الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: (أَنَا فَاعِلٌ) - يَعْنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ قَالَ: (اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصراط) قلت: فإن لم ألقك عند الصِّرَاطِ؟ قَالَ: (فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ) قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ؟ قَالَ: (فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحوض فإني لا أخطيء هذه الثلاث المواطن) . رواه الترمذي (1) .
ب-الأقوال في الموزون:
1-
أنه الأعمال نفسها، هي التي توزن فتجسم أفعال العباد وتوضع في الميزان. ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
ويدل على هذا حديث أبي هريرة فِي الصَّحِيحِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله العظيم) .
وفيه عن النواس بن سمعان قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى بالقرآن
(1) صحيح. صحيح سنن الترمذي 1981، وانظر تخريج المشكاة 5595 وهذا الحديث فيه إيذان بأن الميزان بعد الصراط، ويدل على أن الحوض بعد الصراط واستشكل بما ثبت أن جماعة يدفعون = =عن الحوض بعد أن يكادوا يردون ويذهب بهم إلى النار، ووجه الإشكال أن الذي يمر على الصراط إلى أن يصل إلى الحوض يكون قد نجا من النار، فكيف يرد إليها؟ وأجاب ابن حجر رحمه الله بأن يمكن أن يحمل على أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون النار فيدفعون إلى النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط. انظر تحفة الأحوذي ج7 ص120، 121 ونقل في بلوغ الأماني عن ابن كثير في النهاية:(والمقصود أن ظاهر هذا الحديث يقتضي أن الحوض بعد الصراط وكذلك الميزان، وهذا لا أعلم به قائلاً اللهم إلا أن يكون المراد بهذا الحوض حوضاً آخر يكون بعد الجواز على الصراط كما جاء في بعض الأحاديث ويكون ذلك حوضاً ثابتاً لا يذاد عنه أحد..) بلوغ الأماني ج24 ص132.
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تقدمه سورة البقرة وآل عمران..) الحديث. قال التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أَنَّهُ يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يَدُلُّ عَلَى مَا فَسَّرُوا إِذْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَأَهْلِهِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا)(1) فَفِي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل. أ. هـ. ولا مانع من كون الآتي الْعَمَلَ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، فَأَمَّا إِنَّ الْآتِيَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ نَفْسُهُ فَحَاشَا وَكَلَّا وَمَعَاذَ اللَّهِ، لِأَنَّ كَلَامَهُ تَعَالَى صِفَتُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَالَّذِي يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ هُوَ فعل العبد وعمله.
2-
أَنَّ صَحَائِفَ الْأَعْمَالِ هِيَ الَّتِي تُوزَنُ.
وَيَدُلُّ على ذلك ما رواه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا، أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ قَالَ: لَا يارب. قَالَ: أَفَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ؟ قَالَ: فَبُهِتَ الرجل، فيقول: لا يارب. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً وَاحِدَةً لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَيُخْرِجُ لَهُ بِطَاقَةً فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فيقول: أحضروه. فيقول: يارب مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ. فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ. قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ. قَالَ: فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وثقلت البطاقة. قال: وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٍ (2) .
(1) انظر الحديث بهذا الفظ عند الترمذي رحمه الله. صحيح سنن الترمذي، حديث 2312.
(2)
صحيح. صحيح الجامع الصغير 1772، الصحيحة 135، تخريج المشكاة 5559.
3-
أن الموزون هو العامل نفسه:
ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه صَعِدَ شَجَرَةً يَجْتَنِي الكَبَاث (1)، فَجَعَلَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ هُمَا فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ)(2) .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عند الله جناح بعوضة (3)، وقال اقرءوا:{فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً} (4) .
وَالَّذِي اسْتُظْهِرَ مِنَ النُّصُوصِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ الْعَامِلَ وَعَمَلَهُ وَصَحِيفَةَ عَمَلِهِ، كُلُّ ذَلِكَ يُوزَنُ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِي بَيَانِ الْقُرْآنِ قَدْ وَرَدَتْ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا، ويدل على ذلك مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي قِصَّةِ صَاحِبِ الْبِطَاقَةِ بِلَفْظِ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (تُوضَعُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ، وَيُوضَعُ مَا أُحْصِيَ عَلَيْهِ فَيُمَايِلُ بِهِ الْمِيزَانُ، قَالَ: فَيُبْعَثُ به النَّارِ. قَالَ: فَإِذَا أَدْبَرَ إِذَا صَائِحٌ مِنْ
(1) النضيج من ثمر الأراك. (النهاية) .
(2)
قال في بلوغ الأماني (أورده الهيثمي وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة. أ. هـ. وقال الحافظ في الإصابة: أخرجه أحمد بسند حسن) بلوغ الأماني ج22 ص212. (وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح، حديث 920، مكتب) .
(3)
ويظهر من هذا ومما قاله صلى الله عليه وسلم في ابن مسعود في الحديث السابق وما سيأتي في اللفظ الآخر لحديث البطاقة إن شاء الله تعالى أن العامل يوضع في كفة الحسنات والله أعلم.
(4)
الكهف: 105.