المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثامن

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادالدكتور: وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌موضوع: " الأخذ بالرخص الشرعية وحكمه

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌الرخصة (التلفيق)إعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌التلفيق والأخذ بالرخصة وحكمهماإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الأخذ بالرخص الشرعية وحكمهإعدادمحمد رفيع العثماني

- ‌حكمالرخصة وتتبع الرخصفي الفقه الإسلامي

- ‌الأخذ بالرخصةإعدادأ. د. حمد عبيد الكبيسي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادأ. د. عبد العزيز عزت الخياط

- ‌الرخصةإعدادالشيخ محمد الشيباني بن محمد بن أحمد

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهتتبع الرخص – التلفيق ورأي الفقهاء فيهإعدادفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالشيخ الطيب سلامة

- ‌الأخذ بالرخصة وحكمهإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌الأخذ بالرخص وحكمهإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌بيع العربُونإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌بيع العربُونإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌بيع العربونإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌بيع المزايدةإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار

- ‌عقد المزايدةبين الشريعة الإسلامية والقانوندراسة مقابلةمع التركيز على بعض القضايا المعاصرةإعدادعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌قواعد ومسائلفيحوادث السيرإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌ موضوع "حوادث السير

- ‌حوادث السيرإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌حوادث السيرإعدادالشيخ عبد القادر محمد العماري

- ‌حوادث السيرإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌التطبيقات الشرعيةلإقامة السوق الإسلاميةإعدادالأستاذ الدكتور / علي السالوس

- ‌الائتمان المولد على شكل بطاقةمع صيغة مقترحة لبطاقة ائتمانية خالية من المحظورات الشرعيةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌بطاقات الائتمانإعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌سر المهنة الطبية بين الكتمان والعلانيةإعدادالدكتور أحمد رجائي الجندي

- ‌مسؤولية الطبيبإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌مداواة الرجل للمرأةوالمرأة للرجلإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)الأحكام المتعلقة بالمرضى والمصابينإعدادأ. د. مصطفى عبد الرؤوف أبو لسان

- ‌بعض المشاكل الأخلاقية والاجتماعيةالناتجة عن مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)إعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌مرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة)أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعيةإعدادالدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌التداوي بالمحرماتإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌بحوث مجمعية

- ‌حُسن وفاء الديونوعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعارإعدادالدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعارفي ضوء الأدلة الشرعيةإعدادد. حمزة بن حسين الفعر

- ‌الربط القياسي للأجور بالمستوى العام للأسعارتحليل من منظور إسلامي لمشكلة الأجورفي ظل التضخم والعلاج المقترحإعدادد. عبد الرحمن يسري أحمد

- ‌التضخم والربط القياسيدراسة مقارنة بين الاقتصاد الوضعيوالاقتصاد الإسلاميإعدادالدكتور شوقي أحمد دنيا

- ‌ربط الأجور بتغير المستوى العام للأسعاربين الفقه والاقتصادإعدادد. محمد أنس الزرقا

- ‌ندوة قضايا العملةالربط القياسي للديون بعملة اعتباريةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌ملاحظات أساسيةفي مسألة ربط الأجور والمستحقاتإعدادالدكتور سيف الدين إبراهيم تاج الدين

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادمجموعة دلة البركة

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةمحاورإعدادبيت التمويل الكويتي

- ‌الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلاميةوتصورات لكيفية مواجهتهاإعدادأ. د. إسماعيل حسن محمد

- ‌مشاكل البنوك الإسلاميةعقد السلم ودوره في المصرف الإسلاميإعدادالشيخ صالح الحصين

- ‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي

- ‌في مشكلات المصارف الإسلاميةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمةالمتعاملة بالرباتجربة مجموعة دلة في أسلمة الشركاتعن طريق شراء أسهمهاإعدادالشيخ صالح عبد الله كامل

- ‌المشاركة في شركات تتعامل بالحرامإعدادالشيخ عبد الله بن بيه

الفصل: ‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضرإعدادد. محمد نجاة الله صديقي

‌مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر

إعداد

د. محمد نجاة الله صديقي

بسم الله الرحمن الرحيم

مشكلات البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر

مضى نحو عقدين على تجربة البنوك الإسلامية، وذلك إذا تجاهلنا البدايات الطيبة في مصر وماليزيا وبعض المناطق الأخرى، ولا شك أنه لوحظ تقدم ملموس في هذه الفترة في إنشاء البنوك الإسلامية والزيادة في نشاطاتها، خاصة في الثمانينات، ولكن هناك شعوراً عاماً بالبطء في السير ونوع من الركود الذي تزامن مع الركود العالمي في النشاط الاقتصادي في بداية التسعينات. وإن هذه الورقة المتواضعة حين تنظر إلى بعض المشاكل التي تعترض البنوك الإسلامية تأتي في سياق هذه الظاهرة، ظاهرة الركود في السير التي تقتضي محاسبة ذاتية قبل استئناف المسير.

