المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثامن

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادالدكتور: وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌موضوع: " الأخذ بالرخص الشرعية وحكمه

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌الرخصة (التلفيق)إعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌التلفيق والأخذ بالرخصة وحكمهماإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادمحمد رفيع العثماني

- ‌حكمالرخصة وتتبع الرخصفي الفقه الإسلامي

- ‌الأخذ بالرخصةإعدادأ. د. حمد عبيد الكبيسي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادأ. د. عبد العزيز عزت الخياط

- ‌الرخصةإعدادالشيخ محمد الشيباني بن محمد بن أحمد

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهتتبع الرخص – التلفيق ورأي الفقهاء فيهإعدادفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالشيخ الطيب سلامة

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌بيع العربُونإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بيع العربُونإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌بيع العربونإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار

- ‌عقد المزايدةبين الشريعة الإسلامية والقانوندراسة مقابلةمع التركيز على بعض القضايا المعاصرةإعدادعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌قواعد ومسائلفيحوادث السيرإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌ موضوع "حوادث السير

- ‌حوادث السيرإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌حوادث السيرإعدادالشيخ عبد القادر محمد العماري

- ‌حوادث السيرإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس

- ‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌بطاقات الائتمانإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌سر المهنة الطبية بين الكتمان والعلانيةإعدادالدكتور أحمد رجائي الجندي

- ‌مسؤولية الطبيبإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌مداواة الرجل للمرأةوالمرأة للرجلإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)الأحكام المتعلقة بالمرضى والمصابينإعدادأ. د. مصطفى عبد الرؤوف أبو لسان

- ‌بعض المشاكل الأخلاقية والاجتماعيةالناتجة عن مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)إعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعيةإعدادالدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌التداوي بالمحرماتإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌بحوث مجمعية

- ‌حُسن وفاء الديونوعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعارإعدادالدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعارفي ضوء الأدلة الشرعيةإعدادد. حمزة بن حسين الفعر

- ‌الربط القياسي للأجور بالمستوى العام للأسعارتحليل من منظور إسلامي لمشكلة الأجورفي ظل التضخم والعلاج المقترحإعدادد. عبد الرحمن يسري أحمد

- ‌التضخم والربط القياسيدراسة مقارنة بين الاقتصاد الوضعيوالاقتصاد الإسلاميإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعاربين الفقه والاقتصادإعدادد. محمد أنس الزرقا

- ‌ندوة قضايا العملةالربط القياسي للديون بعملة اعتباريةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌ملاحظات أساسيةفي مسألة ربط الأجور والمستحقاتإعدادالدكتور سيف الدين إبراهيم تاج الدين

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادمجموعة دلة البركة

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادبيت التمويل الكويتي

- ‌الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلاميةوتصورات لكيفية مواجهتهاإعدادأ. د. إسماعيل حسن محمد

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةعقد السلم ودوره في المصرف الإسلاميإعدادالشيخ صالح الحصين

- ‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي

- ‌في مشكلات المصارف الإسلاميةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمةالمتعاملة بالرباتجربة مجموعة دلة في أسلمة الشركاتعن طريق شراء أسهمهاإعدادالشيخ صالح عبد الله كامل

- ‌المشاركة في شركات تتعامل بالحرامإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

الفصل: ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس

‌التطبيقات الشرعية

لإقامة السوق الإسلامية

إعداد

الأستاذ الدكتور / علي السالوس

أستاذ الفقه والأصول

كلية الشريعة ـ جامعة قطر

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

الحمد لله تعالى حمدًا طيبًا طاهرًا مباركًا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على رسوله خير البشر، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

وبعد: ففي المؤتمر السابع للمجمع الموقر بحث موضوع الأسواق المالية، وبين المجمع في قراره رقم 64 / 1 / 7 ما يجوز شرعًا مما يجري العمل به في هذه الأسواق، وما لا يجوز، وظهر أن كثيرًا من المعاملات غير جائزة شرعًا، وهذه نتيجة طبيعية لأسواق نشأت في ظل نظام اقتصادي بعيد عن الإسلام.

ص: 964

وفي قرار المجمع ورد ما يأتي:

"البديل الشرعي للمعاملات المحرمة في السلع والعملات:

ينبغي تنظيم سوق إسلامية للسلع والعملات على أساس المعاملات الشرعية وبخاصة في بيع السلم والصرف والوعد بالبيع في وقت آجل والاستصناع وغيرها. ويرى المجمع ضرورة القيام بدراسة وافية لشروط هذه البدائل، وطرائق تطبيقها في سوق إسلامية منظمة" ا. هـ.

وعند تحديد موضوعات الدورة الثامنة كان مناسبًا جدًّا أن يأتي موضوع: " تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية"

والمراد من الموضوع هو "المنهج التطبيقي للاستفادة من العقود الخاصة كالسلم والاستصناع ونحوها، ومن الوعد بالبيع والصرف، في إقامة السوق الإسلامية للسلع والعملات، مع الاحترام لطريقة التعامل الشرعي والالتزام بها".

وفي هذا البحث الوجيز بينت المنهج التطبيقي للاستفادة من السلم، والسلم الموازي، والحوالة، والبيع الآجل، والاستصناع، والاستصناع المتوازي، والوعد والمواعدة، والبديل الشرعي للمواعدة في الصرف.

ولم أناقش من القضايا ما قرره المجمع من قبل، كعدم جواز بيع دين السلم قبل قبضه، وخضوع النقود الورقية لأحكام الصرف، وحكم الاستصناع، كما لم أجد حاجة للحديث عن الشروط المعلومة للعقود، وإنما تناول البحث بعض المسائل الخلافية.

ونسأل الله جلت قدرته أن يجنبنا الزلل في القول والعمل، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله.

ص: 965

المبحث الأول

السلم

السلم بشروطه المعروفة يمكن أن يستفاد منه في إقامة السوق الإسلامية، حيث يستفيد المشتري من رخص الثمن في استثمار فائض المال. وعند حلول الأجل وتسلم المبيع بأية صورة من صور القبض التي أقرها المجمع يستطيع المشتري أن يبيع بيعًا حالا إن كان في حاجة إلى الثمن في الحال، وإن لم يكن في حاجة إليه يمكن أن يبيع بيعًا آجلًا بثمن يربو على الثمن الحال كما هو معلوم، وبذلك يكون استثمر المال مرتين، ثم يستمر في استثماره بعد ذلك بالطريقة التي تناسبه.

ومن اشترى سلمًا، أو باع بيعًا آجلًا، واحتاج إلى المال قبل الأجل، يستطيع في المنهج غير الإسلامي أن يقترض بالربا المحرم، أو أن يبيع دين السلم ويحيل المشتري على البائع الأول، فما الحلول المقترحة في المنهج الإسلامي؟

السلم الموازي والحوالة:

من اشترى سلمًا وكان الأجل بعد عام مثلًا، وبعد ثلاثة أشهر احتاج إلى الثمن، فإنه يستطيع أن يبيع سلمًا مثل الدين الموصوف في الذمة ويكون الأجل بعد تسعة أشهر. ويلاحظ هنا أن علاقته بالمشتري منفصلة تمامًا عن علاقته بالبائع، فالعقدان منفصلان، فعليه أن يتسلم المبيع في الموعد، ثم يسلمه للمشتري. وقد يبيع مقدارًا أكثر أو أقل مما اشتراه سلمًا تبعًا لحالته الخاصة ما دام العقدان منفصلين.

ص: 966

وإذا كان الدينان متساويين في القدر والصفة والأجل أيمكن أن يستفاد من عقد الحوالة؟ وتصبح العلاقة بين البائع الأول المدين، والمشتري الثاني الدائن، ويكون المحيل هو المشتري أولًا، فهو دائن، وهو البائع ثانيًا، فهو مدين، فهو إذن دائن للبائع الأول المحال عليه، وفي الوقت نفسه مدين للمشتري الثاني المحال، فمع تحقق شرط تساوي الدينين لصحة الحوالة أيمكن الاستفادة من عقد الحوالة؟

تحدث ابن قدامة عن شروط صحة الحوالة فقال:

"الشرط الثاني: أن تكون على دين مستقر، ولا يعتبر أن يحيل بدين مستقر، إلا أن السلم لا تصح الحوالة به ولا عليه؛ لأن دين السلم ليس بمستقر لكونه بعرض الفسخ لانقطاع المسلم فيه، ولا تصح الحوالة به، لأنها لم تصح إلا فيما يجوز أخذ العوض عنه، والسلم لا يجوز أخذ العوض عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره"(1)

من هذا نرى أن ابن قدامة يوضح عدم جواز الحوالة على دين السلم، لأنه يتعرض للفسخ، فهو غير مستقر، ومع جواز الحوالة بالدين غير المستقر، إلا أن السلم لا تصح الحوالة به، واستدل بالخبر، ولم يشر لأي خلاف.

وقال الكاساني في شروط الحوالة:

"أن يكون لازمًا، فلا تصح الحوالة بدين غير لازم.. والأصل أن كل دين لا تصح الكفالة به لا تصح الحوالة به"(2)

وقال في السلم:

"لا يجوز استبدال المسلم فيه قبل قبضه"، ثم قال:"وتجوز الحوالة بالمسلم فيه لوجود ركن الحوالة مع شرائطه، وكذلك الكفالة به. ثم قال أيضًا: "ويجوز الرهن بالمسلم فيه" (3)

(1) المغني: 5 / 55، وانظر معه الشرح الكبير: 5 / 56

(2)

بدائع الصنائع: 6 / 16

(3)

المرجع السابق: 5 / 214، وفي فتح القدير: 6 / 230: "لا يجوز التصرف في المسلم فيه قبل القبض"

ص: 967

وقال النووي:

"المسلم فيه لا يجوز الاستبدال عنه، ولا بيعه.

وهل تجوز الحوالة به، بأن يحيل المسلم إليه المسلم بحقه على من له عليه دين قرض أو إتلاف، أو الحوالة عليه، بأن يحيل المسلم من له دين قرض أو إتلاف على المسلم إليه؟

فيه ثلاثة أوجه، أصحها: لا. والثاني: نعم. والثالث: لا تجوز عليه وتجوز به" (1)

وقال النووي بعد ذلك في الحوالة:

"قد اشتهر في كتب الأصحاب اشتراط استقرار ما يحال به وعليه"(2)

ثم قال:

"أطلق الإمام الرافعي أن الدين اللازم تصح الحوالة به وعليه، واقتدى في ذلك بالغزالي، وليس كذلك، فإن دين السلم لازم، ولا تصح الحوالة به ولا عليه على الصحيح، وبه قطع الأكثرون، وحكي وجه في (الحاوي) و (التتمة) وغيرهما: أنه يجوز بناء على أنها استيفاء، وسبقت هذه المسألة باب حكم البيع قبل القبض. فكان ينبغي أن يقول: الدين المستقر ليخرج هذا (3)

وفي المدونة (4 / 34ـ35) تقرأ ما يلي:

"قلت: فإن كنت أسلفت في شعير فلما حل الأجل أخذت سمراء أو محمولة؟ قال: لا بأس بذلك، وهو قول مالك. قلت: ولا ترى هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى؟ قال: لا، إذا حل الأجل فأخذت بعض هذا من بعض مثل الذي ذكرت لي، وأخذت مثل كيله، فإنما هذا بدل وليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى. قال: ولا خير في هذا قبل الأجل عند مالك.

(1) روضة الطالبين: 3 / 512

(2)

المرجع السابق: 4 / 230.

(3)

المرجع السابق: 4 / 231

ص: 968

قلت: وكذلك إن سلف في حنطة فلما حل الأجل أخذ شعيرًا؟ قال: نعم، لا بأس به. وكل هذا إنما يجوز بعد محل الأجل أن يبيعه من صاحبه الذي عليه السلف، ولا يجوز أن يبيعه من غير صاحبه الذي عليه السلم بنوعه ولا بشيء من الأشياء، ولا بمثل كيله ولا صفته حتى يقبضه من الذي عليه السلف، لأنه إن باعه من غير الذي عليه ذلك بمثل كيله وصفته صار ذلك حوالة، والحوالة عند مالك بيع من البيوع، فلذلك لا يجوز أن يحتال بمثل ذلك الطعام الذي سلف فيه على غير الذي عليه السلف لأنه يصير دينًا بدين، وبيع الطعام قبل أن يستوفى " ا. هـ

ثم جاء بعد ذلك في المدونة الكبرى أيضًا (ص88 من الجزء نفسه) الحديث عن السلم في غير الطعام، وهو:

"وما سلفت فيه من العروض إلى أجل من الآجال فأردت أن تبيعه من صاحبه فلا بأس أن تبيعه منه بمثل الثمن الذي دفعته إليه أو أدنى منه قبل محل الأجل، لأنه لا يتهم في أن يدفع عشرة دنانير ويأخذ ثمانية، حل الأجل فيه أو لم يحل. ولا يصلح أن تبيعه من الذي عليه السلف بأكثر مما أعطاه فيه، حل في ذلك الأجل أو لم يحل.

ص: 969

وإن أردت أن تبيعه من غير صاحبه فلا بأس أن تبيعه منه بما شئت، بمثل الثمن أو أكثر أو أقل، أو ذهب أو ورق أو عرض من العروض، أو طعام إلا أن يكون من صنفه بعينه فلا خير فيه.

ولا بأس أن تبيعه ـ وإن لم يحل الأجل ـ بما يجوز، ذلك أن تسلف الذي لك عليه، فيه، إن كان الذي لك عليه ثيابًا فزقبية فلا بأس أن تبيعها قبل محل الأجل بثياب قطن مروية أو هروية، أو خيل أو غنم أو بغال أو حمير، أو بقر أو إبل، أو لحم أو طعام تقبضه مكانك ولا تؤخره، وإن أردت أن تأخذ منه ثيابًا فزقبية قبل محل الأجل فلا تأخذ منه أكثر من عددها. وإن كانت هذه التي تأخذ أفضل من رقاعها، واختلف العدد أو اتفق، فلا خير فيه، ولا خير في أن تأخذ منها قبل محل الأجل، إلا بمثل صفتها في جودتها، وإن حل الأجل فخذ منها أرفع من صفتها أو أكثر عددًا، أو أقل من عددها، أو خيرًا من صفتها، أو أكثر عددًا، أو أشر من صفتها، فلا بأس به إذا حل الأجل على حال من الحالات" ا. هـ

وقال ابن رشد (الحفيد) :

"للحوالة عند مالك ثلاثة شروط:

أحدها: أن يكون دين المحال حالًّا؛ لأنه أن لم يكن حالًّا كان دينًا بدين" (1)

وقال الشوكاني:

وأما قوله: "واستقرار الدين على المحال عليه" إلخ، فلا أدري لهذا الاشتراط وجهًا؛ لأن من عليه الدين إذا أحال على رجل يمتثل حوالته، ويسلم ما أحال به، كان ذلك هو المطلوب؛ لأن به يحصل المطلوب بدين المحال، ولو لم يكن في ذمة المحال عليه شيء من الدين (2)

وقال في السلم:

قوله: "ومتى بطل بفسخ أو عدم جنس لم يؤخذ إلا رأس المال "

أقول: هذا صحيح؛ لأن المسلم إليه معذور بالفسخ أو عدم الوجود، فلا يطالب بغير رد رأس المال" (3)

(1) انظر بداية المجتهد مع الهداية، في تخريج أحاديث البداية: 8 / 115.

(2)

السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: 4 / 242

(3)

المرجع السابق: 3 / 160

ص: 970

مما سبق نرى الخلاف حول الحوالة بدين السلم، والحوالة عليه.

الذين منعوا الحوالة بدين السلم فريقان:

أحدهما: من قال: إن الحوالة بيع.. والحوالة عند الجمهور ليست بيعًا، ولا حرج من الأخذ برأي الجمهور.

والفريق الثاني: حجته في المنع حديث "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره"

والحديث رواه أبو داود في باب السلف يحول، وفي سنده عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري، وعطية ضعيف لا يحتج به. ورواه ابن ماجه في كتاب التجارات: باب: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره، وهو بإسنادين فيهما عطية أيضًا (1)

إذن يمكن الأخذ برأي من ذهب إلى جواز الحوالة بدين السلم.

أما الحوالة على دين السلم فهي مشكلة حقًّا..

فإذا أخذنا برأي المجيزين فلعل من الواجب مراعاة ما يأتي:

1 ـ رضا المحال عليه لأن الدين غير مستقر، وإذ فسخ العقد فلا يلزمه إلا الثمن الذي أخذه دون أدنى زيادة، ولا يطالب بثمن المبيع بقيمته عند حلول الأجل، فقد يؤدي إلى الربا.

2 ـ عدم براءة المحيل حتى تنقضي الحوالة، لأنه إذا باع سلمًا بثمن أكبر مما دفعه في الشراء، وفسخ العقد، لا يستحق إلا الثمن الذي دفعه، ويجب عليه رد الثمن الذي أخذه.

ويمكن في هذه الحالة الأخذ برأي من أجاز الاعتياض عن دين السلم، فهذا يساعد على حل المشكلة دون الوقوع في محظور شرعي إذا نظرنا إلى الثمن، وعدم جواز أخذ زيادة عليه.

إذن يمكن أن تكون الحوالة مع السلم الموازي منهجًا شرعيًّا عمليًّا يساعد في نجاح التطبيق في السوق الإسلامية.

ومما يجب أخذه في الاعتبار أن هذا لا ينطبق على أنواع المقامرة، أو ما يعرف في معاملات الأسواق العالمية باسم المضاربة.

(1) انظر ترجمة عطية في تهذيب التهذيب، وميزان الاعتدال، والمغني في الضعفاء، وانظر ترجمته بالتفصيل، وروايته عن أبي سعيد، في كتابي (عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية) ص125 ـ 126، وراجع بيان الشيخ الألباني لضعف الحديث في إرواء الغليل 5 / 215ـ216، وتضعيف ابن القيم وغيره لهذا الحديث في عون المعبود: 9 / 353 وما بعدها، وراجع أيضًا نصب الراية: 4 / 51.

ص: 971

ولذلك قبل أن نشتري سلمًا لابد من التأكد من أن البائع ليس مضاربًا، أي مقامرًا، وإنما ممن يتوقع وجود السلعة المبيعة في ملكه عند حلول الأجل، وهذا ينطبق عليه ما ذكره الفقهاء في شروط السلم من أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله، فالبائع إذن يريد البيع فعلًا وليس المقامرة.

ونلاحظ في المعاملات المعاصرة أن النقود التي يراد بها المضاربة في البرص الآجلة قد لا يبلغ فيها التسليم والتسلم 1 % كما ظهر من الإحصائيات عند مناقشة هذا الموضوع من قبل في دورات للمجمع وندوات سابقة. فهؤلاء المقامرون لا حل لهم في المنهج الإسلامي قبل التوبة، وترك هذا النوع من القمار.

كما نلاحظ أيضًا أن العقود التي تجمع بين متعاقدين يريدون البيع والشراء فعلًا، هذه العقود تنتهي عادةً بالتسليم والتسلم، وقلما تتعرض للفسخ إلا لظروف طارئة، ومثل هذه العقود متى كانت سلمًا بشروطه الشرعية، واحتاج المشتري إلى الثمن، أو التصرف في المبيع قبل الأجل، يمكن الاستعانة بالسلم الموازي، ثم الحوالة.

صكوك السلم:

اقترح أحد الإخوة الباحثين إحداث ورقة مالية تمثل دين السلم، بحيث تكون صكا قابلا للتداول.

والاقتراح يقوم على أساس بيع دين السلم قبل قبضه وقبل حلول أجله، بل جواز تعدد هذا البيع.

وقد ناقشت الباحث من قبل، وبينت له خطأه. ولكن لم نعد في حاجة إلى إعادة المناقشة بعد صدور قرار المجمع رقم 64 / 1 / 7 في دورته السابعة، حيث جاء في القرار ما نصه:"لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلمًا قبل قبضها".

ص: 972

المبحث الثاني

البيع الآجل

البيع الآجل بضوابطه الشرعية له دور كبير في السوق الإسلامية، حيث يستفيد البائع من زيادة الثمن، فيكون وسيلة مشروعة لاستثمار المال بديلًا للقرض الربوي.

وإذا احتاج البائع إلى الثمن قبل حلول الأجل فقد يجد المخرج في بيع السلم، ولكن إذا توقع من البداية عندما يدرس ظروف استثمار المال أنه سيحتاج إلى الثمن ـ كله أو بعضه ـ قبل حلول الأجل فإن الأفضل في هذه الحالة ألا يلجأ إلى البيع الآجل، أو على الأقل لا يستثمر إلا جزءًا قليلًا، ولعل الأفضل في هذه الحالة الاستثمار في صكوك المقارضة، حيث يستفيد من أرباحها ويبيعها متى أراد.

وأحب أن أذكر هنا طريقة عملية تعتمد على البيع الآجل اقترحتها على المصرف الإسلامي لتكون بديلًا للصرف غير الجائز.

فالمصرف قد يكون في حاجة إلى عملة معينة بعد فترة زمنية، ويخشى المخاطر، فربما يرتفع سعر صرفها حينئذ، ولذلك يريدها بسعر اليوم. وعلى العكس من ذلك قد يكون من حقه عملة معينة بعد مدة، وهو لا يحتفظ بمثل هذه العملة وإنما يستبدلها بأخرى، ويخشى أيضًا مخاطر تغير سعر الصرف.

وفي كلتا الحالتين لا يستطيع أن يتعاقد على صرف آجل.

