الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غياب أمرها عنه، لأنه- أولا- لم يكن من أهل الكتاب، ولا من القارئين الدارسين لما فى أيدى أهل الكتاب من علم، ولأنه- ثانيا- لم يكن معاصرا لهذه الأحداث، ومشاهدا لها..
ومن جهة أخرى، فإن من هذه الأنباء ما لم يكن عند أهل الكتاب- وخاصة معاصرى النبوة- شىء منها، مثل ما أخبر به القرآن من اختصام المختصمين فى كفالة مريم، وأيّهم أحق بها، ثم التجاؤهم فى هذا الخلاف إلى أن يقترعوا عليها، وذلك بإلقاء أقلامهم فى الماء، فأيهم ثبت قلمه كفلها، وقد أصابت القرعة زكريا، فكفلها زكريا، كما أخبر القران الكريم بهذا.. فهذا كلّه لم يكن عند أهل الكتاب المعاصرين للنبيّ شىء منه، ولم يكن فيما بين أيديهم من كتب الله حديث عنه.
وفى هذه الأخبار التي يتلقاها محمد من السماء، على غير سابق علم بها، وفى مجيئها على تمامها وصحتها، غير محرفة، ولا مبتورة، كما هو الحال فيما بقي بين أيدى أهل الكتاب منها- فى هذه الأخبار دلالة قاطعة على أن ما يتلقاه محمد من أخبار، هو من مصدر عال، لا يرجع فيه إلى بشر، ولا يستند فيه إلى علم بشر، وإلا كان لزاما عليه ألا يخرج عن محتوى ما يرد إليه من علم العالمين!
الآيتان: (45، 46)[سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 46]
إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)
التفسير: متعلق الظرف «إذ» هو قوله تعالى: «وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ
إِذْ يَخْتَصِمُونَ»
أي لم تكن يا محمد شاهدا لأمر مريم، وما وقع فيه من خصام فى الولد الذي جاءت به من غير أب، إذ جاء هذا الولد بنفخة من روح الله، وبكلمة منه.
وقوله تعالى: «اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» هو الاسم الذي اختاره الله لهذا المولود «الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» ! فالمسيح صفة هذا المولود، وقد ورد كلمة مسيح فى كثير من المواضع فى التوراة، وترجمها اليهود الذين كتبوا الترجمة اليونانية السبعينية للتوراة (حوالى (38 ق. م) باللفظ اليوناني الذي معناه الشخص الذي مسح بالزيت المقدس، وهو زيت الزيتون.. وكلمة مسيح فى العبرية تنطق هكذا:(مسيح) .
و «عيسى» هو اسمه.
و «ابن مريم» هو صفة تكشف عن نسبه إلى من ولده، وهى أمّه، على حين ينسب الأبناء إلى آبائهم، وإذا كان ولا أب له، فإن نسبته إلى أمّه أمر لازم، لا بد منه.
وقوله تعالى: «وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ» الوجاهة هنا الرفعة وعلوّ الشأن.. أما فى الدنيا، فيكاد المسيح- عليه السلام يكون واحدا من أفراد يعدّون على أصابع اليد، ملأ الدنيا ذكرهم، وعمرت قلوب الناس بحبّهم والولاء لهم..
وأما الآخرة فعند الله وفاء هذا الوعد الكريم الذي وعده به. «وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ» .
قوله تعالى: «وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا»