المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآية: (275) [سورة البقرة (2) : آية 275] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ٢

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌الآية: (253) [سورة البقرة (2) : آية 253]

- ‌الآية: (254) [سورة البقرة (2) : آية 254]

- ‌الآية: (255) [سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌الآية: (256) [سورة البقرة (2) : آية 256]

- ‌الآية: (257) [سورة البقرة (2) : آية 257]

- ‌الآية: (258) [سورة البقرة (2) : آية 258]

- ‌الآية: (259) [سورة البقرة (2) : آية 259]

- ‌الآية: (260) [سورة البقرة (2) : آية 260]

- ‌آية: (261) [سورة البقرة (2) : آية 261]

- ‌الآية: (262) [سورة البقرة (2) : آية 262]

- ‌الآية: (263) [سورة البقرة (2) : آية 263]

- ‌الآية: (264) [سورة البقرة (2) : آية 264]

- ‌الآية: (265) [سورة البقرة (2) : آية 265]

- ‌الآية: (266) [سورة البقرة (2) : آية 266]

- ‌الآية: (267) [سورة البقرة (2) : آية 267]

- ‌الآية (268) [سورة البقرة (2) : آية 268]

- ‌الآية: (269) [سورة البقرة (2) : آية 269]

- ‌الآية: (270) [سورة البقرة (2) : آية 270]

- ‌الآية: (271) [سورة البقرة (2) : آية 271]

- ‌الآية: (272) [سورة البقرة (2) : آية 272]

- ‌الآية: (273) [سورة البقرة (2) : آية 273]

- ‌الآية: (274) [سورة البقرة (2) : آية 274]

- ‌الآية: (275) [سورة البقرة (2) : آية 275]

- ‌الآية: (276) [سورة البقرة (2) : آية 276]

- ‌الآية: (277) [سورة البقرة (2) : آية 277]

- ‌الآية: (278) [سورة البقرة (2) : آية 278]

- ‌الآية: (279) [سورة البقرة (2) : آية 279]

- ‌الآية: (280) [سورة البقرة (2) : آية 280]

- ‌الآية: (281) [سورة البقرة (2) : آية 281]

- ‌مبحث فى الربا

- ‌أنواعه وأحكامه

- ‌الإسلام والربا

- ‌مداخل إلى الربا

- ‌1- ربا الفضل

- ‌2- بيوع الغرر

- ‌حكم الربا

- ‌مبحث فى الدّين توثيقه والإشهاد عليه

- ‌الآية: (282) [سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌الآية: (283) [سورة البقرة (2) : آية 283]

- ‌الآية: (284) [سورة البقرة (2) : آية 284]

- ‌الآية: (285) [سورة البقرة (2) : آية 285]

- ‌الآية: (286) [سورة البقرة (2) : آية 286]

- ‌3- سورة آل عمران

- ‌الآية: (1) [سورة آل عمران (3) : آية 1]

- ‌الآيات: (2- 4) [سورة آل عمران (3) : الآيات 2 الى 4]

- ‌الآيتان: (5، 6) [سورة آل عمران (3) : الآيات 5 الى 6]

- ‌الآية: (7) [سورة آل عمران (3) : آية 7]

- ‌الآية: (8) [سورة آل عمران (3) : آية 8]

- ‌الآية: (9) [سورة آل عمران (3) : آية 9]

- ‌الآية: (10) [سورة آل عمران (3) : آية 10]

- ‌الآية: (11) [سورة آل عمران (3) : آية 11]

- ‌الآية: (12) [سورة آل عمران (3) : آية 12]

- ‌الآية: (13) [سورة آل عمران (3) : آية 13]

- ‌الآية: (14) [سورة آل عمران (3) : آية 14]

- ‌الآية: (15) [سورة آل عمران (3) : آية 15]

- ‌الآيتان: (16، 17) [سورة آل عمران (3) : الآيات 16 الى 17]

- ‌الآية: (18) [سورة آل عمران (3) : آية 18]

- ‌الآية: (19) [سورة آل عمران (3) : آية 19]

- ‌الآية: (20) [سورة آل عمران (3) : آية 20]