وللتوضيح أذكر المثال الآتي:

مصرف قطر الإسلامي يتعامل بالريال القطري أساسًا، فهو العملة المحلية وسعر الصرف الريال ثابت بالنسبة للدولار الأمريكي فقط. ولذلك فهو لا يحتفظ بمبالغ كبيرة إلا بهاتين العملتين.

ص: 973

وفي العمليات التي يقوم بها، وما يترتب عليها من ديون له أو عليه، أو على مشروعات تحتاج مستقبلًا إلى قدر من النقود، أو تأتي بعائد، إذا كان ما يأتيه مستقبلا، أو ما يلتزم به، سيكون بغير الريال والدولار، فماذا يفعل؟

فمثلًا المطلوب منه بعد ثلاثة أشهر خمسة ملايين مارك، أو سيوضع في حسابه بعد سنة مليون جنيه، ويريد شراء الماركات وبيع الجنيهات بسعر صرف اليوم مع الدولار.

في الحالة الأولى:

المصرف يستثمر جزءًا كبيرًا من الأموال في البيوع الآجلة، وهي في البيوع المحلية بالريال، وفي الخارجية بالدولار، وفي هذه الحالة يجعل بعض صفقات بيوعه الآجلة بالمارك في حدود خمسة ملايين، أو أقل أو أكثر بقليل، ويكون الأجل أقل من ثلاثة أشهر ولو بيوم واحد. وبذلك يتسلم الثمن قبيل موع التزامه، حيث يقوم بالتسليم بعد ذلك دون حاجة إلى شراء المارك.

في الحالة الثانية:

يقوم بشراء سلعة أو سلع لأجل أبعد من العام ولو بيوم واحد، ويكون الثمن مليون جنيه، أو أقل أو أكثر بقليل.

وعندما يوضع المليون في حسابه لا يحتاج إلى بيعه بالدولار، ويتعرض لمخاطر الصرف، حيث يكون محتاجًا إليه لدفع ثمن ما اشتراه من قبل بالأجل، وبذلك ينقل من حسابه لحساب البائع.

وما اشتراه في هذه الحالة يبيعه بالريال أو بالدولار دون ارتباط الأجل بالأجل السابق، وإنما تدخل هذه السلع في وعائه الاستثماري، فيبيع بيعًا حالًّا أو آجلًا، إلى أجل قريب أو بعيد، تبعًا لحالات الاستثمار وفرصه.

اعتراض:

عندما اطلع بعض السادة العلماء الأجلاء على هذا الاقتراح، رأوا أنه وإن كان مخرجًا شرعيًّا لكنه غير عملي، حيث إن التزامات المصرف لا يستطيع أن يخل بها، على حين نجد المتعاملين مع المصارف الإسلامية منهم المدين المماطل، ومنهم المعسر، وما أكثر الديون المتأخرة كما هو معلوم. فكيف نجعل التزامات أمثال هؤلاء في مقابل التزامات المصارف؟

ص: 974

وهذا الاعتراض في موضعه، والديون المذكورة منها ما هو غير مرجو الأداء، ولذلك لم نغفل عن هذا الملحظ، وكان لابد من مراعاته وإلا أصبح هذا البديل لا جدوى منه.

والاعتراض ينطبق على الحالة الأولى فقط دون الثانية.

ولتخطي هذه العقبة رأينا أن تقتصر الحالة الأولى على التجارة الدولية والتعامل مع الدول والشركات، ويكون لضمان الثمن الآجل كفالات مصرفية، وبذلك يستطيع المصرف أن يجعل التزاماته في مقابل التزامات مصارف أخرى.

الحوالة:

وفي كلتا الحالتين إذا أصبح المصرف دائنًا لجهة، ومدينًا لجهة أخرى، وتساوى الدينان، يمكنه الاستعانة بعقد الحوالة، وهذا يختلف عن دين السلم وما وجدناه فيه من اختلاف الفقهاء، فكل من الدينين دين مستقر، وتجوز الحوالة به وعليه عند الجمهور.

ص: 975

المبحث الثالث

الاستصناع

إذا كان الحنفية قد انفردوا بقولهم في الاستصناع أخذًا بالاستحسان خلافًا للمذاهب الثلاثة، فإنهم قد اتفقوا على أن الاستصناع عقد غير لازم قبل العمل لكل من المتعاقدين، وكذلك بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع، واختلفوا إذا أحضر الصانع العين على الصفة المشروطة، ولكنا وجدنا مجلة الأحكام العدلية تخرج على إجماع الحنفية أنفسهم، وتجعل الاستصناع عقدًا لازمًا من بداية الإيجاب والقبول قبل العمل (1)

ويبدو أن المجمع الموقر مال إلى ما ذهبت إليه المجلة حيث قرر في مؤتمره السابع ما يأتي:

"إن عقد الاستصناع ـ هو عقد وارد على العمل والعين في الذمة ـ ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط".

وقرر المجمع كذلك جواز تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.

(1) في بحث الاستصناع الذي قدمته للمؤتمر السابع للمجمع بينت أن ما ذهب إليه الحنفية يستند إلى الاستحسان فقط، والمجلة خالفت الإمام وصاحبيه، وما استقر عليه المذهب

ص: 976

وفي ضوء قرار المجمع يمكن أن يقوم الاستصناع بدور لا يستطيع القيام به البيع الآجل ولا السلم، ففي البيع الآجل يكون المبيع موجودًا حين العقد، وفي السلم يتم قبض الثمن كاملًا.

وأذكر على سبيل المثال أن مصرف قطر الإسلامي أراد شراء نوافذ وأبواب لمبناه الجديد، وأراد الشراء من شركة تقوم بمثل هذه الصناعات رأت الشركة أنها في حاجة إلى قدر كبير من الألومنيوم وهو غير موجود لديها، فرأينا أن يشتري المصرف المواد المطلوبة، ثم يدخل مع الشركة في عقد إجارة. لم نجد هذه المواد في السوق المحلي، وطلبت الشركة أن تقوم باستيرادها وتصنيعها بعد أن يتم عقد البيع للنوافذ والأبواب، تأخذ جزءا من الثمن. وجدنا أن هذا العقد غير جائز، فهو بيع لشيء غير موجود لدى البائع، وكما هو معلوم مشهور قول الرسول صلي الله عليه وسلم:((لا تبع ما ليس عندك))

(1)

وكان المخرج هنا هو عقد الاستصناع.

وفي حالة أخرى جاء إلى المصرف من يطلب أن يشتري بالأجل بعض المواد، ويريد مبلغا آخر يكون أجرا للعمال الذين سيقومون بالتصنيع والتركيب. فرأينا أن يشتري المصرف المواد لنفسه ويقوم أيضا بالتصنيع والتركيب عن طريق الإجارة مع عدد من العمال، وقبيل هذا كله يتم عقد استصناع بينه وبين طالب الشراء والقرض.

(1) حديث صحيح، رواه أحمد في مسنده، وأصحاب السنن الأربعة، وغيرهم، انظر إرواء الغليل:5 / 132

ص: 977

فعقد الاستصناع إذن يمكن أن يكون له دور كبير في السوق الإسلامية، وعلى الأخص في حالتين:

الأولى: السلع والمعادن غير الموجودة بالسوق إذا كانت تدخل في الصناعات.

ثانيا: السلع والمعادن المذكورة إذا كانت موجودة غير أن طالب الشراء لا يستطيع أن يدفع الثمن إلا مؤجلا، ولا يقدر في الحال على تكلفة التصنيع.

وإذا كان المتعامل في السوق من أصحاب المصانع فإن الحاجة إلى عقد الاستصناع تكون واضحة جليه بلا ريب.

الاستصناع المتوازي:

المستثمر غير الصانع، سواء أكان تاجرا أم شركة أم مصرفا إسلاميا، إذا طلب منه أحد المشترين شراء أي شيء مصنوع غير موجود عنده، ولا يستطيع أن يقوم بتصنيعه، فإنه يستطيع أن يقوم بالاستصناع المتوازي، فيعقد مع طالب الشراء عقد استصناع، يكون فيه الطالب هو المستصنع ويكون المستثمر هو الصانع، ويحدد في العقد جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، وموعد التسليم.

وبالشروط ذاتها يقوم المستثمر بعقد استصناع آخر مع أي صانع، والمستثمر عادة يدفع الثمن في الحال، ويدفع جزءا منه قبل البدء في العمل.

وفي عقد الاستصناع الآخر يقبل المستثمر من المستصنع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة، ومن هنا يأتي مجال الاستثمار، حيث يختلف الثمن في كل عقد عن الآخر، فيزيد المؤجل عن الحال.

ص: 978

المبحث الرابع

الوعد

عندما يريد أحد شراء شيء مما ليس عند البائع، أو يريد تاجر طلب سلع إلى السوق ويخشى كسادها، أو تكون أكثر من حاجة المتعاملين في السوق، عندئذ يمكن أن يأتي دور الوعد تجنبا للبيع المحظور.

فيقوم طالب الشراء بالبحث عمن يستطيع أن يحضر ما يريد، ويعده بأن يشتريه منه متى أحضره، وكذلك يقوم التاجر بالبحث عن المشترين الذين يرغبون في هذا النوع من السلع، ويأخذ من كل منهم وعدا بالشراء بعد أن يجلب هذه السلعة وفي ضوء هذه الوعود يحدد التاجر ما يجلبه.

فالوعد هنا ييسر على المشترين والبائعين، فتنشط حركة التجارة وتروج.

وحتى لا يكون الوعد لغوا لا أثر له، وحتى لا يكون أيضا كالبيع نفسه فنقع في مخالفة شرعية، وحتى لا يكون ما لا نريده في السوق الإسلامية، نطبق قرار المجمع الموقر في دورته الخامسة بشأن الوفاء بالوعد في المرابحة للآمر بالشراء، حيث نص القرار على ما يأتي:

ثانيا: الوعد (وهو الذي يصدر عن الآمر أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر وهو ملزم قضاء إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.

ص: 979

ثالثا: المواعدة (وهي التي تصدر عن الطرفين) تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلي الله عليه وسلم (عن بيع الإنسان ما ليس عنده) انتهى المطلوب نقله.

المواعدة في الصرف

الصرف: وهو بيع الأثمان بعضها ببعض، له أحكامه المعروفة، وتنطبق شروط صحته على بيع العملات بعضها ببعض، وهذا أمر قد استقر بحمد الله تعالى، وصدرت فيه قرارات المجامع الفقهية والمؤتمرات المتعددة التي شارك فيها عدد كبير من فقهاء العصر ورجال الاقتصاد. (1)

ووجود القبض في المجلس لا خلاف حوله، ولكن يجب أن نتذكر صور القبض في عصرنا كما أقرها المجمع الموقر في دوراته السابقة.

وإذا جاز الوعد في البيع بصفة عامة، أفيجوز المواعدة في الصرف بصفة خاصة؟ انتهى بعض الباحثين إلى جواز هذه المواعدة بشرط أن يكون الوعد غير ملزم أخذا برأي أهل الظاهر خلافا للجمهور.

ورأى آخرون جواز المواعدة دون اشترط عدم الإلزام، واحتجوا بقول نسبوه للإمام الشافعي رضي الله عنه أورده في الأم، وبرأي أهل الظاهر.

(1) منذ أكثر من عشر سنوات رأى أحد العلماء أن الصرف لا ينطبق على العملات ودار بيني وبينه حوار في مجلة الوعي الإسلامي، انتهى بتأليفي كتابا عن النقود واستبدال العملات.

ص: 980

ولعل الفريقين معا جانبهما التوفيق والصواب، وإن كان الأول أقل خطأ من الآخر، غير أن مثل هذا الوعد لا وزن له في معاملات العصر وعلى الأخص في التغير الكبير الذي يطرأ من وقت لآخر على أسعار الصرف، مما قد يترتب عليه خسارة مبالغ طائلة هائلة. وننظر في أدلة الثاني، حيث تتضمن دليل الفريق الأول وزيادة. هل خالف الإمام الشافعي جمهور الأئمة؟

نسب هذا الفريق للإمام الشافعي أنه قال في الأم: " إذا تواعد الرجلان في الصرف فلا بأس أن يشتري الفضة ثم يقر أنها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا"

وهذه العبارة فيها حذف وتحريف، وتحتاج إلى تكملة ليتضح المعنى:

أما الحذف فهو فاعل يشتري، وهو كلمة الرجلان " أن يشتري الرجلان الفضة" فالشراء ليس من أحدهما، بل اشترك فيه الاثنان معا.

وأما التحريف ففي كلمة " يقر أنها" أي يعترف بها، والصواب " يقرانها" بألف الاثنين، أي أن الرجلين يودعان الفضة عند أحدهما. (1)

ما جاء في كتاب الأم: ذكرته مع تكملة له في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي (سنة 1403هـ –1983 م) لأبين للسادة المشاركين أن كلام الإمام الشافعي ينصرف إلى معنى آخر غير المواعدة في الصرف.

(1) تقول: أقر بالحق، وأقر الشيء في المكان: راجع المعنى في معاجم اللغة: لسان العرب والمعجم الوسيط، ومختار الصحاح، وغيرها.

ص: 981

وما نقلته من كتاب الأم هو ما يأتي:

قال الشافعي: " إذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا. قال الشافعي: ولو اشترى أحدهما الفضة ثم أشرك فيها رجلا آخر وقبضها المشترك ثم أودعها إياه بعد القبض فلا بأس. وإن قال: أشركك على أنها في يدي حتى يبيعها لم يجز"(1) " انتهى المطلوب.

ويتضح مما سبق أن الإمام الشافعي يتحدث عن موضوع القبض إذا اتفق اثنان على الاشتراك في الصرف، فاشترى الشريكان معا الفضة، ثم وضعاها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا، فهذا جائز. ويجوز أيضا أن يشتريها أحدهما، ثم يشرك فيها رجلا آخر، ويتم قبض المشترك، وبعد القبض يودعها إياه. أما إذا أشرك الآخر وأبقاها في يده حتى يتم بيع الفضة دون أن يقبضها المشترك فإن هذا لا يجوز.

فحديث الإمام إذن عن قبض الشريكين، وهما طرف واحد في عقد الصرف وليسا طرفين.

فكلمة " تواعد الرجلان الصرف " تعني أنهما تواعدا على الاشتراك في الشراء، ولذلك قال بعد هذا:"فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة....".

والخلاف الذي نراه في القاعدة على الصرف بين الأئمة الأربعة هو إذا اتفق المتواعدن على الصرف، ولم تكن النقود حاضرة، ثم أحضر النقود وهما في مجلس العقد لم ينصرفا، وتم التقابض في المجلس نفسه قبل أن يتفرقا.

فالإمام مالك لا يجيز هذه المواعدة خلافا للائمة الثلاثة.

أما إذا تفرق المتواعدان من غير قبض كل من العوضين فالعقد باطل عند الأربعة جميعهم.

جاء في حاشية الدردير (2 / 16 مع بلغة السالك) :

"ويفسد الصرف (أو غاب نقداهما) معًا عن مجلس العقد ولو لم يطل، لأنه مظنة الطول. ومعناه – كما قال في المدونة – أن تعقد الصرف مع غيرك وليس معكما شيء، ثم تقترض الدينار من رجل بجانبك وهو يقترض الدرهم من رجل بجانبه، ودفعت له الدينار ودفع لك الدرهم، فلا خير فيه، ولو لم يحصل طول.

(1) الكتاب المذكور: 3 / 27

ص: 982

ولو كانت الدراهم معه واقترضت أنت الدينار، فإن كان أمرا قريبا كحل الصرة، ولم تقم ولم تبحث له، فذلك جائز. ومعنى لا خير فيه: أنه حرام ".

وقال ابن رشد (الجد) في المقدمات: (ص 507) :

"لا يجوز في الصرف مواعدة "

وقال ابن قدامة في المغني: (4 / 169- 171)

"

اصطرفا في الذمة، نحو أن يقول: بعتك دينار مصريا بعشرة دراهم، فيقول الآخر: قبلت، فيصح البيع سواء كانت الدراهم والدنانير عندهما أو لم يكونا إذا تقابضا قبل الافتراق، بأن يستقرضا أو غير ذلك.

وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وحكي عن مالك: لا يجوز الصرف إلا أن تكون العينان حاضرتين، وعنه: لا يجوز حتى تظهر إحدى العينين وتعين، وعن زفر مثله؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال:((لا تبيعوا غائبا منها بناجز....)) .

ورد ابن قدامة بقوله: "ولنا أنهما تقابضا في المجلس فصح كما لو كانا حاضرين

"

ثم قال: " إذا ثبت هذا فلا بد من تعيينهما بالتقابض في المجلس ".

وقال أيضا: " فإن تفرقا من غير قبض بطل العقد "

وفي كتاب المجموع شرح المهذب جاء بيان الخلاف بين الإمام مالك والجمهور، وهو كما جاء في المغني، وجاء ذكر رأي الشافعية (

ثم يعينان ويتقابضان قبل التفرق. إن لم يكن معهما فاستقرضا وتقابضا جاز (1) .

مما سبق نرى أن الإمام الشافعي مع الجمهور، خلافا لمالك في جواز المواعدة على الصرف بشرط أن يتم التقابض في المجلس قبل الافتراق، أما إذا كانت المواعدة بغير تقابض في المجلس فقد أجمع الأئمة على المنع وعدم الجواز.

وخالف ابن حزم الأئمة الأربعة حيث قال في المحلى:

" التواعد في بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة، وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض، جائز تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعا، وكذلك المساومة أيضا جائزة - تبايعا أو لم يتبايعا – لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك، وكل ما حرم علينا فقد فصل باسمه"(2)

(1) المجموع شرح المهذب: 10 / 87

(2)

المحلى لابن حزم: 9 / 583.

ص: 983

وهذه المخالفة مبنية على رأيه في الوعد والعقود ففي آخر النذور من المحلى عقد مبحثا عنوانه " الوعد " وقال: " ومن وعد آخر بأن يعطيه مالا معينا أو غير معين أو بأن يعينه في عمل ما، حلف له على ذلك أو لم يحلف – لم يلزمه الوفاء به، ويكره له ذلك، وكان الأفضل لو وفى به. وسواء أدخله بذلك في نفقة أو لم يدخله..إلخ "(1)

وفي كتاب الجعل من المحلى قال:

" لا يجوز الحكم بالجعل على أحد، فمن قال لآخر: أن جئتني بعبدي الآبق فلك علي دينار، أو قال: إن فعلت كذا وكذا فلك علي درهم، أو ما أشبه هذا فجاءه بذلك – أو هتف وأشهد على نفسه: من جاءني بكذا فله كذا فجاءه به، لم يقض عليه بشيء ويستحب لو وفى بوعده"(2)

ورد على القائلين بوجوب الجعل، وقال:

" العقود التي أمر الله تعالى بالوفاء بها إنما هي العقود المنصوص عليها بأسمائها وأن كل ما عداها فحرام عقده" انتهى المطلوب.

ومن المعروف أن المواعدة في الصرف في عصرنا تأخذ حكم العقد اللازم، ولا يستطيع أحد المتعاقدين أن يقوم بعدم اللزوم، وأن يجعل لنفسه الحق في عدم إتمام ما اتفق عليه، وهذا يعني أن عقود الوعد في الصرف تعتبر حراما عند ابن حزم نفسه لأنها ليست من العقود المنصوص عليها بأسمائها والنتيجة هي أن الأئمة جميعا يمنعون هذا النوع من التعامل.

البديل الشرعي للمواعدة في الصرف:

بحثت عن هذا البديل لمصرف قطر الإسلامي، حيث لم يجز له المواعدة في الصرف سواء أكان الوعد ملزما أم غير ملزم. والبديل الشرعي هو ما بينته من قبل عند الحديث عن البيع الآجل.

(1) المرجع السابق:8 / 377.

(2)

المحلى لابن حزم:9 / 40

ص: 984

الخاتمة

مما سبق ننتهي إلى ما يأتي:

أولا: يمكن الاستفادة من السلم في إقامة السوق الإسلامية، وحيث لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلما قبل قبضها كما قرر المجمع، فإن المخرج الشرعي نجده في السلم الموازي ثم الحوالة، وهذا يساعد في نجاح التطبيق في السوق الإسلامية.

ثانيا: البيع الآجل له دور كبير في السوق الإسلامية، وما يجوز منه يمكن أن يوجد مخرجا للصرف غير الجائز، والمواعدة في الصرف.

ثالثا: الاستصناع كما أقره المجمع يقوم في بعض الحالات بدور لا يستطيع القيام به البيع الآجل والسلم، أما الاستصناع المتوازي فقد يكون ضروريا لابد منه.

رابعا: الوعد بشراء السلع آجلا ييسر على المشترين والبائعين، وينشط حركة التجارة ويضبط بقرار المجمع بشأن الوفاء بالوعد في المرابحة للآمر بالشراء.

أما المواعدة في الصرف فإنها غير جائزة، والمخرج أشرت إليه.

هذا ما انتهيت إليه وهناك عقود أخرى ستجد لها مكانا في السوق الإسلامية، كالوكالة والإجارة والجعالة والمشاركة، ولكل منها شروطه وضوابطه الشرعية.

وقد رأيت الاكتفاء بالحديث عما سبق.

ونسأل الله تعالى أن تظهر هذه السوق الإسلامية التي تحكم شرع الله تعالى فيظهر العدل ويمنع التغابن وتختفي العقود المحرمة، ويومئذ يفرح المؤمنون، والحمد لله تعالى في الأولى والآخرة.

" سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين".

ص: 985

ملخص البحث

يبدأ البحث – بعد التقديم – ببيان المنهج التطبيقي للاستفادة من السلم في إقامة السوق الإسلامية. وحيث لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلما قبل قبضها؛ فقد بين البحث المخرج الشرعي، وهو السلم الموازي والحوالة وناقش الاعتياض عن دين السلم، والحوالة به، والحوالة عليه.