ونرجو أن يكون هذا الاستعراض السريع باعثاً على مزيد من النظر والبحث في الموضوع بهدف حل هذه المشكلات، ودفع عجلة المصارف الإسلامية إلى الأمام.

ونبدأ بسرد قائمة لبعض هذه المشاكل.

1-

صعوبات في ممارسة المضاربة في العمل المصرفي.

2-

الآثار السلبية لغلبة المرابحة والبيوع الآجلة في العمل المصرفي الإسلامي المعاصر على مصداقية هذه البنوك.

3-

ضرورة الرعاية والمساندة من قبل البنوك المركزية للمصارف الإسلامية في البلدان التي يسود فيها النظام المصرفي الربوي، وخاصة فيما يخص دور البنك المركزي كالملجأ الأخير للحصول على السيولة.

4-

الخلاف حول معالجة بعض القضايا العملية مثل: المماطلة في الديون الناشئة من البيوع الآجلة، وأخذ الأجر على الضمان المصرفي، وبيع وشراء العملات الأجنبية.

ص: 1711

5-

تعدد جهات الرقابة الشرعية والغموض حول كيفية تفاعلها مع الإدارة وافتقار معايير موحدة لعمل الهيئات الشرعية في البنوك فيما يخص التعيين والفصل، والتعويض عن العمل، وحق الاطلاع والتفتيش بدون استئذان الإدارة.

هذا، وقد أهملنا من القائمة بعض المشاكل المعتادة التي تحتاج إلى مزيد من الوقت والممارسة لحلها الأمثل، مثل مشكلة تدريب الكوادر وتوحيد الأنظمة واللوائح المتعلقة بالمحاسبة والمراجعة، وضرورة مزيد من الاتصالات وتبادل الخبرات بين البنوك الإسلامية، أهملناها ليس لأنها لا تهم ولكن لأنها قضايا معترف بها وقد أخذت بعض الإجراءات لمعالجتها، ونرجو أن يتحسن الوضع بمرور الزمن.

أما القضايا التي سجلناها في القائمة فمنها ما لم يعترف به بعد، ومنها ما لم يهتم بمعالجته، وإن اعترف به، ولما كان الباحث غير مؤهل لمعالجة كل واحدة من هذه القضايا بحثاً وتحليلاً وإيجاداً للحلول، فإنه سوف يحاول بقدر ما يمكن في ورقة صغيرة أن يعرف بالقضايا ويؤكد على أهميتها والآثار السيئة للغفلة عنها والقصور في معالجتها.

1-

صعوبات في ممارسة المضاربة:

الخطر الأخلاقي:

أشار أكثر من باحث (1) إلى الخطر الأخلاقي Moral Hazard الكامن في عملية المضاربة التي قد يتصرف الوكيل فيها (وهو صاحب المشروع الممول من قبل البنك الإسلامي) في غير صالح الأصيل، أو قد يلجأ الوكيل إلى إخفاء بعض المعلومات بقصد الحصول على ما لا يستحقه من المنافع

إلخ. ولمعالجة هذا الخطر أكد الباحثون الإسلاميون على الدور الذي يمكن أن يلعبه الخلق الإسلامي الرشيد والتوعية الإسلامية، والتقاليد الحسنة في المجتمع الإسلامي (2) كما أكد بعض الباحثين على ضرورة مراقبة المشروع للقضاء على فرص الخيانة من قبل العامل (وهو صاحب المشروع الممول) . (3)

(1) وقار مسعود خان: Waqar Massood Khan Towards an Interest Free Islamic Economics System، Leicester، The Islamic Foundation، 1985. إلياس كازاريان: Elias Kazarian Finanace and Economic Development; Islamic Banking in Egypt، Sweden، university of lunds، 1991

(2)

سلمان سيد علي: Salman Syed Ali On Reducing Moral Hazard Through Social Norms; Case of Imperfect Monitoring Phd Thesis under examination، Department Of Economics، university Of pennsylvania، 1993

(3)

باقر المضوي في بحث مقدم حول المصارف الإسلامية في لندن في 31 أكتوبر – 1 نوفمبر عام 1985 عنوانه: Baqiral Mudawi Placing Medium and Long term Finance by Islamic Financial Institutions.

ص: 1712

وإذا كان لاهتمام الأول يقتضي بيئة إسلامية حكومة وشعباً، وليس هذا في مقدور المصارف الإسلامية العاملة في البلدان التي يسود فيها النظام المصرفي الربوي، كما هو الغالب، فلا يبقى أمام هذه المصارف إلا الخيار الثاني، وهو ممارسة عقد المضاربة مع إضافة المراقبة لسير المشروع، الأمر الذي يأخذ مكانه في العقد كشرط يتفق عليه المتعاقدان.

