الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه.. ولم ينظروا إلى أنفسهم ليبحثوا عما وقع فيها من خلل، كما كان يفعل المؤمنين قبلهم من أتباع الرسل، حين تنزل بهم الشدائد، وتتوالى عليهم المحن.
وفى قوله تعالى: «فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» مشهد كريم، يعرض على أنظار المسلمين، لمن آمن بالله واستقام على طريقة، حتى إذا استشعر أن يد الله قد تراخت عنه، اتّهم نفسه، وأيقن أن خللا وقع فى صلته بالله، فبادر فأصلحه، وصالح الله، فوجد العفو والمغفرة، ثم أصاب النصر والظفر..
وهؤلاء المؤمنون الذين جاهدوا مع رسل الله، وكان شأنهم عند اشتداد المحن، وقسوة البلاء، العودة إلى الله بإصلاح أنفسهم- هؤلاء قد أعزّهم الله فى الدنيا، فكتب لهم النصر على عدوهم، وأجزل لهم المثوبة والرضوان فى الآخرة، لما كان منهم من صبر على البلاء، وثبات فى وجه الموت.
الآيات: (149- 150- 151)[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 151]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
التفسير: وفى هذه الآيات يرى لله المؤمنين موقفهم من الكافرين، فيحذّرهم من أن يستمعوا إلى ما يتخرّصون به، وما يلقون إلى أسماع الناس من تعليقات خبيثة على معركة أحد، وما أصاب المسلمين فيها.. فإن الاستماع إلى هذه المقولات، والاطمئنان إلى قائليها يوهن إيمان المؤمنين، ويفسد عليهم
أمرهم، فلا يلقون إلا الخذلان والخسران! ثم إذا استجاب المسلمون إلى ما دعاهم الله إليه من تجنب الكافرين والحذر منهم.. لفثهم الله سبحانه إليه، ودعاهم إلى الاعتصام به، والاعتزاز بالاعتماد عليه والثقة فى نصره:«بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» .
وفى قوله تعالى: «بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» دعوة من الله إلى المؤمنين أن يلوذوا به، فإنه سبحانه لم يؤاخذهم بما كسبوا، ولم يبعدهم عن حظيرة محبّته ورضوانه، فهو مولاهم، وهو الذي يثبّت أقدامهم، ويمنحهم النصر على عدوهم «وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» .
أما هؤلاء المشركون، الذين خيل إليهم أنهم كسبوا المعركة، وفرغوا من أمر الإسلام والمسلمين- فإن لهم يوما تتنكس فيه راية الشرك إلى الأبد، فيذلّ المشركون فى هذه الدنيا، والنار مثوى لهم يوم يقوم الناس لرب العالمين..
فهؤلاء المشركون، سيملأ الله قلوبهم رعبا، بما حملوا من شرك، وبما عبدوا من ضلالات.. إذ أن الشرك بقتل فى صاحبه كل معانى الإنسانية، ويقيمه فى هذه الدنيا مقاما قلقا مضطربا، لا يجد ما يستند إليه عند الشدائد والمحن.
وما ظنّك بإنسان- إذا كربه الكرب، ونزلت به النوازل- فزع الى حجر يعبده؟ أو إلى حيوان يسجد بين يديه؟
وأين هذا ممن يمدّ يده إلى مالك الملك، ويفزع إلى من بيده ملكوت السموات والأرض؟
وشتّان بين هذا وذاك.. فالمشرك يدعو من لا يملك ضرّا ولا نفعا،