الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفسق وأثره في هلاك الأمة
قال الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16]
1 -
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله واتباعهم فيما جاءوا به.
{فَفَسَقُوا} أي خرجوا عن طاعة أمر ربهم وعصوه وكذبوا رسله:
{فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} أي وجب عليها الوعيد.
{فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي أهلكناهم إهلاكًا مستأصلًا.
وهذا القول الذي هو الحق تشهد له آيات كثيرة كقوله تعالى:
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ..} الآية [الأعراف: 28]
فتصريحه جل وعلا بأنه لا يأمر بالفحشاء دليل واضح على أن قوله:
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} أي أمرناهم بالطاعة فعصوا.
وليس المعنى أمرناهم بالفسق ففسقوا، لأن الله لا يأمر بالفحشاء.
وهذا القول الصحيح في الآية جارٍ على الأسلوب العربي المألوف من قولهم: أمرته فعصاني: أي أمرته بالطاعة فعصى، وليس المعنى أمرته بالعصيان كما لا يخفى.
2 -
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} : أي أكثرنا جبابرتها وأُمراءها، قاله الكسائي.
[انظر أضواء البيان للشنقيطي 3/ 441]
3 -
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} يقول: سلطنا أشرارها فعصَوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب، وهو كقوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123]
قاله علي بن طلحة عن ابن عباس، وهو قول أبي العالية ومجاهد والربيع بن أنس.
4 -
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أكثرنا عددهم.
قاله العوفي عن ابن عباس. [انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 33]
من فوائد الآية
1 -
أن غير المترفين تبع لهم، فهلكوا معهم.
2 -
أن الهلاك يعم الجميع: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]
ولما سئل الرسول عنه: (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبَث).
[الخبث: المعاصي والفسق والفجور]. [رواه البخاري]
أما إذا كان في البلد مصلحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فلن يهلكوا. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]. [لأن المصلحين يريدون إصلاح الناس بخلاف الصالحين].
3 -
عدالة الله في إهلاك الأمم، وأنها لا تهلك إلا بعد الإِنذار بالرسل لقول الله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]
4 -
التحذير من الترف، فإنه يؤدي إلى الفسق بترك الطاعة، ثم يؤدي إلى الهلاك والدمار.
5 -
تقرير عقيدة الإِيمان بالقضاء والقدر والعدالة الإِلهية.