وهناك شاهد من الواقع على إمكانية نجاح هذا العلاج لهذه المشكلة، فإن مدير عام بنك فيصل الإسلامي في السودان يقول: إن عوائد تمويل البنك من معاصر الزيت (ارتفعت من 5 % إلى 18 % نتيجة لنظام المراقبة الذي فرضه البنك على المشاريع الممولة، الأمر الذي كان تكلفته للبنك لا تتجاوز 1.5 %) . (1)

والخطر الأخلاقي الكامن في عقد المضاربة يمكن تداركه بطريق غير مباشر عن طريق النظر الدقيق في كل مشروع قبل أن يدخل المصرف الإسلامي في تمويله. وذلك يحتاج إلى جهاز كفء لدى المصرف الإسلامي لتقويم المشروعات تقويماً فنياً دقيقاً.

ضمان أمانة العامل:

يكون الإقراض المصرفي مقابل الفوائد المحددة مسبقاً مدعوماً برهن –عقار مرتهن أو أصل آخر –ولكن التمويل الإسلامي على أساس المضاربة لا يقبل الضمان؛ لأن المال الذي يكون في يد العامل (صاحب المشروع) خاضع للربح والخسارة، ولكن مال المضاربة في يد العامل يصير مضموناً رده في حالات التعدي، والتقصير، وهذا يمكن أن يكون مدخلاً لطلب ضمان من العامل رهن لا يكون للمصرف الإسلامي يد عليه إلا حالات التعدي والتقصير، والذي يبرر هذا الطلب هو احتمال التعدي وفساد الزمان وقلة الأمانة، والله أعلم بالصواب.

(1) باقر المضوي في بحث مقدم حول المصارف الإسلامية في لندن في 31 أكتوبر – 1 نوفمبر عام 1985 عنوانه: Baqiral Mudawi Placing Medium and Long term Finance by Islamic Financial Institutions.

ص: 1713

وإضافة إلى هذا، فإن صاحب المشروع، الطالب للتمويل، الذي لا يشك في سلامة المشروع ويؤمن بنجاحه، والذي ينوي بكل جدية أن يدير المشروع إدارة حسنة، إن هذا الطالب للتمويل سوف لا يتردد في تقديم الرهن –والذي يتردد يحتمل أن يكون سبب تردده عدم ثقته في سلامة المشروع أو سوء النية في إدارته. هذا على افتراض أن لديه ما يقدمه رهناً، والذي يخشى في بلد توجد فيه مصارف ربوية ومصارف إسلامية أن عدم المطالبة بالضمان من قبل المصارف الإسلامية يجذب إليها ذلك القسم الثاني من الطالبين للتمويل (أي الذي لا يثق في سلامة مشروعه ولا ينوي إدارته بأمانة، الأمر الذي سماه الاقتصاديون اختياراً معاكساً Adverse Selection.

وقد يرى بعض الباحثين مخرجاً آخر من مأزق الخطر الأخلاقي الذي يحول دون ممارسة المضاربة الشرعية لدى المصارف الإسلامية في الوقت الحاضر، وهو ضمان الطرف الثالث لرأس المال، أو لرأس المال والربح معاً. (1) كما يرى البعض أن خضوع مشروع ما لخسارة كبيرة، مثلاً ما يتجاوز ربع رأس المال، يمكن أن يعتبر مؤشراً لسوء الإدارة والتعدي علن المعروف من قبل العامل (صاحب المشروع الممول) الأمر الذي يبرر تضمينه بإلزامه بسداد جزء من المال الضائع لرب المال (البنك الإسلامي) إلا إذا أثبت العامل العكس أمام المحاكم وقضي ببراءة ذمته. (2)

حماية القانون ضد المماطل:

هناك صعوبة في استرداد رأس مال المضاربة والأرباح المستحقة عليه لصاحب المال (البنك الإسلامي) في الوقت المحدد. وأحياناً، وذلك في حال فشل المشروع وخضوع رأس المال للخسارة، يماطل العامل (صاحب المشروع الممول) ولا يرد ما بقي من رأس المال. وقد سمعنا من غير واحد من الذين عاشوا فترة ممارسة البنوك الإسلامية للمضاربة في بداية الأمر أن ذلك كان من الأسباب الرئيسية لإحجام البنوك الإسلامية من الاستمرار في ممارسة المضاربة. فإن القانون في جميع البلدان يحمي المقرض ويعينه في استرداد ما أقرضه إذا وجد عند المقترض مالاً، ولكن نفس القانون لا يحمي رب المال في عقد المضاربة إذا ادعى العامل فشل المشروع الممول، فهل يمكن إعادة النظر في هذه القوانين لحماية أرباب الأموال، وذلك مع المراعاة للفرق بين عقدي القرض والمضاربة؟

(1) منذر قحف (سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتها في تمويل التنمية في البلدان الإسلامية) مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الاقتصاد الإسلامي، المجلد 1، 1409/1989 (ص 43 – 76) .

(2)

صاحب هذا الرأي هو زميلي الأستاذ الدكتور محمد أنس الزرقا، في محادثة شفوية.

