المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيتان: (111- 112) [سورة آل عمران (3) : الآيات 111 الى 112] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ٢

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌الآية: (253) [سورة البقرة (2) : آية 253]

- ‌الآية: (254) [سورة البقرة (2) : آية 254]

- ‌الآية: (255) [سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌الآية: (256) [سورة البقرة (2) : آية 256]

- ‌الآية: (257) [سورة البقرة (2) : آية 257]

- ‌الآية: (258) [سورة البقرة (2) : آية 258]

- ‌الآية: (259) [سورة البقرة (2) : آية 259]

- ‌الآية: (260) [سورة البقرة (2) : آية 260]

- ‌آية: (261) [سورة البقرة (2) : آية 261]

- ‌الآية: (262) [سورة البقرة (2) : آية 262]

- ‌الآية: (263) [سورة البقرة (2) : آية 263]

- ‌الآية: (264) [سورة البقرة (2) : آية 264]

- ‌الآية: (265) [سورة البقرة (2) : آية 265]

- ‌الآية: (266) [سورة البقرة (2) : آية 266]

- ‌الآية: (267) [سورة البقرة (2) : آية 267]

- ‌الآية (268) [سورة البقرة (2) : آية 268]

- ‌الآية: (269) [سورة البقرة (2) : آية 269]

- ‌الآية: (270) [سورة البقرة (2) : آية 270]

- ‌الآية: (271) [سورة البقرة (2) : آية 271]

- ‌الآية: (272) [سورة البقرة (2) : آية 272]

- ‌الآية: (273) [سورة البقرة (2) : آية 273]

- ‌الآية: (274) [سورة البقرة (2) : آية 274]

- ‌الآية: (275) [سورة البقرة (2) : آية 275]

- ‌الآية: (276) [سورة البقرة (2) : آية 276]

- ‌الآية: (277) [سورة البقرة (2) : آية 277]

- ‌الآية: (278) [سورة البقرة (2) : آية 278]

- ‌الآية: (279) [سورة البقرة (2) : آية 279]

- ‌الآية: (280) [سورة البقرة (2) : آية 280]

- ‌الآية: (281) [سورة البقرة (2) : آية 281]

- ‌مبحث فى الربا

- ‌أنواعه وأحكامه

- ‌الإسلام والربا

- ‌مداخل إلى الربا

- ‌1- ربا الفضل

- ‌2- بيوع الغرر

- ‌حكم الربا

- ‌مبحث فى الدّين توثيقه والإشهاد عليه

- ‌الآية: (282) [سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌الآية: (283) [سورة البقرة (2) : آية 283]

- ‌الآية: (284) [سورة البقرة (2) : آية 284]

- ‌الآية: (285) [سورة البقرة (2) : آية 285]

- ‌الآية: (286) [سورة البقرة (2) : آية 286]

- ‌3- سورة آل عمران

- ‌الآية: (1) [سورة آل عمران (3) : آية 1]

- ‌الآيات: (2- 4) [سورة آل عمران (3) : الآيات 2 الى 4]

- ‌الآيتان: (5، 6) [سورة آل عمران (3) : الآيات 5 الى 6]

- ‌الآية: (7) [سورة آل عمران (3) : آية 7]

- ‌الآية: (8) [سورة آل عمران (3) : آية 8]

- ‌الآية: (9) [سورة آل عمران (3) : آية 9]

- ‌الآية: (10) [سورة آل عمران (3) : آية 10]

- ‌الآية: (11) [سورة آل عمران (3) : آية 11]

- ‌الآية: (12) [سورة آل عمران (3) : آية 12]

- ‌الآية: (13) [سورة آل عمران (3) : آية 13]

- ‌الآية: (14) [سورة آل عمران (3) : آية 14]

- ‌الآية: (15) [سورة آل عمران (3) : آية 15]

- ‌الآيتان: (16، 17) [سورة آل عمران (3) : الآيات 16 الى 17]

- ‌الآية: (18) [سورة آل عمران (3) : آية 18]

- ‌الآية: (19) [سورة آل عمران (3) : آية 19]

- ‌الآية: (20) [سورة آل عمران (3) : آية 20]

- ‌الآيتان: (21، 22) [سورة آل عمران (3) : الآيات 21 الى 22]

- ‌الآية: (23) [سورة آل عمران (3) : آية 23]

- ‌الآية: (24) [سورة آل عمران (3) : آية 24]

- ‌الآية: (25) [سورة آل عمران (3) : آية 25]

