المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثامن

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادالدكتور: وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌موضوع: " الأخذ بالرخص الشرعية وحكمه

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌الرخصة (التلفيق)إعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌التلفيق والأخذ بالرخصة وحكمهماإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادمحمد رفيع العثماني

- ‌حكمالرخصة وتتبع الرخصفي الفقه الإسلامي

- ‌الأخذ بالرخصةإعدادأ. د. حمد عبيد الكبيسي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادأ. د. عبد العزيز عزت الخياط

- ‌الرخصةإعدادالشيخ محمد الشيباني بن محمد بن أحمد

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهتتبع الرخص – التلفيق ورأي الفقهاء فيهإعدادفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالشيخ الطيب سلامة

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌بيع العربُونإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بيع العربُونإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌بيع العربونإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار

- ‌عقد المزايدةبين الشريعة الإسلامية والقانوندراسة مقابلةمع التركيز على بعض القضايا المعاصرةإعدادعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌قواعد ومسائلفيحوادث السيرإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌ موضوع "حوادث السير

- ‌حوادث السيرإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌حوادث السيرإعدادالشيخ عبد القادر محمد العماري

- ‌حوادث السيرإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس

- ‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌بطاقات الائتمانإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌سر المهنة الطبية بين الكتمان والعلانيةإعدادالدكتور أحمد رجائي الجندي

- ‌مسؤولية الطبيبإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌مداواة الرجل للمرأةوالمرأة للرجلإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)الأحكام المتعلقة بالمرضى والمصابينإعدادأ. د. مصطفى عبد الرؤوف أبو لسان

- ‌بعض المشاكل الأخلاقية والاجتماعيةالناتجة عن مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)إعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعيةإعدادالدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌التداوي بالمحرماتإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌بحوث مجمعية

- ‌حُسن وفاء الديونوعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعارإعدادالدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعارفي ضوء الأدلة الشرعيةإعدادد. حمزة بن حسين الفعر

- ‌الربط القياسي للأجور بالمستوى العام للأسعارتحليل من منظور إسلامي لمشكلة الأجورفي ظل التضخم والعلاج المقترحإعدادد. عبد الرحمن يسري أحمد

- ‌التضخم والربط القياسيدراسة مقارنة بين الاقتصاد الوضعيوالاقتصاد الإسلاميإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعاربين الفقه والاقتصادإعدادد. محمد أنس الزرقا

- ‌ندوة قضايا العملةالربط القياسي للديون بعملة اعتباريةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌ملاحظات أساسيةفي مسألة ربط الأجور والمستحقاتإعدادالدكتور سيف الدين إبراهيم تاج الدين

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادمجموعة دلة البركة

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادبيت التمويل الكويتي

- ‌الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلاميةوتصورات لكيفية مواجهتهاإعدادأ. د. إسماعيل حسن محمد

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةعقد السلم ودوره في المصرف الإسلاميإعدادالشيخ صالح الحصين

- ‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي

- ‌في مشكلات المصارف الإسلاميةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمةالمتعاملة بالرباتجربة مجموعة دلة في أسلمة الشركاتعن طريق شراء أسهمهاإعدادالشيخ صالح عبد الله كامل

- ‌المشاركة في شركات تتعامل بالحرامإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

الفصل: ‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

‌الائتمان المولد على شكل بطاقة

مع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعية

إعداد

سعادة الدكتور محمد القري بن عيد

مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي - جدة

ص: 1036

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

لقرون طويلة كان التبادل بين الناس بصيغة المقايضة، ثم اخترع الناس النقود السلعية مثل الذهب والفضة وقبلها الملح والطعام.. إلخ، فلم يغير ذلك من طبيعة النظام التبادلي؛ إذ استمر معتمدًا على صيغة المقايضة وإن اكتسب قدرًا كبيرًا من الكفاءة.

إن النقلات العظيمة في النظام التبادلي إنما تحققت عندما اخترع الإنسان النقود الائتمانية وهي تلك التي تستطيع الحكومات أن تتوسع في إصدارها دون حاجة إلى أن يكون لهذا الإصدار موازيًا من سلع حقيقية كالذهب والفضة.. إلخ، وإنما يعتمد ذلك بصفة أساسية على ثقة الناس بمصدرها، ثم لما ظهرت البنوك كمؤسسات تقبل الودائع وتقدم لأصحابها بدلًا عنها وسائل دفع جاهزة هي الشيكات؛ تحول الجزء الأعظم من عمليات إصدار النقود الائتمانية التي تعتمد عليها علاقات التبادل إلى البنوك، فصار التوسع في الكمية النقدية إنما تولده المصارف أضعاف أضعاف ما تقوم به السلطات النقدية الحكومية.. ومع ذلك تبقى قدرة البنوك على التوسع محدودة بمقدار ما لديها من ودائع؛ لأن ما تولده من نقود هو مضاعفات لتلك الودائع، فكان أن جاءت النقلة الثالثة باختراع صيغ جديدة لتوليد النقود الائتمانية، ومنها الائتمان على شكل بطاقة، وضمن هذا الترتيب تمكنت البنوك من التوسع في توليد النقود بصفة غير محدودة إلا بمحدودية الطلب على هذا الائتمان والقوانين المنظمة له، ولاسيما الحد الأعلى لكل بطاقة، وصارت البطاقة الائتمانية وسيلة لجعل قرار التوسع النقدي في يد الفرد، فهو بمجرد أن يحتاج إلى نقود يستطيع أن يولد وسائل دفع جديدة بإبرازه البطاقة، ويحصل على الائتمان من مصدر تلك البطاقة، إننا لا يمكن أن نحيط بأبعاد هذا التطور إلا بالنظر إليه كجزء من مراحل التطور النقدي للمجتمعات الإنسانية، ومن ثم نضعه في مكانه المناسب من النظام الاقتصادي الإسلامي.

ص: 1037

لقد انتشرت بطاقات الائتمان انتشارًا واسعًا في السنوات الأخيرة، وصارت من النشاطات المهمة للبنوك والمؤسسات المالية، ومن الحاجات الأساسية للأفراد في المجتمعات المتقدمة والنامية.

وقد بلغ من انتشارها أن عدد البطاقات الائتمانية المصدرة في بريطانيا فقط قد زادت في سنة 1987 عن 31.5 مليون بطاقة "1" ووصلت إلى 85 مليون بطاقة في اليابان في سنة 1985 "2"، ويعتقد أن عدد البطاقات على مستوى العالم قد وصل إلى نحو 800 مليون بطاقة، أما في الولايات المتحدة فقد قارب عدد البطاقات المصدرة ضعف عدد السكان في نفس العام "3"، كما بلغ الائتمان الذي ولدته بطاقات الائتمان في الولايات المتحدة في سنة 1986 نحو 275 بليون دولار "4"، في سنة واحدة (1989) حققت شركة أمريكان اكسبرس من عمليات إصدار البطاقة الائتمانية وإدارتها أرباحًا صافية قدرت بمبلغ 500 مليون دولار، بينما حقق بنك سيتي Citibank أرباحًا صافية من إصداراته لتلك البطاقات وصلت في نفس العام إلى 600 مليون دولار "5"، وقد بلغ من أهميتها أن الائتمان المولد على صفة بطاقة يمثل 30 % من الاقتراض الاستهلاكي في الولايات المتحدة "6".

ص: 1038

وتصدر البطاقة الائتمانية مئات البنوك (وربما أكثر من ذلك) ، ويقبلها ملايين التجار والمحلات التجارية وشركات الطيران والفنادق.. إلخ في كل أنحاء العالم.

وليس أدل على الدور المهم الذي تلعبه البطاقة في النشاط الاقتصادي في وقتنا الحاضر من الصدمة التي أصيبت بها الأسواق المالية في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر 1991م عندما أعلن الكونجرس أنه سيضع سقفًا على سعر الفائدة الذي تفرضه البنوك على ديون المستهلكين من حملة البطاقات، يبلغ 14 % بدلًا عن 19 %.

نبذة تاريخية:

ظهرت بطاقات الائتمان في بداية القرن العشرين عندما بدأت بعض الفنادق في الولايات المتحدة بإصدار بطاقة لزبائنها المفضلين الذين يحتاجون إلى الإقامة في الفندق في مرات متكررة، وكان الغرض من تلك البطاقة تسهيل معاملاتهم واختصار وقتهم، ثم قامت بعض المحلات التجارية وبعض محطات الوقود في العقد الثاني من القرن بإصدار بطاقات مشابهة للغرض نفسه.

وكانت المنافع المتحققة من تلك البطاقات هي تسهيل الإجراءات وتوفير الراحة للزبائن الممتازين، ومن طرق العميل المباهاة بحمل البطاقة والحصول على الائتمان، وقد استمر التوسع في إصدارها في السنوات التي تلت تلك الحقبة.

ثم توقف العمل تمامًا بتلك البطاقة خلال الحرب العالمية الثانية بسبب القيود الحكومية في أمريكا على الائتمان وعلى الإنفاق الاستهلاكي، ولما رفعت تلك القيود بعد الحرب عاد مصدرو تلك البطاقات إلى نشاطهم وتوسع العمل بها حيث شمل شركات الطيران والقطارات، وفي سنة 1949 ظهرت أول شركة متخصصة في إصدار البطاقات وهي شركة داينرز كلوب (Diners Club) ، وقد اقتصرت في البداية على إصدار بطاقة خاصة برواد المطاعم، ثم ظهرت أمريكان اكسبرس (American Express) وكارت بلانش (Carte Blanch) وفي سنة 1951 انتقلت عملية إصدار البطاقات إلى البنوك حيث بدأ بنك فرانكلين في نيويورك (Franlkin National Bank) بإصدار البطاقة، وفي نحو سنتين زاد عدد البنوك المصدرة للبطاقات في الولايات المتحدة عن 100 بنك، ونظرًا إلى عدم تطور سوق البطاقات لم تحقق أكثر تلك البنوك أرباحًا تذكر فترك أكثرها هذا النشاط ولم يزد عدد البنوك المصدرة للبطاقات من تلك المائة في سنة 1967 عن 27 بنكًا.

ولقد اخترعت البنوك صيغة أخرى للائتمان الاستهلاكي أدت فيما بعد إلى تطور كبير في بطاقات الائتمان، هي ما سمي بالائتمان من الحساب الجاري (Ckeck – Credit plans) والذي بدأه بنك (First National Bank Boston) في الولايات المتحدة في سنة 1955م، وتركز الغرض منه في إيجاد طريقة للاقتراض الأتوماتيكي للأفراد من البنوك التي تحتفظ بحساباتهم. ولقد صاحب ذلك أيضًا انتشار ما سمي بضمان الشيك (Cheque Guarantee Card) ، حيث يضمن البنك للمستفيد دفع مبلغ الشيك الذي يحرره حامل البطاقة المذكورة (والذي يكون غالبًا من العملاء الممتازين) حتى لو أدى ذلك إلى كشف حسابه. فلما اجتمعت الفكرتان ظهرت بطاقة الائتمان مرة أخرى بقوة في عقد السبعينات، ودخلت البنوك العالمية الكبرى في إصدارها لأنها تتضمن نشاطًا مشابهًا في طبيعته لغرض البنك وهو الإقراض.

ص: 1039

فكان أن بدأ بنك أمريكا (Bank Of America) وبنك شيز (Chase) الذي كان يسمى حينئذ (Chase Manhattan) وهما أكبر بنكين في العالم في ذلك الوقت في إصدار البطاقات، فكان أن ظهرت بطاقة (Bank Americard) من الأول وانتشرت أيما انتشار، فاتفقت – كرد فعل لذك النجاح - بعض البنوك على تأسيس جمعية تعاونية تصدر بطاقة منافسة، فظهرت ماستر كارد (Master Card) والتي كانت مملوكة في الأصل لبنك فيرست ناشيونال في لوزفيل بولاية كنتكي الأمريكية (Firs NationaL Of Luisville) فصادفت نجاحًا منقطع النظير أدى إلى تحول الأولى إلى جمعية تعاونية تصدر بطاقة جديدة باسم فيزا Visa بدلًا عن Bank Americard) ، وأضحت مع الثانية أكثر البطاقات انتشارًا في العالم ومثلتا في الولايات المتحدة نحو 75 % من سوق البطاقات الائتمانية في سنة 1986. وقد اعتمدت البطاقتان المذكورتان على طريقة جديدة وهي أن تكونا جمعيات تعاونية يملكها الأعضاء وهم البنوك المصدرة، ويحق لكل بنك أن يكون عضوًا بمجرد إصداره للبطاقة، ويتنازل للجمعية (التي تكون مهمتها رعاية مصالح الأعضاء) عن جزء من دخله المتولد من الإصدار.

صيغة البطاقة الائتمانية:

هناك أنواع كثيرة ومتعددة من الصيغ الائتمانية المصدرة على شكل بطاقة، ومرد هذا التنوع هو اختلاف الشروط التي تشكل بمجملها العلاقة التعاقدية بين الأطراف المتعاملة بالبطاقة. ولكن يمكن بشكل عام إجمال أنواع البطاقات إلى ثلاث، تشترك في صفات وتختلف في صفات، وسنبدأ في شرح الصفة العامة لكل البطاقات الائتمانية ثم نوضح الفروق، علمًا بأن شكل البطاقة واسمها لا يكشف بالضرورة حقيقتها؛ لأن ذلك يعتمد على شروط العقد. فلا يمكن القول مثلًا: أن بطاقة فيزا Visa متشابهة عند كل مصدر، بل إن في شروطها اختلاف رغم أن كل المصدرين أعضاء في جمعية فيزا.

تعريف:

البطاقة علاقة بين ثلاثة أطراف، (1) الأول مصدر البطاقة، وهو في الغالب بنك والثاني حاملها والثالث هو التاجر الذي يقبلها بدلًا عن النقود. فعندما يرغب حامل البطاقة شراء سلعة (2) أو خدمة (3) ، أو الحصول على النقود، (4) فما عليه إلا أن يبرز تلك البطاقة فيقوم الطرف الثالث (الذي يقدم السلعة أو الخدمة أو النقود، يسمى التاجر) بتسجيل رقم بطاقته وتوقيعه على قسيمة تبين ثمن تلك السلعة أو الخدمة وتاريخ تقديمها بعد أن يتأكد من صحة المعلومات المتعلقة بهويته وتاريخ انتهاء صلاحية البطاقة. ثم يقوم التاجر بتقديم تلك القسيمة إلى الطرف الأول (مصدر البطاقة) فيحصل على المبلغ المدون عليها مطروحًا منه رسم يمثل نسبة تتراوح بين 1 % إلى 8 %. (5) والمصدر للبطاقة (الطرف الأول) ملتزم بدفع المبلغ بمجرد التأكد من دقة البيانات بصرف النظر عما إذا كان حامل البطاقة قد سدد للبنك (المصدر) أو لم يفعل، فهو ضامن للمبلغ تجاه التاجر. (6) ثم يقوم الطرف الأول بإرسال فاتورة إلى حامل البطاقة (مرة في كل شهر) تتضمن جميع مشترياته بالبطاقة وتطالبه بدفعها. ويبين العقد الذي يتم بناء عليه حصول الفرد على البطاقة شروط الإصدار، ومنها الحد الأعلى على الائتمان الذي يمكن أن توفره البطاقة له كثمن لمشترياته أو كنقود، ورسم الإصدار والعضوية ومدة صلاحية البطاقة. هذه هي الصيغة العامة للبطاقة، ويمن أن يتفرع منها ثلاثة أنواع رئيسية:

