المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثامن

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادالدكتور: وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌موضوع: " الأخذ بالرخص الشرعية وحكمه

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌الرخصة (التلفيق)إعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌التلفيق والأخذ بالرخصة وحكمهماإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادمحمد رفيع العثماني

- ‌حكمالرخصة وتتبع الرخصفي الفقه الإسلامي

- ‌الأخذ بالرخصةإعدادأ. د. حمد عبيد الكبيسي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادأ. د. عبد العزيز عزت الخياط

- ‌الرخصةإعدادالشيخ محمد الشيباني بن محمد بن أحمد

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهتتبع الرخص – التلفيق ورأي الفقهاء فيهإعدادفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالشيخ الطيب سلامة

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌بيع العربُونإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بيع العربُونإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌بيع العربونإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار

- ‌عقد المزايدةبين الشريعة الإسلامية والقانوندراسة مقابلةمع التركيز على بعض القضايا المعاصرةإعدادعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌قواعد ومسائلفيحوادث السيرإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌ موضوع "حوادث السير

- ‌حوادث السيرإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌حوادث السيرإعدادالشيخ عبد القادر محمد العماري

- ‌حوادث السيرإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس

- ‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌بطاقات الائتمانإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌سر المهنة الطبية بين الكتمان والعلانيةإعدادالدكتور أحمد رجائي الجندي

- ‌مسؤولية الطبيبإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌مداواة الرجل للمرأةوالمرأة للرجلإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)الأحكام المتعلقة بالمرضى والمصابينإعدادأ. د. مصطفى عبد الرؤوف أبو لسان

- ‌بعض المشاكل الأخلاقية والاجتماعيةالناتجة عن مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)إعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعيةإعدادالدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌التداوي بالمحرماتإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌بحوث مجمعية

- ‌حُسن وفاء الديونوعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعارإعدادالدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعارفي ضوء الأدلة الشرعيةإعدادد. حمزة بن حسين الفعر

- ‌الربط القياسي للأجور بالمستوى العام للأسعارتحليل من منظور إسلامي لمشكلة الأجورفي ظل التضخم والعلاج المقترحإعدادد. عبد الرحمن يسري أحمد

- ‌التضخم والربط القياسيدراسة مقارنة بين الاقتصاد الوضعيوالاقتصاد الإسلاميإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعاربين الفقه والاقتصادإعدادد. محمد أنس الزرقا

- ‌ندوة قضايا العملةالربط القياسي للديون بعملة اعتباريةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌ملاحظات أساسيةفي مسألة ربط الأجور والمستحقاتإعدادالدكتور سيف الدين إبراهيم تاج الدين

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادمجموعة دلة البركة

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادبيت التمويل الكويتي

- ‌الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلاميةوتصورات لكيفية مواجهتهاإعدادأ. د. إسماعيل حسن محمد

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةعقد السلم ودوره في المصرف الإسلاميإعدادالشيخ صالح الحصين

- ‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي

- ‌في مشكلات المصارف الإسلاميةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمةالمتعاملة بالرباتجربة مجموعة دلة في أسلمة الشركاتعن طريق شراء أسهمهاإعدادالشيخ صالح عبد الله كامل

- ‌المشاركة في شركات تتعامل بالحرامإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

الفصل: ‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار

‌بيع المزايدة

إعداد

فضيلة الشيخ محمد المختار

مفتي الجمهورية التونسية

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، اللهم يسر وأعن.

بيع المزايدة

بيع المزايدة نوع من أنواع البيوع في اللغة والاصطلاح. إذ قيد البيع بالمزايدة والمزايدة مصدر زايد. يقول ابن مالك:

لفاعل الفعال والمفاعلة.

وأصل هذه الصيغة في كل حدث اشترك فيه أكثر من واحد.

بيع المزايدة في اللغة: تزايد أهل السوق إذا بيعت السلعة فيمن يزيد. (1) وعلى هذا فإن المعنى اللغوي في صيغة المزايدة جاء على الغالب. أي اشتراك اثنين فأكثر في أن كلا يحق له أن يزيد على الثمن الذي عرضه غيره.

بيع المزايدة في الاصطلاح: هو قريب من المعنى اللغوي مع إضافة قيود. عرفه ابن عرفة فقال: بيع لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره على اعتبار ثمنه في بيع قبله إن التزم مشتريه ثمنه على قبول الزيادة (2) .

شرح التعريف:

بيع: جعل جنس التعريف لفظ بيع. باعتبار أنه نوع خاص من أنواع البيوع.

فوضعه أولا في إطار العقود التي تجمعه.

- لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره على اعتبار ثمنه في بيع قبله. هذا هو الفصل الأول أخرج به بيع المرابحة. إذ بيع المرابحة يتوقف فيه الثمن المحدد للمبيع على معرفة الثمن السابق الذي بيع به. ودخل في ملك المشتري.

المعلوم قدره: فصل داخل الفصل الأول أخرج به بيع الاستئمان. إذ أن بيع الاستئمان يكون المبيع معلوما مقداره لأحدهما. وصورته كأن يأتي المشتري لبائع السمن ويطلب منه أن يعطيه بريال سمنًا. فيأخذ منه الوعاء ويعطيه مقدارًا من السمن غير مضبوط عند المشتري. وهو بيع جائز لجريان العرف به.

إن التزم مشتريه ثمنه على قبول الزيادة: أخرج بهذا الفصل بيع المساومة. إذ أن الثمن المبذول من المشتري قاطع.

وبتحصين الرسم من تناول بيع المساومة وبيع المرابحة وبيع الاستئمان، خلص التعريف لبيع المزايدة.

(1) تاج العروس: (8 / 156)

(2)

حدود ابن عرفة ص 390، عارضة الأحوذي:(5 / 224)

ص: 541

بيع من يزيد:

بهذا سماه الترمذي. فعنون الباب العاشر من أبواب البيوع: ما جاء في بيع من يزيد. وروى فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسًا وقدحًا. وقال: ((من يشتري هذا الحلس والقدح)) فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يزيد على درهم؟)) فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه (1) . علق عليه الترمذي: هذا حديث حسن. وحسن الترمذي سنده جريًا على عادته في قبول المشاهير. ورواه النسائي في البيع فيمن يزيد (2) .

وعلى هذه التسمية جرى الحنفية في كتبهم. قال في الكنز أثناء حديثه عن البيوع المنهي عنها: (وتلقي الجلب وبيع الحاضر للبادي لا بيع من يزيد. وقال في تنوير الأبصار: لا يكره بيع من يزيد) . (3) .

حكم بيع المزايدة

1-

نقل الإجماع على جواز بيع المزايدة أبو عمر بن عبد البر وابن قدامة قال: وهذا أيضا إجماع المسلمين يبيعون في أسواقهم بالمزايدة.

2-

جوازه في بيع المغانم والمواريث خاصة عند الأوزاعي وإسحاق. وإليه مال الترمذي إذ قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث. ونقله البخاري عن عطاء. (4) .

سند الأقوال:

التحليل مطلقًا:

1-

عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة:275] .

2-

الحديث الذي رواه أصحاب السنن وأحمد المتقدم وفيه بسنده مقال، وبالحديث الذي أخرجه البخاري في باب بيع المزايدة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:(أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: ((من يشتريه مني؟)) فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا) (5) . وإن اعترض الإسماعيلي الاحتجاج بهذا الحديث لأنه لم تذكر فيه المزايدة. إلا أن ابن بطال أجاب عن ذلك بأنه عرض للمزايدة استقصاء لحق المفلس حقيقة أو حكما.

وهذا بعض ما تمسكوا به من جهة النقل. وأما من جهة المعنى فقد قال ابن عربي: ذكر أبو عيسى عن بعضهم أنه يجوز في الغنائم والمواريث. والباب واحد والمعنى مشترك لا تختص به غنيمة ولا ميراث.

(1) أخرجه أحمد وابن ماجه وأبو يعلى الموصلي. كما رواه الترمذي أيضا في علله الكبير عن أنس عن رجل من الأنصار. وبهذه الرواية أخرجه ابن أبي شيبة. وقال ابن القطان: هذا اللفظ يعطي أن أنسا لم يشاهد القصة ولم يسمع فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالله أعلم أن تلك الرواية مرسلة أو لا؟ يقول الزيلعي: الحديث معلول بأبي بكر الحنفي فإني لا أعرف أحدا نقل عدالته فهو مجهول الحال. نصب الراية: (4 / 22-23)

(2)

فتح الباري: (3 / 257)، والمغني:(4 / 236)

(3)

البحر الرائق: (5 / 88)، ورد المحتار:(2 / 132)

(4)

فتح الباري: (5 / 258)

(5)

فتح الباري: (5 / 258)

ص: 542

الجواز في بيع الغنائم والمواريث:

1-

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحدكم على بيع أحد حتى يذر إلا الغنائم والمواريث)(1) . وعلق ابن حجر على هذا الحديث فقال: كأنه خرج على الغالب فيما يعتاد فيه بيع مزايدة وهي الغنائم والمواريث. يعني ابن حجر بكلامه هذا أن الحديث تضمن أمرين: نهيًا عن تسلط المؤمن على أخيه المؤمن عند رضا المتبايعين وقبل إنجازه، وإذنًا في بيع المزايدة. إلا أنه عبر عن بيع المزايدة بما يجري فيه غالبا. على أن في إسناده مقال. (2) .

2-

الأثر الذي رواه البخاري إثر عنوان باب بيع المزايدة. وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم في من يزيد. قال في الفتح: وصله ابن أبي شيبة. وروى هو وسعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (لا بأس ببيع من يزيد وكذلك كانت تباع الأخماس) . (3) .

ولا حجة في ذلك لأن أثر مجاهد لم يخص بيع من يزيد بشيء وإنما قال: لا بأس به. ثم أكد الجواز ببيع الأخماس بالمزايدة. ولا دليل في هذا على عدم جوازه في غير ذلك وكذلك أثر عطاء.

الكراهة مطلقا:

1-

عن سفيان بن وهب الخولاني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة وهذا الحديث وإن حسنه الهيثمي إلا أن في إسناده عبد الله بن لهيعة ولم يقبله كثيرون. ويوهنه أيضا معارضته لقوله وفعله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس.

2-

كما استدل بالحديث الصحيح الذي ورد فيه النهي أن يسوم المسلم على سوم أخيه.

وهذا الحديث لا يؤيد مذهب الكراهة لأن الذي فهمه عليه الصحابة أن ذلك بعد المراكنة وقبول البائع بالثمن أو المشتري للسلعة وقبل إنجاز العقد والانفصال.

ملاحظة:

هذه المذاهب التي ذكرناها وألمحنا إلى أدلتها هي مذاهب انقرضت، والمذاهب الأربعة على جواز بيع المزايدة من حيث الأصل. بل صرح بالإجماع على ذلك كثير من المؤلفين.

ولا شك أن البيع بالمزايدة يحقق للبائع فوائد منها:

1-

أن حظه في وجود مشتر جاد يكون أوفر خاصة إذا كان في حاجة لسيولة مالية يصرف بها شؤونه أو يخرج بواسطتها من أزمته.

2-

يمكن أن يحقق ثمنًا أرفع لما تتيحه المنافسة بين المشترين في الفوز بالمعروض.

