الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقترح الذي اقترحوه على النبىّ، وتحدّوه به.. جاءهم من كان يقدّم لله قربانا فتأكله النار.. فهل آمنوا به وصدّقوه؟
وكلّا، فإنه لم يكن منهم إيمان وتصديق.. بل كان التكذيب والكفران، بل والعدوان. فقتلوا من أنبياء الله من جاءوهم بالآيات التي اقترحوها على النبىّ، وبأكثر منها قوة ووضوحا فى مجابهة الحسّ.
ولو جاءهم النبىّ بهذا الذي طلبوه.. فهل يصدقونه ويؤمنون به؟؟
ذلك ما لا يكون. فقد كذّبوا رسل الله، وقد جاءوهم بهذه الآيات التي كانت مما اقترحوه على الرسل، وتحدّوهم به.. ولكنه التعلل، والتهرب من مواجهة الحق، بهذا المراء الطفولىّ.. والله سبحانه وتعالى يقول فيهم:
«إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ» (96- 97: يونس) ويقول سبحانه: «وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ» (146: الأعراف)
الآية: (184)[سورة آل عمران (3) : آية 184]
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (184)
التفسير: فى هذه الآية الكريمة عزاء كريم من ربّ كريم، لنبىّ كريم..
فهذا شأن أصحاب الرسالات وحملة الهدى. مع السفهاء، أصحاب الطبائع النكدة، والضمائر الفاسدة.. لا يلقون منهم إلا التطاول الأحمق، والسّفه اللئيم..
وخاصة هذا الصنف من الناس (اليهود) الذين انتظم تاريخهم الأسود، سلسلة مترابطة الحلقات من مواقف الفساد والشر، فى مواجهة كل خير! فإنه ليست أمة من الأمم بعث الله إليها مثل ما بعث فى نبى إسرائيل، من أنبياء ومرسلين، وليس رسول من الرسل حمل إلى قومه ما حمل رسل بنى إسرائيل إليهم من آيات تنطق البكم، وتسمع الصمّ.. فلم ينتفعوا بتلك الآيات، ولم يجدوا فيها شفاء لدائهم الخبيث.
وليست كثرة هذه الرسل، ولا توارد هؤلاء الأنبياء، ولا إشراق هذه الآيات التي يحملونها بين أيديهم، إلى هؤلاء القوم- ليست هذه كلها إلّا لأن الداء الذي يكمن فيهم، والمرض المتمكن من عقولهم وقلوبهم، قد استشرى حتى أصبح وباء، فكانت نجدة السماء لهم بهؤلاء الأطباء الأساة، يطلعون عليهم من كل أفق، ويغادونهم ويراوحونهم فى كل وقت.. ولكن الداء لا يزداد على الزمن إلا استيلاء عليهم، وفتكا بهم.. «فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ» (10: البقرة) .
«والبيّنات» هى الآيات التي جاءهم بها عيسى عليه السلام، والتي يشير إليها الله سبحانه وتعالى بقوله:«وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ» (77: البقرة)«والزّبر» جمع زبور، وهو القطعة من الشيء.. و «الزّبور» هنا ما أعطى داود عليه السلام من كلمات الله، التي هى بعض من كتاب الله، الذي نزل على الرّسل، كلّ حسب حظه منه، ثم جاء القرآن الكريم، جامعا للكتاب كلّه، وفى هذا يقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين فى مواجهة الذين كفروا من أهل الكتاب:«ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ» (119: آل عمران) وهو القرآن وما سبقه من كتب.
والكتاب المنير هنا. هو القرآن الكريم.. وفيه إشارة إلى موقف