(1) في الغالب، ولكن يمكن أن تكون بين طرفين حيث يقتصر استخدامها على شراء السلع والخدمات التي يبيعها المصدر ذاته، مثل البطاقات التي تصدرها شركات البترول لكي يستخدمها أصحاب السيارات لشراء الوقود من محطاتها فقط، أو التي تصدرها الفنادق الكبرى لكي يستخدمها العميل في فروعها في المدن المختلفة

إلخ.

(2)

كأجهزة التلفاز أو الملابس أو السلع الاستهلاكية الأخرى.

(3)

مثل استئجار السيارات أو الفنادق

(4)

من المصدر أو من سواه

(5)

ويحدد العقد هذه النسبة، فهي ليست غير محددة، ولكنها تتراوح في الشركات المختلفة بين هذين المستويين.

(6)

وربما تشترط بعض الشركات الرجوع للتاجر في حال عدم تسديد حامل البطاقة للمبلغ.

ص: 1040

- بطاقة الخصوم (أو البطاقة المدنية) Debit Card:

ويكون إصدار البطاقة في هذه الحالة مشروطًا بفتح العميل كحساب مصرفي لدى البنك المصدر (وفي أحيان أي بنك آخر يودع فيه مبلغًا مساويًا للحد الأعلى للائتمان الذي توفره له البطاقة وهو ما يسمى بالخط الائتماني) . ولا يسمح بأن ينخفض رصيد حسابه المذكور عن ذلك المبلغ. فهو أشبه ما يكون بضمان نقدي. وكلما استخدم البطاقة يقوم المصدر (البنك) بالسحب مباشرة من حسابه لسداد قيمة الفاتورة الواردة من التاجر. وهذا النوع من البطاقات موجود في كثير من البلاد النامية، (1) والواقع أن البطاقة لا تعد بطاقة ائتمان وليست المقصود عند الحديث عن بطاقات الائتمان. ويقوم عدد من البنوك الإسلامية بإصدار مثل تلك البطاقات اعتمادًا على إجازة هيئاتها الشرعية لصيغة العقد. (2) ومن الواضح أن هذه كثيرة الشبه بالشيك بل تكاد تكون بدلًا عنه.

(1) والسبب أنه بعكس بطاقات الائتمان القرضية، لا تعطي صيغته المذكورة المصدرين القدرة على سيولة إضافي عن طريق البطاقة، وتميل الدول النامية إلى مثل ذلك الإجراء لغرض السيطرة على حجم النقود في الاقتصاد نظرًا لعدم وجود أسواق متطورة للنقود والرساميل يمكن من خلالها تنفيذ سياسة نقدية قادرة على تحقيق ذلك الهدف. ومن جهة أخرى تحرص أكثر الدول النامية على تشجيع الادخار وهو هدف يتعارض مع التوسع في استخدام البطاقات الائتمانية.

(2)

مثل شركة الراجحي المصرفية للاستثمار في السعودية، وبيت التمويل الكويتي في الكويت وغيرهما

ص: 1041

2-

بطاقة الائتمان العادية (Charge Card) :

والفرق الرئيسي بين هذه البطاقة وما ذكره أعلاه هو عدم ارتباط إصدارها بإيداع مبلغ في الحساب. فلا يلزم للحصول عليها وجود مثل ذلك الحساب.

ومن ثم فعندما يقوم الفرد باستخدامها فإنه يحصل بصورة أوتوماتيكية على قرض (ائتمان) مساوٍ لقيمة السلعة أو الخدمة، ولكل عميل حد أعلى للقرض يحدده العقد ويسمى خط الائتمان. (1) ويلتزم حامل البطاقة، طبقًا لشروط الإصدار بتسديد كامل مبلغ الفاتورة خلال فترة لا تزيد غالبًا عن ثلاثين يومًا من تاريخ استلامه لها، وفي حالة المماطلة يقوم المصدر بإلغاء عضوية حامل البطاقة وسحبها منه، وملاحقته قضائيًّا لتسديد ما تعلق بذمته من المبلغ المذكور، وأشهر أنواع هذه البطاقة: أمريكان اكسبرس (البطاقة الخضراء) American Express Credit Card (Green (Card

3-

بطاقة الائتمان القرضية (Credit Card With Revolving) :

وهذه أكثر أنواع البطاقات انتشارًا وخصوصًا في الدول المتقدمة. وتفترق صيغة هذه البطاقة عن النوع السابق في أن الائتمان الذي تخلقه أو تولده هو دين متجدد. فلا يلزم حامل البطاقة عند تسلمه للفاتورة الشهرية أن يسدد مبلغها (والغالب إلزامه بدفع نسبة ضئيلة منه فقط) بل يمكنه أن يدعه معلقًا بذمته ويقوم شهريًّا بدفع فوائد تأخير. وتحسب الفوائد بصفة يومية على المبالغ المعلقة. (2) وأشهر أنواع هذه البطاقات فيزا (Visa) ، وماستر كارد (Master Card) ، (3) وأمريكان اكسبرس "American Express – Optima American Express Golden Card) ، والبطاقة الذهبية، وداينرز كلوب (Diners Club) ، وفي بريطانيا أكسيس (Access) ، ويوروكارد (Eurocard) .

(1) فيما عدا عددًا قليلًا من البطاقات مثل بطاقة أمريكان اكسبرس الخضراء فلا يوجد لها حد أعلى، على الأقل من الناحية النظرية.

(2)

ويحقق المصدرون للبطاقات دخلًا مجزيًا من هذه الفوائد؛ لأن نسبتها تصل غالبًا إلى ضعف نسبة الفائدة على القروض المصرفية العادية

(3)

علمًا بان هاتين البطاقتين وسواهما ربما تصدران بصيغة النوع الأول والثاني

ص: 1042

المنافع المتحققة لأطراف البطاقة الائتمانية:

تحقق بطاقات الائتمان منافع لجميع الأطراف المشاركة فيها سنوضح جوانبًا منها أدناه:

المنافع المتحققة لمصدر البطاقة:

1-

يحصل مصدر البطاقة على رسوم الإصدار التي تختلف من مصدر إلى آخر، وهي في المملكة العربية السعودية تتراوح بين 500 إلى 1000 ريال سعودي. وحينما يكون مستوى المنافسة عاليًا بين المصدرين فقد تنخفض تلك الرسوم كثيرًا وربما يكون الإصدار مجانيًّا.