ص: 1714

الحد من النفقات الإدارية:

وقد أثارت ممارسة المضاربة في العصر الحاضر قضايا أخرى تحتاج إلى الدراسة من خلال التجارب العملية، منها الحاجة إلى الحد من النفقات الإدارية التي يمكن للعامل أن يحملها المضاربة (كتكلفة المشروع، أو نفقة العامل في المصطلح القديم) وإلى المراقبة على هذه النفقات، فإنه كما قال باحث:(إذا كان العائد للمنظم محدداً كنسبة من الربح، وكان مراقبة عمله من قبل المصرف غير ممكن (أو له تكاليف عالية جداً) ، ففي هذه الحالة يولد عقد المضاربة حافزاً لدى المنظم لكي يستهلك منافع غير نقدية، وذلك بالمقارنة مع عقد أساسه الفائدة المحددة) . (1)

والمعلوم أن هذه المنافع غير النقدية تأتي بتسهيلات للسفر والأثاث للمكتب وحق الاستضافة للعملاء، ومجاملة الحكام

إلخ، هذا بالنسبة للعلاقة بين البنك الإسلامي وصاحب المشروع الممول، وهناك حالة أخرى ينطبق عليها نفس المبدأ، وهو علاقة المودعين في حسابات الاستثمار مع البنك الإسلامي، فكلما زادت النفقات الإدارية في البنك الإسلامي مع الزيادة في الرواتب وأثاث المكاتب والأجهزة والدعاية والعلاقات العامة

إلخ، واحتسبت هذه النفقات كتكلفة في المضاربة بين البنك وأصحاب الودائع، كلما انخفضت نسبة الربح الموزع على المودعين. فهل هناك من يحد من هذه النفقات؟ وكيف يؤثر على قرار البنك الإسلامي؟ وما هي المعايير التي ينبغي مراعاتها في الموضوع؟ ربما كان حل هذه القضية يكمن في إعادة صيغة عقد المضاربة بين المودعين والبنك بحيث تزاد حصة البنك من الأرباح، لكن يلزم مقابل ذلك بتحمل هذه النفقات غير القابلة للضبط من حصته هو، وقد سمعنا أن بنك فيصل الإسلامي السوداني يعمل على نحو قريب من هذا المقترح. والأمر يحتاج لمزيد من البحث من الجانبين الشرعي والتطبيقي.

(1) إلياس كازاريان: Elias Kazarian Finance and Economic development: Islamic Banking in Egypt، Sweden، university of Lunds، 1991، Page 123.

ص: 1715

تطوير صيغ توفر الحوافز:

ولما كان دخل العامل من المضاربة نسبة محددة من الربح، فيكون الحافز على مزيد من العمل والجدية في التنظيم والإدارة في الدخل المترتب على الزيادة في الربح، ولكن يمكن أن يأتي مستوى من الدخل والسعي المطلوب يصير فيه الحافز هذا ضعيفاً نسبياً، وفي هذه الحالة يكون من المفيد لصاحب المال (ولصاحب المشروع وللمجتمع) أن يقال للعامل: إذا زاد الربح عن هذا المستوى فسوف يزاد في نسبة الربح المحددة للعامل. والمثال: أن يقال للعامل: إن لك من الربح الثلث، أما إذا زادت نسبة الربح لرأس المال (قبل توزيع الربح بين العامل ورب المال) على عشرين في المئة، فلك النصف من الربح الزائد وهكذا، فإذا جاز هذا صار الحافز على العمل الجاد والتنظيم المبتكر والإدارة الحسنة أقوى مقارناً بما يكون في حالة استمرار بنفس النسبة مهما كان مستوى الربح والإنتاجية.

الجمع بين الإجارة والمضاربة:

إن عقد المضاربة يعرض العامل لخطر ضياع جهده إذا فشل المشروع الممول، حتى لو كان هذا الفشل بسبب تغيرات في السوق لا علاقة لها بمؤهلات العامل وجهوده، وإن هذا الخطر يمكن أن يمنع الكثير من الدخول في مثل هذا العقد؛ إذ إن فشل المشروع يعني أن لا يحصل العامل على ما ينفقه على نفسه وعياله، وهذا يؤدي إلى أن لا يتقدم للمضاربة عامل إلا من كان لديه ثروة شخصية تسمح له بتحمل خطر عدم حصوله على نفقته الشخصية في حالة فشل المشروع، ولا ريب أن هذه النتيجة ستحجب عن ممارسة المضاربة بعض ذوي المواهب العالية من غير الأغنياء. ولما كانت المشاريع تختلف في تعرضها للخطر، والبشر يختلفون في مقدرتهم ورغبتهم في تحمل الخطر، فيكون من المفيد الجمع بن الإجارة والمضاربة، مثل أن يقول صاحب المال للعامل: وكلتك بالتجارة بهذا المال في هذا السوق، على أن يكون لك ألف كل شهر، فإذا ظهر ربح بعد تغطية التكاليف (بما فيها الألف المحدد للوكيل شهرياً) فلك من الربح الربع

