الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِمَّا يُتَعَلَّمُ وَذَكَرَ مَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِمَّا يَكْفُرُ بِهِ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَهَذَا كُلُّهُ لا يمكن فيما لا حقيقة له. أهـ. وقال النووي أيضاً: قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ إِلَّا أَبَا حنيفة فإنه: قال لا حقيقة عنده. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِنْدَنَا أَنَّ السِّحْرَ حَقٌّ وَلَهُ حَقِيقَةٌ يَخْلُقُ اللَّهُ عِنْدَهُ ما يشاء خلافاً للمعتزلة وأبي إسحاق الإسفرائيني حيث قالوا: إنه تمويه وتخييل. أهـ.
فثبت وتقرر من هذا وغيره تحقق السحر وتأثره بإذن الله، فَأَمَّا الْقَتْلُ بِهِ وَالْأَمْرَاضُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمَرْءِ وزوجه وأخذه بِالْأَبْصَارِ فَحَقِيقَةٌ لَا مُكَابَرَةَ فِيهَا، وَأَمَّا قَلْبُ الْأَعْيَانِ كَقَلْبِ الْجَمَادِ حَيَوَانًا وَقَلْبِ الْحَيَوَانِ مَنْ شَكْلٍ إِلَى آخَرَ فَلَيْسَ بِمُحَالٍ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عز وجل وَلَا غَيْرَ مُمْكِنٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ ذَلِكَ عِنْدَمَا يُلْقِي السَّاحِرُ مَا أَلْقَى امْتِحَانًا وَابْتِلَاءً وَفِتْنَةً لِعِبَادِهِ وَلَكِنَّ الَّذِي أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْوَاقِعِ مِنْ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ في قصتهم مع موسى عليه السلام إنما هو التخيل وَالْأَخْذُ بِالْأَبْصَارِ حَتَّى رَأَوُا الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ حَيَّاتٍ، فنؤمن بالخير وَنُصَدِّقُهُ وَلَا نَتَعَدَّاهُ وَلَا نُبَدِّلُ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَنَا وَلَا نَقُولُ عَلَى اللَّهِ ما لا نعلم وبالله التوفيق.
ب-بيان أن ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم سُحِرَ لا يتنافى مع عصمته:
ونقل النووي عن المازري أيضاً أن بعض المبتدعة أنكر حديث الصحيحين في أنه صلى الله عليه وسلم سحر بزعم أَنَّهُ يَحُطُّ مِنْ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ وَيُشَكِّكُ فِيهَا وَأَنَّ تَجْوِيزَهُ يَمْنَعُ الثِّقَةَ بِالشَّرْعِ.
وَهَذَا الَّذِي قالوه بَاطِلٌ لِأَنَّ الدَّلَائِلَ الْقَطْعِيَّةَ قَدْ قَامَتْ عَلَى صِدْقِهِ وَصِحَّتِهِ وَعِصْمَتِهِ صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالتبليغ (1) والمعجزة شاهدة بذلك بخلاف ما يتعلق
(1) لا فيما يتعلق بمرضه وابتلائه وغير ذلك من أمور الدنيا مما يبتلى به الله أنبياءه والصالحين من عباده.