدودًا بالنسبة لغيرها.
ولا يقتصر الإجهاض على الدول الفقيرة فحسب، وإنما يتعداه إلى الدول الغنية، وذلك راجع إلى تحطم القيم، وانهيار كيان الأسرة، وانخراط المرأة على نطاق واسع في ميدان العمل.
ففي الولايات المتحدة يتم إجهاض مليون وستمائة ألف جنين سنويًا. وفي دول أمريكة اللاتينية – وهي كلها دول كاثوليكية تحرم الإجهاض في دنيها أشد التحريم – يتم إجهاض ثلاثة ملايين طفل سنويًا. وفي إسبانية والبرتغال يتم إجهاض مليون امرأة كل عام، وذلك نتيجة مباشرة للسياحة المزدهرة في شبه الجزيرة الإيبرية، وهي أيضًا دولة كاثوليكية.
وفي بقية دول أوروبة الغربية أكثر من مليون حالة إجهاض. وفي روسية يجهض أكثر من مليوني طفل سنويًا، وفي اليابان رقم مماثل، وفي الصين فيصل الرقم إلى ثلاثة ملايين سنويًا (عدد سكان الصين 1200 مليون) .
تشوه الأجنة:
لا يعاني الأطفال من الاعتداء عليهم بالإجهاض قبل أن يولدوا فقط، ولكن يتم الاعتداء عليهم أثناء الحمل أيضًا بسبب التعرض للمواد الكيماوية والعوادم وتلوث البيئة، وبسبب تدخين الأمهات (وحتى الآباء) أثناء فترة الحمل. كما أن شرب الخمور وتعاطي المخدرات يؤدي إلى إصابة ملايين الأطفال بإصابات مختلفة، وهم لا يزالون في ظلمات الأرحام.
وكذلك تفعل الأمراض الجنسية مثل الزهري والسيلان والكلاميديا والهربس والإيدز
…
وكلها تؤدي إلى إصابة ملايين الأطفال بهذه الأمراض الخطيرة سنويًا.
وقد بلغ عدد الأطفال المصابين بالإيدز حتى نهاية عام 1998م ثمانية ملايين طفل، أصيب أكثرهم بالإيدز أثناء الولادة من أم مصابة بهذا المرض، كما أصيب بعضهم بسبب الرضاعة من أم مصابة، وبعضهم أصيب بالإيدز نتيجة اعتداء جنسي على هذا الطفل، كما سبق أن أشرنا إليه من قبل.
وقد استعرض كاتب هذه السطور الأسباب المؤدية إلى تشوه الأجنة في كتاب بعنوان (الجنين المشوه والأمراض الوراثية: الأسباب والعلامات والأحكام)(1) فليرجع إليه من يريد المزيد من التفاصيل في هذا الموضوع.
(1) إصدار دار القلم ودار المنارة – جدة، 1991 م.
الرضاعة:
لم تعرف البشرية إرضاع المواليد من بني الإنسان بألبان الحيوانات على نطاق واسع إلا في القرن العشرين. وقد بدأت تلك الموجة في أثناء الحرب العالمية الأولى (1914م – 1918م) في أوروبة لانشغال كثير من الأمهات في المجهود الحربي، ثم زاد ذلك ضراوة بخروج المرأة الأوروبية إلى ميدان العمل، واستمرت الزيادة باضطراد إلى بداية الحرب العالمية الثانية حينما قل إنتاج المصانع من الألبان المجففة بسبب الحرب، ثم عاد الأمر أشد مما كان بعد انتهاء الحرب عام (1945م) ، واستمر الخط البياني للألبان المصنعة في أوروبة والدول الصناعية الأخرى يوالي صعوده طوال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
ولكن منذ بداية السبعينيات وإلى اليوم ازداد الوعي بأهمية الرضاعة نتيجة الأبحاث المتعددة التي أثبتت فوائد الرضاعة وأضرار الألبان المجففة على أطفال بني البشر.
وبدأت الرضاعة تزداد يومًا بعد يوم في البلاد المتقدمة صناعيًا رغم العوائق الكثيرة التي تقف أمام الرضاعة، وأهمها خروج المرأة إلى ميدان العمل، وعدم تفرغها للرضاعة، مما دعا المنظمات العالمية إلى زيادة إجازة فترة النفاس والرضاع وإلى شهرين بدلًا من أسبوعين، وإلى تهيئة مكان قريب من مكان العمل تستطيع المرضع فيه أن تعود إلى طفلها كل ثلاث ساعات لترضعه ثم تعود إلى العمل. وقد انتشر هذا النظام في الولايات المتحدة، ووجدت الشركات والدوائر الحكومية أن إيجاد مكان مناسب لحضانة الأطفال الرضع أثناء عمل الأم، والسماح للمرأة بإرضاع طفلها لا يعوق عملها، ولا يقلل من الإنتاج، بل ربما حسن من أداء المرأة العاملة بعد أن تطمئن على طفلها وإرضاعه.
أما في الدول النامية (العالم الثالث) فإن الرضاعة كانت هي الأساس لإرضاع الأطفال وتغذيتهم، فإن لم تستطع الأم أن ترضع طفلها لأي سبب كان فإن المرضعات يقمن بهذا الواجب، إما بأجر أو تطوعًا، وإلى عهد قريب كان الطفل يرضع من أمه أو من إحدى قريباتها أو جاراتها، وربما يرضع الطفل من أكثر من واحدة، وكان هذا شائعًا جدًا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرضعته أمه آمنة بنت وهب، وأرضعته حليمة السعدية، كما أرضعته أيضًا ثويبة مولاة أبي لهب وهي التي أعتقها عندما بشر بولادة النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أجلها يخفف عنه العذاب يوم الاثنين بسبب فرحه بولادة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومع موجة التغريب بدأت الرضاعة تنحسر في العالم الثالث، وعرفت شركات تصنيع الألبان المجففة أن مستقبلها هو في دول العالم الثالث ذي الكثافة السكانية العالية، والخصوبة المرتفعة، فكثفت من حملاتها الدعائية، حتى إنها في بداية الثمانينات كانت تبيع ما قيمته ألفي مليون دولار كل عام لدول العالم الثالث الفقير.
وقد لعبت هذه الشركات دورًا هامًا في انحسار الرضاعة في العالم الثالث، بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة، وانتشار تعليم الفتيات ، وخروج المرأة إلى ميدان العمل.
وقد أوضحت الأبحاث الكثيرة أن الأمهات أهملن الرضاعة، ولجأن إلى القارورة والألبان المجففة مع ازدياد التعليم، والهجرة إلى المدينة، ودخول ميدان العمل.
ففي بحث في تشيلي (أمريكا اللاتينية) قام به مارين وزملاؤه ونشرته المجلة الطبية السعودية عام 1981م (1) جاء فيه أن (85) بالمائة من الأمهات كن يرضعن أولادهن في سن ستة أشهر عام 1940م، وبحلول عام 1974م تغير الوضع وانقلب بحيث إن (77) بالمائة في الأرياف كن قد استبدلن الرضاعة بالقارورة والألبان المجففة.
(1) marin p: promotion of breast feeding in chile saudi med j، 1981 2 (supp 1) : 30 – 36.
وفي المملكة العربية السعودية وجد الأستاذ زهير السباعي عام 1967م أن (90) بالمائة من الأمهات يفطمن أولادهن في نهاية السنة الثانية من العمر، ويتم إرضاع جميع الأطفال تقريبًا في الأشهر الستة الأولى من حياتهم، وذلك في منطقة تربة (1) . ولكن هذا الاتجاه المحمود تغير تغيرًا كبيرًا بحلول عام 1981م، وصارت نسبة محدودة هي التي تكمل الرضاعة حولين كاملين.
ووجد باحثون آخرون نفس الاتجاه الخطير حيث يذكر الدكتور الناصر في بحثه عن الرضاعة في قرى تهامة بالمملكة العربية السعودية أن معظم الأمهات يكتفين بالرضاعة لبضعة أشهر، ثم يهرعن إلى القارورة (2) .
