الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في وجوب الاحتكام إلى الكتاب والسنة في كل ما وقع فيه من الخلاف
فكل مَا فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ يجب رده إلى الكتاب والسنة.
-قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ والرسول} (1) فالرد إِلَى اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى سنته بعد انقطاع الوحي فما وافقها قُبل وما خالفها رد على قائله كائناً من كان.
-وقال تَعَالَى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أرجح الخلائق عقلاً وأولاهم بكل صواب: {لتحكم بين الناس بما أراك الله} (2) الآيات، ولم يقل بما رأيت. وهو صلى الله عليه وسلم لَا يَقُولُ فِي التَّشْرِيعِ إِلَّا عَنِ اللَّهِ عز وجل، وَلِهَذَا لَمْ يُجِبِ الْيَهُودَ فِي سُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ عَنِ الرُّوحِ، وَلَا جَابِرًا فِي سُؤَالِهِ عَنْ مِيرَاثِ الكلالة (3) ، ولا المجادلة فِي سُؤَالِهَا عَنْ حُكْمِ الظِّهَارِ (4) حَتَّى نَزَلَ القرآن بتفصيل ذلك وبيانه (5) .
(1) النساء: 59.
(2)
النساء: 105.
(3)
وكلا الحديثين في الصحيح كما سبق.
(4)
انظر الفتح (13/386) .
(5)
فكان الجواب على سؤال اليهود في سورة الإسراء: آية 85 {يسألونك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي..} والجواب على سؤال جابر في ميراث الكلالة وبيان المراد بها في سورة النساء، الآية الأخيرة {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} وكلاهما في الصحيح كما سبق، وكان الجواب على سؤال المجادلة عن حكم الظهار - وهو قول الرجل لامرأته (أنت عليّ كظهر أمي) - في صدر سورة المجادلة، الآيات:[1-4] {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زوجها
…
} الآيات.
-وقال علي بن طَالِبٍ رضي الله عنه: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفِّهِ (1) .
وَأَفْتَى عُمَرُ السَّائِلَ الثَّقَفِيَّ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي حَاضَتْ بعد أن زارت البيت يوم النحر ألا تَنْفِرَ، فَقَالَ لَهُ الثَّقَفِيُّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْتَانِي فِي مِثْلِ هذه المرأة بغير ما أفتيت به، فقال عمر إليه يَضْرِبُهُ بِالدِّرَّةِ وَيَقُولُ لَهُ: لِمَ تَسْتَفْتِينِي فِي شَيْءٍ قَدْ أَفْتَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
-وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَفْتَى بِأَشْيَاءَ فَأَخْبَرَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِهِ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى الَّذِينَ أَفْتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
-وقال عمر بن عبد العزيز: لا رأي لِأَحَدٍ مَعَ سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
-وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةٌ عَنْ رسول صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لَهُ أن يدعها لقول أحد من الناس.
-وَقَالَ رحمه الله: إِذَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي بخلاف رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَعُوا مَا قُلْتُ. وَفِي لَفْظٍ: فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي عرض الحائط.
(1) حديث صحيح. انظر المشكاة بتحقيق الألباني حديث 525 (ج1ص163) وشرح السنة للبغوي بتحقيق الأرناؤوط حديث 239 (ج4 ص464) .