إلخ، وإذا جاز هذا فيمكن أن ينظر في اقتراحات أخرى مفادها مشاركة الأجير في أرباح المصانع، بالإضافة إلى أجرة محددة، وقد روج لهذا الاقتراح الخبير الاقتصادي الأمريكي وازمان في منتصف الثمانينات، (1) وذلك كأسلوب لمعالجة الركود مع التضخم ومحاولة للرفع من إنتاجية العمال. كما رجح جواز هذا الجمع بين الأجر وحصة من الربح د. رفيق المصري في بحث سابق. (2)

(1) مارتن وازمان: Martin L. Weitzman The Share Economy، Cambridge، Mass. Harvard University Press، 1984.

(2)

رفيق المصري: مشاركة الأموال الاستعمالية (الأصول الثابتة) في الناتج أو الربح، مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي، المجلد 3، العدد 1، صيف 1405/1985م. ص 3-56

ص: 1716

2-

الآثار السلبية لغلبة المرابحة والبيوع الآجلة في العمل المصرفي الإسلامي:

إن رجل الشارع يكاد يشعر أنه لا فرق بين عمليات التمويل عند البنوك الإسلامية والتي عند البنوك الربوية؛ لأن كلتيهما تنتهيان بدين محدد المقدار على العميل سداده بعد فترة من الزمن، بغض النظر عن نجاحه أو فشله في إدارة المشروع الممول. أو بتعبير آخر، التطبيق التمويلي لعقد المرابحة القديم يمكن الممول من الحصول على عائد محدد مضمون على رأس ماله. وكل ما يميزه من التمويل بالقرض هو شكليات وتعبئة استمارات توهم من يحب مثل هذا الوهم أن الممول قد اشترى شيئاً حقيقياً فأدى ثمنه نقداً ثم باعه العميل (الممول) بثمن (أعلى من ثمن الشراء) مؤجل –لأن الذي كان يجري بالفعل لدى عدد من البنوك هو أن العميل الممول هو الذي يستلم البضاعة من البائع الأول الذي يستلم الثمن نقداً من الجهة الممولة وهي البنك.

ومن الحق أن يقال: إن الصورة الآن اختلفت تماماً من الصورة المبينة أعلاه بعد تعديل الصيغ المستعملة لدى البنك الإسلامي للتنمية ومعظم البنوك الإسلامية وفق توصيات المجمع الفقهي، والتي تحتم الفصل بين عمليتي الشراء من قبل الجهة الممولة وعملية البيع من قبل نفس الجهة.

ومن الممكن أن نقول: إن ممارسة المرابحة في هذه الصورة الصحيحة شرعاً تختلف في بعض آثارها الاقتصادية من التمويل بالقرض الربوي، فإنها تضمن أن التمويل يحرك عجلة الاقتصاد بنقل سلعة حقيقية من مالك إلى مالك آخر ينوي استعمالها في مشروع إنتاجي أو تجاري، الأمر الذي ليس مضموناً في التمويل بالقرض، ولو كان مراعياً في أغلب الأحوال، كما يمكن أن يقال: إن المبلغ المحدد ثمناً مؤجلاً يكون تحديده نهائياً لا يقبل الزيادة بزيادة الأجل، لأي سبب كانت الزيادة (نظرة من قبل الممول أو مماطلة من قبل الممول) خلافاً للتمويل بالقرض الذي تتراكم فيه الفوائد بزيادة الأجل حسب السعر المتفق عليه، وعلى الصعيد الكلي، يمكن أن نقول: إن التوسع النقدي الناجم من التمويل بالمرابحة أقل حجماً من التوسع النقدي الناجم من التمويل بالقرض الأمر الذي ناقشناه في بحث آخر. (1)

(1) محمد نجاة الله صديقي: ورقة حول أثر أساليب التمويل الإسلامية على التوسع النقدي، وجهة نظر البنوك المركزية والسلطات النقدية في دول منظمة المؤتمر الإسلامي مقابل رأي البنوك الإسلامية، واقتصاديين مستقلين، أبو ظبي، 1989 من أعمال الاجتماع الخامس للجنة خبراء البنوك المركزية والبنوك الإسلامية. (تحت رعاية البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة) .

ص: 1717

لقد فشلت هذه الأدلة في إقناع الجماهير بأن التمويل بالقرض هو في عالم، والتمويل بالمرابحة في عالم آخر، في حين أن الناس مقتنعون منذ الدهور السالفة بأن الذي لا يجد النقد اللازم لشراء ما يحتاجه سوف يلجأ إلى دفع ثمن مؤجل أعلى من السعر الحالي في أغلب الأحوال، فماذا هو السبب؟ ولماذا لا يقتنعون؟.

