الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسراء والمعراج
أسْرَى بكَ الله ليلاً إذ ملائكُهُ
…
والرسْل في المسجد الأقصى على قَدَم
لمَّا خَطَرتَ به التفُوا بسيدهم
…
كالشُّهبِ بالبَدْر أو كالجُنْدِ بالعَلَمِ
صلَّى وراءَك مِنْهم كل ذِي خَطِر
…
ومن يَفُزْ بحبيب الله يأتَمِم
جُبْتَ السماواتِ أو ما فوقهُنَّ بهم
…
على منوَّرة دُرِّية اللّجَمَ (1)
مشيئةُ الخالقِ الباري وصنعته
…
وقدرةُ الله فوقَ الشَّك والتُّهَمِ
حَتَّى بلغتَ سماء لا يُطارُ لها
…
على جَنَاحٍ ولا يُسعى على قَدَم
وقيل: كل نبي عند رتبته
…
ويا محمد هذا العرش فاسْتَلِم (2)
خطَطْتَ للدين والدنيا علومهما
…
يا قارىء اللوح بل يا لامس القلمِ (3)
أحطْتَ بينهما بالسِّرِّ وانكشفَتْ
…
لك الخزائنُ من علمٍ ومن حكمِ
وضاعفَ القربُ ما قُلِّدَت من مِنَنٍ
…
بلا عِدَادٍ وما طُوَّقتَ من نعَمِ
"أمير الشعراء أحمد شوقي"
(1) مراده البراق، والصحيح أن المعراج لم يكن على البراق: الذي ورد ذكره في الإسراء فقط.
(2)
لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل إلى العرش، ولم يأذن له أحد باستلامه، وهذا غُلُو.
(3)
لم يَرِد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ اللوح المحفوظ، ولم يلمس القلم، بل ورد أنه وصل إلى مكان سمع فيه صريف الأقلام (صوت كابتها)، وأول البيت فيه غلُو وإطراء لا يرضاهما الرسول صلى الله عليه وسلم، بل نهى عنهما.
الإسراء والمعراج
" للبوصيري"(1)
قال في بردته (2):
يا خير من يَمم العافون ساحته
…
سعياً وفوق متون أنيُق الرُسم
ومَن هو الآية الكبرى لمعتبر
…
ومن هو النعمة العظمى لِمغتنِم
سريت من حرم ليلاً إلى حرم (3)
…
كما سرى البرق في داج من الظُلم
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلة
…
من قاب قوسين لم تدرَك ولم تُرَمِ
وأنت تخترق السبع الطباق بهم
…
في موكب كنت فيهم صاحب العلَم
فحُزتَ كل مقام غير مشترك
…
وجُزتَ كل مقام غير مزدَحِم
(1) البوصيري شاعر معروف ولد عام 608 هـ وتوفي 695 هـ بالإسكندرية، وقبره بها معروف، وهو من الشعراء الصوفيين الذين وصفوا النبي صلى الله عليه وسلم بأوصاف لا يرضاها النبي لأنها من خصائص الله وحده.
(2)
قصيدة البردة معروفة ومشهورة حفظتها منذ صغري كلها، يتجلى فيها قوة الأسلوب، وروعة البيان، ولكن العلماء أخذوا. عليه فيها الغلو والإطراء حتى إن الشيخ أحمد القطان نقدها في شريط، وبين المساوىء التي وقع فيها.
وسمعت أن الشيخ محمد نسيب الرفاعي مبعوث الإفتاء في الأردن له رد عليها، ورددت عليها في مجلة التوعية الإسلامية. وإني أذكر للقراء بعض الأبيات منها ليتبينوا عوارها والشرك فيها:
1 -
يا أكرمَ الخلق ما لي من ألوذ به
…
سواك عند حدوث الحادث العمم
2 -
فإن مِن جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علمُ اللوح والقلم
3 -
ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به
…
إلا ونلت جوارًا منه لم يُضم
4 -
لو ناسبت قدره آياتُه عظمًا
…
أحيا اسمه حين يُدعى دارسَ الرِمَم
ففي البيت الأول ينادي الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: ليس لي ملاذ إلا أنت عند نزول المصائب العامة، وهذا من الشرك الأكبر، لأن المفرج للمصائب هو الله وحده: قال الله تعالى:
(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .. ؟). "النمل 64"
وفي الثاني يقول: إن الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم وفضله، وأن من علومه علم اللوح والقلم، وهذا كذب، وهو من الإطراء والغلو المنهي عنهما، فالدنيا والآخرة من خلق الله، وعلم اللوح والقلم لم يطلع عليه أحد.
وفي الثالث: يعتقد أن الدهر إذا أصابه بضر فيستجير بالرسول صلى الله عليه وسلم فيكشفه، وهذا من الشرك الذي لا يخفى على مسلم، لأن الكاشف للضر هو الله وحده: قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه). "الإسراء 67"
وفي الرابع يقول: لو أن الله أعطى نبيه ما يستحقه من المعجزات لأحيا اسم الرسول الميت، ولكن الله لم يفعل!
هذا اتهام لله تعالى بالتقصير في حق محمد صلى الله عليه وسلم. تعالى الله عما يقول الشاعر علُوًا كبيرًا.
(3)
لم يثبت اسم الحرم إلا للحرم المكي والمدني بنص الأحاديث؛ أما المسجد الأقصى فلا يقال له الحرم.
بُشرى لنا معشر الإِسلام إن لنا
…
من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته
…
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
وقال البوصيري في قصيدته (الهمزية):
فصفى الليلة التي كان المخـ
…
ـتار فيها على البراق استواء
وترقى به إلى قاب قوسـ
…
ـين وتلك السعادة القعساء
رُتَبٌ تسقط الأماني حسرى
…
دونها ما وراءهن وراء
ثم وافى يُحدث الناس شكراً
…
إذ أتته مِن ربه النَّعماء
وتحدَّى فارتاب كلُّ مُريب
…
أو يبقى مع السيول الغُثاء
وهو يدعو إلى الإله وإن شقْـ
…
ـقَ عليه كفرٌ به وازدراء
ويدل الورى على الله بالتو
…
حيد (1) وهو المحَجَّةُ البيضاء
(1) هذا التوحيد الذي دل الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عليه أن يفردوه بالعبادة ومنها الدعاء، وجميل جدًّا أن يذكره الشاعر في قصيدته الهمزية، لكنه يتنافى مع ما ذكره من الشرك ولا سيما قوله في قصيدته التي سماها (البردة) كذباً:
ومن تكن برسول الله نصرته
…
إن تلقه الأسد في آجامها تهم
وهذا الكلام يتنافى مع قول الله عز وجل: (وما النصر إلا من عند الله). "الأنفال 10"