وأشار إلى صكوك السلم، والأساس الخاطئ الذي بنيت عليه.

وبعد هذا الحديث عن البيع الآجل، مع الإشارة إلى صكوك المقايضة، وبيان طريقة عملية تعتمد على البيع الآجل لتكون بديلا للصرف غير الجائز. ثم بين أهمية الاستصناع، وأنه - كما أقره المجمع - يقوم في بعض الحالات بدور لا يستطيع القيام به البيع الآجل والسلم. وتحدث عن الاستصناع المتوازي بين أنه قد يكون ضروريا لابد منه.

وجاء آخر موضوعات البحث عن الوعد، وبيان أنه ييسر على المشترين والبائعين وينشط حركة التجارة، مع ضبطه بقرار المجمع بشأن الوفاء بالوعد في المرابحة للآمر بالشراء.

كما ناقش المواعدة في الصرف وبين عدم جوازها، وأشار إلى البديل الشرعي وهنا جاءت خاتمة البحث.

الدكتور علي السالوس

ص: 986

المراجع

بعد كتاب الله تعالى

1-

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل:

محمد ناصر الدين الألباني – المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية.

2-

الاستصناع:

د- علي أحمد السالوس- بحث قدم لمجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي الدورة السابعة.

3-

الأم للإمام الشافعي – مكتبة الشعب بالقاهرة.

4-

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:

علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني – دار الكتب العلمية بلبنان، الطبعة الثانية.

5-

بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك.

أحمد بن محمد الصاوي – ومعه حاشية أحمد بن محمد الدردير.

ط. مصطفى البابي الحلبي بمصر 1372هـ.

6-

تهذيب التهذيب لابن حجر.

7-

روضة الطالبين للإمام النووي – المكتب الإسلامي.

ص: 987

8-

سنن ابن ماجه:

9-

السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار.

محمد بن علي الشوكاني – دار الكتب العلمية ببيروت.

10 -

الشرح الكبير:

شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة المقدسي.

دار الكتاب العربي ببيروت سنة 1392 هـ

11-

عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية:

د: علي أحمد السالوس- دار الاعتصام بالقاهرة، الطبعة الأولى.

12-

عون المعبود شرح سنن أبي داود:

أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي.

مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية - المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة الثانية

13-

فتح القدير:

كمال الدين محمد بن عبد الواحد: ابن الهمام

ومعه الهداية وشروحها: العناية، والكفاية- دار إحياء التراث العربي ببيروت.

ص: 988

14-

كتاب المجموع شرح المهذب للشيرازي:

محمد بخيت المطيعي – المكتبة العالمية بالقاهرة.

15-

لسان العرب لابن منظور.

16-

المحلى:

أبو محمد علي بن أحمد بن حزم

مكتبة الجمهورية العربية بالقاهرة – 1387هـ.

17-

مختار الصحاح للرازي.

18-

المدونة الكبرى للإمام مالك – دار صادر، بيروت.

19-

المعجم الوسيط:

مجمع اللغة العربية بالقاهرة

20-

المقدمات الممهدات:

ابن رشد (الجد) : أبو الوليد محمد بن أحمد

دار صادر، بيروت.

ص: 989

21-

المغني:

موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة

دار الكتاب العربي ببيروت سنة 1392 هـ.

22-

المغني في الضعفاء للذهبي.

23-

ميزان الاعتدال للذهبي.

24-

نصب الراية لأحاديث الهداية.

جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي – المكتب الإسلامي.

25-

النقود واستبدال العملات:

د. علي أحمد السالوس

دار الاعتصام، الطبعة الثانية.

26-

الهداية في تخريج أحاديث البداية:

أبو الفيض أحمد بن محمد الغماري

ومعه: بداية المجتهد لابن رشد (الحفيد) – عالم الكتب، بيروت، طبعة أولى.

ص: 990

المناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم

السوق الإسلامية

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في هذه الجلسة الصباحية المباركة- إن شاء الله تعالى – يناقش موضوع التطبيقات الشرعية لإقامة السوق الإسلامية المشتركة. العارض هو فضيلة الشيخ علي السالوس، والمقرر هو الشيخ علي القره داغي، تفضل فضيلة الشيخ علي السالوس!

الشيخ علي السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، ونسأله عز وجل أن يجنبنا الزلل في القول والعمل ونصلي ونسلم على رسوله خير البشر وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

التطبيقات الشرعية لإقامة سوق إسلامية، الموضوع كما حدده المجمع المراد منه هو المنهج التطبيقي للاستفادة من العقود الخاصة كالسلم والاستصناع ونحوها، ومن الوعد بالبيع والصرف في إقامة السوق الإسلامية للسلع والعملات مع الاحترام لطريقة التعامل الشرعي والالتزام بها.

وكتب في هذا المبحث باحثان: فضيلة الأخ الأستاذ الدكتور علي القره داغي وبحثي، ولذلك لعل المهمة تكون سهلة يسيرة إن شاء الله.

في المبحث الأول بدأت بالسلم، والسلم بشروطه المعروفة يمكن أن يستفاد منه في إقامة السوق الإسلامية حيث يستفيد المشتري من رخص الثمن في استثمار فائض المال، وعند حلول الأجل يتسلم المبيع بأية صورة من صور القبض التي أقرها المجمع الموقر، يستطيع المشتري أن يبيع بيعا حالا إن كان في حاجة إلى الثمن في الحال وإن لم يكن في حاجة إلى الثمن يمكن أن يبيع بيعا آجلا بثمن يربو على الثمن الحال كما هو معلوم وبذلك يكون استثمر المال مرتين، ثم يستمر في استثماره بعد ذلك بالطريقة التي تناسبه، ومن اشترى سلما أو باع بيعا أجلا واحتاج إلى المال قبل الأجل يستطيع في المنهج غير الإسلامي أن يقترض بالربا المحرم أو أن يبيع دين السلم ويحيل المشتري على البائع الأول.

ص: 991

في الحلول المقترحة في المنهج الإسلامي. بيع دين السلم، المجمع اتخذ فيه قرارا من قبل، كذلك مجمع الرابطة، لذلك لم أبحثه ولم أتعرض له، بل ذكرت القرار.

فضيلة الأخ الدكتور القره داغي بحث الموضوع وانتهى إلى جواز بيع دين السلم خلافا لما انتهى إليه المجمعان.

ولأن بيع دين السلم غير جائز بحسب قرار المجمع، بحثت عن الحلول الأخرى، وكذلك فضيلة الدكتور بحث أيضا مع قوله بجواز بيع دين السلم عن حلول أخرى، وهي السلم الموازي والحوالة، واتفقنا في هذا بالنسبة للسلم الموازي، من اشترى سلما وكان الأجل بعد عام مثلا، وبعد ثلاثة أشهر احتاج إلى الثمن، فإنه يستطيع أن يبيع سلما مثل الدين الموصوف في الذمة، ويكون الأجل بعد تسعة أشهر، ويلاحظ هنا أن علاقته بالمشتري منفصلة تماما عن علاقته بالبائع، فالعقدان منفصلان، فعليه أن يتسلم المبيع في الموعد ثم يسلمه للمشتري، وقد يبيع مقدارا أكثر أو أقل مما اشتراه سلما تبعا لحالته الخاصة ما دام العقدان منفصلين، وإذا كان الدينان متساويين في القدر والصفة والأجل أيمكن أن يستفاد من عقد الحوالة؟ وتصبح العلاقة بين البائع الأول المدين والمشتري الثاني الدائن، ويكون المحيل هو المشتري أولا فهو دائن وهو البائع ثانيا فهو مدين فهو إذن دائن للبائع الأول المحال عليه وفي الوقت نفسه مدين للمشتري الثاني المحال، فمع تحقق شرط تساوي الدينين لصحة الحوالة أيمكن الاستفادة من عقد الحوالة؟ بحثنا هذا الموضوع وذكرت من النقول ما يبين أن الحوالة بدين السلم جائزة عند الجمهور، وناقشت الذين لم يجيزوا، وناقشت فضيلة الدكتور علي أيضا، وانتهينا إلى جواز الحوالة بدين السلم أما الحوالة على دين السلم فهذا ما رأينا أنه خلاف ما عليه الجمهور، فهو رأي عند الشافعية وذهب إليه الشوكاني.

ص: 992

فضيلة الدكتور علي القره داغي ذكر أيضا أن الحنفية أجازوا الحوالة على دين السلم، لكن النقل الذي ذكره يبين الحوالة به وليس عليه، فلعل فضيلته عنده شيء آخر غير المنقول في بحثه أما المنقول في بحثه لا يبين أن الحنفية يجيزون الحوالة على دين السلم، وما نقلته أنا يبين أنهم لا يجيزونه. وقال أيضا بأن المالكية في غير الطعام يجيزون الحوالة عليه، فهذا أيضا فيه نظر. فانتهينا إذن إلى جواز الحوالة بدين السلم، أما الحوالة على دين السلم فإذا رأى المجمع الموقر أن يأخذ بهذا الرأي فقد وضعنا عدة شروط:

الشرط الأول: رضا المحال عليه لأن الدين غير مستقر، وإذا فسخ العقد فلا يلزمه إلا الثمن الذي أخذه دون أدنى زيادة، ولا يطالب بثمن المبيع بقيمته عند حلول الأجل، فقد يؤدي إلى الربا.

الشرط الثاني: عدم براءة المحيل حتى تنقضي الحوالة، والشرط الثاني باتفاق الباحثين، لأنه إذا باع سلما بثمن أكبر مما دفعه في الشراء وفسخ العقد لا يستحق إلا الثمن الذي دفعه، ويجب عليه رد الثمن الذي أخذه ويمكن في هذه الحالة الأخذ برأي من أجاز الاعتراض عن بيع السلم، وهذا يساعده على حل المشكلة دون الوقوع في محظور شرعي، إذا نظرنا إلى الثمن وعدم جواز أخذ زيادة عليه.

ص: 993

فضيلة الدكتور علي أضاف هنا نقطة أخرى، حيث قال: ويجوز هنا بيع دين السلم، مع اتفاقه بأنه لا يجوز إذا فسخ العقد أن يأخذ المشتري أكثر مما دفع، وقد اتفق الباحثان على هذا على أنه إذا فسخ العقد فالمشتري ليس له إلا ما دفع من الثمن، ولذلك إذا تمت حوالة وفسخ العقد فإنه يأخذ ما دفعه للبائع الأول، ويعطي ما أخذه من المشتري الثاني، لقد تم اتفاق الباحثين على هذا، والأدلة بينة. فضيلته أضاف أشياء أخرى مثل التولية والشركة والحطيطة والمصالحة والوكالة ونحوها، كما إذا فسخ العقد ولم يتمكن من تسليم المدين يمكن أن يلجأ إلى أمور أخرى.

أضفت أنا شيئا آخر وهو مما يجب أخذه في الاعتبار أن هذا الحل لا ينطبق على أنواع المقامرة أو ما يعرف في معاملات الأسواق العالمية باسم المضاربة ولذلك قبل أن نشتري سلما لا بد من التأكد من أن البائع مضاربا أي مقامرا وإنما ممن يتوقع وجود السلعة المبيعة في ملكه عند حلول الأجل، وهذا ينطبق عليه ما ذكره الفقهاء في شروط السلم من أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله. فالبائع إذا يريد البيع فعلا وليس المقامرة. ونلاحظ في المعاملات المعاصرة أن العقود التي يراد بها المضاربة في البرص الآجلة قد لا يبلغ فيها التسليم والتسلم 1 % كما ظهر من الإحصائيات عند مناقشة هذا الموضوع من قبل دورات للمجمع وندوات سابقة.

فهؤلاء المقامرون لا حل لهم في المنهج الإسلامي قبل التوبة، وترك هذا النوع من القمار.

كما نلاحظ أيضا أن العقود التي تجمع بين متعاقدين يريدون البيع والشراء فعلا هذه العقود تنتهي عادة بالتسليم والتسلم، وقلما تتعرض للفسخ إلا لظروف طارئة، ومثل هذه العقود متى كانت سلما بشروطه الشرعية، واحتاج المشتري إلى الثمن، أو التصرف في المبيع قبل الأجل، يمكن الاستعانة بالسلم الموازي، ثم الحوالة.

ص: 994

بعد هذا انتقلت إلى نقطة أخرى وهي:

صكوك السلم: اقترح أحد الإخوة الباحثين إحداث ورقة مالية تمثل دين السلم بحيث تكون صكا قابلا للتداول. والاقتراح يقوم على أساس بيع دين السلم قبل قبضه وقبل حلول أجله، بل جواز تعدد هذا البيع.

فضيلة الدكتور القره داغي أشار إلى هذا الموضوع وذكر بأنه سيكتب فيه ولكنه لم يكتب واكتفى بمجرد إشارة فقط إلا أنه بحسب ما انتهى إليه من أنه إذا فسخ العقد فإن المشتري لا يأخذ أكثر مما دفع. أعتقد أن صكوك السلم لا تتفق مع ما انتهى إليه ولا مع ما انتهيت إليه ولا مع قرار المجمع؛ لأن صكوك السلم إذا ترتبت وتباع فإن البائع لا يدري من المشتري النهائي، قد يكون باع بمائة، والمشتري النهائي اشترى بمائة وخمسين فإذا لم يتمكن من التسليم معناه طالب بمائة وخمسين، وهذا بالإجماع غير جائز.

ولذلك رأيت أن هذا الموضوع لا يحتاج إلى مناقشة لأني ناقشت الباحث من قبل، وبينت له خطأ هذا الرأي، لكن أعتقد بعد قرار المجمع في عدم جواز بيع السلم ومع الإجماع على أن عقد السلم إذا فسخ فالمشتري لا يستطيع أن يأخذ من الثمن أكثر مما دفع، وإلا كان ربا، أعتقد أن هذا يبين أنه لا يجوز إطلاقا أن يصدر صكوكا للسلم.

ص: 995

انتقلت بعد هذا إلى المبحث الثاني، وهو البيع الآجل، ولكن فضيلة الدكتور علي انتقل إلى الاستصناع مباشرة، وإنما أشار إلى البيع بصفة عامة ولكني وقفت عند البيع الآجل لأسباب، فالبيع الآجل بضوابطه الشرعية له دور كبير في السوق الإسلامية حيث يستفيد البائع من زيادة الثمن فيكون وسيلة مشروعة لاستثمار المال بديلا كالقرض الربوى.

وإذا احتاج البائع إلى الثمن قبل حلول الأجل فقد يجد المخرج في بيع السلم ولكن إذا توقع من البداية عندما يدرس ظروف استثمار المال أنه سيحتاج إلى الثمن - كله أو بعضه – قبل حلول الأجل، فإن الأفضل في هذه الحالة أن يلجأ إلى البيع الآجل أو على الأقل لا يستثمر إلا جزءا قليلا ولعل الأفضل في هذه الحالة الاستثمار في صكوك المقارضة، حيث يستفيد من أرباحها ويبيعها متى أراد.

وأحب أن أذكر هنا طريقة عملية تعتمد على البيع الآجل اقترحتها على المصرف الإسلامي لتكون بديلا للصرف غير الجائز فالمصرف قد يكون في حاجة إلى عملة معينة بعد فترة زمنية ويخشى المخاطر فربما يرتفع سعر صرفها حينئذ، ولذلك يريدها بسعر اليوم، وعلى العكس من ذلك قد يكون من حقه عملة معينة بعد مدة، وهو لا يحتفظ بمثل هذه العملة وإنما يستبدلها بأخرى ويخشى أيضا مخاطر تغير سعر الصرف. وفي كلتا الحالتين لا يستطيع أن يتعاقد على صرف آجل وهذا سأبينه بعد هذا.

وللتوضيح أذكر المثال الآتي:

مصرف قطر الإسلامي يتعامل بالريال القطري أساسا، فهو العملة المحلية وسعر صرف الريال ثابت بالنسبة للدولار الأمريكي فقط، ولذلك فهو لا يحتفظ بمبالغ كبيرة إلا بهاتين العملتين وفي العمليات التي يقوم بها وما يترتب عليها من ديون له أو عليه أو مشروعات تحتاج مستقبلا إلى القدر من النقود، أو تأتي بعائد إذا كان ما يأتيه مستقبلا، أو ما يلتزم به سيكون بغير الريال والدولار، فماذا يفعل؟. فمثلا المطلوب منه بعد ثلاثة أشهر خمسه ملايين مارك، أو سيوضع في حسابه بعد سنة مليون جنيه، ويريد شراء الماركات وبيع الجنيهات بسعر صرف اليوم صرف اليوم مع الدولار.

في الحالة الأولى: المصرف يستثمر جزءًا من الأموال في البيوع الآجلة، وهي في البيوع المحلية بالريال، وفي الخارجية بالدولار. وفي هذه الحالة يجعل بعض صفات بيوعه الآجلة بالمارك في حدود خمسه ملايين، أي أنه يبيع بيعا آجلا، بدلا من أن يبيع بالدولار يبيع بالمارك ويكون الآجل أقل من ثلاثة اشهر ولو بيوم واحد، حيث أنه قبل الثلاثة أشهر يأخذ خمسه ملايين مارك أو أكثر قليلا أو أقل قليلا، فلا يتعرض لخطر الصرف متى جاء هذا المبلغ استطاع أن يدفعه وبذلك يتسلم الثمن قبيل موعد التزامه، حيث يقوم بالتسليم بعد ذلك دون حاجة إلى شراء المارك وبهذا لا يتعرض لمخاطر الصرف بالنسبة للدولار والمارك.

ص: 996

الحالة الثانية: يقوم بشراء سلعة أو سلع لأجل أبعد من العام ولو بيوم واحد. ويكون الثمن مليون جنيه، أو أقل أو أكثر بقليل وعندما يوضع المليون في حسابه لا يحتاج إلى بيعه بالدولار، ويتعرض لمخاطر الصرف، حيث يكون محتاجا إليه لدفع ثمن ما اشتراه من قبل بالآجل، وبذلك ينقل المبلغ من حسابه لحساب البائع، وما اشتراه في هذه الحالة يبيعه بالريال أو الدولار ارتباط الأجل السابق، وإنما تدخل هذه السلع في وعائه الاستثماري، فيبيع بيعا حلا أو آجلا، إلى أجل قريب أو بعيد تبعا لحالات الاستثمار وفرصه.

اعتراض: عندما اطلع بعض السادة الأجلاء على هذا الاقتراح، رأوا أنه وإن كان مخرجا شرعيا لكنه غير عملي، حيث إن التزام المصرف لا يستطيع أن يخل بها على حين نجد المتعاملين مع المصارف الإسلامية منهم المدين المماطل، ومنهم المعسر، وما أكثر الديون المتأخرة كما هو معلوم، فكيف نجعل التزامات أمثال هؤلاء في مقابل التزامات المصارف؟ وهذا الاعتراض في موضعه، والديون المذكورة منها ما هو غير موجود الأداء ولذلك لم نغفل عن هذا الملحظ، وكان لا بد من مراعاته وإلا أصبح هذا البديل لا جدوى له. والاعتراض ينطبق على الحالة الأولى فقط دون الثانية.

ص: 997

ولتخطي هذه العقبة رأينا أن تقتصر الحالة الأولى على التجارة الدولية والتعامل مع الدولة والشركات، ويكون لضمان الثمن الآجل كفالات مصرفية، وبذلك يستطيع المصرف أن يجعل التزاماته في مقابل التزامات مصارف أخرى.

الحوالة: وفي كلتا الحالتين إذا أصبح المصرف دائنا لجهة، ومدينا لجهة أخرى وتساوي الدينان، يمكنه الاستعانة بعقد الحوالة، وهذا يختلف عن دين السلم وما وجدناه فيه من اختلاف الفقهاء، فكل من الدينين دين مستقر تجوز الحوالة به وعليه عند الجمهور.

الاستصناع: عمد الباحثان للاستصناع وذكرا الاستصناع الموازي وأشار فضيلة الدكتور علي القره داغي إلى بنك قطر الدولي الإسلامي، غير أنني ذكرت هنا بعض التفصيلات العملية لأبين بطريقة عملية بعض ما حدث حتى يمكن الاستفادة منه إن شاء الله.

إذا كان الحنفية قد انفردوا بقولهم في الاستصناع أخذا بالاستحسان خلافا للمذاهب الثلاثة، فإنهم قد اتفقوا على أن الاستصناع عقد غير لازم قبل العمل لكل من المتعاقدين وذك بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع، واختلفوا إذا أحضر الصانع العين على الصفة المشروطة، ولكنا وجدنا مجلة الأحكام العدلية تخرج على إجماع الحنفية أنفسهم، وتجعل الاستصناع عقدا لازما من بداية الإيجاب والقبول قبل العمل وهذا بينته في البحث الذي قدمته قبل هذا ويبدو أن المجمع الموقر مال إلى ما ذهبت إليه المجلة حيث قرر في مؤتمر السابع ما يأتي:

" أن عقد الاستصناع – هو عقد وارد على العمل والعين في الذمة – ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط " وقرر المجمع كذلك جواز تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة وفي ضوء قرار المجمع الموقر يمكن أن يقوم الاستصناع بدور لا يستطيع القيام به البيع الآجل ولا السلم، ففي البيع الآجل يكون المبيع موجودا حين العقد وهذا لا يشترط في الاستصناع وفي السلم يتم قبض الثمن كاملا وهذا أيضا لا يشترط في الاستصناع.

