الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في معنى البدعة وبيان أن البدع كلها مردودة، وفي ذكر أقسامها
أولاً: معنى البدعة وأن البدع كلها مردودة:
معنى البدعة هو: شرع ما لم يأذن به الله وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.
-قال تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لم يأذن به الله} (1) .
-وقال تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (2) .
-وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منه
(1) الشورى: 12.
(2)
التوبة: 31. وينبغي أن يعلم أنه لا يجتمع توحيد العبادة مع الإقرار بحق التشريع والتحليل والتحريم لغير الله عز وجل أو ادعاء الحق، كما في السنن للبيهقي أن عدي بن حاتم رضي الله عنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام - فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {اتخذوا أحبارهم
…
} الآية قال: يا رسول الله!! إنهم لم يعبدوهم. فقال: (بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) . وفي رواية للترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تفسيراً لهذه الآية: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه) والحديث حسنه الألباني انظر غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، ص:19، 20.
فَهُوَ رَدٌّ) . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمَرُنَا فَهُوَ رد) .
-وفي السنن عن معاوية رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا فَقَالَ: (أَلَا إِنَّ مَنْ قَبِلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وإن هذه الأمة سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النار، وواحدة في الجنة وهي الجماعة)(1) وفي رواية: (ما أنا عليه وأصحابي)(2) .
-وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَتَتَّبِعُنَّ سنَنَ (3) مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ (فمن) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبِدَعَ كُلَّهَا مَرْدُودَةٌ لَيْسَ منها شيء مقبول، وَكُلَّهَا قَبِيحَةٌ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ. وَكُلَّهَا ضَلَالٌ (4) ليس فيها هدى، وكلها أوزار
(1) صحيح. السلسلة الصحيحة (1492) وصحيح الجامع (1082) وانظر في طرق هذا الحديث وتخريجه وبيان ألفاظه كتاب أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى ص28، 34، 35 وهو من الكتب الهامة التي تسهم في علاج ما ابتليت به كثير من التجمعات في هذا العصر من التعصب للأسماء واللافتات والأشخاص.
(2)
حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي 2129، وأهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى ص:(28، 35) .
(3)
قال ابن حجر (بفتح السين للأكثر، وقال ابن التين: قرأناه بضمها، وقال المهلب بالفتح أولى لأنه الذي يستعمل فيه الذراع والشبر وهو الطريق. قلت: وليس اللفظ الأخير بعيد من ذلك) الفتح جـ13 ص (313) .
(4)
قال صلى الله عليه وسلم: (وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة) انظر صحيح سنن ابن ماجه 40 (1/13) . وتقسيم بعض فقهاء أهل السنة البدعة إلى الأقسام الخمسة (واجبة ومستحبة ومباحة ومكروهة ومحرمة) مبني على إطلاقهم لفظ البدعة على كل ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم خيراً كان أو شراً عبادة أو عادة، ولكن لا اختلاف بينهم في الحكم بحمد الله، فهم متفقون على ذم وتحريم كل طريقة مخترعة في الدين تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد. ولا شك في أننا إذا أطلقنا لفظ البدعة على ذلك وعرفناها به صارت البدع كلها ضلالة ومذمومة. وهذا هو التعريف الشرعي للبدعة الذي اعتمده الشاطبي رحمه الله في الاعتصام. يراجع بتوسع الإبداع في مضار الابتداع. للشيخ على محفوظ رحمه الله ص:25-32.