المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسول يخطب في حجة الوداع - مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع - جـ ٢

[محمد جميل زينو]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ المجلد الثاني

- ‌(1)كيف نفهم القرآن أنواع التفسير وشرح بعض آي القرآن

- ‌تفسير القرآن بالقرآن

- ‌تفسير القرآن بالحديث الصحيح

- ‌تفسير القرآن بأقوال الصحابة

- ‌تفسير القرآن بأقوال التابعين

- ‌تفسير القرآن باللغة العربية

- ‌معرفة الإستنباط

- ‌معرفة أسباب النزول

- ‌معرفة الناسخ والمنسوخ

- ‌الحكمة في النسخ

- ‌القرآن المكي والمدني

- ‌تعريف القرآن المكي والمدني

- ‌خصائص القرآن المكي

- ‌خصائص القرآن المدني

- ‌فوائد العلم بالمكي والمدني

- ‌الآيات المكية والمدنية المتداخلة

- ‌متى نعمل بالقرآن المكي والمدني

- ‌نزول القرآن مفرقًا والحكمة منه

- ‌الأمثلة على نزوله بالتدريج

- ‌من خصائص القرآن الكريم

- ‌القرآن كتاب جامع شامل

- ‌القرآن سليم من الإختلاف

- ‌أسماء القرآن وأوصافه

- ‌معنى التأويل وأنواعه في القرآن

- ‌التأويل المذموم

- ‌موقف الراسخين في العلم والزائغين من المتشابه

- ‌أنواع التشابه في القرآن

- ‌الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه

- ‌كيف تنتفع بالقرآن الكريم

- ‌كيف تقرأ القرآن

- ‌القرآن حجة لك أو عليك

- ‌التحذير من هجر القرآن

- ‌توجيه وبيان لفهم معاني بعض آي القرآن

- ‌التحذير من البدع في الدين

- ‌التحذير من مخالطة المبتدعة

- ‌علاقة الشرك بالإفساد في الأرض

- ‌محبة غير الله كحب الله شرك

- ‌الله فوق العرش على السماء

- ‌الخوف والرجاء

- ‌الله نور السمواتِ والأرض

- ‌المحو والإثبات في الأجل

- ‌الزيادة والنقصان في العمر

- ‌طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة

- ‌المفهوم الصحيح لآية الهداية

- ‌أنواع الهداية في القرآن الكريم

- ‌المحافظة على أرواح المؤمنين

- ‌يستفاد من الآية ما يلي:

- ‌القرآن يأمر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الذكر الكثير وأنواعه