- ‌الآيتان: (21، 22) [سورة آل عمران (3) : الآيات 21 الى 22]

- ‌الآية: (23) [سورة آل عمران (3) : آية 23]

- ‌الآية: (24) [سورة آل عمران (3) : آية 24]

- ‌الآية: (25) [سورة آل عمران (3) : آية 25]

- ‌الآيتان: (26- 27) [سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الآية: (28) [سورة آل عمران (3) : آية 28]

- ‌الآيتان: (29- 30) [سورة آل عمران (3) : الآيات 29 الى 30]

- ‌الآيتان: (31- 32) [سورة آل عمران (3) : الآيات 31 الى 32]

- ‌الآيتان: (33، 34) [سورة آل عمران (3) : الآيات 33 الى 34]

- ‌الآيتان: (35، 36) [سورة آل عمران (3) : الآيات 35 الى 36]

- ‌الآية: (37) [سورة آل عمران (3) : آية 37]

- ‌الآيتان: (38، 39) [سورة آل عمران (3) : الآيات 38 الى 39]

- ‌الآيتان: (40، 41) [سورة آل عمران (3) : الآيات 40 الى 41]

- ‌الآيتان: (42، 43) [سورة آل عمران (3) : الآيات 42 الى 43]

- ‌الآية: (44) [سورة آل عمران (3) : آية 44]

- ‌الآيتان: (45، 46) [سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 46]

- ‌كلام المسيح فى المهد

- ‌الآيات: (47- 51) [سورة آل عمران (3) : الآيات 47 الى 51]

- ‌الآيتان: (52- 53) [سورة آل عمران (3) : الآيات 52 الى 53]

- ‌الآيتان: (54- 55) [سورة آل عمران (3) : الآيات 54 الى 55]

- ‌الآيتان: (56- 57) [سورة آل عمران (3) : الآيات 56 الى 57]

- ‌آية: (58) [سورة آل عمران (3) : آية 58]

- ‌آية: (59) [سورة آل عمران (3) : آية 59]

- ‌الآية: (60) [سورة آل عمران (3) : آية 60]

- ‌الآية: (61) [سورة آل عمران (3) : آية 61]

- ‌الآيتان: (62، 63) [سورة آل عمران (3) : الآيات 62 الى 63]

- ‌الآية: (64) [سورة آل عمران (3) : آية 64]

- ‌الآيتان: (65، 66) [سورة آل عمران (3) : الآيات 65 الى 66]

- ‌الآية: (67) [سورة آل عمران (3) : آية 67]

- ‌الآية: (68) [سورة آل عمران (3) : آية 68]

- ‌الآية: (69) [سورة آل عمران (3) : آية 69]

- ‌الآيتان: (70- 71) [سورة آل عمران (3) : الآيات 70 الى 71]

- ‌الآية: (72) [سورة آل عمران (3) : آية 72]

- ‌الآيتان: (73- 74) [سورة آل عمران (3) : الآيات 73 الى 74]

- ‌الآية: (75) [سورة آل عمران (3) : آية 75]

- ‌الآية: (76) [سورة آل عمران (3) : آية 76]

- ‌الآية: (77) [سورة آل عمران (3) : آية 77]

- ‌الآية: (78) [سورة آل عمران (3) : آية 78]

- ‌الآيتان: (79، 80) [سورة آل عمران (3) : الآيات 79 الى 80]

- ‌الآيتان: (81- 82) [سورة آل عمران (3) : الآيات 81 الى 82]

- ‌الآية: (83) [سورة آل عمران (3) : آية 83]

- ‌(الآيتان: 84- 85) [سورة آل عمران (3) : الآيات 84 الى 85]

- ‌الآيات: (86- 89) [سورة آل عمران (3) : الآيات 86 الى 89]

- ‌الآية: (90) [سورة آل عمران (3) : آية 90]

- ‌آية: (91) [سورة آل عمران (3) : آية 91]

- ‌الآية: (92) [سورة آل عمران (3) : آية 92]

- ‌الآيتان: (93- 95) [سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 95]