2-

يقتطع المصدر لنفسه نسبة من مبلغ كل فاتورة يقدمها التجار إليه، وتختلف تلك النسبة من مصدر إلى آخر ومن بطاقة إلى أخرى. وتتراوح هذه النسبة بين 1 % (كما في أكثر بطاقات الفيزا) وربما يصل إلى 8 % (كما في أمريكان اكسبرس في بعض الأسواق) ، ولكن الغالب أن تتراوح بين 2 % إلى 4 %، ويمثل هذا الاقتطاع المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة للمصدر. ولذلك يحرص المصدرون على التوسع في الإصدار لتكبير حجم التعامل ومن ثم ارتفاع الدخل المتحقق من ذلك الاقتطاع ويلاحظ أن هذه العملية فيها شبه بما يسمى بخصم (حسم) الكمبيالات؛ لأن البنوك المصدرة تعامل فواتير التاجر كما لو كانت كمبيالات مقدمة للخصم.

ص: 1043

3-

فوائد التأخير، وذلك بالنسبة للبطاقات ذات القرض المتجدد، ويعد هذا أيضًا مصدرًا رئيسيًا للدخل، لا سيما أن سعر الفائدة على متأخرات البطاقة الائتمانية يصل غالبًا إلى ضعف سعر الفائدة المعتاد على القروض. ولعل مرد ذلك افتراض أن تلك القروض تتضمن قدرًا من المخاطرة يزيد على الائتمان المصرفي المعتاد وأن نسبة الديون المعدومة فيه عالية. (1) وقد وصلت نسبة الفائدة على ديون البطاقة في الولايات المتحدة إلى 23 % بينما أن مؤشر سعر الفائدة (Prime Rate) لم يزد في الفترة نفسها عن 10 % في الولايات المتحدة في سنة 1987 "7".

4-

يحصل المصدر على رسم قدره (في الغالب) 1 % في عمليات الصرف، فإذا استخدم العميل بطاقته في خارج بلاده واشترى بعملة أجنبية، فإن فواتير التاجر التي ترد ستزيد عند تحويلها إلى العملة المحلية بهذه النسبة. وفي حالة استخدام ذلك العميل البطاقة للسحب النقدي فإن هذه النسبة تكون أعلى من ذلك في الغالب.

(1) وهناك قوانين لتحديد هذه النسبة خصوصًا في الولايات المتحدة مثل قانون (Truth in Lending act وقانون (Fair Credit Billing) و (Consume Credit protection) وقد سن جميعها في السبعينات.

ص: 1044

5-

توفر حوض من السيولة لدى البنك المصدر بسبب تدفقات السيولة يمكن أن يستخدم في أغراض تجارية مختلفة. ويتمثل في الفترة بين تلقي المدفوعات من حامل البطاقة وتسديد المبالغ إلى التجار. ويحقق ذلك في بعض الحالات وفي الفترات الموسمية دخولًا مجزية لمصدر البطاقة.

6-

تحقيق دخول أخرى من خدمات مساندة؛ مثل بيع بعض السلع بالبريد لحاملي البطاقة، أو التأمين على حياة حملة البطاقة، أو الخدمات المتعلقة بالسفر كقطع التذاكر وعمل الحجوزات في الفنادق

إلخ (كما تفعل شركة أمريكان اكسبريس) .

الخدمات والفوائد التي يحصل عليها حامل البطاقة:

1-

وسيلة دفع جاهزة لا يحتاج الفرد –مع وجودها- إلى حمل النقود وما يتضمنه ذلك من خطر السرقة والضياع.

2-

المباهاة؛ لأن الحصول على البطاقة كثيرًا ما يرتبط بشروط لا تجعلها متاحة إلا لذوي الدخول المرتفعة فقط.

3-

الحصول على الائتمان كلما برزت الحاجة إليه بالنسبة للنوعين الثاني والثالث من البطاقات. وذلك أن حامل البطاقة يستطيع أن يحصل على قرض بصفة أتوماتيكية بمجرد إبرازه للبطاقة. ومعلوم ما في ذلك من راحة وخدمة له خصوصًا في الحالات التي يحتاج فيها إلى المال وهو لا يمتلكه لا سيما في الأسفار وعند النوازل.

ص: 1045

4-

يستطيع حامل البطاقة أن يحصل على كثير من السلع التي يحتاج إليها بالتقسيط وبصورة مباشرة، فهو يشتري الأجهزة المنزلية والملابس والأدوات الكتابية والأجهزة الكهربائية متى احتاج إليها، ولأن شروط إصدار البطاقة من النوع الثالث لا تلزمه بدفع المبلغ دفعة واحدة، صارت هذه صيغة للتقسيط المريح.

5-

الحصول على النقود على سبيل الاقتراض من المصدر أو من آلات الصرف الآلي وذلك لشراء الحاجات التي لا يقبل بائعوها العمل بالبطاقة، ويتمتع حامل البطاقة بهذه الخدمة في أي مكان من العالم بمجرد تقديمها إلى البنوك أو مكاتب الخدمات التي تقبل ذلك.

6-

وبالنسبة للمستهلكين في الغرب فإنها توفر ميزة أخرى حيث يمكن للفرد أن يستثمر مدخراته في أدوات مالية بشكل مستقر بينما يحمل مصاريفه على البطاقة ومن ثم يمكن اقتطاع مصاريفه الحالية من دخله المستقبلي، وبذلك يتم له توزيع ميزانيته بطريقة تحقق له عائدًا أكبر.

ص: 1046

7-

وتقدم له البطاقة الحماية في حال كون السلعة غير مستوفية للمواصفات؛ لأن بإمكانه الامتناع عن الدفع إلى مصدر البطاقة، ولم يكن القانون في الولايات المتحدة يعطي هذه الحماية للأفراد حتى صدر في سنة 1974 قانون العدالة في المطالبة بالديون Fair Credit billing act حيث أصبحت المسؤولية تقع على مصدر البطاقة في مثل تلك الحالات، ويعطي القانون الأفراد في الولايات المتحدة ستين يومًا للاعتراض على محتوياتها "8".

الفوائد والخدمات للتاجر الذي يقبل البطاقة بدلًا عن النقود (أو الشيك) :

1-

من الثابت أن البطاقات تؤدي إلى خلق حافز الإنفاق لدى حاملها لأنها تعطيه الشعور بالغنى آنيًا، رغم أنه ربما لا يكون مالكًا للمال، ويستفيد التجار من هذا النوع من الشعور في زيادة مبيعاتهم على المشتري لإتمام عملية الشراء فورًا Impulse buying بأكثر مما يحتاج إليه فعلًا.

2-

يعمد أكثر التجار إلى إضافة النسبة التي يقتطعها مصدر البطاقة من فواتيرهم إلى سعر السلعة "9"، ومن ثم فإن استخدام البطاقة لا يؤدي إلى انخفاض معدل أرباحهم. وبما أن عملية تسديد قيمة الفواتير من قبل مصدر البطاقة لا تستغرق غالبًا إلا أيامًا قليلة، صارت بالنسبة إليهم عملية مفيدة ومجدية. وتمنع القوانين في الولايات المتحدة (وربما في بلدان أخرى) التجار من تحديد سعرين للبيع أحدهما لمن يدفع نقدًا، والآخر لمن يستخدم البطاقة، يكون الفرق بينهما ما يقتطعه المصدر من فاتورة التاجر "10" والنتيجة أن الذي يدفع بالنقود يتحمل قيمة الائتمان دون أن يتمتع به. وليس معروفًا أن التجار يكون لهم سعران: واحد للنقد وآخر لحملة البطاقة، بل إن اتفاقيات المصدرين مع التجار تنص على أن تلك الاتفاقية تكون لاغية إذا عمد التاجر إلى مثل ذلك العمل، وفي بعض الأحيان تمنع القوانين التجارية من تبني سعرين للبيع.

