الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأكثر أنه صلى الله عليه وسلم كان واحد أمه وأبيه، ولد عام الفيل يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، أو لليلتين خلتا منه، أو لثمان أو لعشر خلون منه- أقوال، وقال ابن عباس: ولد يوم الفيل، وكان قدوم الفيل يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة اثنتين وأربعين من ملك كسرى، وبينه وبين ادم أربعة آلاف وستمائة سنة، أو ستة آلاف ومائة وثلاث عشرة سنة، وقيل: خمسة آلاف سنة وخمسمائة، ومن آدم إلى نوح ألف سنة أو ألفا سنة، ومنه إلى إبراهيم ألفًا سنة وستمائة وأربعون سنة، ومنه إلى موسى ألف سنة، ومنه إلى عسى ألفا سنة، ومنه إلى المولد الشريف خمسمائة وستون أو ستمائة.
بيان إرضاعه
وكانت نساء قريش لا يرضعن أولادهن فأرضعته ثويبة أيامًا وهي مولاة أبي لهب، وكانت قد أرضعت حمزة وأبا سلمة بن عبد الأسد، وماتت بعد خيبر ولا يعلم إسلامها؛ ثم شرف الله به حليمة بنت أبي ذؤيب واسمه عبد الله بن الحارث، وقيل: بنت أبي كبشة السعدية، وإخوانه من الرضاعة: عبد الله وضمرة وحذيفة وأنيسة بنت الحارث وهي الشيماء، كانت تحضنه مع أمه، وسبيت يوم حنين فقالت: إني أخت نبيكم! فلما أتى بها عرفها وأعتقها؛ فلما خرجت به حليمة إلى بلده بورك لها في لبنها وفي كل شيء منها، فكانت أحرص شيء على حبه. فلما بلغ سنتيه قدمت به على أمه وقالت لو تركت بني عندي حتى يغلظ! فغني أخشى عليه وباء مكةن فلم تزل به حتى ردته مع حليمة فكان معها مدة. وفي السنة الثالثة ولد الصديق؛ فلما أخبرت الصبيان بشق صدره خشيت حليمة عليه فردته إلى عبد المطلب، واختلف ف شقه بأنه في سنة ثلاث أو أربع أو غير ذلك، وكانت تأتيه أحيانًا، روى أنها قدمت عليه مكة أيام خديجة فشكت جدب البلاد، فأعطتها أربعين شاة
وبعيرًا، ثم قدمت بعد الإسلام فأسلمت هي وزوجها. فلما بلغ ست سنين خرجت به أمه آمنة إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم ومعه أم أيمن، فأقامت عندهم شهرًا ثم رجعت، فلما كان بالأبواء توفيت أمنة فقبرت هناك، فرجعت به أم أيمن إلى مكة، وروى أنه لما فتح مكة أتى جم قبر وجلس إليه فجعل كهيئة المخاطب ثم قام وهو يبكي وقال: هذا قبر أمي! لم يؤذن لي في الاستغفار، فلم ير يومًا أكثر باكيًا؛ وجمع بأنه يجوز أنها توفيت بالأبواء وحملت إلى مكة في السنة السابعة. فلما توفيت أمه ضمه عبد المطلب وأحبه حبًا شديدًا ورق عليه رقة شديدة. وتتابعت على قريش سنون فهتفت امرأة بأن يستشفعوا بهذا النبي! فقام عبد المطلب فاعتضد به صلى الله عليه وسلم ورفعه على عاتقه وهو غلام قد أيفع أو كرب فاستسقى به حتى مطروا. ولما قرب وفاة عبد المطلب في السنة الثامنة وصى أبا طالب بكفالته لأنه خرج القرعة له، فمات وهو ابن ثنتين وثمانين سنة، فأحبه أبو طالب حبًا شديدًا؛ وفيها هلك حاتم بن عبد الله الجواد المشهور ومات كسرى نوشيروان وولى ابنه هرموز. وفي السنة التاسعة خرج به أبو طالب إلى بصرى. وفي العاشرة الفجار الأول وهو قتال بعكاظ ثلاثة أيام. وفي الثالثة عشرة تهيأ أبو طالب للخروج على الشام فأخذ صلى الله عليه وسلم بزمام ناقته وقال: يا عم! إلى من تكلني؟ لا أب لي ولا أم! فرق له فخرج به، فلقيه الراهب بحيرا صفي صومعته فتفرس فيه أعلام النبوة من إظلال الغمامة وإخضال أغصان الشجرة عليه، فأمر لهم طعامًا واحتضنه، ونظر إلى أشياء في جسده وسأله عن أحواله كله يوافق ما عنده من صفته، ورأى خاتم النبوة وقبله، فقال لأبي طالب: ارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود! فإنهم إن رأوه ليبغنه عنتًا، فإن له شأنًا نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا؛ فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعًا، فرآه رجال من يهود وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرا فذاكروه، فنهاهم وقال: أتجدون صفته! فما لكم إليه سبيلن فتركوه، فرجع به أبو طالب فما خرج به بعد. وفي الرابعة
