الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول القرآن مفرقًا والحكمة منه
لقد نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقًا حسب الوقائع والمناسبات وفي ذلك حِكَم بالغة:
1 -
تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم: وهذه الحكمة هي التي رد الله بها على اعتراض الكفار في نزول القرآن متفرقًا بقوله تعالي:
قال العلامة أبو شامة: "فإن قيل ما السر في نزوله مُنجمًا؟ وهلا أُنزل كسائر الكتب جملة؟ قلنا: هذا سؤال قد تولى الله جوابه، فقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} يعنون: كما أُنزل على مَن قبله من الرسل، فأجابهم تعالى بقوله: {كَذَلِكَ} أي أنزلناه مُفرَّقًا {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} أي لنقوّي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه، وتجدد العهد به، وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل". [انظر الإتقان للسيوطي ج 1/ 42]
2 -
التحدي والإِعجاز: لقد اعترض الكفار على نزول القرآن مُفرَّقًا، كما قال القرآن عنهم، وبما أنهم قد عجبوا مِن نزوله مُفرقًا، فإن الله تحداهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا، وإن تحديهم به مُفرَّقًا أقوى في الِإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة واحدة فمن يعجز عن أن يأتي بسورة مثله مُفرقًا يعجز بالأولى من الِإتيان بمثله جملة واحدة.
ويشير إلى هذه الحكمة ما جاء في بعض الروايات في حديث ابن عباس عن نزول
القرآن: "فكان المشركون إذا أحدثوا شيئًا أحدث الله لهم جوابًا". [أخرجه ابن أبي حاتم]
3 -
تيسير حفظ القرآن وفهمه: إن نزول القرآن مُفَرَّقًا يسهل للناس حفظه وفهمه، ولا سيما إذا كانوا أُميين كالعرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فكان نزوله مُفرقًا خير عون لهم على حفظه في صدورهم، وفهمهم لآياته، كلما نزلت الآية أو الآيات حفظها الصحابة، وتدبروا معانيها، وعملوا بها، لذلك قال عمر رضي الله عنه:"تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمسًا خمسًا". [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وسنده صحيح]
4 -
تنشيط نفوس المؤمنين لقبول ما نزل من القرآن والعمل به:
حيث يتشوق المسلمون إلى نزول الآية، ولا سيما عند الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان.
5 -
مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع:
كان القرآن الكريم يتدرج في نزوله، ويبدأ بالأهم فالمهم:
أ- لقد اهتم القرآن الكريم أولًا بأصول الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وجنة ونار، وُيقيم الأدلة على ذلك ليستأصل العقائد الفاسدة من نفوس المشركين، ويغرس فيها عقيدة الإِسلام.
ب- ثم بدأ يأمر بمحاسن الأخلاق، وينهى عن الفحشاء والمنكر ليقتلع جذور الفساد والشر، ويبين قواعد الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والأموال والأعراض والدماء وغير ذلك.
ج- كان القرآن ينزل وفق الحوادث التي تمر بالمسلمين في جهادهم الطويل لِإعلاء كلمة الله، وتشجيعهم على ذلك. [انظر مباحث في علوم القرآن]