3-

وفي البلدان المتقدمة تتم جميع مشتريات السلع المعمرة تقريبًا بالدين، ولا سبيل للشراء بالنقد إلا فيما ندر. فنجد أن الأسرة في الولايات المتحدة تدفع نحو 50 % من دخلها فوائدًا للديون "11"، ولذلك فإن التجار الذين لا يرتبون لأنفسهم طريقة للبيع بالنسيئة سوف لن يجدوا الكثير من الزبائن. ولا ريب أن التقسيط عن طريق البطاقة يتفوق على التقسيط من التاجر مباشرة، من حيث انخفاض التكاليف الإدارية ومن حيث ضمان المدفوعات من قبل الشركة المصدرة للبطاقة.

ص: 1047

4-

الاستفادة من الحملات الدعائية التي ينظمها مصدرو البطاقة، لا سيما بالنسبة للمؤسسات التي تقدم الخدمات؛ مثل شركات تأجير السيارات والفنادق والتي تستفيد من إدراج اسمها في الدليل الذي يوزعه المصدر على حاملي البطاقة.

أثر التعامل بالبطاقة على المجتمع والاقتصاد:

من الجلي أن أطراف البطاقة الثلاثة يحققون جميعهم منافع أدت إلى التوسع وانتشار العمل بها، وربما يكون الأمر مختلفًا نوعًا ما إذا نظرنا إلى الآثار العامة للبطاقة على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني. بعض هذه الآثار إيجابي وبعضها سلبي، ومنها:

1-

لا ريب أن التعامل بالبطاقة يؤدي إلى توسع السوق وزيادة حجم الطلب على السلع والخدمات، وذلك لأن المستهلكين سوف يشترون ليس اعتمادًا على دخولهم ولكن اعتمادًا على مستوى الدخل المتوقع في المستقبل. ولذلك نجد أن الأفراد في الدول التي تكون سبل الاقتراض فيها ميسرة يتوسعون كثيرًا في الشراء بالنسيئة ويحملون أنفسهم ديونًا تمتد فترة تسديدها العمر كله (كما في قروض بناء المساكن) . وقد دلت الدراسات على أن الأسرة في الولايات المتحدة تدفع نصف دخلها في المتوسط لتسديد الفوائد المتراكمة على الديون، حتى بلغت الديون الاستهلاكية في الولايات المتحدة في سنة 1986 نحو 2،2 ترليون (مليون مليون) من الدولارات "12" وفي اليابان لأكثر من 40 ترليون من الينات "13". ويعتقد كثير من الاقتصاديين أن ذلك يؤدي إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي؛ لأنه يمثل محركًا فعالًا للاستثمار نظرًا لزيادة معدل الطلب. ولكن مثل هذا الاتجاه له آثار سلبية أيضًا لأنه يقلل من معدل الادخار، ومن ثم يؤدي إلى انخفاض الموارد المخصصة لغير الأغراض الاستهلاكية في المجتمع. ويؤذن بعدم الاستقرار؛ لأن تراكم الديون له آثار سلبية على الاقتصاد الوطني.

ص: 1048

2-

يؤدي انتشار البطاقة إلى تقليل التعامل بالنقود، ومن ثم يساعد على توفير قدر أكبر من الأمان للأفراد لعدم تعرضهم للسرقة وضياع أموالهم أو حاجتهم للاحتفاظ بالسيولة في منازلهم. وتتعرض البطاقة في بعض الأحيان للتزوير إذا فقدت من مالكها الأصلي، وربما يعمد بعض أصحاب المحلات التجارية إلى إساءة استخدام البطاقة بتحميل زبون مبالغ عن أشياء لم يشترها، أو قيام اللصوص بعمل مشابه، وحصولهم على الأموال من الشركة المصدرة التي سوف تطالب بدورها حاملي البطاقة بدفع تلك المبالغ. وقد تطورت القوانين في البلدان المختلفة لتقديم الحماية لحامل البطاقة، فإذا فقدت منه لم يتحمل إلا مبلغًا بسيطًا بعد إبلاغه المصدر بفقدانها، ويجوز له الاعتراض على ما يرد في فاتورته من مشتريات، إلى غير ذلك. وهي أمور تؤدي إلى زيادة التكاليف على المصدر (تأمين) ، ومن ثم زيادة التكاليف على جميع حملة البطاقة لأنها تحملهم جميعًا المصاريف الإضافية.

3-

يؤدي انتشار العمل بالبطاقة إلى تحول الائتمان الخاص ببيع السلع والخدمات من الشركات المنتجة إلى البنوك، ومن ثم دخول البنوك كدائن لجميع المستهلكين. مع ما في ذلك من توسع ونمو القطاع المالي في الاقتصاد واتجاه الأرباح نحو النشاطات المالية بدلًا عن التجارة والإنتاج.

4-

يؤدي إلى زيادة حجم السيولة في الاقتصاد لأنه يزيد من قدرة المؤسسات المالية (المصدرة للبطاقة) والبنوك على خلق الائتمان (بدون حدود تقريبًا) ، وفي الحالات التي لا تكون أسواق المال وأسواق النقود فيها متطورة، تعجز السلطات النقدية (كالبنك المركزي) عن السيطرة على الحجم الكلي لوسائل الدفع في الاقتصاد. ومن الواضح أن عدم توفر أدوات فعالة للسيطرة على عرض النقود يؤدي إلى كثير من الأحيان إلى عدم الاستقرار لوجود ضواغط تدفع الاقتصاد إلى التضخم. ولذلك نجد كثيرًا من البلدان النامية لا تسمح إلا بالنوع الأول من البطاقات الذي لا يعطي البنوك القدرة على التوسع في توليد السيولة (خلق الائتمان) .

العلاقات التعاقدية بين أطراف البطاقة الائتمانية:

لما كان الحكم على الشيء فرعًا من تصوره، فإن من الضروري فهم العلاقات التعاقدية بين أطراف البطاقة الائتمانية والحكم عليها بالجواز أو عدمه اعتمادًا على صحة التعاقد وسلامة الشروط وخلوها من الربا والغرر وغيره من مفسدات العقود.

ص: 1049

وسوف نعطي اهتمامًا كبيرًا هنا بالنوع الأول من البطاقات لأنه شبيه – من الناحية التعاقدية- بالشيك، فهو لا يعدو أن يكون حوالة ووكالة بالدفع. أضف إلى ذلك أنه لا يمثل في عالم بطاقات الائتمان أهمية كبيرة، والاتجاه في العالم اليوم ضده، فقد قررت اليابان –وكانت أكبر دولة تعمل بهذه الصيغة- السماح للبنوك بإصدار بطاقات الائتمان من النوع الثاني والثالث "14"، وكذلك سمح في المملكة العربية السعودية للبنوك أخيرًا بعدم الاقتصار على النوع الأول.

أما النوع الثالث فإن اختلافه الرئيسي عن النوع الثاني هو تضمنه لقرض متجدد يتضمن شرط دفع الفائدة الربوية ومن ثم فهذا الأمر فيه واضح، وما خفي منه سيظهر في التركيز على النوع الثاني من البطاقات.

