الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}
هل فكرت يا أخي في معنى حياتنا على هذه الأرض: من أين جئنا؟ ومَن جاء بنا؟ ولماذا جاء بنا؟ وأين يُذهَب بنا بعد هذه الحياة؟
هذه الأسئلة لا بُدَّ وأن تكون قد خطرت ببالك، بل وعلى بال كل إنسان، وأكثر الناس لم يُتعبوا أنفسهم في البحث عن الجواب فصار همهم في الحياة الطعام والشراب والشهوات، وكثير منهم ضل في بحثه عن الإِجابة حيث لم يتجه الِإتجاه الصحيح إلى من يملك الِإجابة، وكلا الفريقين أموات يتحركون على الأرض كما وصفهم خالقهم-:
فلنحاول إذاً معاً في هذه السطور أن نخرج من هذه الغفلة لنسير في حياتنا على هُدى ونور على صراط مستقيم بَيَّنه لنا خالق السموات والأرض وهو دينه الذي لا يقبل من أحدٍ من خلقه ديناً سواه وهو وحده الذي يعطيك الجواب الشافي على هذه الأسئلة لأنه وحده الدين الخالص من عند الله: قال الله تعالى:
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [سورة الطور، آية 35]
{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [سورة طه، آية 50]
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ
الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}
[يونس، آية 31]
بهذا الوضوح أجاب القرآن عن السؤال الأول من أين جئنا؟ ومَن جاء بنا؟.
حقيقة لا يمكن لِإنسان أن يهرب منها أقر بها المشركون لعجزهم عن الفرار، ولكن هل الإِقرار وحده يكفي؛.
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات، آية 56] إذا علمت أن الله وحده هو المنفرد بالخلق والتدبير والإِحياء والإِماتة والملك التام لكل ما في هذا الكون، فلا بُدَّ أن يثمر ذلك في قلبك إفراده بحق العبادة لا شريك له في شيء منها، ومن أجل هذا قامت السموات والأرض، ومن أجل هذا خُلقنا في هذا العالم وجئنا إليه، ومن أجل هذا بُعثت الرسل وأُنزلت الكتب، وعلى هذا يكون الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار.
فهل معنى هذا أن نقضي حياتنا كلها في المسجد راكعين ساجدين. ونترك الحياة تسير كما شاء أهلها أن يسيروها؟.
المفهوم الصحيح للعبادة:
ليس هذا هو المفهوم الصحيح للعبادة، ولكن العبادة هي فعل كل ما يحبه الله
ويرضاه، وترك ما ينهى عنه ويأباه، وهي أن تكون في دراستك وعملك وبيتك
وطريقك ومسجدك وعلاقتك مع الناس تبتغي وجه الله، وتتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبهذين الشرطين تصبح كل حياتك عبادة لله، فالعبادة طاعة وخضوع واستسلام لأوامر الله، وهي صلاة وصوم وحج وزكاة، وهي حُب وخوف ورجاء وإخلاص لله وحده، وهىِ شكر وصبر ورضى وشوق لله وحده، وهي دعاء وتضرع وتذلل وخشوع لله وحده، وهي أكل حلال وترك حرام، وهي بر لوالدين، وحسن خلق، واحترام للكبير، ورحمة للصغير والمسكين، وتبسم في وجه أخيك المسلم، وهي صدق في الحديث ووفاء بالعهد والوعد وأداء للأمانة وترك للغش واجتناب للربا والرشوة وسائر المحرمات، وهي غض بصر وحفظ فرج وحجاب وعفة، وهي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله وجهاد في سبيل الله:
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [سورة الأنعام، الآية 162]
[نسكي: ذبحي للحيوانات قربة لله].
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}
[سورة البقرة، الآية 256].
ولا تتحقق هذه العبادة إلا بالكفر بالطاغوت كما أخبر الله وبهذا بعث الله كل
الرسل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
[سورة النحل، الآية 36]
والطاغوت هو كل من جاوز حَد العبودية، ونسب لنفسه حقاً أو صفة لا تجوز إلا لله؛ فالشيطان رأس الطواغيت حيث دعا الناس إلى عبادة غير الله وطاعته قال تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [سورة يس، آية 60]
وعبادة الشيطان طاعته فيما يأمر به من الكفر بالله.
والطاغوت أيضاً كل متبوع أو مطاع أو حاكم على غير بصيرة من الله وشرع الله، وكذا كل من ادعى معرفة الغيب كالعرافين والمنجمين والكهان: قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [سورة النمل، آية 65]
وكذلك كل من زعم معه الضر والنفع من دون الله.
ومعنى الكفر بالطاغوت أن تعتقد بقلبك بطلان عبادة هؤلاء الطواغيت وبطلان ما نازعوا فيه ربهم من حقوق الِإلهية وتُفْرِد ربك وحده بها، ثم تسعى لإزالة عبادتهم مِن على ظهر الأرض بكل طريق.