الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعطاه الله مالاً وولداً، فلما حَضَرت الوَفاةُ قال لِبَنيه: أيَّ أبٍ (36) كُنْتُ لكم؟ قالوا: خَيْرَ أبٍ، قال: فإِنَّه لم يَبْتَئِرْ (37)، أو لم يبْتئزْ -[فسرها قتادة: لم يدَّخر 7/ 185]- عِنْدَ الله (وفي روايةٍ: لم أعمل) خَيْراً [قط]، وإنْ يَقْدِرِ اللهُ عَلَيْه (وفي روايةٍ: وإن يَقْدَم على الله) يُعَذِّبْهُ، فانْظُروا إذا مُتُّ فأحْرِقُوني، حتى إذا صِرْتُ فحْماً فاسْحَقُوني، أوْ قال: فاسْحكوني، (وفي روايةٍ: فاسهكوني)، فإذا كانَ يوْمُ ريحٍ عاصفٍ فأذْرُوني (38) فيها، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:"فأَخذَ مواثيقهُم على ذلك وربِّي، ففعَلُوا، ثُمَّ أذْرَوْهُ في يَوْمٍ عاصِفٍ، فقال الله عز وجل: كُنْ، فإذا هو رجلٌ قائِمٌ، قال اللهُ: أيْ عَبْدي! ما حملك على أن فعلتَ ما فعلتَ؟ قال: مخافتُكَ، أوْ فرَقٌ مِنْك (وفي روايةٍ: مخافتُك -دون شك- 4/ 151) (39)، قالَ: فما تلافاهُ أنْ رحِمَهُ [اللهُ] عِنْدَها. وقال مرَّةً أُخْرى: فَما تَلافاهُ (40) غَيْرُها (وفي روايةٍ: فتلقاه برحمته) ".
2743 -
فَحَدَّثْتُ بِهِ أبَا عُثْمانَ فقال: سَمِعْتُ هذا مِنْ سلْمانَ؛ غيْرَ أنَّه زاد فيه: [فاذروني] في البَحْرِ. أوْ كما حَدَّثَ.
36 - باب كلامِ الرَّبِّ عز وجل يَوْمَ القِيامَةِ مَعَ الأنْبِياءِ وَغَيْرِهِمْ
2744 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قالَ: سمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(36) قوله: (أي أب) بنصب أيّ، ويجوز رفعه وخير أب الأجود نصب خير ويجوز رفعه أفاده الشارح.
(37)
قوله: (لم يبتئر) أي: لم يدخر. والمعروف في هذا المعنى هو الابتئار بالراء كما في الشارح.
(38)
قوله: (فأذروني) كذا بقطع الهمزة هنا يقال ذرا الريح الشيء وأذرته: أطارته وأذهبته كما في الشارح.
(39)
وكذلك رواه أحمد (3/ 13 و 17) من رواية عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه.
(40)
قوله: (فما تلافاه) أي: فما تداركه إلا أن رجه.