ص: 998

وأذكر على سبيل المثال أن مصرف قطر الإسلامي أراد شراء نوافذ وأبواب لمبناه الجديد، وأراد الشراء من شركة تقوم بمثل هذه الصناعات. رأت الشركة أنها في حاجة إلى قدر كبير من الألومنيوم وهو غير موجود لديها. فرأينا أن يشتري المصرف المواد المطلوبة، ثم يدخل مع الشركة في عقد إجارة. لم نجد هذه المواد في السوق المحلي وطلبت الشركة أن تقوم باستيرادها وتصنيعها بعد أن يتم عقد البيع للنوافذ والأبواب، وأن تأخذ جزءا من الثمن. وجدنا أن هذا العقد غير جائز، فهو بيع لشيء غير موجود لدى البائع، وكما هو معلوم مشهور قول الرسول صلى الله عليه وسلم:((لا تبع ما ليس عندك)) وكان المخرج هنا عقد الاستصناع.

وفي حالة أخرى جاء إلى المصرف من يطلب أن يشتري بالتصنيع والتركيب بالآجل بعض المواد ويريد مبلغا آخر يكون أجرا للعمال الذين سيقومون بالتصنيع والتركيب فأجر العمال لا يمكن أن يكون إلا قرضا. فرأينا أن يشتري المصرف المواد لنفسه، ويقوم أيضا بالتصنيع والتركيب عن طريق الإجارة مع عدد من العمال، هذا ما يقوم به المصرف وقبيل هذا كله يتم عقد استصناع بينه وبين طالب الشراء والقرض الذي طلب الشراء والقرض عوضا عن هذا ندخل معه في عقد استصناع حيث يدخل العمل مع المواد الخام. فعقد الاستصناع إذن يمكن أن يكون له دور كبير في السوق الإسلامية وعلى الأخص في حالتين:

الأولى: السلع والمعادن غير الموجودة بالسوق إذا كانت تدخل في الصناعات.

الثانية: السلع والمعادن المذكورة إذا كانت موجودة غير أن طالب الشراء لا يستطيع أن يدفع الثمن إلا مؤجلا، ولا يقدر في الحال على دفع ثمن التصنيع وإذا كان المتعامل في السوق من أصحاب المصانع فإن الحاجة إلى عقد الاستصناع تكون واضحة جليه لا ريب.

انتقلنا بعد هذا إلى الاستصناع الموازي وتحدث الباحثان عنه:

المستثمر غير الصانع، سواء كان تاجرا أو شركة أو مصرفا إسلاميا إذا طلب منه أحد شراء أي شيء مصنوع موجود عنده، ولا يستطيع أن يقوم بتصنيعه، فإنه يستطيع أن يقوم بالاستصناع المتوازي فيعقد مع طالب الشراء عقد استصناع يكون فيه الطالب هو المستصنع، ويكون المستثمر هو الصانع ويحدد في العقد جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، وموعد التسليم. وبالشروط ذاتها يقوم المستثمر بعقد استصناع آخر مع أي صانع. والمستثمر عادة بدفع الثمن في المستثمر من المستصنع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه على أقساط معلومة لآجال محددة ومن هنا يأتي مجال الاستثمار، حيث يختلف الثمن في كل عقد عن الآخر. فيزيد المؤجل عن الحال وبهذا تكون الطريقة للاستثمار.

انتقلت بعد ذلك إلى المبحث الرابع (الوعد) ، والوعد تحدث عنه الباحثان عندما يريد أحد شراء مما ليس عند البائع، أو يريد تأجر طلب سلع إلى السوق ويخشى كسادها، أو تكون هذه السلع أكثر من حاجة المتعاملين في السوق، عندئذ يمكن أن يأتي دور الوعد تجنبا للبيع المحظور. فيقوم طالب الشراء بالبحث عمن يستطيع أن يحضر ما يريد، ويعده بأن يشتريه منه متى أحضره، وكذلك يقوم التاجر بالبحث عن المشترين الذين يرغبون في هذا النوع من السلع، ويأخذ من كل منهم وعدا بالشراء بعد أن يجلب هذه السلع وفي ضوء هذه الوعود يحدد التاجر مقدار ما يجلبه.. فالوعد هنا ييسر على المشترين والبائعين، فتنشط حركة التجارة وتروج.

ص: 999

وحتى لا يكون الوعد لغوا لا أثر له، وحتى لا يكون أيضا كالبيع نفسه فنقع في مخالفة شرعية، حتى لا يكون ما لا نريده في السوق الإسلامية، نطبق قرار المجمع الموقر في دورته الخامسة بشأن الوفاء بالوعد في المرابحة للآمر بالشراء حيث نص القرار على ما يأتي:

الوعد: (وهو الذي يصدر عن الآمر أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد ويتحدد أثر الالتزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بلا عذر.

والمواعدة: (وهي التي تصدر عن الطرفين) تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو إحداهما فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، ولكن فضيلة الدكتور علي القره داغي ذكر أنها جائزة وناقش هذا الموضوع ولكن أنا لم أناقشه. لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

انتقلت بعد ذلك إلى المواعدة في الصرف، ولا خلاف بين الباحثين في عدم جواز المواعدة في الصرف إذا كانت المواعدة ملزمة، أما المواعدة غير الملزمة فبينت هنا أيضا عدم جوازها، ولكن فضيلة الدكتور علي القره داغي ذكر جوازها بشرط عدم الإلزام (أن تكون بسعر يوم البيع وليس بسعر يوم الاتفاق) . ويبدو أنها قد تكون مقبولة لأنه لا شيء فيها لأنها ما دام أنها وعد وغير ملزم وفي الوقت نفسه بسعر يوم البيع وليس بسعر يوم الاتفاق، هذا الحل يمكن أن يقبل.

الصرف: وهو بيع الأثمان بعضها ببعض، له أحكام المعروفة، وتنطبق شروط صحته على بيع العملات بعضها ببعض، وهذا أمر قد استقر بحمد الله تعالى، وصدرت فيه قرارات المجامع الفقهية والمؤتمرات المتعددة التي شارك فيها عدد كبير من فقهاء العصر ورجال الاقتصاد. ووجوب القبض في المجلس لا خلاف حوله، ولكن يجب أن نتذكر صور القبض في عصرنا كما أقرها المجمع الموقر في دوراته السابقة. وإذا جاز الوعد في البيع بصفة عامة، أفيجوز المواعدة في الصرف بصفة خاصة؟

انتهى بعض الباحثين إلى جواز هذه المواعدة بشرط أن يكون الوعد غير ملزم أخذا برأي أهل الظاهر خلافا للجمهور. ورأى آخرون جواز المواعدة دون اشتراط عدم الإلزام – أي جواز المواعدة مع عدم الإلزام – واحتجوا بقول نسبوه للإمام الشافعي – رضي الله عنه – أورده في كتاب الأم وبرأي أهل الظاهر. ولعل الفريقين معا جانبهما التوفيق والصواب، وإن كان الأول أقل خطأ من الآخر غير أن مثل هذا الوعد لا وزن له في معاملات العصر وعلى الأخص في التغير الكبير الذي يطرأ من وقت لآخر على أسعار الصرف مما قد يترتب عليه خسارة مبالغ طائلة هائلة. وننظر في أدلة الفريق الثاني، حيث تتضمن دليل الفريق الأول وزيادة وبدأت أناقش هنا الذين قالوا بجواز الوعد مع الإلزام هذا الفريق نسب هذا الفريق للإمام الشافعي أنه قال في كتاب الأم: إذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الفضة ثم يقر أنها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا " هذا ما جاء بالنص في كلام الذين أجازوا المواعدة مع الإلزام، وللأسف الشديد أن هذا طبق فعلا في بعض البنوك الإسلامية نتيجة هذه الفتوى. هذه العبارة فيها حذف وتحريف وتحتاج إلى تكملة المعني، أما الحذف فهو فاعل يشتري، وهو كلمة الرجلان (أن يشتري الرجلان الفضة) فالشراء ليس من أحدهما بل اشترك فيه الاثنان معا. وأما التحريف ففي كلمة " يقر أنها " أي يعترف بها، والصواب " يقرانها " بألف الاثنين، أي أن الرجلين يودعان الفضة عند أحدهما.

ص: 1000

ما جاء في كتاب الأم ذكرته مع تكملة له في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي (سنة 1403 هـ – 1983 م) لأبين للسادة المشاركين أن كلام الإمام الشافعي ينصرف إلى معنى آخر غير المواعدة في الصرف.

وما نقلته من كتاب الأم هو ما يأتي:

" قال الشافعي: إذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الرجلان – وليس رجلا واحدا – الفضة ثم يقرانها عند أحدهما – أي يضعانها عند أحدهما- حتى يتبايعاها- هما اشتريا ثم هما يتبايعان – ويصنعا بها ما شاءا " قال الشافعي: " ولو اشترى أحدهما الفضة ثم أشرك فيها رجلا آخر وقبضها المشترك ثم أودعها إياه بعد القبض فلا بأس وإن قال: أشركك على أنها في يدي حتى يبيعها لم يجز"

ويتضح مما سبق أن الإمام الشافعي يتحدث عن موضوع القبض إذا اتفق اثنان على الاشتراك في الصرف فاشترى الشريكان معا الفضة، ثم وضعاها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا فهذا جائز، ويجوز أيضا أن يشتريها أحدهما، ثم يشرك فيها رجلا آخر، ويتم قبض المشترك، وبعد القبض يودعه إياها، أما إذا أشرك الآخر وأبقاها في يده حتى يتم بيع الفضة دون أن يقبضها المشترك فإن هذا لا يجوز. فحديث الإمام إذن عن قبض الشريكين، وهما طرف واحد في عقد الصرف، وليسا طرفين.

فكلمة " تواعد الرجلان الصرف " تعني أنهما تواعدا على الاشتراك في الشراء ولذلك قال بعد هذا: " فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة.." والخلاف الذي نراه في المواعدة على الصرف بين الأئمة الأربعة هو إذا اتفق المتواعدان على الصرف ولم تكن النقود حاضرة، ثم أحضرا النقود وهما في مجلس العقد لم ينصرفا، وتم التقابض في المجلس نفسه قبل أن يتفرقا. فالإمام لا يجيز هذه المواعدة خلافا للأئمة الثلاثة. أما إذا تفرق المتواعدان من غير قبض كل من العوضين فالعقد باطل عند الأربعة جميعه وقد نقلت ما يثبت هذا في بحثي ولا حاجة لقراءته.

مما سبق – النقول التي ذكرتها – نرى أن الإمام الشافعي مع الجمهور خلافا لمالك في جواز المواعدة على الصرف يشترط أن يتم التقابض في المجلس قبل الافتراق، أما إذا كانت المواعدة بغير تقابض في المجلس فقد أجمع الأئمة الأربعة على المنع وعدم الجواز وخالف ابن حزم الأئمة الأربعة حيث قال في المحلى:" التواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة، وفي بيع الفضة بالفضة، وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض، جائزة، تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعا، وكذلك المساومة أيضا جائزة - تبايعا أولم يتبايعا – لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك، وكل ما حرم علينا فقد فصل باسمه " وهذه المخالفة مبنية على رأيه في الوعد والعقود فإذا ذكرنا رأي ابن حزم يجب أن نعرف رأيه في الوعد وفي العقود، وألا يذكر هذا منفصلا عن رأيه في الوعد والعقود. ففي آخر النذور من المحلى عقد مبحثا عنوانه " الوعد" وقال:" ومن وعد آخر بأن مالا معينا أو غير معين أو بأن يعينه في عمل ما – حلف له (حتى لو حلف) على ذلك أم لم يحلف – لم يلزمه الوفاء به، ويكره له ذلك، وكان الأفضل لو وفى به، وسواء أدخله ذلك في نفقة أو لم يدخله".

ص: 1001

وفي كتاب الجعل من المحلى قال: " لا يجوز الحكم بالجعل على أحد فمن قال لآخر: " إن جئتني بعبدي الآبق فلك علي دينار. أو قال: إن فعلت كذا وكذا فلك علي درهم أو ما أشبه هذا، فجاء بذلك، أو هتف وأشهد على نفسه: من جاءني بكذا فله كذا فجاءه به، لم يقض عليه بشيء، ويستحب لو وفى بوعده "

ورد على القائلين بوجوب الجعل وقال:" العقود التي أمر الله تعالى بالوفاء بها إنما هي العقود المنصوص عليها بأسمائها، وإن كل ما عداها فحرام عقده " ومعنى هذا أن الوعد بالصرف إذا أصبح عقدا فهو عند ابن حزم حرام عقده حتى ولو كان عقدا غير جائز.

ومن المعروف أن المواعدة في الصرف في عصرنا تأخذ حكم العقد اللازم ولا يستطيع أحد المتعاقدين أن يقوم بعدم اللزوم، وأن يجعل لنفسه الحق في عدم إتمام ما اتفق عليه وهذا يعني أن عقود الوعد في الصرف تعتبر حراما عند ابن حزم نفسه لأنها ليست من العقود المنصوص عليها بأسمائها. والنتيجة هي أن الأئمة جميعا يمنعون هذا النوع من التعامل البديل الشرعي للمواعدة في الصرف أشرت إليه عند الحديث عن البيع الآجل، وانتهى بحثي إلى هنا.

فضيلة الدكتور علي القره داغي أضاف بعد هذا المسائل الآتية: الاستفادة من الصلح الاستفادة من المقاصة، الاستفادة من بيع الدين بالدين إذا لم يكونا نسيئين بيع الديون لمن هو عليه، وتمليك الدين لغير المدين والاستفادة من عقد البيع بمختلف أنواعه والاستفادة من بقية العقود كالشركة والوكالة والحوالة والرهن والصلح والقراض. إلخ والاستفادة من إنشاء عقود جديدة وتحدث عن الاجتهاد الانتقائي والاجتهاد الإنشائي ولكن نلاحظ أن هناك نقطة، وهي أن فضيلته أجاز بالنسبة لدين السلم كما أجاز البيع إذا لم يتم تسلم دين السلم وأصبح الدين حالا أو أي دين سواء سلم أو غير سلم – أي دين بصفة عامة- هي أن الدين الحال يمكن أن يكون رأس مال سلم وهذا الإجماع على منعه ولكنه استدل بأراء شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ولكن نلاحظ هنا أن الدين الحال إذا جعلناه رأس مال للسلم ثم بعد هذا إذا كان المدين معسرا ولم يستطع أن يدفع وجعلناه رأس دين سلم أعتقد هذا يمكن أن يؤدي إلى محاذير شرعية. والله أعلم.

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

ص: 1002

الشيخ علي محيي الدين القره داغي:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.

أشكر أولا الأستاذ الجليل الشيخ الدكتور علي السالوس على بحثه القيم وعرضه الطيب وجزاه الله خيرا. هناك بعض النقاط أحب أن أفصل فيها بعض التفصيل:

أولا: أشار فضيلته إلى أن الحنفية اتفقوا على أن عقد الاستصناع عقد جائز غير ملزم رغم أن هذه القضية قد نوقشت في الدورة السابقة وأتينا بنصوص الحنفية في بحثنا أن هناك رواية عن أبي يوسف تقول:" إن عقد الاستصناع عقد ملزم" وبهذه الرواية أخذت المجلة؛ لأن مجلة الأحكام العدلية لم تخرج عن نطاق مذهب الحنفية، نعم خرجت عن نطاق ظاهر الرواية هذا صحيح لكنها لم تخرج عن روايات أبي حنيفة وقد نقلت النص أو الرواية من المحيط البرهاني والحمد لله، والمجمع أقر ذلك.

ثانيا: بخصوص الإسناد إلى المالكية. المالكية – في الحقيقة – في غير الطعام ولهم تفصيلات بالنسبة للمستسلف وغير المستسلف، وذكرته حتى نسند الرأي إلى المالكية قضية دين السلم أو الحوالة عليه أو به في هذه المسالة، فرأي المالكية مقيد في غير الطعام، وهناك فرق بين المستسلف وغير المستسلف، وقد فصلت ذلك في البحث.

بقي لي إذا سمح لي السيد الرئيس – جزاه الله خيرا وجزاكم الله خيرا – أن أتكلم عن بعض التفصيلات التي ينبغي أن تذكر ما دام هناك خلاف بيني وبين فضيلة أخي الحبيب الكبير الأستاذ علي السالوس في بعض المسائل وفي بعض الجزئيات.

ص: 1003

الحقيقة أنا سرت في بحثي على ثلاثة مباحث: المبحث الأول عن الأسهم والثاني عن السندات، وهذان الموضوعان قد بحثا ولا داعي لمناقشتهما ولكن أردت أن أعطي صورة متكاملة لقضية التطبيقات ما دامت المسألة عن تطبيقات شرعية فذكرت قضايا الأسهم وقضايا السندات والصكوك والبدائل الإسلامية للسندات والذي الآن أصبح عصرنا اليوم كل يوم يصدر نوعا جديدا من أنواع الأسهم أو السندات وتحدثت عن كيفية الفائدة من العقود في سوق المال الإسلامية في الموضوعات التي جرى بيني وبين الأخ الكبير فيها بعض الخلاف البسيط والخلاف أبدا لا يفسد للود قضية كما قالوا وحقيقة الشيخ علي من أحب الناس إلي.

أنا وصلت مع احترامي الشديد لقرار مجمع الفقه في أنه لا يجوز بيع السلم قبل القبض ولكني قلت: إن هذا الموضوع قد بحث كجزئية من الجزئيات في إطار القبض ولم يبحث السلم بموضوعه المفصل فلذلك إذا أردنا الموضوع، فوجدت أن عندنا مجالات كبيرة من الاستفادة من السلم، طبعا السلم بعد قبضه هذا معروف، لكن قبل القبض هناك عدة مسائل في بعض من هذه المسائل الراجح فيها الآخذ بها. مثلا قضية الاعتياض عن دين السلم - مسألة مهمة جدا – والراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه المالكية وأحمد في رواية منصوصة نقلها الإمام ابن القيم وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. وفي الحقيقة الأدلة التي تدعم مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد أقوى من الأدلة التي استدل بها الجمهور فلم إذا لا نأخذ بالاعتياض في قضية السلم وهي مسألة يمكن أن نستفيد منها في السوق؟ ووجدت المانعين – وهم الجمهور – استدلوا بثلاثة أدلة وهذه الأدلة الثلاثة ضعيفة جدا استدلوا بحديث " من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره" حققت الحديث فوجدت أنه ضعيف جدا أجمع العلماء على ضعفه فلا ينهض حجة في الأمور البسيطة فكيف ينهض في مثل هذه القضية وفي قضية الأحكام وأثبت في البحث ضعف هذا الحديث بشكل مفصل كذلك للحديث معنى آخر ورواية أخرى وإن كانت الرواية الأخرى أيضا ضعيفة المهم قصدي أن الحديث لا متنا ولا سندا ولا معنى يصلح أن يكون دليلا في مثل هذه القضية واستند كذلك على بيع الشيء قبل قبضه بحديث ابن عباس أو برأي ابن عباس حيث قال:(أرى كل شيء مثل الطعام) ما معنى كلامه؟ بينما الإمام مالك خالفه، هذه مسألة خلافية كبيرة جدا فيها ثلاثة اتجاهات اتجاه بالمنع واتجاه بالجواز المطلق واتجاه بالتفصيل ستة آراء، فالمسائل المختلف فيها لا يمكن أن تكون حجة في إسناد القضايا استندوا على الإجماع الذي ادعاه ابن قدامة في هذه المسألة وشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – رد عليه ردا جيدا فقال: هذا حسب علمه وإن الإمام مالك والروايات المنصوصة عن أحمد خلاف ذلك.

ص: 1004

فإذن الأدلة التي استند عليها الجمهور في عدم جواز الاعتياض عن دين السلم ليست أدلة قوية أو أدلة لها وجاهتها ولها قوتها واعتبارها بينما الإمام مالك – رحمه الله – والإمام أحمد – رحمة الله عليه – استند إلى أدلة في غاية من الوجاهة استدلا – طبعا – بحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – في قضية بيعه بالدنانير وأخذه الدراهم في قضية حديث (النقيع أو البقيع) كما ورد في الروايتين، والحديث معروف لحضراتكم واستند إلى قول ابن عباس في مسألة السلم، أجاز ابن عباس، رغم أنه لا يجيز بيع المبيع قبل قبضه- الاعتياض عن السلم لكن قال: إذا كان أقل بقيمته أو أقل من قيمته بسعر يومه.

ولذلك قال ابن القيم وابن تيمية: هذا من فقه الصحابة – رضي الله عنهم – رغم أنه يقول ما سار على قاعدته في منع الشيء قبل قبضه في السلم الاعتياض أجازوه، ابن القيم – في الحقيقة- أطال النفس في هذه المسألة وناقش المانعين مناقشة رائعة ذكرتها في بحثي،

أنا فعلا أجزت في بيع المسلم فيه وبيع السلم قبل القبض والشروط قلت أولا: أن لا يكون في طعام، ثانيا: أن لا يكون نسيئة بنسيئة ووضعت بعض الضوابط، وقلت: إن هذه المسألة مرتبطة بمسألة بيع المبيع قبل القبض، وبما أن مسألة بيع المبيع قبل القبض رجحت فيه مذهب مالك فهنا أيضا سرت على هذا المذهب. قال شيخ الإسلام بعد ما ذكر مذهب مالك: وهذا أيضا إحدى الروايتين عن أحمد نص عليه في مواضع. يعني إذا الإمام مالك أجاز بيع دين السلم بشروط وضوابط خاصة إذا كان من المستسلف ألا يكون في طعام وأن يكون حالا (أي عند الحلول) من غير المستسلف في غير الطعام جوز مطلقا، هذا رأي مالك ونقلت نصوصه في المدونة وكذلك في بداية المجتهد، وكذلك في حاشية الدسوقي وغير ذلك إذن من هنا بيع السلم بهذه الصورة جائز بهذه الضوابط التي وصلنا إليها.