(1) فتح الباري: (4 / 258،326-327)

(2)

فتح الباري: (4 / 258،326-327)

(3)

فتح الباري: (4 / 258، 326-327)

ص: 543

ما يحتوي عليه هذا العقد من مفاسد:

إن بيع المزايدة من حيث الأصل لم أجد في كتب الفقهاء أي احتراز في جوازه، ولكن بعض التشريعات القانونية يفهم من التعمق في نصوصها ما يفيد أن هذا البيع لا يخلو من حيث الأصل من وجود جوانب سلبية. يفهم هذا من احتياطهم لتلكم النواحي السلبية في نصوص القوانين.

والقانون الفرنسي مثلا يمنع أي تاجر من اعتماد طريقة بيع المزايدة في ترويج سلعة. كما يمنع حتى بيع السلع الجديدة بالتفصيل بواسطة النداء سواء كان البيع بالزيادة أو النقص. ولو كان البيع بحضور المأمور القضائي بغير إذن من المحكمة.

إن هذا النص ما كان ليمنع التاجر من اختيار ترويج سلعته بهذه الطريقة إلا لأن هذه الطريقة فيها مضار خفية يحدثها بيع المزايدة للآخرين. خاصة إذا راعينا أن الأصل الذي تقوم عليه التجارة في الغرب هو حرية النشاط التجاري، قد يكون من هذه السلبيات التي أراد المشرع الفرنسي أن يصون حقوق الآخرين هي التالية:

1-

إن بيع المزايدة قد يحدث ضررًا لتجار الجملة والتفصيل. فإن الإعلان والنداء وتجميع المشترين كل ذلك ظروف من فعل البائع قام بها ليحول المشترين إليه. وفي ذلك ضرر بزملائه التجار، يتمثل في كساد السوق لديهم. مع أن كل التجار لما انتصبوا للتجارة هم متساوون في الحقوق والواجبات التي منها الأداءات التي يدفعونها جميعًا إسهامًا منهم في تحصيل المال العام الذي ترتوي منه خزانة الدولة. فهذه ناحية لحماية التجار من آثار هذه الطريقة.

2-

إن البيع بالمزايدة يدخل فيه عامل نفسي وهو عامل المنافسة وحب الغلبة فتكون ظروف البيع قد أحكمت بطريقة يتقدم فيها المشتري في ظروف غير طبيعية ويستغل البائع تلك الظروف في التسلط غير المشروع في أصله على المشتري وهذه ناحية تفرض حماية المستهلك.

وبناء على المصلحة المرسلة في أصل حفظ المال، فإن الفقيه عليه أن يحتاط لمثل هذه النواحي ولا يطلق القول بجواز بيع المزايدة. كما أن الحاجة إليه على ما سنبينه تدعو إلى ضبط أحكامه وعدم منعه أصلًا.

أقسام البيع بالمزايدة:

ينقسم البيع بالمزايدة إلى أقسام:

أولا: في طريقة تنفيذه:

1-

أن يعرض المكلف بالبيع، كصاحب السلعة أو الدلال أو المأمور القضائي أو السمسار، السلعة للبيع فيسجل الثمن المعروض أولا من أحد الراغبين في الشراء ثم يطلب ممن له رغبة أن يزيد حتى ينتهي إلى ثمن تقف عنده المزايدة ولا يتقدم أحد بعده.

2-

أن يعرض متولي البيع السلعة بثمن رفيع وما يزال ينادي مخفضًا الثمن من حد إلى حد حتى يتقدم من يقبل بالحد الذي وصل إليه.

والطريقة الأولى أكثر استعمالا في بيع المزايدة.

3-

أن يقع العرض في ظرف مختوم وهي طريقة قد تأخذ بها الدوائر الحكومية أو الشركات في بيع الأشياء المستعملة كالسيارات والأثاث إذ تعلن الجهة الراغبة في البيع عن السلع المعدة للبيع ومواصفاتها، وتعين مكان وجودها والأوقات التي يقبل فيها الراغبون في السلعة ويحدد أجل عروض الأثمان للشراء الذي يجب أن توضع في ظرف مختوم ويحتفظ بذلك إلى اليوم المعلن عنه لفتحها. فيفوز بالسلعة من كان عرضه أوفر قيمة.

ص: 544

ثانيا: الحالة التي عليها المبيع:

1-

إلى بيع الأشياء الجديدة غير المستعملة وتشمل هذه المصنوعات. ويدخل فيها الثمار والخضر والمباني التي لم تسكن.

2-

إلى بيع الأشياء المستعملة كالسيارات المستعملة والأجهزة الآلية أو الكهربائية أو الإلكترونية والأثاث واللباس والدور القديمة.

3-

إلى بيع التحف والنفائس كاللوحات الزيتية الممتازة والطوابع البريدية والمخطوطات النادرة.

ثالثا: حسب العارض للبيع:

1-

قد يكون العارض لبيع شيء بالمزاد المالك نفسه.

2-

قد يكون العارض للبيع سلطة تتصرف في ملك المالك كالوسيط والقاضي والمقدم على التركة ليقسمها بين المستحقين.

أحكام هذه الأنواع

التقسيم الأول: أي عرض السلعة للبيع بالمزايدة أو بالتنقيص وهذا لم أجد له نصًّا في كتب الفقهاء. والظاهر أنه لا فارق بينهما. فكما يجوز بيع الشيء مزايدة يجوز بيعه مناقصة. ولعل الثاني أولى بالجواز لانتفاء السوم على السوم انتفاء تامًّا. أما النوع الثالث فهي صورة مستحدثة لم تعرف في أعراف المسلمين من قبل. وقد يترجح جوازها نظرًا إلى أن يوم الفتح هو يوم العرض في الحقيقة لا يوم كتابة العرض.

التقسيم الثاني من حيث الجدة أو الاستعمال:

1-

المبيعات التي لم يسبق أن تملكها غير منتجها من المصنوعات والثمار والمساكن التي لم تسكن والخضر والفواكه. فهذه تجري على أصل العقود من وجوب الصدق وعدم إخفاء أي عيب يعلمه البائع. والأصل فيه الجواز إلا إذا تضرر التجار من بيع المزاد. فللسلطة أن تمنع التسويق بهذه الطريقة. كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما منع من يخفض في الأثمان تخفيضًا يضر بأهل السوق من الإقامة في السوق.

2-

المبيعات التي تملكها غير منتجها أو استعملها المنتج في مرافقه. إن مواصفات السلع والمبيعات تتأثر قطعا بالاستعمال، وتكشف تجربتها عن نواحي النقص فيها فإخفاء العيوب فيها تدليس وأكل للمال بالباطل. والتدليس حرام، أما ما يترتب على ذلك من نفاذ البيع وعجز المشتري عن القيام بالعيب أو تخويله القيام بالعيب واسترجاع ما بذله. فذلك سنفصله في متولي البيع.

3-

المبيعات ذات القيمة الفنية العالية.

إن هذه الأنواع من المبيعات تتضاعف فيها الأثمان أو تنزل إلى فوارق بعيدة جدا فلوحة لرسام شهير بريشته ثمنها قد يساوي ملايين الأضعاف لصورة مقلدة. والتمييز بين الحقيقي والزائف لا يدركه إلا أولوا البصر والمعرفة. فالحكومات التي تسهر على العدالة وحماية مواطنيها تخصص بيع المزايدة في هذه الأنواع بأمكنة خاصة تراقبها وتحمي فيها المتعاملين من الاحتيال والخديعة.

التقسيم الثالث:

1-

أن يكون البائع هو المالك للشيء يختار هذه الطريقة في تسويق سلعته ويتولى ذلك إما بنفسه أو بواسطة السمسار أو الدلال أو الهيئة التي نصبت نفسها لذلك، وهنا فإن البائع غير ملزم بتفويت معروضه لآخر راغب بل هو مخير في قبول العرض أو رفضه.

2-

أن يكون البائع غير المالك، وهذا كما إذا طلب أحد الشركاء تصفيق المشترك للبيع لأنه قد يلحقه غبن لو باع حقه وحده.

قال في التوضيح: كل ما لا يحكم فيه بالقسمة من ريع أو حيوان أو عرض إذا طلب أحدهما البيع وأبى غيره جبر الآبي على البيع إذا كانت حصته من طلب البيع تنقص بالبيع مفردة.

يقول صاحب العمليات العامة: وغير ما يقسم من كل متاع نادى عليه من دعا لأن يباع (1) .

وفى المدونة: إذا دعا أحد الشريكين إلى قسمة ثوب بينهما لم يقسم ويقال لهما: تقاوياه فيما بينكما أو بيعاه، فإن استقر على ثمن فلمن أبى البيع أخذه وإلا بيع. قال أبو الحسن الصغير: معنى تقاوياه تزايدا فيه (2) .

وكالبيع على المحجور والسفيه فإنه يجب على وليه أن يجتهد لتحقيق الأفضل للقاصر. فإذا كان في مثل ذلك جرى عرف بعرضه على المزايدة وإن هذه الطريقة أحظى فإنه يتعين البيع بها. رعيًا لحق اليتيم والسفيه والمفلس والمجبر.

(1) شرح العمليات العامة فتح الجليل الصمد في شرح التكميل والمعتمد ص319

(2)

شرح ميارة على التحفة: (2 / 69)

ص: 545

لزوم بيع المزايدة:

1-

إذا بلغ المتولي النداء على السلعة الثمن الذي يرتضيه، وصفق البيع للعارض الراضي بالشراء، فإن العقد ينبرم. ويجب على المشتري دفع الثمن، وعلى متولي البيع تمكينه من السلعة، ولا خيار لأحدهما إلا على القول بخيار المجلس أو ظهور غبن على ما سنفصله.

2-

إذا بلغ بالنداء ثمنًا ولكن البائع لا يرغب في بيع متاعه للراغب الأخير ونفرض أنه بصدد بيع حصانه مزايدة، ويعرف قسوة المشتري الأخير أو العمل الذي يستخدم فيه الحصان أنه عمل شاق، وأن صاحب السوم الذي قبل الأخير هو أرفق بالحيوان وهو يبيع حصانه للحاجة. ويرضى تبعا لذلك أن يقبل بالثمن الأقل فهل له أن يلزم العارض السابق بالشراء؟

يقول ابن رشد: والحكم أن كل من زاد في السلعة لزمته بما زاد إن أراد صاحبها أن يمضيها له. ما لم يسترد سلعته. فيبيع بعدها أخرى أو يمسكها حتى ينقضي مجلس المناداة. وهو مخير في أن يمضيها لمن شاء ممن أعطى فيها ثمنًا وإن كان غيره قد زاد عليه.

فابن رشد يرى أن كل من شارك في الزيادة ملزم بالثمن الذي أعطاه، ما لم يعرض البائع عن البيع، إما بانتهاء مجلس المناداة، أو التحول من بيع ذلك الشيء إلى بيع غيره. ومثله أن يصرح أنه أعرض عن بيعها.

