الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي أن الله سبحانه، قد فرض على الناس أن يحجوا إلى هذا البيت، وأن يذكروا الله فيه، لينالوا حظهم المقسوم لهم من نفحاته، وبركاته.
وكلمة «الناس» هنا تعنى النّاس جميعا، لا تخصّ أمة من الأمم، ولا تنحصر فى شعب من الشعوب، إنها دعوة الله إلى كل النّاس، أسودهم وأحمرهم، وأبيضهم، على السواء.. إنهم عباد الله، والبيت بيت الله.
وفى قوله تعالى: «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قيد وارد على الأمر العام المطلق بالحج، فلا بد لنفاذ هذا الأمر، من الاستطاعة، فإذا فقد الإنسان الاستطاعة فلا حجّ عليه! والاستطاعة هنا استطاعة عامة، تشمل القدرة المالية، والقدرة الجسدية، كما تشمل أمن الطريق، وكما تشمل قبل ذلك كلّه، الإيمان بالله.. فغير المؤمن بالله، لا يتجه إلى بيته، ولا يسعى إليه.. فهو فى حكم غير المستطيع، إذ قام الكفر حجازا بينه وبين هذا البيت.
وفى قوله تعالى: «وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ» إشارة إلى أن الكافر صادّ عن بيت الله، لا يستجيب لهذا الأمر الذي دعا الله فيه الناس جميعا، أن يحجوا إلى بيته.. فكأنه جنس آخر غير جنس الناس المدعوين إلى بيت الله!
الآيتان: (98- 99)[سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)
التفسير: دعا الله النّاس إلى أن يحجّوا إلى بيته، ولكن الذين كفروا بالله محجوزون بكفرهم عن إجابة هذا النداء.. فالله غنىّ عن العالمين! وأهل الكتاب- وخاصة اليهود- من الذين كفروا بآيات الله، فلم يدخلوا فى هذه الدعوة، ولم يستجيبوا لها، وقد أمر الله النبىّ الكريم أن يلقاهم بهذا السؤال الذي ينكر عليهم هذا الموقف الذي وقفوه من الدعوة الإسلامية وآياتها البينات، خاصة وأنهم أهل الكتاب، تلتقى دعوته مع دعوة الإسلام، لو أنهم آمنوا بما فى كتابهم، ولم يحرّفوا الكلم عن مواضعه..
«يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ؟» .
وفى قوله تعالى: «وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ» تهديد لهم، ووعيد بسوء المصير، جزاء أعمالهم المنكرة، وكفرهم العنادىّ.. وذلك كلّه واقع فى علم الله، الذي لا تخفى عليه خافية..
ولو وقف أهل الكتاب بكفرهم عند حدّ، وقصّروا هذا الكفر على ذات أنفسهم، لكانت مصيبتهم مصيبة، ولكنهم تجاوزوا هذا الموقف القاتل، إلى إضلال غيرهم، وإلى التشويش على المؤمنين، وإفساد دينهم عليهم، إذ يصدّون المؤمنين عن سبيل الله، بما يلقون إليهم من أباطيل، وما يسوقون إليهم من فتن.. إنهم لا يريدون لأحد أن يستقيم على سبيل الله، لأنهم يعلمون أنهم على طريق الضلال، وأنهم هالكون، وإنه لعزيز عليهم أن يسلم الناس.. وإذن فليضلّ الناس كما ضلوا، وليهلك الناس كما هلكوا.. وذلك شأن المفسدين، إخوان الشياطين، يغوون الناس، ويزينون لهم سبل الفساد، ليكون معهم من يصاب بما أصيبوا به، وفى ذلك عزاء لهم، وإنه لبلاء إلى بلاء! .. وفى هذا يقول الله تعالى:«وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ» (69: آل عمران)