- ‌ما هي فتنة داود عليه السلام

- ‌النبي سليمان يمسح الخيل حبًا لها

- ‌التفسير الصحيح لفتنة سليمان عليه السلام

- ‌السحر من عمل الشياطين

- ‌حكم تعدد الزوجات في الإسلام

- ‌خطر اختلاط الرجال بالنساء

- ‌عيسى عليه السلام حي في السماء

- ‌الآيات الدالة على عدم قتل عيسى

- ‌الأحاديث التي تثبت نزول عيسى

- ‌الكافي هو الله وحده

- ‌ترك الحكم بكتاب الله يسبب البلاء

- ‌تنزيه القرآن عن دسائس الشيطان

- ‌التفسير الصحيح للآية

- ‌تفسير رائع للعلامة الشنقيطي

- ‌الفسق وأثره في هلاك الأمة

- ‌معنى قوله تعالى {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}

- ‌النهي عن التشبه بالكفار

- ‌صفات عباد الرحمن

- ‌كيفية الدعوة إلى الله

- ‌الدعوة تقوم على العلم

- ‌استجيبوا لله وللرسول

- ‌ضعف الخلق وقوة الخالق

- ‌معاني فواتح السور

- ‌كيف نلفظ هذه الحروف

- ‌الخسارة للكافرين والفوز للمؤمنين

- ‌(2)معلومات مهمة من الدين لا يعلمها كثير من المسلمين

- ‌{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}

- ‌ما هو الشرك وأنواعه

- ‌{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

- ‌الولاء والبراء والحكم

- ‌الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإِيمان

- ‌إن الحكم إلا لله

- ‌ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها

- ‌كيف نؤمن بالقدر خيره وشره

- ‌فريق في الجنة وفريق في السعير

- ‌أسباب الإنحراف عن المسيرة الإسلامية

- ‌أسباب وقوع العذاب والبلاء في الدنيا

- ‌أمثلة ونماذج من عذاب الدنيا

- ‌وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون

- ‌{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [

- ‌حجاب المرأة المسلمة

- ‌عادات وتقاليد يجب تركها

- ‌بدع المواسم والأعياد

- ‌منكرات منتشرة في البيوت

- ‌منكرات الأزياء والزينة

- ‌بدع الخطبة والزواج

- ‌بدع البناء في البيوت والمساجد

- ‌منكرات التشبه بغير المسلمين

- ‌مشروعية التكني وعدم التشبه بالأعاجم

- ‌(من تشبه بقوم فهو منهم)

- ‌منكرات المآتم والقبور

- ‌الصوفية في ميزان الكتاب والسنة

- ‌من أقوال الصوفية

- ‌كرامات الصوفية

- ‌الجهاد عند الصوفية

- ‌مفهوم الولي عند الناس

- ‌أولياء الرحمن

- ‌أولياء الشيطان

- ‌الخوف والرجاء

- ‌ماذا تعرف عن: قصيدة البردة

- ‌ماذا تعرف عن كتاب دلائل الخيرات

- ‌علامات حسن الخاتمة

- ‌باب لا يقال فلان شهيد

- ‌موعظة الرسول عند دفن الميت

- ‌ما يستفاد من هذا الحديث

- ‌كيف تخرج روح المؤمن:

- ‌كيف تخرج روح الكافر أو الفاجر

- ‌(3)توجيه المسلمين إلى طريق النصر والتمكين

- ‌الإيمان بالقدَر خيره وشره

- ‌من فوائد الإيمان بالقدر

- ‌الإحتجاج بالقدر

- ‌نواقض الإسلام

- ‌الذنوب

- ‌اجتنبوا الكبائر

- ‌أنواع الكبائر

- ‌الكفر وأنواعه

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌كيف تعظم الذنوب

- ‌تنبيه مهم

- ‌الإبتلاء في القرآن الكريم

- ‌الإبتلاء في السنة المطهرة

- ‌أنواع الإبتلاء والصبر عليه

- ‌أسباب الوقوع في الذنوب

- ‌أحاديث نبوية في الفتن

- ‌كيف يخرج المسلمون من الفتن

- ‌آثار المعاصي والذنوب

- ‌الجهاد في سبيل الله

- ‌واجب الإصلاح بين المتقاتلين

- ‌شروط تحقيق النصر

- ‌{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}

- ‌من أسباب النصر

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌شروط الآمر

- ‌أنواع المنكرات

- ‌الصبر وأنواعه

- ‌طرق الوقاية من الذنوب

- ‌التوبة في القرآن الكريم

- ‌التوبة في السنة المطهرة

- ‌تحريم الظلم بأنواعه

- ‌الأمر بالدعاء

- ‌من فوائد الدعاء

- ‌من شروط الدعاء وآدابه

- ‌أوقات إجابة الدعاء

- ‌الذين يستجاب دعاؤهم

- ‌المحرم من الدعاء

- ‌الدعاء المستجاب

- ‌دعاء الضائع

- ‌دعاء الليل مستجاب

- ‌نصائح وتوجيهات

- ‌دعاء من القرآن الكريم

- ‌من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إلهي أنت المغيثُ وحدَك

- ‌(4)صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم مسائل مهمة عن العمرة والحج

- ‌صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الرسول يخطب في حجة الوداع