- ‌الآيتان: (96، 97) [سورة آل عمران (3) : الآيات 96 الى 97]

- ‌الآيتان: (98- 99) [سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]

- ‌الآيتان: (100- 101) [سورة آل عمران (3) : الآيات 100 الى 101]

- ‌الآيتان: (102- 103) [سورة آل عمران (3) : الآيات 102 الى 103]

- ‌الآيات: (104- 107) [سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 107]

- ‌الآيتان: (108، 109) [سورة آل عمران (3) : الآيات 108 الى 109]

- ‌[مبحث: الخير.. فى خير أمة أخرجت للناس]

- ‌الآية: (110) [سورة آل عمران (3) : آية 110]

- ‌الآيتان: (111- 112) [سورة آل عمران (3) : الآيات 111 الى 112]

- ‌الآيات: (113- 115) [سورة آل عمران (3) : الآيات 113 الى 115]

- ‌الآيتان: (116- 117) [سورة آل عمران (3) : الآيات 116 الى 117]

- ‌الآيات: (118- 120) [سورة آل عمران (3) : الآيات 118 الى 120]

- ‌الآيتان: (121، 122) [سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 122]

- ‌الآيات: (123- 126) [سورة آل عمران (3) : الآيات 123 الى 126]

- ‌الآيات: (127- 129) [سورة آل عمران (3) : الآيات 127 الى 129]

- ‌الآيات: (130- 136) [سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]

- ‌الآيات: (137- 138) [سورة آل عمران (3) : الآيات 137 الى 138]

- ‌الآيات: (139- 143) [سورة آل عمران (3) : الآيات 139 الى 143]

- ‌الآيتان: (144- 145) [سورة آل عمران (3) : الآيات 144 الى 145]

- ‌الآيات: (146- 148) [سورة آل عمران (3) : الآيات 146 الى 148]

- ‌الآيات: (149- 150- 151) [سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 151]

- ‌الآية: (152) [سورة آل عمران (3) : آية 152]

- ‌الآيتان: (153- 154) [سورة آل عمران (3) : الآيات 153 الى 154]

- ‌الآيات: (155- 158) [سورة آل عمران (3) : الآيات 155 الى 158]

- ‌الآية: (159) [سورة آل عمران (3) : آية 159]

- ‌الآية: (160) [سورة آل عمران (3) : آية 160]

- ‌الآية: (161) [سورة آل عمران (3) : آية 161]

- ‌الآية: (162) [سورة آل عمران (3) : آية 162]

- ‌الآية: (163) [سورة آل عمران (3) : آية 163]

- ‌الآية: (164) [سورة آل عمران (3) : آية 164]

- ‌الآيات: (165- 168) [سورة آل عمران (3) : الآيات 165 الى 168]

- ‌الآيات: (169- 170- 171- 172) [سورة آل عمران (3) : الآيات 169 الى 175]

- ‌الآيات: (176، 178) [سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 178]

- ‌الآية: (179) [سورة آل عمران (3) : آية 179]

- ‌الآية: (180) [سورة آل عمران (3) : آية 180]

- ‌الآيتان: (181- 182) [سورة آل عمران (3) : الآيات 181 الى 182]

- ‌الآية: (183) [سورة آل عمران (3) : آية 183]

- ‌الآية: (184) [سورة آل عمران (3) : آية 184]

- ‌الآية: (185) [سورة آل عمران (3) : آية 185]

- ‌الآية: (186) [سورة آل عمران (3) : آية 186]

- ‌الآية: (187) [سورة آل عمران (3) : آية 187]

- ‌الآية: (188) [سورة آل عمران (3) : آية 188]

- ‌الآيات: (189- 195) [سورة آل عمران (3) : الآيات 189 الى 195]

- ‌الآيتان: (196- 197) [سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 197]

- ‌الآية: (198) [سورة آل عمران (3) : آية 198]

- ‌الآية: (199) [سورة آل عمران (3) : آية 199]

- ‌الآية: (200) [سورة آل عمران (3) : آية 200]

- ‌4- سورة النساء

- ‌الآية الأولى [سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌الآية: (2) [سورة النساء (4) : آية 2]