ثم أن ابن رشد أراد أن يؤكد ما ذهب إليه بأنه ينقله عن الشيخ أبي جعفر ابن رزق، ثم يؤكده من حيث المعنى فيقول: وهو صحيح في المعنى لأن حق صاحب السلعة أن يقول للذي أراد أن يلزمها إياه إن أبى من التزامها، وقال له: بع سلعتك من الذي زاد علي فيها لأنك طلبت الزيادة وقد وجدتها: (أن يقول له) أنا لا أحب معاملة الذي زاد عليك، وليس طلب الزيادة فيها وإن وجدتها إبراء لك فيها (1) .

وربط الدسوقي إلزام المشارك في الزيادة بالشراء بالثمن الذي بذله وإن انفض المجلس ربط ذلك بالعرف. فإذا كان العرف جاريًا على إلزام المشارك في الزيادة بعقد البيع وإن طال ألزم وإلا فلا. يقول: وللبائع إلزام المشتري في المزايدة ولو طال الزمان أو انفض المجلس حيث لم يجر العرف بعدم إلزامه. كما عندنا بمصر أن الرجل إذا زاد في السلعة وأعرض عنه صاحبها أو انفض المجلس فإنه لا يلزمه بها وهذا ما لم تكن السلعة بيد المشتري وإلا كان لربها إلزامه بها. على معنى أن القرينة مقدمة على العرف (2) .

وأصل هذا الذي ذكره الدسوقي هو ما جاء في كتاب العيوب الأول. قال صاحب لمالك: أرأيت الرقيق يبعث إلينا بهم تصيح عليهم ثلاثا، فأصيح عليهم وأبين لهم أني أصيح ثلاثا، فأصيح يومين. فإذا كان اليوم الثالث شغل أهلوهم، فلم يرسلوهم إلينا اليوم واليومين والثلاثة، ثم يرسلونهم. فيقول الذين كانوا عليهم: قد حبسوا عنا وقد مضت أيام الصياح ولا حاجة لنا بهم. فقال مالك: إذا كان اليوم واليومان وما أشبه ذلك فأرى أن يلزمهم ذلك. وأما إذا كان العشرين ليلة وما أشبه ذلك فلا. وعلق ابن رشد على هذا: ولو كان الذي يصاح عليه في بيع المزايدة مما العرف فيه أن يمضي أو يرد في المجلس، ولا يشترط أن يصيح عليه أياما، لما كان له أن يلزمه الشراء بعد أن ينقلب بالسلعة عن المجلس (3) .

فالعرف محكم. وبناء على ذلك فإن انتهاء الزيادة ما لم يصرح صاحبها بالبيع لا يعتبر دليلا على انبرام العقد ما لم يكن العرف على ذلك.

وعلى هذا يفهم ما جاء في الفتاوى الهندية في الفرق بين المزايدة والاستيام على سوم الغير أن صاحب المال إذا كان ينادي على سلعته فطلبها إنسان بثمن فكف عن النداء وركن إلى ما طلب منه ذلك الرجل فليس للغير أن يزيد في ذلك، وهذا استيام على سوم الغير. وإن لم يكف عن النداء فلا بأس لغيره أن يزيد، وإن كان الدلال هو الذي ينادي على السلعة وطلبها إنسان بثمن فقال الدلال: حتى أسأل المالك. فلا بأس للغير أن يزيد. فإن أخبر الدلال المالك فقال: بعه واقبض الثمن. فليس لأحد أن يزيد بعد ذلك (4) .

ولما كان العرف هو الحكم في معرفة التزام المشتري بالثمن الذي عرضه في المزايدة. فإن ما جرى عليه القانون التونسي في بيع المعقول صحيح ومقبول شرعًا: ولا يتم التبتيت إلا بعد إطفاء ثلاثة أنوار تتم إضاءتها بالتوالي، وإذا وقعت مزايدة قبل انطفاء أحد الأنوار، فإنه لا يمكن التصريح بالتبتيت إلا بعد انطفاء نورين آخرين بدون مزايدات أثناء مدتها. المادة (425) .

(1) البيان والتحصيل: (8 / 474-476)

(2)

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3 / 5)

(3)

البيان والتحصيل: (8 / 281-282)

(4)

الفتاوى الهندية: (3 / 210-211)

ص: 546

الزيادة بعد تبتيت البيع

الأصل أنه إذا صرح المالك أو وكيله أو السلطة التي تصرفت في العرض للمزايدة إذا وقع التصريح بالتبتيت، فإن العقد ينبرم ولا تحل الزيادة كما أشار إليه صاحب الفتاوى الهندية.

ولكن إذا تبين أن البيع وقع فيه غبن لأحد المتعاقدين فهل تجوز الزيادة طردا للغبن أو لا؟

أثر الغبن في بيع المزايدة

هل أن بيع المزايدة هو كالبيع فتنسحب عليه أحكام الغبن، أو أن بيع المزايدة بيع قد طرد فيه الغبن بما توفر من إشهار وحضور المتزايدين وتسليمهم في الشراء، وهل يقوم بالغبن البائع والمشتري أو هو حق لأحدهما؟

إذا كان مدعي الغبن رشيدًا عقد لنفسه، فمشهور المذهب أنه لا حق له في القيام بالغبن. ففي التوضيح عن ابن عبد السلام قال: مشهور المذهب عدم القيام بالغبن وعليه درج خليل فقال: ولا يغبن ولو خالف العادة.

وذكر ابن عسكر في العمدة والطرطوسي أن له الخيار إذا غبن غبنا فاحشا (1) .

وذكر ابن عاصم أن العمل جرى في أيامه بالأندلس بحق المغبون أن يقوم إذا توفرت ثلاثة شروط:

1-

أن يكون قيامه قبل مضي السنة من يوم العقد.

2-

وأن يكون جاهلا بثمن المبيع لا يعرف ثمنه الذي يباع مثله به في السوق.

3-

وأن يكون الغبن قد بلغ ثلث الثمن؛ يقول:

ومن لغبن في مبيع قاما

فشرطه أن لا يجوز العاما

وأن يكون جاهلا بما صنع

والنقص بالثلث فما زاد وقع

وبقريب من هذا أفتى الشيخ ابن عرفة في زوجة الفقيه البطرني: باعت زيتونًا بحلقة من البائعين عند باب دارها. واجتهد في ذلك السمسار حتى وقفت على آخر زائد فيه ووصف لها ذلك. وانقطعت المزايدة فيه. فباعت وقبضت. ثم جاءها من زادها في المبيع عن الثمن الذي باعت به زيادة لها بال. فأفتى بنقض البيع. محتجًّا بأن المرأة لا تعلم حقيقة ما تبيع. إذ لم تشاهد ذلك. ولا هناك من يصفه لها صفة تقوم مقام العيان. اهـ. قال البرزلي: وما علق به شيخنا الإمام ظاهر إلا أن تكون قدمت للبيع بصيرًا عارفا بالمبيع بما باع فلا يكون لها مقال بعد ذلك. لأن فعل وكيلها كفعلها (2) .فالشيخ ابن عرفة ربط القيام بالغبن بجهل المرأة. وبأن الزيادة لها بال ولا شك أنه لم يطل الزمن جدا. لأن الزيتون لا يباع في تونس على رؤوس الأشجار إلا عند نضجه. فكلامه رحمه الله يدل على أنه لا يشترط أن يكون الغبن بالثلث، بل المعول عليه أن يكون مما له بال أي مما لا يتسامح الناس بمثله.

وما علق به البرزلي على كلام ابن عرفة بأنها لو وكلت بصيرًا لا يكون لها مقال فيه نظر. ذلك أن أبا عمر بن عبد البر يقول: اتفقوا أن النائب عن غيره في بيع أو شراء من وكيل أو وصي إذا باع أو اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله مردود (3) .وعلى أن النائب عن غيره فعله منقوص إذا كان غير ناظر لمن ناب عنه.

جاءت فتوى الشيخ المهدي الوزاني ناصة على عدم التفريق بين بيع المزايدة وغيره. إذ قال: الحمد لله ما احتج به المشتري من كون المبيع وقع في البلاد مزايد لا يفيد شيئا. لأن القيام بالغبن كما يكون في بيع المساومة يكون في بيع المزايدة. وأيد فتواه بما نقله عن ابن عرفة. قال ابن عات: إن أكرى ناظر الحبس على يد القاضي وبعد النداء عليه والاستقصاء، ثم جاءت الزيادة، لم يمكن نقض الكراء ولا قبول الزيادة إلا أن يثبت بالبينة أن في الكراء غبنا على الحبس فتقبل الزيادة ولو ممن كان حاضرًا (4) .

(1) مواهب الجليل: (4 / 470-472)

(2)

حاشية المهدي على شرح التحفة للتاودي: ج2 / كراس 60 / ص4-5

(3)

التاج والإكليل: (4 / 468)

(4)

حاشية المهدي على شرح التحفة للتاودي ج2 / كراس 60 / ص 5

ص: 547

فالفتوى لم تفرق بين بصير وغير بصير، وإنما ربطت نقض البيع بتبين الغبن. ويلاحظ من ناحية أخرى أن كلام ابن عات لم يبين مقدار الغبن الذي يوجب القيام، وقد نقل الحطاب اختلاف المذهب في تقدير الغبن الموجب للقيام. قال ابن عبد السلام: حيث يكون للمغبون الرجوع بالغبن إما في محل الوفاق أو في محل الخلاف. فقيل: قدر الغبن بحق البائع أن يبيع ما ينقص عن ثمن المثل الثلث فأكثر، وفي حق المشتري أن يزيد على ثمن المثل قدر الثلث فأكثر. وقيل: لا يحد بالثلث ولا بغيره من الأجزاء سوى ما دلت العادة على أنه غبن. وقال ابن القصار: إذا زاد على الثلث (1) .فهي ثلاثة أقوال في المذهب، لا قيام إلا إذا بلغ الثلث. لا قيام إلا إذا زاد على الثلث. القيام فيما لا يتسامح الناس في مثله، ولعل هذا القول هو أعدلها. لأن من باع ثوبًا يساوي اثني عشر ريالا بتسع ريالات قد يظن به أنه أراد إكرام المشتري خاصة ومستوى الربح من تجارة التفصيل في كثير من البلدان الثلث. وأما إذا باع ما قيمته مائتا ألف دولار بمائة وثمانين ألفا فعشرون ألف دينار مما لا يتسامح الناس بمثله. ولذا فإن على ولي الأمر أن يضبط النقص المعتبر غبنًا حتى يقطع مادة الخصام.

وما تقدم يتبين أن الزيادة لا تقل وتخول للبائع حق الرجوع في العقد إلا إذا شك أن البيع فيه غبن. فلو تمت الزيادة بعد انعقاد البيع دون غبن فلا حق للبائع في نقض العقد.

التناكر في دعوى الجهل

إذا اختلف البائع والمشتري فادعى المغبون منهما أنه جاهل غير بصير بالثمن وأنكره الطرف الآخر بناء على أن العارف لا يحق له القيام بالغبن كما علله الإمام المازري بقوله: أما العارف بالقيمة فيما باعه فلا يختلف في إمضائه عليه لأنه إنما فعله لغرض. وأقل مراتبه أن يكون كالواهب ماله (2) فإن مدعي الجهل مدعى عليه ومدعي المعرفة مدع. والمدعي مطالب بالبينة. فإذا أثبت من لا يرغب في إبطال البيع أن الطرف الآخر بصير بالبيوع فإن بينته تقبل ويعمل بها، ولو أثبت الراغب في نقض البيع ببينة أيضا أنه جاهل؛ لأن الأصل في الإنسان أسبقية الجهل:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل:78] ومثبت العلم ببينة ناقلة. والبينة الناقلة مقدمة على البينة المثبتة للاستصحاب، يقول خليل: وبنقل على مستصحبة.