ووجدت الدكتورة منيرة باحسين في دراستها لـ (198) طفل من المنطقة الشرقية عام 1981م أن (46) بالمائة فقط من الأمهات كن يرضعن أولادهن (3) .
وفي بحث الدكتورة لوسون في المستشفى العسكري بالرياض 1981م ظهر أن (41) بالمائة من الأطفال يتغذون بالألبان المجففة عند بلوغهم ستة أشهر، وأن البقية (59) بالمائة يرضعون ويستعملون القارورة معًا (4) .
وفي بحث لجانيت وإلياس 1982م (5) شمل (510) طفلًا في مراكز الرعاية الصحية بالمملكة تبيّن أن (38) بالمائة فقط من الأطفال يرضعون من أمهاتهم عند بلوغهم ستة أشهر، وأما الباقون فيلتقمون القارورة.
(1) د. زهير السباعي: صحة الأسرة، الكتاب العربي السعودي، 1983م.
(2)
al nasser an: saudi medj 1991 ، 12 (3) : 236- 240.
(3)
abaheseen ma: ecology of food and nutrition 1981، 10: 163 – 8.
(4)
lawason minfant feeding in rigyadh. saudi medj 1981، 2 (supp1) : 26-9.
(5)
janet b، elias t: saudi medj 1985، 6: 169 – 176.
ووضحت دراسة مماثلة قامت بها الدكتورة رفيدة خاشقجي وخالد مدني في المنطقة الغربية أن الرضاعة انخفضت مباشرة بعد الولادة من (95) بالمائة إلى (79) بالمائة بعد مرور أشهر قليلة فقط (1) .
وأرجع الدكتور حق في بحثه عن الرضاعة في الرياض 1983م (2) أسباب انحسار الرضاعة إلى:
1-
موجة التغريب والتأثر بالحضارة الغربية.
2-
التعليم: كلما زاد تعليم الفتاة كلما قل إرضاعها لأطفالها.
3-
عمل الأم خارج المنزل.
4-
توفر الألبان المجففة بأنواع مختلفة، والدعاية المغرية لاستعمالها.
وذكرت دبورة هيفتي في ورقتها المقدمة عن تاريخ واتجاهات الرضاعة في ندوة عن الرضاعة عقدت في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض 1983م (3) ، أن شركات الألبان المجففة لعبت دورًا هامًا، ولا تزال تلعب، في انحسار الرضاعة في الدول النامية. ومما زاد المشكلة تعقيدًا ما كانت تقوم به كثير من المستشفيات حيث تبعد المولود عن أمه، وتمنع الأم من إرضاعه لمدة يومين أو ثلاثة، وفى تلك الأثناء يعطى المولود القارورة ومحلول الكلوكوز والألبان المجففة، ومما يزيد الطين بلة أن الأم عند خروجها من المستشفى تعطى مجموعة من علب الألبان المجففة المهداة من شركات الألبان.
(1) د. خالد مدني ود. رفيدة خاشقجي: الرضاعة الطبيعية، دار المدني، جدة، 1990 م.
(2)
haque kn: annals tropical paediatrics 1983، 3: 129 – 132.
(3)
hefty o: history and trends in breast feeding. proceedings of the symposium on current trends in breast feeding، 1983، king faisal specialist hospital ، riyadh.
ويتفق الدكتور الشاذلي (1) في بحثه مع ما وصل إليه الدكتور حق في الأسباب المؤدية إلى إهمال الرضاعة، ولكنه غيّر الترتيب فهي عنده كالآتي:
1-
عمل المرأة.
2-
موجة التغريب والنزوح إلى المدن.
3-
الدعاية القوية من شركات الألبان المصنعة.
4-
استخدام حبوب منع الحمل (الهرمونية) .
ويذكر الدكتور الفريح أن في الرياض (36) نوعا من أنواع الألبان المجففة، بل إن القرى خارج الرياض بها أكثر من (12) نوعا من أنواع الألبان المجففة (2) . وهذا في رأيه من الأسباب الهامة لانحسار الرضاعة.
وفي دراسة موسعة عن الرضاعة للدكتور محمد السكيت (3) في المملكة العربية السعودية وجد الباحث، (8) بالمائة من المواليد (بعد الولادة مباشرة) كانوا يتغذون من القارورة، ولكن النسبة ارتفعت إلى (30) بالمائة بحلول ستة أشهر، زادوا إلى (60) بالمائة عند بلوغهم العام الأول من حياتهم.
وقد تبين في هذه الدراسة الموسعة أن المرأة الأمية ترضع طفلها ما معدله سنة وخمسين يوما، بينما الحاصلة على الابتدائية ترضع عشرة أشهر فقط، تنخفض عند حصولها على الثانوية إلى ثمانية أشهر ونصف، فإذا ما تخرجت من الجامعة كان معدل إرضاعها خمسة أشهر فقط، وهي نتيجة مرعبة تدل على أن التعليم لا يؤدي غرضه، بل على العكس من ذلك، وهذا يستدعي مراجعة تامة لمناهج التعليم الموجودة، إذ إن المفروض أن الرضاعة تزداد مع التعليم كما هو حادث اليوم في أوروبة والولايات المتحدة حيث نرى الرضاعة تزداد مع مستوى التعليم، ففوائد الرضاعة لا تكاد تعد ولا تحصى، وسنلمح إلى شىء منها فيما بعد.
ووجد الدكتور السكيت وزملاؤه أن التي تعيش في الريف ترضع في المعدل (14) شهرا، بينما التي تسكن في المدينة لا ترضع سوى تسعة أشهر ونصف في المعدل. كما وجدوا أنه كلما زاد دخل الأسرة كلما قلت الرضاعة، فالأسرة التي دخلها أقل من (250) دولار شهريا ترضع الأمهات (14) شهرا ونصف الشهر، بينما الأسرة التي دخلها أكثر من (1500) دولار شهريا ترضع الأمهات فيها سبعة أشهر فقط. وترضع ربة البيت التي لا تخرج إلى ميدان العمل سنة وشهرا في المعدل، بينما لا ترضع العاملة والموظفة سوى ستة أشهر.
(1) eishazalih saudi medj1981 ، 2 (supplement 1) :23 – 25.
(2)
afrayh: saudi medj 1986 ، 7 (3) : 218 – 226.
(3)
al sukait m: saudi medj 1988 ، 9 (6) : 596 –601.
والغريب حقا ما وجده الباحثون من أن التي تلد في المستشفى ترضع تسعة أشهر ونصف الشهر، بينما التي تلد في البيت ترضع لمدة سنة و (15) يوما في المعدل. وهي ظاهرة غريبة تدل على سوء خدمات مستشفياتنا، حيث تمنع الوالدة من إرضاع وليدها ليوم أو يومين، ثم تعطى عند خروجها من المستشفى هدية من الألبان المجففة.
هكذا كان الوضع إلى الثمانينيات، أما الآن فقد تغير الوضع بفضل الله في الغالبية الساحقة من مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة، حيث تتم المبادرة إلى تشجيع الأم بإرضاع وليدها بعد ولادته مباشرة أو بسويعات، كما تشجع وتحث الأمهات على إرضاع أولادهن. ولا يعطين الألبان المجففة المقدمة هدية من الشركات.
ووجد الباحثون أيضا أن من يستخدمن وسائل منع الحمل يرضعن لمدة سبعة أشهر فقط في المعدل، بينما اللائى لا يستخدمن هذه الحبوب يرضعن لسنة كاملة وعشرين يوما في المعدل، ومن المعلوم أن حبوب منع الحمل تقلل من إفراز اللبن، كما أن الهرمونات فيها قد تؤثر على الرضيع.
ودراسة الدكتور السكيت وزملاؤه من أمتع وأوسع الدراسات في موضوع الرضاعة في المملكة العربية السعودية شملت (12000) منزل في الفترة من كانون الثاني – يناير إلى حزيران- يونيو 1985 م، وتمت فيها ولادة (2010) من الأطفال الذين تمت متابعتهم لمدة حولين كاملين، فكانت بذلك – حسب علمي – أشمل وأوسع دراسة في هذا الموضوع تجرى في المملكة حتى اليوم.
