الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احتراق الكفار
قال الله تعالى:
1 -
قال ابن جرير بعد ذكره قصة أصحاب الأخدود:
وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع في العلة: وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم؛ ولو لم يكونوا أُحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} معنى مفهوم مع أخباره أن لهم عذاب جهنم؛ لأن عذاب جهنم من عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابها في الآخرة. "ج 30 ص 135"
2 -
قال القرطبي في تفسيره قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .
أي حرَّقوهم بالنار، فلهم عذاب جهنم لكفرهم، ولهم الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار.
وقيل: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب
كفرهم بما أحرقوا المؤمنين.
3 -
ذكر المفسر الألوسي نقلاً عن ابن جرير وغيره:
أن الله بعث على المُؤْمنين ريحًا تقبض أرواحهم قبل الوصول إلى النار، وأن النار خرجت فأحرقت هؤلاء الكفار الذين كانوا على حافتي الأخدود.
ويدل عل هذا قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} .
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} .
من فوائد القصة
1 -
كل مولود يولد على الفطرة، فاقتضت الفطرة السليمة أن تكون مع الحق والخير دائمًا وترفض الشر، فوجَّهتِ الغلام نحو الخير حين سمع الحق من الراهب ونبذت الشر المتمثل في الساحر الكافر.
2 -
لا بأس بالكذب للنجاة من كيد الكافرين عند الضرورة.
3 -
علم الغلامُ بفطرته أن الحق مع الراهب ولكن أراد أن يقيم الحجة (مثل إبراهيم عليه السلام) حين أقام الحجة على قومه.
4 -
الدعاء إلى الله أن يظهر له الحق وُيبين له وجه الصواب ويقطع الشك باليقين، وهذا شأن المؤمن يلجأ إلى الله دائمًا لحل مشكلاته.
5 -
إماطة الأذى عن الطريق وتخليص الناس مِن كرب وقعوا فيه، مشروع ومطلوب يؤجَر المسلم عليه، كما صرحت بذلك الأحاديث.
6 -
المؤمن الصادق هو الذي ينسِبُ فعل الكرامة إلى الله وليس إلى نفسه.
7 -
الاعتراف بالفضل ولو إلى غلام صغير: (أي بُني أنت اليوم أفضل مني).
8 -
كل من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وصدع بالحق لا بُدَّ من أن يُبْتَلى، فعليه بالصبر، وله الأجر الكبير عند الله.
قال الله تعالى على لسان لقمان يوصي ولده:
{يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} "لقمان 17"
9 -
كل من أخطأ في تعبيره لا يُترك في خطئه، بل يُبين كله وجه الصواب، لا سيما في عقيدة التوحيد، فالغلام يقول للوزير: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله تعالى. وهذا مطابق لقول الله تعالى عن إبراهيم:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80].
10 -
إن لله رجالًا أقوياء بإيمانهم، فمهما عُذِّبوا لا يرجعون عن دينهم، ولا يُرضون الطغاة بكلمة فيها ضعف أو كفر، ولو حُرِّقوا، أو نُشِروا أو أُغرقوا وهو الأفضل
وقد أشار إليهم الله سبحانه بقوله:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا
ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} "آل عمران: 146"
وقد سمح الله للمؤمن أن ينطق بالكفر إذا أُكره عليه فقال سبحانه:
11 -
لا بُدَّ لكلمة الحق أن تنتصر، فالملك يعجز عن قتل الغلام، ولا يتم له ذلك إلا بطريقة يرسمها الغلام للملك، يعقبها إيمان الشعب واندحارُ الملك، ويتحقق قول الله تعالى:
"التوبة 40"
12 -
الغلام المؤمن يُضحِّي بنفسه ليؤمن الناس، وهذا شأن المؤمنين المخلصين يسعون لإنقاذ أُمتهم، ولو أدَّى ذلك إلى استشهادهم، فهم إلى الجنة ذاهبون:
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} . "آل عمران 169"
13 -
يُثبت الله المؤمنين بالحُجَج البيَّنات، وُيؤيد دينهم بالكرامات، فهذا هو الرضيع ينطق:(يَا أُمَّه اصبري فإنك على الحق).
والأم تستجيب لهذا الأمر، وتُلقي بنفسها مع طفلها صابرة محتسبة.
14 -
مصير المؤمنين إلى الجنة بعد موتهم، ومصير الكفار الحرق في الدنيا، وعذاب جهنم في الآخرة.