الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثلة ونماذج من عذاب الدنيا
1 -
المعاصي تورث الهزائم العسكرية:
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. [سورة آل عمران، الآيات 152 - 153]
هكذا تصف الآيات كيف كانت رحى المعركة تدور لصالح المؤمنين حتى تنازعوا وعصوا الرسول لأن منهم من كان يريد الدنيا أي الغنائم فكانت النتيجة أنهم مُنوا بالهزيمة كجزاء لهذه المعصية.
وفي غزوة حُنين أصاب الغرور بعض المسلمين لما أعجبتهم كثرتهم وهذه معصية اخرى فلحقت بهم الهزيمة أيضاً ويقول تعالى في وصف هذه الغزوة: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ
عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}.
[سورة التوبة، آية 25]
يتبين لنا مما سبق بأن نصر الله للمسلمين قد يستبدله سبحانه وتعالى بالهزيمة إذا عصَوا وخالفوا أمره، ومما هو جدير بالملاحظة في القصص السابقة أن صفوف المسلمين في ذلك الوقت كانت تضم الرسول صلى الله عليه وسلم وخير الأنام على وجه الأرض إلا أن هذا لم يمنع عقاب الله وما فيه من تحذير وتقويم أن يقع، فكيف بصفوف المسلمين اليوم وقد كثر الخبث وأخذ الربا وترك الجهاد وظهرت ألوان لا حصر لها عن الفساد.
التحذير من التمادي في المعصية:
تأتي مصائب الدنيا بمثابة إشارات وتنبيهات من الله تعالى للعبد إلى أنه غارق في معصية ويجب عليه الرجوع قبلِ فوات الأوان كما قال تعالى:
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .
[سورة السجدة، آية 21]
عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21]. قال: "مصائب الدنيا". [رواه مسلم]
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن بعض الذنوب أجدر بوقوع عذاب الدنيا فقال: "ما من ذنب أجدر أن يُعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يَدخره له في الآخرة، مِن قطيعة الرحم، والخيانة، والكذب، وإن أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونون فجرة، فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا". [رواه الطبراني بسند صحيح من حديث أبي بكرة]
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلًا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". [رواه أبو داود بسند صحيح]
(العِينة: أن يبيع الرجل شيثاً من غيره بثمن مؤجل، ويُسلمه للمشتري، ثم يشتريه منه قبل قبض الثمن بثمن أقل من ذلك القدر يدفعه نقداً).
3 -
المعاصي تذهب الخيرات وتزيل النعم:
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} .
[سورة الرعد، آية 11]
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. [سورة الأنفال، آية 53]
فَالله تعالى لا يزيل نعمته عن قوم ولا يسلبهم إياها إلا إذا بدلوا أحوالهم الجميلة بأحوال قبيحة، وهذه سنن الله الإِجتماعية أنه تعالى لا يبدل ما بقوم من عافية ونعمة، وأمن وعزة إلا إذا ارتكبوا المعاصي كما حدث في قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف.
ولابد من الإِشارة إلى أن النجاة من عقوبة الدنيا رغم المعاصي لا تعني رضى الله وغفرانه، كما جاء في الحديث: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب فإنما هو استدراج ثمِ تلا:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.
[سورة الأنعام، آية 44][رواه أحمد والطبراني بسند صحيح من حديث عقبة بن عامر]
وقال بعض السلف: "رُب مستدرَج بنعم الله وهو لا يعلم، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم، ورُب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم".
وبناء على فهم السلف لهذه القواعد كان بعضهم يقول: "إني لأعصي الله فأجد ذلك في خلُق دابتي وامرأتي".
4 -
الختم على القلوب.
قال بعض السلف: "جزاء الحسنة الحسنة بعدها وجزاء السيئة السيئة بعدها".
وقولهم هذا يعد قاعدة عظيمة يجدر بكل مسلم أن يقف عندها ويتدبرها، ولا شك أن من أعظم الآثار الدنيوية المترتبة على المعاصي هي أن تتعود نفس المخطىء على اجتراحِ السيئات الواحدة تلو الأخرى حتى يصبح لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتَت في قلبه "نكتة سوداء، فإن هو نزع واستقر وتاب صُقِل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو علىِ قلبه، وهو الرّان الذي ذكره الله تعالى:
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين، آية 14]
[رَواَه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي بسند حسن]
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله:
رأيت الذنوب تُميت القلوب .... وقد يورث الذُل إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب
…
وخَير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ
…
وأحبارُ سوء ورُهبانها
وهذا مثال لأحد الذنوب يضربه الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: "لَينتَهِيَن أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليَختِمَن الله على قلوبهم، ثم ليكونُّن مِن الغافلين". [رواه أحمد ومسلم]
(ودعهم الجمعات: تركها)
5 -
رد الدعاء:
يحصل العبد المطيع على نعمة عظيمة وهي استجابة الله سبحانه لدعائه إذا سأله أمراً من أمور الدنيا أو الآخرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حَيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردها صفراً خائبتين". [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح من حديث سلمان]
وهي نعمة أخرى يُحرمها العاصي فلا يُستجاب لرجائه مهما طال دعاؤه وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإِجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه". [رواه الترمذي والحاكم بسند من حديث أيى هريرة]
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسىِ بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهَوُن عن المنكر أو ليَوشِكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتَدعُنه فلا يستجيب لكم". [رواه أحمد والترمذي بسند حسن]
6 -
الفضيحة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشِر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإِيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعيَروهم، ولا تتَبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، يتتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله". [رواه الترمذي بسند صحيح]
7 -
الأمراض والأوبئة:
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اختلج عِرق ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر". [رواه الطبراني في الأوسط والضياء المقدسي بسند صحيح]
(أي لو عاقب الله المذنب بالمرض لما بقي أحد مُعافى ولكنه سبحانه يدفع ويغفر الكثير).