- ‌خلاصة أعمال العمرة

- ‌خلاصة أعمال الحج

- ‌المنافع العظيمة في الحج

- ‌منافع الحج في الدنيا

- ‌منافع الحج. والعمرة في الآخرة

- ‌أنواع الصبر في الحج

- ‌شروط الإحتفاظ بمنافع الحج

- ‌وصايا مهمة للحاج

- ‌من آداب المسجد النبوي

- ‌ذكريات مفيدة

- ‌مشهد الحجيج

- ‌مناجاة وتوجع

- ‌(5)من بدائع القصص النبوي الصحيح

- ‌المقدمة

- ‌الغلام المؤمن والساحر

- ‌الغلام والأفعى

- ‌الغلام والأعمى

- ‌تعذيب من آمن

- ‌الغلام يُعذب

- ‌الغلام يضحي بنفسه

- ‌احتراق الكفار

- ‌أبرص وأقرع وأعمى

- ‌أصحاب الغار والصخرة

- ‌وليمة جابر المباركة

- ‌جوع الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌جرة الذهب

- ‌الأمانة في الخشبة العجيبة

- ‌صوت في سحابة

- ‌إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام

- ‌هاجر وولدها إسماعيل

- ‌أم إسماعيل تبحث عن الماء:

- ‌نزول جُرْهُم قرب الماء:

- ‌إبراهيم وامرأة إسماعيل الأولى:

- ‌إبراهيم والمرأة الثانية:

- ‌الخليل يلتقي بإسماعيل:

- ‌بنيان البيت

- ‌من فوائد القصة

- ‌أرض التوبة

- ‌أهمية خطبة الحاجة وتأثيرها على النفوس

- ‌النص الكامل لخطبة الحاجة

- ‌من فوائد هذه الخطبة العظيمة

- ‌معجزة نبوية مباركة

- ‌المتخلفون عن الجهاد

- ‌تخلف كعب:

- ‌كعب يتردد في الجهاد:

- ‌الرسول يتفقد الغزاة:

- ‌رجوع الرسول من تبوك:

- ‌كعب يعترف بالذنب:

- ‌الهجر جزاء المتخافين:

- ‌كعب يتسور على ابن عمه:

- ‌ملك غسان يطمع في كعب:

- ‌أمر المتخلفين باعتزال النساء:

- ‌البشارة بالتوبة:

- ‌كعب يتصدق للبشرى:

- ‌الرسول ييرق وجهه من السرور:

- ‌كعب يتصدق بماله كله:

- ‌كعب يعاهد الرسول صلى الله عليه وسلم على الصدق:

- ‌من فوائد القصة

- ‌قصة إسلام سيد أهل اليمامة

- ‌صحابي جليل يتحدث عن إسلامه

- ‌(6)معجزة الإسراء والمعراج

- ‌معجزة الإسراء والمعراج

- ‌المعجزات النبوية المحمدية

- ‌ما هو الإسراء والمعراج

- ‌الإسراء ووحدة الوجود

- ‌متى كان الإسراء والمعراج

- ‌الحوادث التي سبقت الإسراء

- ‌حديث الإسراء والمعراج

- ‌من فوائد حديث المعراج

- ‌خلاصة معجزة الإسراء والمعراج

- ‌من عبرة الإسراء والمعراج

- ‌هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج

- ‌الرسول يفاجىء المشركين بالإسراء

- ‌آيات صدقه في الإسراء

- ‌زيارة المسجد الأقصى

- ‌عقوبة العصاة كما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌من فوائد الرؤيا في الحديث

- ‌من فضائل الإسراء والمعراج

- ‌الآيات الكبرى التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بدع الإسراء والمعراج

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌(7)كيف نربي أولادنا وما هو واجب الآباء والأبناء