- ‌الآيتان: (26- 27) [سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الآية: (28) [سورة آل عمران (3) : آية 28]

- ‌الآيتان: (29- 30) [سورة آل عمران (3) : الآيات 29 الى 30]

- ‌الآيتان: (31- 32) [سورة آل عمران (3) : الآيات 31 الى 32]

- ‌الآيتان: (33، 34) [سورة آل عمران (3) : الآيات 33 الى 34]

- ‌الآيتان: (35، 36) [سورة آل عمران (3) : الآيات 35 الى 36]

- ‌الآية: (37) [سورة آل عمران (3) : آية 37]

- ‌الآيتان: (38، 39) [سورة آل عمران (3) : الآيات 38 الى 39]

- ‌الآيتان: (40، 41) [سورة آل عمران (3) : الآيات 40 الى 41]

- ‌الآيتان: (42، 43) [سورة آل عمران (3) : الآيات 42 الى 43]

- ‌الآية: (44) [سورة آل عمران (3) : آية 44]

- ‌الآيتان: (45، 46) [سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 46]

- ‌كلام المسيح فى المهد

- ‌الآيات: (47- 51) [سورة آل عمران (3) : الآيات 47 الى 51]

- ‌الآيتان: (52- 53) [سورة آل عمران (3) : الآيات 52 الى 53]

- ‌الآيتان: (54- 55) [سورة آل عمران (3) : الآيات 54 الى 55]

- ‌الآيتان: (56- 57) [سورة آل عمران (3) : الآيات 56 الى 57]

- ‌آية: (58) [سورة آل عمران (3) : آية 58]

- ‌آية: (59) [سورة آل عمران (3) : آية 59]

- ‌الآية: (60) [سورة آل عمران (3) : آية 60]

- ‌الآية: (61) [سورة آل عمران (3) : آية 61]

- ‌الآيتان: (62، 63) [سورة آل عمران (3) : الآيات 62 الى 63]

- ‌الآية: (64) [سورة آل عمران (3) : آية 64]

- ‌الآيتان: (65، 66) [سورة آل عمران (3) : الآيات 65 الى 66]

- ‌الآية: (67) [سورة آل عمران (3) : آية 67]

- ‌الآية: (68) [سورة آل عمران (3) : آية 68]

- ‌الآية: (69) [سورة آل عمران (3) : آية 69]

- ‌الآيتان: (70- 71) [سورة آل عمران (3) : الآيات 70 الى 71]

- ‌الآية: (72) [سورة آل عمران (3) : آية 72]

- ‌الآيتان: (73- 74) [سورة آل عمران (3) : الآيات 73 الى 74]

- ‌الآية: (75) [سورة آل عمران (3) : آية 75]

- ‌الآية: (76) [سورة آل عمران (3) : آية 76]

- ‌الآية: (77) [سورة آل عمران (3) : آية 77]

- ‌الآية: (78) [سورة آل عمران (3) : آية 78]

- ‌الآيتان: (79، 80) [سورة آل عمران (3) : الآيات 79 الى 80]

- ‌الآيتان: (81- 82) [سورة آل عمران (3) : الآيات 81 الى 82]

- ‌الآية: (83) [سورة آل عمران (3) : آية 83]

- ‌(الآيتان: 84- 85) [سورة آل عمران (3) : الآيات 84 الى 85]

- ‌الآيات: (86- 89) [سورة آل عمران (3) : الآيات 86 الى 89]

- ‌الآية: (90) [سورة آل عمران (3) : آية 90]

- ‌آية: (91) [سورة آل عمران (3) : آية 91]

- ‌الآية: (92) [سورة آل عمران (3) : آية 92]

- ‌الآيتان: (93- 95) [سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 95]

- ‌الآيتان: (96، 97) [سورة آل عمران (3) : الآيات 96 الى 97]

- ‌الآيتان: (98- 99) [سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]

- ‌الآيتان: (100- 101) [سورة آل عمران (3) : الآيات 100 الى 101]

- ‌الآيتان: (102- 103) [سورة آل عمران (3) : الآيات 102 الى 103]

- ‌الآيات: (104- 107) [سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 107]

- ‌الآيتان: (108، 109) [سورة آل عمران (3) : الآيات 108 الى 109]

- ‌[مبحث: الخير.. فى خير أمة أخرجت للناس]

- ‌الآية: (110) [سورة آل عمران (3) : آية 110]

- ‌الآيتان: (111- 112) [سورة آل عمران (3) : الآيات 111 الى 112]

