الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم كشف الله زيفهم وتوعدهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ..} . أي إن الذين لا يصدّقون بالآيات المنزلة على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لهم قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله، لا يهديهم ولا يوفقهم الله إلى الإيمان بآياته وما أرسل به رسله، لفقد استعدادهم لذلك واقترافهم السيئات، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع. {وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ} أي وأولئك المشركون من قريش هم الكاذبون المفترون، لا أنت يا محمد.
وهذا تصريح بوصفهم بالكذب الذين عرفوا به عند الناس، أما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فكان أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علما وعملا وإيمانا ويقينا، معروفا بالصدق في قومه، حتى لقبوه بالأمين محمد.
ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم أجابه بأنه صدوق، وكان فيما قال له: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا، فقال هرقل: فما كان ليدع الكذب على الناس، ويذهب فيكذب على الله عز وجل.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات الأحكام التالية:
1 -
الاستعاذة من الشيطان الرجيم مطلوبة على سبيل الندب عند الشروع في قراءة القرآن، في الصلاة وغيرها، حتى لا يعرض الشيطان بوسوسته للقارئ، فيصده عن تدبر القرآن والعمل بما فيه.
وللشيطان وسوسة في القلب، حتى في حق الأنبياء، بدليل قوله تعالى:
2 -
ليس للشيطان بحال سلطان وقوة بالإغواء والكفر على المؤمنين المصدقين بالله ورسوله؛ لأن الله تعالى صرف سلطانه عنهم حين قال إبليس:
{لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر 39/ 15 - 40] قال الله تعالى: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ} [الحجر 42/ 15].
لكن قال القرطبي: إن هذا عام يدخله التخصيص، وقد أغوى آدم وحواء عليهما السلام بسلطانه، وقد شوش على الفضلاء أوقاتهم بقوله: من خلق ربك
(1)
؟.
3 -
النسخ واقع في القرآن لحكمة هي مراعاة المصالح والحوادث وتطور الأوضاع البشرية. والنسخ: رفع الحكم الشرعي بطريق شرعي متراخ أو متأخر عنه.
وقد نزل جبريل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه، من كلام ربه لتثبيت المؤمنين بما فيه من الحجج والآيات، ولجعله هاديا ومرشدا ومبشرا للمسلمين بجنات النعيم، فلا يصح للمشركين الاعتراض على النسخ.
وقد ذكرت في تفسير سورة البقرة أن مذهب أبي مسلم الأصفهاني: أن النسخ غير واقع في هذه الشريعة. وقال عن هذه الآية: إذا بدلنا آية مكان آية في الكتب المتقدمة، مثل أنه حوّل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، قال المشركون: أنت مفتر في هذا التبديل، فالآية هي الرسالة أو بعضها.
وقال سائر المفسرين: النسخ واقع في هذه الشريعة، بأدلة واقعية في القرآن والسنة، سبق إيرادها.
(1)
تفسير القرطبي: 176/ 10