هذا السبب يكمن، فيما نرى، في الفرق بين نظر الجماهير إلى التاجر الحقيقي ونظرهم إلى الممول الذي يتكلف البيع والشراء لأداء وظيفة التمويل، فهذا الأخير لا يتحرك إلا بعد الأمر بالشراء، الأمر الذي يصحبه وعد من قبل الآخر بأنه سوف يشتري نفس البضاعة بثمن محدد، بينما التاجر الحقيقي، في أغلب الأحوال، يتحرك على أساس ظنه بأنه سوف يجد من يشتري منه، إنه يشتري دون أن يأمره أحد بالشراء، ودون أن يضمن له البيع بسعر محدد، وبتعبير آخر: التاجر الحقيقي يعرض نفسه للخطر الحقيقي التجاري، ولكن الممول بالمرابحة لا يتعرض للخطر الحقيقي، أما ما يشار إليه من الخطر الذي يتحمله الذي يمارس بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو خطر ضياع البضاعة في الطريق أو في المستودع قبل تسليمها للعميل، أو الخطر أن تكون البضاعة المستوردة على خلاف الوصف المطلوب

إلخ، فهو من نوع الخطر الذي يمكن التأمين ضده، مع نقل تكلفة التأمين إلى العميل، وليس من نوع الخطر الحقيقي الذي هو جوهر العمل التجاري الحقيقي، وهناك خطر ظهور عيب خفي في البضاعة، وهذا يمكن نقله جزئياً إلى الصانع الأصلي للسلعة، ونقول: جزئياً؛ لأن العميل قد اشترى السلعة من البنك الممول وهذا يبقى شرعاً مسؤولاً تجاهه، وإن كان يستطيع الرجوع إلى الصانع الأصلي. فإن الربح الذي يحصل عليه التاجر يتكون من عدة عناصر. وإذا لم يمكن الفصل بين هذه العناصر بالفعل فينفع الفصل بينها في التصور. إن هناك جزءاً من ربح التاجر يعوضه عن الخدمات التي تقبل الإجارة مثل تعب السفر ونقل البضائع، وادخارها حتى البيع

إلخ، فإن هذه الخدمات يمكن للتاجر المنظم أن يستأجر من يقوم بأدائها، وإن ما يبقى من الربح الفعلي يكون مقابل تحمل الخطر الحقيقي الذي يكمن في عرض التاجر ماله لخسارة وعرضه جهده التنظيمي للضياع، الأمر الذي يحدث إذا انخفض سعر البيع إلى أقل من سعر الشراء، ومما يذكر أن سعر البيع لا يكون معلوماً للتاجر وقت شراء البضاعة، والحقيقة أنه لولا هذا الجزء من الربح لما تحرك تاجر، فإنه حتى في الصفقات التي يخسر فيها التاجر، يحركه ما يتوقعه من الربح في المستقبل.

ص: 1718

إن التمويل بالمرابحة لا يعرض مال الممول للخطر؛ فإن هذا المال لا يخلو من أن يكون نقداً في يده، أو ديناً في ذمة العميل، أو سلعاً موعوداً شراؤها بثمن معلوم، ومن ثم يصير التمويل بالمرابحة تمويلاً مضمون رأسماله ومحدد عائده، وهذا هو السبب في عدم قناعة رجل الشارع بأن هناك فرقا جوهرياً بين التمويل بالقرض الربوي والتمويل بالمرابحة، والذي يهمنا في هذه الورقة هو ليس الحكم بسفاهة رجل الشارع أو رشده، ولكن المهم هو الأثر الذي يترتب على هذا الشعور واستمراره، رغم المؤتمرات والندوات، على مصداقية البنوك الإسلامية، التي تكاد أعمالها التمويلية تنحصر في المرابحات، ولما كان موضوعنا اليوم المشكلات التي تعترض البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر؛ فليكن الريب في مصداقيتها على رأس هذه المشاكل.

إن التجارة عمل والتمويل عمل، والجمع بينهما مقبول إذا جاء التمويل ضمن عمل تجاري، مثل التاجر الذي يبيع بضاعته بثمن مؤجل، ولا بأس أن يكون الثمن المؤجل هذا أعلى من سعر السوق، فهذا ما جرى عليه العرف وأقره الفقهاء، أما إذا كان التمويل هو الأصل، وجاءت التجارة ضمناً فالمتبادر إلى الذهن أن التجارة ما دخلت في الصورة إلا وسيلة إلى ما كان مرفوضاً؛ وهو تمويل يحقق عائداً محدداً مع ضمان رأس المال.