(1) مواهب الجليل: (4 / 372)

(2)

حاشية الشيخ المهدي على شرح التاودي ج 2 / كراس 60 / ص2

ص: 548

حقيقة الرجوع في العقد بسبب الغبن

هل يعتبر رد المبيع نقضًا للبيع الأول أو يعتبر بيعًا جديدًا؟

قال ابن عاصم في باب الفلس:

وليس من رد البيع ما اشترى

أولى به في فلس أن اعترى

يقول الشيخ ميارة في شرحه لهذا البيت: من اشترى شيئا، ودفع ثمنه ثم وجد به عيبًا فرده على بائعه ففلس البائع قبل أن يرد للمشتري ثمنه فلا يكون المشتري أحق بذلك المعيب الذي رده في ثمنه بل هو أسوة الغرماء. وهذا بناء على أن الرد بالعيب نقض البيع. ولو قلنا: ابتداء بيع. لخير المشتري لكونه صار بائعًا وجد سلعته في التفليس – فهما نظريتان لم يرجح ميارة إحدهما (1) .

القيام بالعيب

إذا قبض المشتري المبيع فاطلع على عيب فيه. فهل يقوم بحقه وينقض البيع؟ في المقام تفصيل.

أولا – البيع على البراءة:

البيع على البراءة: قال ابن عبد السلام: معنى البراءة: التزام المشتري للبائع في عقدة البيع أن لا يطالب بشيء من سبب عيوب المبيع التي لم يعلم بها كانت قديمة أو مشكوكًا فيها (2) .

إذا باع صاحب السلعة على أنه برئ من كل عيب يظهر بالمبيع. أو باع على أن المبيع معيب بجميع العيوب. فقد اختلف الفقهاء في ذلك.

1-

مذهب أبي حنيفة:

ذهب الحنفية إلى أن البيع على البراءة ماض. وانه لا حق للمشتري في الرد بالعيب، يقول في البحر:(ولو برئ من كل عيب به صح وإن لم يسم الكل. ولا يرد بعيب لأن الجهالة بالإسقاط لا تفضي إلى المنازعة)(3) .

ويقول ابن عابدين: (لا خصوصية للفظ البراءة في إسقاط الحق في القيام بالعيب، فمثله كل ما يؤدي معناه. ومنه ما تعورف في زماننا فيما إذا باع دارًا مثلا. يقول بعتك: هذه الدار على أنها كوم تراب. وفى بيع الدابة يقول: مكسرة محطمة، فإذا قبله المشتري فلا خيار له لأنه قبله بكل عيب يظهر فيه (4) .

(1) شرح ميارة على التحفة 2 / 260

(2)

مواهب الجليل: (4 / 439)

(3)

البحر الرائق: (6 / 72)

(4)

رد المحتار: (4 / 95)

ص: 549

2-

مذهب مالك:

المشهور من المذهب: أن بيع البراءة لا يجوز إلا في الرقيق ولا يجوز بغيره. فإذا باع عرضًا أو حيوانا غير رقيق على البراءة من العيوب، ثم اطلع المشتري على عيب قديم فيه، كان له رده ولا عبرة بشرط البراءة. بخلاف الرقيق إذا بيع على البراءة ثم اطلع المشتري على عيب فلا رد له (1) .

وليس للبائع أن يبيع رقيقا على البراءة إلا بشرطين:

1-

أن تطول إقامة الرقيق عنده طولا يطمئن فيه لسلامته من العيوب التي تؤثر في رغبة الناس في المبيع.

2-

أن يكون البائع فعلا جاهلا بالعيوب التي تبرأ منها.

والشرط الأول غير معتبر في بيع الحاكم. فللحاكم أن يبيع الرقيق على البراءة بعد موت صاحبه لخلاص الديون أو على المفلس لقضائها.

وكذلك في بيع الوارث إذا كان لخلاص الديون. وأما إذا كان للقسم فخلاف. فظاهر خليل أنه مانع من الخيار للمشتري لقول خليل: ومنع منه بيع حاكم ووارث رقيقا فقط بين أنه وارث. وفهم الباجي أنه ليس بيع براءة.

من المدونة قال مالك: لا تنفع البراءة مما لا يعلم البائع في ميراث أو غيره من السلع والحيوان إلا في الرقيق. قال ابن القاسم وهو الذي به آخذ من قول مالك: وكذا بيع السلطان على المفلس والمغانم وغيرها. قال ابن القاسم: بيع السلطان في الدين وفى المغنم وغيره وبيع الورثة إذا ذكروا أنه ميراث ذلك كله بيع براءة وإن لم يذكروا البراءة (2) .

وأما الشرط الثاني فهو شرط في بيع الحاكم والوارث وغيرهما. قال المتيطي: فإن علم السلطان بعيب فيما باعه كان للمبتاع رده. قاله مالك في كتاب محمد وكذلك إذا علم به من بيع عليه من مفلس. قال الباجي في شرحه: لأنا قد بينا أنها لا تثبت فيما علم به من العيوب ولا تؤثر فيه (3) .

والفرق بين بيع الحاكم والوارث وبين بيع الإنسان رقيقه أن يبيعهما محمول على البراءة نص عليه أو لم ينص، بخلاف بيع الإنسان مال نفسه فلا يحمل على البراءة إلا مع ذكرها (4) .

والقول الثاني أن بيع البراءة ماض في كل شيء، وبه كان يقول مالك ثم رجع عنه إلى القول السابق (حاشية ابن رحال على شرح ميارة)(5) .

يقول ابن عاصم:

وبعضهم فيها الجواز أطلقا

وهو قول ابن وهب ورواية ابن حبيب عن مالك.

والقول الثالث: أنها لا تجوز في شيء، وذكره القاضي عبد الوهاب.

والقول الرابع: أنها جائزة في الحيوان، عاقلا أو غير عاقل، وهو المذكور في الموطأ ونصه: والأمر المجمع عليه عندنا فيمن باع عبدًا أو وليدة أو حيوانًا بالبراءة من أهل الميراث أو غيرهم. فقد برئ من كل عيب فيما باع. علق عليه الزرقاني بأن أشهب قال لمالك: إنك ذكرت البراءة في الحيوان. قال: إنما أريد العبد ونحو ذلك. فبين مالك أن الحيوان دخل في درج كلامه. قاله أبو عبد الملك.

(1) دسوقي: (3 / 113)

(2)

التاج والإكليل: (4 / 439)

(3)

العمليات العامة ص140

(4)

المهدي ج 2 / كراس 53 / ص 2

(5)

ج 1

ص: 550

وقال ابن عبد البر: أفتى به مرة في سائر الحيوان ثم رجع إلى تخصيصها بالرقيق (1) .

والقول الخامس: هو ما جرى به العمل في الأندلس وهو ما نظمه ابن عاصم فقال:

وكل ما القاضي يبيع مطلقًا

بيع براءة به تحققا

والخلف فيما باعه الوصي

أو وارث ومنعه المرضي

فهذا الذي اعتمده ابن عاصم وجعله القول المعتمد، قد اعترضه غير واحد من شراحه وشرح بعضهم لفظه ولم يفنده. قال الشيخ المهدي: ما كان من حق التادوي أن يسلم كلام الناظم بسكوته عنه.

والذي يظهر لي أن القاضي ابن عاصم يرى أن ما تولى الحاكم بيعه فقد اتصل به قضاء. وشأن القضاء أن يكون قاطعًا للخصام، فلهذا رجح أن بيع القاضي هو بيع براءة. وهو الذي عليه العمل في الأندلس الذي التزم به في طالعة التحفة إذ يقول:

فضمنه المفيد والمقرب

والمقصد المحمود والمنتخب

نظمته تذكرة وحين تم

بما به البلوى تعم قد ألم

وحلل كلامه ميارة فقال: نظمته تذكرة وسميته بكذا حين كمل حال كونه ملمًّا أي مشعرًا بما البلوي تعم به القضاة ويتكرر وقوعه لديهم. (2)

3-

مذهب الشافعي:

القول الأول: أن بيع البراءة يبرأ به البائع إذا باع حيوانًا عاقلًا أو غير عاقل من كل عيب باطن لم يعلمه البائع. فلا يبرأ عن عيب بغير الحيوان كالثياب والدور، ولا عن عيب ظاهر للحيوان علمه أو لم يعلمه. ولا عن عيب باطن للحيوان علمه.

والقول الثاني: أنه يبرأ عن كل عيب أيا كان المبيع عملًا بالشرط.

والقول الثالث: لا يبرأ عن أي عيب للجهل بما تبرأ منه. قال الخطيب: وهو القياس، وإنما ترجح القول الأول اعتمادا على ما أخرجه مالك في موطئه عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة. فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء لم تسمه لي. فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعني عبدا وبه داء لم يسمه. وقال عبد الله: بعته بالبراءة. فقضى عثمان بن عفان على عبد الله أن يحلف له: لقد باعه العبد وما به داء يعلمه. فأبى عبد الله أن يحلف، وارتجع العبد فصح عنده فباعه عبد الله بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم (3) .

ووجه الشافعي ذلك بأن الحيوان يتغذى في الصحة والسقم، وتحول طباعه فلا ينفك عن عيب خفي أو ظاهر، فيحتاج البائع لشرط البراءة ليثق بلزوم البيع فيما لا يعلمه من الخفي دون ما يعلمه مطلقًا للتلبيس. وما لم يعلمه من الظاهر لندرة خفائه (4) .

(1) الزرقاني: (3 / 100)

(2)

شرح ميارة على التحفة: 1/ 7

(3)

الموطأ، باب العيب في الرقيق: ص 379

(4)

مغني المحتاج: 2 / 53

ص: 551

4-

مذهب الحنابلة:

روي عن أحمد أنه لا يبرأ من العيب إلا إذا أعلم به المشتري. ونقل عن إبراهيم والحكم وحماد أنه لا يبرأ إلا مما سمى. وقال شريح القاضي: لا يبرأ مما أراه أو وضع يده عليه. وروي عن عطاء والحسن وإسحاق. ووجه هذا القول أنه مرفق من مرافق البيع لا يثبت إلا إذا شرطه. فلا يثبت مع الجهل كالخيار.

وروي عنه أنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه. وتوجيهه حديث ابن عمر المتقدم، ولما روت أم سلمة رضي الله عنها: أن رجلين اختصما في مواريث درست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استهما وتوخيا. وليحلل كل منكما صاحبه)) (1) . فبرأ كل واحد منهما صاحبه في مجهول بإذن النبي صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على جواز البراءة من المجهول (2) .

هذا مختصر لآراء الفقهاء في المذاهب الأربعة.

والذي يترجح أن البائع إذا كان عالمًا بالعيب فإن شرط البراءة لا يرفع حق المشتري؛ لأنه مدلس أكل مال أخيه بالباطل.

