الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الرضاعة) وأبا جندل بن سهيل، وسلمة بن هشام، وعبد الله بن سلمة الثقفي، فتنهم المشركون، وعذبوهم، فأعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرهم، ثم إنهم بعد ذلك هاجروا، وجاهدوا، فنزلت فيهم هذه الآية.
المناسبة:
بعد أن عظّم الله تعالى تهديد الكافرين الذين تقولوا الأقاويل على النبي صلى الله عليه وسلم، فوصفوه بأنه مفتر، وأن ما جاء به هو من كلام البشر لا من عند الله، أردف ذلك ببيان من يكفر بلسانه لا بقلبه بسبب الخوف والإكراه، ومن يكفر بلسانه وقلبه معا. ثم ذكر بعده حال من هاجر بعد ما فتن، وهم المستضعفون في مكة.
التفسير والبيان:
من كفر بوجود الله وتوحيده بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به، فعليه غضب من الله ولعنته، وله عذاب شديد في الآخرة، لعلمه بالإيمان، ثم عدوله عنه، ولأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدم على الردة، ولم يهد الله قلبه، ولم يثبته على الدين الحق، فطبع على قلبه، فهو من الغافلين عما يراد، ومن الذين لا يعقلون شيئا ينفعهم، وقد ختم على سمعه وبصره، فهو لا ينتفع بها، ولا أغنت عنه شيئا.
ثم استثنى الله تعالى ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه من أكره فقال:
{إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ} أي إلا إذا أكره بسبب الضرب والأذى، وقلبه يأبى ما ينطق به في الظاهر، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله بعد الانزعاج الحاصل بسبب الإكراه، كما فعل عمار بن ياسر حينما عذبه مشركو مكة. وأصل الاطمئنان: سكون بعد انزعاج، والمراد هنا السكون والثبات على الإيمان، ومعنى قوله:{وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً.} . أي فتحه ووسعه لقبول الكفر.
ثم ذكر الله تعالى سبب سخطه على المرتد، فقال:{ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا.} . أي ذلك الجزاء والغضب من الله والعذاب العظيم من أجل أنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
{وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي.} . أي وأن الله لا يوفق المصرّين على الكفر، الذين أمعنوا في إنكار توحيد الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
{أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ.} . أولئك الذين ارتدوا أو كفروا بعد إيمانهم هم الذين ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، فلا يؤمنون ولا يسمعون كلام الله ولا يبصرون البراهين والأدلة إبصار تبصر، وأولئك هم الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم؛ لأن الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها.
{لا جَرَمَ أَنَّهُمْ.} . أي حقا أو لا بد أنهم هم الهالكون في الآخرة، الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
هؤلاء المرتدون الخاسرون حكم الله عليهم بستة أحكام هي:
1 -
أنهم استوجبوا غضب الله.
2 -
أنهم استحقوا العذاب الأليم.
3 -
أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة.
4 -
أنه تعالى حرمهم من الهداية للطريق القويم.
5 -
أنه تعالى طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.
6 -
أنه جعلهم من الغافلين عما يراد بهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
ثم ذكر الله تعالى حكم المستضعفين في مكة، فقال:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا.} . أي ثم إن ربك يا محمد للذين هاجروا من ديارهم في مكة بعد ما حاول المشركون فتنهم عن دينهم، وجاهدوا المشركين بعدئذ في المعارك، وصبروا