الافتقار إلى المرونة:

إن التمويل بالمرابحة يعاني من شيء من التصلب الذي لا ينسجم مع طبيعة المشاريع التي يراد تمويلها، فإنه إذا حان وقت السداد لدين المرابحة ولكن التاجر أراد مزيداً من الانتظار قبل أن يعرض البضاعة للبيع، نظراً لنزول السوق وانخفاض الأسعار وتربصاً للارتفاع في الأسعار، فليس له إلا أن يماطل، فالمصرف الإسلامي (البائع بالمرابحة) سوف لا يمدد له؛ لأن التمديد في فترة السداد لا يعود عليه بشيء، وإذا أجبر صاحب المشروع على البيع فربما يخسر ويعجز عن سداد الدين أو بعضه، الأمر الذي يمكن أن يؤديه إلى الإفلاس، ولا يمكن أن يجبر المصرف الإسلامي على التمديد فإنه يستثمر مال الغير وليس من صلاحياته التبرع.

فهل يمكن إيجاد مخرج يزيل هذا التصلب ويعطي المرونة المطلوبة للطرفين؟ وإنه إذا جاز لهما أن ينشئا عقداً جديداً، وهو عقد المضاربة إلى أن تباع البضاعة، فيشتركان في الربح بنسبة يتفقان عليها في العقد الجديد، فقد تنحل المشكلة في أغلب الأحوال، والمعلوم أن الفقهاء لا يجيزون لرأس مال المضاربة أن يكون ديناً؛ سداً للذريعة إلى الربا، فالسؤال المهم: هل توجد هذه المفسدة في الشكل المقترح؟ وهل المصلحة المقصودة يمكن أن ترجح على المفسدة المحتملة؟.

ص: 1719

3-

ضرورة الرعاية والمساندة من قبل البنوك المركزية:

نشأت البنوك الإسلامية تحت مظلة قوانين خاصة (1) وضعت لها لتمكنها من ممارسة نشاط مصرفي في بيئة يسود فيها التعامل بالفوائد المصرفية. ولكن لم تعط هذه القوانين كثير أهمية لعلاقة هذه البنوك بالبنك المركزي في البلد الذي تعمل فيه، (2) وبمرور الزمن أثيرت قضيتان لا يمكن إغفالهما:

أ- رقابة البنك المركزي على البنوك الإسلامية وإخضاعها لأنظمة ولوائح مثل ما يختص بالأرصدة الاحتياطية، وغيرها.

ب- مساندة البنك المركزي للبنوك الإسلامية، وبخاصة بوصفه الملجأ الأخير للسيولة في حالة احتياج البنوك الإسلامية للسيولة.

فإن البنك الإسلامي لا بد أن يخضع لأنظمة ولوائح توضع من قبل البنك المركزي في البلد الذي يشتغل فيه؛ نظراً لما ينتج من أعماله من التوسع النقدي وتوجيه الاستثمار إلى قطاع دون قطاع من الاقتصاد الوطني، ولما أنه يدير أموال جماهير الناس -مساهمين ومودعين- فللدول أن تراقب سيره حفاظاً على أموال الناس للمصلحة العامة.

ولما كان البنك المركزي هو وكيل الدولة لمراقبة المؤسسات المالية وتوجيهها لتحقيق المصلحة العامة فمن الضروري أن يكون له صلة وثيقة مع البنوك الإسلامية في البلد.

أما حاجة البنك الإسلامي لرعاية البنك المركزي فلإيجاد الثقة وإحكامها، فإن ثقة الجماهير في بنك ما لا تتوفر إلا بعلم الجميع أن البنك المركزي سوف يسانده في الأزمات إذا وقعت، ولا يتركه يقع في الإفلاس؛ لأن البنك المركزي يقدم هذه المساندة للبنوك التقليدية، فلا وجه لحجبها عن البنوك الإسلامية. فمن واجبات البنوك المركزية في البلدان الإسلامية إرسال رسالة واضحة وصريحة للجميع، داخل البلد وخارجه، بأن السلطات النقدية في البلد تساند البنك الإسلامي وسوف لا تتركه عرضة للفشل، ومن مستلزمات هذه المساندة تقديم السيولة المطلوبة إذا افتقر البنك الإسلامي لها؛ لأنه واجب يترتب على إحدى وظائف البنك المركزي المعروفة، وهو وظيفة المقرض الأخير. ومن البديهي أنه بالنسبة للبنوك الإسلامية لا يكون هذا التمويل على أساس القرض بالفائدة. فإما أن يكون قرضاً حسناً، أو وديعة استثمارية، أو بأسلوب من الأساليب الأخرى المقترحة من قبل الاقتصاديين الإسلاميين، أو التي يمارسها البنك المركزي في البلدان التي تحاول التحول الكامل إلى نظام مصرفي خال من الربا مثل الباكستان، وإيران، والسودان. (3)

يرى بعض الباحثين (4) أن العلاقات بين البنوك المركزية والبنوك الإسلامية تحت رعايتها تشكل إحدى المشكلات التي تواجهها البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر، والحقيقة أنه ليس لدى كاتب هذه الورقة معلومات كافية في هذا المجال لنكتف بالتأكيد على ضرورة جمع المعلومات ودراسة الموضوع دراسة علمية.