- ‌الآيات: (113- 115) [سورة آل عمران (3) : الآيات 113 الى 115]

- ‌الآيتان: (116- 117) [سورة آل عمران (3) : الآيات 116 الى 117]

- ‌الآيات: (118- 120) [سورة آل عمران (3) : الآيات 118 الى 120]

- ‌الآيتان: (121، 122) [سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 122]

- ‌الآيات: (123- 126) [سورة آل عمران (3) : الآيات 123 الى 126]

- ‌الآيات: (127- 129) [سورة آل عمران (3) : الآيات 127 الى 129]

- ‌الآيات: (130- 136) [سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]

- ‌الآيات: (137- 138) [سورة آل عمران (3) : الآيات 137 الى 138]

- ‌الآيات: (139- 143) [سورة آل عمران (3) : الآيات 139 الى 143]

- ‌الآيتان: (144- 145) [سورة آل عمران (3) : الآيات 144 الى 145]

- ‌الآيات: (146- 148) [سورة آل عمران (3) : الآيات 146 الى 148]

- ‌الآيات: (149- 150- 151) [سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 151]

- ‌الآية: (152) [سورة آل عمران (3) : آية 152]

- ‌الآيتان: (153- 154) [سورة آل عمران (3) : الآيات 153 الى 154]

- ‌الآيات: (155- 158) [سورة آل عمران (3) : الآيات 155 الى 158]

- ‌الآية: (159) [سورة آل عمران (3) : آية 159]

- ‌الآية: (160) [سورة آل عمران (3) : آية 160]

- ‌الآية: (161) [سورة آل عمران (3) : آية 161]

- ‌الآية: (162) [سورة آل عمران (3) : آية 162]

- ‌الآية: (163) [سورة آل عمران (3) : آية 163]

- ‌الآية: (164) [سورة آل عمران (3) : آية 164]

- ‌الآيات: (165- 168) [سورة آل عمران (3) : الآيات 165 الى 168]

- ‌الآيات: (169- 170- 171- 172) [سورة آل عمران (3) : الآيات 169 الى 175]

- ‌الآيات: (176، 178) [سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 178]

- ‌الآية: (179) [سورة آل عمران (3) : آية 179]

- ‌الآية: (180) [سورة آل عمران (3) : آية 180]

- ‌الآيتان: (181- 182) [سورة آل عمران (3) : الآيات 181 الى 182]

- ‌الآية: (183) [سورة آل عمران (3) : آية 183]

- ‌الآية: (184) [سورة آل عمران (3) : آية 184]

- ‌الآية: (185) [سورة آل عمران (3) : آية 185]

- ‌الآية: (186) [سورة آل عمران (3) : آية 186]

- ‌الآية: (187) [سورة آل عمران (3) : آية 187]

- ‌الآية: (188) [سورة آل عمران (3) : آية 188]

- ‌الآيات: (189- 195) [سورة آل عمران (3) : الآيات 189 الى 195]

- ‌الآيتان: (196- 197) [سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 197]

- ‌الآية: (198) [سورة آل عمران (3) : آية 198]

- ‌الآية: (199) [سورة آل عمران (3) : آية 199]

- ‌الآية: (200) [سورة آل عمران (3) : آية 200]

- ‌4- سورة النساء

- ‌الآية الأولى [سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌الآية: (2) [سورة النساء (4) : آية 2]

- ‌الآية: (3) [سورة النساء (4) : آية 3]

- ‌تعدد الزوجات: ضوابطه، وحكمته

- ‌الآية: (4) [سورة النساء (4) : آية 4]

- ‌الآية: (5) [سورة النساء (4) : آية 5]

- ‌الآية: (6) [سورة النساء (4) : آية 6]

- ‌الآيتان: (7- 8) [سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 8]

- ‌الآيتان: (9- 10) [سورة النساء (4) : الآيات 9 الى 10]

- ‌الآية: (11) [سورة النساء (4) : آية 11]

- ‌الآية: (12) [سورة النساء (4) : آية 12]

- ‌الآيتان: (13- 14) [سورة النساء (4) : الآيات 13 الى 14]

- ‌الآيتان: (15- 16) [سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌الآيتان: (17- 18) [سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌الآيات: (19- 21) [سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]

- ‌الآية: (22) [سورة النساء (4) : آية 22]

- ‌الآية: (23) [سورة النساء (4) : آية 23]

الفصل: ‌الآيتان: (111- 112) [سورة آل عمران (3) : الآيات 111 الى 112]

ولم يقم على الوساوس والهواجس، والضرب فى متاهات لا يهتدى السالك فيها إلى سواء السبيل أبدا.. أما الكثرة الكثيرة من أهل الكتاب فهم كما قال الله:«وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ» أي هم مؤمنون ولكنهم فى الوقت نفسه «فاسقون» أي خارجون على الإيمان.