وأما إذا كان البائع غير مدلس ولا علم له بالعيب فأعدل الأقوال أن ما باعه الحاكم لا قيام فيه بالعيب. لأن شأن القضاء أن يكون باتًّا. ولأن من أخذ حقه من يد القضاء فهو مطمئن لذلك. فإذا وزع الثمن على الغرماء تصرف كل واحد منهم فيما قبض، فالرجوع بالعيب وإبطال البيع وإلزام الغرماء برد الأثمان التي تصرفوا فيها بوجه مشروع ظلم لهم.

وكذلك الأمر في بيع الوصي مال الموصى عليه للإنفاق لأنه لا يتم إلا بإذن القاضي. وكذلك في بيع الورثة مال مورثهم لقضاء الديون أو لأجل القسم لأنه أن وقع بدون إذن حاكم فإن الشأن فيه أن يحكم به الحاكم إذا وقع خلاف بين المدينين والورثة أو الورثة فيما بينهم فوضعهم مع الخلاف لا يكون أقل من وضعهم مع الاتفاق.

أما ما باعه الشخص مزايدة باختياره فلا ينفعه شرط البراءة إذا اطلع المشتري على عيب.

ثانيا – البيع مع عدم اشتراط البراءة:

إذا اطلع المشتري على عيب بالمبيع ولم يكن البائع قد اشترط البراءة ولم يكن حاكمًا ولا وصيا ولا وارثا فهل يثبت له الخيار؟

1-

مذهب الحنفية:

أن العيب هو ما يؤثر نقصًّا في الثمن ولو يسيرًا عند أهل البصر بالمبيع. وسواء كان العيب حاصلا قبل العقد أو حدث عند البائع قبل قبض المشتري للمبيع، وفي هذه الحال فالمشتري بالخيار إن شاء أمسك المبيع وإن شاء رده واسترجع الثمن وذلك بخمسة شروط:

1-

أن يكون العيب حدث عند البائع.

2-

أن لا يعلم به المشتري عند البيع.

3-

أن لا يعلم به عند القبض.

4-

أن لا يتمكن من إزالته بلا مشقة. فإن تمكن فلا رد، كإحرام الجارية ونجاسة الثوب الذي لا يفسده الغسل ولا ينقص من قيمته.

5-

أن لا يزول العيب قبل الفسخ ويتحمل المشتري مؤونة الرد (3) .

(1) أخرجه أحمد مطولا: (5 / 320)

(2)

المغني: (4 / 197 –198)

(3)

البحر الرائق: (6 / 39 – 40)

ص: 552

2-

مذهب المالكية:

يثبت للمشتري الخيار إذا شرط شرطا فيه غرض، عدمه يترتب عليه نقص في القيمة، وأما إذا شرط شرطًا فيه غرض إلا أنه لا يؤثر في قيمة المشتري ففيه قولان: أحدهما أن له الرد، وثانيهما: أنه إن بين وجهًا كان له الخيار وإلا فلا خيار. أما إذا شرط شرطًا ضمنه له البائع، ولما قبض المبتاع لم يجد شرطه متوفرًا مع أن هذا الشرط لا أثر له لا في القيمة المالية ولا غرضا صحيحا فيه فلا خيار.

كما يثبت الخيار للمشتري إذا وجد نقصًا جرت العادة بالسلامة منه سواء أثر في الثمن كما لو وجد السيارة بدون كابح، أو أثر نقص في المبيع كخصاء العبد، أو نقصًا في التصرف كعسر العبد، أو خوفًا في العاقبة كما إذا كان والد العبد مجذومًا. ومثله الدابة في الأمراض الوراثية (1) .

والعيب الموجب للخيار هو ما كان موجودًا قبل العقد، وأما ما حدث بعد العقد وقبل القبض فمصيبته من المشتري إلا ما تعلق به حق توفية (2) .

2-

مذهب الشافعية:

إن الخيار يثبت للمشتري إذا اطلع على ما ينقص قيمة أو عينا أو يفوت مقصودًا للمشتري. ويعلم قصده إما بالتنصيص على اشتراطه أو جرى به العرف. ولا يثبت الخيار إلا إذا كان العيب حاصلا عند العقد، أو قبل القبض، ولم يتسبب فيه المشتري.

يقول الشربيني: والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون العيب مما يقدر المشتري على إزالته أو لا. وإذا كان النقص في عين المبيع فإنه لا يوجب الخيار إلا إذا كان النقص يفوت غرضا صحيحًا. أما إذا كان النقص غير معتبر أو تافها فلا خيار. كقطع أصبع زائدة أو جزء يسير من فخذ أو ساق لا يورث شينا. وإذا حدث العيب بعد القبض إلا أن سببه وجد قبل القبض فللمشتري الخيار، ومثلوه بالعبد الذي جنى جناية ثم باعه سيده قبل القصاص. وأما المرض الذي يعقبه الموت. فإن ابتدأه المرض قبل القبض فلا خيار للمشتري لأن الموت ليس سببه بداية الإصابة، ولكن استفحاله إلى درجة يستلم البدن ويعجز عن المقاومة. وهذا الطور غير بداية المرض (3) .

4-

مذهب الحنابلة:

يثبت الخيار للمشتري إذا اطلع على عيب من العيوب، وهي النقائص الموجبة حطًّا في القيمة المالية للمبيع. والمرجع إلى أهل الخبرة في كل نوع من أنواع المبيعات، وكذلك إذا تشارط المشتري صفة مقصودة له وإن لم يعتبر فقدها عيبا في العرف. فإذا لم تتوفر في المبيع فالمشتري له الخيار. فإن شرط صفة غير مقصودة عرفا فبان المبيع خاليا منها فلا خيار (4) .

وحاصل الفقه في هذا: أن المشتري إذا اطلع على عيب في المبيع موجودا قبل العقد، باتفاق، أو قبل القبض فيما يتعلق به حق توفيه باتفاق، أو قبل القبض في غيره عند أبي حنفية والشافعي، وكتمه البائع فإنه يثبت له الخيار، إلا في الرقيق عند المالكية، فإنهم يثبتون الخيار من كل عيب في الرقيق حدث خلال الثلاثة أيام التالية للبيع، كما يثبتون الخيار للمشتري من الجنون والجذام والبرص في السنة التالية للبيع. وهو مذهب الفقهاء السبعة، وعمل أهل المدينة. وفي الأيام الثلاثة يستوي في القيام بالرد الحادث والقديم من العيوب وحتى الموت. فقد جاء في المدونة: قلت: وإن غرق فمات أو فقئت عينه قال: قال مالك: دية الجراح للبائع لأن الضمان منه (5) .

يقول ابن راشد: وعهدة الثلاث عند المالكية بمنزلة أيام الخيار؛ النفقة فيها والضمان من البائع. وأما عهدة السنة فالنفقة فيها والضمان من المشتري إلا من الأدواء الثلاثة. ثم يعمم ابن رشد فيقول: إن عهدة الثلاث عن مالك في الرقيق، وهي أيضا واقعة في أصناف البيوع في كل ما القصد منه المماكسة والمحاكرة وكان بيعا لا في الذمة. وهذا ما لا خلاف فيه في المذهب (6) وهذا التعميم المذكور في البداية لم أجد أحدا من أهل المذهب يقول به. وقد يكون مما أدخله بعض النساخ في الأصل وذلك أن عهدة الثلاث لا يجوز تعجيل الثمن فيها لأن المبيع لا ينتقل إلى ضمان البائع إلا بعد انقضائها لتردد النقد بين السلف والبيع. فلو عمم لكان البيع الناجز الذي ليس في الذمة لا يجوز تعجيل الثمن فيه

تقدير ما هو عيب: يرجع فيه للعرف العام أو لأهل الخبرة فيما دق، والعيب الذي يقدر المشتري على إزالته بدون نقص للمبيع مختلف في تأثيره. والذي يترجح أن ما كان غير لازم للمعقود عليه ويمكن إزالته بدون ضرر لا يوجب خيارًا. ويرجح جميع المذاهب أنه إذا فقد شرطا لا يحقق غرضًا صحيحًا فالعقد نافذ ولا خيار.

(1) الحطاب: (4 / 429)، والزرقاني:(5 / 123)

(2)

الكافي: (2 / 62)

(3)

المغني: (2 / 50-52)

(4)

المغني: (4 / 159 – 171)

(5)

المدونة: (3 / 333)

(6)

الهداية: (7 / 336)

ص: 553

من تكون عليه العهدة عند القيام بحق خيار النقيضة

قد يكون مالك السلعة هو الذي ينادي عليها ويعقد الصفقة. فهو الذي يطالبه المشتري.

وقد يكون المتولي غير المالك كالقاضي والوصي والوكيل والفضولي والسمسار والشريك وعامل القراض.

أما الوكيل فإذا كان مفوضًا فالعهدة عليه. وإذا كان وكيلا بالبيع فالعهدة عليه إلا أن يبين عند البيع أنه وكيل.

وأما الوصي فإن تجر لنفسه فالعهدة عليه. وإن باع لنفقة وبين لم تكن عليه عهدة ورجع المبتاع في عين شيئه، فإن أنفقه عليه لم يكن عليه شيء.

وأما القاضي فلا شيء عليه وهي في مال اليتيم فإن هلك ماله لم يكن عليه شيء، وإن باعه لقضاء دين المفلس رجع على الغرماء مطلقا.

والفضولي يتحمل العهدة إلا أن يجيز المالك ما صنعه. فإن أجازه ففي انتقال العهدة قولان لابن القاسم وسحنون.

وأما السمسار فلا عهدة عليه بل هي على رب السلعة، فإن لم يعرف فهي مصيبة نزلت بالمشتري ويحلف ما يعرفه (1) .

وفي المدونة: أفرأيت من يستأجر الناس من النخاسين الذين يبيعون لهم الرقيق، ويجعلون لهم الجعل على ما يبيعون من ذلك، والذين يبيعون المواريث ومثل هؤلاء الذين يبيعون للناس، يجعل لهم في ذلك الجعل فيبيعون، والذي يبيع فيمن يزيد في غير ميراث يستأجر على الصياح، فيوجد من ذلك شيء مسروق أو خرق أو عيب؟ قال: ليس على واحد من هؤلاء ضمان، وإنما هو أجراء أجروا أنفسهم وأبدانهم، وإنما وقعت العهدة على أرباب السلع، فليتبعوهم، فإن وجدوا أربابها، وإلا لم يكن على هؤلاء الذين وصف لك تباعة (2) .

وإذا رد المبيع فهل يفوز السمسار بما أخذه أو يرده؟

السمسرة على نوعين: سمسرة ضبط فيها أجل النداء كأن يتفق صاحب السلعة مع السمسار على النداء عليها أسبوعا. وفي هذه الحالة فإذا ردت السلعة لا يرجع البائع على السمسار بشيء لأنها إجارة.

النوع الثاني: أن لا يحدد له أجلا، وإنما يتفق معه على النداء على السلعة حتى تنتهي المزايدة، وهذا عقد جعل.

ويجب على السمسار رد ما أخذه بثلاثة شروط:

1-

أن لا يكون البائع مدلسًا. أما إذا تبين تدليسه فلا يعود على السمسار بما أخذه.

2-

أن يكون رد المبيع بقضاء قاض فإن تم الرد بقبول البائع دون رفع للحاكم فلا. ويقول ابن عاصم:

وأجرة السمسار تسترد

حيث يكون للمبيع رد

(3)

.