(1) مجموعة اتفاقيات وأنظمة وقوانين البنوك الإسلامية. جدة 1977 - مركز البحوث والتنمية، جامعة الملك عبد العزيز. John R. Presley Directory of Islamic Financial Institutions، London، 1988.

(2)

كان هذا في السبعينات، أما الثمانينات فاختلف الوضع ونجد السلطات النقدية تعطي اهتماما ًبالغاً لعلاقة البنك الإسلامي مع البنك المركزي في البلد، كما يلاحظ في القانون الماليزي رقم 276 الصادر عام 1983 والمرسوم التركي رقم 83/6. 75 الصادر عام 1983، انظر كتاب جان برسلي المذكور أدناه، صفحات 317-321، 327-328، 332-333، 342-345. John R. Presley Directory of Islamic Financial Institutions، London، 1988.

(3)

محمد نجاة الله صديقي (المصارف المركزية في إطار العمل الإسلامي) في كتاب الإدارة المالية في الإسلام، الجزء الأول (ص 31 - 76) ، عمان، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية: مؤسسة آل البيت 1989.

(4)

مسعد زين الدين: Mosad Zineldin The Economics of Money and Banking: A Theoretical and Empirical Study of Islamic Interest - Free Banking، Stockholm، Almqvist & Wiksell Interntional، 1990، page 240.

ص: 1720

4-

المماطلة، الضمان المصرفي، التجارة في العملات:

هناك عدة قضايا تعالجها البنوك الإسلامية بأساليب مختلفة، أكثرها لا تزال محاطة بشيء من الغموض، ومن هذه القضايا: معاملة المدين المماطل، وكيفية إصدار الضمان المصرفي، والتجارة في العملات الأجنبية. ولما كان المجمع الفقهي الموقر بمنظمة المؤتمر الإسلامي قد عالج بعض هذه القضايا في الماضي فلا حاجة للبيان والتوضيح. والأمر الذي يهمنا أن الاختلاف في معالجة هذه القضايا يسيء لسمعة البنوك الإسلامية ويشوه صورتها، فليبادر من يهمه الأمر بالتنسيق بين البنوك الإسلامية، وخاصة بين الهيئات الشرعية المشرفة عليها، وليكن الهدف إيجاد صيغة مقبولة تضمن الفصل بين العقوبة والتعويض عن الضرر الفعلي الناشئ من المماطلة، وتسهيل عملية إصدار الضمان المصرفي بأسلوب يغطي التكلفة بشمول هامش ربح عادي؛ نظراً لأن البنك الإسلامي أنشئ لاستثمار أموال الناس وتحقيق الأرباح لهم وليس للتبرع بالخدمات المصرفية، أما التجارة في العملات الأجنبية فالمهم الابتعاد عن الربا وشبهته مع تحريك عجلة الاقتصاد، الأمر الذي يقتضي التزامات مستقبلية في بعض الأحوال.

5-

الرقابة الشرعية:

أوجدت هيئات الرقابة الشرعية في أكثر البنوك الإسلامية لتصحيح المسار وكسب ثقة الناس، وقد نشرت عدة من البنوك الإسلامية بعض فتاوى هذه الهيئات، الأمر الذي يستحق الثناء عليه بما أثرى به مكتبة الاقتصاد الإسلامي. ولكن لا تزال أعمال هذه الهيئات وموقف إدارة البنوك منها محاطة بشيء من الغموض، كما تفقد هذه الهيئات جهة تنسق بينها وتسعى لرفع الخلاف في الفتوى في أمور تعم الجميع، مثل الوعد الملزم في المرابحة، أو البيع والشراء الموازيان في العملات الأجنبية، والتجارة في الأسهم، وحكم أسهم الشركات التي لا تخلو أعمالها من التعامل بالفوائد المصرفية

إلخ.

ومن المهم أيضاً إيجاد معايير موحدة لعمل الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية من حيث: التعيين والفصل، التعويضات المالية، حق الاطلاع والتفتيش دون استئذان الإدارة، حق الإعلان ونشر القرار، وإلزامية القرار.

إن القطاع المصرفي النقدي من أكثر القطاعات تعقيداً، كما يتميز هذا القطاع بتطور مستمر وسريع تجاوباً مع سرعة التطور في تقانة المواصلات والمعلومات. وليس من السهل تعديل الصيغ المستعملة للمعاملات المصرفية حسب التعليمات الإسلامية، أو تطبيق الصيغ المقررة في الفقه الإسلامي في القطاع المصرفي والنقدي، إلا بتجنيد كل الطاقات البشرية ذات الخبرة والتجربة والرسوخ في العلوم الشرعية.. إلخ. وليس ما عرض على المجمع الفقهي الموقر في هذه الورقة المتواضعة إلا تنبيه إلى هذا الأمر وتأكيد على أهميته، وأرجو أن ينال الموضوع العناية التي يستحقها، وجزاكم الله خيراً.

د. محمد نجاة الله صديقي

ص: 1721