أهمية الرضاعة وفوائدها:
تذكر منظمة الصحة العالمية (1) أن عشرة ملايين طفل يتوفون سنويا في العالم الثالث نتيجة أمراض الجهاز الهضمى والإسهال، وأغلب هذه الوفيات ناتجة عن تغذية الأطفال بالألبان المصنعة بواسطة القارورة، حيث لا يتم التعقيم كما ينبغى، وتكون الكمية من اللبن مخففة بالماء، وتسبب إصابة أكثر من تسعة ملايين طفل بنقص شديد في التغذية، مما يؤدى إلى إصابتهم بالعديد من الأمراض والوفيات المبكرة (2) ولذا ترى منظمات الصحة العالمية التي تعنى بشؤون الأطفال وصحتهم مثل اليونيسيف ومنظمة الصحية العالمية أن إرضاع المواليد من أمهاتهم لمدة عامين سينقذ بإذن الله أكثر من عشرة ملايين طفل يتوفون سنويا بسبب الإسهال وسؤ التغذية وأمراض أخرى كثيرة (3)
وتذكر مجلة اللانسيت الطبية البريطانية المشهورة في افتتاحيتها 1994م (4) أن الرضاعة تنقذ مليونا من الأطفال بما توفره من تحسين جهاز المناعة، وهذا الرقم غير الملايين العديدة الذين يمكن أن تنقذهم الرضاعة والذين يتوفون نتيجة الإسهال والأمراض المعدية الأخرى.
ويعتبر اللبا (وهو اللبن الذي يفرز بعد الولادة مباشرة ويستمر لبضعة أيام) مُهما جدا لحياة الطفل ومناعته ضد الأمراض، ولم أر أحدا من القدماء تنبه إلى أهمية اللبا سوى الشافعية، حيث أوجبوا على الأم إرضاع المولود اللبا؛ لأنه لا يعيش بدونه غالبا وغيره لا يغني عنه (5) وهي نظرة عجيبة جدا حيث إن جميع الأطباء القدامى مثل ابن سينا والرازى وابن الجزار القيروانى والبلدى....إلخ كلهم يصرون على أن اللبا غير مفيد للطفل، وأن على الوالدة أن لا ترضع طفلها بعد الولادة مباشرة، وإنما تبدأ ذلك في اليوم الثالث أو ما حوله.
(1) Who contemprary patterns of breast feeding report on who collaborative study on breast feeding. who geneva 1981.
(2)
Elidrissy. a. t: islamic veiew point of breast feeding proceeding of symposium on current trends in breast feeding king faisal specialist hospital ، ، riyadh. 3 rd ، october ، 1983.
(3)
Victoria CG. Etal: Evidence for Protection by breast feeding against infant deaths from infectionus diseases in Brazil. Lancet 1987، 11: 319 – 321.
(4)
Editorial: A Warm Chain for breast feeding. Lancet 1994، 344: 1239 – 1241.
(5)
د. وهبة الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته: 7 / 697 – 716، دار الفكر، بيروت 1985م.
والغريب جدا أن هذه النظرة الغبية كانت منتشرة في الطب الحديث وفى المستشفيات، حيث يبعد الطفل المولود عن أمه لمدة (24) ساعة أو (48) ساعة قبل أن ترضعه، واستمر هذا الإجراء الخاطئ بل الشديد الخطأ إلى السبعينيات من هذا القرن في أوروبة وإلى الثمانينيات من القرن العشرين في معظم دول العالم الثالث، وربما في بعض المستشفيات إلى اليوم.
ويمتاز اللبا بكثافته وبغناه بالبروتينات، وبالذات الكلوبيولينات المناعية (Immunoglobulins) التي لها خاصية مدافعة الأمراض ومقاومتها، وأكثرها وجودا الكلوبيولين المناعي من نوع (أ) الإفرازي (Secretary Immunoglobulin lgA) وهو بروتين مهم لمقاومة مختلف أنواع البكتريا وبعض أنواع الفيروسات مثل فيروس شلل الأطفال وفيروس الحصبة وفيروس النكاف وفيروس التهاب الدماغ اليابانى.
ومن ميزات اللبا أنه يحتوى على فيتامين (أ) وتركيز الكلور والصوديوم، وله قدرة عجيبة على تليين أمعاء الطفل، وبالتالي إفراز مادة العقي (Meconium) التي لوبقيت في الأمعاء لأضرت بالطفل وسببت انسدادا في أمعائه.
ويحتوي اللبا أيضا على العديد من الخلايا البيضاء واللمفاوية المقاومة للأمراض، كما يحتوي على أكثر من مائة أنزيم وعلى معادن مختلفة وخاصة عنصر الزنك، بالإضافة إلى العديد من الفيتامينات.
ويمكننا أن نوجز فوائد الرضاعة فيما يلى:
بالنسبة إلى الرضيع:
1-
انخفاض حدوث الالتهابات الميكروبية لأن لبن الأم معقم جاهز، بينما ألبان القارورة تحتوى على العديد من الميكروبات وخاصة في العالم الثالث. ويمكن إنقاذ ملايين الأطفال الذين يتوفون سنويا بمجرد الرضاعة.
2-
يحتوي لبن الأم على مضادات الأجسام والبروتينات المناعية ومجموعة كبيرة من خلايا الدم البيضاء المقاومة للأمراض بالإضافة إلى أكثر من مائة أنزيم.
3-
يحتوي لبن الأم على عامل مهم ينمي نوعا من البكتريا المفيدة التي تستوطن الأمعاء، والتي تقوم بوقاية الطفل من كثير من أمراض الجهاز الهضمى، وتدعى هذه البكتريا العصية اللبنية المشقوقة (Lactobacillus bifidus) .
4-
يحتوي لبن الأم على مادة الأنترفيرون الهامة والتي تقاوم الغزو الفيروسي.
5-
يحتوي لبن الأم على مواد مضادة للسموم (Antitoxiins) وبالذات سموم بكتريا (ضمات) الكوليرا.
6-
لا يسبب لبن الأم أي حساسية للطفل، بينما تبلغ نسبة أمراض الحساسية في الألبان المجففة (30) بالمائة من الأطفال الذين يتناولونها.
7-
لبن الأم فقير في الحامض الأميني فينايل الآنين (Phenylalaniine) ، وبالتالي فإن الأطفال الذين يعانون من مرض وراثي يسمى (بيلة فينايل كيتون)(Phenyl Ketonuria) يستطيعون أن يرضعوا من أمهاتهم دون حدوث مضاعفات خطيرة، ويُمنعون منعا باتا من الألبان المجففة المصنعة؛ لاحتوائها على كميات كبيرة من الحامض الأميني فينايل الآنين، ولابد من تصنيع أغذية لا يوجد بها هذا الحامض الأميني.
8-
لبن الأم غني بالزنك، ولذا فإن الأطفال الذين يعانون من مرض وراثي خطير لا تظهر عليهم أي أعراض طالما كانوا يرضعون من أمهاتهم أومن مرضعات بشريات، ولا بد أن تستمر الرضاعة في هذه الحالة حولين كاملين، أما إذا اعتمد الطفل على ألبان الأبقار فإنه يصاب بالمرض بصورة خطيرة جدا، وغالبا ما يتوفى دون الحولين.
9-
وفاة المهد تكثر نسبيا لدى الأطفال الذين يتغذون بالقارورة والألبان المصنعة، بينما هي نادرة جدا لدى الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم.
10 – لا يعاني الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم من الإمساك أو الإسهال إلا نادرا جدا بالمقارنة مع من يتغذون على الألبان المصنعة.
11-
الرضاعة تساعد على تكوين الأسنان، وجعل الفك سليما دون اعوجاج، بينما التقام القارورة يؤدي إلى اعوجاج وسوء نمو الأسنان مما يجعلها تحتاج إلى عمليات تقويم فيما بعد.