3-

أن لا يكون السمسار عالما بالتدليس وتواطأ مع البائع على الكتمان، قال ابن القابسي: وإن علم السمسار بالعيب فهو مدلس أيضا إن رد المبيع فلا جعل له، وإن لم يرد فله جعل مثله (4) .

(1) لب اللباب: ص 156

(2)

المدونة: (3 / 339)

(3)

ميارة (2 / 40) ، وحاشية المهدي ج 2 / كراس 59 / ص 4.

(4)

مواهب الجليل: (4 / 45)

ص: 554

من يدفع أجرة السمسار

الأصل أنه إذا كان هناك شرط عمل به. وأما إذا لم يكن هناك شرط فالأصل أنه يرجع فيه إلى العرف. وإن لم يوجد شرط ولا عرف فقال ابن عرفة: الذي يؤخذ من كلام المدونة أن الجعل على البائع (1) .

وتكلم صاحب اللامية في ما يبيعه القاضي من الرهن فذكر فيه خلافًا قال:

يبيع كما يدري ويقضي وإن يكن

بجعل ففي معطيه قولان اعملا

يقول التاودي في شرحه عليها:

القول الأول لابن القاسم: أن الجعل على طالب البيع. والثاني لعيسى: أن الجعل على الراهن. ورجح ابن رشد قول عيسى مستظهرا له، بأن الراهن مأمور بالقضاء واجب عليه فعله. فهو أولى بغرم ما يتوصل به إلى أداء الواجب عنه. ويلحظ ابن القاسم أن للراهن أن يقول: أنا لا أريد البيع للرهن لأني أرجو أن يتيسر لي الحق دون بيع، فإذا أردت تعجيله فأد الجعل (2) .

حكم طلب الضمان

جرى العرف في بيع الدوائر الحكومية وكذلك الشركات والمؤسسات أن من وقفت عليه المزايدة ملزم بأن يدفع عربونًا بنسبة مقدرة مقدمة من الثمن كعشر الثمن، وأنه مطالب في أمد محدد أن يكمل الإجراءات ويدفع باقي الثمن، وأنه إن لم يوف بالتزامه خسر العربون وتعاد البتة.

والعربون يدفع غالبا في صورة صك مضمون القيمة. فهل يجوز أخذ العربون؟

انفرد أحمد من بين المذاهب الأربعة بتجويز بيع العربون. يقول النووي: فرع: قال ابن المنذر: روينا عن ابن عمر وابن سيرين جوازه، قال: وقد روينا عن نافع ابن عبد الحارث أنه اشتري دارا بمكة من صفوان بن أمية بأربعة آلاف فإن رضي عمر فالبيع له، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة.

قال ابن المنذر: وذكر لأحمد بن حنبل حديث عمر فقال: أي شيء أقدر أقول (3) .

والعربون لم يرد فيه حديث صحيح يمنعه. كما لم يرد فيه نص صحيح يجيزه. إذ أن فعل عمر خرجه ابن قدامة على صورة فقال: أما إن دفع إليه قبل البيع درهمًا وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها فهذا درهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدأ وحسب الدرهم من الثمن صح؛ لأن البيع خلا عن الشرط المفسد. ويحتمل أن الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه، فيحمل عليه جمعًا بين فعله وبين الخبر وموافقة للقياس؛ إذ لا يصح جعله عوضًا عن انتظاره وتأخير بيعه من أجله، إذ لو كان عوضًا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء. ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه. ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الإجارة (4) .

ولا شك أن المخاطرة موجودة، إذ قد يعجز المشتري عن جمع المقدار المتبقي فيذهب العربون وقد يتمكن من الوفاء بالثمن فيعتبر العربون جزءا من الثمن.

ولكن العمل جري في القوانين والمحاكم تبعًا لذلك في البلدان الإسلامية بقبول مبدأ العربون، وأن البائع إما أن تتم البيعة فيقبض الثمن المتفق عليه، وإما أن ينكل فيعوض البائع عن تفويت الفرص التي تسبب فيها المشتري وذلك بفوزه بالعربون (5) .

(1) مواهب الجليل: (4 / 452)

(2)

حاشية التسولي على شرح ميارة للامية الزقاق: ص37 - 38

(3)

المجموع: (9 / 335)

(4)

المغني: (4/ 258)

(5)

المدخل الفقهي: (1 / 495) ، فقرة 234، وإعلام الموقعين:(3 / 276)

ص: 555

اشتراط رسم للدخول في المزايدة

إن رسوم الدخول في المزايدة أمر لم يعهد من قبل. وهو ما اقتضته أنظمة الدول والمؤسسات والشركات. فهي إذا أرادت عرض بعض ممتلكاتها للبيع بالمزايدة كلفت بذلك أولا خبراء يضبطون المبيع؛ ثم تكلف خبراء بضبط شروط البيع ضبطًا محكما ينفي كل نزاع ويضمن لكل طرف حقوقه، وهو المعبر عنه بكراس الشروط، ثم تقوم بطبع ذلك وإصداره في نشرة وهي بين من يمكن كل راغب في نسخة منه بدون مقابل ومن يبيع تلك النسخ للمشاركين في المزايدة.

إذا اشترط البائع أن لا يشارك في المزايدة إلا من تحصل على نسخة من كراس الشروط فإنه ليس القصد في فعله أن يبيع هذا الكراس؛ لأن تفاهة قيمته بالنسبة للمبيع لا تجعله مقصودًا بالثمن. وإنما هو يشترط ذلك لما بيناه من أن يكون كل مشارك على بينة من أمره في شروط العقد وضوابطه. ولذا فإن أصل بيع الكراس لا مانع منه إذ هو وثيقة مادية مسعرة بسعر محدد لم يلزم بها أي مشتر إلزاما ظالمًا، ولمن يشتريها بعد الاطلاع عليها الخيار في المشاركة أو عدم المشاركة في المزايدة واشتراط ذلك لا مانع منه نظرا إلى أنه شرط سائغ وليس له تأثير في العقد.

عمليات الاستثمار بالمزايدة

السؤال الوارد: هل تجوز عمليات الاستثمار بالمزايدة؟ وصورتها أن تطرح البنوك الإسلامية في المزايدة مشاريع استثمارية تكون قد أثبتت الدراسات جدواها الاقتصادية ووافق البنك على تقديم التمويل لمن يرغب في إنشائها. وعنصر المزايدة في ذلك هو سعي البنك للحصول على أعلى نسبة للمشاركة في الربح مع المستثمر في عقد مشاركة. وما الحكم إذا كان المستثمر عاملا في عقد مضاربة مع البنك؟ إن الصورة المقدمة غير واضحة والذي فهمته منها: أن البنك الإسلامي درس مثلا الجدوى الاقتصادية لبعث معمل للآجر. وأنتجت الدراسة الاقتصادية أن الطين المادة الأولية متوفرة في المكان الذي سيقام فيه المعمل، وأن الطلب على البضاعة متوفر باعتبارها عنصرًا أساسيا في البناء بتلك الجهة، وأن اليد العاملة متوفرة أيضا، وأن التكلفة بالنسبة للسعر في السوق يحقق أرباحًا

إلى آخر ما تقتضيه الدراسة.

وبذلك فإن البنك الإسلامي يعرض المشروع لمن يريد أن يقوم به على أساس المشاركة مع البنك. وإن من يتعاقد مع البنك لإدارة المشروع تعود له نسبة من الربح وللبنك نسبة من الربح. ولا يعين البنك نسبة ما يحصل عليه، وإنما يلقيه في السوق مزايدة على أن يتقدم الراغبون بعروضهم ومن كان عرضه أكثر عائدا للبنك هو الذي يفوز بالصفقة.

لقد نظرت في الصفقة إذا كان إنجازها على هذه الصورة فلم أجد ما يمنع منها لتوفر الرضا من الطرفين، ولأن المزايدة في المبيعات تهدف إلى تحقيق أفضل قيمة للبائع. فكذلك هذه.

ص: 556

النجش

نجش ينجش نجشًا من باب نصر. والنجش بالتحريك لغة – نقله الصاغاني. أصل المعنى في إثارة الصيد. أو في مطلق الإثارة. أو فيما يترتب على الإثارة من الجمع، ومنه نجش الإبل: جمعها بعد تفرقة. إلى معان أخرى ذكرها في القاموس وشرحه (1) .

والنجش في البيوع عرف بتعاريف متقاربة: وهو البيع الذي يدخل فيه طرف ثالث ليغري غيره بالشراء فيرتفع ثمنها تبعًا لتدخله. ويتنزل منزلة الناجش صاحب السلعة إذا أخبر بثمن أعلى من الثمن الذي أعطيه، ومثله الدلال الذي يزيد في السلعة على الثمن الذي عرض عليه، أو الوكيل الذي يفعل ذلك. فقد أخرجه عبد الرزاق من طريق عمر بن عبد العزيز أن عاملا له باع شيئا، فقال له: لولا أني كنت أزيد فأنفقه لكان كاسدًا، فقال له عمر: هذا نجش لا يحل. فبعث مناديًا ينادي أن البيع مردود وأن البيع لا يحل (2) .

فتحصل أن النجش له صور:

1-

الأصل أن يأتي طرف ثالث فيزيد في السلعة ليرفع من ثمنها ويغري المشتري بالزيادة.

2-

أن يأتي طرف ثالث يظهر بصره بالسلعة ويمدحها مدحًا يغري المشترين.

3-

أن يزيد صاحب السلعة على الثمن الذي أعطيه ليدلس على من يسومه.

4-

أن يزيد الوكيل أو السمسار زيادة وهمية لم يعرضها أحد.

والأول والثاني هو النجش حقيقة والآخران مقيسان عليه.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش. فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ولا تناجشوا)) (3) ورد الحديث بصيغة النهي وهي تدل على التحريم. ولذلك قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله.

تحقيق ما هو داخل تحت النهي:

1-

مذهب الحنفية:

ذهب الحنفية إلى أن النجش المنهي عنه هو ما كان غرض الطرف الثالث التغرير بالمشترين لتبلغ السلعة أكثر من ثمن مثلها.

فقد جاء في الفتاوى الهندية: (رجل استام من رجل بثمن مثله فزاد رجل آخر في الثمن لا يريد شراءه، وإنما فعل ذلك ليرغب المشتري في الزيادة. فذلك مكروه وهو النجش المنهي عنه. وإن كان الذي استام يطلب الشراء بأقل من قيمته فلا باس لغيره أن يزيد حتى يرغب المشتري بالزيادة إلى تمام قيمته. وهو مأجور في ذلك – فتاوى قاضيخان - وكذلك إذا أراد الرجل أن يبيع ماله لحاجة فطلب منه بدون قيمته فزاد رجل إلى تمام قيمته فلا بأس بذلك، وهو محمود غير مذموم – كذا في السراج الوهاج (4) .

ويقول ابن نجيم: (وحديث النهي ((لا تناجشوا)) في الصحيحين، وقيده أصحابنا كما في الجوهرة بما إذا كان السلعة إذا بلغت قيمتها: أما إذا لم تبلغ فلا مانع منه لأنه نفع للمسلم من غير إضرار بأحد) (5) .

