الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصيد فيه وتعظيمه. والمقصود هو الإنذار من سخط الله على العصاة والمخالفين لأوامره، والخالعين ربقة طاعته، فالله يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلّين تارة، ومحرّمين أخرى
(1)
.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ.} . أي وإن الله ليفصل بين الفريقين فيما اختلفوا فيه، ويجازي كل فريق بما يستحق من ثواب وعقاب.
والظاهر لدي هو التأويل الأول، قال مجاهد في قوله:{إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ.} .: اتبعوه وتركوا الجمعة. والمراد بقوله: {اِخْتَلَفُوا فِيهِ} يوم الجمعة، اختلفوا على نبيهم موسى وعيسى.
وظل اليهود متمسكين بتعظيم السبت حتى بعث الله عيسى ابن مريم فيقال:
إنه حوّلهم إلى يوم الأحد. ويقال: إنه ظل معظما السبت، ولكن النصارى بعده في زمن قسطنطين هم الذين تحولوا إلى يوم الأحد، مخالفة لليهود، كما تحولوا إلى الصلاة شرقا عن الصخرة.
فقه الحياة أو الأحكام:
1 -
إن وصف إبراهيم عليه السلام بتسع صفات عالية وشريفة، يقتضي الاقتداء به، والقصد من ذلك دعوة مشركي العرب إلى ملة إبراهيم الذي دعا الناس إلى التوحيد وإبطال الشرك وإلى الشرائع الإلهية؛ إذ كان إبراهيم أباهم الذي يفتخرون به، ويعترفون بحسن طريقته، ويقرون بوجوب الاقتداء به، وهو باني البيت الذي به عزهم.
2 -
أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم في عقائد الشرع وأصوله من الدعوة إلى
(1)
تفسير الكشاف: 221/ 2
توحيد الله والتحلي بفضائل الأخلاق، لا اتباعه في الفروع؛ لقوله تعالى:
{لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً} [المائدة 48/ 5].
3 -
الآية دليل على جواز اتباع الأفضل للمفضول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء عليهم السلام، وقد أمر بالاقتداء بهم، فقال:{فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام 90/ 6] وقال هنا: {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} .
4 -
لم يكن في شرع إبراهيم ولا من دينه تعظيم السبت، وإنما كان السبت تغليظا على اليهود في رفض الأعمال، وترك التبسط في المعاش، بسبب اختلافهم فيه.
5 -
إن الله تعالى لم يعين يوما للتفرغ فيه للعبادة، وإنما أمر بتعظيم يوم في الأسبوع، فعينت اليهود السبت؛ لأن الله تعالى فرغ فيه من الخلق، وعينت النصارى يوم الأحد؛ لأن الله تعالى بدأ فيه الخلق، فألزم كل منهم ما أداه إليه اجتهاده. وعيّن الله لهذه الأمة يوم الجمعة، من غير تفويض إلى اجتهادهم، فضلا منه ونعمة، فكانت خير الأمم أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثبت في الصحيحين، واللفظ للبخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«نحن الآخرون، السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد» .
ولفظ مسلم عن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، والمقضي بينهم يوم القيامة» .