الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون
* وجوب التوبة وفضلها:
التوبة واجبة على الدوام فإن الإِنسان لا يخلو في معصية ولا يسلم من نقص، وإنما الخلق يتفاوتون في المقادير، وقد أمر الله بالتوبة فقال:
{وَتُوبُوا إِلى اللَّهِ جَمِيعًا} . [سورة النور، آية 31]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة". [رواه مسلم]
فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أكرمه الله يقول له:
{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} . [سورة الفتح، آية 2]
يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة فكيف يكون حال غيره؟
شروط التوبة:
1 -
الندم:
التوبة عبارة عن ندم يورث عزماً وقصداً وعلماً بأن المعاصي حائل بين الإِنسان وربه وعلامته طول الحزن، فإن من أخبر بأن عقوبة أو مصيبة ستنزل بولده أو من يعز عليه طال حزنه واشتدت مصيبته، وأي عزيز أعز عليه من نفسه؟ وأي عقوبة ومصيبة أشد من النار؟، وأي سبب أدل على نزول العقوبة من المعاصي؟ وأي مخبر أصدق من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
2 -
العزم:
على أن لا يعود في المستقبل إلى تلك الذنوب ولا إلى أمثالها، وهذا العزم لابد أن يكون مؤكداً في الحال وإن كان يتصور أن تغلبه الشهوة بعد ذلك، لكن لا يكون تائباً حتى يتأكد عزمه في الحال.
3 -
الإقلاع عن المعصية:
فإن المستغفر بلسانه وهو مصر على معصيته كالمستهزىء بدينه، واستغفاره يحتاج إِلى استغفار، فاحذر يا أخي أن تغفل عن معاصيك وأنت تستغفر الله منها، خاصة تلك التي يقع فيها أكثر الناس وهم لا يشعرون: وأخطرها الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره حتى وإن كان فيه ما تقول، والنميمة، والكذب، والشتم، واللعن، وبذاءة اللسان، وإيذاء المسلم بقول أو فعل، وسوء الظن، والحسد، والتباغض، والتحاسد، والتقاطع، والتجسس، واحتقار الناس، والِإفتخار عليهم، والمن بما يعطي، والرياء، وأكل الربا (مثل الفوائد الربوية) والرشوة (أخذاً أو عطاء) والغش في البيوع وغيرها، والخداع، والغدر، والزنا بالعين والأذن واللسان واليد والرجل والفرج، والخلوة بالأجنبية، والتبرج، وسماع الموسيقى، والغناء المحرم، وحلق اللحية، وتغيير خلق الله، وشرب الخمر، والدخان، ونحوه مما يضر، ولبس الذهب والحرير للرجال، وتصوير ما فيه روح سواء برسم أم نحت ونحو ذلك، والتحاكم إلى غير شرع الله ولمن يحكم بالقوانين الوضعية الباطلة، والتشاؤم، وإتيان العرافين وتصديقهم ولو مزاحاً.
فراجع نفسك يا أخي في هذه الأمور وزن نفسك بميزان الإِسلام.
4 -
رد المظالم إلى أهلها إن كان الذنب متعلقاً بمخلوق:
وينبغي للتائب أن يأتي بحسنات تمحو ما عمل من السيئات وتكفرها مثل: حب الله ورسوله وحب المؤمنين ومعاداة من عاداهم، والخوف من الله، والبكاء من خشيته، ورجاء رحمته، والتوكل عليه، والإفتقار والتذلل إليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والشكر على نعمته، والانقياد لحكمه، والحرص على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والحذر من البدع، والزهد في الدنيا، والقناعة منها بالقليل، والتنافس في أمور الآخرة، ومجاهدة النفس على الطاعة مع دوام المراقبة لله سبحانه، وترك الشبهات، والورع، والتواضع، والحلم، والعفو، والإِعراض عن الجاهلين، والغضب إذا انتهكت حرمات الشرع، والمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة في المسجد في أول الوقت خاصة الفجو والعشاء مع الحرص على
الخشوع فيها، وذكر الله في الصباح والمساء وفي كل وقت، وقراءة القرآن وحفظه، والاستغفار، وقيام الليل، وحضور مجالس العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وزيارة القبور، وغض البصر، والحذر من لمس المرأة الأجنبية والحديث معها فيما لا حاجة فيه، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والتفكر في خلق السموات والأرض، وقلة الكلام إلا في الخير، وكثرة الصدقة والصوم، واعتزال قرناء السوء، وقراءة كتب العلم الشرعي، والمشاركة في أعمال البر والتقوى.
فحاسب نفسك يا أخي على هذه الطاعات وَلُمْها إذا تركتها.
5 -
المبادرة إلى العمل والحذر من التأخير:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ". [صحيح رواه أحمد]
- أي لا يغتنمهما ولا يعرف قدرهما إلا بعد زوالهما، وسبب التسويف حب الدنيا والجهل، فالِإنسان إذا أَنِسَ بالدنيا ولذاتها وما يحتاجه فيها من مال وأهل ومسكن صار قلبه عاكفاً على ذلك، فينسى ذكر الموت، ويسوِّف التوبة إذا خطرت له وقال: الأيام بين يديك طويلة إلى أن تكبر، ثم تتوب إلى أن تصير شيخاً، فلا يزال يُسوِّف ويؤخر ويشتغل بشغل بعد شغل إلى أن تخطفه المنية في وقت لا يحتسبه ولا يظنه لأن الموت يأتي فجأة ليس له وقت مخصوص من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار، ولا مقيد بسن مخصوص بل قد يكون في الشباب أكثر، فتطول عند الموت حسرته وتعظم مصيبته ويندم حين لا ينفع الندم.
فالمبادرة إلى التوية والاستغفار فإنما هي الأنفاس لو حبست عنكم لانقطعت عنكم الأعمال التي تتقربون بها إلى الله عز وجل:
{فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} . [سورة الزمر، آيتين 17 - 18]