طبيعة العلاقات التعاقدية في البطاقة الائتمانية العادية:

1-

العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها:

العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها فيها معنى الضمان؛ لأن المصدر ضامن للديون المتعلقة بذمة حامل البطاقة تجاه التجار الذين يشتري منهم. والضمان (الكفالة) التزام ما في ذمة الغير. ويبدو أن رسم الاشتراك إن وجد هو أجر على ذلك الضمان، ولا يرتبط ما يحصل عليه مصدر البطاقة بتكاليفه الحقيقية، ولذلك لا وجه للقول: إنه مقابل قيمة البطاقة أو التكاليف الإدارية المتعلقة بترتيب تسديد الفواتير.. إلخ. ولا يتصور أن تكون وكالة لأن أموال حامل البطاقة ليست مودعة لدى المصدر ومن ثم يوكله في دفع ما استحق عليه من ديون (وربما يكون هذا صحيحًا في النوع الأول من البطاقات) ، إلا أن يكون وكيلًا يقترض له من نفسه ثم يسدد نيابة عنه، وإذا كان الأمر كذلك كان فيما يقتطع شبهة الزيادة على القرض.

ص: 1050

وعندما يبرز هذا الفرد البطاقة إلى التاجر، فإن الأخير يكون متأكدًا أن مصدر البطاقة ضامن للدين الذي سيتعلق بذمة حاملها، ثم يصالح مصدر البطاقة التاجر على أقل من مبلغ الدين (عندما يقتطع نسبة منه) .

وقد يبدو أن فيها معنى القرض، وهذا ما تصوره الدراسات الاقتصادية الوضعية حيث ترى أن العميل يحصل عند استعماله للبطاقة على قرض أتوماتيكي من المصدر. لكن المشكلة هنا أنه إن كان قرضًا وجب لوجوده أن يقبض المقترض مبلغ القرض وهذا لا يوجد في الصيغة المذكورة، إلا أن يكون قبضًا حكميًّا قام به مصدر البطاقة نيابة عن حاملها فأقرضه من نفسه وسدد عنه دينه.

2-

العلاقة بين حامل البطاقة والتاجر:

الأرجح أن العلاقة بين حامل البطاقة والتاجر (الذي يشتري منه بالبطاقة) هي حوالة، فهو عندما يشتري سلعة أو خدمة يتعلق بذمته قيمتها ويكون التاجر دائنًا له بذلك المبلغ فيحيل الدائن على مليء، وهو المصدر للبطاقة ويمثل توقيعه على الفاتورة هذه الإحالة ويقبل التاجر تلك الإحالة فيرسل الفاتورة إلى المصدر الذي يدفع له المبلغ. ومن المعروف أنه لا يشترط لصحة الحوالة أن يكون للمحيل دين على المحال عليه. والرضا متوفر بين أطراف هذه العلاقة والدين معلوم، وهو دين لازم على المدين في الحال.

وإذا أخذنا برأي من يشترط في الحوالة أن يكون للمحيل على المحال عليه دين فهو حوالة لأن المحال عليه احتمل سداد الدين عن المحيل.

ويمكن أن نتصور أن العلاقة وكالة، فحامل البطاقة يجعل التاجر وكيلًا عنه يقترض باسمه من مصدرها ويسدد دينه لنفسه، ولكن الخصم الذي يحصل عليه التاجر في هذه الحالة يكون زيادة على القرض.

ص: 1051

3-

العلاقة بين مصدر البطاقة والتاجر:

إذا قلنا: إن حامل البطاقة محيل ومصدرها محال عليه، وإن التاجر دائن للأول يستوفي دينه من الثاني، بدت العلاقة بين المصدر والتاجر وكأنها غير ذات أهمية تذكر. ولكن اقتطاع المصدر لنسبة مئوية من قيمة الفاتورة لنفسه يدخل في العلاقة المذكورة قدرًا من التعقيد. فهي تصبح شبيهة إلى حد كبير بخصم (حسم) الأوراق التجارية، إذ يمكن تصور أن الفاتورة التي وقع عليها المشتري هي كمبيالة مستحقة الدفع يقوم التاجر بحسمها لدى البنك (المصدر) مقابل نسبة 3 % (أو أقل أو أكثر) ومما يرجح هذا الاحتمال اشتراط بعض الشركات على التجار الرجوع إليهم في حالة رفض العميل (أي حامل البطاقة) دفع المبلغ الذي دفع إلى التاجر لسبب مخالفة التاجر لشروط البيع أو المواصفات المتفق عليها وليس في الحالات الطبيعية، والغرض منها هو حماية المشترين الذين يستخدمون البطاقات وإعطاؤهم نفس حقوق من يستخدم الشيك مثلًا "15".

المواطن المحتملة للربا والغرر في العلاقات التعاقدية في بطاقات الائتمان:

1-

الرسوم التي يدفعها المشترك في برنامج البطاقة لكي يتحصل عليها من قبل المصدر تحول العلاقة بينهما إلى عقد معاوضة، لكن ليس واضحًا على ماذا سيحصل حامل البطاقة مقابل ذلك الرسم. فإن كان مجرد العضوية ووجود اسمه ضمن قائمة حاملي البطاقة، وحصوله على القدرة على المباهاة والفخر بحملها، فهذه حقوق والتزامات واضحة وهي حاصلة للفرد بمجرد العضوية، لكن الواقع خلاف ذلك. وإن كان المبلغ المذكور مقابل عدد المرات التي تمتع فيها بالائتمان أو حصل فيها على التسهيلات المالية ففي العقد غرر أو جهالة (على افتراض عدم وجود الربا وهو موجود) لعدم معرفته عند التعاقد لعدد مرات احتياجه لها وتكرر استفادته منها

إلخ.

ص: 1052

2-

وفي الصيغة الثالثة التي تتضمن قرضًا متجددًا لحامل البطاقة (Revolving Credit) فإن اشتراط الزيادة على القرض يجعله من الربا الصريح. والزيادة المذكورة ليست زيادة في بيع آجل (بالتقسيط) رغم أنها ظهرت بسبب شراء العميل لسلعة أو خدمة من التاجر، والسبب أن الزيادة فيها غير ثابتة ولم تحدد عند البيع كما أنها تزيد بزيادة المدة وهي مرتبطة بالمبلغ والمدة فحسب.

3-

وفي الصيغة الثانية للبطاقة يلتزم حاملها بتسديد ما عليه من ديون خلال ثلاثين يومًا، وإذا لم يفعل ألغت الشركة المصدرة عضويته، وبدأت في ملاحقته في أجهزة القضاء والأمن لإرغامه على الدفع. وتنص أكثر عقود هذا النوع من البطاقات على أن العضو ملتزم بدفع الفوائد على المبالغ المتأخرة ابتداء من تاريخ إلغاء عضويته، فهو شرط جزائي فحسب، فإذا التزم العضو بالدفع خلال الفترة المسموح بها لا يكون عرضة لآثاره. ولكن هل يجوز له أن يدخل في عقد يتضمن شرطًا مثل ذلك؟ وهذا الشرط هل هو شرط مفسد للعقد؟ وهناك حالات تعرض لها بعض الفقهاء لا يؤدي إلى شرط الفاسد فيها إلى فساد العقد فهل نعد هذه واحدة منها؟ وهذا ما يتعرض له المسلمون بحملهم بطاقات الائتمان الشهيرة أمريكان اكسبرس، فهم يحرصون على دفع المبالغ في وقتها دون التعرض لآثار شرط الفائدة في العقد. إذا التزم حامل البطاقة بالتسديد في الوقت المطلوب بحيث لا يعرض نفسه أبدًا لدفع الفائدة، فمثلًا قال في إعلاء السنن:(1) "

وأما القرض المشروط بالفضل والمنفعة، قال الشافعي ومالك يبطلان عقد القرض، وقال الحنفية: يبطل الشرط لكونه منافيًا للعقد ويبقى القرض صحيحًا

ومرادهم بكون القرض صحيحًا والشرط باطلًا أن المستقرض إذا قبض الدراهم التي استقرضها بالشرط يصير دينًا عليه وأما أن الإقراض والاستقراض بالشرط يكون جائزًا فكلا

" وقد ذكر في مرشد الحيران. (2) "كل ما كان مبادلة مال بمال كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والمزارعة والمساقاة والقسمة والصلح عن مال....، لا يصح اقترانه بالشرط الفاسد ولا تعليقه به، أما ما كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والخلع على مال والتبرعات كالهبة والقرض

وكذلك الإقالة والرهن والكفالة والحوالة والوكالة

ففي هذه التصرفات كلها إذا اقترن العقد بالشرط الفاسد صح العقد ولغي الشرط". وحديث بريرة معروف".... اشترطي لها الولاء فإن الولاء لمن أعتق

الحديث" ولم تزل مسألة الشروط في العقد من المسائل الخلافية بين الفقهاء.

(1) إعلاء السنن: ج 13- 14 ص 534

(2)

مرشد الحيران، مادة 323 - 326

ص: 1053

4-

والحصول على النقد يعد من أهم استخدامات البطاقة، فيمكن لحامل البطاقة سحب مبلغ من النقود من الأماكن المخصصة لذلك في المطارات والمحلات التجارية أو من البنوك مباشرة في داخل بلده أو عند سفره إلى الخارج. وفي كل الأحوال تعد تلك النقود قرضًا يدفع عليه فائدة (فيما عدا النوع الأول حيث لا يعدو ذلك أن يكون سحبًا من حسابه لدى البنك) . ويحصل مصدر البطاقة على تلك الفوائد وربما يقتسمها مع البنوك التي قدمت التمويل (إن كان مصدر النقود سواه) ، وهذا موطن واضح للربا في عمل البطاقة.

5-

وتقوم بعض الشركات المصدرة للبطاقات في الدول المتقدمة بما يسمى بعملية تسييل الديون Sicuritization، وذلك بتحويل الديون المتعلقة بذمم حملة البطاقات إلى أدوات مالية يمكن أن تعرض للبيع على البنوك الأخرى والمستثمرين. ولا يعلم حملة البطاقات شيئًا عن ذلك؛ لأن البائع للديون (أي مصدر البطاقة) يستمر جهة للتحصيل بالنسبة لتلك الديون. وهي عملية معقدة ولكنها أصبحت كثيرة الانتشار في الولايات المتحدة وربما دول أخرى. وقد أصبحت هذه العملية جزءًا مهمًّا من عمل شركات بطاقات الائتمان. وهي وإن كانت لا تقوم بصفة دورية، إلا أنها عرضة للحاجة إليه على الدوام وهي صورة واضحة لبيع الدين لغير من هو عليه وهو باب من أبواب بيع الكالئ بالكالئ.

ص: 1054

6-

ولكل بطاقة ائتمانية عملة تحسب المستحقات بها. ولكن كثيرًا ما يستخدمها الناس خارج بلدانهم. وهنا تحسب المشتريات بالعملة الخارجية ثم تحول إلى العملة المحلية، فيتعلق بذمة حامل البطاقة لمصدرها مبلغ بعملة البطاقة وليس بالعملة التي اشترى بها السلع. رغم أن الدين الذي تعلق بذمته في الأصل كان بعملة مختلفة لأنه نشأ من عملية شراء تلك البضائع. وربما يكون الدين ناشئًا من قرض نقدي ثم بواسطة البطاقة.

7-

وقد دلت التجارب العملية على أن إدارة أي مشروع ائتماني (كإصدار بطاقة ائتمانية) لا يتحقق له النجاح ما لم تتوفر للمشروع السيولة النقدية الكافية للنهوض بحاجاته الغير منتظمة. فمن المعروف أن إيرادات المشروع المتمثلة في مدفوعات حاملي البطاقة، ومصروفاته المتمثلة في المدفوعات إلى التجار؛ ليست متناغمة، وإنما تفترق في الزمن. ولذلك نجد أن شركات إصدار البطاقات تقترض كثيرًا من البنوك، ويكون لها خط ائتماني دائم تحصل من خلاله على ما تحتاج من سيولة بصفة مستمرة ومستعجلة، فمثلًا تجد تلك الشركات في فترة أعياد الميلاد في البلاد الغربية ارتفاعًا كبيرًا في معدل استخدام البطاقة. ونظرًا إلى التزامها أمام التجار بدفع ما يقدمون إليها من فواتير فإنها تحتاج بعد فترة الأعياد مباشرة إلى مبالغ كبيرة جدا لا تتوفر لها إلا بالاقتراض من البنوك نظرا إلى أن مدفوعات حاملي البطاقة لها أن تتم إلا بعد تلك الفترة بعدة أشهر. ولعل هذا هو سبب اختصاص البنوك بإصدار هذه البطاقات وبصفة عامة تحصل تلك الشركات على قروض بفوائد متدنية لقوة مراكزها المالية.

هذا لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن إدارة مشروع للبطاقات الائتمانية بدون اللجوء إلى الاقتراض، ولكن ما تدل عليه التجارب العملية لا يمكن تجاهله.

8-

وهناك شروط تتكرر في أكثر عقود البطاقات؛ مثل إعطاء الحق للمصدر بتغيير الشروط متى شاء وتعهد حاملها بقبول ذلك، وهذا أمر لا شك غير مقبول، فهو إضافة إلى كونه إجحافًا بحق الفرد، يدخل في العقد قدرًا من الغرر. وكذلك تنص عقود أكثر البطاقات على أنها تتضمن تأمينًا على الحياة يدفع ثمنه باقتطاع جزء من رسوم العضوية، والغرض من التأمين هو رغبة المصدر تقليل المخاطرة، في حالة وفاة حامل البطاقة.

ص: 1055

صيغة مقترحة لبطاقة ائتمان خالية من المحظورات الشرعية:

ذكرنا سابقًا أن بطاقة الخصوم Debit card لا تعد بطاقة ائتمان وهي ليست ذات أهمية، ويتضاءل العمل بها يومًا بعد يوم، ومن جهة أخرى فإنه نظرًا إلى تشابه صيغتها مع الشيك المصرفي فقد أفتت بعض الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية بجواز صيغ عقودها، ولكن الحاجة ماسة الآن إلى صيغة للبطاقة الائتمانية Credit card تكون مقبولة شرعًا وقادرة على أن تنهض بالوظائف المعتادة للبطاقة دون اللجوء إلى الربا أو الغرر، ويمكن للمؤسسات المالية في المجتمعات الإسلامية أن تتبناها –أي الصيغة المذكورة- لإصدار البطاقات الائتمانية، ولا ريب أن واجب العلماء والفقهاء أن يقدموا هذه الصيغة العملية؛ لأن استخدام البطاقة هو ظاهرة حديثة في مجتمعات الإسلام وهي تنتشر وتتوسع ولذلك يحسن أن تكون هذه الصيغة جاهزة في الوقت المناسب، والذي أقدمه أدناه ليس صيغة جاهزة لذلك، ولكنها بعض المقترحات التي أحسب أنها تساعد على الوصول إلى مثل تلك الصيغة.