12-
الرضاعة تحمي من مجموعة خطيرة من الأمراض منها البول السكري الذي يصيب الأطفال (النوع الأول) وتصلب الشرايين، وبعض أنواع السرطان والسمنة، وتخفف من وقع أمراض وراثية كثيرة وخطيرة مثل التليف الكيسى (Cystic Fibrosis) وبيلة فينايل كيتون (Phenyl Ketonuria) ، ومرض نقض الزنك الوراثي، ومرض سيلياك (Celiac Diseas)(المرض الجوفي) الذي يصيبت الجهاز الهضمي، وكل هذه الأمراض تحدث بصورة أخف لدى من يرضعون من أمهاتهم بالمقارنة مع من يلتقمون القارورة.
13-
لا يحدث الكساح لدى من يرضعون، بينما يحدث الكساح بنسبة غير قليلة لدى الأطفال الذين يتغذون على ألبان الأبقار المجففة؛ وذلك لأن لبن الأم (أو المرضع) يحتوي على كمية ذائبة من فيتامين (د) يسهل امتصاصها، بينما يعتبر لبن الأبقار فقيرا في فيتامين (د) ، كذلك فإن تسخين لبن البقر يؤدي إلى فقدانه جزءا مما يحويه من الفيتامينات.
14-
يمتص الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم الحديد بصورة أفضل من أولئك الذين يتغذون بألبان الأبقار؛ وذلك لوجود مادة لاكتوفرين في لبن المرضع، وهي مادة تساعد على امتصاص الحديد، كما أن في لبن الأم بروتينية أخرى تتحد بالحديد وأجزاء من الخلايا بحيث لا يترك الحديد حرا في الأمعاء، وقد وجد أن الحديد الحر مهم لنمو بعض البكتريا العدوانية، وبالتالي فإن حرمان هذه البكتريا من الحديد يؤدي إلى إضعافها وسهولة القضاء عليها.
15-
تؤدي التغذية بالألبان المجففة للمواليد إلى زيادة في عدد من الهرمونات في جسم الطفل مثل الأنسولين والموتولين والنيوروتنسين، وهذه كلها لها علاقة بأمراض الاستقلاب التي تكثر عند من يُغذَّون بألبان الأبقار وتندر فيمن يرضعون.
16-
يحتوي لبن الأم على أحماض دهنية غير مشبعة وحيدة ومتعددة (Mono and Polyunsaturated Fatty Acids) وهي أحماض دهنية هامة لبناء الجهاز العصبى، بينما يحتوي لبن الأبقار على أحماض دهنية مشبعة لها علاقة فيما بعد بتصلب الشرايين والسمنة، كما توجد في لبن الأم خمائر خاصة تساعد على تحلل الدهون وسهولة امتصاص الكالسيوم.
17-
يحتوي لبن الأم على المعادن المطلوبة بكميات متناسبة متناسقة يسهل امتصاصها، أما لبن الأبقار فيحتوي على كميات أكبر غير ذات فائدة، بل تسبب إرهاقا لكلية الطفل من أجل طردها، ولهذا فإن الأطفال الذين يتغذون على ألبان الأبقار المجففة أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكلى من الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم (أو المرضعات) .
18-
الفوائد النفسية العديدة للطفل الذي يشعر بدفء الأمومة عند التقامه الثدي، وقد أوضحت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين لا يرضعون وإنما يلتقمون القارورة يكونون أكثر عرضة للاضطرابات النفسية والسلوكية، وأن نسبة الجنوح والانحراف النفسي والسلوكي وتعاطي المخدرات وجرائم القُصّر والشباب مرتبطة إلى حد ما بعدم الرضاعة والاكتفاء بالتغذية بالألبان المجففة.
هذه أهم فوائد الرضاعة للطفل، أما أهم فوائد الرضاعة للأم والمجتمع فهي كالتالي:
1-
لبن الأم جاهز ومعقم ولا يحتاج إلى تحضير ومعاناة.
2-
تنبه عملية الرضاعة أثناء مص الثدي الغدةَ النخاميةَ الخلفية لفرز هرمون الأوكسيتوسن (Oxytocin) ، وهو هرمون مهم جدا لإعادة الرحم المتضخم بعد الولادة إلى حجمه ووضعه الطبيعي، وبالتالي يمنع النزف الشديد أثناء النفاس، كما أنه يقي الأم من حمى النفاس الخطيرة.
3-
تستفيد المرضع بعودة جسمها كله إلى وضعه الطبيعي قبل الحمل، وبالتالي تساعد الرضاعة على الرشاقة والحفاظ على الصحة.
4-
أثبتت كثير من الأبحاث أن الرضاعة تلعب دورا وقائيا للحماية من سرطان الثدي وسرطان الرحم.
5-
تقي الرضاعة الأم من الجلطات التي قد تحدث أثناء فترة النفاس.
6-
الرضاعة التامة خلال الأشهر الستة الأولى تعتبر من أهم وأفضل وسائل منع الحمل.
7-
توفر الرضاعة من الأم ثمن الألبان المجففة وهي تبلغ آلاف الملايين من الدولارات سنويا، ففى بداية الثمانينيات من هذا القرن كانت الدول النامية (العالم الثالث) تستورد ما قيمته ألفا مليون دولار سنويا من الألبان المجففة.
8-
توفر الرضاعة آلاف الملايين من الدولارات سنويا التي تنفق على مداواة الأمراض الخطيرة والوبيلة الناتجة عن التغذية بالقارورة.
9-
تنقذ الرضاعة حياة ملايين الأطفال الذين يتوفون وخاصة في العالم الثالث بسبب عدم التعقيم والإسهال والإنتانات المختلفة، وهذه لا يمكن أن تقدّر بثمن إذ أن حياة طفل واحد أغلى من أموال الدنيا كلها.
10 – تنقذ الرضاعة اليافعين والشباب من الانحرافات النفسية، وهذه لها مردود اجتماعي واقتصادي يقدر بآلاف الملايين من الدولارات سنويًا.
11-
تقلل الرضاعة من إصابة البالغين بأمراض عديدة خطيرة، مثل تصلب الشرايين والبول السكري وسرطان الثدي وسرطان الرحم، وهذه لها مردود صحي بالغ ومردود اقتصادي يقدر بآلاف الملايين من الدولارات سنويا.
وهكذا فإن الرضاعة لا تحمي الأطفال فقط من أمراض وبيلة، ولكنها تحمي المرضعات من أمراض خطيرة، كما توفر للمجتمع آلاف الملايين من الدولارات سنويا.
المجاعات:
رغم وفرة الطعام في العالم لدرجة أن الولايات المتحدة وأوروبة تحرق سنويا جبالا من القمح والأغذية، وترمي بحيرات من الألبان حتى لا ينخفض سعرها، فإن عشرات الملايين من البشر في أفريقية يعانون من المجاعة، بسبب الحروب الأهلية، والجفاف وسوء التغذية ووسائل الزراعة البدائية.
وقد عانت الحبشة في بداية الثمانينيات من مجاعات مروعة ذهب ضحيتها ملايين الأطفال، ثم تبعتها الصومال وجنوب السودان ثم رواندة وبروندي 00 إلخ وها هو شبح المجاعة يخيم على الحبشة وعلى مناطق من الصومال ويهدد ملايين الأطفال بالمسغبة وسوء التغذية ثم الوفاة.
وقد عانت كورية الشمالية من المجاعة وخاصة لدى الأطفال؛ بسبب أعاصير وأمطار مدمرة أهلكت الحرث، ثم تبعتها حالات من الجفاف لا يزال تأثيرها قويا إلى اليوم، وتظهر هذه الكوارث بسبب الحروب وسوء الإدارة والعوامل الطبيعية، ويعاني من هولها الأطفال أولا ثم الكبار، ومن المؤلم حقا أن يفيض الطعام حتى يتم حرقه وإغراقه في أوروبة والولايات المتحدة حتى لا تنخفض الأسعار، بينما يتضور الملايين جوعا، ويعاني الأطفال من سوء التغذية، بل ومن الموت جوعا.
والغريب حقا أن يوجد في الولايات المتحدة كما تقول التايم الأمريكية (أيلول – سبتمبر 1988م) مليونان دون مأوي، منهم أكثر من مائة ألف طفل ينامون في الشوارع، ويأكلون من بقايا الطعام والقمامات، كما ذكرت أن عشرين مليونا يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة.
