الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمامة عامل النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب ثمامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو توفى، فكتب إلى الصديق فوجه خالدًا فقاتلوا، وكان عدد بني حنيفة أربعين ألفًا، فقتل من المسلمين ألف ومائتان، ومن المشركين نحو عشرين ألفًا، فلما رأواه خذلانها قالت لمسيلمة: أين ما تعدنا؟ فيقول: قاتلوا عن أحسابكم، وقتله الوحشي وأبو دجانة- هذا بعض ما وقع له في مرضه، ثم اشتد مرضه صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح يوم الاثنين خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح، فتبسم صلى الله عليه وسلم سرورًا بما رأى من إقامتهم الصلاة، ثم رجع إلى البيت، فانصرف الناس وهم يرون أنه أفاق من وجعه، ورجع أبو بكر إلى أهله بالسنح، فوصل بالحق في نصف نهاره - وقيل ضحاه - لاثني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من هجرته، وكان مدة مرضه اثني عشر أو أربعة عشر يومًا؛ وقيل: توفى لمستهله، وقيل لليلتين خلتا منه، والأول أكثر من الأخيرين. سير: فشاوروا في أمر الخلافة كل اليوم، وغسلوه يوم الثلاثا، وصلوا عليه فرادى إلى الليل، فدفنوه ليلة الأربعاء. ج: وسط الليل، وقيل ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الثلاثاء، والأول أكثر، وكان عمره ثلاثًا وستين، أو خمسًا وستين أو ستين، والأول أكثر وأصح. سير: فلما كان هلال ربيع الآخر خرج أسامة إلى ابني وكلمه أبو بكر في عمر أن يأذن له في التخلف، ففعل - هذا كله من سيرنا المختصرة.
فصل
فيما يتصل بالصحابة
في غنية اللبيب المعروف عند المحدثين:"الصحابي": مسلم رأى فعلًا أو قوة - كابن أم مكتوم - رسول الله صلى الله عليه وسلم، حفظ عنه أو لا، بالغًا أو لا من المميزين الذين تصح نسبة الرؤية إليه، ومن رأى الصحبة لغير المميز زاد: أو رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولو لحظة، إنسيا أو جنيًا، ولا يشتمل
من رآه بعد موته وقبل دفنه، وهل يشمل من رآه قبل البعثة - كبحيرا - أو بعدها وقبل الدعوة - كورقة! فيه تردد، وعن بعض أهل الأصول أنه من طالت صحبته على طريق التبع له، وعن ابن المسيب، من قام معه سنة أو سنتين وغزا معه غزوة، فإن صح عنه فضعيف، فإن مقتضاه أن لا يعد جرير بن عبد الله وشبهه صحابيًا، ولا خلاف في صحبتهم، والمعتمد الأول فنه إذا رآه المسلم لحظة أو رأى مسلمًا طبع قلبه على الاستقامة لأنه متهيء للقبول، فإذا قابل ذلك النور العظيم ظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه، ثم إنهم كلهم عدول، كبيرهم وصغيرهم، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد بهم. وقد قبض صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفًا من الصحابة ممن روى عنه وسمع. وأفضلهم مطلقًا أبو بكر ثم عمر بإجماع أهل السنة؛ ولا اعتداد بمن خالف من الشيع والخطابية المفضل عليًا أو عمر، وما حكى عن ابن عبد البر من تفضيل من مات في حياته على من مات بعده، فيحمل على من عدا الشيخين ثم عثمان ثم علي، وحكى الخطابي عن أهل السنة من أهل الكوفة تقديم عليّ على عثمان، وحكى عن أبي بكر بن خزيمة، وتوقف غمام الحرمين فيه، ثم التفضيل عنده وعند الباقلاني ظني، وقال الأشعري: قطعي. ن: قال: وهم في الفضل على ترتيبهم في الإمامة، واختلفوا أيضًا أن التفضيل في الظاهر والباطن، أو في الظاهر خاصة. عن: وآخرهم موتًا بالإجماع على الإطلاق أبو الطفيل، مات سنة مائة أو سنة اثنتين أو سبع أو عشر، والقول ببقاء أحد من الصحابة بعده غلط واختلاق. ج: وأما عدد أصحابه فمن رام حصره فقد رم حصر أمر بعيد ولا يعلمه إلا الله، لكثرتهم من أول البعثة إلى موته، وقد ورد أنه سار للفتح في عشرة آلاف، وإلى حنين في اثنا عشر، وإلى حجة الوداع في أربعين ألفًا، وإلى تبوك في سبعين ألفًان وقبض عن مائة ألف وأربعة وعشرين ألفًا - والله أعلم. سير: واعلم أن ابتداء التاريخ المشهور من الهجرة من مكة إلى المدينة، وقد كان اختيار ذلك سنة ست عشرة منها بأمر عمر بعد مشاورة المهاجرين والأنصار، وروى أنه
