الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوم، وأنهم كلّما امتد الزمن بهم كلما ازدادوا عتوّا وكفرا.. ومن كان هذا شأنه فإنه لا يرجى له صلاح ولن تكون منه إلى الله رجعة.
وفى قوله تعالى: «لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ» تيئيس لهم من التوبة التي إن أعلنوها بألسنتهم فى حال ماء أنكروها بقلوبهم، وشهد على إنكارهم سوء أعمالهم..
وفى قوله تعالى: «لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ» وجه آخر، هو أنهم- والله أعلم- قد لبسوا من الكفر غير ما يلبسه الكافرون.. إذا كانوا على الإيمان، فجعلوه، وارتدوا الكفر الذي لن يزايلهم أبدا، فإذا تاب تائبهم.. وهو على تلك الحال- فلن تقبل توبته، بمعنى أنه لن تمضى له هذه التوبة إلى آخر عمره، بل إنه راجع لا محالة إلى ما كان عليه من الكفر الغليظ الذي تلبّس به..
وبهذا تكون توبته تلك كلا توبة.. فقوله تعالى: «لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ» أي لن تقبل قبولا مثمرا، ينتهى بصاحبه إلى الهدى والإيمان.. إذ كانت التوبة غير خالصة لله وللحق! وقوله تعالى:«وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ» الإشارة هنا إلى هؤلاء القوم الذين كفروا بعد إيمانهم، ثم ازدادوا كفرا، ثم لم يكن الله ليقبل توبتهم..
«وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ» أي الذين استغرقهم الضلال، واشتمل عليهم..
فلا مخرج لهم منه إلى هدى.
آية: (91)[سورة آل عمران (3) : آية 91]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (91)
التفسير: هذا الحكم وإن كان عاما يلحق الكافرين الذين ماتوا وهم على كفرهم، إلا أنّه يتجه اتجاها مباشرا إلى اليهود، الذين أبعدهم الرحمن من رحمته، وتركهم مع كفرهم وضلالهم، وأغلق فى وجههم باب التوبة والقبول، وذلك لأنهم كفروا بعد إيمان، وضلّوا بعد علم، ثم اجترءوا على الله، فحرّفوا كلماته، وبدّلوا آياته..
وإنهم وقد أيأسهم الله من الرجوع إليه، سيمضون على ما هم فيه من كفر، وسيموتون كافرين..
ومن كان على تلك الصفة، فالويل له من عذاب يوم عظيم! وفى قوله تعالى:«فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً» أمور منها:
أولا: أن المال الذي هو دين اليهود، والذي من أجله استرخصوا الدّين، واستخفوا بآيات الله، ليحتفظوا بمراكزهم الاجتماعية فى مجتمعهم الفاسد- هذا المال الذي هم تاركوه وراءهم لن يدفع عنهم شيئا من العذاب الذي ينتظرهم فى الآخرة..
ثانيا: التعبير بالذهب عن المال، سواء كان ذهبا أو فضة، أو ضياعا أو دورا وقصورا ودوابّ- لأن الذهب هو المقياس الذي تعرف به قيمة كل مال، وهو الذي به ينال كل مال مطلب.
ثالثا: فى قوله تعالى: «أَحَدِهِمْ» ما يشعر بالاستخفاف بهذا المال، وبقلّة جدواه فى هذا الموقف، وأنه لو كان لأحدهم ملء الأرض ذهبا ما نفعه! فكيف وهو لا يملك من هذا المال ما يملأ حفرته من الذهب؟ فإن بلغ فى الغنى أقصى مدى فلن يملك مصرا من الأمصار! وأين هذا الذهب الذي يملأ هذا المصر الذي ملكه؟