- ‌الآية: (3) [سورة النساء (4) : آية 3]

- ‌تعدد الزوجات: ضوابطه، وحكمته

- ‌الآية: (4) [سورة النساء (4) : آية 4]

- ‌الآية: (5) [سورة النساء (4) : آية 5]

- ‌الآية: (6) [سورة النساء (4) : آية 6]

- ‌الآيتان: (7- 8) [سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 8]

- ‌الآيتان: (9- 10) [سورة النساء (4) : الآيات 9 الى 10]

- ‌الآية: (11) [سورة النساء (4) : آية 11]

- ‌الآية: (12) [سورة النساء (4) : آية 12]

- ‌الآيتان: (13- 14) [سورة النساء (4) : الآيات 13 الى 14]

- ‌الآيتان: (15- 16) [سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌الآيتان: (17- 18) [سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌الآيات: (19- 21) [سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]

- ‌الآية: (22) [سورة النساء (4) : آية 22]

- ‌الآية: (23) [سورة النساء (4) : آية 23]

الفصل: ‌الآية: (275) [سورة البقرة (2) : آية 275]

أنهم لم يعتادوا السؤال، ولم يقفوا هذا الموقف من قبل، وإلا لذهب حياؤهم، وانحلّت عقدة ألسنتهم، وأصبح السؤال عادة عندهم.. ومثل هؤلاء لا يكونون على سبيل الله، ولا فى سبيله!

‌الآية: (274)[سورة البقرة (2) : آية 274]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)

التفسير: الإنفاق فى سبيل الله وابتغاء مرضاته، مقبول فى كل وقت، بالليل والنهار، وعلى أي أسلوب.. سرّا وعلانية، والمنفقون على هذا الوجه مقبولون عند الله، مكفول لهم أجرهم، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يوم يخاف الناس، ويحزن الناس!

‌الآية: (275)[سورة البقرة (2) : آية 275]

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَاّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275)

التفسير: لم تعطف هذه الآية على ما قبلها، وإن كان سياق النظم يقضى بهذا، على نحو ما تجرى عليه فى أسلوبنا، بل وعلى ما جرى عليه نظم القرآن فى كثير من المواقف المشابهة لهذا، حيث يعطف الليل على النهار، والمحسن على المسيء والمؤمن على الكافر، وهكذا.

ص: 349

لم يقع العطف هنا بين الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية، والذين يأكلون الربا- على غير المألوف- وذلك للبعد البعيد الذي بين هؤلاء وأولئك، حيث لا يمكن أن يلتقيا على أي وجه من الوجوه.. فهما أكثر من متناقضين. وأبعد من متضادّين، وفى هذا تشنيع على الرّبا وآكليه، وعلى عزلهم عن المجتمع الإنسانى كلّه، حتى مجتمع الكافرين والمنافقين، لأن كلا من المنافق والكافر يأكل نفسه على حين أن آكل الربا يأكل نفسه ويأكل ضحاياه المتعاملين معه! وقوله تعالى:«الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا» الرّبا فى الأصل الزيادة والنماء، وفى عملية الرّبا زيادة فى مال المرابى ونماء له، ثم أطلق على عملية الرّبا المعروفة، شاملا جميع أطرافها المال المتعامل به، وصاحب المال، وآخذه.

فالذين يأكلون الربا هما الطرفان المتعاملان به.. المقرض، والمقترض، حيث لا تتم العملية إلا بهما معا.. والأظهر هنا أن المراد بهم، هم المقترضون حيث يأخذون المال «الربا» ويأكلونه، أي يستهلكونه فيما اقترضوا.

وفى قوله تعالى: «لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» .

أكثر المفسّرون من التأويل والتخريج لهذا المقطع من الآية الكريمة، واستهلكوا كثيرا من الجهد فى البحث عن معنى التخبط، والشيطان، والمسّ، وفى الصورة المركبة من هذه الجزئيات، وكلهم ناظر إلى أن المراد بآكل الربا هو المقرض دون المقترض.