الاعتداء بالضرب المبرح:
ويعاني الأطفال في مختلف دول العالم من اعتداءات جسدية وجنسية مباشرة، وتختلف نسبة هذه الاعتداءات من منطقة إلى أخرى، ففى بعض بلدان أمريكة اللاتينية تبلغ الاعتداءات المباشرة على الأطفال حدا يفوق كل تصور، فقد أذاعت وكالات الأنباء عن المسؤولين في تشيلي أن ستة من كل عشرة أطفال يُضربون ضربا مبرحا من ذويهم، مما يؤدي إلى دخول المستشفى، وفى بعض الأحيان إلى الوفاة (قناة الجزيرة القطرية في 30 / 7 / 1999م) .
الاعتداء على الأطفال في البلاد المتقدمة:
رغم أن الأطفال في البلاد المتقدمة يعيشون بصورة عامة حياة الرفاهية والرغد من الناحية المادية، إلا أن الاعتداءات على هؤلاء الأطفال ليست قليلة؛ ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تزال هناك تفرقة عنصرية رغم صدور عشرات القوانين التي تحارب تلك التفرقة منذ الخمسينيات وإلى اليوم
، ويعاني السود وذوي الأصول الإسبانية من التفرقة بشكل لا يزال كبيرا جدا، فرغم أن السود يشكلون قرابة (14) بالمائة من السكان إلا أنهم يشكلون أكثر من (75) بالمائة من سكان السجون و (90) بالمائة ممن حكم عليهم بالإعدام.
وتنشر الجريمة والمخدرات والدعارة بين هؤلاء السود نتيجة الظلم الاجتماعي الرهيب.
ويعانى الأطفال السود من سوء الرعية بكافة أشكالها حتى الرعاية الصحية، ومن الغريب حقا أن نجد أن وفيات الأطفال في كوبة وسيرلانكة أقل بكثير من وفيات الأطفال السود في الولايات المتحدة!! وهو أمر فاضح.
والمستوى الصحي للسود في الولايات المتحدة لا يفترق كثيرا عن بلدان العالم الثالث، بل إن الوضع الصحي في كوبة وبعض بلدان العالم الثالث أفضل بكثير من الوضع الصحي للسود في الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر، والبلد الذي يتمتع بأكبر عدد من الاكتشافات الطبية والعلمية وأفضل الأطباء في العالم.
وفى الولايات المتحدة نفسها يتم الاعتداء الجسدي والجنسي على الأطفال سنويا، ويعتبر الاعتداء على الأطفال أهم ثاني سبب للوفيات، ولدخول المستشف للأطفال من سن الولادة إلى سن الخامسة، وتقدر بعض المصادر الطبية والاجتماعية أن عدد الأطفال الذين يتعرضون للاعتداء خمسة ملايين طفل سنويا في الولايات المتحدة، وترى المصادر المتحفظة أن الرقم لا يتجاوز (1،6) مليون سنويا منها (12) بالمائة تتعرض للاعتداءات الجنسية.
يقول كتاب (الطفل المعتدى عليه) إصدار شركة سيبا 1977 م (1)"يقدر عدد الأطفال الذين يواجهون اعتداءات بدنية وجنسية في الولايات المتحدة (1،600،000) طفل سنويا، وترفع بعض الدوائر هذا الرقم إلى خمسة ملايين طفل " بينما تقول مجلة (الريدرز دايجست) الواسعة الانتشار في عددها الصادر في آب – أغسطس 1983 م تحت عنوان (أطفال للبيع 00العالم المظلم الجديد لفن الدعارة) : "إن استخدام الأطفال جنسيا لم يعد أمرا شاذا ولا أمر اشخصيا، وإنما أصبح تجارة منظمة يبلغ دخلها ما بين خمسمائة إلى ألف مليون دولار سنويا، ويعمل في هذه التجارة القذرة آلاف المصورين والكتاب، بل والأطباء وعلماء النفس ".
وقد أصبح لدى هؤلاء الذين يتاجرون بدعارة الأطفال وصورهم العارية والرجال يفعلون بهم الفاخشة الجرأة لتكوين جمعيات علنية في الولايات المتحدة، ففي لوس أنجلوس – كما تقول (الريدرز دايجست) – تقوم جمعية (رين جيون) التي يدعمها خمسة آلاف عضو بما فيهم بعض الاطباء وعلماء النفس وبعض المحامين، بل وبعض الآباء الذين يعتقدون أن الجنس نافع لأطفالهم!!
وترفع هذه الجمعية شعارها في كل مكان: (الجنس في الثامنة وإلا فات الأوان)(Sex by eight or its too late)، وأما جمعية (مخاللة الرجال للصبيان) في أمريكة الشمالية (American Man Boy Love Association) فتقول عنها (الريدرز دايجست) :"إن لها فروعا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما أن لها مجموعة من المحامين للدفاع عن أعضائها عندما يقفون أمام القضاء بتهمة الاعتداء على الأطفال، كما أن لها صندوقا ماليا لإعانة من يسجن أو يغرم ماليا".
(1) Mc Neese M. Hebler J: The Abused Child. Ciba Clinic Symposium 29. (5) . 1977.
وتقول (الريدرز دايجست) : إن البوليس قد هاجم أحد مراكز هذه الجمعية في ماساتشوسيتس في كانون الأول – ديسمبر 1982 م فوجد مئات الصور لرجال الجمعية وهم يفعلون الفاحشة بالأطفال.
وتشتكي المجلة المذكورة من الإجراءات القضائية الموزعة بين الحكومات المدنية المحلية والقوانين الفيدرالية، بحيث لا يمكن وصول هذه الحالات إلى القضاء إلا فيما ندر، وإذا رفع الأمر إلى القضاء، وتمت الإدانة بعد ثبوت الأدلة القاطعة، تكون العقوبة تافهة جدا، وتذكر مثالا على ذلك قضية القسيس دونالد جليتسر الذي اعتدى على الطفل جوني آثوود، فقد طلب القسيس من الطفل جوني أن يساعده على تنظيف منزله لقاء أجر، وسرعان ما اكتشف الأبوان أن القسيس المحترم لم يكن يستخدم الطفل جنسيا فحسب، وإنما كان يصوره في أوضاع شائنة، ثم يبيع تلك الصور للمجلات الجنسية الداعرة، وعندما هجم البوليس على منزل القسيس وجد ألبوما حافلا بالصور والقسيس يضاجع الطفل في أوضاع شائنة، ولما رفعت الدعوى إلى القضاء حكم القاضى بأن يقوم القسيس بخدمة المجتمع لمدة مئتي ساعة!! وحينئذ صرخت الأم:" لقد قمت بفضح ابني على الملأ ليحكم على القسيس المحترم بمئتي ساعة عمل لخدمة المجتمع!! "(قد تكون على هيئة مواعظ أو محاضرات أو سقي الحدائق بالمياه 00إلخ) .
وتقول (الريدرز دايجست) : إن شخصا آخر يدعى بروكشاير كان في فترة المراقبة (وهذا هو الحكم الذي صدر ضده عندما اعتدى على طفلة جنسيا) عندما قام مرة أخرى بالاعتداء الجنسي على طفلتين من عائلة كراندون، وعندما ألقي عليه القبض اعترف بجرائمه كاملة، ورغم ذلك قام البوليس بإطلاق سراحه!! وذكرت المجلة في عددها المذكور عشرات من قصص الاعتداء على الأطفال جنسيا واستخدامهم في تجارة واسعة تعرف باسم الفن الإباحي (البورنوجرافي) ، وهو تصوير هؤلاء الأطفال في أوضاع مزرية والكبار يعملون بهم الفاحشة، ثم بيع هذه الأفلام والصور.
وتقول المجلة: إن الأمر لم يعد محدودا ولا ضيق الانتشار، وإنما أصبح يهدد كل بيت وكل طفل، إنك تجدهم في المدرسة، وفي الجمعيات الخيرية، وفي الجمعيات الرياضية، وفي الكشافة، وفي الرحلات التي تنظم للأطفال، بل والأفظع من ذلك تجدهم في بيت الرب عند هؤلاء القسس الخبثاء والحاخامات القذرين!!