الاحتمال الثالث: التصرف في المسلم فيه بالتولية والشرك – أو كما يسمونه الشركة – والحطيطة والمصالحة والحوالة والوكالة وهذا ما ذكره فضيلة الأستاذ الدكتور وفعلا هنا أعتقد أن فضيلة الدكتور لم يذكر إلا الحوالة وأنا ذكرتها وقلت: إنه يمكن الاستفادة منها، الوكالة بالإجماع جائزة التولية والشركة في المسلم فيه محل خلاف، ذهب مالك إلى جوازها في الطعام وفي غيره، وذكرت تلك النصوص في بحثي- ما دام ينتقد الثمن، وهو قد استدل بحديث سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه إلا ما كان من شرك أو إقالة أو تولية)) وهذا الحديث بينت أنه صحيح الإسناد وثابت ونهض حجة على هذه الدعوى، إضافة إلى إجماع أهل المدينة قالوا: إن أهل المدينة يتعاملون بذلك الحنفية والحنابلة والشافعية ذهبوا إلى عدم الجواز، ولكن- حقيقة – ناقشت أدلتهم وتبين لي رجحان مذهب مالك في هذه المسألة أما الحوالة فقد فصلها أخي الأستاذ الدكتور علي السالوس وكذلك أنا فصلت فلا حاجة.

ص: 1005

إذا انفسخ عقد السلم بإقالة أو بعدم الوجوب، هذه مسألة لم يذكرها أستاذنا الجليل الشيخ علي السالوس، وأنا ذكرتها وقلت: ممكن إذا انفسخ بإقالة أو بأي وسيلة من وسائل الفسخ أو بعدم الوجوب فهل يمكن أن يؤخذ أو أن يأخذ الشيخ المسلف عن دين السلم عوضا من غير جنسه؟ قلت: فيه رأيان؛ الرأي الأول يقول: لا يجوز، والرأي الثاني يقول بالجواز. والمانعون استدلوا بالحديث الضعيف السابق والرأي الثاني هو الراجح لحديث ابن عمر وقد رجح ابن القيم الجواز، وأطال فيه النفس وذكرت ذلك في بحثي، لا شك أننا أجزنا ذلك مع ملاحظة قواعد الصرف في النقود وكذلك قضايا الطعام وعدم بيع الدين النسيء بالنسيء، وهذه ثلاثة ضوابط يجب ملاحظتها في كل هذه الاعتبارات.

هناك ملحوظة طيبة أعرضها على حضراتكم من خلال دراستي السلم فترة كبيرة من الزمن، وجدت أن العلماء أو معظم العلماء ولاسيما المتأخرون تشددوا في قضية التصرفات في المسلم فيه تشديد كبيرا حتى أصبح لديهم نوع من الحساسية في أي تصرف من التصرفات التي تقع على المسلم فيه، وسبب هذه الحساسية أو هذا التشدد يعود إلى أربعة أسباب، الحديث الضعيف الذي اشتهر، ولذلك لو سأل سائل عن الحوالة يرد عليه في الغالب بقولهم: لا تجوز الحوالة، لماذا؟ للحديث المذكور " من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره" وهو لا ينهض حجة أساس وقد تكرر الاحتجاج به في التولية لا يجوز للحديث لكذا، لكذا، الحديث لا ينهض حجة وهذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: (ربح ما لم يضمن) كل شيء قلنا لا يجوز بيع المسلم فيه أنه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن وقد ناقش ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية مناقشة رائعة وكذلك ابن القيم وقالا: إن هذا لا يؤدي إلى ربح ما لم يضمن عندما أبيع دين المسلم فيه بسعر يومه لا يؤدي إلى ربح ما لم يضمن هناك نوع من الضمان أي أنني ما ربحت الربح الذي يقصده الحديث، وفي البحث مبين كيف ناقشت هذا الحديث، والحديث صحيح طبعا " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان وعن ربح ما لم يضمن "

الأمر الثالث: قضية توالي الضمانين، وهي مسألة خطيرة جدا ذكروها أكثر من مرة، في كل شيء، حينما يقول: إن هذا يؤدي إلى توالي ضمانين، أي الرجل الذي عليه السلم وهو ضامن، فكذلك أنت تبيع إلى شخص آخر يؤدي إلى ضمان، فابن القيم ناقش هذه المسألة مناقشة رائعة، كذلك شيخ الإسلام قال: وتوالي الضمانين ليس بعلة مؤثرة ولا تنافي بين كون العين الواحدة مضمونة له من وجه ومضمونة عليه من وجه آخر فهي مضمونة له وعليه لاعتبارين، وأي محظور في هذا؟ كمنافع الإجارة فإن المستأجر له أن يؤجر ما استأجره فتكون المنفعة مضمونة له وعليه وكالثمار بعد بدو صلاحها، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة وقال: إن هذه المسألة- توالي الضمانين- منقوض فرضا وعكسا.

ص: 1006

فهذا إذن المبنى أو الأسباب التي اعتمد عليها الفقهاء في هذه المسألة ما وجدت أنها قوية جدا حتى تصلح لهذا التشدد الكبير في هذا الموضوع انظر إلى ابن عباس – رضي الله عنه – رغم قوله بعدم جواز بيع المبيع قبل قبضه عاد في قضية السلم فأجاز الاعتياض عن المسلم فيه بشروط وضوابط، يعني قواعد الصرف ألا يكون في طعام وكذلك لا يكون بنسيء.

تكلمنا كذلك في مسألة الوعد والمواعدة. أنا مثل ما تفضل أخي الكريم إنني في المواعدة قلت: إنها جائزة، ولكن بشرط ألا تكون ملزمة حقيقة بالنسبة للوعد في غير الصرف والمواعدة في غير الصرف، إن هذا رأيي منذ أن درست في جامعة الأزهر وأعددت رسالة الدكتوراه، وصرت إلى أن الوعد ملزم وأن القضاء الإسلامي يجب أن يحمي هذه الإلزامية، وذكرت أدلة على ذلك ثم اطلعت على كتاب شيخنا الجليل الأستاذ الجليل الأستاذ الفاضل الدكتور القرضاوي بعدما جئت إلى قطر فوجدت أن أستاذنا القرضاوي أيضا في كتابه القيم:(بيع المرابحة) أطال فيه النفس وذكر أدلة معتبرة على إلزامية الوعد والمواعدة فالقضية مسألة واردة ومسألة لها السوابق كما يقول: ولها آراء سابقة.

المسألة الأخرى التي فيها مجال للنقاش وفيها مجال للإفادة الكبرى ولا سيما في عالمنا اليوم: ولم يرد الفاضل علي السالوس أن يذكرها بالتفصيل لأنه لم يتطرق إليها وهي (بيع الدين بالدين) قلت: يمكن الاستفادة من بيع الدين بالدين بشكل كبير، فإذا سمح لي السيد الرئيس أذكر ملاحظات حول بيع الدين بالدين لأنه لم يذكر ذلك.

ص: 1007

بيع الدين بالدين مسألة من المسائل التي ورد فيها خلاف كبير بين الفقهاء، وأنا قلت في آخر بحثي وما أقوله في هذا البحث ليس فتوى وإنما أعرضه على المجمع الموقر وعلى أعضائه الموقرين للمناقشة وما يقتنعون به، أنا إن شاء الله راض به. الذي وصلنا إليه أن بيع الدين بالدين أو منع بيع الدين بالدين ليس على إطلاقه وإنما المنع فيما إذا كانا نسيئين لأن الإجماع على منع الكالئ بالكالئ، وهو كما فسره علماء اللغة وغريب الأحاديث فسروه ببيع النسيئة بالنسيئة، والنسيئة هي التأخير وهذا ما قاله البيهقي وما قاله أبو عبيدة الفقهاء اختلفوا في تفسيره اختلافا كبيرا فشيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية قال بعد دراسة مستفيضة في كتابه مجموع الفتاوى تكلم وأطال فيه النفس قال: المجمع عليه في بيع الدين بالدين هو أن يكون بيع النسيء بالنسيء قال: ولكنه إجماع وقال أحمد: لم يصح منه – أي في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ حديث، ولكنه هو إجماع وهذا مثل أن يسلف إليه الشيء المؤجل فهذا الذي لا يجوز بالإجماع. ثم قال ابن تيمية: إذا كان العمدة في هذا هو الإجماع والإجماع إنما هو في الدين الواجب – أي النسيء – بالدين الواجب – أي النسيء – كالسلف المؤجل من الطرفين. هذا ما حصره ابن تيمية في المسألة، ولذلك أخرج ابن تيمية بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو ثابت في ذمة شخص آخر قال: هذا ليس من صورة الكالئ بالكالئ وجعل السلم أيضا دينا بسلم آخر أو ما أشبه ذلك أيضا إذا كان حالا أو بشيء حال أيضا أو بالنسبة للشخص نفسه قال: ليس هذا من صور الكالئ بالكالئ فقال: ليس في التحريم نص ولا إجماع ولا قياس فإن كلا منهما اشترى ما في ذمته وهو مقبول له بما في ذمة الآخر وابن القيم عنده كلام طيب قال: ما في الذمة كأنه موجود حسا يعني الموجود كالموجود حسا، وإن كنا قد لاحظنا على شيخنا الكبير شيخ الإسلام أنه كنا في حصر صور بيع الكالئ بالكالئ على هذه الصورة فيه نظر أضفنا إليها بعض الصور غير أنها لا تنحصر عند التحقيق في بيع الدين النسيء بالدين النسيء ويمكن الاستفادة من بيع الدين بالدين في سوق المال ما داما غير نسيئين.

ص: 1008

فيما يأتي: بيع الديون لمن هو عليه – مكتوب في الكتاب: هي عليه – جاء في المهذب: (وأما الديون فينظر فيها، فإن كان الملك عليه مستقرا كغرامة المتلف وبدل العرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض) والمراد باستقرار الدين أي أن سببه قد تحقق فعلا وآمن من الفسخ ويسمى هذا النوع أيضا بالاستبدال والاعتياض، وذكرت ذلك لا أريد أن أطيل عليكم، جعل الدين الحال - الذي أشار إليه فضيلة الدكتور قال: إنه يخالفني، وأنا أخالفه في هذه المسألة – جعل الدين الحال رأس مال في السلم، هذه المسألة نقل فيها الإجماع وقلت: كنت أميل في ذلك هذه المسألة نقل فيها الإجماع على عدم جوازه بناء على أنه داخل في بيع الكالئ بالكالئ غير أن شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم بينا أنه لا يجمع فيها بل هي جائزة قال ابن القيم: وأما بيع الواجب بالساقط فكما لو أسلم إليه في كر حنطة وهو المعيار عندنا في العراق بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط عنه دين غيره، وقد حكي الإجماع على امتناع هذا ولا إجماع فيه قاله شيخنا – أي ابن تيمية – واختار جوازه، وهو الصواب إذ لا محظور فيه وليس بيع كالي بكالي فيتناوله النهي بلفظه ولا في معناه فيتناوله بعموم المعني فإن المنهي عنه قد اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة فإنه لن يتعجل أحدهما ما يأخذه فينتفع بتعجيله وينتفع صاحب المؤخر بربحه بل كلاهما اشتغلت ذمته بغير فائدة، وأما ما عداه من الصور الثلاث فلكل منها غرض صحيح، ومنفعه مطلوبة وهو بيع الساقط بالواجب وهو مصطلح عند ابن القيم. هذا بالنسبة لبيع الدين لمن عليه الدين.

تمليك الدين لغير المدين لخص الإمام الرافعي والإمام النووي هذا الموضوع تلخيصا طيبا في الحقيقة ذكرته في البحث ولكن خوفا من الإطالة لا أذكره فالصلح عن دين بدين – أيضا- أجزناه في هذه ووضعنا له ضوابط أنا قلت: إننا الآن رغم هذه العقود الثرية الغنية في فقهنا الإسلامي يجب ألا نتوقف عند هذه العقود، واستشهدت هنا بكلام شيخنا القرضاوي في قضية الاجتهاد الانتقائي والاجتهاد الإنشائي يعني نحن الآن في هذه المجمع الموقر محتاجون إلى هذين النوعين من الاجتهاد الانتقائي أي أننا ننتقي الآراء الجيدة من فقهنا العظيم ومن هذه الثروة الضخمة سواء كانت من كتب الفقه أو من كتب التفسير أو من كتب الحديث كذلك الاجتهاد الإنشائي في الأمور الجديدة المستحدثة هناك عقود لا يمكن أن ينطبق عليها أي عقد من العقود القديمة فلا بد أن نقول بها ما دامت هذه العقود لا تتعارض مع الشريعة.

مرة أخرى أشكر فضيلة الدكتور علي سالوس على بحثه وعلى عرضه، وأشكر السيد الرئيس على إتاحة المجال لي وجزاكم الله خيرا، وأشكركم على حسن الاستماع، وصبركم على عرضي وعلى عرض الشيخ علي، وجزاكم الله خيرا، والسلام

الرئيس:

أحب أن أسأل الشيخ علي السالوس: طالما أن مسائل الاستصناع والمواعدة والحطيطة والأسهم والسندات والقبض بصورة سبق وأن صدرت لها قرارات من المجمع باتة ومنهية فما تذكر من وسائل إقامة السوق الإسلامية المشتركة هذا لا إشكال فيه لكن كونها تطرح للمناقشة وتذكرون أنتم والشيخ علي إعادة النقاش فيها هل هذا يعني من وجه استجد؟

ص: 1009

الشيخ علي السالوس:

لم أطرحها للمناقشة ولكن إشارة فقط.

الرئيس:

طيب، إذا رأيتم على أن هذه التي صدرت فيها قرارات من المجمع أنها لا تكون محل تداول في المناقشات وإنما يكون محل التداول هو القضايا التي أضيفت في إقامة السوق.

الشيخ الكبيسي:

بسم الله الرحمن الرحيم

ائذن لي سيدي الرئيس في أن أخالف ما عزمت عليه من أن أكون في هذه الدورة مستمعا ومتعلما.

حينما قرأت العنوان تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية المشتركة كنت مترقبا لحدث علمي كبير لأنني توقعت أننا نريد أن نقابل أو نتحدى السوق الأوربية المشتركة، لكني بعد أن قرأت بحث الأستاذ الدكتور علي السالوس في بغداد وجدت الأمر يختلف بحث هو في فتاوى تعالج تصرفات سوق إسلامية قائمة، وعندها بعض الإشكالات في بعض التصرفات فجاء البحث لمعالجة هذه الجزئيات فسألت نفسي هل يا ترى المجمع يريد أن يهيئ للأطر الشريعة والقانونية لإقامة هذه السوق، وإلا كان ينبغي أن تبدأ الدراسة بأسس وضوابط إقامة السوق من حيث سياسة تبادل السلع من حيث تبادل الخبرة تبادل رؤوس الأموال تبادل العمالة توحيد التعريفة الجمركية، الخبرات في المصارف والبنوك المركزية إلى آخر هذا الذي كنا نتوقعه في إقامة سوق إسلامية مشتركة تقابل وتتحدى السوق الأوربية المشتركة فأنا سألت نفسي – أيضا – هل هذا يا ترى من باب ما قاله أبو الطيب المتنبي:

أو الجزيرة لما جاءني خبر

فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

أو أن هناك دراسات كانت معدة إلى السوق وإقامة السوق، وأنا لا علم لي بها أنا هنا لا أريد أن أوجه السؤال لصاحبي البحثين فهما قد قاما بجهود علمية قيمة مشكورة، ولكن سؤالي إلى هذه القضية الكبيرة التي حينما يقرؤها أي قارئ في العنوان يقول: إذن نحن نترقب حدثا علميا كبيرا، يا ترى أين هي السوق الإسلامية المشتركة التي هي أمل، وأمل في أيامنا هذه، قد بعد أين هذه السوق المشتركة قواعدها أسسها روابطها؟ حتى نبدأ بالبحث في تطبيقات جزئياتها. شكرا.

الشيخ محمد الشيباني:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين

أشكر الباحثين على بحثيهما القيمين، الدكتور علي أحمد السالوس والدكتور علي محيي الدين. عندي ملاحظتان إحداهما توافق أحدهما والأخرى كانت تخالفه لولا ما سمعت مؤخرا.

مما يخص بيع السلم وهو في الحقيقة اختلاف العلة فيه ما قال فيه الدكتور علي محيي الدين لأن حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه)) أخرجه مالك والبخاري ومسلم. وفي روايتي البخاري ومسلم قال ابن عباس: (ولا أحسب كل شيء إلا مثله) يعني قالها ابن عباس من نفسه وعبر بقوله (ولا أحسب) لأن هذا التعبير من ابن عباس، وليس من الرسول صلى الله عليه وسلم، زاد مسلم فيه تفسيره:(ولا أحسب كل شيء إلا مثله) يعني الطعام، اختصر الإمام مالك في الحديث على ما ورد في الحديث فأجاز بيع المبيع قبل قبضه في غير طعام المعاوضة، قال ابن المنذر: وهو أصح المذاهب في هذه المسألة. الإمام أحمد يجوز عنده بيع كل شيء قبل قبضه إلا المكيل والموزون والمذروع والمعدود، أما أبو حنيفة كما نقلت من (اللباب شرح الكتاب) لا يجوز عنده بيع المبيع قبل قبضه إلا الدور والأرض هذا يجوز عنده بيعها قبل قبضها أما الإمام الشافعي فلا يجوز عنده بيع أي شيء قبل قبضه سواء كان طعاما أو غيره وسار على ما قاله ابن عباس – رضي الله عنه – هذه إحدى الملاحظتين.

ص: 1010

الملاحظة الأخرى: وهي (بيع الدين بالدين) أنا عندي فيها ما كان يقول الأخ الآخر، وهي أن حديث ابن عمر في بيع الكالئ بالكالئ – الذي أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه – إن كان هذا الحديث طعن في بعض رواته كما قال الشوكاني فإن الإمام أحمد قال بعد أن قال: إنه ليس في هذا شيء صحيح، لكن إجماع الناس أنه لا يجوز بيع دين بدين وكذلك ابن المنذر قال: وأجمعوا على أن بيع الدين بالدين لا يجوز.

هذا ما عندي في المسألة أما ما ذكر عن ابن تيمية وابن القيم في الحقيقة ما كانت أعلمه الذي كان عندي هذا عند الأئمة الأربعة. والسلام عليكم ورحمة الله.

الدكتور إبراهيم بشير الغويل:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله.

أولا: لا بد أن أسجل الشكر الكبير للأخوين الباحثين على ما بذلاه من جهد، وبعد ذلك أشعر بأنه من حق إخوتي علي أن أقول وأن أذكر بما سبق أن قلته في اجتماعات هذا المجمع من أن هذه المواضيع توقعت أننا سنصل إليها وبالشكل الذي تسير فيه من يوم أن تحدثنا عن موضوع النقدين، أو النقود وقد قلت وقتها: إن إقرارنا بعدم تثبيت النقدين كوحدة تبادل وقياس وأخذنا بالمفهوم العصري وبالاحرى بالمفهوم الغربي للنقود سيجرنا للائتمان وإلى البنوك وإلى البورصة وأنا أود أن أكون صريحا: هذه ليست السوق الإسلامية المشتركة السوق المشتركة تتناول أمورا أخرى تتناول أمور انتقال العمالة وانتقال رؤوس الأموال وما إلى ذلك، السوق المشتركة لها تعريف محدد هذا حديث عن سوق مالية بورصة وما يجري داخل البورصة ولا بد أن يكون الأمر واضحا، ولهذا أنا أقترح: أولا: تصحيح العنوان فلا يقال السوق الإسلامية المشتركة، ثم يكون البحث في هذا المجال الحديث عن سوق مالية للعالم الإسلامي يجوز (بورصة) أود أن أكون واضحا باعتباري من المجازين والمتخصصين والعاملين في المجال الاقتصادي، إن الفكر الاقتصادي يعرف أن هناك المذهب الاقتصادي أو (doctrin) ويعرف تطبيقات متعددة لأي مذهب يسمى (Systems) وتأخذ أشكالا مختلفة وفقا للسياسات المالية النقدية المختلفة (Poloses) ووفقا للتحاليل العلمية التي تتنوع بتنوع المدارس.

ص: 1011

الذي نريده للفكر الاقتصادي الإسلامي والذي نؤمن أنه يوجد في كتاب ربنا عز وجل وفي تطبيقات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تقدم الأنموذج هو أن هناك مذهبا وإن هذا المذهب أو هذه النظرية أو هذه الرؤية من الممكن أن تقام على أساسها أنظمة وإن الأنظمة ستتعدد وفقا لتعدد المدارس والسياسات المالية والنقدية ولكن السياسات المالية والنقدية يجب أن تكون حينما تنطلق من نظرية معينة مختلفة عن السياسات التي تنطلق من نظرية أو مذهب آخر، ومن هنا فأرى أننا حينما نريد أن نتخير للمذهب الاقتصادي الإسلامي نتخير بعد أن نحدد هذا المذهب أولا ثم نتخير وفقا لأرجحية دليله والاوفق بمقاصد الشريعة وهو الأصلح وهو الأكثر تحقيقا للمصالح وأنا أتوقع في هذا المجال أننا نقدم حلا لمشاكلنا ولمشاكل البشرية أنا أود أن أشير إلى هذه النقاط لأنني سأقف بعد ذلك أمام قضية البورصة أو السوق المالية وما يتعلق بها أنا لا أريد أن أتحدث الآن عن ما تصوره المذهب الاقتصادي في الإسلام ولكن يكفيني أن أشير إلى ما سبق أن أشرت إليه إلى أن موضوع الوظيفة الثالثة للنقود التي عرفها الفكر على يد الإحياء اليوناني الذي قام في أوروبا في العصور الوسطي وبتأثيرات الفكر اليهودي التي تبناها (روت شلت) الذي كان أول من أسس بنكا هي ما تسمى بالوظيفة الثالثة للنقود، النقود أصلا وسيلة تبادل ومقياس للطيبات أضيفت لها وظيفة ثالثة سميت وظيفة الاختزان والقول بوجود وظيفة الاختزان أو الاكتناز للنقود هو الذي أوجد نظرية الائتمان ليس كل الناس يطلبون النقود وهو في نفس الوقت إذن من الذي يطلب نقوده؟ يطلب نقوده حينما يودعها لدى صاحب البنك الذي كان على الميناء ويقول للتجار هم 10 % أو 20 % وإذن له أن يأخذ 80 % ويتصرف فيها وأقيمت على هذه الرؤيا إذن الوظيفة الثالثة للنقود مع نظرية الائتمان هي أساس البنوك حينما أقيمت البنوك بصورها المختلفة استدعت أن تكون لها بورصة.