غير أن جميع هذه الآراء، وتلك التخريجات لم نجد منها ما نطمئن إليه، ونقنع به.

وقد أوردنا النظر إلى الآية الكريمة على وجه غير الوجه الذي التفتوا إليه، ووقفوا عنده، فظهر لنا منها ما وجدنا له مفهوما، وفيه مقنعا!

ص: 350

فنقول- والله أعلم- إن الضمير فى قوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» يراد به المقترضون بالربا، وهم- كما قلنا- الذين يأكلون هذا المال المقترض، ويستهلكونه فى الأمر أو الأمور التي اقترضوا من أجلها.

ويسند هذا الرأى أن المقرض- وهو المرابى- لا يأكل المال الذي أقرضه بالرّبا، ولا يستهلكه، وهذا ما ينطق به ظاهر اللفظ «يأكلون» والحمل على الظاهر أولى، ولا يصار إلى غيره إلا عند ما يكون للظاهر وجه مقبول! هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإننا لو نظرنا فى الصورة كلها على هذا الوجه، لبدا لنا أن آكلي الرّبا، وهم المقرضون- على ما ذهبنا إليه- قد رهقهم الدّين، وأثقلهم حمله، وأنهم أصبحوا فى يد المرابى كالسمكة فى شبكة الصياد، كلّما ضربت برأسها وذنبها فى الشبكة لتجد طريقا إلى الخلاص كلما اشتد ضغط الشبكة عليها وإمساكها بها.. فالمقترض بالربا قد علقت به حبائل المرابى، وكلما أراد أن يفلت من يده، ويتخفف من الدين الذي أثقله به كلما ازداد إحكام يده عليه، وتضاعف الدين الذي كان ينوء به! والصورة التي رسمها القرآن الكريم لآكلى الربا من المقترضين أحكم إحكاما، وأردع روعة من كل صورة تكشف عن حال هؤلاء المقترضين وسوء المصبر الذي يتخبطون فيه! «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» .

إنهم كلما أرادوا أن يقوموا من هذا الهمّ الثقيل الذي أقعدهم وأعجزهم عن السير فى ركب الحياة مع الناس، تخبطوا واضطربوا، فقاموا ثم قعدوا،

ص: 351

وقاموا ثم قعدوا.. ثم لا يكاد أحدهم بهم بالقيام حتى يسقط، ثم يهم ويسقط، ثم يختلج جسده كلّه، ويضطرب كيانه كله، فيخر صريعا، ويضطرب على الأرض اضطراب الجمل المذبوح! والممسوس الذي أصابه الصّرع هو الذي يمثل تلك الحال أدق تمثيل..

فى اضطرابه وتخبطه، وقيامه، وسقوطه، ثم ارتماؤه أخيرا على الأرض يرتعش رعشة المحموم، ويضطرب اضطراب الحيوان الذبيح! وسواء أكان للشيطان مسّ أم لم يكن، فإن النّاس يشهدون المصروعين، ويرون النوبات التي ينتابهم فيها الصرع، على هذا النحو الذي ذكرناه.

على أنه ليس بالمستبعد أن يتسلط الشيطان على بعض الأجساد، فيصيبها بهذا الداء.. وقد ورد فى الإنجيل أن المسيح عليه السلام كان يشفى الممسوسين والمصروعين- وأنه كان يخرج الشياطين الحالة بأجسادهم فيبرءون.

ففى إنجيل متى: «ولما جاءوا إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثيا له، وقائلا:

يا سيد ارحم ابني، فإنه يصرع ويتألم شديدا، ويقع كثيرا فى النار، وكثيرا فى الماء.. فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان، فشفى الغلام من تلك الساعة» (الإصحاح 17) وإذا فهمنا الآية على هذا الوجه بدا لنا أنها؟؟؟ تتجه إلى المقترضين بالرّبا والمقترضين، وأنها تمثل لهم المصير الذي سيصيرون إليه إذا هم تعاملوا بالربا، ووقعوا فى شباك المرابين.. وبهذا يظهر حرص الإسلام على حماية هؤلاء المقترضين، وهم من ذوى الحاجات وتحذيرهم من أن يغريهم المطعم فى هذا الفخ المنصوب لهم.

