المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني عشر

- ‌استثمار موارد الأوقاف(الأحباس)إعدادأ. د. خليفة بابكر الحسن

- ‌استثمار موارد الأوقافإعدادالدكتور إدريس خليفة

- ‌استثمار موارد الأحباسإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌أثر المصلحة في الوقفإعدادالشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌صور استثمار الأراضي الوقفية فقهاً وتطبيقاًوبخاصة في المملكة الأردنية الهاشميةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكوصكوك الأعيان المؤجرةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة(الإجارة المنتهية بالتمليك)دراسة فقهية مقارنةإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليكدراسة اقتصادية وفقهيةإعداد الدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكوصكوك التأجيرإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌الشرط الجزائي ومختلف صوره وأحكامهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الشرط الجزائيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌الشرط الجزائيإعدادالأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الشرط الجزائي في العقودإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الشرط الجزائي في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور ناجي شفيق عج

- ‌الشرط الجزائيدراسة معمقة حول الشرط الجزائي فقها وقانوناإعدادالقاضي محمود شمام

- ‌عقود التوريد والمناقصةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌عقد التوريددراسة فقهية تحليليةإعدادالدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌عقود التوريد والمناقصاتإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ مجتبى المحمودوالشيخ محمد على التسخيري

- ‌الإثبات بالقرائن والأماراتإعدادالدكتور عكرمة سعيد صبري

- ‌القرائن في الفقه الإسلاميعلى ضوء الدراسات القانونية المعاصرةإعدادالمستشار محمد بدر المنياوي

- ‌الإثبات بالقرائن أو الأماراتإعدادالشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الطرق الحكمية في القرائنكوسيلة إثبات شرعيةإعدادالدكتور حسن بن محمد سفر

- ‌دور القرائن والأمارات في الإثباتإعدادالدكتور عوض عبد الله أبو بكر

- ‌بطاقات الائتمانتصورها، والحكم الشرعي عليهاإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌بطاقات الائتمان غير المغطاةإعدادالدكتور محمد العلي القري

- ‌بحث خاصبالبطاقات البنكيةإعدادالدكتور محمد بالوالي

- ‌بطاقة الائتمانإعدادالبروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بطاقة الائتمان غير المغطاةإعدادالشيخ علي عندليبوالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التضخم وعلاجهعلى ضوء القواعد العامةمن الكتاب والسنة وأقوال العلماءإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الصلح الواجب لحل قضية التضخمإعدادأ. د. علي محيي الدين القره داغي

- ‌تدهور القيمة الحقيقية للنقود ومبدأ التعويضومسؤولية الحكومة في تطبيقه

- ‌مسألة تغير قيمة العملة الورقيةوأثرها على الأموال المؤجلةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌التأصيل الشرعي للحلول المقترحةلعلاج آثار التضخم

- ‌التضخم وتغير قيمة العملةدراسة فقهية اقتصاديةإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌نسبة التضخم المعتبرة في الديونإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

- ‌حقيقة التضخم النقدي: مسبباته – أنواعه – آثاره

- ‌التضخم وآثاره على المجتمعات

- ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

- ‌حقوق الأطفال والمسنينإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌حقوق الشيوخ والمسنين وواجباتهمفي الإسلامإعدادالأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌حول حقوق المسنينإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌حقوق الطفلالوضع العالمي اليومإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌الشيخوخةمصير. . . وتحدياتإعدادالدكتور حسان شمسي باشا

- ‌البيان الختامي والتوصياتالصادرة عنالندوة الفقهية الطبية الثانية عشرة

- ‌(حقول المسنين من منظور إسلامي)

الفصل: ‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

حلقة العمل الثالثة

‌ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

والحقوق الآجلة

المنامة (البحرين) : 12 – 13 جمادى الثانية 1420 هـ / 22 – 23 سبتمبر / 1999 م.

بسم الله الرحمن الرحيم

البيان الختامي

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حضرة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، راعي الحلقة الثالثة من ندوة التضخم.

أصحاب السماحة والفضيلة، أصحاب المعالي والسعادة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وبالتعاون مع مصرف فيصل الإسلامي البحرين، عقد بهذا البلد الكريم المضياف الحلقة الثالثة من ندوة التضخم؛ تنفيذًا لرغبة المؤتمر التاسع للمجمع والمنعقد بأبو ظبي.

وقد تم بحمد لله وحسن عونه القيام في يومي (12 – 13 جمادى الآخرة 1420 هـ الموافق 22 – 23 سبتمبر 1999 م) بعرض عدد من البحوث والاستماع إلى كثير من المداخلات بشأنها.

وقد ترأس جلسة الافتتاح سعادة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية، وألقى بيانًا هامًا تحدث فيه عن قضية التضخم وآثاره في الاقتصاد العالمي، وتبعت ذلك كلمة ترحيب من سعادة الأستاذ نبيل عبد الإله نصيف، الرئيس التنفيذي لمصرف فيصل الإسلامي البحرين، وتولى بعد هذا سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي إلقاء بيان حول ما طرح من موضوعات وقضايا تتصل بالتضخم في حلقتي جدة وكوالالمبور،وبإثر ذلك تتابعت الجلسات خلال ليومين، فعرض ما تم بحثه في اللجنة التمهيدية الثانية في هذه الحلقة وبحثت في الجلسة الأولى قضية تجزؤ الأحكام، وقضية التفصيل بين عقود الضمانات وعقود الأمانات.