وأوجدت الشركات المساهمة وتبادل الأسهم وتبادل السندات والعملات وما إلى ذلك وأصبحت النقود بعد ذلك ليست كسلعة بل إنها ليست مقياسا ولا تقوم بوظيفتها فتلك قضية أخرى.

ص: 1012

هل نحن عندما نسير في هذا الطريق في حقيقة الأمر نقدم حلا إسلاميا لمشاكل العالم الإسلامي والإنسانية أم أننا نحن ننقل إمكانية إقامة بورصة في هذه المنطقة كما أن هناك بورصة في الشرق الأقصى في اليابان (طوكيو) أو أن هناك بورصة في هونج كونج أو أن هناك بورصة في باريس وما إليها؟

هذه القضية يجب أن تدرس، ولذلك إذا كان بحثنا عن قضية السوق الإسلامية المشتركة وبحثنا عن قضية أن هذه المنطقة هي المواد الأولية وإمكانية إقامة سوق للمواد الأولية في هذه المنطقة، وإمكانية انتقال السلع وإمكانية انتقال الأيدي العاملة ورؤوس الأموال وما إليها ثم رأينا أن تقيم سوقا ضمن هذا الإطار ذلك أمر آخر إنما حينما نبحث عن إقامة بورصة ونبحث لها عن مبرراتها ذلك ما قلته من أول يوم: إننا نسير في طريق أسلمة والبحث عن مبررات لنظام رأس مالي يقام في هذه المنطقة، إنني أحذر وأنبه مع احترامي الكبير والجليل لهذه البحوث القيمة التي بحثت. وكما أشار أخي الأستاذ علي في خاتمة بحثه أنه فعلا أشار إلى إمكانية الاجتهاد الانتقالي وأشار إلى الاجتهاد الإنشائي أخذا عن الدكتور القرضاوي لأن المسائل التي لا نجد فيها آراء لفقهائنا يجب ألا نؤمل ما قاله الأقدمون واحتراما لهم لم يخطر لهم على بال هذه قضايا هذا العصر لا بد أن نواجهها بفهمها إنني أبرأ من أن تكون الأمة كمن يسير في سفينة يقودها غيرهم، ويكتفون لكي يعبروا عن موافقتهم أو عدم موافقتهم بأن يذهبوا من أول السفينة إلى آخرها أو من آخرها إلى أولها، إن مطلب السفينة الإنسانية يحتاج أن نمسكه بأيدينا، ونحن نملك في هذا القرآن الكريم وفي تطبيقات رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينقذنا وينقذ الإنسانية، وإننا لمسؤولون، ولقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، أو في شهادة وأبقانا لنكون شهداء على الناس، لا أن نكون أتباعا لهم. شكرا، والسلام عليكم ورحمة الله.

ص: 1013

الشيخ رضا عبد الجبار العاني:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

الواقع أن لي بعض الملاحظات على هذه المسألة المطروحة الآن منها ما سمعناه الآن وبارك الله في الأقوال التي قيلت الحقيقة إننا قد وقعنا في خلط عجيب في المفاهيم التي شاعت في هذا العصر صادرة عن الأنظمة الرأسمالية والغريبة وكلما سمعنا بعنوان أبهر نحاول أن نؤسلمه فالبورصة وأمثالها من المصطلحات التي وجدت الآن ووفق فلسفاتها ليست من الإسلام في شيء ونحن ينبغي ألا ننسى أننا مسلمون ولنا خصائصنا، ولنا مبادئنا وضوابطنا فالمادية التي تسير الغرب نريد أن ننقلها إلى الشرق الإسلامي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:((أجملوا في طلب الرزق)) فكل الذي نراه الآن هو محاولة تقليد الغربيين في هذه المسائل، العنوان الذي نقرؤه (الأسواق الإسلامية) الحقيقة حينما فتحنا البحوث التي كتبت وجدنا جزئيات منها ما عولج سابقا، وصدر فيه رأي جزئياته الفقهية مطروحة، وما طرح أيضا هو ليس على طريق الحصر لأن العقود كثيرة وكثيرة جدا وإنما الوقائع هي التي تكشف لنا الوسائل التي نريد لها حكما في الشرع الإسلامي، فالمسلمون يتعاملون من قديم الزمان وإلى الآن يتعاملون بهذه العقود بيعا وسلما واستصناعا وغيرها من العقود يبحثون عندما عن واقعة جديدة ظهرت ولم يظهر فيها الحكم واضحا فيسألون العلماء عنها، نحن الآن نريد أن نضع ضوابط لبورصة وليس لسوق إسلامية البورصة كيف نحصرها والسوق الإسلامية عامة لكل المسلمين يتعاملون دون حصر فلا يتعاملون به، هو من أصول دينهم ومن تشريعاتهم وما يستجد يسألون عنه.

الآمر الثاني: الحقيقة وجدت بعض المسائل التي طرحت في ندوات أخرى وصدرت فيها آراء، ولكن الباحثين يصرون على المخالفة ويصدرون آراءهم مغايرة كما في مسألة الوعد والحقيقة بالنسبة للوعد القول بالإلزام به أمر يناقض قواعد الملكية في الفقه الإسلامي وينسف مسألة العقد نسفا تاما لأنه تتبين المعاني من تعاريف المصطلحات، فالوعد قال فيه الفقهاء التزام إنشاء معروف في المستقبل، والعقد قالوا: إيجاب وقبول يظهر أثره في محله، فأين الوعد من العقد؟ ونحن الآن نريد أن نقيم الوعد مقام العقد فهذا خلط غريب وعجيب جدا كأنهم حينما قالوا إنشاء معروف في المستقبل كأنهم ألغوا أصلا أن يكون هناك وعد في البيع لأن البيع لابد من تنجيزه، ويبقى الوعد بسوف وسأبيعك، وهذه كلها أمور لا تلزم، فكيف نريد بالنسبة للشيخ الفاضل علي السالوس في الحقيقة وجدت بعض الملاحظات في بحثه بالنسبة للمسلم فيه، الحنفية يشترطون الوجود من بداية العقد إلى نهايته، ولا يقولون بعام الوجوب، ولذلك يفسدون السلم حينما يختفي المسلم فيه، في موضع آخر يقول أيضا الشيخ علي السالوس:" انتهى بعض الباحثين إلى جواز المواعدة بشرط أن يكون الوعد غير ملزم أخذا برأي أهل الظاهر خلافا للجمهور" والواقع أن الجمهور كلهم لا يقولون بإلزام الوعد ليس ابن حزم فقط، وابن حزم حينما تكلم في الوعد ونقل ما قرأه الآن الشيخ السالوس قال:" وهذا رأي أبي حنيفة والشافعي وغيرهم من العلماء" فكل العلماء لا يقولون بإلزام الوعد وحتى ابن شبرمة ما نقل عنه إنما هو مخصوص في التبرعات وكذلك المالكية والمالكية أنفسهم يقولون: " لو قال له: أبيعك يجب عليه أن يحلف أنه ما أراد الوعد لكي يكون البيع ناجزا، يجب عليه أن يحلف أنه ما أراد الوعد، وهذا قاطع لأنه لا يرى المالكية إلزاما في المعاوضات وإنما كلامهم كله يدور في التبرع.

الشيخ السالوس أيضا في الحقيقة ساق خلافا لا وجود له بين مالك والأئمة الثلاثة المسألة التي تطرق إليها ونقل النصوص فيها النصوص فيها هي تخص النقدين لو تصارفا والنقدان خارج مجلس العقد - لو تصارفا- وهذه صريحة في النصوص وتصارفا معناها: تم عقد الصرف، وليس وعدا فهذا ليس من التواعد في الصرف في شيء أبدا لو تصارفا والنقدان غير موجودين فمالك يقول: هذا ليس بصحيح، والصرف فاسد إذا جاء النقدان وأتى بهما والأئمة الثلاثة يقولون: الصرف مضى صحيحا بينما التواعد سأصرفك غدا أي نساء، فهذا مع أنه كان في الحقيقة موفقا في فرز ما قيل عن الشافعي ووجهه توجيها سليما لكنه عاد فخلط الأوراق مرة أخرى فابن حزم حينما قال قولا فهو رأي الجمهور في الحقيقة كلهم يقولون: تجوز المواعدة في الصرف، وقولهم: يجوز. لا يعني أنه ملزم لا يعني أن فيه إلزام إنما يجوز أن أقول لك: سأصارفك غدا وعصرا وبعد أسبوع ومن يقول لا يجوز هذا لا يقول به أحد أبدا فكل العلماء يقولون هذا يجوز لكن هذا ملزم؟ لا أبدا عند الجميع ليس ملزما، وشكرا.

الدكتور سامي حسين حمود:

ص: 1014

بسم الله الرحمن الرحيم

يبدو أن الموضوع فيه شيء من اللبس فالسوق الإسلامية المشتركة تحتمل مجالين المجال الأول: هو المجال الاقتصادي تبادل السلع والمنتجات بين الدول الإسلامية وهذا محل بحثه عند الاقتصاديين إنما في المجمع تبحث الطرق والأحكام التي تتم بها هذه المعاملات من أحكام البيع والمواعدة فيه وأحكام السلم وأحكام الاستصناع والمجال الثاني: هو السوق المالية الإسلامية التي تحكم الأدوات التي يتم فيها تداول حصص تمثل حصص امتلاك، وتأكيدا لهذا اللبس نجد الباحثين الكريمين وهما يقيمان في بلد واحد ويدرسان في جامعة واحدة قد طرقا هذا الموضوع تحت العنوان المشترك بأسلوبين مختلفين، فبينما تطرق فضيلة الأستاذ الدكتور علي السالوس إلى الطرائق في البيع والمواعدة والاستصناع والسلم، تطرق الأستاذ الدكتور القره داغي بشكل واضح إلى أنه يتكلم عن السوق المالية المشتركة بمفهوم الأدوات المالية التي تعمل في هذه السوق.

والواقع من سياق دورات المجلس المتصلة كان البحث والقواعد التي وضعت أسسها في الدورات السابقة يتعلق في الشق الثاني من الموضوع الذي هو الشق الفقهي المتعلق بالأدوات المالية الإسلامية لوجود حاجتين أساسيتين في العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه، الحاجة الأولى هي حاجة البنوك الإسلامية لأن يكون لديها متنفس تستطيع أن تستثمر فيه فائض السيولة عندما يكون لديها فائض وأن تلجأ إلى هذه الأسواق لأخذ ما تحتاجه من المال عند احتياجها إليه على طريق مواز لما هو معروف في الأسواق المالية العالمية بالسوق الثانوية لرأس المال، وليس عيبا من المحاكاة عندما تكون الاحتياجات موجودة فهذا هو منهج الشارع الحكيم نفسه في معالجة الأمور التي عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة النبوية الإسلامية فوجد الناس يتبايعون ويتعاملون فأجاز ما كان منها صحيحا وصحح ما كان منها معيبا، وأبطل ما كان منها من أساسه باطلا وفاسدا ومخالفا لقواعد الشرع ونحن في حياتنا نفتح عيوننا على واقع هذا الواقع يدل أن هناك حاجة لسوقين أساسيين في التعامل السوق الأولية التي تتعامل في الإيداعات واستثمار الأموال والسوق الثانية التي تحتاج إلى الرديف الذي تلجأ إليه البنوك الإسلامية عندما يكون لديها فائض أو يكون لديها احتياج وإذا كانت هذه السوق العالمية التي نشاهدها محكومة بواقع الفائدة والسندات التي تعتمد على الربا فإن الواجب علينا وهذا المنهج الذي حصل أن نستحدث وأن نفكر وأن نوجد الصورة التي تعتمد على نوع من الصكوك يحتمل الربح والخسارة والتي هي صكوك المضاربة الوجه الثاني للحاجة: هي حاجة دولنا الإسلامية التي نحن واجب علينا أن نسخر فكرنا لخدمتها في الاتجاه الشرعي (الاتجاه الصحيح) فالدول تحتاج إلى أموال وهذه الدول عند عدم وجود البديل تصدر سندات الفائدة في العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه إلا من رحم الله، هذه السندات يعزف عنها الناس لمعرفتهم أنهما تعتمد على الفائدة وإن كانت أحيانا تصدر بعض الفتاوى والأقوال هنا وهناك ومن الواجب أن نبحث عن صكوك أو أدوات مالية استثمارية تستعملها الدولة ولكن ضمن قواعد الشريعة وهي الصور التي تطرق وأشار إليها بالبحث الأخ الفاضل الدكتور القره داغي وهي صكوك الخزينة الإسلامية إذن حاجتنا من هذين الوجهين حاجة أساسية فما هي صورة هذه الصكوك؟

القاعدة الأساسية الواضحة التي أقرها المجمع بوعي وعلم وفضل هي قاعدة أن هذه الصكوك تمثل حصصا في موجودات أو مشروعات استثمارية مدروسة اقتصاديا تحتمل الربح غالبا ولكن لا تخرج عن الخسارة وهذه الصكوك تشارك في الأرباح ويكون لها مجال تباع وتشترى فيه فإذا وجد المجال الذي تباع وتشترى فيه فقد قامت قواعد هذه السوق، أما الضمان من الشخص الذي يأخذ المال ليقيم المشروع غير مقبول لأنه لا يجتمع دين وضمان في موضوع المضاربة ولكن الضمان إذا كان من طرف ثالث ليس مدينا ملتزما فهل هذا جائز؟ قالوا: إذا كان التبرع بأصل المال جائز ألا يجوز التبرع بالضمان؟ من هنا قضت لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية بجواز دخول الحكومة كضامن لسندات المقارضة المخصصة لمشاريع الأيتام هذه هي الصورة التي نتمنى أن تتطلب في المجالات التي تشجع فيها الحكومة تنمية قطاعات محددة في مجالات معينة لمنفعة الاقتصاد الوطني ولمنفعة الناس والمواطنين بما يخدم الشريعة الإسلامية في مجالاتها التطبيقية الواسعة.

ص: 1015

هناك نقطتان أحب أن أشير إليهما في البحث الذي قدمه الأستاذ الدكتور علي السالوس:

النقطة الأولى: غالبها استفساري هي في المبحث الثاني من بحثه، أشار إلى أنه إذا احتاج البائع إلى الثمن قبل حلول فقد يجد المخرج في بيع السلم، والذي أفهمه أنه إذا باع شيئا فقدْ فقدَ ملكية ما باع وأصبح حقه معلقا في الثمن في موعد مؤجل فما هو مجال بيع الثمن في هذه الحالة بعد أن يكون قد باع أيبيع ما باع مرة أخرى، أم المقصود أنه يستحدث سلما جديدا وفي هذه الحالة ليس له علاقة بالبيع الأول؟

النقطة الثانية والأخيرة: هي المواعدة في الصرف والمواعدة بمفهومها التطبيقي في المصارف ليس المقصود فيها أن تكون بيعا وإنما هي اتفاق على تحديد سعر عملة في يوم محدد ولا يتم فيها تبادل البدلين – يعني ما تم شراؤه من الدولار مقابل الإسترليني أو العكس- إلا عند حلول الأجل ويتم التبادل في آن واحد، إنما عندما يتم التبادل في ذلك الوقت فإنه يكون بالسعر الذي اتفق عليه مقدما هذا السعر الذي قدم وكما أن هذا يجوز تحديدا كذلك من الممكن أن يجوز تطبيقا فلو أقدم البنك الإسلامي مثلا ويقول: أنت تحتاج للدولار وأنه ملتزم في أن يستورد في هذا الموعد ولا يريد أن يدفع الثمن الآن فإنه يستطيع أن يقرضه بلا فائدة بطبيعة الحال لأنه مصرف إسلامي ويكون عليه في الدفتر قيدان قيد أول هو مضمون بقيمة الريال القطري، وقيد قبال الدائن بقيمة الدولار الأمريكي بما يعادل يعني عشرة ملايين ريال قطري تقابلها ثلاثة ملايين ونصف دولار أمريكي، وعندما يأتي الموعد هو يدفع قيمة الريالات القطرية فلا يكون قد تحمل زيادة والبنك يحتفظ بحقه في الضمان لأنه يملك القيدين معا إنما تغيرت صورة الالتزام فكما أن هذا جائز تطبيقا كذلك يجوز للمواعدة في نظري حسب ما وصلت إليه في رسالتي للدكتوراه (المواعدة بالصرف) عند من يجيز المواعدة فيها أنه يجوز ابتداء تحديد السعر طالما ليس المقصود هو المضاربة والمقامرة إنما المقصود تنفيذ عملية اقتصادية حقيقية ولكن بصدق. والسلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ علي التسخيري:

ص: 1016

بسم الله الرحمن الرحيم.

بعض ما أردت أن أقوله قاله أخي الأستاذ سامي فأنا أقدر للطرفين غيرتهما لكن هناك خلط كبير يقع على صرف العنوان مما دعا الإخوة الأستاذ الكبيسي وبعض الإخوة الآخرين للاعتراض في الموضوع الحقيقة نحن بحاجة إلى تصحيح أوضاعنا القائمة وبحاجة إلى تغيير أمورنا وأعطانا الصبغة الشرعية إن وافق الشرع رأيا قبلت المرونة الإسلامية مثل هذه الأنماط الجديدة في التعامل وهذا أمر قام به المجمع الكريم وقام به الأخوان الباحثان أيضا وأعتقد أننا لو جمعنا القرارات السابقة والقرارات التي سوف تصدر في هذا المجمع – إن شاء الله – في هذه الدورة، لتشكلت لدينا مجموعة شبه كاملة لسير سوق إسلامية مقبولة ولا أقول مثالية وحبذا لو سرنا وأكملنا وسددنا بعض نقاط الضعف في هذه السوق العنوان الآخر أيضا عنوان مطلوب فمسألة السوق الإسلامية المشتركة حققت الكثير من آمال أوروبا ولا ريب أن مجمعنا يجب أن ينتقل لحالة الانفعال وهو حالة لا بأس بها حالة طبيعية أن ينفعل المجمع فيحاول أن يجيب على المسائل التي نبتلى بها. إن الحالة الفاعلية أو الفعلية حينما يدخل في موضوعات تحقق للأمة أملها فلو أننا عقدنا ندوات ثم ناقشنا بعد ذلك قراراتنا هنا، ندوات في مسألة السوق الإسلامية المشتركة فهذه المسألة لها جوانب سياسية ويجب أن تتوافر الإدارة السياسية لدى قادة الدول الإسلامية في إيجاد مثل هذا الأمل وجانب آخر اقتصادي تخصص وجانب ثالث وهو جانب النمو وهو الفكر الأساس أو العمل الفاعل في الأمر وهو العمل الفقهي فلو أن هناك من استكتب أو استكتبت مجموعة في إعطاء الأسلوب العملي للاستفادة من الأحكام الإسلامية في إقامة السوق الإسلامية المشتركة لكان ذلك جديرا بالمجتمع ولكان المجمع فاعلا.

ص: 1017

سيدي الرئيس أنتم أعلم مني في أن هناك أحكاما لو طبقت لوجدنا سوقا إسلامية مشتركة أفضل بكثير من السوق الأوربية مسألة ملكية الأمثال إذا جعلنا المعادن من الأمثال وعادت هذه الأمثال إلى الدولة الإسلامية نيابة عن الأمة الإسلامية فكل المعادن ستملك لكل الأمة مسألة ملكية الأراضي المفتوحة عنوة وبالمناسبة إيران أكثرها مفتوحة عنوة العراق مفتوحة عنوة هذه ملكية الأمة الإسلامية بالفعل ولكنها لا تورث كما هي الفتوى المشهورة إذن هناك مجالات كبيرة تنفع أصحابها أو هؤلاء أصحاب النظرية المثالية لسوق إسلامية مشتركة تدخل فيها كل الأموال التي هي ملك الأمة في حوض كبير لصالح مستقبل الأمة الاقتصادي أعتقد إذن أنه حبذا لو قامت لجنة التخطيط لمثل هذه النظرية نحن قد لا نبتلى بالفعل لكنه أمل مطلوب من جماهيرنا جميعا، ولذلك الدكتور الكبيسي تألم كثيرا عندما لم يجد أن ما تصوره يتضمنه المقال، المقال كان يشير إلى سوق مالية وإلى علاقات مالية قائمة في حين كان يطمح إلى سوق إسلامية مشتركة اقترح إذن أن تقوم لجنة التخطيط بوضع خطة للسوق مع الخبراء الاقتصاديين وعندنا أناس فاضلون يجمعون بين الخبرة والالتزام الإسلامي – للوصول إلى صيغة. هذه نقطة.

