الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير القرآن بأقوال الصحابة
إن تفسير الصحابة رضي الله عنهم. كابن عباس وابن مسعود وغيرهما مُهِم؛ لأنهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلموا منه.
1 -
مثال ذلك قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
قال الحافظ في الفتح ما يلي: ونقل مُحي السنة البغوي في تفسيره عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه [ارتفع].
ثم نقل قول أم سلمة وربيعة ومالك وغيرهم:
الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإِقرار به إيمان، والجحود به كفر. [ج 406/ 13]
2 -
مثال آخر في قول الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]
فقد نقل ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: الجماع.
وقال ابن عباس أيضًا: اللمس والمسُ والمباشرة: الجماع، ولكن الله يُكني بما يشاء.
وقال ابن كثير: وقد صح من غير وجه عن عبد الله بن عباس أنه قال ذلك.
ثم ذكر قول ابن مسعود قوله: اللمس: ما دون الجماع.
ثم ذكر ابن كثير قول ابن جرير:
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال عنى الله بقوله:
{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الجماع دون غيره من معاني اللمس لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبَّل بعض نسائه ثم صَلى ولم يتوضأ. [ابن كثير ج 1/ 502]
ملحوظة: إذا تعارض تفسير الحديث لآية مع تفسير صحابي أو تابعي، فعلينا أن نوفق بين التفسيرين، وإن لم يمكن فالواجب أن نقدم تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم على تفسير غيره مهما كان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بمراد الله من غيره، فهو الذي لا
ينطق عن الهوى، ولأن الله تعالى يقول:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} . [الحجرات: 1]
(أي لا تُقدِّموا قولاً أو فعلًا). [ذكره ابن كثير]
مثال ذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [سورة القلم: 42]
فقد فسرها البخاري بالحديث:
"يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة .. ". [متفق عليه]
وجاء في رواية عن ابن عباس في تفسير الآية قال:
هو يوم كرب وشدة (1). [ذكره ابن جرير]
فإن صح النقل عنه فلا يتعارض مع الحديث الذي فسر الآية بالساق لله تعالى من غير تشبيه، فيكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة، وهو يوم كرب وشدة.
ويمكن أن يقال: إن ابن عباس لم يبلغه حديث أبي سعيد الخدري الذي فسر
الآية، كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا فلم يؤذن له انصرف ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا ولم يُؤذَن لي، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يُؤذن له فلْينصرف".
فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربًا، فذهب إلى ملأ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك فقال:
ألهاني عنه الصفق بالأسواق. [متفق عليه]
(1) ضعف قول ابن عباس (سليم الهلالي) في كتابه (المنهل الرقراق) لاضطرابه.