الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع التشابه في القرآن
التشابه الواقع في القرآن نوعان:
أحدهما: حقيقى وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله عز وجل فإننا وإن كنا نعلم معاني هذه الصفات لكننا لا ندرك حقائقها وكيفيتها لقوله تعالى: {ولا يُحيطون به علماً} . [طه 110]
وقوله تعالى:
{لا تُدركه الأبصار وهو يُدرِك الأبصارَ وهو اللطيف الخبير} . [الأنعام 103]
ولهذا لما سئل الإِمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى:
{الرحمن على العرش استوى} كيف استوى قال: الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول والِإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
وهذا النوع لا يُسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه.
يفهم من قول مالك أن كيفية الإستواء مجهولة لنا، ومعنى الإستواء معلوم وهو العلو.
النوع الثاني: نسبي وهو ما يكون مشتبهاً على بعض الناس دون بعض فيكون معلوماً للراسخين في العلم دون غيرهم. وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه لِإمكان الوصول إليه إذ لا يوجد في القرآن شيء لا يتبين معناه لأحد من الناس قال الله تعالى:
{هذا بيانٌ للناس وهُدىً وموعظة للمتقين} . [آل عمران 138]
وقال: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} . [النحل 89]
وقال: {فإذا قرأناه فاتَّبِع قرآنه ثم إن علينا بيانه} [القيامة 17 - 18]
وقال: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً} .
[النساء174]
وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى: {ليس كمِثلِه شيء} حيث اشتبه على أهل التعطيل ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى وادَّعَوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة
وأعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة.
مثال ذلك قوله تعالى: {ومَن يقتل مؤمناً مُتعَمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدً له عذاباً عظيماً} . [النساء93]
حيث اشتبه على الوعيد ية ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمداً مخلد في النار واطَّردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر وأعرضوا عن الأيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى.
ومنها قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} حيث اشتبه على الجبرية ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة وأن فعل العبد نوعان اختياري وغير اختياري.
والراسخون في العلم أصحاب العقول يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى فيبقى القرآن محكماً كله لا متشابه فيه. [انظر كتاب أصول علم التفسير للشيخ محمد صالح العثيمين]