الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3- سورة آل عمران
اسمها: سورة آل عمران، ومن أسمائها:«الزهراء» . وتسمى هى والبقرة: الزهراوين.
نزولها: نزلت بالمدينة.. بعد البقرة، والأنفال.
عدد آياتها: مائتا آية.
عدد كلماتها: ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانون كلمة.
عدد حروفها: أربعة عشر ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرون حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية: (1)[سورة آل عمران (3) : آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1)
ذكرنا فى أول سورة البقرة ما يقال عن المراد من الحروف التي بدئت بها بعض السور فى القرآن الكريم
الآيات: (2- 4)[سورة آل عمران (3) : الآيات 2 الى 4]
اللَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (4)
التفسير: جملة «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» صفة لله، «والْحَيُّ» صفة ثانية، و «الْقَيُّومُ» صفة ثالثة.
فالله سبحانه وتعالى الموصوف بالتفرّد بالألوهية، السرمدية الأبدية، التي لم
يسبقها ولا يلحقها عدم، وبالقيومية المبسوط سلطانها على كل شىء، القائم أمرها على كل شىء- هذا الإله هو الذي نزل الكتاب على محمد- صلوات الله وسلامه عليه- فمن هذا المقام الكريم الذي لا يطاول ولا يسامى كان متزّل هذا الكتاب الكريم، الذي يقول فيه المشركون والمنافقون- زورا وبهتانا- إنه من معطيات محمد، تلقاه من أصحاب العلم من أهل الكتاب، ولقنه من مدارسة الدارسين.. كما حكى القرآن الكريم ذلك عنهم فى قوله تعالى:«إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ» (103: النحل) وقوله سبحانه: «وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» (5: الفرقان) وقد جاء هذا القرآن بالحقّ الذي لا مرية فيه، لأنه من ربّ العالمين، جاء مصدقا لما سبقه من الكتب السماوية، لأنها جميعها من مصدر واحد، جاءت من الحق بالحق كما يقول سبحانه:«وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ» (105: الإسراء) والله سبحانه الذي أنزل القرآن بالحق، هو الذي أنزل التوراة والإنجيل من قبل هدّى للناس، وأنزل الفرقان أي القرآن كذلك هدى للناس.
فالذين يكفرون بآيات الله التي أنزلها الله على رسله، وأودعها كتبه، لهم عذاب شديد، أعده الله لهم يوم القيامة، ولن يعصمهم من الله عاصم- ولن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، «وَاللَّهُ عَزِيزٌ» عزّ سلطانه، وقد اعتز هؤلاء السفهاء بسفههم، فتطاولوا على حماه، وكفروا بآياته، واستخفوا بها. «ذو انتقام» يأخذ بنقمته من استخف بعزته! وفى الآيتين الكريمتين مسائل، منها:
أولا: قوله تعالى: «نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ» فيه إشارة إلى أن القرآن
الكريم نزل منجما أي مفرقا، يدل على هذا شاهد التاريخ، كما يدل عليه هذا اللفظ «نزّل» الذي يفيد الحركة والتفرق، بخلاف «أنزل» الذي يدل على الثبوت والوحدة.
ثانيا: قوله تعالى: «مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ» لم تذكر الكتب التي بين يدى القرآن، وإن كان المراد بها التوراة والإنجيل، وذلك الإطلاق إنما ليشمل جميع الكتب والصحف المنزلة على الأنبياء جميعا. ما بقي منها وما لم يبق، وما ذكر وما لم يذكر، لأنها جميعها من مورد الحق، يصدّق بعضها بعضا.
وإذا نظرنا إلى الكتب المنزلة، حسب واقعها التاريخىّ نجد أن القرآن الكريم هو الذي بين يدى الكتب السماوية، وليست هى التي بين يديه، لأنه جاء إلى هذا الوجود تاليا لها، لا سابقا عليها.
ولكن الكتب السماوية ليست أحداثا حادثة، وإنما هى وقائع فى علم الله، موجودة من الأزل، شأنها شأن جميع ما فى علم الله، وظهورها وانكشافها لنا يجىء موقوتا بإرادة الله مقدورا بحكمته.. ففى سير الأحداث من سجل الغيب وظهورها على مسرح حياتنا، نجد أن الكتب السماوية جميعها تقدمت القرآن الكريم، واحدا واحدا، والسابق منها بين يدى اللاحق، وبهذا التقدير تقع جميعها بين يدى القرآن! وليس الأمر كذلك فى حركة التاريخ، حيث تطوى الأحداث التي تجدّ، فكل حدث جديد فى هذه الحركة يمشى على آثار الحدث الذي مضى، ويخلّفه وراءه..
وحركة الزمن ليست على تلك الصورة، إنها حركة واحدة، أشبه بحركة القطار.. والأحداث محمولة على جزئيات هذا الامتداد الزمنى، كما يحمل الأشخاص والأشياء فى عربات القطار، والمتقدم منها يظل دائما متقدما بين يدى المتأخر!
وننظر إلى القرآن الكريم فى هذا الوضع فنجده وقد أخذ مكانه من الكتب السماوية، كمصدر إشعاع لها، ومركز انطلاق لكلمات الله منها، يرسل كل حين شعاعات من نور الله، إلى عباد، الله على يد رسل الله، ويقدمها بين يديه، وكأنها تمهد له الطريق، وتهيىء له الأفق الذي يستقبله، حين يطلع على الناس بشعلته المقدسة، ويملأ الوجود بنوره القدسىّ..
وعلى ضوء هذا التصوّر يمكن أن نفهم قول الله تعالى:
«وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» (48: المائدة) .
فهذه الهيمنة إنما تكون لقوة هى مصدر لتلك القوى النابعة منها، المستندة إليها، فيكون لها بهذا الوضع مكان الرقابة عليها، والضبط لخط سيرها..
ثالثا: ومن الهيمنة التي للقرآن على الكتب السماوية التي بين يديه أنه هو المصدّق لها، الشاهد الذي ترى فى أضوائه وفى أحكامه، وأخباره وآدابه- آيات صدقها، وأنها من مورد هذا الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إذ ليس بعد شهادة القرآن شهادة، ولا وراء الحق الذي يقوله حق، وإنه سيظل قائما هكذا إلى يوم القيامة، معجزة تنحدى الناس جميعا، أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله،..
«وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» (23: البقرة) ومن كان هذا شأنه، وذلك إعجازه فله أن يقول، وعلى الناس أن يسمعوا، وله أن يحكم، وعلى الناس أن ينزلوا على حكمه، طوعا أو كرها..
رابعا: قوله تعالى: «وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ» بعد قوله تعالى: «نَزَّلَ