"إذا كانَ يوْمُ القِيامَةِ شُفِّعْتُ، فقلتُ: يا ربِّ! أَدخِلِ الجنَّةَ من كان في قلبِهِ خرْدَلةٌ، فيدخُلُون، ثُمَّ أقولُ: أدْخِلِ الجنَّةَ مَنْ كان في قلبِهِ أدْنى شيءٍ"، فقال أنَسٌ: كأَنّي أنظرُ إلى أصابعِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
2745 -
عن مَعْبدِ بنِ هلالٍ العنزي قال:
اجتمعنا ناسٌ من أهل البصرةِ، فذهبْنا إلى أنسِ بنِ مالكٍ، وذهبْنا معنا بثابتٍ إليه يسألُهُ لنا عن حديثِ الشفاعةِ؟ فإذا هُوَ في قصرِهِ، فوافقْنا يُصلّي الضُّحى، فاستأْذَنَّا، فأذِنَ لنا، وهو قاعدٌ على فراشه، فقُلْنا لثابتٍ: لا تسأَلْهُ عن شيءٍ أوّلَ مِنْ حديثِ الشفاعةِ، فقالَ: يا أبا حَمزةَ! هؤُلاءِ إخوانُكَ من أهلِ البصرةِ جاؤوك يسألونَكَ عن حديث الشفاعةِ؟ فقال: حدثَنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا كان يومُ القيامة ماجَ الناسُ بعضُهُم في بعضٍ، (وفي طريق: يجمعُ الله المؤمنين يومَ القيامةِ [حتى يُهِمّوا بذلك 8/ 183] فيقولونَ: لو استَشْفَعْنا إلى ربِّنا حتى يريحَنا مِنْ مكانِنا هذا 8/ 172)، فيأتُونَ آدَمَ فيقولون:[أما ترى الناسَ؟ [أنت آدمُ أبو البشرِ 8/ 203](وفي روايةٍ: أبو الناسِ 5/ 147)، خلقَكَ اللهُ بيدِهِ [وأسكَنَكَ جَنَّتَه] وأسجد لكَ ملائكتَهُ، وعلَّمك أسماءَ كلِّ شيءٍ]، [ف] اشْفعْ لنا إلى ربِّكَ [حتى يريحَنا من مكانِنا هذا]، فيقولُ: لستُ لها -[ويذكُرُ خطيئَتةُ التي أصابَ: أكلَهُ من الشجرةِ، وقد نُهِيَ عنها، [فيستحي]- ولكن ائتوا نوحاً، [فإنَّه] أولُ نبيٍ (وفي روايةٍ: رسولٍ) بعثَه اللهُ تعالى إلى أهلِ الأرضِ، فيأتون نوحاً، فيقولُ: لَستُ هناكُم -ويذكُرُ خطيئتَه التي أصابَ: سؤالَه ربَّه بغيرِ علمٍ-
[فيستحي، فيقول:]، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنّه خليلُ الرحمنِ، فيأتون إبراهيمَ، فيقول: لستُ لها، [ويَذْكُرُ [لهم] ثلاثَ كلماتٍ كَذَبَهُنَّ] ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليمُ الله، (وفي طريق: ائتوا موسى: عبداً آتاهُ الله التوراةَ وكلَّمَه [تكليماً]، وقرَّبَه نجياً، قال:) فيأتُونَ موسى، فيقولُ: لسْتُ لَها، [ويذكرُ لهم خطيئَته التي أصابَ]:[قتلَ النَّفْسِ بغيرِ نفسٍ، فيستحي من ربِّه، فيقولُ:] ولكنْ عليكُمْ بعيسى، فإنه [عبدُ الله ورسولُهُ، و] روحُ اللهِ وكلمتُهُ، [قال:] فيأتون عيسى، فيقولُ: لستُ لها، ولكنْ عليكم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، (وفي طريق: ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم: عبداً غفر الله له ما تَقَدَّمَ من ذنبِهِ وما تأخرَ) فيأتوني، [فأنْطَلِقُ]، فأستأذِنُ على ربِّي [في دارِه] فيؤْذَنْ لي [عليه](41) ويلهِمُني محامدَ أحمده بها -لا تحضُرُني الآن-، فأحمَدُه بتلك المحامِدِ، (وفي طريق: فإذا رأيتُ ربِّي وقعتُ) له
(41) قلت: هذه الزيادة والتي قبلها صورتها عند المصنف صورة تعليق، فإنه قال: وقال حجاج بن منهال: حدثنا همام بن يحيى: حدثنا قتادة عن أنس. قال الحافظ (11/ 365): "كذا عند الجميع، إلا في رواية أبي زيد المروزي عن الفربري؛ فقال فيها: حدثنا حجاج. وقد وصله الإسماعيلي من طريق إسحاق بن إبراهيم، وأبو نعيم من طريق محمد بن أسلم الطوسي قالا: حدثنا حجاج ابن منهال فذكره بطوله". وتابعهم عفان: ثنا همام به. أخرجه أحمد (3/ 244).