1-

من الأفضل أن يقتصر إصدار البطاقة الائتمانية على جهة عامة (حكومية) وأن لا يكون نشاطًا يقوم به القطاع الخاص وذلك للأسباب التالية:

أ- من ناحية السياسة الاقتصادية، يمكن في هذه الحالة لمؤسسة البطاقة الائتمانية أن تتبنى الإجراءات والأنظمة التي تتفادى التأثير بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، مثل السيطرة على حجم الائتمان الذي تولده البطاقة، وتحديد السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بها وتنظيم الآجال المتعلقة بتسديد الديون ودفع فواتير التجار بطريقة تتفادى تلك السلبيات، ومن جهة أخرى يمكن لمؤسسة عامة أن تحرص على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص في الحصول على الائتمان وعدم قصر ذلك على الأغنياء وذوي الدخول العالية كما هو المتبع في القطاع الخاص. ولا تتعرض لمشكلة نقص السيولة في دورات السنة والاضطرار إلى الاقتراض، إذ يمكن ترتيب ذلك مع مصادر ذات دورات معاكسة (1)

(1) من جهة أخرى أن تستفيد الحكومة من تيار السيولة المذكور لتكتفي به عن الاقتراض الجسري: Bridge Finance

ص: 1056

ب- لا ريب أن بين توليد الائتمان عن طريق البطاقة وبين إصدار النقود الذي هو من وظائف السلطان، شبهًا كبيرًا لأن كليهما يخلق وسائل دفع في الاقتصاد لاسيما في هذا الزمن الذي أضحت النقود جميعها ائتمانية لا سلعية، ولذلك فإن طبيعة البطاقة تجعل اختصاص الحكومة بإصدارها أمرًا ملائمًا لجنس وظائف الدولة.

2-

يجب أن تصاغ العلاقة بين المصدر للبطاقة وبين التاجر بحيث تقتصر على الحوالة فقط، فيكون المصدر محالًا عليه وحامله محيلًا والتاجر دائنا له، ولا أظن أن ذلك سيؤثر على فاعلية العلاقة وملاءمتها للنهوض بوظيفة البطاقة الائتمانية، وإذا أخذنا برأي المالكية باشتراط أن يكون للمحيل على المحال عليه دين لحصول الحوالة، فهي إذن حمالة، ويكون ما يقتطع المصدر من قيمة الفاتورة أجرة تلك الحمالة التي تراضى الأطراف على أن يدفعها التاجر.

ويجب النص في عقد البطاقة على عدم براءة ذمة المحيل بمجرد الإحالة (لاسيما وأن المحال عليه ليس مدينًا للعميل) وذلك لزيادة توضيح أوجه الحوالة في هذا العقد.

3-

يجب أن لا يتضمن عمل البطاقة توفير القروض المتجددة، وإنما تقتصر على توفير الائتمان مجانيًّا لمدة ثلاثين يومًا، وفي حال مماطلة العميل في السداد تلغى عضويته ويطالب بما يتعلق بذمته بالطرق المشروعة فلا يعاقب بغرامات مالية، ويمكن أن ينص على بعض الشروط الجزائية لمعاقبة المماطل مثل التهديد بوضع اسمه في قائمة سوداء لا يتمكن بعدها من الحصول على بطاقات أخرى أو تمويل مصرفي.. إلخ.

ص: 1057

4-

ويحسن أن تنص عقود الإصدار على أن لا يسمح لحاملها ببيع البضاعة التي يشتريها بها إلى نفس البائع ذلك لأن ذلك يجعلها أداة للعينة، ولا لسواه لأن ذلك نوع من التورق.

5-

ويجب أن تقدم البطاقات لمن تتوفر فيهم شروط العضوية من ملاءة وثقة وأمانة بدون مقابل، وهذا أمر معهود في الولايات المتحدة (1) ذلك لأن وجود الرسوم المذكورة يحول العلاقة إلى عقد معاوضة لا يصح إلا إن خلا من الغرر والجهالة الفاحشة.

ومن جهة ثانية فإن الرسوم التي يتحصل عليها المصدر، وهو يقدم الائتمان الشبيه بالقرض إلى حاملها يجعل العلاقة مشوبة بشبهة الربا، ولذلك فإن إلغاء الرسوم يخلصها من ذلك، ولا بأس أن يقوم المصدر برفع نسبة ما يأخذه من التاجر لتعويض ذلك.

وبما أن العلاقة بين حامل البطاقة ومصدرها يمكن أن تكون ضمانًا، (ولا يجوز أخذ الأجر على الضمان)(2) ، صار إلغاء تلك الرسوم إبعادًا لها من شبهة الأجر على الضمان أيضًا.

6-

كما يمكن صياغة العلاقة بين مصدر البطاقة وحاملها ضمن عقد الضمان أو عقد الوكالة، فإن كان الأول فلا يجوز الأجر على الضمان، وإن كان الثاني فربما تجوز مصالحة الوكيل للدائن بتنازل الأخير عن جزء من الدين (3) فإن جاز ذلك أضحى للوكالة وجه في العلاقة التعاقدية ولها صفة عملية؛ إذ يمكن لمصدر البطاقة أن يحقق لنفسه دخلًا يغطي تكاليف عملياته.

والأجر جائز على الوكالة، والمصدر وإن كان يقتطعها من فاتورة التاجر فالذي يتحملها في النهاية هو العميل بصفة غير مباشرة، ومن جهة أخرى فالتراضي متحقق بين الأطراف في دفعها بهذه الطريقة.. والله أعلم.

الدكتور محمد القري بن عيد

(1) وإن كان مقتصرًا على البطاقات من النوع الثالث أي ذات القروض المتجددة

(2)

وإن أجاز البعض أخذ تكاليف الضمان أن أمكن حسابها بدقة

(3)

والمعروف جواز مصالحة المدين دائنه على أقل من مبلغ الدين، فإن كان وكيلًا كان له مثل ذلك نيابة عن المدين

ص: 1058

المراجع:

1-

مجلة Business Week عدد 30 مارس 1987، ص 21.

2-

مجلة Business Week عدد 15 يونيو 1987، ص 28.

3-

مجلة Business Week عدد 15 يونيو 1987، ص 28.

4-

مجلة Business Week عدد 20 أبريل 1987، ص 157.

5-

مجلة Business Week عدد 28 مايو 1990، ص 52.

6-

مجلة Business Week عدد 20 أبريل 1987، ص 157.

7-

مجلة Business Week Economist عدد 6 يونيو 1987، ص 17.

8-

مجلة Business Week Economist عدد 6 يونيو 1987، ص 97- 99.

9-

مجلة Economist عدد 6 يونيو 1987، ص 17.

10-

مجلة Time الأمريكية، عدد 9/ 3/ 1987، ص 44.

ص: 1059

11-

مجلة Time الأمريكية، عدد 9/ 3/ 1987، ص 43.

12-

مجلة Economist عدد 6/ 6/ 1987، ص 90.

13-

مجلة Business Week عدد 15/ 6/ 1987، ص 29.

14-

Cleeson، Adrienne، The Credit Book، Leden، Kogan، Page 1982

15-

Drury، Tony and Ferrier، Charles W. Credit Cards، London، Buther Worths، 1984

16-

مجلة عالم الإدارة، فبراير 1986 ص 25- 27.

17-

مجلة nov. 1986 p. 17 Tokyo Business Today

18-

مجلة Dec. 1986 p. 56-59 Tokyo Business Today

19-

مجلة التجارة (غرفة تجارة جدة) مارس 1984، ص 6- 11.

20-

Hindle Time، Pocket Banker، London، Basil Blackwell، 1987

21-

Makin، Johan، H. Teory of Money، Hinsdale، IU، Dryden press

ص: 1060

ملحق

بعض صيغ عقود بطاقات الائتمان

ص: 1061

_________

ص: 1062