عشرة كان الفجار الآخر بين هوازن وقريش حضره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أنبل على أعمامي، أي كنت أناولهم النبل، وقيل: كانت سنة عشرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ورميت فيه بأسهم. وفي السابعة عشرة وثب العظماء فخلعوا هرمز، وفي التاسعة عشرة قتلوه بعد خلعه، وكانت ولايته إحدى عشرة سنة، وفيها ولي ابنه برويز وكان يسمى كسرى. وفي العشرين خرج صلى الله عليه وسلم إلى الشام للتجارة ومعه أبو بكر الصديق، ولقيه الراهب بحيرا وذاكره حتى وقع في قلبه تصديقه، قال المؤلف: هذا السفر هو الذي كان مع أبي طالب فإن الصديق كان معه. وفي الخامسة والعشرين قال أبو طالب: أنا رجل لا مالي لي وقد اشتد الزمان وخديجة تبعث رجالًا من قومك في عيراتها فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك، فبلغ خديجة محاورة عمه فأرسلت إليه في ذلك وقالت: أعطيك ضعف ما أعطي غيرك، فخرج مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة منه خوارق وسمع من نسطورا الراهب شهادته بالنبوة، وربحوا ضعف المعتاد، ودخلوا مكة في الظهيرة وخديجة في علية، فرأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يظل عليه ملكان، وسمعت من غلامه ما رأى وسمع من نسطورا، فسعت إلى أن تزوجها في هذه السنة على صداق أربعمائة دينار وهي بنت أربعين سنة، وكانت تزوجها أولا أبو هالة فولدت له هندًا وهالة، ثم تزوجت عتيق بن عائذ فولدت جارية اسمها هند، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فولدت له أولاده كلهم إلا إبراهيم. ج: ولم ينكح صلى الله عليه وسلم قبلها ولا بعدها حتى ماتت. سير: ولدت له زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم والطاهر والطيب، وهلك هؤلاء في الجاهلية وأدرك الإناث الإسلام فأسلمن وهاجرن، وقيل: الطيب والطاهر لقبان لعبد الله وولد في الإسلام، وأول من مات القاسم ابن سنتين أو سنة، ثم مات عبد الله بمكة بعد النبوة بسنة، وإبراهيم ولد سنة ثمان من الهجرة، ومات وله سنة وعشرة أشهر،
وقيل: كان بين كل ولدين من خديجة سنة، فأما زينب فهي أكبر بناته، زوجة أبي العاص القاسم ابن الربيع وهو ابن خالتها، وولدت له ابنة اسمها أمامة، تزوجها المغيرة بن نوفل ثم فارقها، وتزوجها على بد وفاة فاطمة وكانت قد أوصته به، وتوفيت زينب سنة ثمان من الهجرة، إنها ولدت من أبي العاص ابنا اسمه علي ومات في ولاية عمرن ومات أبو العاص في ولاية عثمان، وتوفيت أمامة سنة خمسين؛ ورقية كانت زوجة عتبة بن أبي لهب فطلقها قبل الدخول بأمر أبيه لما نزلت "تبت يدا"، وتزوجها عثمان في الجاهلية فولدت له عبد الله، وهاجرت مع عثمان على الحبشة ثم هاجرت معه على المدينة، وتوفيت سنة اثنتين من الهجرة وقعة بدر، وتوفى سنة أربع وله ست سنين، وأم كلثوم تزوجها عتيبة بن أبي لهب وفارقها قبل الدخول لما نزلت، وتزوجها عثمان بعد رقية سنة ثلاث، وتوفيت سنة سبع، وفاطمة ولدت وقريش بني البيت قبل النبوة بخمس سنين، وهي أصغر بناته في قول، وتزوجها علي سنة اثنتين ودخل بها منصرفه من بدر، وولدت له حسنًا وحسينًا ومحسنًا وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى، وانتشر نور النبوة والعصمة نسبًا وحسبًا من ذريتها، وتوفيت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمائة يوم، وقيل: لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة، وقيل غير ذلك. وتزوج بعد وفاة خديجة سودة ثم عائشة ثم حفصة ثم أم سلمة ثم جويرية ثم زينب بنت جحش ثم زينب بن خزيمة ثم أم حبيبة ثم صفية ثم ميمونة، فماتت زينب بنت خزيمة، توفى عن التسع البواقي بلا خلاف، وروى أنه تزوج غيرهن. وفي سنة خمس وثلاثين هدمت قريش الكعبة وبنوها وولدت فاطمة؛ وفيها مات زيد بن عمرو بن نفيل وكان يطلب الدين وكره النصرانية واليهودية وعبادة الأوثان، واعتزل آلهتهم وأكل ذبائحهم وأمن بنبي منتظر من ولد إسماعيل، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته فترحم عليه.