(1) تاج العروس: (17 / 402)

(2)

فتح الباري: (5 / 258)

(3)

نصب الراية:) 4 / 21)

(4)

الفتاوى الهندية: (4 / 210)

(5)

البحر الرائق: (6 / 107)

ص: 557

3-

مذهب مالك:

قال مالك في الموطأ: والنجش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها. وليس في نفسك اشتراؤها؛ ليقتدي بك غيرك (1) قول مالك: أكثر من ثمنها اختلف في فهمه؛ حمله معظم المتقدمين على أنه أكثر من الثمن المبذول فيها.

وهذا ما ذكره ابن عبد البر، فقد قال في الكافي:(والنجش أن يعطي الرجل في السلعة عطاء ليقتدى به، وهو لا يريدها؛ ليغتر المشتري بذلك. وذلك عند مالك عيب من العيوب)(2) .

وهو الذي يجب أن نفهم عليه كلامه في التمهيد (3) . وهو ما ذكره ابن الجلاب في التفريع: ولا يجوز النجش في البيوع، وهو أن يبذل الرجل في السلعة ثمنًا ليغري بذلك غيره ولا رغبة له في شرائها (4)، وبه قال المازري: فصفة النجش عند الفقهاء أن يزيد في السلعة ليغتر بها غيره ليشتريها (5) .

وقال المتيطي: والنجش أن يزيد التاجر ثمن السلعة لا ليريدها لنفسه بل ليغر غيره.

وبمثل هذا الإطلاق جاء نص الجواهر الثمينة ومختصر ابن الحاجب والشامل (6) .

وحمله ابن عرفة على معنى أكثر من قيمتها. وأشاع تلاميذه ومن جاء بعده هذا الاحتمال كالأبي وابن ناجي والرصاع. حتى أن الأبي غير نص مالك إلى ما فهمه شيخه قال: قلت: قال مالك في الموطأ: والنجش أن تعطيه في سلعته أكثر من قيمتها. مع أن نص مالك هو ثمنها (7) .وقال الرصاع: قال الشيخ: وكلام المازري أعم من كلام مالك رحمه الله وهو حسن (8) .

وذهب ابن العربي من المالكية إلى أن الزيادة إذا كانت من الناجش يقصد من ورائها أن تبلغ السلعة قيمتها رفعا للغبن عن البائع فهو مأجور.

فتحصل أن نصوص المالكية تفيد حسب ظاهر كلام مالك ومن جاء بعده أن النجش حرام سواء كان قصده أن تبلغ السلعة قيمتها ونفع البائع دون إضرار بالمشتري، أو كان قصده التغرير بالمشتري والإضرار به.

وأن النجش حسبما فهمه ابن عرفة وتلاميذه من بعده ومن تأثر بهم أن مالكًا يفصل بين أن يكون قصده رفع الغبن عن البائع فهو جائز وأن يكون قصده التغرير فيكون حراما (9) .

وأن ابن العربي انفرد بأن قاصد رفع الغبن عن البائع مأجور. فهو موافق لمذهب الحنفية.

3-

مذهب الشافعية:

يقول الشافعي: فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالما بالنهي (10) وذكر الشربيني أن شراح كلام النووي: (والنجش بأن يزيد في الثمن لا لرغبة بل يخدع غيره) قد اختلفوا في تحليل قوله: (ليخدع غيره) ، فذهب بعض الشراح إلى أنه لو زاد في السلعة لتبلغ قيمتها بزيادة، أنه جائز، ثم قال: والمتجه التحريم لما فيه من إيذاء للمشتري ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) (11) وأكد ابن حجر بأن الذي يريد النصيحة له مندوحة عن الزيادة بأن يعلم البائع أن قيمة سلعته أكثر مما أعطي (12) .

(1) الموطأ: (425)

(2)

الكافي: (2 / 86)

(3)

(13 / 348)

(4)

(2 / 167)

(5)

المعلم: (2 / 92)

(6)

الرهوني: (5 / 144)

(7)

إكمال الإكمال (4 / 80)

(8)

شرح حدود ابن عرفة ص 356

(9)

شرح حدود ابن عرفة ص 356

(10)

فتح الباري:) 5 / 259)

(11)

المغني: (2 / 37)

(12)

فتح الباري: (5 / 259)

ص: 558

4-

مذهب أحمد

النجش: أن يزيد في السلعة من لا يريد ليقتدي به المستام فيظن أنه لم يزيد فيها هذا القدر إلا وهي تساويه فيغتر بذلك فهذا حرام وخداع (1) .

وحاصل تتبع المذاهب أن النجش حرام، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، وإن النجش جائز إذا لم تبلغ السلعة قيمة مثلها. وهذا مذهب الحنفية. وفهم ابن عرفة ومن تبعه من كلام مالك. وقول عند الشافعية، أن النجش في هذه الحالة مأجور صاحبه، وهو ما نقل في كتب الحنفية ومذهب ابن العربي.

ويترجح عندي أن النجش حرام بدون تفصيل. وذلك لأن المتابعين يعمل كل واحد منهما على الفوز بما هو أحظى له، وهو مشروع لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] فتغليب أحد الطرفين بدخول طرف ثالث خفية هو تغليب لأحد الطرفين على الآخر، ولأن شأن المخدوع بزيادة الطرف الأجنبي أن يجد في نفسه على الطرف الذي خدعه، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث - مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر اخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)) (2) .

فما تقدم عن النجش وما تأخر عنه يؤكد تحريم تدخل طرف يترتب على تدخله تباغض وتدابر.

حكم العقد الذي وقع فيه نجش

إذا اطلع المشتري على أنه قد خدع بالنجش؛ فقد اختلف الفقهاء فيما يترتب على ذلك:

1-

أن البيع باطل. وإليه ذهب أحمد واختاره أبو بكر؛ لأن النهي يقتضي الفساد (3) .

2-

أن العقد صحيح ولا خيار للمشتري لأنه فرط وكان عليه أن يتحوط قبل العقد ويسأل إن كان غير خبير بالقيم. قال ابن نجيم: إن بيع النجش منهي عنه لمجاور، فكراهته كراهة تحريم مع الصحة (4) . وقال في المغني: والأصح أنه لا خيار للمشتري في تفريطه حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة.

والثاني: له الخيار للتدليس كالتصرية. ويحل الخلاف عند مواطأة البائع للناجش وإلا فلا خيار جزما (5) .

(1) المغني: (4 / 234)

(2)

إكمال الإكمال: (7 / 18 – 19)

(3)

المغني: (4 / 234)

(4)

البحر: (6 / 37)

(5)

مغني المحتاج: (2 / 37)

ص: 559

3-

أن المشتري بالخيار إن شاء رد السلعة وإن شاء أمسكها. فإن فاتت رجع بالقيمة ما لم تكن القيمة أقل من الثمن قبل النجش، فإن نقصت لزمه الثمن لا القيمة ومثال ذلك أن يعطي فيها عشرة مثلا، ثم زاد فيها شخص لغيره فبيعت بخمسة عشر وفاتت السلعة بيد مشتريها فخير فاختار القيمة فقومت بثمانية مثلا، فإنه يلزم بدفع عشرة عند ابن عبد السلام، ولم يرتض ابن عرفة كلام ابن عبد السلام في هذه الصورة، ورجح الرهوني نظرية ابن عبد السلام لأن المشتري لما بذل العشرة طائعا فهو ملتزم بها فيسقط ما زاد على ما التزمه (1) .

وأعدل الأقوال ثبوت الخيار للمشتري؛ لأنه لا موجب لإبطال العقد من أصله،

لأن النهي ها هنا يمكن إعماله مع بقاء العقد. إذ هو عائد لا إلى أصل العقد بل لأمر خارج عنه مجاور له. ولأنه لا عدل في إلزام المشتري بما تآمر عليه البائع وظلمه فيه والظلم يزال، ولا يصح أن يقره الشارع الحكيم، فبان أن القول بفساد العقد هو كالقول بصحته، وأن خيار المشتري فيه العدل وإعمال لجميع الأدلة.

من أوجه النجش

إن التعريف الذي ارتضيناه هو أن بيع النجش هو الذي يدخل فيه طرف ثالث ليغري غيره بالشراء فيرتفع ثمن المبيع تبعا لتدخله. وهذا التدخل يشمل الزيادة ممن لا يرغب في الشراء، كما يشمل مدح السلعة والتأثير على المشتري ليغريه بالشراء، وفي المجتمع الاستهلاكي أخذت أجهزة الإعلام تقوم بدور مؤثر للإقبال أكثر فأكثر على الاستهلاك، ثم التلاعب بعواطف الجماهير واستغفالهم. وهذه الأساليب إن كانت صادقة كاشفة عن حقيقة المبيعات فإن تأثيرها على عقلية الأفراد والشعوب تأثير سيء إذ تجعلها مولعة بالإسراف.

وما كان الإسراف إلا منهجا مفسدا لا يرضى عنه الدين: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) } [الشعراء: 151 – 152] .

وأما إذا كانت كاذبة مخادعة، فهي من أنواع النجش الذي تحدثنا عنه، إذ تخدع المشتري فيبذل في السلعة أفضل من قيمتها، ولما كانت الدول الإسلامية تراقب أجهزة الإعلام فعليها أن تضبط بتشريع واضح حدود الإعلام والدعوة إلى الإقبال على الشراء والاستهلاك سواء كان البيع بيع مزايدة أو غيره من أنواع البيوع.

والله أعلم وأحكم وهو حسبي ونعم الوكيل.

(1) الرهوني: (5 / 144 – 145)

ص: 560

ملخص البحث

بيع المزايدة:

حقيقته:

أطلق على هذا البيع: بيع المزايدة والبيع فيمن يزيد.

وهو أن يعرض صاحب السلعة ما يريد بيعه على الراغبين، فيزيد بعضهم على بعض حتى تنقطع الزيادة فيصفق البائع إن شاء السلعة للعارض.

حكمه:

اختلف فيه المتقدمون. فذهب بعضهم إلى كراهته مطلقا، وذهب بعضهم إلى جوازه بدون كراهة في بيع المغانم والمواريث، وإلى جوازه مطلقا بضوابط البيع الشرعي.

وهذا الخلاف إنما هو خلاف تاريخي؛ إذ حصل الإجماع من الفقهاء على جوازه بعد ذلك.

مقارنة بين منافعه ومفاسده:

يستفيد من بيع المزايدة البائع باعتبار أن حظه من وجود مشتر جاد يكون أقوى، وهو في حاجة إلى السيولة النقدية. كما يتيح له تحقيق ثمن أرفع مما لو لم يناد عليه ويشهره للبيع.

ويستفيد منه المشتري بما يتيحه الإعلان من تمكينه من وجود ما يرغب فيه بيسر خاصة في الأشياء المستعملة.

ومن ناحية أخرى:

فقد يتضرر التجار من بيع المزايدة إذ يصرف الإشهار والنداء المشترين منهم إلى السلع المعروضة في سوق المزايدة كما يمكن أن يتضرر فيه المشترون، إذ أن الظروف النفسية لبيع المزايدة قد تغري المشتري بدفع ثمن أرفع.

ص: 561

مقدمة القرار:

بيع المزايدة: هو البيع الذي يعرض فيه البائع سلعته على الراغبين فيها داعيًا لهم لزيادة بعضهم على بعض حتى تنقطع الزيادة فيعقد البائع إن شاء مع العارض.