ص: 1735

ثم طرحت قضايا أخرى هامة تتصل بضبط الحلول المقترحة لمعالجة التضخم، سواء الحلول الدائمة أو المؤقتة المرحلية أو الحلول العامة، أو الخاصة ببعض الحالات، كما وقع النظر في تكييف الحلول المقترحة من الناحية الشرعية والاقتصادية.

وفي الجلسة الثانية وقع النظر في التأصيل الشرعي للحول المقترحة والحديث عن نسبة التغيير المؤثرة بالعملة التي تستدعي الحل، كما درست الحلقة موضوع التضخم على الجائحة والظروف الطارئة، وأجريت إثر ذلك مناقشات.

وتقدم بعض الأساتذة الحضور بجملة من الاقتراحات، وفي صباح هذا اليوم استؤنف العمل ببحث مسؤولية الحكومة عن التعويض وبالاستماع إلى موضوع مفهوم الصلح الواجب وتبعت ذلك مناقشات، كما تم بعد ذلك ضبط الملاحظات والنقاط التي تم التوصل إليها وتحديد الحلول المقترحة للوفاء بالديون الآجلة.

ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن أرفع إلى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى بن سليمان آل خليفة أمير البلاد المفدى، كاملَ التقدير والشكر والامتنان على ما أظهره من رعاية وما شملنا به من عناية.

وأرفع إلى مقام صاحب السمو الشيخ سليمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد الأمين، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن سليمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السعادة الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية أزكى التحيات وأخلص التقدير؛ لما وجده مجمع الفقه الإسلامي ومصرف فيصل الإسلامي البحرين من إعانة وتيسير لعقد هذه الحلقة، هذا وإن المشاركين في هذه الندوة ليتقدمون إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل آل سعود رئيس مجلس إدارة مصرف فيصل الإسلامي البحرين، بعظيم التقدير وكامل العرفان على مساعداته الفائقة ودعمه الدائم لنشاط مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أتقدم بخالص الشكر وكبير الثناء للعلماء والأستاذة الذين أمدونا ببحوثهم القيمة ودراساتهم النافعة التي على أساسها انبنت التوصيات والمقترحات الصادرة عن هذه الحلقة، فهم الأساس لنجاح هذا العمل والتقدم خطوات ببحث قضية التضخم وإيجاد الحلول الممكنة لها.

وإنه لمن الواجب أن نشكر في هذه المناسبة وسائل الإعلام المختلفة على ما قامت به من جهد في التعريف بما دار في هذين اليومين من عمل علمي فقهي واقتصادي، ولا ننسى زمرة الإخوان من كتبة ومنظمين لهذين اليومين الدراسيين، وكل من بذل جهدا لتسهيل أعمالها وتيسير قيامنا بالواجب من شكر وثناء خالصين لهم.

كما لا يفوتني أن أشكر وأحيي إدارة الفندق وعماله على ما قدموه من خدمات ساعدتنا على العمل بمنتهى النشاط والراحة، وإنا لنأمل من الله أن يمدنا بعونه ويكلأنا برعايته لمواصلة العمل في مثل هذه اللقاءات المباركة والندوات العلمية التي يلتقي فيها رجال الاقتصاد ورجال الشريعة متعاونين على بحث قضايا الساعة ودراسة المشاكل والقضايا القائمة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.

والله من وراء القصد، وهو ولينا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 1736

بسم الله الرحمن الرحيم

التوصيات والمقترحات

أولًا – تأكيد العمل بالقرار السابق رقم 42 (4 / 5) في غير حالات التضخم، ونصه:

" العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار ".

وأما في حالات التضخم فيطبق ما يلي:

ثانيًا – مدى اعتبار التضخم مؤثرًا في الديون الآجلة:

أ- إذا كان التضخم عند التعاقد (ثبوت الحق في الذمة) متوقعًا فإنه لا يترتب عليه أي تأثير في تعديل الديون الآجلة، فيكون وفاؤها بالمثل وليس بالقيمة. وذلك لحصول التراضي ضمنًا بنتائج التضخم، ولما في ذلك من استقرار التعامل.

ب- لا مانع في الحالة السابقة من التحوط عند التعاقد بتحديد الدين الآجل بغير العملة المتوقع هبوطها، وذلك بأن يكون الدين مما يلي:

أ- الذهب أو الفضة

ب- سلعة أخرى (موصوفة في الذمة)

ج – سلة من السلع (موصوفة في الذمة)

د – عملة أخرى.

هـ – سلة عملات.

و عملة حسابية ثابتة بالنسبة بين مكوناتها منذ وقت العقد إلى وقت الأداء.

وذلك لانتفاء الربا أو شبهته؛ لأن للعاقدين الحق في تحديد الثمن بما يتراضيان عليه.

مع مراعاة أن يكون بدل القرض في الصور السابقة بالعملة التي وقع بها القرض نفسها؛ لأنه لا يثبت في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلًا.

وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما، مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى (الربط بتلك العملة) أو بسلة عملات، وقد صدر في منع هذه الصورة قرار المجمع رقم 75 (6 / 8) رابعًا.

ص: 1737

ثالثًا – إن كان التضخم عند التعاقد غير متوقع الحدوث وحدث، فإما أن يكون وقت السداد كثيرًا أو يسيرًا، وضابط التضخم الكثير أن يبلغ ثلث مقدار الدين الآجل:

أ- إذا كان التضخم يسيرًا فإنه لا يعتبر مسوغًا لتعديل الديون الآجلة؛ لأن الأصل وفاء الديون بأمثالها، واليسير في نظائر ذلك من الجهالة أو الغرر أو الغبن مغتفر شرعًا.