النقطة الثانية التي أردت أن أشير إليها هي: أن أشكر الأستاذ السالوس والأستاذ القره داغي عيل بحثيهما ولكني أشير إلى نقطة وهي أن هذين البحثين كانا يترددان أحيانا بين منهجين منهج لنقل الأقوال والاستناد إلى الأقوال الماضية وكل أصحابها محترمون لدينا ومنهج مراجعة الدليل القوي كما رأينا الدكتور القره داغي في عملية الاعتياض في صرف السلم كان يقول: أم دليل هؤلاء المانعين الاستناد إلى هذا الحديث أو الإجماع المنقول أو بيع ما ليس عنده وناقش الأدلة فرجح هنا نحن إما أن نرجح أو نجتهد وفي كلتا الحالتين نحتاج إلى معرفة الدليل حتى نستطيع أن نرجح وإلا فيم نرجح؟ نرجح بالكثرة- مثلا – لأن الأكثرية وقعت أو الأقلية؟! نرجعحلأن الدليل أقوى إذا ثبت لدينا بين قوة الدليل منهج الاستدلال في الترجيح أو في الاجتهاد منهج أراه جيدا وسليما، وأطلب من أخوتي أن يركزوا على هذا المنهج طبعا نقل الأقوال يعد صيانة ويعد دعما ضمانا للسير الصحيح في عملنا الاجتهادي وشكرا.

ص: 1018

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم

حديثي سيكون أساسا عن المواعدة في الصرف والتي وردت في بحث الدكتور السالوس ورد في هذا البحث تخطئة القائلين بالمواعدة في الصرف سواء أكانت على الإلزام على غير الإلزام ونسب الدكتور السالوس هذا القول إلى الجمهور واستدل بأدلة.

ملاحظتي هي عن الأدلة التي استدل بها لرأي الجمهور ذكر عددا من الأدلة ليس فيها ما يتعلق بالمواعدة في الصرف سوى دليلين عبارة ابن رشد الجد " والمواعدة في الصرف لا تجوز" وعبارة ابن حزم وقد قرأها عليكم أما باقي التي نقلها فليست في المواعدة على الصرف وإنما هي في الصرف على الذمة كما يعبر المالكية أو الصرف في الذمة كما يعبر الحنابلة وفي النص الذي نقله الدكتور السالوس عن الحنابلة هذه العبارة صريحة.

في المبحث الرابع: وقال ابن قدامة في المغني: " اصطرفا في الذمة نحو أن يقول بعتك دينارا مصريا بعشرة دراهم فيقول الآخر: قبلت فيصح البيع سواء كانت الدراهم والدنانير عندهم أو لم يكونا" فهذا عقد لصرف وليس مواعدة والعبارة واضحة وكل العبارات التي نقلها في هذا صريحة في أننا أمام عقد صرف وليس أمام مواعدة والنتيجة التي توصل إليها من هذه النقول هي جواز هذا العقد عند الجمهور خلافا للإمام مالك فهو يؤدي إلى عكس ما أراده الدكتور السالوس لو أخذنا بأن هذه النصوص في المواعدة على الصرف والواقع أن المواعدة في الصرف أو على الصرف ليس للجمهور فيها رأي، فعلى قدر ما بحثت في هذا الموضوع لم أجد نصا للحنفية ولا للشافعية ولا للحنابلة الذين تكلموا صراحة في المواعدة في الصرف من الأئمة الأربعة هم المالكية ورد هذا في المدونة، وورد هذا عند كل شراح الحديث كشراح متن خليل العبارة التي وردت في متن خليل:" وحفظ في نقد وطعام بلا فضل ونساء ومؤخر ولو قليل أو غلبة أو عقد ووكل في القبض أو غاب نقد أحدهما وطال أو نقداهما" وهذه هي الصرف على الذمة غاب نقد إحدهما أو غاب نقداهما المالكية لا يجزون هذا ولو حصل العقد يعني العقد حصل قال له: صارفتك كذا بكذا وقبل الآخر وليس عند أحدهما نقد ثم التفت أحدهما إلى جاره وقال له: أقرضني درهما والتفت الآخر إلى جاره وقال له: أقرضني كذا دينار ودفعها حصل التقاضي وهما في المجلس الجمهور يجيز هذا بينما الإمام مالك لا يجيزه والذي هو الصرف على الذمة أو الصرف في الذمة وهو غير صرف ما في الذمة ورد في الحديث صرف ما في الذمة هو في دين ثابت على شخص حيث حل الأجل وليس عنده فقال لدائنه أعطيك دولارات مكان الريالات هذا جائز عند الجميع وكلاهما غير المواعدة على الصرف المواعدة عيل الصرف كما قلت لكم هي التي وردت في هذه العبارة أو غاب نقد أحدهما وطال أو نقداهما أو بمواعدة فخليل ناص على الحالتين: حالة الصرف على الذمة وحالة المواعدة وأسهب الشراح في هذا أقول لكم عبارة واحدة للحطاب: " وحرم صرف بمواعدة " وهذا القول شهره ابن الحاجب وابن عبد السلام وقال ابن رشد هو ظاهر المدونة وشهر البعض بالكراهة ونسبه اللخمي لمالك وابن القاسم وصدر به في المقدمات ونسبه لابن القيم ونصه: وأما المواعدة فتكره فإن وقع مرة الصرف بينهما على المواعدة لم يفسخ الصرف عند ابن القاسم وقال أصبغ يفسخ فلعل قول ابن القاسم إذا لم يتراوضا على السوم وإنما قال له اذهب معي أصرف منك وقول أصبغ: إذا تراوضا على السوم فقال: اذهب معي أصرف منك ذهبك بكذا وكذا وهذه هي النقطة التي أريد أن أصل إليها والتي استنتجت منها أن المواعدة على الصرف عند المالكية إذا كانت – والأصل فيها على الإلزام – بصيغة تدل على الإلزام بأن تم الاتفاق على البدلين هكذا تكون ملزمة ولذلك منعت أما إذا قال له اذهب معي إلى السوق أصارفك هذه تجوز لأنه تجوز لأنه ليس هناك إلزام في هذه الحالة والذي خرجت منه من هذا أن المواعدة في الصرف أو على الصرف إذا لم تكن على الإلزام فهي جائزة أما إذا كانت على الإلزام فإنها لا يجوز لأنها تكون في حكم العقد ويكون في هذه الحالة قد تأجل البدلان وليس البدل الواحد هذا ما أرادت أن أقوله بالنسبة للمواعدة.

كلمة قصيرة قالها الأخ رضا وإن كان وافقني في بعض كلامه تتعلق بالسلم واعترض بها على عبارة الدكتور السالوس حيث قال: السلم يشترط المثمن فيه أن يكون محققا وجوده أو قريبا من المحقق وقال: إن رأي الحنفية أن السلم يجب أن يكون موجودا من وقت العقد إلى وقت التسليم وهذا صحيح بالنسبة لمذهب الحنفية لكن ما كتبه الدكتور السالوس صحيح أيضا وهو رأي الجمهور، الحنفية يرون أن السلم من بيع ما ليس عند الإنسان وليس للبيع المعدوم ولذلك اشترطوا الوجود، غير الحنفية يرون أنه من بيع المعدوم ولذلك لا يشترطون وجوده وقت العقد إنما يشترطون أن يكون غالب الوجود عند رحيله أي عند حلول الأجل وشكرا.

ص: 1019

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

شكري وتقديري الاتمان الأكملان للباحثين الكريمين واللذين أعتبرهما ركنين من أركان هذا المجمع الفقهي لما جمعاه من تحقيق وعمق وحسن البيان وما كتباه هو يحقق ما جاء في العنوان الخامس أو الموضوع الخامس الذي عرضته الأمانة العامة على الاستكتاب وإن العنوان هو في يومنا هذا كأمسنا ربما يلفت النظر إلى بعض أجزائه فيصرف الناظر عن التأمل الكامل والاقتصار على جزء من العنوان، العنوان هو " تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية " هذا هو العنوان فهو تطبيقات وشأن استعمال " تطبيقات" أن يفيد التقييد فهو بعض تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية فما كتباه في الموضوع وينسى أصل الموضوع هو السوق الإسلامية المشتركة هكذا، ثم إن هذا العنوان فصل فيما بعد المذهب التطبيقي للاستفادة من العقود الخاصة والسلم الاستصناع ونحوها، ومن الوعد بالبيع والصرف في إقامة السوق الإسلامية للسلع والعملات مع الاحترام لطريقة التعامل الشرعي والالتزام بها إذن هذا هو الموضوع الذي سندرسه، وقد تكون آمالنا معلقة بموضوع آخر لكن الموضوع الآخر هو ليس محل دراسة وقد يكون محل اقتراح أو يكون جلسة من جلستنا القادمة ولذلك أعتقد أن ما جاء من الكاتبين الكريمين من بحوث وفي الموضوع هو واف هذا من الناحية الشكلية أولا.

ص: 1020

الناحية الثانية: أو الموضوع الثاني هو ما تفضل وسبقني به فضيلة الدكتور الصديق الضرير مما جاء في البحث حيث اشترط الدكتور علي السالوس في بحثه وقال: ولذا قبل أن نشتري سلما لا بد من التأكد من أن البائع ليس مضاربا أو مقامرا وإنما ممن يتوقع وجود السلعة المبيعة في ملكه عند حلول الأجل الشرط بهذا الشكل أو بهذه الطريقة هو ما أعتقده مجمعا عليه لأن من شروط السلف من مذهب المالكية أن يكون موجودا عند الأجل

وشرط ما يسلم فيه أمرا

متصفا مؤجلا مقدرا

من كيل أو درع أو عدد

مما يصاب غالبا عند الأمد

فوجوده عند الأمد عند إتمام العقد والتسليم فجعله على أن هذا شرط عام ومتفق عليه هو أعتقد أنه لا بد من أن يحرر تحريرا أكثر.

الناحية الثالثة: هو أن التطبيقات الشرعية التي وردت في بحث الدكتور القره داغي، أنا عاجز عن مناقشة ما جاء فيها أو عن الالتزام بها لأن ما جاء فيها من العمق ومن البحث ومن المناقشة ومن حديثه حديثا برقيا عما كتبه لأنه لا يسمح له الزمن بذلك يجعلنا لا نستطيع أن نؤكد ما ذهب إليه وما وصل إليه ولا أن نرفضه، ولذا أعتقد أن هذه النواحي التي جاءت في هذه التطبيقات الشرعية لعمقها ولما جاء فيها من نقاش استمعنا إليه كما قلت برقيا يجعلني عاجزا عن الموافقة عليها أو مخالفتها، أو اعتمادها في المجمع أو أن يكون المجمع يصدر فيها قرارا بكامل الوضوح.

الأمر الرابع: هو رجاء للرئاسة وللأمانة العامة أن تحذف كلمة من محضر الجلسة التي هي عادة تنشر كما هي وردت آخر كلمة لأنه ليس من العادة ومن الشأن بعد كلام الرئيس أن يأخذ أحد الكلام لكن وقعت في الأمس مخالفة هذه القاعدة جاء في هذه الكلمة " تأنيب مالك من علماء عصره" كلمة " تأنيب " أرجو ألا توجد في محضر جلساتنا وأن تحذف.

وشكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1021

الشيخ تقي العثماني:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

الواقع أنه لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير للباحثين الجليلين اللذين قدما في هذه الجلسة أبحاثهما وهما قيمان وفي غاية العمق والتوسع ومع تقديري لهذين البحثين فإني أريد أن أذكر نقطة أساسية في هذا الموضوع وأشير إلى بعض الجزئيات التي ذكرت في هذين البحثين.

أما النقطة الأساسية فهي أننا لا شك بحاجة شديدة إلى إقامة سوق مالية إسلامية ولنحذف كلمة (المشتركة) لأنها قد أحدثت بعض اللبس المقصود في هذا المجمع هو التحدث عن السوق المالية الإسلامية والتي تسمى في بعض الأحيان " السوق الثانوية "

وإن من ضروريات هذا العصر أن تكون عند الأمة المسلمة أدوات مالية تتداول في مثل هذه السوق ولكن في الوقت نفسه حينما نؤكد حاجة مثل هذه السوق لا نريد أبدا أن نبرر كل ما يجري في الأسواق المالية العالمية أو الغربية ولا أن نأتي ببدائل لكل ما يتعامل به في هذه الأسواق بجميع عجرها وبجرها، وإنما المقصود أن نقيم سوقا إسلامية تقوم على قواعد الشريعة الإسلامية فإذا كانت هناك أدوات مالية مقبولة شرعا لا شك في قبولها وحسنها من الناحية الشرعية فأهلا وسهلا أما إذا لم تكن هناك أدوات فلا ينبغي لنا أن نحتال أو نلتمس المخارج لكل ما يجري في مثل هذه البورصات أو مثل الأسواق المالية.

وانطلاقا من هذا المبدأ أرى أن المقترحات التي قدمت في هذين البحثين مقترحات صكوك المقارضة هذا مقترح مقبول وقد أقره مجمع الفقه الإسلامي سابقا وكذلك تداول الأسهم مقترح مقبول ولا مانع منه شرعا وكذلك إذا أنشئت أدوات المشاركة أو الإجارة فهذه أدوات مقبولة شرعا وقد تقرر عليه رأي جمهور علماء الأمة في عصرنا هذا.

ص: 1022

ولكن جاء فضيلة الدكتور علي السالوس - حفظه الله – وأخونا الأستاذ علي محي الدين القره داغي –حفظه الله – كلاهما جاء بمقترحين جديدين وهما السلم والاستصناع. ولي وقفة طويلة نحو اتخاذ هذين الأساسين لإصدار أدوات مالية في السوق الإسلامية. أما السلم فلا يمكن اتخاذ السلم كأداة مالية إلا إذا أقررنا أن عقد السلم يقع فيه التبادل. وقد ذهب أخونا الشيخ علي القره داغي أو على الأقل مال إلى أن بيع المسلم فيه قبل أوان الأجل ينبغي أن يجوز، وهذا خلاف ما قرره جمهور الفقهاء، وأخشى أننا لو التمسنا الحيل أو المخارج لمثل هذا السلم ولتداول هذا السلم لم يكن هناك فرق بين ما يجري الآن في الأسواق المالية من المستقبليات في السلع فإنه تجري على سلعة واحدة ألف بيعة إلى أوان محله، فلو قلنا: إن بيع المسلم فيه يجوز قبل أوان محله فإنه ينتج نفس الشيء الذي نجده في تلك الأسواق، ولا شك أن ما يجري هناك لا يعدو من أن يكون مضاربة أو مقامرة وهي من النتائج السيئة في هذا النظام الرأسمالي الذي ورثناه في القرون الماضيه، ولهذا أخالف الأستاذ علي محي الدين في إجازة بيع المسلم فيه قبل أن يحل أجله،

وقد جاء فضيلة الدكتور علي السالوس بمقترح آخر وهو أن يكون هناك سلم متواز مثلا، رد السلم بعد عقد السلم الأول يعقد السلم مع رجل ثالث، ثم اقترح أيضا أن تكون هناك حوالة للسلم الثاني إلى السلم الاول. فهذا هو الذي أعتقد أنه يسبب نفس المشاكل التي نراها في السوق المالية اليوم، وبالرغم من أن فضيلة الدكتور علي السالوس ذكر في بحثه أنه يجب في هذه الصورة أن يكون البائع والمشتري كلاهما مجدين في بيعهما ولا يكون من غرضهما المخاطرة والمقامرة، ولكن حينما أجزنا هذه الكلمة التي ذكرنها الأخ علي السالوس – حفظه الله – من أن تكون لا أثر لها في الحياة العملية. فالذي أريده أن هناك شيئا ذكره بعض الفقهاء وهو الحوالة في السلم، هل تجوز أم لا تجوز؟

هناك خلاف ولكنهم لم يتصوروا أن هذه الحوالة تقع في مثل هذه السوق وتستباح به عمليات المستقبليات في السلع التي لا تعدو أن تكون مضاربة ومخاطرة. فالذي أراه أننا يجب أن نحترز من مثل هذه المقترحات بألا تؤدي إلى المحاذير التي نراها في هذه الأسواق.

وقد ذكر أخونا الدكتور علي محي الدين القره داغي – حفظه الله – أيضا " صكوك المرابحة " ولم يصف هذا الموضوع في بحثه ولكنني لم أستطع أن أفهم كيف يمكن أن تصاغ للمرابحة صكوك؟ لأنه إذا تمت المرابحة فحينئذ البائع خرجت السلعة من ملكه ولم يكن يستحق إلا مبلغ السلم، فإذا أحدثنا صكوك المرابحة فإن هذه الصكوك لا تمثل إلا مبلغا من الثمن، فكيف تتداول في السوق الثانية؟ فإنها تؤدي إلى الربا وتؤدي إلى الفائدة، يعني لا تعدو من أن تكون سندات ربوية.

ص: 1023

فما فهمت ماذا يريد من صكوك المرابحة؟ ربما يفهم من كلامه أن المؤسسات التي تتعامل بالمرابحة هي توزع أسهمها وتصدر أسهما وهي التي تتداول.

فهنا لا نستطيع أن نقول: صكوك المرابحة، وإنما هي أسهم تلك الشركة أو أسهم تلك المؤسسة المالية وليست صكوك المرابحة. فينبغي أن يجتنبها؛ لأن هذا الموضوع – صكوك المرابحة – أصبح كثير من الناس ينادون بها ويقولون يجب أن تحذف المرابحة بالصكوك ولا تعدو أن تكون سندات ربوية هذا ما رأيته، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الشيخ إبراهيم فاضل الدبو:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

السيد رئيس المجمع الموقر، يسعدني أن أشكر سماحة الأمين العام لمجمعنا الموقر على دعوته لي للمشاركة في هذه الندوة المباركة، وأعتذر في التأخير عن الحضور غير المتعمد لأسباب لها علاقة بعملي في الجامعة ولصعوبة الحصول على الحجز المبكر ليتسنى لي المشاركة في أيام المؤتمر الأولى.

ص: 1024

فضيلة الرئيس، ما جاء من خلاف بين الباحثين الجليلين حول جواز التصرف في المسلم فيه في البيع، الحقيقة هناك ملاحظات عامة قبل أن أتطرق إلى هذه المسألة، ينبغي أن نلاحظ:

أولا: أنه لا يجوز لنا أن نطوع شريعتنا الغراء لمفاهيم غربية ونظم غير إسلامية إرضاء لأصحاب رؤوس الأموال.

ثانيا: أنه من الممكن أن نجد في فقهنا الإسلامي ما يفي بالغرض، فهناك العقود المالية التي تكلم عنها الفقهاء – رحمهم الله تعالى – من مشاركة ومضاربة واستصناع..، من الممكن أن نجعل منها صكوكا تكون أساسا للسوق الإسلامية المشتركة، ومن الممكن أن تؤلف لجان من المجمع الموقر لتتولى صياغة هذه العقود على شكل صكوك بصورتها الشرعية على غرار صكوك المضاربة التي أقرها مجمعنا الموقر، وأن نستفيد من الأبحاث التي ألفت بهذا الخصوص وما قدمه الباحثان الجليلان.

ثالثا: لا أرى مبررا لإثارة الشكوك حول ما اتخذه المجمع من قرارات سابقة فإنها صادرة – والحمد لله – عن قرار علمي صائب سواء منها ما تعلق بالوعد أو ببيع المبيع قبل قبضه أو ما أشبه ذلك.

رابعا: ما جرى من خلاف بين الباحثين الجليلين حول جواز التصرف في المسلم فيه في البيع فإني أميل إلى الرأي القائل بعدم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه، لأنه من المعلوم لدى الجميع أن عقد السلم من العقود التي وردت على خلاف القياس، أي أنه لا يجوز أيضا لأنه يؤدي إلى بيع الدين بالدين وهو غير جائز.

كما أنني أتطلع كما تتطلع الشعوب العربية والإسلامية إلى إقامة مثل هذه الأسواق التي تكون في منأى عن الكسب الحرام، وأنها داعية لإظهار اقتصادنا الإسلامي بشكل مستقل بعيدا عن الاقتصاد الغربي أو الشرقي. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وشكرا.

ص: 1025

الشيخ عبد اللطيف الفوفور:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرا سماحة الرئيس. ومع كل التقدير والاحترام للجهود المبذولة من الباحثين المعاصرين والأبحاث المقدمة وتعقيبات الإخوة الزملاء والبحثين المقدمين إلى هذا المجمع الموقر فإنني أرى كي لا نستغفل أن السوق الإسلامية الواحدة ولو أنها كانت درجة في سلم الصعود نحو توحيد العالم الإسلامي – إن شاء الله – بيد أن هناك ضوابط ينبغي أن تضبط بها، وذلك في بندين اثنين أسلط الأضواء عليهما:

البند الأول: الموجود حاليا ليس سوقا إسلاميا أو إسلامية، بل هي ترقيع لنظام رأسمالي معمول به حاليا أو ما يسمى بـ (سياسة السوق) ، سواء أعرفنا ذلك أم لم نعرف، وسواء أقصدنا إلى ذلك أم لم نقصد، والأكثر أننا لا نقصد، وهذا لا يفيدنا في شيء بل يضرنا من حيث نريد النفع والخير، بل لعله أو يكاد يكرس الواقع الحياتي الراهن، وذلك أمر خطير جدا ينبغي أن نتوقف عنده مليا، وما ذكره إخوتي وزملائي الباحثون الفضلاء والمعقبون من قضية السلم وما ذكره القاضي العثماني أيضا، وما ذكره – أيضا – الأستاذ الذي قبلي الدكتور فاضل، يؤيد ذلك وأرجو أن يضم هذا إلى ذاك.