وتقول الريدرز دايجست: " إن هناك مليون حالة اعتداء جنسي على الأطفال سنويا في الولايات المتحدة " كما يتم تصوير العديد من هذه الحالات لبيعها في أشرطة فيديو وفي المجلات، بل وحتى فى الإنترنت.
وما هو أفظع من كل ذلك أن يقوم شخص يسمى باحثا وعالما وأستاذا في جامعة، ويقول في أوسع المجلات انتشارا (التايم الأمريكية العدد الصادر في 14 نيسان –أبريل 1980 م) : إن تجارب الطفل الجنسية مع أحد أقاربه الكبار أو غيرهم من البالغين لا يشكل بالضرورة ضررا على الطفل".
كما يقول الأستاذ الجامعي والباحث النفسي جيمس رامزي: "إن مزيدًا من الاتصال الجنسي بين أفراد الأسرة سيحقق الدفء، وسيخفف من هذا السعار الجنسي المحموم في سن المراهقة!! ".
ويقول الأستاذ الدكتور لاري قسطنطين من جامعة (تفتس) بالولايات المتحدة: " إن للأطفال الحق في أن يعبروا عن أنفسهم جنسيا مع أي فرد، ولو كان أحد أفراد عائلته ".
ويقول الأنثربولوجي يهودي كوهين (وهذا هو اسمه) تحت عنوان مهاجمة التابو (المحرم المقدس) الأخير (Attacking the last taboo) في مجلة التايم لمذكورة آنفًا: "إن منع نكاح المحرمات ليس إلا من مخلفات الإنسان البدائي، الذي احتاج لإجراء معاهدات واتفاقات تجارية خارج نطاق الأسرة، فقام عند ذاك بمنع نكاح المحارم، وبما أن ذلك لم يعد له أي أهمية، فإن هذا المنع أصبح أمرًا قد عفى عليه الزمان.
ويقول الباحث جون موني من جامعة (هوبكنز) وأحد الباحثين في الجنس في الأمة الأمريكية، كما تقول التايم:" إن تجارب الطفل الجنسية مع أحد أقاربه الكبار أو غيرهم من البالغين لا يشكل بالضرورة ضررًا على الطفل، بل على العكس هناك اتصال حميد "، ثم يزيد:" إن كل الاتصالات الجنسية بالطفل مفيدة، ولكن الضار فقط هو عقدة الشعور بالذنب ". وهو ما يؤكده الأنثربولوجي سيمور باركر من جامعة (يوتاه) بقوله: " إنه من المشكوك فيه أن يكون الثمن الذي يدفعه من يقوم بنكاح المحرمات من الشعور بالذنب والجفوة بين أفراد الأسرة الواحدة أمرًا ضروريًا، أو حتى أمرًا مرغوبًا فيه. وعليه فينبغي إزاحة هذا الشعور بالذنب عندما يقوم شخص ما بنكاح ابنته أو ابنه أو أخته. وما هي الجدوى التي ستعود من ربط نكاح المحرمات بهذا الشعور من عدم الارتياح بدلًا من المحبة والدفء الذي يشعه نكاح المحرمات "؟ !!
يا سبحان الله! حتى مجرد الشعور بعدم الارتياح من نكاح المحرمات والاعتداء على الأطفال يريدون إزالته حتى يكونوا مثل الكلاب والخنازير، ينزون على أبنائهم وبناتهم دون أي شعور بالقلق أو عدم الراحة أو الشعور بالذنب وتقول التايم:" إن مجلس المعلومات والتثقيف الجنسي في الولايات المتحدة قد أصدرت نشرة عرفت باسم تقرير (سيسكي) نددت فيه بعنف بالمجتمع الأمريكي الذي لا يزال يمنع إلى حد كبير نكاح المحرمات من البنات والأبناء والأخوات والأمهات. وطالبت بأن يباح نكاح المحرمات، وأن يزاح هذا التابو (المحرم المقدس) المقيت!! ".
وتقول التايم: إن الباحثة جان نيلسون قد أنشأت بالاتفاق مع السلطات معهدًا لدراسة السلوك الجنسي في الولايات المتحدة، وقد قام معهدًا بإجراء بحث ميداني للتفريق بين نكاح المحرمات المفيد، ونكاح المحرمات الضار، وانتهت بأن الضرر الحقيقي هو في الشعور بالذنب، وتحطم الأسرة. أما إذا أزيح هذا الشعور بالذنب فإن نكاح المحرمات بجميع صوره وأشكاله يصبح مفيدًا!! .
وتقول التايم: " إن الجمهور بدأ يتقبل فكرة نكاح المحرمات والأطفال "، وتدلل على ذلك بزيادة الإقبال على الأفلام التي تعرض نكاح المحرمات، وتمجده. ففي عام 1979 م أنتجت هوليود ستين فيلما يشيد بنكاح المحرمات، ويعرضه عرضًا صريحًا، بينما لم تنتج هوليود إلا ستة أفلام عام 1920 م ".
ونتيجة لذلك انتشر في المجتمع الأمريكي نكاح المحرمات والأطفال، وقد نشرت صحيفة (الهير الدتربيون) العالمية في عددها الصادر (26 / 6 / 1979) ملخصًا لأبحاث قام بها مجموعة من القضاة والأطباء وعلماء النفس في الولايات المتحدة حول ظاهرة نكاح المحرمات.
ويقول الباحثون: إن نكاح المحرمات أصبح منتشرًا بالولايات المتحدة لدرجة أن هناك عائلة من كل عشر عائلات أمريكية محترمة تمارس هذا الشذوذ، وأن حالة واحدة فقط من بين عشرين حالة هي التي تصل إلى القضاء.
ولا يقتصر الاعتداء على البنت البالغة، وإنما يمتد ليشمل الصغيرات من سن ثلاثة أشهر إلى البلوغ، وأن حالات الاعتداء بعد سن الثالثة كثيرة جدًا.
وقد زاد العدد في بداية التسعينيات - كما تقول مجلة التايم الأمريكية - حتى وصل إلى عائلة من كل خمس عائلات تمارس نكاح المحارم والأطفال، ويقدر عدد الفتيات اللاتي كانت لهن علاقة جنسية بآبائهن باثنى عشر إلى خمسة عشر مليون فتاة.
وقد تبين أن الرجال الذين يقومون بهذه العلاقة الشائنة المحرمة في جميع الأديان هم من الناس العاديين، وأحيانًا من الناجحين المرموقين في المجتمع، وبينهم المهندس والمحامي والأستاذ في الجامعة والطبيب!!
وخلاصة القول: إن الاعتداء على الأطفال جسديا وجنسيا أمر ذائع وشائع في الولايات المتحدة والغرب. فمن كل عشرة أطفال يدخلون المستشفى هناك واحد على الأقل. دخلها بسبب اعتداء بدني مبرح من أمه أو أبيه. ويأتي الاعتداء على الأطفال كثاني أهم سبب للوفاة بين الأطفال من سن ستة أشهر إلى خمسة أعوام. كما يعتبر أهم ثاني سبب لدخول هذه الفئة من الأطفال إلى المستشفيات. والغريب أن ثلثي حالات الاعتداء الجسدي على الأطفال إلى المستشفيات. والغريب أن ثلثي حالات الاعتداء الجسدي على الأطفال هي لأطفال دون الثالثة، بينما معظم حالات الاعتداء الجنسي هي لأطفال جاوزوا السابعة. وإن كانت هناك حالات اعتداء جنسي موثقة على أطفال رضع!!
وفى تشيلي يقول المسؤلون: إن ستة من كل عشرة أطفال يضربون ضربا مبرحا من ذويهم مما يؤدي إلى دخول المستشفى وأحيانا الوفاة.
وتقول مجلة (هيكساجون) الطبية 1978 م (1) :" إنه لا يكاد يوجد مستشفى للأطفال في أوروبة وأمريكة إلا وبه عدة حالات من هؤلاء الأطفال المعتدى عليهم طوال العام ".