ب- وإذا كان التضخم كثيرًا، فإن وفاء الدين الآجل حينئذ بالمثل (صورة) يلحق ضررًا كثيرًا بالدائن يجب رفعه، تطبيقًا للقاعدة الكلية (الضرر يزال) والحل لمعالجة ذلك (فيما عدا الحسابات الجارية) هو اللجوء إلى:

الصلح:

وذلك باتفاق الطرفين – عند سداد الدين الآجل فيما عدا الحسابات الجارية – على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم بين المدين والدائن بأي نسبة يتراضيان عليها.

ص: 1738

رابعًا – لا يجوز شرعًا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي:

أ- الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات.

ب- الربط بالذهب أو الفضة.

ج – الربط بسعر سلعة معينة.

د- الربط بعملة حسابية.

هـ – الربط بمعدل نمو الناتج القومي.

و– الربط بعملة أخرى.

ز- الربط بسعر الفائدة.

ح – الربط بمعدل أسعار سلة من السلع.

وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير وجهالة فاحشة، بحيث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه، فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود، وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما طلب أداؤه، وهذا مشروط في العقد، فتكون فيه شبهة الربا.

ص: 1739

خامسًا – إذا تعذر الصلح بين الدائن والمدين لتحديد ما يتحمله كل منهما من الفرق الناشئ عن التضخم، فإنه يصار إلى إحدى هاتين الوسيلتين:

1 -

التحكيم:

وهو اتفاق طرفي خصومة معينة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزم يطبق الشريعة الإسلامية، هو مشروع سواء أكان بين الأفراد أم في مجال المنازعات الدولية. وقد صدر في شأن التحكيم قرار المجمع رقم 91 (8 / 9) .

2-

القضاء:

وذلك برفع أحد الطرفين الأمر إلى القضاء، فينظر القاضي في مقدار الضرر الواقع على الدائن (فرق التضخم) ويحدد ما يتحمله المدين على نحو ما قيل في الصلح.

ولا ينبغي لأحدهما التعنت برفض اللجوء إلى إحدى الوسائل السابقة.

والقول بتعديل الديون الآجلة بسبب التضخم الكثير، وجعل الثلث حد الكثرة يستند إلى عمومات نصوص الكتاب والسنة الآمرة بالعدل والإنصاف والنهاية عن الظلم. ويستأنس لذلك بقاعدة (وضع الجوائح) الثابتة في السنة الصحيحة، وبأساس التعويض عن العيب بناء على قاعدة الجوابر، باعتبار أن التغير الكبير في القوة الشرائية للعملة عيب يستوجب جبر النقص، وبمبدأ (المظالم المشتركة) ، وهي النوائب التي تنزل بواحد ممن يجمعهم وصف مشترك فيتم تحميلها بالعدل على المشتركين.

سادسًا:

سبق أن أصدر مجلس المجمع القرار رقم 75 (6 / 8) الفقرة أولًا بجواز الربط القياسي للأجور، تبعًا للتغير في مستوى الأسعار.

ص: 1740

حلقة العمل الثانية

التضخم وآثاره على المجتمعات

كوالالمبور: 20 – 21 صفر 1417 هـ / 6 – 7 يوليو / 1996 م.

بسم الله الرحمن الرحيم

البيان الختامي

الحمد لله الذي أتم علينا نعمته، وأفاض علينا كرمه ومننه، وجعلنا من الملتزمين بهدي نبيه، والآخذين بمنهجه، المتبعين لسننه، نحمده حمد الشاكرين، ونزلف إليه زلفى الضارعين المتقربين، وندعوه عز وجل أن يجعل أعمالنا متسمة بسمي العبادة والإخلاص، قاصدين بها وجهه، راجين من ورائها أعلاء كلمته، وخدمة دينه، وحفظ ملته، وصلى الله على رسوله ومصطفاه، خيرته من خلقه، سيد المرسلين وإمام المتقين، بينا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حضرات أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة والسعادة،

أيها السادة الأكارم،

في خلال يومين سعيدين قضيناهما بهذا البلد الكريم، كنا فيهما ضيوفًا على بنك نيجار ماليزاي، استمعنا أولًا إلى بحثين قيمين عند دور السياسات المالية في معالجة التضخم في إطار الاقتصاد الإسلامي، ثم إلى تعقيبين جيدين عليهما، كما قدمت دراسة عن دور السياسات النقدية في نفس الموضوع تميزت بالجدة والطرافة، وقد تبعها تعقيبان دقيقان أيضًا.

وفي نهاية اليوم الأول توجت الدراسات المقدمة بعرض جيد لتطبيقات السياسات المالية النقدية في معالجة التضخم، كشف عن التجربة الماليزية الرائدة، التي استحقت التقدير والتنويه، كما استوجبت التهنئة لحكومة ماليزيا على الجهود الكبيرة التي بذلتها في هذه السبيل، وقد تبعت البحوث الأربعة والتعقيبات عليها مناقشات عامة وجزئية أبرزت أهمية البحوث المعروضة والآراء والملاحظات التي كانت مرة تعديلًا، وأخرى استدراكًا وتكميلًا لما تقدم به الباحثون والمعقبون.

