الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضعف الخلق وقوة الخالق
قال الله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33]
1 -
"أي لا تستطيعون هربًا من أمر الله وقدره، بل هو محيط بكم لا تقدرون على التخلص من حكمه، ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أُحيط بكم، وهذا في مقام الحشر: الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب، فلا يقدر أحد على الذهاب.
{إِلا بِسُلْطَانٍ} : أي إلا بأمر الله:
{يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: 10 - 12] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 27]
ولهذا قال تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35]
والمعنى على كل قول: لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لِترجعوا، ولهذا قال:
{فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [انظر تفسير ابن كثير ج 4/ 274]
2 -
وقال القاسمي في تفسير الآية:
أي تجوزوا أطراف السموات والأرض فتُعجزوا ربكم، أي بخروجكم عن قهره، ومحل سلطانه ومملكته، حتى لا يقدر عليكم.
(فانفذوا) أي فجُوزوا واخرجوا.
{لَا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} : أي بقوة وقهر وغلبة، وأنى لكم ذلك؟
ونحوه: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [العنكبوت: 22]
3 -
ويقال معنى الآية: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان، يعني البينة من الله تعالى.
والأول أظهر، لأنه لما ذكر في الآية الأولى أنه لا محالة مجازٍ للعباد عَقَّبه بقوله:{إِنِ اسْتَطَعْتُمْ. . .} إلخ لبيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه وعقابه إذا أراده.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]
1 -
قال ابن جرير: أي من التسوية بين جميعكم، بأن جميعكم لا يقدرون على خلاف أمر أراده بكم.
2 -
وقال القاضي: فإن التهديد لطف، والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والإنتقام من الكفار من عِداد الآلاء (النِعم). [تفسير القاسمي ج 15/ 292 - 295]
من فوائد الآية
1 -
بيان جلال الله وقدرته وسلطانه.
2 -
بيان عجز الخلق أمام خالقه عز وجل في الدنيا والآخرة.
3 -
جميع الخلق لا يقدرون على خلاف أمر أراده الله بهم.
4 -
تقرير عقيدة الإِيمان بالبعث والجزاء.