الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السحر من عمل الشياطين
لما جاء محمد صلى الله عليه وسلم مصدقًا للتوراة التي مع اليهود كذبوه، ونبذوا القرآن والتوراة وراء ظهورهم ولم بعملوا بهما، واتبع اليهود ما تفتري الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان، حيث أخرجت الشياطين السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم، فكذبهم الله تعالى وبرأ النبي سليمان من السحر
الذي فيه الكفر والضرر، وأسند السحر والكفر إلى الشياطين الذين علموه لليهود، وأن هذا السحر لم ينزله الله على الملَكَين هاروت وماروت.
1 -
قال الألوسي في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} عطف على السحر، وفائدة العطف التنصيص بأنهم يعلمون ما هو جامع ما بين كونه سحرًا وبين كونه مُنزَّلاً للإبتلاء، فيفيد ذمهم بارتكابهم النبي بوجهين، فكأنه قيل اتبعوا السحر المدوَّن في الكتب وغيره، وهذان الملَكان أُنزلا لتعليم السحر ابتلاءً من اللهِ تعالى للنَّاس؛ فمن تعلَّم وعمل به كفر ومن تعلَّم وتوقَّى عملَه ثبت على الإيمان؛ ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء كما امتحن قوم طالوت بالنهر، وتمييزًا بين السحر وبين المُعجزة، حيث إنَّه كثُر في ذلك الزمان وأظهر السحرةُ أمورًا غريبة وقع الشك بها في النبوة، فبعث الله تعالى الملَكين لتعليم أبواب السحر
حتى يزيلا الشُبه، ويميطا الأذى عن الطريق. (ج 1/ 306) روح المعاني للألوسي.
2 -
قال الطبري: ". . . معنى "ما" التي في قوله {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} بمعنى "الذي" وأن هاروت وماروت، مُترجَم، بهما عن الملكين، فإن التبس ما قلنا، فقال: وكيف يجوز لملائكة الله أن تُعلِّم الناس التفريق بين المرء وزوجه؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله إنزال ذلك على الملائكة؟ قيل له: إن الله عرَّف عباده جميع ما أمرهم به وجميع ما نهاهم عنه، فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه، فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علَّمهُ الملَكين اللذين سماهما وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه، وعن السحر، فيُمحِّصَ المؤمن بتركه التعلم منهما ويُخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما". [الطبري باختصار جـ 2/ 426 تحقيق محمود شاكر]
أقول: تفسير الطبري هو المعتمد، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن (1)
ما يستفاد من الآية
1 -
الإِعراض عن الكتاب والسنة يوقع الشر والفساد والظلم والسحر.
2 -
كفر الساحر، وتحريم تعلم السحر، وتحريم استعماله.
3 -
السحر له ضرر، ويُدفع بقراءة المعوذتين ودعاء الله وحده.
4 -
يحرم تصديق الكاهن والعراف والساحر لقوله صلى الله عليه وسلم:
أ - "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدَّقه فقد كفر بما أنزل على محمد". [صحيح رواه أحمد]
ب - "مَن أتى عَرَّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا". [رواه مسلم][العراف والكاهن: اللذان يدعيان علم الغيب كذبًا].
5 -
باب التوبة مفتوح للساحر وغيره ولو كان كافرًا.
6 -
ابتلاء الله لعباده بالشر والخير ليعلم العاصي من المطيع قال تعالى:
{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35].
(1) وتفسير الألوسي قريبٌ منه تفسير الإمام الطبري.