وحكم هذا البيع الجواز بضوابطه الشرعية.

أقسام بيع المزايدة:

ينقسم بيع المزايدة بالنظر إلى طريقة إنجازه إلي:

1-

أن تعرض السلعة في السوق وينادي عليها البائع بنفسه أو بواسطة سمسار، أو بواسطة المأمور القضائي إلى أن تنتهي الزيادة.

2-

أن يعرض متولي البيع السلعة بثمن فإن وجد من يقبل وإلا خفضه وما يزال يخفض إلى أن يقبل به أحد المشترين فيفوز بالبضاعة.

3-

أن يعلن عن بيع السلعة بالمزايدة. ويقدم الراغبون عروضهم في ظروف مختومة تفتح في أجل محدد، ويفوز بالسلعة من كان عرضه أوفر.

وينقسم بالنظر إلى الحالة التي عليها المبيع:

1-

إلي بيع الأشياء الجديدة.

2-

إلى بيع الأشياء المستعملة.

3-

إلى بيع التحف والنفائس.

يجوز بيع الأشياء الجديدة ما لم يتضرر التجار من ذلك.

كما يجوز بيع الأشياء القديمة مع ضوابط الرجوع بالعيب.

كما ينبغي ضبط أماكن بيع التحف والنفائس حماية للمشتري والبائع من التحيل.

وينقسم بالنظر إلى متولي البيع:

1-

أن يكون البائع هو المالك ولفائدته.

2-

أن يكون البائع غير المالك، كما إذا دها أحد الشركاء إلى تصفيق ما لا يقسم أو يتضرر بيعه منفردا وكالبيع على المحجور.

ص: 562

لزوم بيع المزايدة:

1-

يلزم العقد إذا صفق البائع السلعة لآخر راغب بالثمن الذي بذله.

2-

للبائع أن يصفق السلعة لأحد المتزايدين مفضلا له على باذل الثمن الأرفع لأن كل من زاد هو ملتزم بالثمن الذي عرضه ما لم يطل أو يجري عرف، وما لم تكن السلعة بيد المشتري بعد الطول.

للبائع أن يصرف المبيع عن الراغب الآخر إلى الذي سبقه.

الزيادة بعد تبتيت البيع:

إذا لم يظهر غبن لا تقبل الزيادة. وإذا ظهر في البيع غبن فالمشهور عدم قبول الزيادة. وجرى العمل بقبولها في الأندلس. ولذلك يتبع العرف.

وفى تقدير الغبن خلاف: هل هو ما يعتبر كثيرا، أو هو ما بلغ الثلث، أو ما يجاوزه؟

على ولي الأمر أن يضبط الغبن الموجب لقبول الزيادة.

خيار النقيصة:

1-

البيع على البراءة:

إذا وجد المشتري عيبا بالمبيع:

الحالة الأولى: أن يكون قد باعه على البراءة أو ذكر أنه معيب بكل عيب؛ ذهب الحنفية إلى أن المشتري لا حق له في القيام بالعيب في هذه الحالة، وذهب المالكية إلى أن بيع البراءة لا ينفع إلا في الرقيق إذا كان البائع صاحب السلعة أو وكيله.

وأما إذا كان البائع الحاكم أو الوارث فله أن يبيع على البراءة بشرط أن لا يعلما بالعيب.

وذهب الشافعية في أصح الأقوال أنه ماض في بيع الحيوان والرقيق.

وذهب الحنابلة أن بيع البراءة لا يفيد البائع وللمشتري القيام بالعيب.

إذا علم البائع بالعيب وكتمه على المشتري فللمشتري القيام بالعيب.

وإذا كان غير عالم كبيع الحاكم والوارث والوصي لا قيام فيه بالعيب، وبيع غيرهم فالبائع متحمل لكل عيب قديم.

خيار النقيصة إذا باع لا على البراءة:

إذا طلع المشتري على عيب في المبيع موجود قبل العقد باتفاق أو قبل القبض فيما يتعلق به حق توفية باتفاق أو قبل القبض عند غير المالكية في غير ذلك فإن كان البائع قد كتمه فالمشتري بالخيار.

تقدير ما هو عيب يرجع للعرف العام أو لأهل الخبرة فيما دق من العيوب.

ويطالب القائم بحق الرد المالك إن تولى البيع، وكذا الوكيل إذا كان مفوضًا إليه، وكذلك وكيل البيع إذا لم يبين أنه وكيل وغير مالك.

وما باعه الوصي لنفقة من هم إلى نظره لا يرجع القائم إلا في عين شيئه، فإن أنفقه لم يكن له شيء.

وما باعه القاضي فإن كان على اليتيم فالقائم يأخذ حقه من مال اليتيم، فإن هلك فلا شيء له، وما باعه لقضاء الديون فللقائم مطالبة الغرماء.

والفضولي يتحمل العهدة إلا إذا أجاز المالك فعله.

والسمسار لا عهدة عليه.

ص: 563

رد السمسار ما أخذه إذا لم يتم البيع:

إذا رد المشتري وكان قد تحمل بأجرة السمسار فهل يعود على السمسار؟

إذا كانت السمسرة إجارة فلا يرجع البائع على السمسار.

وإذا كانت جعلا وجب عليه رد ما أخذه إذا كان البائع غير مدلس وحكم القاضي بالرد، ويجب الرد أيضا إن كان السمسار مواطئا للبائع على الكتمان.

حكم طلب الضمان

الضمان:

طلب عربون عند عقد الصفقة يأخذه البائع إن نكل المشتري عن إتمام البيع وبجواز أخذ العربون قال أحمد، وهو ما جرى به العمل في البلاد الإسلامية.

اشتراط أن يكون المشارك في المزايدة قد تملك كراس الشروط:

لا يوجد ما يمنع البائع من اشتراط أن يكون المشارك في المزايدة قد اشترى كراس الشروط واطلع عليه. واشتراط ذلك لا مانع منه لهوان قيمته بالنسبة لأصل الصفقة عادة. إذ لو كان رفيع الثمن لكان عامل طرد للمزايدين، وهو عكس رغبة البائع ومصلحته.

عمليات الاستثمار بالمزايدة

لما كان الغرض من بيع المزايدة توفير الغنم للعارض فلا مانع من أن يعمد البنك الإسلامي في عرض مشروعه على المشاركين مزايدة على معنى أن يزيد بعضهم على بعض في النسبة التي يحصل عليها البنك من المشروع.

النجش

إذا كان القصد منه التغرير بالمشتري ليزيد في السلعة ويبلغ بها ثمنا أعلى من قيمتها فهو حرام بإجماع.

وإن كان للبلوغ بالسلعة المعروضة قيمتها فقد اختلف فيه الفقهاء والراجح منعه؛ لأنه خداع.

ويشمل النجش دخول طرف ثالث بالتواطؤ مع البائع أو بدون تواطؤ، ومنه ما تقوم به وسائل الإعلام في التنويه بالسلعة وكتمان نقائصها وعرضها عرضا مغريا بالدخول في المزايدة.

والله أعلم

الشيخ محمد المختار السلامي

ص: 564

المصادر والمراجع

- القرآن العظيم.

التفسير:

- التحرير والتنوير – الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الدار التونسية للنشر

- الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد القرطبي دار الكتب المصرية

السنة:

الجامع الصحيح بشرح فتح الباري – الحافظ شهاب الدين ابن حجر مصطفى البابي الحلبي 1378

الجامع الصحيح بشرح إرشاد الساري للقسطلاني دار الفكر

صحيح الإمام مسلم بشرح إكمال الإكمال لأبي عبد الله محمد الأبي مطبعة السعادة 1327

صحيح الإمام مسلم بشرح المعلم لأبي عبد الله محمد المازري دار الغرب الإسلامي 1992

صحيح الإمام الترمذي بشرح تحفة الأحوذي للقاضي أبو بكر ابن العربي دار العلم للجميع

مسند الإمام أحمد بن حنبل المكتب الإسلامي

موطأ الإمام مالك بن أنس تحقيق فؤاد عبد الباقي

موطأ مالك بشرح التمهيد لأبي عمر بن عبد البر طبع وزارة الأوقاف بالمغرب

موطأ مالك بشرح الزرقاني المطبعة الكستلية المصرية 1279

نصب الراية – جمال الدين الزيلعي دار الحديث – القاهرة

الفقه الحنفي:

البحر الرائق بشرح كنز الدقائق – زين الدين بن نجيم المطبعة العلمية 1311

بدائع الصنائع - علاء الدين الكاساني مطبعة الإمام

رد المحتار على الدار المختار – محمد أمين بن عابدين إحياء التراث العربي

الفتاوى الهندي – جماعة من علماء الهند المطبعة الأميرية ببولاق

فتح القدير – كمال الدين بن الهمام إحياء التراث العربي

ص: 565

الفقه المالكي:

بداية المجتهد مع الهداية من تخريج أحاديث البداية لابن رشد الغماري عالم الكتب 1987

البيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد دار الغرب الإسلامي 1934

تحفة الأحكام شرح التاودي وحاشية المهدي طبعة حجرية مغربية

تحفة الحكام شرح ميارة وحاشية ابن رحال المطبعة البهية المصرية 1304

التفريع لأبي القاسم بن الجلاب دار الغرب الإسلامي 1987

حدود ابن عرفة بشرح الرصاع وزارة الأوقاف المغربية 1992

فتح الجليل الصمد في شرح التكميل والمعتمد العلميات العامة لأبي عبد الله الغلالي مطبعة الدولة التونسية 1290

الكافي لأبي عمر بن عبد البر دار الهدي 1979

مختصر خليل بشرح التاج والإكليل لأبي عبد الله العبدري المواق دار الفكر

مختصر خليل بشرح مواهب الجليل لأبي عبد الله محمد الحطاب دار الفكر

مختصر خليل بشرح الزرقاني وحاشية البناني المطبعة البهية المصرية 1304

مختصر خليل بشرح حاشية الرهوني على الزرقاني والبناني المطبعة الأميرية بولاق 1306

مختصر خليل بشرح الكبير محمد الدردير والدسوقي دار إحياء الكتب العربية 1345

لامية الزقاق بشرح التاودي وحاشية التسولي المطبعة الرسمية التونسية 1303

لباب اللباب لأبي عبد الله محمد بن راشد القفصى المكتبة العلمية بتونس 1346

المدونة – الإمام مالك بن أنس دار الفكر 1978

المقدمات الممهدات – أبو الوليد محمد بن رشد دار الغرب الإسلامي

الفقه الشافعي:

المنهاج بشرح مغني المحتاج لأبي زكرياء النووي والخطيب الشربيني دار إحياء التراث العربي

المهذب بشرح المجموع لأبي زكرياء النووي دار الفكر

الفقه الحنبلي:

إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية مطبعة الكيلاني

الروض المربع شرح زاد المستنقع لعبد الرحمن النجدي توزيع الرئاسة العلمية

شرح منتهى الإرادات لمنصور البهوتي دار الفكر

مختصر الخرقي بشرح المغني لابن قدامة مكتبة الرياض الحديثة

المدخل الفقهي – الشيخ مصطفى الزرقاء

مجلة المرافعات المدنية المطبعة الرسمية التونسية

ص: 566