الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله فوق العرش على السماء
قال الله تعالى:
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام: 3]
كثيراً ما تسأل مسلماً: أين الله؟ فيجيبك: في كل مكان ويستشهد بهذه الآية،
أو بغيرها، ولو عرف تفسير الآيات لما استشهد بها على جوابه الخطأ.
قال ابن كثير: اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية (فرقة ضالة) الأول القائلين -تعالى عن قولهم علواً كبيراً- بأنه في كل مكان، حيث حملوا الآية على ذلك.
1 -
فالأصح من الأقوال أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض أي يعبده ويوحده، ويقر بالِإلهية مَن في السموات ومن في الأرض، ويسمونه الله، ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والانس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]
أي هو إله مَن في السماء وإله مَنِ في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله:
{يعلم سِركم وجَهركم} خبراً أو حالًا.
2 -
والقول الثاني أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض مِن سِر وجهر، فيكون قوله:{يعلم} متعلقاً بقوله: {في السموات وفي الأرض} تقديره: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض، ويعلم ما تكسبون.
3 -
الثالث: أن قوله: {وهو الله في السموات} وقف تام، ثم استأنف الخبر
فقال: {وفي الأرض يعلم سِركم وجهركم} ، وهذا اختيار ابن جرير.
وقوله: {ويعلم ما تكسبون} أي جميع أعمالكم خيرها وشرها.
[انظر تفسير ابن كثير ج 2/ 123]
4 -
وأما قوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} فقد فسرها ابن كثير بما يلي:
(أي رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم من بَرٍّ أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو في القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم، ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم). [ج 4/ 304]
5 -
إن القائلين بأن الله في كل مكان أي معنا يسمعنا ويرانا فهذا صحيح، وإن أرادوا ذاته في كل مكان فهذا خطأ كبير، لأن هناك أماكن نجسة وقذرة كالحمامات والمزابل، فلا يقول عاقل مسلم بأن الله فيها، تعالى الله عن ذلك.
وبعض المسلمين يقول: إن الله في قلب عبده المؤمن، ويستندون إلى حديث لا أصل له:"ما وسعني سمائي ولا أرضي، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن". فمن قال إن الله يحل في قلوب الناس فهو أكفر من النصارى الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده.
والصحيح أن الله تعالى على السماء وفوق العرش، والدليل ما يلي:
أ - قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} . [البقرة 29]
حسب تفسير مجاهد وأبي العالية في البخاري: (أي علا وارتفع).
ب - قول الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية: "أين الله؟ " فأجابت: (في السماء) قال لها: "من أنا؟ " قالت: (محمد رسول الله)، فقال لصاحبها:"أعتقها فإنها مؤمنة". [رواه مسلم]
يفهم من الحديث: أن من لم يعتقد أن الله في السماء فليس بمؤمن.
(ومعنى في السماء: أي على السماء).
والإعتقاد بأن الله في السماء هو قول الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ومن سار على نهجهم.