الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب النزول:
نزول الآية (45):
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ} : أخرج الثعلبي عن سلمان الفارسي أنه لما سمع قوله تعالى:
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} فرّ ثلاثة أيام هاربا من الخوف، لا يعقل، فجيء به للنبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: يا رسول الله، أنزلت هذه الآية:{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} فو الذي بعثك بالحق، لقد قطّعت قلبي، فأنزل الله:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ} .
نزول الآية (47):
{وَنَزَعْنا.} .: أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} قيل: وأي غل؟ قال: غل الجاهلية، إن بني تميم، وبني عدي، وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية عداوة، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابّوا، فأخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل علي يسخن يده، فيكمد بها خاصرة أبي بكر، فنزلت هذه الآية.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى حال الأشقياء من أهل الجحيم، أتبعه ببيان حال السعداء من أهل النعيم المقيم الذين لا سلطان لإبليس عليهم، وهم المتقون.
التفسير والبيان:
إن المتقين الذين اتقوا عذاب الله ومعاصيه، وأطاعوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، فلم يتأثروا بسلطان إبليس ووساوسه، هم في جنات أي بساتين ذات ثمار دائمة وظلال وارفة، وتتفجر من حولهم عيون هي أنهار أربعة: من ماء، ولبن، وخمر غير مسكرة، وعسل مصفى، خاصة بهم أو عامة، دون تنافس أو نزاع
عليها، كما قال تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ، وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ.} . [محمد 15/ 47].
{اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ} يقال لهم: ادخلوها سالمين من الآفات، مسلّما عليكم، آمنين من كل خوف وفزع. ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء.
{وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ.} . ونزع الله كل ما في صدورهم في الدنيا من حقد وعداوة، وضغينة وحسد، حالة كونهم إخوانا متحابين متصافين، جالسين على سرر متقابلين، لا ينظر الواحد منهم إلا لوجه أخيه، ولا ينظر إلى ظهره، فهم في رفعة وكرامة.
والمراد: أن الله طهر قلوبهم من معكّرات الدنيا، فلا تحاسد، ولا تباغض، ولا تدابر، ولا غيبة ولا نميمة، ولا تنازع، وألقي فيها التوادّ والتحابّ والتصافي؛ لأن خصائص المادة زالت بالموت في الدنيا.
جاء في الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذّبوا ونقّوا، أذن لهم في دخول الجنة» .
وروى ابن جرير وابن المنذر عن أبي حبيبة مولى لطلحة قال: دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه، بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحّب به وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً، عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ} فقال رجلان إلى ناحية البساط:
الله أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس، وتكونون إخوانا؟! فقال علي رضي الله عنه: قوما أبعد أرض وأسحقها، فمن هم إذن، إن لم أكن أنا وطلحة؟.