ص: 1741

وفي صباح اليوم الثاني محوران: أحدهما يرتبط بقضية مؤشرات وضوابط الربط القياسي مع عرض آراء الاقتصاديين الأماميين فيها. والآخر يقوم أساسًا على إبراز الآراء الفقهية التي تم عرضها في دورات المجمع السابقة، واقتضت تنسيقًا وتفصيلًا ومقارنة. بعد عرض البحوث الثلاثة والتعقيبات عليها دار النقاش حلوه أن وأفرز النظريات الفقهية والأحكام المتعلقة بالربط القياسي، والتي يتم عن طريقها التعرف على وجه الوفاء بما في الذمة من الالتزامات الآجلة.

وكانت جلسة ما بعد الظهر متناولة لمحورين: الاتجاهات الشرعية لمعالجة التضخم في المصادر الفقهية، وآثار التضخم على المعاملات التعاقدية في البنوك الإسلامية والوسائل المشروعة للحماية.

وقد قدمت فيه ذا الغرض أوراق ثلاثة تبعتها أربعة تعقيبات. وبأثر مناقشة المحورين وما دار فيهما اجتمعت لجنة الصياغة وأعدت تقريرًا مفصلًا عن نتائج وتوصيات الندوة – هو الذي تم توزيعه عليكم للمراجعة، وقام المقرر العام بقراءته محررًا -.

وإنه ليشرفني، في نهاية الحلقة الثانية لندوة التضخم، أن أرفع باسم مجمع الفقه الإسلامي وباسم مصرف فيصل الإسلامي وباسمكم جميعًا جزيل الشكر والامتنان لحكومة ماليزيا الرشيدة وللشعب الماليزي لما يتسم به من جد واستمرار على البذل من أجل تحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة، ونثنى على ذلك بشكر بنك نيجارا الماليزي والبنك الإسلامي الماليزي برهاد على الاستضافة الكريمة والرعاية الشاملة والتعاون الكامل مما وفر أسباب النجاح لندوتنا المباركة هذه.

ويسعدني، من جهة ثانية، أن أتقدم إلى حضراتكم جميعًا بعظيم التقدير وخالص الشكر لما تم على أيديكم في هذه الندوة من إعداد للبحوث والدراسات، وما وليها من تعقيبات عليها لا تقل عنها إمتاعًا ونفعًا وجدوى، وما لحق ذلك كله من مناقشات كانت إغناء للدرس وسبيلًا للتوصل إلى النتائج والتوصيات التي تفضلتم بإقرارها.

ص: 1742

وقد كانت كل هذه المشاركات بأنواعها، بحمد الله، جيدة ودسمة لا يجرى من ورائها غير البحث عن الحقيقة ونشدانها، وإرادة التوصل إلى الكشف عن الأحكام المقبولة شرعًا.

وأعود إلى لجنة الصياغة السادة المقررين معترفًا بما لهم علينا من حقوق لما بذلوه من جهد لجمع الآراء الكثيرة، وضبط النتائج وعرض التوصيات التي وقع استخلاصها مما أفضتموه علينا من دقيق المعرفة، ونافع العلم، وصائب الرأي في هذه الندوة.

ولا أنسى في نهاية هذا البيان الختامي أن أنوه بجهود اللجنتين التحضيريتين هنا وبجدة، وبعمل السكرتارية الدؤوب، وبالدور بالكبير الذي اضطلع به الإخوة المترجمون، وبوسائل الإعلام كافة، فلهم منا جميعًا خالص الشكر وعظيم التقدير.

وأملنا بإذن الله تعالى أن يطرد هذا النشاط العلمي: الفقهي والاقتصادي بين مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، فنعود بفضل ذلك لنلتقي من جديد وقريبًا في الحلقة الثالثة لهذه الندوة البحرين، وفي ندوات وأنشطة أخرى كثيرة.

وهكذا يستمر العطاء العلمي والإفادة من الدراسات والاجتهادات لمعالجة الكثير من القضايا المشكلة والمستجدة. والأمل معقود على عملكم وفضلكم. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سوءا السبيل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

* * *

ص: 1743

التوصيات

1-

إدراكًا لكون تنمية الإنتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية المستعملة فعلًا من أهم العوامل التي تؤدي إلى محاربة التضخم في الأجل المتوسط والطويل، فإنه ينبغي العمل على زيادة الإنتاج والطاقة الإنتاجية في البلاد الإسلامية، وذلك عن طريق وضع الخطط واتخاذ الإجراءات التي تشجع على بالارتفاع بمستوى كل من الادخار والاستثمار، حتى يمكن تحقيق تنمية مستمرة.

وقد لاحظ المشاركون في الندوة بعين التقدير ما حققته ماليزيا من حيث النجاح في الحفاظ على الاستقرار النقدي،وتحقيق معدلات عالية من الادخار والاستثمار،وتخفيض نسبة البطالة وتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، وخططها المستقبلية نحو تطبيق النظام الإسلامي.

2-

بما أن للتضخم أضرارًا عامة، سواء من حيث إساءته إلى تخصيص استعمال الموارد وكفاءتها، أم من حيث إحداثه لأوضاع توزيعية في الدخل والثروة تناقض مع العدالة الإسلامية.

وحيث إن التضخم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة الإصدار النقدي وبوجود عجز في ميزانية الدولة في معظم الأحيان، فإن المشاركين يوصون حكومات الدول الإسلامية بعدم اللجوء إلى إصدار النقود (طبع العملة) في تمويل عجز ميزانياتها.

3-

مناشدة حكومات الدولة الإسلامية العمل على توازن ميزانياتها العامة (بما فيها جميع الميزانيات العادية والإنمائية والمستقلة التي تعتمد على الموارد المالية العامة في تمويلها) وذلك بالالتزام بتقليل النفقات وترشيدها وفق الإطار الإسلامي.