- ‌الإهداء

- ‌المقدمة

- ‌وصايا لقمان الحكيم لابنه

- ‌وصايا نبوية مهمة للأولاد

- ‌أركان الإِسلام

- ‌أركان الإِيمان

- ‌قصة رائعة مفيدة

- ‌نصائح نبوية للآباء والأبناء

- ‌مسؤولية الأبوين والمعلم

- ‌واجب المربي والمعلم

- ‌التحذير من المحرمات

- ‌تعليم الصلاة

- ‌الستر والحجاب

- ‌الأخلاق والآداب

- ‌الجهاد والشجاعة

- ‌العدل في العطاء بين الأولاد

- ‌حل مشاكل الشباب

- ‌خطر تحديد النسل

- ‌فضل الصلوات والتحذير من تركها

- ‌من أحاديث الصلاة

- ‌تعلم الوضوء والصلاة

- ‌صلاة الصبح

- ‌من أحكام الصلاة

- ‌وجوب صلاة الجمعة والجماعة

- ‌كيف أصلي الجمعة مع آدابها

- ‌حكم الغناء والموسيقا

- ‌الغناء في الوقت الحاضر

- ‌علاج الغناء والموسيقا

- ‌المستثنى من الغناء

- ‌حكم الصور والتماثيل

- ‌الصور والتماثيل المسموح بها

- ‌هل الدخان حرام

- ‌إعفاء اللحية واجب

- ‌بر الوالدين

الفصل: ‌الرسول يخطب في حجة الوداع

‌الرسول يخطب في حجة الوداع

خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفات وقال:

"إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في

بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيَّ هاتين موضوع، ودماء

الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث -كان مسترضعًا في بني سعد فقتلَته هُذيل- وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانِ الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطِئن فُرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبرِّح، ولهن عليكم رزقهن، وكِسوتهن بالمعروف.

وإني قد تركت فيكم ما -لن تضلوا بعد - إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلَّغت وأدَّيت ونصحت.

فقال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، ويُنكتُها إلى الناس:

اللهم اشهد اللهم اشهد (ثلاث مرات)(ينكتها: يميلها).

وقال صلى الله عليه وسلم عند الرمي يوم النحر:

لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلّي لا أحج بعد حجتي هذه.

وقال أيضًا: ويحكم أو قال ويلكم -لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" [أخرج الخطبة مسلم عن جابر]

ص: 333

يستفاد من خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم

1 -

تحريم سفك الدماء البريئة، وأخذ الأموال بغير حق، وهذا تأكيد لصيانة

النفوس، والملكية الفردية، والقضاء على الإشتراكية الفاشلة، وهي فرع من

الشيوعية الملحدة، وقد عرف الناس بطلانها فثاروا عليها ليتخلصوا منها.

2 -

تحريم أخذ الربا، وهو الزائد على رأس المال قَلَّ أو كَثُر.

قال تعالى: {وإن تُبتم فلكم رؤوسُ أموالِكم} . [البقرة: 279]

3 -

فيها الحث على مراعاة حق النساء، والوصية بهن ومعاشرتهن بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بالنساء، وبيان حقوقهن، والتحذير من التقصير في ذلك.

4 -

استحلال فروج النساء بالزواج الشرعي، كقوله تعالى:

{فانكحوا ما طاب لكم من النساء} . [النساء: 3]

5 -

لا يجوز للزوجة إدخال أحد يكرهه الزوج في بيته، سواء كان رجلاً أجنبيًّا، أو امرأة، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك كما ذكره النووي.

6 -

يجوز للرجل أن يضرب زوجته -إذا خالفته فيما تقدم- ضربًا ليس بشديد ولا شاق، ولا سيما الإبتعاد عن ضرب الوجه، أو تقبيحه، فإنه من المحرمات، وقد ورد النهي عن ذلك؛ وهذا من قوامة الرجال على النساء كما قال الله تعالى:{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} . [سورة النساء: 34]

7 -

فيها الحث على التمسك بكتاب الله الذي فيه عز المسلمين ونصرهم، والتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة للقرآن، وأن سبب ضعف المسلمين اليوم هو تركهم الحكم بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نصر لهم إلا بالرجوع إليهما.