8 -
إتيان الجدل:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ضَل قوم بعد هُدىً كانوا عليه، إلا أوتوا الجدل". [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم بسند حسن]
9 -
الخلاف:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما توادَّ اثنان في الله فيُفرَّق بينهما إلا بذنب يُحدثه أحدهما". [رواه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح]
وقد يظن بعض الناس أن بعض الجزئيات من العبادة أو السنة الواجبة أو
الشكليات كما يسمونها لا تستوجب مثل هذه العقوبة، ولكن تعالوا نتأمل
الأحاديث التالية:
أ - عن أنس رضي الله عنه قال: "أُقيمت الصلاة، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا، فإني أراكم مِن وراء ظهري. قال: وكان أحدنا يُلزق، منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه". [رواه البخاري وأحمد]
وهي عند المخلص بلفظ:
"قال أنس: فلقد رأيت أحدنا يُلصق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه، فلو
ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس".
وترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: "باب إلزاق المنكب، والقدم بالقدم في الصف".
ب - وعن النعمان بن بشير-رضي الله عنه قال: "أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثاً، والله لتَقيمُن صفوفكم أو لَيُخالِفن الله بين قلوبكم. قال فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه". [رواه أبو داود وابن حبان وأحمد بسند صحيح]
فهذه عقوبة شديدة يحذرنا الرسول الكريم منها نتيجة لعدم إقامة الصف في الصلاة.
10 -
الخسف والدمار:
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في هذه الأُمة خَسفٌ، ومسخ، وقذف، إذا ظهرت القيان والمعازف، وشُربت الخمور". [رواه الترمذي بسند صحيح]
1 -
الذكر السيء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد إلا له صيت في السماء، فإن كان صيته في السماء حسناً، وُضِع في الأرض، وإن كان صيته في السماء سيئاً وُضع في الأرض". [رواه البزار بسند صحيح]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً نادي جبريل إني أحببت فلاناً فأحبه، فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في الأرض، فذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [سورة مريم، آية 96]
وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل إني أبغضت فلاناً، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض". [رواه الترمذي بسند صحيح]
12 -
خسران الدنيا والآخرة:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له". [رواه الترمذي بسند صحيح]
وهكذا يلهث العاصي وراء سراب لا حقيقة له، وتحيط به وحشة المعصية وظلمة القلب ويبتعد عنه أهل الخير وتوسوس له الشياطين.
قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} . [سورة الزخرف، آية 36 - 37]
تتشعب بالعصَاة همَوم الدنيا ويتخلى الله عنهم كما قال صلى الله عليه وسلم:
"من جعل الهموم هماً واحداً، هَمُّ المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك".
[رواه ابن ماجه بسند حسن من حديث ابن مسعود]
وهؤلاء العصاة يكلهم سبحانه وتعالى إلى الناس كما جاء في الحديث:
"من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس". [رواه الترمذي بسند صحيح من حديث عائشة][وكله: تركه].
13 -
فقدان بركة الأموال والأعمال:
هناك أمثلة كثيرة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تدل على إعانة الله للعبد المطيع ومباركته لأعماله وتخليه سبحانه عن العصاة ومحق البركة من أعمالهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلَفاً". [متفق عليه]
وعن أسماء رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا توكىء فيوكأ عليك". [رواه البخاري]
(والوكاء هنا هو الإِغلاق وهو كناية عن الشح وعدم الإِنفاق أي لا ينفق الله على البخيل).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خَضِر حلو، فمن أخذه بحقه بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارَك له فيه، وكان كالذي جمل ولا يشبع؛ واليد العليا خير من اليد السفلى". [رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي]
14 -
حديث جامع:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تُدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلَا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطرَوا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً مِن غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخَيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم". [رواه ابن ماجه والحاكم بسند صحيح]
ولكن هل يصيب عذاب الدنيا العاصي فقط دون غيره من الناس؟
15 -
العذاب يعم إذا كثر الخبث:
قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث". [رواه مسلم]
(الخبث: أي الفسق والفجور).
وفي الختام نوصيكم بتقوى الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} . [سورة النساء، آية 131]
ونحذركم من المعاصى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياك والمعصية، فإن بالمعصية حلّ سخط الله". [رواه أحمد والطبراني بسند حسن من حديث معاذ]
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة إياك ومُحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً". [رواه الدارمي وابن ماجه وابن حبان وأحمد بسند صحيح]
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنا مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطنَ وادٍ فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تُهلِكه". [رواه أحمد والطبراني بسند صحيح]
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارحموا، واغفروا يُغفر لكم، وويل لأقماع القول، وويل للمصِرين الذين يُصرون على ما فعلوا وهم يعلمون". [رواه البخاري في "الأدب المفرد" وأحمد بسند صحيح]
وإن في الأحاديث السابقة دعوة صريحة للعاملين للإِسلام إلى تنقية صفوفهم من المعصية إذا أرادوا التوفيق والنصر إلا أن الكثير منهم غابت عنهم هذه الحقيقة فتفشت فيهم المعاصي مثل: التوسل بالقبور ودعائها، وتأويل صفات الرب جل وعلا، ورد الأحاديث الصحيحة بحجة التقليد، أو عدم قبول حديث الآحاد، والكثير من البدع التي تعسكر في بلاد المسلمين اليوم وتحول بينهم وبين ما يريدون من العزة والنصر وتطبيق شرع الله تعالى على أرضه.
وفي نهاية المطاف لا تنسنا يا أخي من دعائك بظهر الغيب: "دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملَك مُوَكل به، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك: آمين ولك بمثل ذلك". [رواه أحمد ومسلم وابن ماجه من حديث أبي الدرداء]
[إعداد لفيف من العلماء]