البند الثاني: المطلوب نظرية متكاملة في السوق الإسلامية تجمع المفرقات فتصوغها في بوتقة واحدة في شجرة متكاملة في أغصانها وجذعها وثمارها ويكون ذلك في اتجاهين اثنين يكمل أحدهما الآخر.

الاتجاه الأول: وهو اتجاه قاصر فيكون فى ظل الوضع الراهن للعالم الإسلامي حين يكون الإسلام مشاركا فى القرار لأصحاب القرار. ينبغي ألا يكرس الواقع الحياتي الراهن بل يجب أن يخرج المجمع الموقر بعلمائه الأفاضل الذين تجشموا عناء السفر فجاؤوا إلى هذا البلد الطيب بنية حسنة، وقصد طيب جميعا بلا استثناء، اليوم ينبغي أن يخرجوا بنظرية جديدة في كليتها بقدر الوسع والطاقة وبقدر ما تسمح به الظروف الراهنة، تقوم على نقد الواقع الراهن نقدا علميا بناء.

ص: 1026

الاتجاه الثاني: وهو الكامل فذلك في ظل الوضع الذي يكون فيه الإسلام صاحب القرار، وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، فتصاغ هذه النظرية صياغة جديدة كاملة شاملة على الظروف التي ستكون آنئذ – إن شاء الله تعالى – في ظل دور الإسلام صاحب القرار.

أما اليوم فهل يجوز أن يستغفل بعض علماء المسلمين بحسن نية وصدق طوية وطيب سريرة فيلجأ إلى أضيق المضائق وأقل المزالق فيرتفع نظاما رأسماليا فاسدا بأشياء من هذ الإسلام العظيم، جزئيات بسيطة تصاغ من هنا وهناك ليرقع بها لا لتثبت نظرية جديدة؟!

أيها الإخوة، إنني أدق ناقوس الخطر ثم أقول:ينبغي أن نتوقف مليا وأن ندرس الأمر دراسة متأنية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور: علي محيي الدين القره داغي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.

أشكر الأساتذة الأجلاء الذين شاركوا في هذه المدخلات وأثروا هذه البحوث بمناقشاتهم الطيبة – فجزاهم الله خيرا – سواء أكانوا موافقين أم معارضين، ولي في الحقيقة بعض الملاحظات البسيطة على ما عرض بخصوص الحمل على قضية العنوان فالعنوان أضيفت إليه كلمة المشتركة هنا، حتى ليس في العنوان الذي أرسل إلينا، وبعد ذلك المجمع الموقر ليس هذه أول مرة يبحث فيها قضية السوق إنما سبق للمجمع الموقر عدة جلسات وندوات بحث فيها الأسواق المالية بالتفصيل، فأراد المجمع الموقر أن يستكمل هذه البحوث السابقة بقضايا الأدوات، وأنا سرت – كما قال أخي الكريم الدكتور سامي – على هذا المنهج حيث ذكرت الأدوات كاملة من حيث الأسهم والسندات والبدائل الإسلامية ثم كيفية الاستفادة من العقود التي تجري داخل السوق الإسلامية.

بخصوص ما أثير حول بعض القضايا ولا سيما أن بعض الإخوة قالوا – ولم يؤيدوني وخالفوني-: نخالف صاحب البحث في عدم جواز بيع السلم قبل القبض باعتبار أن السلم على خلاف القياس. هذه المسألة قد فرغنا منها سابقًا وأن كثيرًا من المحققين ليس فقط ابن تيمية – رحمه الله – وابن القيم وإنما غيرهما سبقوا إلى ذلك بأنه لا يمكن اعتبار السلم على خلاف القياس، والحديث الثابت في السلم أقوى من حديث النهي عن بيع المعدوم:" لا تبع ما ليس عندك" هذا الحديث لم يروه البخاري ولا مسلم، لكن حديث السلم أقوى سندًا وأكثر رواية وعددًا، وطالما أنه ثبت بالسنة لا يعتبر هذا خلافًا للقياس وقد أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. كذلك على (بيع الدين بالدين) أنا قلت: إن بيع الدين بالدين ليس على إطلاقه بالإجماع، وهذه الكلمة لم يقل بها أحد من العلماء بإطلاقه، وإنما كل عالم قد خصصه بنوع من التخصيص، حتى الشافعية، وبعض الإخوة أسندوا إلى الشافعية- وأنا في الحقيقة حفظت المذهب الشافعي منذ الصغر- وقالوا بجواز بيع بعض الأمور وذكرت بعضها، وذكرت في بحث آخر حوالي ثلاثة عشر موضعًا قال فيها الشافعية في هذه المسألة. عمومًا فقضية (بيع الدين بالدين) ليس على إطلاقه، وإنما هو بيع الدين النسيء بالنسيء، وأنا حينما أقول بيع السلم بضوابط، أنه فرق بين المستسلف وغير المستسلف، فرق بين الطعام وغير الطعام كما ذكرت في بحثي.

ص: 1027

مسألة أخرى أثارها بعض الإخوة الكرام وهي قضية أننا – لا سمح الله- نستغفل أو أننا يعني نرقع، هذا كلام من المفروض ألا يرد أمام المجمع الموقر، هؤلاء العلماء الكبار وهذا المجمع الموقر، لا يمكن - إن شاء الله - أن يستغفلوا إلى مثل هذه القضايا، فيقيننا وليس ظننا بهم وبالمجمع الموقر أكبر من هذه القضية، أم لأنه ما دام الغرب صنع البورصة، خلاص نقول: هذا حرام؟ ليس هذا منهج السلف الصالح أبدًا، ولا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم حينما جاء إلى المدينة المنورة وكان السلم وكان الناس يتبايعون به أقره ولكن وضع ضوابط، كان الناس يستسلفون فأقر النبي صلى الله عليه وسلم السلم وأقر البيع وأقر كثيرًا من الأعراف السابقة، ولكن وضع لها ضوابطها الشرعية التي تتفق مع الإسلام ومع عقيدة الإسلام. كذلك سيدنا عمر وسيدنا أبو بكر وسيدنا عثمان وسيدنا علي رضي الله عنهم – أقروا كثيرا من الأنظمة التي كانت موجودة عند الفرس وعند الرومان (نظام الديوان، قضايا تنظيم الخراج) كثير منها أبقيت ولكنها أدخل فيها قضايا العدل التي تتفق مع الإسلام، يمكن أفراد عاديون جالسون في بيوتهم أو في بيوت زجاجية يقولون هذا الكلام، أما العلماء الذين يعايشون العصر وهو من شرط الاجتهاد كما قال السيوطي وغيره: من شرط الاجتهاد أن يكون الإنسان يعيش عصره عالمًا بعصره يعرف ماذا يدور، فلا ينبغي أن نقول: نحن نستغفل وأن هذا السوق الإسلامي لا ينبغي أن نتكلم فيه، يا أخي هذه السوق الإسلامية نحن ندرسها، وما يتفق مع الفطرة والإسلام نقره وما هو معارض نحن أولى بمعارضته بإذن الله تعالى. فالكلمة هذه في الحقيقة أردت أن أذكرها.

ص: 1028

قضية البدائل الإسلامية. ذكرت في الحقيقة بدائل كثيرة جدًّا واستفدت من الدراسات السابقة من كلها أو أغلبها وقمت بعملية الاستقصاء نوعًا ما في كل الدراسات السابقة حول البدائل الإسلامية التي قام بها الإخوة الكرام من الدكتور سامي إلى غيره إلى المجمع الموقر إلى غير ذلك وذكرتها في الجزء الثاني أو المبحث الثاني وهو أنواع الصكوك وفصلت فيها، أما ما أثاره فضيلة شيخنا الكريم الدكتور تقي العثماني بخصوص صكوك المرابحة فأنا لا أقصد بالصكوك أن يكون كل صك يتوفر فيه عملية المداولة وعملية البيع والشراء كما هو جار في السندات إنما وضعنا ضوابط لو وضعنا فرضًا صكوكًا من المرابحة يكون القصد به أن الشركة التي ترابح تصدر الصكوك بدل ما تدفع أنت مثلًا خمسة آلاف يمكن أن تدفع مائة دينار أو مائة دولار من خلال الصك وتقوم الشركة بالاستثمار وغير ذلك، ووضعت بعض الضوابط وليس المقصود بالصك أن تتوفر في كل صك جميع جوانب قضايا التبادل أو المبادلة. يمكن بعض الصكوك أن يتوفر فيها هذه السعة لكن بعض الصكوك يمكن أن تقيد ببعض القيود.

أشار بعض الإخوة إلى مسألة الوعد. أنا لا أناقش قضية الوعد، ولو ما كان الأستاذ الدكتور علي السالوس أثار القضية وكذلك قضية الاستصناع، ما كنت أشرت إليها حتى في عرضي، لأنه نوقشت هذه القضية، ولكن هذا رأينا وأنا أعتقد لا أحاصر على رأي، أبدا أنا رأيي أن الوعد ملزم وأن المواعدة ملزمة في غير الصرف.

أخونا الكريم الأستاذ الدكتور سامي - جزاه الله خيرا – وضح لنا المراد بالسوق الإسلامية وما قاله فيه كفاية. أما ما قاله شيخنا الجليل فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي أنه نحن أمام بحث كذا وكذا – جزاه الله خيرا – لا يستطيع أن يعتمده.

المفروض – حقيقة – أن هذه البحوث تقدم إلى أعضاء المجمع وإلى أعضاء المجمع وإلى الخبراء والمفروض أن يبحثوا ونحن حقيقة واثقون من أن البحوث التي نكتبها وتعرض على المجمع الموقر، والله يشهد بأنني أسعد بأي بحث يقدم لهذا المجمع لأن في ذلك تقييما لهذا البحث وأنتم مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى، أنا إذا لم أقرأ البحث الذي قدم للمجمع أعتبر نفسي مقصرا لأن السكوت في هذا المجال بمثابة الإقرار، ولذلك مولانا الشيخ قال: إنه ليس هذا يعتمد فصرح بعدم إقراره فجزاه الله خيرا عن ما قاله، هذا ما أردت أن أقوله، وجزاكم الله خيرا.

ص: 1029

الشيخ علي السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.

شكرا لأخي الكريم علي القره داغي لشكره وعرضه ورده، وشكرا للإخوة جميعا الذين اشتركوا في إثراء هذا الموضوع. ولكن – حقيقة – ما كنت أحب أن نقع في هذا الخلط الذي وقع فيه بعض الإخوة، لأنه كما وضح فضيلة الشيخ السلامي أن موضوع تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية، والتطبيقات الشرعية المراد بها – وأنا بينت هذا في المقدمة قبل أن أبدأ البحث – المنهج التطبيقي للاستفادة من العقود الخاصة كالسلم والاستصناع ونحوها ومن الوعد بالبيع والصرف في إقامة السوق الإسلامية للسلع والعملات، هذا هو المطلوب منا والتزمت به، ولذلك بحث الدكتور علي القره داغي عندما تحدث عن الأسهم والسندات ثم جاء بعد هذا بالتطبيقات في مبحثه الثالث قلت له: في العرض لا أتحدث عن الأسهم والسندات لأنه ليس المطلوب منا الأوراق المالية وأن هذا ليس موضوع البحث وإنما كيف نستفيد من السلم؟ كيف نستفيد من الاستصناع؟ وهكذا. الاستفادة العملية التطبيقية، ولذلك في العرض لم أتحدث عن الأسهم والسندات.

كلمة (السوق المشتركة) قلنا: إنها غير موجودة في العنوان أصلا، انتقال العمالة وما يتصل بالسوق الإسلامية المشتركة هذا لم يكن مطلوبا منا.

مسألة الحنيفة يشترطون الوجود، فضيلة الشيخ الصديق رد.

بالنسبة للوعد، مسألة أن الجمهور ليس لهم رأي في الوعد لا بد أن نبحث الرأي، نقول: هذا بالنسبة للصرف في الذمة وأن هذا عقد، كيف أنه ليس لهم رأي؟ ما نقل هنا؛ المالكية صرحوا – كما تفضل فضيلة الشيخ الصديق الضرير – بعدم جواز هذا الوعد مطلقا، والآخرون أخذنا من كلامهم مجرد أخذ من كلامهم؛ يعني أنه لا بد من التقابض في المجلس، ما لم يتم تقابض في المجلس فلا يجوز، ولكن هل هناك في كتب المذاهب من نص على جواز المواعدة في الصرف على أن تكون غير لازمة؟

الأمر الآخر: إن هذا لا أثر له في الجانب العملي التطبيقي لأن الجانب العملي التطبيقي الوعد في عصرنا عقد ولا يوجد إطلاقا بين المتعاملين في الأسواق المالية وعد غير ملزم، لا يوجد إطلاقا، الوعود كلها ملزمة، فإذا قلنا بأن الوعود كلها ملزمة إذن على رأي الجميع – وأظنهم أهل الظاهر – هذا غير جائز. ما نسب للإمام الشافعي بينت بطلانه، إذن لا يجوز إطلاقا أن نجيز المواعدة في الصرف؛ لأن المواعدة في عصرنا هي نوع من العقد.

بالنسبة للأخ الكريم الذي قال: خلطت الأوراق، وقلنا: أهل الظاهر قالوا بجواز الوعد من غير الملزم، والجمهور لم يقولوا بجواز الوعد سواء أكان ملزما أم غير ملزم. ليس معناه أن أهل الظاهر، يعني كأنه فهم من كلامي أن أهل الظاهر يقولون بجواز الوعد إذا كان غير ملزم خلافا للجمهور أي أن الجمهور يقولون بجواز الوعد وإن كان ملزما، هذا لا يتبادر إلى الذهن إطلاقا يعني كلام الجمهور واضح، الخلاف الموجود بين مالك والأئمة الثلاثة، فهي تخص النقدين فقط ولكن الأوراق النقدية الآن بحكم قرار المجامع كلها أصبحت تأخذ حكم النقدين، فهو خلاف موجود.

ص: 1030

إذا باع آجلا فكيف يبيع سلما؟ نحن نتحدث عن التطبيق العملي، شخص باع بيعا آجلا والثمن في ذمة المشتري والأجل بعد عام – مثلا – هذا البائع بعد أشهر احتاج إلى الثمن، قلنا: هنا يمكن أن يبيع سلما بحيث يستطيع – كعقد منفصل – أن يأخذ الثمن الآن إلى أن يتصرف بعد ذلك فيعد المبيع وليس أنه يبيع ما باع.

المواعدة في الصرف – كما قلنا – في عصرنا عقد لازم غير جائز بالنسبة لجميع الأئمة.

ما ذكر في نهاية المبحث الأول من مسألة المقامرة وأن هذا ليس بشرط عام متفق عليه، أنا ما جعلته شرطا وإنما هنا توصية بأننا نلاحظ عند هذا التعامل ألا نتعامل مع مقامرين. لا أظن أن أحدا يقول بأنه يجوز أن نتعامل مع مقامرين. ما دام أنه مقامرة فلا يسلم المبيع، فما الحل إذن؟ يعني إذا كان في السلم الأصل تسليم المبيع، وإن لم يسلم المبيع وفسخ العقد يرد الثمن، فإذا كنت سأشتري سلما وأدفع الآن وأتسلم المبيع بعد سنة، وأنا أعلم أنه مقامر ولن يسلم المبيع، معناه أنني سأسترد الثمن كما هو بعد سنة فكيف أدخل في مثل هذه العملية؟ لا أدري. السلم لا يمكن أن يكون أداة مالية، لم أتحدث عن الأدوات المالية بل بالعكس تحدثت عن صكوك السلم وبينت عدم جوازها، السلم المتوازي يحل المشكلة.

بالنسبة للحوالة؛ بينت الحوالة بدين السلم وأن هذا رأي الجمهور، والحوالة على دين السلم وأن هذا رأي للشافعية وأيده الشوكاني وهو خلاف ما عليه الجمهور. ولم أؤيد الحوالة على دين السلم ولكن قلت: إذا رأى المجمع الموقر أن يجيز الحوالة على دين السلم فأرجو أن يلاحظ ما يأتي، ووضعت عدة ضوابط.

على كل حال أشكر الإخوة جميعا، ولعل السوق الإسلامية المشتركة نسأل الله تعالى أن تظهر في واقعنا بإذن الله تعالى، وشكرا لكم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1031

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

لعلكم ترون مناسبا أن تتألف اللجنة لهذا الموضوع من العارض والمقرر ومن الشيخ الصديق والشيخ تقي العثماني والشيخ عبد الوهاب أبو سليمان والأستاذ سامي حمود.

ونرجو أن تأخذ اللجنة باعتبارها ما يلي:

أولا: إن هذا الموضوع امتداد للقرار الحادي والستين من قرارات المجمع والذي جاء فيه: "ويوصي المجمع باستكمال النظر في الأدوات والصيغ المستخدمة في الأسواق المالية بكتابة الدراسات والأبحاث الفقهية والاقتصادية الكافية".

ثانيا: إن هناك مجموعة من هذه الأدوات سبق وأن بت فيها المجمع وينبغي للجنة أن تحيل على ما سبق البت فيه، وهو الاستصناع والمواعدة والحطيطة والأسهم والسندات والقبض وغيرها.

ثالثا: هناك مجموعة من الأودات عرضها الباحثان ولم تتعرض لها المناقشة بقليل ولا بكثير كبيع الدين بالدين، والحوالة بدين السلم والحوالة عليه، وهناك موضوعان جاء فيهما نقاش اثنين أو ثلاثة من أصحاب الفضيلة المشائخ، وهي بيع المسلم فيه قبل حلول الأجل أو قبل القبض، والموضوع الثاني: هو الصرف المبني على المواعدة الملزمة أو غير الملزمة، ولكن لم تأخذ حظها في المداولة بين جميع أصحاب الفضيلة الأعضاء، ولهذا نرجو من اللجنة أن تأخذ في الاعتبار ألا تكون الإحالة في قرارها على الأدوات كما كانت الإحالة مجملة في القرار الحادي والستين، بل على أن تفصل هذه الأدوات وتبين، ويبين الوعاء الكامل للسوق المالية وتعطى هذه الأدوات الأولوية في البحث في جلسات قادمة. وسيعرض نتيجة القرار المعد عليكم – إن شاء الله تعالى – وبهذا تنتهي الجلسة.

ص: 1032

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا

محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه

قرار رقم: 78 / 5 / د8

بشأن

تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري باجوان بروناي دار السلام من 1 إلى 7 محرم 1414 هـ الموافق 21 / 27 يونيه 1993م.

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع:" تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية " التي كانت استكمالا لموضوعات الأسواق المالية والأوراق المالية الإسلامية التي سبق بحثها في الدورات السابقة ولاسيما في دورة مؤتمره السابع بجدة وفي الندوات التي أقامها لهذا الغرض للوصول إلى مجموعة مناسبة من الأدوات المشروعة لسوق المال حيث أنها الوعاء الذي يستوعب السيولة المتوافرة في البلاد الإسلامية ويحقق الأهداف التنموية والتكافل والتوازن والتكامل للدول الإسلامية.

ص: 1033

وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول كيفية الإفادة من الصيغ التي بها تكتمل السوق الإسلامية وهي الأسهم والصكوك والعقود الخاصة لإقامة السوق الإسلامية على أسس شرعية.

قرر ما يلي

1-

الأسهم:

أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم 65 / 1 / د7 بشأن الأسواق المالية الأسهم والاختيارات والسلع والعملات وبين أحكامها مما يمكن الإفادة منها لإقامة سوق المال الإسلامية.

2-

الصكوك (السندات) :

أ- سندات المقارضة وسندات الاستثمار:

أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم 5 / د4 بشأن صكوك المقارضة

ب- صكوك التأجير أو الإيجار المنتهي بالتمليك وقد صدر بخصوصها قرار المجمع رقم 6 / د5 وبذلك تؤدي هذه الصكوك دورا طيبا في سوق المال الإسلامية في نطاق المنافع.

3-

عقد السلم:

بما أن عقد السلم – بشروطه واسع المجال إذ أن المشتري يستفيد منه في استثمار فائض أمواله لتحقيق الربح، والبائع يستفيد من الثمن في النتاج مع التأكيد على قرار المجمع رقم 64 / 1 / د7 بشأن عدم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه ونصه:" لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلما قبل قبضها "

ص: 1034

4-

عقد الاستصناع:

أصدر المجمع قراره رقم 66 / 3 / د7 بشأن عقد الاستصناع.

5-

البيع الآجل:

البيع الآجل صيغة تطبيقية أخرى من صيغ الاستثمار تيسر عمليات الشراء حيث يستفيد المشتري من توافر الحصول على السلع حالا ودفع الثمن بعد أجل كما يستفيد البائع من زيادة الثمن وتكون النتيجة اتساع توزيع السلع ورواجها في المجتمع.

6-

الوعد والمواعدة

أصدر المجمع قراره رقم 302 / د5 بشأن الوعد والمواعدة في المرابحة للآمر بالشراء.

7-

يدعو المجمع الباحثين من الفقهاء والاقتصاديين لإعداد بحوث ودراسات في الموضوعات التي لم يتم بحثها بصورة معمقة لبيان مدى إمكانية تنفيذها والاستفادة منها شرعا في سوق المال الإسلامية وهي:

أ- صكوك المشاركة بكل أنواعها

ب- صياغة صكوك من الإيجار أو التأجير المنتهي بالتمليك.

ج- الاعتياض عن دين السلم والتولية والشركة فيه والحطيطة عنه والمصالحة عليه ونحو ذلك.

د- المواعدة في غير بيع المرابحة وبالأخص المواعدة في الصرف

هـ- بيع الديون.

و الصلح في سوق المال (معارضة أو نحوها) .

ز- المقاصة

والله أعلم

ص: 1035