‌الآيتان: (111- 112)[سورة آل عمران (3) : الآيات 111 الى 112]

لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَاّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (112)

التفسير: إنهم هم اليهود.. وإنّ آيات الله لتكشف المستور من أمرهم، وتفضح المتوقع من خزيهم فى خط مسيرتهم مع المسلمين فى الحياة.

إنهم يكيدون دائما للإسلام والمسلمين، لأن داء الحسد الذي يغلى فى صدورهم لا يسكن أبدا.

وكيف يسكن وهم يعلمون عن يقين أن المسلمين قد ظفروا من الكتاب الذي فى أيديهم بخير الدنيا والآخرة.. وأن هذا الكتاب كان ينبغى أن يكون لهم، كما كانت كتب الله من قبل كلها فيهم؟ وأما وقد سبقهم العرب إلى هذا الكتاب فليفسدوه عليهم، وليعزلوا المسلمين عنه! وفى قوله تعالى مخاطبا المسلمين:«لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً» .

أولا: إلفات للمسلمين أن يأخذوا حذرهم من اليهود، الذين لا يكفّون أبدا

ص: 553

عن السعى فى تدبير الكيد للمسلمين، وتوجيه الضّرّ إليهم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

ثانيا: تطمين المسلمين- حالا ومستقبلا- مما يدبر اليهود لهم من كيد خبيث، ومكر خسيس، وأن غاية ما يبلغه اليهود من كل ما يكيدون وما يمكرون، لا يتجاوز «الأذى» الذي مهما بلغ لا يبلغ حدّ الخطر والتلف.. وسيظل المسلمون- رغم كل شىء- على الصحة والسلامة أبدا، وإن أصابهم الضرّ ومسّهم الأذى، فإن كيانهم سيظل سليما معافى، لا ينال منه هذا الضرّ، ولا يؤثر فيه هذا الأذى.

هذا فى معركة الكيد، والدسّ، التي هى الميدان الذي يحسن فيه اليهود العمل.. فإذا انتقل اليهود إلى ميدان آخر، وهو ميدان القتال، واشتبكوا مع المسلمين فى حرب، فإنّهم لا يلقون إلا الخزي والخذلان.. «يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ» .. هذا حكم الله فيما يقع بينهم وبين المسلمين من قتال.. النصر دائما للمسلمين، والهزيمة دائما لليهود.. وإنه لا بد من وقفة هنا..

فإن وجه الأحداث المطل علينا فى هذه الآية، قد يطالع منه بعض الناس شيئا آخر غير الذي تطالعنا الآية الكريمة به، والذي نتأولها نحن عليه.

يشتبك المسلمون مع اليهود اليوم فى معركة (يونيه 1967- محرم 1387) قد جمع لها اليهود كل كيدهم ومكرهم، وجلبوا لها كل ما استطاعوا من عتاد، وحشدوا فيها كل من على شاكلتهم فى العداوة للإسلام، والكراهية للمسلمين..

وقد أخذوا جيوش المسلمين على غرّة، فكان لهم من هذا نصر معجّل، تخلى فيه المسلمون عن مواقع كثيرة من أوطانهم، فى سيناء، وسوريا، والأردن..

وتوقف القتال.. استعدادا لمعركة قادمة فاصلة..

ونكتب هذا، ونحن فى شهر (أكتوبر 1967- رجب 1387)

ص: 554

وما زال الموقف جامدا فى الظاهر.. ولكنه يتحرك فى خفاء لالتحام قريب! ولا ندرى متى يكون هذا اليوم الذي نلتحم فيه مع اليهود.. ولكن الذي نؤمن به ولا نشك فيه، هو ما وعدنا الله به، من النصر على اليهود دائما..

«وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ» .. فالنصر آت لا ريب فيه، وإنه لنصر يلبس اليهود ثوبا جديدا من أثواب الذلة التي ضربهم الله بها! وقد يبدو لبعض الناظرين إلى هذا الحدث، من خلال المدافع، وبين دخانه وضبابه- أن يتأول الآية الكريمة، وأن يرفع حكمها العام المطلق، ويرتفع به إلى الماضي البعيد، وإلى ما كان بين اليهود والنبىّ من قتال، أخزى الله فيه اليهود، وكبتهم، وأنزلهم من صياصيهم، وقذف فى قلوبهم الرعب، فاستسلموا للهزيمة، ونزلوا على حكم النبىّ فيهم، فقتل من قتل، وسبى من سبى، وأجلى من أجلى.. حتى إذا كانت خلافة عمر بن الخطاب لم يكن اليهود إلا جماعات متفرقة فى الجزيرة العربية، لا تملك غير الكيد والدس، ولا تعيش إلا على الكذب والنفاق، فأجلاهم عن الجزيرة العربية جميعا!! قد يبدو لبعض المتأولين أن يتأول الآية الكريمة على هذا الوجه، ويقف بها عند حدود الزمن الذي نزلت فيه، ويجعل أسباب نزولها مقيدا بهذا الوقت.. وذلك ليحمى كلام الله من المجازفات التي تنجم عن تعميم هذا الحكم الذي تحمله، والذي قد لا تجىء الأيام بتصديقه، خاصة وأن محامل الآية الكريمة تقبل هذا الوجه من التأويل ولا تردّه! فمالنا إذن لا نقبل هذا التأويل؟ ولم نغامر تلك المغامرة الخطرة بآية من آيات الله، ونحمّلها مالا تحتمل، لنتخذ منها أملا يدفىء صدورنا، ويطمئن قلوبنا، ويخفف آلام جراحنا التي نعانيها من هذا الحدث الذي نعيش فيه، فى مرارة، وألم، وقلق؟

ص: 555

أو من أجل هذا تبلغ بنا الجرأة على كتاب الله، فنبيعه بهذا الثمن البخس؟

وماذا تركنا لليهود إذن؟ وماذا يحول بيننا وبين أن نتعرض لما تعرضوا له من سخط الله وقد اشتروا بآياته ثمنا قليلا؟. «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ» (79: البقرة) .

وإنه ليس ثمة فرق بعد أن يفترى مفتر على الله، آية.. فيقول: هذا من عند الله، وبين أن يحمل آية من آيات الله على هواه، فيغير وجهها، ويحرّم حلالها، ويحلّل حرامها! والله سبحانه وتعالى يقول متوعدا اليهود:

«وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ () مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (116- 117: النحل) .

أفمن أحل هذا المتاع القليل الذي نجد فيه من ريح الآية الكريمة أنسا لوحشتنا، وأملا فى محنتنا.. أفمن أجل هذا، نرد هذا المورد، ونجازف تلك المجازفة المهلكة؟

وكلّا، فإنا أحرص على أنفسنا من أن تلمّ بما يعرّضها لموقع من مواقع سخط الله، خاصة ونحن نسعى بين يدى كتابه الكريم، ابتغاء مرضاته، وطلبا للمزيد من إحسانه وفضله! أفنرجع إذن عن هذا الذي ذهبنا إليه، فى حمل الآية الكريمة على عمومها، من أن النصر الذي وعد الله به المسلمين على اليهود هو وعد دائم مستمر، غير موقوت بوقت، أو موقوف على واقعة بعينها- أفنرجع إذن ونعود بالسلامة والعافية.. من قريب؟

وكلّا.. مرة أخرى..

ص: 556

فإنا مطمئنون إلى فهمنا للآية الكريمة، واثقون من معطياتها التي لا تتخلف أبدا..

بل وأكثر من هذا.. إننا ندعو إلى أن يفهمها المسلمون جميعا هذا الفهم الذي فهمناها عليه، وأن ينتظروا تأويلها فى الأيام المقبلة كما ننتظره.. فإن أخلفهم من الآية هذا الوعد، وإن وجدوا لهذا الإخلاف غمزة فى دينهم، أو حرجا منه فى صدورهم، أو خلخلة له فى قلوبهم- فالحكم الله بينى وبينهم! ولن يخزينا الله أبدا.. ولن يخلفنا وعده الذي وعد! وكيف؟

والله سبحانه وتعالى يقول فى اليهود، بعد هذه الآية الكريمة، مؤكدا وعده الذي وعدنا..

«ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ» .