وإذا احتاجت الميزانيات إلى التمويل فالحل المشروع هو الالتزام بأدوات التمويل الإسلامية القائمة على المشاركات والمبايعات والإجارات. ويجب الامتناع عن الاقتراض الربوي، سواء من المصارف والمؤسسات المالية، أم عن طريق إصدار سندات الدين.

ص: 1744

4-

مراعاة الضوابط الشرعية عند استخدام أدوات السياسة المالية، سواء منها ما يتعلق بالتغيير في الإيرادات، أم بالتغيير في الأنفاق العام، وذلك بتأسيس تلك السياسات على مبادئ العدالة والمصلحة العامة للمجتمع، ورعاية الفقراء،وتحميل عبء الإيراد العام للأفراد حسب قدراتهم المالية المتمثلة في الدخل والثورة معًا.

5-

ضرورة استخدام جميع الأدوات المشروعة للسياستين المالية والنقدية ووسائل الإقناع والسياسات الاقتصادية والإدارية الأخرى. للعمل على بتخليص المجتمعات الإسلامية من أضرار التضخم، بحيث تهدف تلك السياسات لتخفيض معدل التضخم إلى أدنى حد ممكن.

6-

وضع الضمانات اللازمة لاستقلال قرار المصرف المركزي في إدارة الشؤون النقدية، والتزامه بتحقيق هدف الاستقرار النقدي ومحاربة التضخم، ومراعاة التنسيق المستمر بين المصرف المركزي والسلطات الاقتصادية والمالية، من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي والنقدي، والقضاء على البطالة.

7-

دراسة وتمحيص المشروعات والمؤسسات العامة إذا لم تتحقق الجدوى الاقتصادية المستهدفة منها، والنظر في إمكانية تحويلها إلى القطاع الخاص، وإخضاعها لعوامل السوق وفق المنظور الإسلامي، لما لذلك من أثر في تحسين الكفاءة الإنتاجية وتقلي الأعباء المالية عن الميزانية، مما يسهم في تخفيف التضخم.

8-

دعوة المسلمين أفرادًا وحكومات إلى التزام النظام الإسلامي، وبخاصة مبادئة الاقتصادية والتربوية والأخلاقية والاجتماعية، مما يحقق الاعتدال في الاستهلاك والترشيد في الإنفاق، ويعالج جذور المشكلات الاقتصادية الأساسية، بما في ذلك التضخم.

ومن أبرز تلك المبادئ تحريم الربا والإسراف، وتنظيم جمع الزكاة وتوزيعها، والترغيب في الإنفاق الخيري كالصدقات والأوقاف وغير ذلك.

ص: 1745

9-

مع مراعاة قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، بشأن الربط القياسي في الأجور، فإنه في الإجارات الطويلة للأعيان، والإجارة الخاصة (الموظف والعامل) يمكن تحديد مقدار الأجرة عن الفترة الأولى والاتفاق في عقد الإجارة على ربط أجرة الفترات اللاحقة بمؤشر معين، شريطة أن تصير الأجرة معلومة المقدار عند بدء كل فترة.

10 – لقد برزت من خلال الأبحاث والمناقشات عدة قضايا تحتاج إلى مزيد من البحث، (منها) الاتفاق عن الإقراض بعملة حقيقة على اعتبار قيمتها بالنسبة للذهب، أو لعملة اعتبارية، أو لسلة من العملات أو السلع (ومنها) تطبيق مبدأ الصلح الإلزامي في حالة التضخم غير المتوقع، كما تبين أن هناك اتجاهات فقهية متعددة لمعالجة آثار تغير القوة الشرائية للعملات الورقية، بالإضافة إلى ضرورة النظر في معاملات البنوك الإسلامية المتأثرة بالتضخم والمشكلات التي تنشأ عن ذلك، مما يتطلب تكوين لجان والقيام باستكتاب أبحاث فقهية واقتصادية تستفيد من أبحاث ونتائج هذه الحلقة وسابقتها، وذلك لعرضها في الندوة الفقهية المزمع عقدها في البحرين بعون الله تعالى.

ويتقدم المشاركون في الحلقة بخالص الشكر والتقدير لمنظمي الحلقة (مجمع الفقه الإسلامي بجدة – وبنك نيجارا ماليزيا – ومصرف فيصل الإسلامي البحرين – والبنك الإسلامي الماليزي – وشركة أبرار المحدودة) .

ص: 1746

حلقة العمل الثالثة

ضبط الحلول المطروحة لمعالجة آثار التضخم على الديون

والحقوق الآجلة

المنامة (البحرين) : 12 – 13 جمادىالثانية 1420 هـ / 22 – 23 سبتمبر / 1999م.

بسم الله الرحمن الرحيم

البيان الختامي

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حضرة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، راعي الحلقة الثالثة من ندوة التضخم.

أصحاب السماحة والفضيلة

أصحاب المعالي والسعادة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد:

إن مجمع الفقه الإسلامي الدولي وبالتعاون مع مصرف فيصل الإسلامي البحرين عقد بهذا البلد الكريم المضياف الحلقة الثالثة من ندوة التضخم تنفيذًا لرغبة المؤتمر التاسع للمجمع والمنعقد بأبو ظبي.

وقد تم بحمد لله وحسن عونه القيام في يومي (12 – 13 جمادىالآخرة 1420 هـ ـ الموافق 22 – 23 سبتمبر 1999 م) بعرض عدد من البحوث والاستماع إلى كثير من المداخلات بشأنها.

