الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدِ الرَّحْمَنِ عز وجل يَقُولُ: لَا تُعَجِّلُوا فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَتُوضَعُ مَعَ الرَّجُلِ في كفة حتى يميل به الميزان) (1) . وهذا الحديث يدل على أن العبد وحسناته وصحيفتها كل ذلك يكون فِي كِفَّةٍ، وَسَيِّئَاتُهُ مَعَ صَحِيفَتِهَا فِي الْكِفَّةِ الأخرى.
13-الصراط:
أ-بعض الآيات والأحاديث في الصراط:
1-
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً} (2) . قال قَتَادَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} هُوَ الْمَمَرُّ عَلَيْهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زيد بن أسلم: ورود المسلمين على الْمُرُورُ عَلَى الْجِسْرِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهَا وَوُرُودُ الْمُشْرِكِينَ أن يدخلوها.
وروى الإمام أحمد الله عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا واردها} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَرِدُ النَّاسُ كُلُّهُمْ ثُمَّ يَصدُرون عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ)(3)، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا قال: (يرد الناس جميعاً
(1) فيه ابن لهيعة. قال في التقريب: صدوق اختلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب (وهما غير الرواي عنه لهذا الحديث) عنه أعدل من غيرهما. وقال في بلوغ الأماني: أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجال الصحيح انظر بلوغ الأماني من أسرار ترتيب الفتح الرباني ج24 ص145. (وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، حديث 7066، مكتب) .
(2)
مريم: 71، 72، وقال في بلوغ الأماني: احتج بهذا القائلون بأن معنى الورود الدخول للكل لأنه قال: {ونذر} ولم يقل: (وندخل) . بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ج18 ص209.
(3)
صحيح. صحيح الجامع الصغير 7937، وصدره الألباني في الصحيحة 311 بقوله:(كل الناس يدخل النار) .
الصِّرَاطِ بِأَعْمَالِهِمْ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْبَرْقِ، ومنهم من يمر مثل الريح..) الحديث، فهذا على القول بأن ورود الناس بالنسبة للمؤمنين هو المرور عليها على الصراط.
وهناك من فسر ورود المؤمنين بدخولهم فيها وتكون برداً عليهم، فعن أَبِي سُمَيَّةَ قَالَ: اخْتَلَفْنَا فِي الْوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا. ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا. فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعاً.
وتفسير الورود بالدخول مروي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما وأيد قوله بقول الحق تبارك وتعالى: {يقدم قومه (1) يوم القيامة فأوردهم النار} (2)، وقوله:{ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} (3)، وقوله:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جهنم أنتم لها واردون..} (4) فالورود في ذلك كله الدخول (5) .
(1) أي فرعون لعنه الله.
(2)
هود: 98.
(3)
مريم: 86.
(4)
الأنبياء: 98.
(5)
وذكر المؤلف رحمه الله حديث جابر مرفوعاً: (لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فتكون على المؤمنين بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ ضَجِيجًا مَنْ بَرْدِهِمْ؟، ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) والحديث ضعفه الألباني (ضعيف الجامع الصغير 6169) وأوله: الورود الدخول. وقال الشيخ أحمد البنا رحمه الله في بلوغ الأماني: أورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، قال: ولجابر في الصحيح في الورود شيء موقوف غير هذا. (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ج18 ص209) ورجح الشنقيطي رحمه الله أن المراد بالورود في الآية الدخول، وذكر فيها أربعة أقوال. انظر أضواء البيان ج4 ص376- 383، وفي الفتاوى لابن تيمية رحمه الله أن المراد بالورود المذكورة في الآية هو المرور على الصراط. (ج4 ص279)، ومن استعمال الورود في غير الدخول قوله تعالى:{ولما ورد ماء مدين} [القصص: 23]، وقال النووي رحمه الله: والصحيح أن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط. (صحيح مسلم بشرح النووي: 16/58) ..وقال شارح الطحاوية: الأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط، قال تعالى:{ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا} وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) قالت حفصة: فقلت: يا رسول الله أليس الله يقول: {وإن منكم إلا واردها} فقال: (ألم تسمعيه قال: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً} أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا = =يستلزم دخولها، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله، بل تستلزم انعقاد أسبابه، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه يقال: نجاه الله منهم، ولهذا قال الله تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً} [هود: 95] ولم يكن العذاب أصابهم ولكن أصاب غيرهم لولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة لأصابهم ما أصاب أولئك.. (شرح الطحاوية ص471) . وحديث الصحيح المذكور رواه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. وانظر شرح النووي (16/58) وقال ابن باز حفظه الله: بأن المراد بالورود المرور على الصراط. الفتاوى الإسلامية ج1 ص15، 16 عن الدّعوة 919.
2-
وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا
…
} (1) عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {يسعى نورهم بين أيديهم} قَالَ: عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ. منهم من نوره مثل الجبل ن ومنهم من نوره في إيهامه يتقد مرة ويطفأ مرة.
(1) الحديد 12، 13.
3-
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ) قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَأَنَّهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى ربك حتماً مقضياً} (1) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَسَمًا وَاجِبًا.
4-
وَفِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضًا مَرْفُوعًا من حديث الطَّوِيلِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالشَّفَاعَةِ وَفِيهِ: (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ من يجيز، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ عز وجل، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَالْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ أَوِ الْمُجَازَى أَوْ نَحْوُهُ) الْحَدِيثَ.
5-
وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي ذَلِكَ مَرْفُوعًا وَفِيهِ: (ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجِسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ) . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ:(مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، يَمُرُّ الْمُؤَمَّنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فناجٍ مُسَلَّمٌ، وناجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا) الْحَدِيثَ.
6-
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آخِرُ مَنْ يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة يكبو مرة وتسعفه النار مرة، فإذا ما جاوزوها الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا من الأولين والآخرين) الحديث.
(1) مريم: 71.