فهذا الحكم عام شامل غير محصور بمكان، أو مقيد بزمان! «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ» والتعبير بضرب الذلة عليهم فيه إحكام لهذا الحكم الواقع بهم، وأن الذلّة التي رماهم الله بها، ذلة متمكنة، مختلطة بوجوهم، كما يختلط لون الجلد بالجلد.. لا يتغير ولا يتبدّل أبدا! وفى قوله تعالى:«أَيْنَما ثُقِفُوا» حكم قاطع بمصاحبة الذلة لهم، أينما وجدوا، وأينما كانوا، فى كل موطن، وفى كل زمن! هكذا هم فى ذلة وهوان، أبد الدّهر.. ذلة فى أنفسهم، وذلة بأيدى من يذلّونهم من عباد الله المسلطين عليهم. فإن نجوا من هذه الذلة التي يسوقها الناس إليهم، لم يخرجوا من تلك الذلة المستولية على طبيعتهم! وقوله تعالى:«إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ» .. الحبل العهد والعقد.. والمعنى: ضربت عليهم الذلة أبدا، إلّا أن يدخلوا مع المسلمين

ص: 557

فى عهد الله، وذمة المسلمين، فيكونوا بذلك من أهل الذمّة، وتفرض عليهم الجزية، فيعطونها عن يد وهم صاغرون.. وهنا يرفع عنهم المسلمون الأذى والذلة التي أخذوهم بها. ولكن مع هذا لا يتخلّى عنهم روح الذلة المتسلط عليهم من داخل أنفسهم، لأن ذلك طبيعة فيهم، ولعنة من لعنات الله صبّها عليهم..

وقوله تعالى: «وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ» بيان للحال التي يكونون عليها، بعد أن يدخلوا فى ذمة المسلمين بعهد الله وعهد المسلمين.

فهم وإن رفعت عنهم يد المسلمين بعد هذا العهد الذي دخلوا به فى ذمتهم، وإن رجعوا وقد أمنوا بطش المسلمين بهم بعد هذا العقد، فإنهم يرجعون ومعهم غضب الله الذي رماهم به، ومعهم المسكنة التي فرضها عليهم وابتلاهم بها..

وهكذا يعيش اليهود أبدا فى كل زمان ومكان فى ذلة وفى مسكنة، ذلة ومسكنة تلبسهم ظاهرا وباطنا.. إن سلم لهم ظاهرهم فى حال، فلن يسلم لهم باطنهم فى أي حال.. إنها لعنة الله «وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً» .

وفى قوله تعالى: «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ» تعليل لهذا العقاب الأليم الذي أخذهم الله به، والذي أجراه فيهم مجرى الدم فى عروقهم، فكان ميراثا خبيثا، ينتقل فى الخلف بعد الخلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين! من هذا كله نستطيع أن نقرر فى إيمان وثيق، ثقتنا فى صدق الكتاب الذي فى أيدينا، وفى صدق كل كلمة، وكل حرف، من كلمات رب العالمين، وحروفها- أن ما بيننا وبين اليهود سينتهى بما حكم الله به عليهم، وهو أنهم «لا يُنْصَرُونَ» وأن الذلة والمسكنة مضروبة عليهم إلى يوم الدين، وأن

ص: 558

هذه الصحوة التي تبدو على ظاهرهم فى هذه الأيام ليست إلا صحوة الموت، يرتدون بعدها ثوبا جديدا من أثواب الذلة والمسكنة، وذلك بلاء إلى بلاء، وعذاب فوق عذاب.. فإنه ليس أشق على نفس المكروب من أن تهبّ عليه نسمة من نسمات العافية، ثم تعصف به بعدها عاصفة عاتية، وتلقى به بعيدا إلى أسوأ مما كان، ثم يتنفس نفس الحياة.. ثم تضربه موجة عاتية من موجات البلاء.. وهكذا يتردد بين الحياة والموت.. فلا يجد الحياة، ولا يستريح بالموت.. وذلك هو العذاب الذي يعذّب الله به أصحاب النار..

«كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» (56: النساء) .

فهذا الذي تعيش فيه إسرائيل اليوم هو فترة ما بين استبدال جلد بجلد، وذلة بذلة.. ليذوقوا العذاب، وليطعموه ألوانا فى الدنيا.. ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون! وبعد، فإننا على موعد، مع نصر الله، ولن يخلف الله وعده..

«وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ» ويومئذ يعلم الذين لا يعلمون، أن دين الله حق، وأن رسول الله حق، وأن ما نزل على الرسول حق.. ويومها يتجلّى وجه الإسلام مشرقا، وتطلع شمسه غير محجبة بضباب أو سحاب، فتعمر بالإسلام القلوب، وتشرق بنوره الآفاق «وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ» (8: الصف) وهكذا يصنع الله للإسلام، فيجعل له من الضيق فرجا، ومن البلاء عافية، ومن الشر خيرا ونعمة!

ص: 559