8 -

فيها الدليل الواضح على علُو الله على عرشه، حيث رفع الرسول صلى الله عليه وسلم أصبعه إلى

ص: 334

السماء ليُشهد الله على أنه بلَّغ الرسالة.

9 -

فيها الأمر بأخذ مناسك الحج، وغيرها عنه- صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله، وتقريره، وفيها إشارة إلى وداعه لأصحابه.

التحذير من القتال بين المسلمين، وهو من الكفر العملي الذي لا يخرج صاحبه من الإِسلام، وهو كقوله في:

"سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر". (متفق عليه)

الجمع بين الصلاتين في عرفة:

ثم أذَّن بلال، ثم أقام فصلَّى الظُّهر ثم أقام فصلَّى العصر، ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات (1).

وجعل حبل المشاة (2) بين يديه، واستقبل القبلة (3)، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه.

الإفاضة من عرفات:

ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية أفاض وعليه السكينة)، وقد شنق للقصواء الزمام (4)، حتى إن رأسها ليُصيب مَورك (5) رحله ويقول بيده اليمنى:

"أيها الناس السكينة السكينة" كلما أتى حبلًا من الحبال (6) أرخى لها قليلًا حتى تصعد.

(1) صخرات مفترشاة في أسفل جبل الرحمة، قال النووي: وهو الموقف المستحب، وما اشتهر من صحو الجبل فغلط.

(2)

مجتمعهم.

(3)

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه وقف يدعو رافعًا يديه.

(4)

ضمّ وضيق.

(5)

الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه.

(6)

الحبل المستطيل من الرمل.

ص: 335

المبيت في المزدلفة:

حتى اذا أتى المزدلفة فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسبِّح (1) بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة.

الوقوف على المشعر الحرام:

ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام (2) فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلَّله ووحده؛ فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا وقال:

"وقفتُ ههنا، والمزدلفة كلها موقف". (رواه مسلم وغيره)

الدفع من المزدلفة لرمي الجمرة:

فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظُعن (3) يجرين، فطفق الفضل ينظر اليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه التي الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر (4) ينظر، حتى أتى بطن مُحَسِّر، فحرك قليلًا.

رمي الجمرة الكبرى:

ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي

(1) لم يصل نفلًا.

(2)

قال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام جميع المزدلفة (نووي).

(3)

نساء.

(4)

فيه دليل على وجوب غض البصر عن النساء.

ص: 336

عند الشجرة، فرماها [بسبع حصيات] يُكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى

الخذف (1).

رمى من بطن الوادي يقول:

"لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه".

النحر والحلق:

ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين [بدنة] بيده؛ ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر [ما بقي] وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجُعلت في قِدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها.

وفي رواية: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم[فحلق] وجلس [بمنى يوم النحر] للناس، فما سئل عن شيء [قُدِّم قبل شيء] إلا قال:"لا حَرج لا حَرج"(2).

الإفاضة لطواف الإفاضة:

ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت أفطافوا، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يَسقُون على زمزم فقال:

"انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس لنزعتُ معكم"(3) فناولوه دلوًا فشرب منه. (رواه مسلم وغيره عن جابر انظر حجة النبي صلى الله عليه وسلم للمحدث الألباني)

(1) حصى الخذف: بقدر حبة الحمص الكبيرة. ومن الخطأ ما يفعله بعض الجهلة بالرمي بالأحذية وغيرها مخالفين هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وتعليمه وذلك حين قال: "لتأخذوا عني مناسككم".

(2)

معناه: افعل ما بقي عليك، وقد أجزأك ما فعلته ولا حرج عليكم في التقديم والتأخير.

واعلم أن أفعال يوم النحر أربعة: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، والسنة ترتيبها، فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز ولا فدية عليه لهذا الحديث وغيره (قاله النووي).

(3)

معناه: لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحموا عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الإستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الإستقاء "ذكره الإمام النووي".

ص: 337