قلت: وأنا في شك كبير في ثبوت ذكر (الدار) في هذا الحديث، لأنه قد رواه جمع من الثقات عن قتادة به، بدون هذه الزيادة، منهم سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عند المصنف (5/ 146)، ومسلم (1/ 125)، وأحمد (3/ 116) عن سعيد وحده، وأبو عوانة عند المصنف أيضاً (7/ 203)، ومسلم (1/ 123)، فهؤلاء ثلاثة من الثقات خالفوا همام بن يحيى، فلم يذكروا هذه الزيادة، فهي شاذة، لا سيما وهو -أعني هماماً- قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه؛ كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب":"ثقة ربما وهم".
ومما يؤكد وهمه في هذه الزيادة رواية معبد بن هلال العنزي هذه، فإنه لم يذكرها أيضاً. والله أعلم. نعم قال الحافظ الذهبي في "العلو" عقب رواية همام هذه:"وأخرجه أبو أحمد العسال في "كتاب المعرفة" بإسناد قوي عن ثابت عن أنس، وفيه (فآتي باب الجنة، فيفتح لي، فآتي ربي تبارك وتعالى وهو على كرسيه أو سريره فأَخِرّ له ساجداً)، وذكر الحديث".
ساجداً، [فيدَعُني ما شاءَ اللهُ أنْ يَدَعَني]، فيقالُ (وفي طريق: فيقولُ): يا مُحمدُ! ارفعْ رأسَكَ، وقلْ يُسْمَعْ لكَ، وسَلْ تُعط، واشفعْ تُشَفَّعْ، [قال: فأرفعُ رأسي]، فأقولُ: يا ربِّ! أُمتي أُمتي، فيقولُ: انطلقْ فأَخْرِجْ مَنْ كانَ في قلبِهِ أدنى أدنى مِثْقالَ حبَّة مِنْ خردلٍ مِنْ إيمان فأَخْرِجْهُ من النارِ، فأنطلقُ فأفعلُ [فأُدْخلُهم الجنة، ثم أرجعُ فأقول: يا ربِّ ما بقيَ في النارِ إلا من حَبَسَهُ القرآنُ، ووجبَ عليه الخلودُ].
[قال أبو عبد الله: "إلا من حَبَسَه القرآنُ"، يعني قولَ الله تعالى: {خالدين فيها}].
فَلَمَّا خَرَجْنا مِنْ عِنْدِ أنسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحابِنا: لَوْ مَرَرْنا بالحسن، وهو متوارٍ (42) في مَنْزِلِ أبي خَليفةَ بِما حَدَّثنا أنسُ بن مالكٍ، فأتَيناهُ فسلَّمْنا عليه، فأَذِن لنا، فَقُلنا له: يا أبا سعيدٍ! جِئْناك من عند أخيكَ أنسِ بنِ مالكٍ، فلم نرَ مثل ما حدَّثنا في الشَّفاعةِ، فقال: هيهِ (43)، فحَدَّثْناهُ بالحديث، فانْتهى إلى هذا الموْضع، فقال: هيه، فقُلْنا: لَمْ يَزِدْ لنا على هذا، فقال: لقدْ حَدَّثني وهْوَ جميعٌ (44) مُنْذ عِشرين سنة، فلا أدْري أنسيَ، أم كرِهَ أن تتَّكِلُوا، قُلْنا: يا أبا سعيدٍ! فَحَدَّثْنا، فَضَحِكَ وقال: خُلِقَ الإنسانُ عجولاً، ما ذَكَرْتُهُ إلا وأنا أُريدُ أنْ أُحَدَّثَكُمْ: حَدَّثَني كما حَدَّثكم به؛ قال:
"ثُمَّ أَعودُ الرَّابعةَ فأحمدهُ بتلك، ثم أخِرُّ له ساجِداً، فيُقالُ: يا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ
(42) قوله: (وهو متوارٍ) يعني: خوفاً من الحجاج.
(43)
قوله: (هيه) كلمة استزادة، أي: زِدْ وامْضِ بالحديث. اهـ.
(44)
قولهِ: (وهو جميع) أي: مجتمع العقل، غير كبير السن.