وفى عام 1967 م دخل إلى المستشفيات البريطانية أكثر من (6500) طفل مضروب ضربا مبرحا أدى إلى وفاة عشرين بالمائة منهم، وأصيب الباقون بعاهات جسدية وعقلية مزمنة. كما أصيب المئات منهم بالعمى والصمم. وفي كل عام يصاب المئات من هؤلاء الأطفال بالعته والتخلف العقلي الشديد والشلل نتيجة هذه الاعتداءات (2) !!
وتقول مجلة هيكساجون: " إن الاعتداءات الجنسية على الأطفال من آبائهم هي أكثر بكثير مما هو معروف ومدون، كما إن كثيرا من الآباء والأمهات يقومون بتسميم أطفالهم بإعطائهم السموم والعقاقير الخطيرة!! "
وتقول دائرة المعارف البريطانية: " إن نكاح الأب لابنته شائع في أوروبة والولايات المتحدة، وهناك عدد لا يحصى من الحالات تسجل كل عام، وفي الغالب يكون الأب سكيرًا أو مضطربًا نفسيًا، ولا يقوم الأب بالاعتداء على ابنته البالغة فقط، وإنما يحصل الاعتداء على طفلته الصغيرة، وقد سجلت حالات كثيرة من الاعتداء على الأطفال الرضع من آبائهم!
وتقول دائرة المعارف البريطانية: "إن هذه العلاقة الشاذة لا تسبب في الغالب الشعور بالذنب لدى الأب أو البنت إلا عندما تعلم الأم بتلك العلاقة، وعندئذ تبدأ المتاعب".
أما العلاقة بين الأخ وأخته الأصغر منه فلا ترى دائرة المعارف البريطانية أن فيها أي ضرر، بل تعتبرها مرحلة عابرة. وإذا علمنا أن (لورد بيرون) الشاعر الإنكليزي المشهور كان يخالل أخته، ويتغزل بها علنًا في شعره، ويعيش معها عيشة العشاق، ويفخر بذلك، والمجتمع الإنكليزي يرى ذلك كله ويسكت عنه، وذلك في القرن الثامن عشر الميلادي وبداية التاسع عشر (ولد بيرون عام 1778م وتوفي عام 1824م) فإننا لا نستغرب أن يسمح المجتمع الغربي في القرن العشرين بنكاح الأخ لأخته والأب لابنته.
(1) Hexagong vol6. No (5) .1978.
(2)
دائرة المعارف البريطانية: 16 / 607 وما بعدها، الطبعة الخامسة عشرة لعام 1982م.
وتذكر مجلة طب الأطفال في الملحق الخاص بالجنس والعقاقير لشهر كانون الأول – ديسمبر 1985م (1) أن (1.2) مليون فتاة من سن الثانية عشرة حتى سن السابعة عشرة يحملن كل عام سفاحا، يتم إجهاض نصفهن تقريبا إجهاضا متعمدا، بينما يتم ولادة (40) بالمائة منهن، والتاقيات يجهضن إجهاضا تلقائيا.
وتقول المجلة الطبية المذكورة أن (93) بالمائة من هؤلاء الأطفال (من سن 12 إلى 17) قد شربوا الخمور وجربوها، وأن (1.2) مليون فردا منهم يتعاطاها يوميا ، كما أن نسبة مماثلة تتعاطى المخدرات، وكثير منهم يجمع بين الخمور والمخدرات والجنس، فكلها مترابطة.
ويقول الدكتور برنت في كتاب (مواضيع في المعالجة)(2) : إن (92) بالمائة من الذكور و (85) بالمائة من الإناث في إسكتوتلندة قد جربوا شرب الخمور قبل سن الرابعة عشرة، وبالتالي يتعرضون لكل المشاكل التي تحدثها الخمر، سواء منها الاجتماعية والجنسية والصحية، بل وتتعداها إلى جرائم القتل وحوادث السيارات 000 إلخ.
(1) Strasburger V: Sex، Drugs Rock (N) Roll، understanding Teen-age Behaviour. Paediatrics 1985، 76، 4 (Supplement) ; 659-663.
(2)
Brunt P.: Alcoholisms as a medico social Problem. In Vere (ed) : Topics in Therapeutics ، (4) . Royal College of Physicians. London 1978.
القوانين الوضعية لمعالجة المشكلة:
ونتيجة الاعتداءات على الأطفال في الولايات المتحدة اتخذت الدوائر الحكومية إجراءات للحد منها، وأعطت المحاكم والدوائر المختصة حق نزع الطفل من والديه وإعطائه لمن يرغبون في التبني وهم كثر. وقد أدى هذا الإجراء إلى مشاكل من نوع آخر، حيث يؤخذ الطفل من والديه الطبيعيين ويعطى لأبوين جديدين، حسب تعبير السلطات هناك. وتكتشف السلطات بعد سنوات مشاكل جديدة بما فيها مشاكل الاعتداء الجنسي من الأب الجديد للطفل المتبنى.
ومما يضحك الثكلى ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية أن مهاجرا مسلما من ألبانية قام بأخذ ابنه البالغ من العمر خمس سنوات إلى مباراة لكرة القدم، فلما انتصر الفريق الذي يحبه الأب عانق الأب ابنه وقبله فرحا، ولاحظت أسرة أمريكية بحواره هذا الفعل الذي اعتبرته عملا جنسيا شائنا، واتصلت بالبوليس الذي قام بحبس الأب. وبما أن الأب مسلم فسرعان ما حكمت المحكمة بنزع الطفل من والده وأمه، وإعطائه لأسرة أمريكية ترغب في تبنى طفل أبيض اللون أشقر الشعر، وهو ما كان يتمتع به الطفل الألبانى، وبذل الأب جهودا مضنية، ودفع كل ما معه من أموال للمحامين واستدان فوق ذلك، وأخيرا حكمت المحكمة بأن الوالد بريء من تهمة الاعتداء الجنسي على طفله، وأن هذا السلوك أمر طبيعي في ألبانية وعند المسلمين. ولكن رغم ذلك فإن المحكمة لا تستطيع نزع الطفل من الأسرة الأمريكية التي تبنته لأن إجراءات التبني كانت سليمة!!
وينص القانون هناك على أن لا يتعرض الأبوان الطبيعيان لطفلهما بعد التبني، ولا يسمح لهما برؤيته، وإن حاولا ذلك حكم عليهما بالسجن والغرامة!! وهكذا خسر الأب الألبانى المسلم طفله، كما خسر كل أمواله التي جمعها من عمله الدؤوب في الولايات المتحدة لأكثر من عشر سنوات!! ولاشك أن كون الأب مسلما كان من العوامل الهامة التي دفعت بالمحكمة إلى فصل الأب عن ولده، وإعطائه لأسرة مسيحية أمريكية بيضاء لكى تُنَصِّرَهُ.
أطفال المسلمين ونقلهم إلى أوروبة والولايات المتحدة:
تقوم الكنيسة والمنظمات العديدة باسم إنقاذ الأطفال من المجاعات والحروب بنقل الآلاف من أطفال المسلمين إلى أوروبة والولايات المتحدة وكندة ليتم تبنيهم من أسر مسيحية!! وقد حدث هذا على نطاق واسع في الصومال أثناء المجاعة، حيث كان آلاف الأطفال يُنقلون إلى إيطالية وتتبناهم الكنيسة والأسر المسيحية.
وأما أطفال البوسنة والهرسك فقد كانوا محط التنافس الشديد بين الأسر التي تريد التبني؛ وذلك لأن أطفال البوسنيين يتمتعون بجمال فائق مع بياض البشرة. ولذا فإن المنظمات العديدة الإنسانية والكنسية عملت على اختطاف آلاف الأطفال من البوسنة، وتوزيعهم على الأسر المسيحية في ألمانية وأوروبة والولايات المتحدة.
