الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسن، ويتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستيجبون، فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، فعليهم تقوم الساعة حيث ينفخ في الصور فيصعقون وأولهم يصعق رجل يلوط (1) حوض إبله فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله مطراً تنبت مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مسئولون. ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وتسعين، فَذَلِكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا، وَذَلِكَ يَوْمَ يكشف عن ساق.
2-الإيمان بالموت:
وَيَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْإِيمَانُ بِالْمَوْتِ، والإيمان بالموت يتناول أموراً:
1-
فمنها تَحَتُّمُهُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وغيرهم من المخلوقات. قال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} (2) .
2-
ومنها أن كلاً له أجل محدود لَا يَتَجَاوَزُهُ وَلَا يُقَصِّرُ عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ ذَلِكَ بِعِلْمِهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ، وَجَرَى بِهِ الْقَلَمُ بِأَمْرِهِ يَوْمَ خَلْقِهِ، ثُمَّ كَتَبَهُ الْمَلَكُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي بطن أمه يأمر ربه عز وجل عند تخليق النطفة، وَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ حُرِقَ أَوْ غَرِقَ أَوْ بِأَيِّ حَتْفٍ هَلَكَ بِأَجَلِهِ، لَمْ يَسْتَأْخِرْ عَنْهُ وَلَمْ يَسْتَقْدِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَتْفُهُ هُوَ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَقَضَاهُ عَلَيْهِ وَأَمْضَاهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَا مَفَرَّ له ولا مهرب ولا فكاك ولا
(1) أي يُطّيِّنهُ ويصلحه، وأصله من اللصوق. النهاية لابن الأثير.
(2)
القصص: 88.
خلاص. قال تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} (1) .
3-
ومنها الإيمان بأن ذلك الأجل المحتوم لانتهاء كل عمر لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَلَا عِلْمَ لَنَا بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَفَاتِحِ الْغَيْبِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ فلا يعلمها إلا هو. قال تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت} (2) وأن هذا الموت هو ساعة كل إنسان بخصوصه إذ هو المفضي بالعبد إلى منازل الآخرة، وقد روى مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَتِ الْأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَيَنْظُرُ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَيَقُولُ: (إِنْ يَعِشْ هَذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ قَامَتْ عليم ساعتكم) .
4-
ومنها ذكر العبد للموت وجعله على باله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أكثروا ذكر هاذم اللذات) يعني الموت. رواه الترمذي والنسائي وابن حبان وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (3) . وللبخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِي فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
(1) آل عمران: 154.
(2)
لقمان: 34.
(3)
حديث صحيح، وهاذم بمعنى: قاطع. ، انظر صحيح الجامع الصغير 1221، رياض الصالحين بتحقيق عبد العزيز رباح وأحمد الدقاق ومراجعة شعيب الأرنؤوط حديث 579 ط الحادية عشر، دار عالم الكتب.
5-
وَمِنْهَا - وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ - التَّأَهُّبُ لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِمَا بَعْدَهُ قَبْلَ حُصُولِهِ، وَالْمُبَادَرَةُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالسَّعْيِ النَّافِعِ قَبْلَ دُهُومِ الْبَلَاءِ وحلوله، إذ ليس بعده لأحد مُسْتَعْتِبٍ وَلَا اعْتِذَارٍ وَلَا زِيَادَةٍ فِي الْحَسَنَاتِ ولا نقص في السيئات ولا منزل إلا القبر، وهو إما منزل من منازل الجنة أو منزل من منازل النار - والعياذ بالله - ثم بعد البعث إِمَّا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَإِمَّا عذاب أليم في نار الجحيم، فالمفلح من اغتنم حياته قبل أن يسأل الرجعة قبل الموت وهيهات. قال تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا مما رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تعملون} وإسحاق صبر على الذبح (1) .
وقد ذكر الله تعالى عن الكفار سؤالهم الرجعة في عدة مواطن:
أ-عند الموزت: قال تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ برزخ إلى يوم يبعثون} (2) .
ب-عند معاينة العذاب يوم القيامة: قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زوال} (3) .
جـ-إِذَا وُقِفُوا عَلَى النَّارِ وَرَأَوْا مَا فِيهَا من عظيم الأهوال: قال تعالى: {ولو
(1) المنافقون: 9-11.
(2)
المؤمنون: 99، 100.
(3)
إبراهيم: 44.