إن المقترض بالربا لا يكون غالبا إلا من ذوى الحاجة والمعسرة، وأن يده

ص: 352

أعجز من أن تسعفه بحاجاته التي تمسك عليه حياته.. فهو يلجأ إلى المقرضين بالرّبا، تحت هذا الظرف القاسي، فيقدم على القرض بالرّبا مضطرا، ويحمل هذا العبء الثقيل مكرها، ليدفع بذلك خطرا داهما، بتهدده ويتهدد أهله بالموت جوعا..

ثم إذا جاء الوقت المعلوم لأداء هذا الدّين وما زيد عليه من ربا، وجد نفسه عاجزا عن الوفاء بالأداء، فيضطر تحت الحاجة إلى المادّة فى الأجل، ومضاعفة الدين..

وهكذا تمضى الأيام، ويد المدين عاجزة عن الوفاء، والدين يتضاعف عاما بعد عام، حتى يبدو وكأنه جبل يجثم على صدر المدين، فلا يقدر على الحركة إلى أي اتجاه.

فهذه هى صورة المقترض بالرّبا، يمشى فى الناس وكأنه يحمل ثقلا من الأحجار ينوء به كاهله، وينحنى منه ظهره، ويضطرب معه خطوه.

وفى هذا ما فيه من تبعيض فى الرّبا، وتنفير من التعامل به.

والحق أنه لو امتنع المقترضون بالرّبا عن طرق أبواب المرابين لما وجد هؤلاء المرابون من يتعاملون معه، ولما تمت هذه الجريمة المنكرة! وفى قوله تعالى:«لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» تشبيه للمرابى بالشيطان، إذ كان مصدر شر يتهدد حياة من يتعامل معه، ويذهب بمقومات حياته، ويغتال ثمرة جهده.. وكما أن الشيطان يزيّن للإنسان الشرّ، ويغريه به، حتى ليسيل لعابه إلى تلك المنكرات التي يوسوس له بها، ويرفعها لعينيه فى صورة رائعة معجبة- كذلك يفعل المرابى، بما فى يديه من مال أعدّه للمراباة، ولوّح به لذوى الحاجات، فجاءوا إليه،

ص: 353

ووقعوا فى شباكه، كما يقع الفراش فى النار، وهو يرقص على ضوئها الذي خيل إليه أنه مطع فجر جديد.

فالمرابى شيطان يتسلط على المتعامل معه، فيصاب منه بالخبل والاضطراب، كما يصاب الممسوس من الشيطان بالتخالج والتخبط.

من هذا كله نرى أن ما ذهبنا إليه من أن «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا» هم الذين يقترضون بالرّبا من المرابين، وليسوا هم المرابين، كما ذهب إلى ذلك المفسرون.

وهذا المعنى الذي ذهبنا إليه يجعل الآية الكريمة غير منسوخة، كما يقول ذلك المفسرون بإجماع، وإنما هى لتقرير حكم خاص بطرف من أطراف العملية الربوية، وهو الطرف المقترض، لا المقرض.. أما المقرضون بالرّبا فسيجىء بعد ذلك الحكم الخاص بهم، فى قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» .

وأما تقديم المقترضين بالربا على المقرضين به فى مجال التشنيع على الرّبا، والتهديد للمتعاملين به، فذلك لأن المقترض- كما قلنا- هو الذي بيده مفتاح هذه العملية، وأنه هو الذي يطرق باب المرابى. وبتلك الطرقات يفتح الباب، وتتم الجريمة.. ولو أمسك المقترضون عن التعامل بالرّبا لما وجد المرابون سوقا رائجة يتعاملون معها. فكان تقديم الحديث إليهم فى هذا الموقف هو من مقتضيات الحكمة والبلاغة معا.

قوله تعالى: «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا» القول هو قول آكلى الرّبا، وهم المقترضون، والإشارة ب «ذلك» إشارة إلى تلك الحال التي لبست آكلى الرّبا، وما صار إليه أمرهم بعد أكله، حتى أصبحوا كمن يتخبطه الشيطان من المسّ.