وقد ترأس جلسة الافتتاح سعادة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية، وألقى بيانًا هامًا تحدث فيه عن قضية التضخم وآثاره في الاقتصاد العالمي، وتبعت ذلك كلمة ترحيب من سعادة الأستاذ نبيل عبد الإله نصيف الرئيس التنفيذي لمصرف فيصل الإسلامي البحرين وتولى بعد هذا سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي إلقاء بيان حول ما طرح من موضوعات وقضايا تتصل بالتضخم في حلقتي جدة وكوالالمبور،وبإثر ذلك تتابعت الجلسات خلال ليومين، فعرض ما تم بحثه في اللجنة التمهيدية الثانية في هذه الحلقة وبحثت في الجلسة الأولى قضية تجزؤ الأحكام، وقضية التفصيل بين عقود الضمانات وعقود الأمانات.

ص: 1747

ثم طرحت قضايا أخرى هامة تتصل بضبط الحلول المقترحة لمعالجة التضخم سواء الحلول الدائمة أو المؤقتة المرحلية أو الحلول العامة أو الخاصة ببعض الحالات، كما وقع النظر في تكييف الحلول المقترحة من الناحية الشرعية والاقتصادية.

وفي الجلسة الثانية وقع النظر في التأصيل الشرعي للحول المقترحة والحديث عن نسبة التغيير المؤثرة بالعملة التي تستدعي الحل، كما درست الحلقة موضوع التضخم على الجائحة والظروف الطارئة، وأجريت إثر ذلك مناقشات.

كما تم بعد ذلك ضبط الملاحظات والنقاط التي تم التوصل إليها وتحديد الحلول المقترحة للوفاء بالديون الآجلة.

ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن أرفع إلى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى بن سليمان آل خليفة أمير البلاد المفدي كامل التقدير والشكر والامتنان على ما أظهره من رعاية وما شملنا به من عناية.

وأربع إلى مقام صاحب السمو الشيخ سليمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد الأمين، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن سليمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السعادة الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية أزكى التحيات وأخلص التقدير ما وجده مجمع الفقه الإسلامي ومصرف فيصل الإسلامي البحرين من إعانة وتيسير لعقد هذه الحلقة، هذا وإن المشاركين في هذه الندوة ليتقدمون إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل آل سعود رئيس مجلس إدارة مصرف فيصل الإسلامي البحرين بعظيم التقدير وكامل العرفان على مساعداته الفائقة ودعمه الدائم لنشاط مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أتقدم بخالص الشكر وكبير الثناء للعلماء والأستاذة الذين أمدونا ببحوثهم القيمة ودراساتهم النافعة التي على أساسها انبنت التوصيات والمقترحات الصادرة عن هذه الحلقة، فهم الأساس لنجاح هذا العمل والتقدم خطوات ببحث قضية التضخم وإيجاد الحلول الممكنة لها.

وإنه لمن الواجب أن نشكر فيه هذه المناسبة وسائل الإعلام المختلفة على ما قامت به من جهد في التعريف بما دار في هذين اليومين من عمل علمي فقهي واقتصادي، ولا ننسى زمرة الإخوان من كتبة ومنظمين لهذين اليومين الدراسيين وكل من بذل جهد لتسهيل أعمالها وتيسير قيامنا بالواجب من شكر وثناء خالصين لهم.

كما لا يفوتني أن أشكر وأحيي إدارة الفندق وعماله على ما قدموه من خدمات ساعدتنا على العمل بمنتهى النشاط والراحة وإنا لنأمل من الله أن يمدنا بعونه ويكلأنا برعايته لمواصلة العمل في مصل هذه اللقاءات المباركة والندوات العلمية التي يلتقى فيها رجال الاقتصاد ورجال الشريعة متعاونين على بحث قضايا الساعة ودراسة المشاكل والقضايا القائمة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.

والله من وراء القصد وهو ولينا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

* * *

ص: 1748

بسم الله الرحمن الرحيم

التوصيات والمقترحات

أولًا – تأكيد العمل بالقرار السابق رقم 42 (4 / 5) في غير حالات التضخم، ونصه:

" العبرة في وفاء الدين الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضي بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار ".

وأما في حالات التضخم فيطبق ما يلي:

ثانيًا – مدى اعتبار التضخم مؤثرًا في الديون الآجلة:

أ- إذا كان التضخم عند التعاقد (ثبوت الحق في الذمة) متوقعًا فإنه لا يترتب عليه أي تأثير في تعديل الديون الآجلة، فيكون وفاؤها بالمثل وليس بالقيمة. وذلك لحصول التراضي ضمنًا بنتائج التضخم، ولما في ذلك من استقرار التعامل.

ب- لا مانع في الحالة السابقة من التحوط عند التعاقد بتحديد الدين الآجل بغير العملة المتوقع هبوطها، وذلك بأن يكون الدين مما يلي:

أ- الذهب أو الفضة

ب- سلعة أخرى (موصوفة في الذمة)

ج – سلة من السلع (موصوفة في الذمة)

د – عملة أخرى.

هـ – سلة عملات.

و عملة حسابية ثابتة بالنسبة بين مكوناتها منذ وقت العقد إلى وقت الأداء.

وذلك لانتفاء الربا أو شبهته، لأن للعاقدين الحق في تحديد الثمن بما يتراضيان عليه.

مع مراعاة أن يكون بدل القرض في الصور السابقة بالعملة التي وقع بها القرض نفسها، لأنه لا يثب في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلًا.

وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى (الربط بتلك العملة) أو بسلة عملات، وقد صدر في منع هذه الصورة قرار المجمع رقم 75 (6 / 8) رابعًا.

ص: 1749

ثالثًا – إن كان التضخم عند التعاقد غير متوقع الحدوث وحدث، فأما أن يكون وقت السداد كثيرًا ا، يسيرًا، وضابط التضخم الكثير أن يبلغ ثلث مقدار الدين الآجل:

أ- إذا كان التضخم يسيرًا فإنه لا يعتبر مسوغًا لتعديل الديون الآجلة، لأن الأصل وفاء الديون بأمثالها، واليسير في نظائر ذلك من الجهالة أو الغرر أو الغبن مغتفر شرعًا.

ب- وإذا كان التضخم كثيرًا فإن وفاء الدين الآجل حينئذ بالمثل (صورة) يلحق ضررًا كثيرًا بالدائن يجب رفعه، تطبيقًا للقاعدة الكلية (الضرر يزال) والحل لمعالجة ذلك (فيما عدا الحسابات الجارية) هو اللجوء إلى:

الصلح:

وذلك باتفاق الطرفين – عند سداد الدين الآجل فيما عدا الحسابات الجارية – على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم بين المدين والدائن بأي نسبة يتراضيان عليها.

ص: 1750

رابعًا – لا يجوز شرعًا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي:

أ- الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات.

ب- الربط بالذهب أو الفضة.

ج – الربط بسعر سلعة معينة.

د- الربط بعملة حسابية.

هـ – الربط بمعدل نمو الناتج القومي.

و– الربط بعملة أخرى.

ز- الربط بسعر الفائدة.

ح – الربط بمعدل أسعار سلة من السلع.

وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير وجهالة فاحشة بحيث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود، وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما طلب أداؤه، وهذا مشروط في العقد فتكون فيه شبهة الربا.

ص: 1751

خامسًا – إذا تعذر الصلح بين الدائن والمدين لتحديد ما يتحمله كل منهما من الفرق الناشئ عن التضخم فإنه يصار إلى إحدى هاتين الوسيلتين:

1 -

التحكيم:

وهو اتفاق طرفي خصومة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزم يطبق الشريعة الإسلامية، هو مشروع سواء أكان بين الأفراد أم في مجال المنازعات الدولية. وقد صدر في شأن التحكيم قرار المجمع رقم 91 (8 / 9) .

2-

القضاء:

وذلك برفع أحد الطرفين الأمر إلى القضاء فينظر القاضي في مقدار الضرر الواقع على الدائن (فرق التضخم) ويحدد ما يتحمله بالمدين على نحو ما قيل في الصلح.

ولا ينبغي لأحدهما التعنت برفض اللجوء إلى إحدى الوسائل السابقة.

والقول بتعديل الديون الآجلة بسبب التضخم الكثير، وجعل الثلث حد الكثرة يستند إلى عمومات نصوص الكتاب والسنة الآمرة بالعدل والإنصاف والنهاية عن الظلم. ويستأنس لذلك بقاعدة (وضع الجوائح) الثابت في السنة الصحيحة، وبأساس التعويض عن العيب بناء بعلى قاعدة الجوابر، باعتبار أن التغير الكبير في القوة الشرائية للعملة عيب يستوجب جبر النقص، وبدأ (المظالم المشتركة) ، وهي النوائب التي تنزل بواحد ممن يجمعهم وصف مشترك فيتم تحميلها بالعدل على المشتركين.

سادسًا:

سبق أن أصدر مجلس المجمع القرار رقم 75 (6 / 8) الفقرة أولًا بجواز الربط القياسي للأجور، تبعًا للتغير في مستوى الأسعار.

* * *

ص: 1752

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قرار رقم: 115 (9/ 12)

بشأن موضوع

التضخم وتغير قيمة العملة

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشر بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23 – 28 سبتمبر 2000 م) .

بعد اطلاعه على البيان الختامي للندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم (بحلقاتها الثلاث بجدة، وكوالالمبور، والمنامة) وتوصياتها، ومقترحاتها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.

قرر ما يلي:

أولًا: تأكيد العمل بالقرار السابق رقم 42 (4 / 5) ونصه:

" العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار".

ثانيًا: يمكن في حالة التضخم التحوط عند التعاقد بإجراء الدين بغير العملة المتوقع هبوطها، وذلك بأن يعقد الدين بما يلي:

أ- الذهب أو الفضة

ب- سلعة مثلية

جـ- سلة من السلع المثلية.

د – عملة أخرى أكثر ثباتا.

هـ – سلة عملات.

ويجب أن يكون بدل الدين في الصور السابقة بمثل ما وقع به الدين؛ لأنه لا يثبت في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلًا.

وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما، مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى (الربط بتلك العملة) أو بسلة عملات، وقد صدر في منع هذه الصورة قرار المجمع رقم 75 (6 / 8) رابعًا.

ص: 1753

ثالثًا: لا يجوز شرعًا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي:

أ- الربط بعملة حسابية.

ب- الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات.

ج – الربط بالذهب أو الفضة.

د – الربط بسعر سلعة معينة.

هـ - الربط بمعدل نمو الناتج القومي.

و– الربط بعملة أخرى.

ز – الربط بسعر الفائدة

ح- الربط بمعدل أسعار سلة من السلع.

وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير وجهالة فاحشة، بحيث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه، فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود، وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد، فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما يطلب أداؤه ومشروط في العقد، فهو ربا.

رابعًا: الربط القياسي للأجور والإجارات:

أ- تأكيد العمل بقرار مجلس المجمع رقم 75 (6 / 8) الفقرة: أولًا بجواز الربط القياسي للأجور تبعًا للتغير في مستوى الأسعار.

ب- يجوز في الإجارات الطويلة للأعيان تحديد مقدار الأجرة عن الفترة الأولى، والاتفاق في عقد الإجارة على ربط أجرة الفترات اللاحقة بمؤشر معين شريطة أن تصير الأجرة معلومة المقدار عند بدء كل فترة.

ص: 1754

التوصيات:

يوصي المجمع بما يلي:

1-

بما أن أهم أسباب التضخم هو الزيادة في كمية النقود التي تصدرها الجهات النقدية المختصة لأسباب متعددة معروفة، ندعو تلك الجهات للعمل الجاد على إزالة هذا السبب من أسباب التضخم الذي يضر المجتمع ضررًا كبيرًا، وتجنب التمويل بالتضخم، سواء أكان ذلك لعجز الميزانية أم لمشروعات التنمية، وفي الوقت نفسه ننصح الشعوب الإسلامية بالالتزام الكامل بالقيم الإسلامية في الاستهلاك؛ لتبتعد مجتمعاتنا الإسلامية عن أشكال التبذير والترف والإسراف التي هي من النماذج السلوكية المولدة للتضخم.

2-

زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدان الإسلامية وبخاصة في ميدان التجارة الخارجية، والعمل على إحلال مصنوعات تلك البلاد محل مستورداتها من البلدان الصناعية، والعمل على تقوية مركزها التفاوضي والتنافسي تجاه البلدان الصناعية.

3-

إجراء دراسات على مستوى البنوك الإسلامية لتحديد آثار التضخم على موجوداتها واقتراح الوسائل المناسبة لحمايتها وحماية المودعين والمستثمرين لديها من آثار التضخم، وكذلك دراسة استحداث المعايير المحاسبية لظاهرة التضخم على مستوى المؤسسات المالية الإسلامية.

4-

إجراء دراسة حول التوسع في استعمال أدوات التمويل والاستثمار الإسلامي على التضخم، ما له من تأثيرات ممكنة على الحكم الشرعي.

5-

دراسة مدى جدوى العودة إلى شكل من أشكال ارتباط العملة بالذهب، كأسلوب لتجنب التضخم.

6-

إدراكًا لكون تنمية الإنتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية المستعملة فعلًا من أهم العوامل التي تؤدي إلى محاربة التضخم في الأجل المتوسط والطويل، فإنه ينبغي العمل على زيادة الإنتاج وتحسينه في البلاد الإسلامية، وذلك عن طريق وضع الخطط واتخاذ الإجراءات التي تشجع على الارتفاع بمستوى كل من الادخار والاستثمار، حتى يمكن تحقيق تنمية مستمرة.

ص: 1755

7-

دعوة حكومات الدول الإسلامية للعمل على توازن ميزانياتها العامة (بما فيها جميع الميزانيات العادية والإنمائية والمستقلة التي تعتمد على الموارد المالية العامة في تمويلها) ، وذلك بالالتزام بتقليل النفقات وترشيدها وفق الإطار الإسلامي. وإذا احتاجت الميزانيات إلى التمويل فالحل المشروع هو الالتزام بأدوات التمويل الإسلامية القائمة على المشاركات والمبايعات والإجارات. ويجب الامتناع عن الاقتراض الربوي، سواء من المصارف والمؤسسات المالية، أم عن طريق إصدار سندات الدين.

8-

مراعاة الضوابط الشرعية عند استخدام أدوات السياسة المالية، سواء منها ما يتعلق بالتغيير في الإيرادات العامة، أم بالتغيير في الإنفاق العام، وذلك بتأسيس تلك السياسات على مبادئ العدالة والمصلحة العامة للمجتمع، ورعاية الفقراء، وتحمل عبء الإيراد العام للأفراد حسب قدراتهم المالية المتمثلة في الدخل والثروة معًا.

9-

ضرورة استخدام جميع الأدوات المقبولة شرعًا للسياستين المالية والنقدية ووسائل الإقناع والسياسات والاقتصادية والإدارية الأخرى، للعمل على تخليص المجتمعات الإسلامية من أضرار التضخم، بحيث تهدف تلك السياسات لتخفيض معدل التضخم إلى أدنى حد ممكن.

10-

وضع الضمانات اللازمة لاستقلال قرار المصرف المركزي في إدارة الشؤون النقدية، والتزامه بتحقيق هدف الاستقرار النقدي ومحاربة التضخم ومراعاة التنسيق المستمر بين المصرف المركزي والسلطات الاقتصادية والمالية، من أجل أهداف التنمية الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي والنقدي، والقضاء على البطالة.

11-

دراسة وتمحيص المشروعات والمؤسسات العامة إذا لم تتحقق الجدوى الاقتصادية المستهدفة منها، والنظر في إمكانية تحويلها إلى القطاع الخاص، وإخضاعها لعوامل السوق وفق المنهج الإسلامي؛ لما لذلك من أثر في تحسين الكفاءة الإنتاجية وتقليل الأعباء المالية عن الميزانية، مما يسهم في تخفيف التضخم.

12 -

دعوة المسلمين أفرادًا وحكومات إلى التزام نظام الشرع الإسلاميومبادئه الاقتصادية والتربوية والأخلاقية والاجتماعية.

توصية:

- وأما الحلول المقترحة للتضخم فقد رأى المجمع تأجيلها وعرضها لدورة قادمة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 1756