الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجال دخلوا فى الإسلام، ووقعوا فى هذا المنكر.. فإنه لا إثم عليهم الآن بعد أن صححوا وضعهم، وأخذوا بما جاء الإسلام به.
وفى قوله تعالى: «إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا» تشنيع غليظ على هذا المنكر، وإلقاء بكل ما فى الفاحشة والمقت وسوء العاقبة من ثقل وبلاء على من يقارف هذا المنكر، ويركب ذلك الضلال السفيه!
الآية: (23)[سورة النساء (4) : آية 23]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَاّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (23)
التفسير: فى هذه الآية بيان الأصناف من المحرمات على الرجال التزوج بهن، بعد أن بينت الآية التي قبلها حرمة التزوج ممن تزوج بهن الآباء.. وبيان المحرمات هنا على الوجه الآتي:
1-
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ» .. أي أم الرجل، وأصولها.
2-
«وبناتكم» .. أي بنت الرجل، وفروعها.
3-
«وأخواتكم» أي الأخت سواء أكانت شقيقة، أم لأب، أم لأم.
4-
«وعماتكم» والعمة أخت الأب.
5-
«وخالاتكم» والخالة هى أخت الأم.
6-
«وبنات الأخ» أي ويحرم على الرجل بنات أخيه سواء أكان شقيقا، أم لأب، أم لأم وكذلك فروعهن.
7-
«وبنات الأخت» سواء أكانت أختا شقيقة أم لأب، أم لأم، وكذلك فروعهن.
8-
«وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ» أي وتحرم على الرجل المرأة التي أرضعته، فهى بالنسبة له أم، لها حرمة أمه التي ولدته، وكذلك لأصولها وفروعها، كما لأصول أمه وفروعها.. وفى الحديث الشريف:«يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب» .
9-
«وأخواتكم من الرضاعة» فكل من أرضعتهم المرأة هم أخوة، ولو لم تكن قد ولدتهم.. ويحرم عليهم التزوج من بعض، حرمة الأخوة من الميلاد.
10-
«وأمّهات نسائكم» أي أم الزوجة.. سواء أكان معقودا على ابنتها ولم يدخل بها أم مدخولا بها.. فلها حينئذ حرمة الأم، على من تزوج ابنتها، تحرم عليه حرمة مؤبدة.
11-
«وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ» والربيبة: الصغيرة المربّاة فى بيت الرجل المتزوج بأمها.. ويراد بها هنا مطلق بنات الزوجة.. فإنهن يحرمن على زوج الأم، سواء تربين فى بيت الزوج أم نشأن بعيدا عنه.. وذلك بشرط أن تكون الأم مدخولا بها، أما العقد عليها فلا يحرّم زواج بناتها ممن عقد عليها ثم طلقها ولم يدخل بها..
والتعبير عن بنات الزوجة بالربائب، لأنهن على صلة مع أمّهن، وهى فى بيت زوجها.. إذ أن من شأن البنات ألا ينقطعن عن أمهن، ولو كنّ فى بيت غير بيت أبيهن.. ومن هنا كان التعبير عنهن بالربائب اللائي فى الحجور، حتى ينظر
إليهن الرجل نظرته إلى بناته الصغيرات، فلا تمتد عينه إلى النظر إليهن نظر شهوة.
12-
«وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ» وهن زوجات الأبناء الحقيقيين الرجل، لا الأبناء بالتبني.. فهؤلاء الأبناء بالتبني لا يحرم على مثل هذا الأب زواج من تزوج بهن أبناؤه بالتبنىّ بعد طلاقهن وانقضاء عدتهن.
وقد كان العرب فى الجاهلية، يلحقون الابن المتبنّى بالابن من الصلب فى هذا، فلما جاء الإسلام فرق بين الحالين فى قوله تعالى:«وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ..» (4- 5: الأحزاب) .
وبهذا وضع الإسلام حدّا لفوضى الأنساب التي كانت شائعة فى الجاهلية، حيث يخلط الرجل من يتبّنى من أبناء الغير بأبنائه، ليكتسب بهم كثرة وقوة! 13- «وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً» فلا يحل الرجل أن يجمع بين الأختين فى عصمته، وله أن يتزوج الثانية بعد أن تنقطع علاقته بالأولى، بالطلاق أو الوفاة..
وذلك صيانة للعلاقة بين الأختين أن تفسدها الحياة الزوجية التي تجمعهما تحت سقف واحد، وليد رجل واحد، فتكون المرأة ضرّة أختها، كما يحدث بين زوجتى الرجل أو زوجاته، المتباعدات نسبا وقرابة.
ولهذا، فقد ألحق النبىّ الكريم بتحريم الجمع بين الأختين، الجمع بين البنت وعمتها، والبنت وخالتها، فى قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تنكح البنت على عمتها أو خالتها فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» .
وقد عفا الله عما سلف فى الجاهلية من الجمع بين هذه المحارم، قبل أن يجىء أمر الله بتحريم هذا الجمع.. «إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً» ..
تم الكتاب الثاني ويليه الكتاب الثالث إن شاء الله، ويبدأ بصفحة: 737