الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ألسنة، ومن أنّث جمعه على ألسن، والقرآن أتى بالتّذكير. و {الْكَذِبَ}: مفعول {تَصِفُ} . ومن قرأ {الْكَذِبَ} بثلاث ضمّات، كان مرفوعا على أنه صفة الألسنة.
البلاغة:
{فَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} فيه إفادة القصر، أي لا تخافوا غيري، وفيه التفات عن الغيبة إلى التّكلم، مبالغة في التّرهيب والمهابة، وتصريحا بالمقصود، فكأنه قال: فأنا ذلك الإله الواحد، فإياي فارهبون لا غيري. ويلاحظ وجود السّجع في أواخر الآيات {فَارْهَبُونِ} {تَتَّقُونَ} {تَجْئَرُونَ} {يُشْرِكُونَ} {تَفْتَرُونَ.} ..
{فَتَمَتَّعُوا.} . تهديد ووعيد.
{يَسْتَأْخِرُونَ} {يَسْتَقْدِمُونَ} بينهما طباق.
{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} صيغة مبالغة.
{سُبْحانَهُ} اعتراض لتعجيب الخلق من هذا الجهل الفاضح القبيح.
{وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} كلام بليغ بديع، أي ألسنتهم كاذبة، كقولهم:«عينها تصف السحر» أي ساحرة.
المفردات اللغوية:
{إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ} تأكيد. {إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ} فيه إثبات الألوهية والوحدانية.
{فَارْهَبُونِ} خافون دون غيري، وفيه التفات عن الغيبة. والرّهبة: الخوف. {وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} ملكا وخلقا وعبيدا. {وَلَهُ الدِّينُ} الطاعة والإخلاص. {واصِباً} دائما لازما، كما قال تعالى:{وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ} [الصافات 9/ 37]. {أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ} أي مع أنه الإله الحق ولا إله غيره، والاستفهام للإنكار والتّوبيخ. {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} أي وأي شيء اتّصل بكم من نعمة، فهو من الله، فلا نافع غيره، ولا ضارّ سواه.
{مَسَّكُمُ} أصابكم. {الضُّرُّ} كالفقر والمرض. {تَجْئَرُونَ} تتضرّعون لكشفه أو ترفعون أصواتكم بالاستغاثة والدّعاء، ولا تدعون غيره. والجؤار: رفع الصوت في الدّعاء والاستغاثة. {إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ} وهم كفاركم. {لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ} من النّعمة، أي كأنهم قصدوا بشركهم كفران النّعمة، وإنكار كونها من الله تعالى. {فَتَمَتَّعُوا} باجتماعكم على عبادة الأصنام، وهو أمر تهديد.
{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} عاقبة ذلك وأغلظ وعيده.
{وَيَجْعَلُونَ} أي المشركون. {لِما لا يَعْلَمُونَ} أي لآلهتهم التي لا علم لها؛ لأنها جماد، أو لما
لا يعلمون أنها تضرّ ولا تنفع، وهي الأصنام. {نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمْ} من الزروع والأنعام، بقولهم:
{هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا} [الأنعام 136/ 6]{تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ} سؤال توبيخ، وفيه التفات عن الغيبة. {تَفْتَرُونَ} تكذبون على الله من أنه أمركم بذلك، وأنها آلهة حقيقة بالتّقرب إليها، وهو وعيد لهم عليه.
{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ} بقولهم: الملائكة بنات الله، كانت خزاعة وكنانة يقولون: إن الملائكة بنات الله. {سُبْحانَهُ} تنزيها له عن النقائص، أو تنزيها له من قولهم أو تعجّبا منه ومما زعموا. {وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ} أي يشتهونه، وهم البنون، والمعنى: يجعلون له البنات التي يكرهونها، وهو منزّه عن الولد، ويجعلون لهم الأبناء الذين يختارونهم، فيختصون بالأسنى الأرفع، كقوله تعالى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ، وَلَهُمُ الْبَنُونَ} ؟ [الصافات 149/ 37].
{وَإِذا بُشِّرَ} البشارة: إلقاء الخبر المؤثر في تغير الوجه، ويكون في السّرور والحزن، وجاءت الآية في الثاني (الحزن) ثم خصّ عرفا بالخبر السّارّ. {ظَلَّ} صار {مُسْوَدًّا} متغيّرا، وهو كناية عن الاغتمام من الكآبة والحياء من الناس. {كَظِيمٌ} ممتلئ غمّا وغيظا وحزنا.
{يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ} يستخفي منهم أي من قومه. {مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ} من سوء المبشر به عرفا، خوفا من التغيير، مترددا فيما يفعل به. {أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ} أيتركه بلا قتل، بهوان وذلّ، والإمساك هنا: الحبس. {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ} أي يواريه في التّرب أو يئده، وذكر ضمير يمسكه ويدسّه؛ لأنه عائد على {ما} في قوله تعالى:{ما بُشِّرَ بِهِ} . {ساءَ} بئس.
{ما يَحْكُمُونَ} حكمهم هذا، حيث نسبوا لخالقهم البنات اللاتي هنّ عندهم بهذا التقدير.
{لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} أي الكفار. {مَثَلُ السَّوْءِ} أي الصفة السوء بمعنى القبيحة، وهي اشتهاء الذكور استظهارا بهم، وكراهة الإناث ووأدهنّ خشية الإملاق أو الفقر والعار، مع احتياجهم إليهن للزواج. {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى} أي الصفة العليا، وهي أنه لا إله إلا هو، واتّصافه بجميع صفات الجلال والكمال، فله الوجوب الذاتي، والغنى المطلق، والجود الفائق، والنزاهة عن صفات المخلوقين. {وَهُوَ الْعَزِيزُ} القوي في ملكه، المتفرد بكمال القدرة. {الْحَكِيمُ} المتّصف بكمال الحكمة في صنعه وخلقه.
{بِظُلْمِهِمْ} بالمعاصي. {ما تَرَكَ عَلَيْها} على الأرض. {مِنْ دَابَّةٍ} نسمة تدبّ عليها.
{لا يَسْتَأْخِرُونَ} عنه. {وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} عليه، بل هلكوا وعذبوا حينئذ لا محالة، وإضافة الظلم للناس الدّال على العموم: لا يلزم أن يكونوا كلهم ظالمين، حتى الأنبياء عليهم السلام، لجواز أن يضاف إليهم ما شاع فيهم، وصدر عن أكثرهم. {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ} أي ينسبون لله ما هو قبيح لأنفسهم من البنات، والشريك في الرّياسة، وإهانة الرّسل، وخبائث الأموال.
{وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} مع ذلك، أي يكذبون، كما يقال: عينها تصف السحر، أي هي