الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ - مِنْهُمْ عبد الله بن مسعود، وعمرو بْنُ مَيْمُونَ الْأَوْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعَّبٍ الْقُرَظِيُّ - إِذَا تَلَوَا {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} (1) قَالُوا: كَذَبَ النَّسَّابُونَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ عَدْنَانَ يَقُولُ: كَذَبَ النَّسَّابُونَ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَقَدْ رَأَى جَمَاعَةٌ جَوَازُ ذَلِكَ مِنْهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْبُخَارِيُّ وَالزَّبِيرُ بْنُ بَكَّارٍ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ العلماء.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفيل (2)
بمكة وكان فِي الصُّحُفِ الَّتِي بَشَّرَتْ بِهِ صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل وغيرهما أن مولده بمكة وهجرته إلى المدينة، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا بَشَّرَتْ، فَوُلِدَ بِمَكَّةَ وَأُوحِيَ إِلَيْهِ فِيهَا وَبُعِثَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ فِيهَا، ثُمَّ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا سيأتي إن شاء الله عز وجل.
ب-بدء الوحي إليه صلى الله عليه وسلم
-.
-في الصحيحين عن أنس بم مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -
(1) إبراهيم: 9.
(2)
وهو عام الفيل 570 م. انظر نور اليقين في سيرة سيد المرسلين ص 13.
والجمهور على أن مولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل في شهر ربيع الأول في الثاني عشر منه، ولا خلاف إنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وذلك لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين:(ذاك يوم ولدت فيه..) الحديث في صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، وانظر صحيح مسلم بشرح النووي 8/51. وانظر البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله [2/242] أما حديث قيس بن مخرمة عند الترمذي [وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عام الفيل] فقد رواه الترمذي ولم يورده الألباني في الصحيح وترك الباب مجرداً من الأحاديث انظر: صحيح سنن الترمذي [3/141] .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبْعَةً (1) مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ (2) وَلَا بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ (3) اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ (4) وَلَا آدَمَ (5) ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ (6) وَلَا سَبِطٍ (7) رَجلٍ (8) بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ (9)) .
(1) أي لا بالطويل ولا بالقصير. لسان العرب ص1566.
(2)
زائد الطول. صحيح مسلم بشرح النووي ج15 ص100.
(3)
أي أبيض بياضاً نيّراً. المصدر السابق ص 86-100 وفي الفتح (أي أبيض مشرب بحمرة)(6/657) .
(4)
شديد البياض كلون الجص وهو كريه المنظر وربما توهمه الناظر أبرص. صحيح مسلم بشرح النووي ج15 ص 100.
(5)
أسمر: المصدر السابق.
(6)
شديد الجعودة. لسان العرب 1922 والجعودة في الشعر أن لا يسترسل. انظر الفتح ج6 ص 657 - 658.
(7)
منبسط مسترسل لا جعودة فيه. انظر لسان العرب ص 1922. وفي رواية (ليس بالجعد القطط ولا بالسِّبْط) الفتح حديث 3548ج6 ص652.
(8)
وقوله: (رجل) بكسر الجيم ومنهم من يسكنها أي مسترح وهو مرفوع على الاستئناف أي هو رجل، ووقع عن الأصيلي بالخفض - رجل - وهو وهم لأنه يصير معطوفاً على المنفي، وقد خفضه على المجاورة. انظر الفتح [6/658 -659] .
(9)
وفي رواية (فلبث بمكة عشر سنين يُنزَل عليه) انظر الفتح حديث 3547 [6/252] قال ابن حجر رحمه الله: (ومقتضى هذا أنه عاش ستين سنة. وأخرج مسلم من وجه آخر عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم عاش ثلاث وستين سنة. وهو موافق لحديث عائشة رضي الله عنها توفى وهو ابن ثلاث وستين) - حديث 3536 في الفتح ج6 ص 646 - وبه قال الجمهور، وقال الإسماعيلي: لابد أن يكون الصحيح أحدهما، وجمع غيره إلغاء الكسر) ..الفتح ج6 ص659 وهذا كما قيل في الجمع بين روايات حديث حذيفة بن أَسِيد عند مسلم في تخليق النطفة ففي بعضها أن ذلك يكون بعد مرور اثنتين وأربعين ليلة على النطفة وفي بعضها أنه بعد أربعين ليلة. (وقد جمع السهيلي بين القولين المحكيين بوجه آخر، وهو أن من قال مكث ثلاث عشرة عد من أول ما جاءه الملك بالنبوة ومن قال مكث عشراً أخذ ما بعد فترة الوحي ومجي الملك بـ {يأيها المدثر} ، وهو مبني على صحة خبر الشعبي الذي نقلته من تاريخ الإمام أحمد في بدء الوحي، ولكن وقع في حديث خبر الشعبي الذي نقلته من تاريخ الإمام أحمد في بدء الوحي، ولكن وقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد ما يخالفه) الفتح [7/758] .
ويحتمل أن يجمع بأن من قال مكث ثلاث عشرة سنة عد من أول ما جاءه الملك بالنبوة ومن قال لبث عشر سنين عد من أول الجهر بالدعوة واتباعه صلى الله عليه وسلم للناس في منازلهم كما في مسند الإمام أحمد وغيره عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم ومجنة وعكاظ، ومنازلهم من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالات ربي فله الجنة فلا يجد أحداً ينصره، ولا يؤيه) والحديث خرجه وبين مواضعه في كتب السنة وحسنه الشيخ المربي سليمان بن فهد العودة حفظه الله في كتابه القيم الغرباء الأولون ص102-103، وهو كتاب جدير بالقراءة وفيه كثير من الفوائد التي يحتاجها الدعاة في غربتهم في هذا العصر. أجزل الله لمؤلفه الثواب ونفعنا به.
-وَكَيْفِيَّةُ بَدْءِ الْوَحْيِ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى عن أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (أول ما بديء بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ (1) إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي (2) حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: ما أنا بقاريء. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا
(1) أي يرجع. الفتح ج1 ص32.
(2)
وفي رواية الطبري بالتاء، كأنه أراد ضمني وعصرني، والغط حبس النفس، ومنه غطه في الماء ولأبي داود الطيالسي في مسنده حسن: فأخذ بحلقي. انظر الفتح ج1 ص33.