ص: 354

والمعنى: أن هؤلاء الذين أكلوا الرّبا إنما صار حالهم إلى ما هو عليه من السوء والبلاء بسبب غفلتهم، وسوء تقديرهم، واغترارهم بظاهر الأمور، حتى حيّل إليهم أن التعامل بالرّبا لا يعدوا أن يكون من باب البيع، وأنه كما يشترى المشترى السلعة بالثمن الذي يتفق عليه بالتراضي مع البائع، كذلك يشترى المقترض بالرّبا المال الذي اقترضه بالثمن الذي يتفق عليه بالتراضي مع المقرض.!!

هكذا يركب الإنسان طرق الشرّ ويأكل ما يلقاء فيها من خبيث الطعام، وهو يحسبه الطيب الهنيء المريء، ثم لا يقف عند هذا، بل يتكلّف له المبرّرات والمسوّغات.

وقولهم: «إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا» جاء على غير المألوف المتوقع، وهو أن يقولوا:«إنما الرّبوا مثل البيع» إذ أنهم إنّما قبلوا الرّبا، ورضوا بالتعامل به، قياسا على أصل قاسوه عليه، وهو البيع، فكان عليهم أن يقولوا لأنفسهم، أو لمن يسفّه عملهم هذا: إنما الربا الذي يلام عليه، أو يحذّر عاقبته، هو مثل البيع الذي لا ينكره أحد، ولا يحذّر منه أحد» .

وقولهم هذا الذي حكاه القرآن عنهم يكشف عن مدى ما يفعل السوء بأهله حين يستبد بهم، ويفسد عليهم أمرهم، حتى لتنقلب عندهم أوضاع الأمور، وتختل موازينها فى تفكيرهم، فيبدو الشر حسنا، والقبيح جميلا.. فهم هنا يرون الرّبا الذي يتعاملون به أصلا يقاس عليه البيع، على حين أنهما من واديين مختلفين، وإن يكن ثمة قياس، فالبيع هو الأصل الذي تقاس عليه الصور المشابهة له! وقد ردّ الله عليهم هذا القول، وأبطل هذا الادعاء الذي ادّعوه، فقال تعالى:«وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا» فإنه إذا كان ثمة تقابل بين البيع والربا فى ظاهر الأمر، فإنهما فى الحقيقة ضدان لا يلتقيان أبدا..

ص: 355

هذا حلال، وذاك حرام، ويا بعد ما بين الحلال والحرام.

وليس يمنع من تشابه الشيئين فى الصورة أن يكونا على بعد بعيد من الخلاف حتى يبلغ حد التناقض والتضاد فى الحكم الواقع على كل منهما.

فالحيوان الذي أحلّ أكله.. إذا ذبح كان لحمه حلالا، وإذا مات حتف أنفه مثلا.. كان لحمه حراما خبيثا، وهو هو الحيوان فى حلّه وفى حرمته.

قوله تعالى:

«فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» .

الموعظة ما يوعظ به، من توجيه إلى الخير، وتحذير من الشر.

وإذا كانت الموعظة من الله فهى حكم ملزم، لا اجتهاد لأحد فيه برأى أو تقدير.. بل هو هكذا.. يؤخذ به، أو يترك.. فمن أخذ به رشد ونجا، ومن تركه أثم، وهلك..

وهذه الموعظة التي حملتها الآية الكريمة فى التشنيع على الرّبا، وتحريمه إنما هى لآكلى الربا وهم المقترضون خاصة.

وفى قوله تعالى: «فَلَهُ ما سَلَفَ» أي فقد تجاوز الله عما سلف أي ما أكله من الرّبا قبل أن يبيّن له هذا البيان، ويجيئه هذا الحكم، فى تلك الآية الكريمة.

وفى قوله تعالى «وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ» إشارة إلى رحمة الله ومغفرته التي تمحو سيئات المسيئين، إذا هم تابوا إلى الله وأنابوا.. فمن كان أمره إلى الله فإنه فى ضمان من كل سوء.

ص: 356