ثم جاءت كوسوفو، وتكررت نفس القصة والمأساة، وإن كانت بصورة أقل مما حدث لأطفال البوسنة والهرسك؛ وذلك لأن الأزمة لم تطل كثيرا، ولأن الأسر من كوسوفو انتقلت إلى ألبانية ومقدونية المجاورتين، ورفضت هذه الأسر أي تفريق بينها وبين أطفالها، ومع ذلك حدثت في مقدونية أن قامت منظمات عديدة بفصل الأسر والأطفال وترحيلهم قسرا إلى أوروبة والولايات المتحدة، حيث تم ترحيل الآلاف منهم.
الأمهات العذارى (Virgin Mothers) :
يخترع الغرب مسميات غريبة جدا للتغطية على الأوضاع المأساوية التي تعيشها الفتيات الصغيرات. ومن ذلك هذه التسمية الغريبة المضحكة لهؤلاء الفتيات اللاتى يحملن سفاحا في سن المراهقة من سن الثانية عشرة إلى السابعة عشرة. كما أن الغرب يطلق اسم الأسرة ذات العائل الوحيد (Single Family Parent) على ملايين النساء اللائى يحملن سفاحا، وليس لأبنائهن أب معروف، أو أن للطفل أبا معروفا من المخاللة، ولكنه ترك عشيقته بعد أن حملت وولدت لتواجه المصاعب وحدها.
وقد ارتفعت نسبة المواليد بهذه الطريقة من (12) بالمائة إلى أن أصبحوا يشكلون نصف المواليد في الولايات المتحدة وأوروبة، وهي نسبة رهيبة مرعبة!! وتنعكس مشاكلها على أطفال هؤلاء النسوة اللائي يعشن على حافة الفقر دون عائل، وتضطر هؤلاء النسوة إلى العمل لسد الرمق لهن ولأولادهن، ونتيجة ذلك فإنهن غالبا لا يستطعن إرضاع أطفالهن، كما أنهن يقمن بالاعتداءات المريعة التي تصيب أطفالهن بعاهات مستديمة أو تؤدي إلى الوفاة؛ وذلك لأن هؤلاء النسوة يعشن ظروفا قاسية ووحدة وعزلة، مع توترات نفسية وضغط في مجال العمل. وتعود المرأة مرهقة جدا من عملها لتجد الطفل يصرخ بصورة مرعبة، فتفقد أعصابها وقد ترميه من مكان عال، أو تضربه دون أن تعي، أو تخنقه
…
إلخ. كما أن ذهابها إلى مكان العمل وتركها طفلين أو ثلاثة في المنزل دون وجود رعاية من أحد الكبار يؤدي إلى حدوث مآس مروعة مثل الحرائق، وانسياب الغاز، وأنواع التسمم، وخاصة بالعقاقير التي غالبا ما تستعملها المسكينة لمداواة الكآبة والقلق الذي تعانيه.
إن ملايين الأطفال في الولايات المتحدة وأوروبة يعانون بسبب فقدانهم دور الأب وتحمل الأم وحدها كل هذه التبعات، وغالب هؤلاء الأمهات قليلات الخبرة وذوات مستوى تعليمي منخفض، وبالتالي فإن الأعمال التي يقمن بها ويرتزقن منها، غالبا ما تكون شاقة وقليلة الأجر، وتكثر في المجتمع الأمريكي الأمهات من هذا القبيل لدى السود وذوى الأصول الإسبانية، ومن يعيشون في أسفل درجات السلم الاجتماعي في الولايات المتحدة (1) .
(1) نشرت صحيفة الحياة في 25/7/1999 م أن (70) بالمائة من الولادات لدى السود هي خارج نطاق الزواج، في الولايات المتحدة.
الخلاصة
إن الوضع العالمي للأطفال اليوم مرعب وخطير، فملايين الأطفال في العالم الثالث يعانون من ويلات الحروب والمجاعات والألغام، وعدم الرضاعة والإنتانات والفقر، ويدفع الملايين منهم إلى ميدان العمل (800) مليون طفل في سن مبكرة ويحرمون من التعليم، ويواجهون مخاطر جمّة في ميدان العمل، كما أن أعدادا تقدر بالملايين تساق إلى الدعارة والجريمة وتوزيع المخدرات والتسول، فهناك مائة مليون طفل يعيشون في الشوارع بلا مأوى.
وفى العالم المتقدم صناعيا هناك اعتداءات من نوع آخر على الأطفال، ونتيجة تحطم كيان الأسرة، فهناك ملايين الأطفال الذين يولدون سفاحا، وتعاني الأمهات وأطفالهن من إعالة أسرة بدون أب، وما يؤدي إليه من تمزق واعتداء على الأطفال.
كما أن نظام التبني يحرم الأبوين الطبيعيين من رؤية طفلهما المتبنى حسب القوانين الغربية، وغالبا ما تتم اعتداءات أخرى على هؤلاء الأطفال.
وبما أن النظام الرأسمالي الغربي يكنز الثروة لدى عدد قليل من الأفراد، بينما يعيش أكثر من نصف سكان العالم تحت خط الفقر، فإن الأطفال يعانون معاناة أشد، سواء من الناحية الصحية أو الاجتماعية أو التعليمية.
ولا يمكن أن يتم إنقاذ العالم إلا بسيادة الإسلام وعدالته لتنشر ربوعها في عالم ممزق لا أمل له في الحياة الكريمة دون ظهور هذا الدين على الدين كله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وفيما يلي بعض المحاور التي توضح حقوق الطفل في الإسلام التي يمكن دراستها:
المحور الأول (الباب الأول) – حقوق الطفل قبل أن يولد: وفيه عدة مطالب:
1-
اختيار الزوجين والحث على الزواج:
((أنكحوا الأكفاء)) ((وإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير))
* الأمر بالزواج والحث عليه.
* الفحص الطبي قبل الزواج.
* فوائد الزواج المبكر، ومخاطر تأخير الزواج الاجتماعية والصحية.
2-
الإنجاب: الحث على الإنجاب.
- لا إنجاب إلا في إطار الزوجية.
- كراهية تسخط البنات.
- المباعدة بين الولادات خشية التأثير على صحة الأم ودور الرضاعة.
- وسائل منع الحمل والتعقيم.
- معالجة العقم.
- المواد التي تؤثر على الإنجاب: التدخين، الكحول، المخدرات، الأشعة
…
إلخ.
3-
وقاية الجنين وحقه في الحياة:
- منع الإجهاض الاختياري.
- الأسباب التي قد تدعو إلى السماح بالإجهاض.
- الأسباب التي تؤدي إلى تشوه الجنين وكيفية الوقاية منها.
- حق الجنين في الميراث.
- الحفاظ على صحة الحامل من أجلها وأجل الجنين.
- عدم توقيع الحدود على الحامل وتأجيلها إلى وقت آخر.
- تخفيف الواجبات الشرعية على الحامل والمرضع.
المحور الثاني (الباب الثاني) - حقوق الطفل في الولادة الآمنة وحقه بعد الولادة:
1-
الولادة:
* الولادة في المنزل.
* الولادة في المستشفى.
* الفحوصات عقب الولادة مباشرة.
* إماطة الأذى عن المولود.
* التطعيمات بعد الولادة.
2-
حقوق الطفل بعد الولادة:
- التأذين والإقامة.
- التسمية باسم حسن والبعد عن الأسماء القبيحة، وحق الأب في التسمية.
–التحنيك بالتمر أو بمواد سكرية، وفوائد ذلك.
– العقيقة.
- حلق شعر المولود والتصدق بوزنه فضة.
- الختان: حكمه وفوائده وختان الذكر والأنثى وحكم سراية الختان.
المحور الثالث: الرضاعة: أحكامها وفوائدها.
المحور الرابع: الحضانة والولاية على النفس والمال.
المحور الخامس: تربية المولود إلى أن يشب.
المحور السادس: اليتامى واللقطاء.
المحور السابع: جنوح الأطفال.
المحور الثامن: عمل الأطفال.
المحور التاسع: القوانين وحقوق الأطفال.
المحور العاشر: إعاقات الأطفال.
المحور الحادي عشر: رعاية الطفولة والأمومة في كتب التراث الشرعي والطبي.