صلى الله عليه وسلم أمر عليًا حين كتب لنصارى نجران أن يكتب: لخمس من الهجرة: فيكون عمر متبعًا. ن: اختلفوا في تفضيل بعض الصحابة على بعض قال به الجمهور، وقال فرقة: نمسك عنهم، ثم اتفقوا على أن خير القرون قرنه- والمراد أصحابه، والذين يلونهم - أبناؤهم، والثالث أبناء أبنائهم، ورواية: خير الناس قرنى - على عمومها، والمراد جملة القرون، ولا يلزم منه تفضيل الصحابي على الأنبياء، ولا أفراد النساء على مريم وآسية، بل المراد جملة القرن بالنسبة إلى كل قرن بجملته، قال القاضي: وح: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا- إلخ، يؤيد ما قدمنا من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم، لأن نفقتهم كانت في الضرورة وضيق الحال، وفي نصرته وحمايتهن وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم، وقد قال:"لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل"، مع ما فيهم من الشفقة والنور والخشوع والتواضع والإيثار وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء، والفضائل لاتؤخذ بقياس - ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء! ومنهم من يخص هذه الفضيلة بمن طالت صحبته وقاتل وهاجر، لا لمن رآه مرة أو صحبه آخرًا بعد عزة الدين، قال ابن عبد البر: قد يكون فيمن بعد الصحابة أفضل منهم، وإن خير القرون السابقون الأولون لا من رآه وإن خلط، وذهب إليه غيره من المتكلمين، ولكن معظم العلماء على خلافه لحديث: لو أنفق أحدكم، وأجيب بأنه إنما قاله لبعضهم عن بعض، والصحيح الأول وعليه الأكثرون. ك: ح: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق، خطاب لغير الصحابة من المسلمين المفروضين في العقل. ز: ورود هذا الحديث بعد سب خالد عبد الرحمن يقتضي كونه خطابا لحاضريه: ما قال ذلك المجيب، فإن قيل: فما وجه صحة ما قاله الكرماني؟ قلت: هو بيان لحديث آخر مطلق عن سب خالد، ويشهد له ح الترمذي: إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فقولوا: لعنة الله على شركم! وح رزين: قيل لعائشة: إن ناسًا يتناولون
أصحاب النبي حتى أبا بكر وعمر! قالت: وما تعجبون من هذا! انقطع العمل - أي العبادة - منهم فأحب أن لا يقطع منهما الأجر؛ فالمراد بهذا الحديث الصحابة المعروف عند المحدثين وهو كل من رأى، وبحديث سب خالد المعنى العرفي للأئمة كأصحاب أبي حنيفة والشافعي على ما ذكر في الغنية وهو من طالت صحبته، فإن قيل: فأي دليل على إرادة المعنى الأول في غيره؟ قلت: حديث الترمذي: لا يمس النار مسلمًا رآني أو رأى من رآني، وح الصحيحين: يأتي على الناس زمان فيغزو فثام فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيفتح لهم- ونحوه، ولذا ذهب إليه الجمهور. ج: قيل إن سعيد بن المسيب كان لا يعد الصحابي إلا من أقام معه سنة أو سنتين أو غزا معه، وقال غيره: كل من أدرك الحلم وقد رآه وعقل أمر الدين فهو صحابي، والحق فيه أن اسمه يتناول لغة ل من صحب ولو ساعة، إلا أن العرف الجاري بين الناس أنهم لا يطلقون إلا على من دام صحبته، كصاحب أبي حنيفة، والأكثر على الأول فيطلقونه على من أسلم ورآه وصحبه ولو أقل شيء، حتى أنهم عدوا جماعة ممن ولد على عهده ولم يروه في الصحابة، وهذا ليس بشيء. والمهاجرون إجمالًا أفضل من الأنصار، وسباق الأنصار أفضل من متأخري المهاجرين. ز: فإن قيل ح: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم، هل هو في الصحابي بمعنى المتعارف بين المحدثين وبمعنى العرفي بين الناس أو بمعنى أخص منهما - أعين من له رأي واختيار في الشرعيات؟ قلت: ظاهر حديث رزين يدل على الثلث وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: سألت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي، فأوحى على أن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أقوى من بعض ولكل نور، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى، وقال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، فإن الاختلاف لا يتصور من غير صاحب الاختيار، فإن العامي لا يخالف بل يقلد غيره - وقد مر بعضه، فإن قيل ح: